سورة الفجر

وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَدِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا «سورة الفجر »

تدبر

1-   والفجر • وليالٍ عشر العظيم لا يقسم إلا بعظيم ..! / نايف الفيصل

2-  أقسم الله بيوم عهدة مرتين في كتابه: "والشفع والوتر" الوتر هويوم #عهدة "وشاهد ومشهود" المشهود هو #يوم_عهدة فالعظيم.. لا يقسم إلا بعظيم ! / نايف الفيصل

3-   والفجر قسم بإدبار الظلام ... وميلاد الضياء .. - الغزالي – / نايف الفصل

4-  )الفَجر - الفرَج) بينهما تقارب في المبنى والمعنى وهوالانتنطق من حالة إلى أحسن منها الفجر من ظلام إلى نور والفرج من ضيق إلى سعة - منقول –/ نايف الفيصل

5-  {وليال عشر أقسم الله بهذه الأيام تعظيما لها ولذلك فإن من أعظم الأعمال في هذه الأيام استشعار عظمتها ، وتعظيم الله تعالى وشرائعه فيها / محمد الربيعة

6-  (والليل إذا يسر) أي يسري فيمضي ، وبه العمر ينقضي ، أما المؤمن فأحيا ليله /عقيل الشمري

7-   وَلَيالٍ عَشرٍ { لا يقسم الله إلا بشيء عظيم والعظيم عند الله يجب حتى تعظمه قلوبنا ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب{ / مها العنزي

8-  ﴿وليال عشر﴾ روي عن ابن عباس : أنها العشر الأول من ذي الحجة . وهوقول مجاهد ،وقتادة ،والضحاك،والسدي،والكلبي . / روائع القرآن

9-  ﴿وليال عشر﴾ ليس في ليالي السنة عشرليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجة التي هي وقت مناسك الحج فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر / روائع القرآن

10-                     ( وَليالٍ عَشّر) أقسم الله بهذه الليالِ العشر ، فما أجمل تبدأ بركعة #الوتر ، من الممكن يأتيك الخـير من المقتدر/ عايض المطيري

11-                     أقسم الله بها : ( والفجر . وليال عشر ) ودلّ ذلك على شرفها ومكانتها عنده سبحانه فينبغي حتى نعظِّم ما عظَّمه الله تعالى ونجتهد / عبد المحسن المطيري

12-                     ( وَليالٍ عَشّر ) أقسم الله بهذه الليالِ العشر ، فما أجمل تبدأ بركعة الوتر ، من الممكن يأتيك الخـير من المقتدر./ عايض المطيري

هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)

إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)

1. 1.إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد..........لقد كانت حضارة عمرانية وصناعية رائعة ولكنهم كانوا في غاية الانحطاط، هل فهمنا الفرق. / عبد الله بلقاسم

الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9)

1-﴿ جابوا الصخر بالواد ﴾ " جابوا " بمعنى بتروا الصخر ونحتوه، وليس أحضروه -كما عند العامة/ نايف الفيصل

2- نطق"وثمود الّذين جابوا الصّخر بالواد"  ليس معنى "جابوا" أحضروا؛ بل    المعنى السليم: بتروا. #تسليم _التفسير"    / د .عبد المحسن المطيري

وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10)

1-  (وفرعون ذي الأوتاد) قيل : أوتاد يثبت بها الناس تعذيباً ، فكان الوتد ينغرس في قلب (الرجل بغضاً لفرعون) قبل حتى ينغرس في الأرض /عقيل الشمري

الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)

1-  فأكثروا فيها الفساد) حتى فرعون لم يعاجله الله بالعقوبة رغم إفساده حتى (أكثر الفساد) ما أحلم الله! /عقيل الشمري

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13)

1-  (فأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربك سوط عذاب) كثرة فساد الظالم في الأرض؛ مؤذنٌ بقرب عقوبته وزواله. /فهد العيبان

2-  (فصب عليهم ربك سوط عذاب) مع جميع مانزل عليهم من العذاب إنما هو(سوط) فاحذر سياط الله /عقيل الشمري

3-  قد يمهل الله العباد ، فإذا (كثر) الفساد أخذهم.. (فأكثروا فيها الفساد* فصب عليهم ربك سوط عذاب). / سلمان العودة

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)

﴿ إذا ربك لبالمرصاد ﴾ بالمرصاد= يراقبك وسوف يعاقبك.. ومن لوازم أنه بالمرصاد: ﴿ ألَمْ ترَ كيف من الممكن أن عملَ ربك بِـعَادٍ ﴾ ! / نايف لفيصل

2-   إن ربك لبالمرصاد{ ،، "إن لله غضبةً لووعاها من بغى ما غدا يمطُّ لسانه "/ إبراهيم العقيل

3-  قبل قرار يؤثرعلى حياة الآخرين بالأذى قبل غضب يجنح بك للظلم قبل حدثات تدين بها سقطات البعض وزلاتهم تذكر"إن ربك لبالمرصاد"/ خواطرقرآنية

فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)

1-  فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعّمه) أفادت الآية : كم من مُكرَمٍ مُنعّمٍ وهوفي الحقيقة (مبتلى) /عقيل الشمري

2-  "إذاماابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن" يظن كرامة الله في كثرة المال, وهوانه في قلته إنما يكرم بطاعته من أكرم،ويهين بمعصيته من أهان. مجاهد

3-  ﴿وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن •"كلا"﴾ ليس الأمر كما زعم فإن الله يعطي المال من يحب ومن لايحب ويضيق على من يحب ومن لايحبر/ روائع القرآن

وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)

1-  (فيقول ربي أهانن) كم من حدثة يقولها الإنسان (تغضب الله ، والله برئ منها) راجع ألفاظك /عقيل الشمري

2-  (إذا ماابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن)الله لم يحرمه الرزق وإنما(قدر عليه)فأعطاه بقدر محدود(فلم يحمد ربه على العطاء لكن جزع من التضييق /عقيل الشمري

كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)

1-  (كلا بل لا تكرمون اليتيم) الآية تحث على (الإكرام) وليس مجرد (الإطعام) / عقيل الشمري

2-  (كَلَّا بَلْ لَا (تُكْرِمُون)َ الْيَتِيمَ) ليست قضية طعام وشراب وسكن فحسب إنها شعور اليتيم بالتقدير والكرامة

وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)

1-  (ولا تحاضون على طعام المسكين) إذا فاتك الإطعام (فالحث على الإطعام) ليس بأقل منه ، (ليس شرطاً حتى تطعم لكي تحض غيرك) /عقيل الشمري

2-  فائدة عجيبةالآية الكريمة (ولايحض على طعام المسكين) تكررت نصا مرتين في القرآن!! وتكررت بمترادفاتها في مواضع أخرى ، تأملها ستجد عجبا!! / محمد الربيعة

3-  " ولا تَحاضّونَ على طعام المسكين" نطق #سيدي_رسول_الله صلى الله عليه وسلم : ما آمن بي.. من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهويفهم به ! / نايف الفيصل

وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً (19)

1-  (وتأكلون التراث أكلاً لما) لم يقل (المال) لأن النفس الجشعة (تتلهف) لكل شيء يأتي بلا تعب ولوكان متاعا حقيرا (فلا صاحبها أغنت ولا لجوعها سدت) /عقيل الشمري

وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً (20)

1. 1."وتحبون المال حبا جما " شيء مؤسف حتى يجد الإنسان نفسه متورطا في سيرة عشق كهذه. / عبد الله بلقاسم

كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21)

وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)

1-  (يومئذٍ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى) في الأوقات الحرجة ستتذكر (ما تخاف منه) فتخلص منه في أوقات الرخاء! /عقيل الشمري

2-  (يومئذٍ يتذكر الإنسان) تذكر تقصيره لأن (بعض أفعاله) مازالت مستقرة في قلبه لم ينسها ، (فتش فيما تكابر نسيانه لن ينسيه إلا التوبة) /عقيل الشمري

يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)

1-  احرص على حياتك أشد من حرصك على الطعام،والشراب،والهواء،ولا تقدمن على حياتك أي شيء مهما كبر!!. أتدري أي حياة أعني؟(يقول يا ليتني قدمت لحياتي)! / سعود الشريم

2-  ﴿ ياليتني قدمت لحياتي ﴾.. ﴿ ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول﴾ أمنيات أهل القبور بين يديك فتداركها مادامت الروح في الجسد .. / تدبر

3-  ﴿يقول يا ليتني قدّمت لحياتي﴾ التمني مع الحسرة أقصى ما نملكه يوم الحساب حيث تبدأ الحياة الحقيقية التي تستحق الإدخار والتضحية.. / محمد الغزي

4-  ﴿يقول ياليتني قدمت لحياتي﴾ حين انكشف الغطاء وزالت الشهوات والأماني أبصر الحقيقة وفهم حتى الدنيا لم تكن إلا نموذجا للحياة الحقيقية. / لا إله إلا الله

5-  ﴿ ياليتني قدّمتُ لحياتي ﴾ أُمنيات انطلقت وقت فوات الفرص!!! / نوال عيد

6-  ﴿يا ليتني قدمت لحياتي﴾ أمُنيات أهل القبور بين يدينا عظة لنا ﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ الدنيا دار عمل؛ فلنعمل من أجل رضا الله ثم الفردوس / تأملات قرآنية

7-  اعمل بحاضرك قبل حتى يصبح ماضياً فتندم ؛ لأن الماضي لا يعود ! ﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾./ روائع القرآن

8-  ﴿(يا ليتني) قدمت لحياتي﴾ اغتنم الحياة فإنما هي ساعات قبل حتى يحل زمان الأمنيات .إبراهيم العقيل

9-  ﴿يَقولُ يا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَياتي﴾ حياتك الحقيقية هي المآل الخالد، واستحضارها يحقق الحياة السعيدة في الدنيا. / أ.د رقية المحارب

فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)

1-  (ياأيتها النفس المطمئنة)لم يقل(اطمئني)لأنه من إقبالها على الله انتقل(الاطمئنان)من كونه حالة للنفس المؤمنة إلى كونه(صفة ملازمة لها إلى الوفاة /عقيل الشمري

2-  تأمل كيف من الممكن أن ذكر الله عز وجل ( يا أيتها النفس المطمئنة ) في سورة ( الفجر ) ! لذا من أراد انشراح الصدر واطمئنان النفس فليصل الفجر ./ نايف الفيصل

3-  ( يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي الي ربك راضية سقمية فدخلي في عبادي وأدخلي جنتي) هنا الراحة الحقيقية الدائمه (الجنة) .  / موسى بن عبدالله

4-  يا مكتوم .. تنفّس بالقرآن ؛ ﴿ يا أيتها النفس المُطمئنة إرجعي إلى ربك راضية سقمية فادخُلي في عبادي وادخلي جنتي ﴾. / فرائد قرآنية

ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)

  1- { ارجعي إلى ربك راضية أصْبِح راضياً عن ربك ..وعن قدرك ..وعن حظك ونصيبك ..صافح ذاتك واعتنقها ورحب بها/ افياء الوحي

2-فجر حقيقي يبعث الأمل في سورة الفجر فهل تخيلت نفسك والرب يناديك بقوله (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) / أحمد الطفيل

3-  ﴿وادخلي جنتي﴾ . ما أجمله من هتاف للأرواح المتعبة !! ولا تسل عن راحة الأرواح بعد هذا النداء وهي تتلهف لدخول دار الكرامة الجنة . / روائع القرآن

بين يدي السورة

سورةٌ مكية، اسْتُفتحت بالقَسم من الله عز وجل، ثم تحدثت عن ثلاثة أمور الأول مصارع الغابرين الثاني سنة الله في ابتلاء الناس بالخير والشر الثالث أهوال يوم القيامة

تفسير الآيات

قوله تعالى وَالْفَجْرِ الفجرُ معروفٌ، وهوالصبحُ، وقد أقسم الله به في قوله وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ والليالي العشر هي عَشْر ذي الحجة، أقسم الله بها لفضيلتها ومكانتها الخاصة، التي بينها النبي في قوله «ما مِن أيامٍ العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله تعالى من هذه العشر» يعني عشر ذي الحجة نطقوا «ولا الجهاد في سبيل الله يا رسول الله ؟» نطق «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» والشفع هوالزَّوْجُ، والوتر هوالفرد، وقد ذكر المفسرون في المراد بها أقاويل كثيرة وأرجحها، أنه يجبُ إبقاءُ اللفظ على عمومه، لأنّ الله تعالى لم يخصّ شفعًا دون شفعٍ، ولا وترًا دون وتر، فكل شفعٍ فهوداخلٌ في عموم هذا القسم، وكذلك جميع وترٍ وقوله تعالى وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ أي يمضى بظلامه، كما نطق وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ، فمتى اتى الفجر مضى الليلُ وقوله تعالى هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ الحِجر هوالعقل، وسُمّي العقلُ حِجْرًا لأنه يحجر صاحبه أي يمنعُه من الفواحش، ينطق حجر الحاكمُ على فلانٍ، إذا منعه من التصرّف في ممتلكاته لِدينٍ أوغيره وهذا السؤال بعد ذلك القَسم كقولك لإنسان قد وضحْتَ له مسألة، فأتيتَ عليها بكلّ برهانٍ، ثم قلت له أتكفيك هذه البراهينُ ،يا ترى؟ وأنت لا تريدُ بسؤالكَ هذا إلا إلزامه، تعني أنّه ليس بعد هذا البيان بيانٌ، ولا بعدَ هذه البراهين برهانٌ، وهذا كقوله تعالى وقد أَقسم بمواقع النجوم وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ وجوابُ القسم محذوف يفسره ما بعده

مصارع الغابرين

ثم لفت الله تعالى الأنظارَ إلى مصارع الغابرين، تحذيرًا للمكذبين حتى يحيق بهم ما حاق بالأولين، ووجه الخطاب إلى الرسول تثبيتًا لقلبه، وربطًا على فؤاده، حتى يفهم أنّ العاقبة له كما كانت لإخوانه المرسلين، نطق تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ إرم بدلٌ من عاد وكان القومُ ذوي أجسامٍ طويلة، حتى قيل كان طولُ الرجلِ اثنى عشر ذراعًا، وعليه فلا بد حتى تكون البيوتُ عاليةً، مما يستلزم طول العماد، وقد كانوا أُولي قوة وأولي بأسٍ شديد، ولذا نطق تعالى الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ ، وذكَّرهم هود عليه السلام بهذه النعمة فنطق وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً «الأعراف »، ولكنّ القومَ اغتروا بقوتهم فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً «فصلت »، ولم يذكر اللهُ تعالى هنا ما عمل بهم، ولكنّه ذكره في مواضع كثيرة، منها قولُه تعالى وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيةٍ «الحاقة » وقوله تعالى وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ أي بتروا الصّخر واتخذوا البيوت، يُنطق جاب فلانٌ البلاد، أي بترها، ولقد ذكرهم نبيهم صالحٌ بهذه النعمة، فنطق وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا «الأعراف »، ولكنّ القوم كذبوا رسولهم وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ «الأعراف ، »، وقوله تعالى وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ ، نطق بعضُ الفهماء المرادُ بالأوتادِ الجنودُ، الذي يثبتون الملك، كما تُثبِّتُ الخيمةَ الأوتادُ، ونطق بعضهم إنّ فرعون كان إذا عذّب أحدًا مَدَّ له أربعة أوتاد، وجعل جميع طرفٍ من أطرافه في وتد، وأمر زبانيته حتى يرموه بالصخر والحجارة حتى يموت، ونطق بعضهم المراد بالأوتاد الأهرامات، لأنها تشبه الأوتاد، وهذا القولُ هوالراجح لمناسبة الآية لما قبلها، إذا فسرناها به، فمنطقة الأهرامات ليس فيها من صخورها شيء، ومعناه أنهم أتوا بهذه الصخور من مسافات، وركّبوها فوق بعضها، حتى كانت على ما هي عليه، وفي ذلك إشارةٌ إلى قوتهم أيضًا، كما أشارٌ إلى قوة ثمود بقوله وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وقد كذّب فرعونُ المرسلين، نطق تعالى فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ «الذاريات »، حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوإِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ «يونس »، وقوله تعالى الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَدِ الطّغيانُ هومجاوزة الحدَّ، والطغاة يفسدون في الأرض ولا يُصلحون، ولذا نطق تعالى فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ يفسّره قوله تعالى فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا «العنكبوت »، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ «هود »، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ «الحشر »، أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولاَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ «القمر »، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ، فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ ذُوانْتِقَامٍ «إبراهيم »، وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ نسأل الله السلامة كثيرٌ من الناس يربطون سعة الرزق برضا الله، فإذا رأوا رجلاً قد وسّع اللَّـهُ عليه نطقوا رَضِيَ الله عنه فوسّع عليه، وإذا رأوا آخر قد قُدِرَ عليه رزقه نطقوا سَخِطَ الله فأهانه، والإنسانُ نفسه يعتقد ما يعتقده الناسُ فيه، فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ ليس الأمرُ كما نطق، فإنّ الله يوسّع على من يُحِبّ ومن لا يحب، ويقدر لمن يحب ومن لا يحب، وربما وسع على من لا يحب، وقدر لمن يحب، لقد كان الرسول وهوخليلُ الله يربط الحجر على بطنه من الجوع وكان يمرّ الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلةٍ في شهرين، وما يُوقد في بيت رسول الله نار «متفق عليه» فليست هناك علاقةٌ بين سعة الرزق ومحبة الله، ولا بين ضيق الرزق وسخط الله، بل الله يبتلي عباده بما يشاء، يبتلي هذا بالسعة لينظر أيشكر أم يكفر، ويبتلي هذا بالضيق لينظر أيصبر أم يكفر، والسعيد من إذا وُسع عليه شكر، وإذا قدر عليه صبر، ولاقد يكون كذلك إلا مؤمن، ولذا نطق «عجبًا لأمر المؤمن، إذا أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إذا أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» «رواه مسلم» ولما أشار الله تعالى إلى قبيح قول الإنسان أشار إلى قبيح عمله، فنطق بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ، وهذه أفعال المكذبين بيوم الدين، الكافرين بالله رب العالمين، كما نطق تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ «الماعون »، ونطق تعالى خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ الْعَظِيمِ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ «الحاقة » وقوله تعالى وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمًّا المرادُ بالتراث الميراثُ، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان، حتى اتى الإسلام فنطق لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا «النساء »، ونطق وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ يعني الذين لا تؤتونهم ما كُتِبَ لهم، فمنح الإسلام المرأة حقها والصغير حقه، وإن الإنسان ليحزن حين يرى المسلمين يعملون فِعْلَ الجاهلية، يأكلون التراث أكلاً لمّا، ولا يُؤتون جميع ذي حق حقه، فإنا لله وإنا إليه راجعون فيا إخوة الإسلام احذروا حتى تأكلوا التراث أكلاً لمّا، أيها الوالد احذر أَنْ تخط لزوجة دون زوجة، احذر حتى تخط لأبناء واحدةٍ دون أبناء الأخرى، احذر حتى تخط للذكور دون الإناث، واحذر أَنْ تعطي ولدًا دون الآخر أيها الإخوة احذروا حتى تَحْرِموا أخواتكم، فإنّ النساء من المستضعفين، وقد كان يقول «اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة» «ابن ماجه » أَعْطُوا جميع ذي حق حقّه، واتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في نسائكم، واتقوا الله في بناتكم، واتقوا الله في أخواتكم، و«اتقوا الظلم فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة» واتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب نطق «من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين» فكيف حال من ظلم دونماتٍ أوفدادين ،يا ترى؟ كيف من الممكن أن يطيق حملها يوم القيامة وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى «فاطر »، وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا اتقوا الله عباد الله، فإن الله سبحانه ختم آيات المواريث بوعدٍ عظيم ووعيد شديد، فنطق سبحانه بعد حتى منح جميع ذي حق حقه تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ وقوله تعالى وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا أي كثيرًا، وهذه فطرةُ الإنسان، كما نطق تعالى إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ «العاديات »، والخير هوالمال، كما نطق تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ «البقرة » أي إنْ هجر مالاً كثيرًا، وهذا الحبّ الفطري لا يُذم إلا إذا حَمَلَ على كسب المال من الحرام، والبخل بما وجب فيه من حقّ، أما إذا كان الإنسانُ محبًا للمال يجمعه من حلال بطرق الكسب المشروعة، ويؤدي الحق الذي عليه فيه، فإنه لا يُذم حينئذ، وقد كان النبي يقول «لا بأس بالغنى لمن اتقى» «رواه ابن ماجه» وآخر دعوانا حتى الحمد لله رب العالمين