رواية تاريخية
الرواية التاريخية ضرب من الرواية يمتزج فيه التاريخ بالخيال، تهدف الرواية التاريخية إلى تصوير عهد من العهود أووقع من الأحداث الضخام بأسلوب روائي سائغ مبني على معطيات التاريخ، ولكن من غير تقيد بها أوالتزام لها في كثير من الأحيان، والواقع حتى الروايات التاريخية ـ باستثناء قلة منها قليلة، من مثل رواية ( الحرب والسلم ) لتولستوي ـ لا ترقى من وجهة النظر الفنية إلى مستوى الروائع التي أبدعها روائيوالعالم العظام، وعلى أية حال، فمنذ صدور أولى الروايات التاريخية، وهي رواية ( وايفرلي ) لوالتر سكوت Walter Scott، عام 1814، والرواية التاريخية تنعم بشعبية واسعة، ومن أبرز ممثلي هذا الضرب من الرواية، بالإضافة إلى والتر سكوت( في الإنجليزية ) وتولستوي( في الروسية ) ، ألكسندر دوما الأب ( في الفرنسية ) وجرجي زيدان ( في العربية).
التعريف بالرواية التاريخية
ليس معناها العميق الحدوث في الزمن الماضي فهي رواية تستحضر ميلاد الأوضاع الجديدة. وتصور بداية ومساراً وقوةً دافعة في مصير لم يتشكل بعد. وهي عمل يقوم على توترات داخلية في تجارب الشخصيات تمثيلاً لنوع من السلوك والشعور الإنساني في ارتباطهما المتبادل بالحياة الاجتماعية والفردية، وهي تمثل بالضرورة تعقيداً وتنوعاً في الخبرة والتجربة. وهي تختلف أيضاً عن ذلك النوع من الروايات الاجتماعية التي تتطلب استقراراً. فلكي "تصنع" تلك الروايات شريحةً من الحياة يجب حتىقد يكون الواقع مستقراً هادئاً تحت مبضع الروائي. ولكن الرواية التاريخية لا تأخذ مجتمعها كقضية مقرة، هادئاً راسخاً تحت عدستها، تدرس تدرجاته وتعدد ألوانه، فهي تقابل مجتمعاً بعيداً عن الثبات والرسوخ. وينتقل الاهتمام بدلاً من التدرجات وتعدد الألوان إلى مصير المجتمع نفسه. وتصبح لغة الأفراد سؤالاً يدور حول "أتقف مع هذا المجتمع أوضده" وإجابة تجعلهم يطابقون بين أنفسهم وبين فكرة ما أودور ما. فهناك حلبة معركة أمام طاقات البطل وهويشق طريقه إلى المجتمع وخلال المجتمع، لا بمواهبه وطاقاته الفردية فحسب بل خلال متغيرات في علاقات الواقع الذي لم يعد مصطلحاً ثابتاً متجانساً. فقواعد الصعود قد استقرت ثم هوت واضمحلت، وأصبح على إرادته الفردية في عصر الثبات والاستقرار حتى تكون جزءاً من مصير اجتماعي اتخذ شكلاً، وتصاعداً مدرجاً. ولكن تلك الدرجات بدأت تذود عن وضعها المغلق أمام الوافدين الجدد المتسلقين بقوة إرادتهم وطاقاتهم الفردية المتأقلمة وحدها.
وتقوم الرواية التاريخية باستخلاص فردية الشخصيات من الطابع التاريخي الخاص لعصرهم لا من مجرد أزياء العصر. فنرى فولتير وديدروقد وضعوا رواياتهم التاريخية في زمان ومكان متخيلين ومع ذلك أبرزوا ملامح الصراع الماثلة في عالمهم بواقعية جريئة نفاذة، أما فيلدنج فقد اتخذ عنده مكان العمل وزمانه طابعاً تفصيلياً ملموساً في الأشخاص والأحداث. وكانت الرواية التاريخية عند فولتير إعداداً فكرياً للثورة الفرنسية، واستهدفت إبراز ضرورة تحويل المجتمع غير المعقول للحكم الإقطاعي المطلق.
وعند والتر سكوت نرى الأحداث المؤثرة هي عملية تحويل وجود الناس ووعيهم في أراتى أوروبا. وهناك الرواية التاريخية عند جرجي زيدان ومحمد فريد أبوحديد وسعيد العريان وعلي الجارم وجمال الغيطاني.
المصادر
- المصدر: موسوعة المورد، منير البعلبكي، 1991
- المصدر: موسوعة المصطلحات الأدبية.