أحمد بن محمد الشمني
تقيّ الدين، أبوالعبّاس، أحمد بن محمد بن محمد بن حسن بن علي الشُمُنّي القسنطيني الأصل. يُنسَب إلى «شُمُنّ» وهي قرية أومغرسة ببلاد المغرب (801-872هـ/1398-1467م) نحويّ، محدّث، مفسّر، أصولي، مصري من أصل مغربي.
ولد في الإسكندرية لأب من أهل الفهم، وفي سنة 810هـ ارتحلت الأسرة إلى القاهرة، وقد لقي الابن عناية من والده منذ الصغر، فأسمعه الكثير على شيوخ عصره كالتقي الزبيري، والجمال الحنبلي، وابن الكوبك، والصدر الإبشيطي وغيرهم. وأجاز له عدد من الفهماء كالسراج البلقيني، والزين العراقي، والجمال بن ظهيرة وآخرون. ثم لزم القاضي شمس الدين البساطي فانتفع به في البلاغة، وأخذ النحوعن الشمس الشطنوفي والشمس العجيمي، حفيد ابن هشام صاحب «المغني»، والفقه عن الشيخ يحيى السيرامي، والحديث عن الشيخ ولي الدين العراقي.
وبعد ذلك تصدّر لإقراء الطلبة، وكان من بين الآخذين عنه جلال الدين السيوطي الذي خصّه بترجمة وافية في «بغية الوعاة» وأثنى عليه ثناء كبيراً، فوصفه بأنّه «المحدّث الأصولي المتكلّم، النحويّ البياني المحقّق، إمام النحاة في أوانه، شهد بنشر علومه العاكف والبادي، وارتوى من بحار فهومه الظمآن والصادي...».
وقد ذكرت مصادر ترجمته أنه كان متين الديانة، عفيفاً، متواضعاً، شهماً، عرض عليه منصب القضاء غير مرّة فامتنع، وكان آخرها سنة 869هـ، وكان أيضاً يمتنع عن الفتوى وعن حضور مجالس العقود ونحوها، متفرّغاً للفهم والتعليم، لا ينفكّ التلاميذ عن ملازمته والانتفاع به، يتزاحمون عليه، ويفتخرون بالأخذ عنه.
وفي أواخر حياته أقام في تربة «قايتباي الچركسي»، التي ابتناها هذا الأخير، تحت قلعة الجبل، خطيباً وشيخاً، وتولى معها مشيخة مدرسة «اللالا» حتى مات، ودفن في التربة المذكورة.
وكان الشُمُنّي مالكيّ الممضى، ثم تحول إلى الحنفية سنة 834هـ.
مؤلفاته
أما مؤلفاته فلم تكن كثيرة، وقد غلب عليها طابع الشرح والتحشية، وأشهرها بلا ريب شرح مغني اللبيب ومسماه «المنصف من الكلام على مغني ابن هشام»، وقد ذكر الشُمُنّي في مقدمته أنه اطّلع عند إقرائه لكتاب «المغني» على ما خطه ابن الصائغ في الردّ على ابن هشام في حاشيته المسماة «تنزيه السلف عن تمويه الخلف» وعلى ما خطه الدماميني في شرحه على المغني متعقّباً ابن هشام فألفى، أي الشمني، حتى هذه الشروح «مملوءة باعتراضات فسألني بعض الأصحاب حتى أقيّد ذلك بكتاب وأن أضمّ إليه حلّ الشواهد والأبيات وشرح ما لم يُشرح بعد من المشكلات، فأجبت مطلوبه سالكاً سبيل الإنصاف حائداً عن طريق التعصّب والإجحاف، وسمّيته بالمنصف من الكلام على مغني ابن هشام». وهوشرح بالقول، عوّل فيه على خط المتأخّرين كابن مالك والرضي والتفتازاني وأبي حيان وصاحب القاموس وغيرهم. وقد عوّل على هذا الشرح وعلى شرح الدماميني جميع من اتى بعدهما من شُرّاح المغني كابن الملا الحلبي والأنطاكي والدسوقي والأمير.
ومؤلّفاته الأخرى لا يُعهد عنها سوى أسمائها وأوصافها، كشرح النخبة، وهومصنّف لابن حجر العسقلانى، كان والد الشُمُنّي قد نظمه، ثم اتى الابن فشرح النظم في كتاب سماه «العالي الرتبة في شرح نظم النخبة».
وخط حاشية على كتاب «الشفا» للقاضي عياض، واسمها «مزيل الخفا عن ألفاظ الشفا».
وله أيضاً شرح متوسط على «النقاية» لابن مسعود الحنفي، واسمه: «كمال الدراية في شرح النقاية».
المصادر
- نبيل أبوعمشة. "الشـُـمُنّي (أحمد بن محمد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- السيوطي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم (المخطة العصرية، بيروت 1998).
- الشمني، المنصف من الكلام على مغني ابن هشام، رسالة جامعية، تحقيق: محمد وليد الحافظ (جامعة دمشق 1986).
- السخاوي، الضوء اللامع (منشورات دار مخطة الحياة، بيروت 1891).