بديع الزمان سعيد النورسي
سعيد النورسي المعروف ب بديع الزمان نور الدين النورسي كردي من عشيرة أسباريت (1877 - 23 آذار 1960) أحد أبرز فهماء الإصلاح الديني والاجتماعي في عصره. ولد في قرية نورس ببلاد الاكراد في فترة "الخلافة العثمانية".
النشأة
ولد سعيد النورسي في قرية نورس الواقعة شرقي الأناضول في هجريا عام (1294هـ – 1877م) من أبوين صالحين كرديين كانا مضرب المثل في التقوى والورع والصلاح ونشأ في بيئة كردية يخيم عليها الجهل والفقر كأكثر بلاد المسلمين في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وإلى قريته نورس ينسب. اسم والده ميرزا بن علي بن خضر بن ميرزا خالد بن ميرزا رشان من عشيرة أسباريت أما والدته فاسمها نورية بنت ملا طاهر من قرية "بالك" وهي من عشيرة خاكيف والعشيرتان من عشائر قبائل "الهكارية" في هجريا.
طلب الفهم
لم تكن حياة سعيد النورسي إلا ملحمة من الوقائع والأحداث التي وضع جميعها في خدمة القرآن العظيم وتفسير نصوصه وبيان مرامي آياته البينات ضمن رؤية تبلورت مع الزمن ومع أطوار رحلة العمر، وكانت غايتها النهائية بث اليقظة وإعادة الحياة والعمل للأمة الإسلامية بعد طول رقاد. وما برح سعيد حتى التحق بمجموعة من الكتاتيب والمرافق التعليمية المبثوثة في تلك النواحي من حول قريته نورس. وكان يستوعب جميع ما يقدم له من فهم، وسرعان ما أضحى لا يجد ما يستجيب لنهمه التحصيلي في المراكز التي يقصدها. ومن هنا كانت إقامته في تلك المراكز ظرفية إذ كان يتوق إلى الاستزادة المعهدية الحقة. وظل يرتحل من مركز إلى مركز ومن عالم إلى آخر حتى حفظ ما يقرب من تسعين كتابًا من أمهات الخط.
وتهيأ بعد ذلك وبفضل المحصول الفهمي الجم الذي اكتسبه في طفولته المبكرة تلك حتى يجلس إلى المناظرة ومناقشة الفهماء وأنعقدت له عدة مجالس تناظر فيها مع أبرز الشيوخ والفهماء في تلك المناطق وظهر عليهم جميعًا. وأنتشرت شهرته في الآفاق. وفي سنة 1314 هـ الموافق عام 1897م مضى إلى مدينة وان، وانكب فيها بعمق على دراسة خط الرياضيات وفهم الفلك والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والفلسفة والتاريخ حتى تعمق فيها إلى درجة التأليف في بعضها فسمي بـ بديع الزمان اعترافًا من أهل الفهم بذكائه الحاد وفهمه الغزير وأطلاعه الواسع.
في هذه الأثناء نشر في الصحف المحلية حتى وزير المستعمرات البريطاني غلادستون قد صرح في مجلس العموم البريطاني وهويخاطب النواب قائلاً:
زلزل هذا الخبر كيانه وأقض مضجعه فأعرب لمن حوله:
فشد الرحال إلى استانبول عام 1325هـ الموافق عام 1907م وقدم مشروعًا إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لإنشاء جامعة إسلامية في شرقي الأناضول أطلق عليها اسم "مدرسة الزهراء" - على غرار جامع الأزهر - تنهض بمهمة نشر حقائق الإسلام وتدمج فيها الدراسة الدينية مع العلوم الكونية الحديثة على وفق مقولته:
الترحال والجهاد
في سنة 1329 هـ الموافق 1911م سافر إلى دمشق والتقى برجالاتها وفهمائها وبسبب ما لمسوا فيه من فهم ونجابة أستمعوا إليه في الجامع الأموي الشهير بدمشق وهويخطب في الآلاف من المصلين خطبة حفظها لنا الزمن وأشتهرت في تراثه "بالخطبة الشامية ". ولقد كانت تلك الخطبة برنامجًا سياسيًا واجتماعيًا متكاملاً للأمة الإسلامية.
باندلاع الحرب العالمية الأولى كان طبيعيًا حتى يهب بديع الزمان في طليعة المجاهدين فشكل فرقاً فدائية من طلابه واستمات معهم في الدفاع عن حمى الوطن في جبهة القفقاس وجرح في المعارك مع الروس وأسر في عام 1334 هـ واقتيد شبه ميت إلى " قوصتورما" من مناطق سيبيريا في روسيا حيث قضى سنتين وأربعة أشهر، هيأ له الله أثناء الثورة البلشفية الانفلات فعاد إلى بلاده في 19 رمضان 1336هـ الموافقثمانية يوليو1918م وأستقبل أستقبالاً رائعًا من قبل الخليفة وشيخ الإسلام والقائد العام وطلبة العلوم الشرعية ومنح وسام الحرب. وكلَفته الدولة بتسلم بعض الوظائف، رفضها جميعًا إلا ما عينته له القيادة العسكرية من عضوية في "دار الحكمة الإسلامية" التي كانت لا توجه إلا لكبار الفهماء فنشر في هذه الفترة أغلب مؤلفاته باللغة العربية منها: تفسيره القيم "إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز" الذي ألفه في خضم المعارك و"المثنوي العربي النوري".
بعد دخول الغزاة إلى استانبول في 13 نوفمبر عام 1919م أحس سعيد النورسي حتى طعنة كبيرة وجهت إلى العالم الإسلامي فكان حتماً حتى يقف في طليعة من يتصدى للقهر والهزيمة فسارع إلى تحرير كتيب "المراحل الست" حرك به همة مواطنيه ووضع تصوره لحمل المهانة وإزالة عوامل القنوط التي ألحقتها الهزيمة بالدولة العثمانية والمسلمين عامة. وفي هذه الفترة - أي منذ عام 1922م - وضعت قوانين واتخذت القرارات لقلع الإسلام من جذوره في هجريا وإخماد جذوة الإيمان في قلب الأمة التي حملت راية الإسلام طيلة ستة قرون من الزمن. فأُلغيت السلطنة العثمانية في الأول من نوفمبر عام 1922م وأعقبه إلغاء الخلافة الإسلامية في ثلاثة مارس عام 1924م. وقام الشيخ سعيد بيران البالوي النقشبندي (13/2/1925) بالثورة ضد السلطة آنذاك وطلب قائد الثورة من بديع الزمان أستغلال نفوذه لإمداد الثورة إلا أنه رفض المشاركة وخط رسالة إليه اتى فيها:
ورغم ذلك لم ينجُ بديع الزمان من شرارة الفتن والاضطرابات فنفي مع الكثيرين إلى بوردوووصل إليها في شتاء عام 1926م. ثم نفي وحده إلى ناحية نائية وهي بارلا جنوب غربي الأناضول. ويقول عن نفسه في هذه الفترة:
إلى غير ذلك أستمر النورسي على تأليف رسائل النور حتى عام 1950م، وهوينقل من سجن إلى آخر ومن محكمة إلى أخرى إلى غير ذلك طوال ربع قرن من الزمن لم يتوقف خلاله من التأليف والتبليغ حتى أصبحت أكثر من 130 رسالة جمعت تحت عنوان كليات رسائل النور ولم يتيسر لها الطبع في المطابع إلا بعد عام 1954م. وكان النورسي يشرف بنفسه على الطبع حتى أكمل طبع الرسائل جميعها. وكانت تدور مواضيعها حول تفسير آيات القرآن بأسلوب فهمي عصري وكان من أقواله:
وهومن رواد التفسير الفهمي للقرآن.
مشروعه
كرس النورسي حياته بعد تحوله الحاسم إلى "سعيد الجديد" للقيام بمشروعٍ سماه "إنقاذ الإيمان وخدمة القرآن" يقوم المشروع على تحويل إيمان الناس من مجرد إيمان تقليدي موروث إلى إيمان تحقيقي مشهود. كما يقوم مشروعه في شقه الآخر على تبيان "حقائق" القرآن للناس وأبرزها التوحيد والنبوة والحشر.
من اقواله في هذا الموضوع
وفاته
توفي سعيد النورسي في الخامس والعشرين من رمضان المبارك سنة 1379 هـ الموافق 23 آذار 1960م فدفن في مدينة أورفة. ولكن السلطات العسكرية الحاكمة لهجريا لم تدعه يرتاح حتى في قبره إذ قاموا بعد أربعة أشهر من وفاته بهدم القبر ونقل رفاته بالطائرة إلى جهة مجهولة وبعد حتى أعربوا منع التجول في مدينة أورفة. فأصبح قبره مجهولا حتى الآن لا يعهده الناس.
من مؤلفاته
- رسائل النور .
- المثنوي العربي النوري.
- إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز.
- الحدثات.
- اللمعات.
- الشعاعات.
- المكتوبات.
- المحاكمات.
- سيرة ذاتية.
- قطوف من أزاهير النور.(من كليات رسائل النور).
- الآية الكبرى.
- الملاحق
- صيقل الإسلام
- ومؤلفات عديدة أخرى
طالع أيضاً
- فتح الله كولن
- مصطفى صبري
وصلات خارجية
مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع Muslim scholars of Islam. |
- سعيد النورسي
- مسقط الكتروني:النورسي للدراسات
- كتاب بديع الزمان سعيد النورسي : قراءة في فكره المستنير ،زياد الصميدعي وجمال الكيلاني pdf
- مؤسسة الثقافة والعلوم بأستنبول
- www.qahraman.net قهرمان عبد الله.