آلهة اليونان

عودة للموسوعة

آلهة اليونان

الديانة اليونانية القديمة

مذاهب أساسية
تعدد الآلهة · ميثولوجية · Hubris
Orthopraxy · Reciprocity · Virtue
الطقوس

أمفيدروميا · ياترومانتس
فارماكوس · المعابد
Votive Offerings · Animal sacrifice

آلهة
الاولمپيون الاثنى عشر:
آرس · Artemis · Aphrodite · أبولو
أثينا · دميتر · هيرا · هستيا
هرمس · هفستس · پوسايدون · زيوس
---
Primordial deities:
Aether · Chaos · خرونوس · إربوس
گايا · همرا · Nyx · ترتاروس · اورانوس
---
Lesser gods:
ديونيسس · إروس · هبه · Hecate · هليوس
Herakles · إيريس · سلنه · پان · Nike
نصوص
Argonautica · إلياذة · اوديسة
Theogony · الأعمال والأيام
انظر أيضا:
انزواء الشرك الهليني
Hellenic Polytheistic Reconstructionism
Supreme Council of Ethnikoi Hellenes
     
معبد الإله اليوناني زيوس إله السماء

عند البحث عن أصول الآلهة اليونانية فإننا يفترض أن نجد أمامنا العناصر الموحّدة في حضارة اليونان القديمة منها خمسة عناصر جوهرية: لغة مشهجرة ذات لهجات محلية ؛ وحياة ذهنية مشهجرة لا يعهد من رجالها في الأدب والفلسفة والعلوم خارج حدود بلادهم السياسية إلا كبارهم ، وشغف مشهجر بالألعاب الرياضية ينفسون به في المباريات التي تقام بين الأفراد في المدن نفسها أوبين الدول بعضها وبعض ، وحب للجمال تعبر عنه المدن بأشكال من الفن عامة بين الجماعات اليونانية كلها ، وطقوس وعقائد دينية موحدة بعض التوحيد.

وكان الدين عاملاً في التفرقة بين اليونان بقدر ما كان في وحدتهم. فقد كان من وراء عبادة آلهة الأولمبس العامة البعيدة ، وهي العبادة التي كان فيها قسط كبير من الأدب والمجاملة ، عبادة أقوى منها للآلهة وللقوى التي تدين بالطاعة لزيوس. وكانت النزعة الانفصالية القبلية والسياسية تغذي الشرك وتجعل [التوحيد] محالاً. فقد كان لكل أسرة في أيام اليونان القديمة إلههاً الخاص ، توقد له في البيت النار التي لا تنطفئ أبداً ، وتقرب له القربان من الطعام والخمر قبل جميع وجبة. وكان هذا الاقتسام المقدس للطعام بين الآدميين والآلهة أول الأعمال الدينية الأساسية التي تعمل في البيت. وكان المولد والزواج والموت تُخلع عليها هالة من القداسة بالطقوس القديمة أمام النار المقدسة ، وبهذه الطريقة كان الدين عاملاً في خلق الشعر الصوفي وفي إكساب الحوادث الرئيسية في الحياة البشرية مسحة من الوقار أعانت على استقرارها وثباتها.

وكذلك كان لكل جماعة بطناً كانت أوعشيرة أوقبيلة أومدينة إلهها الخاص ، بها فكانت مدينة أثينا تعبد الإلهة أثينا ؛ وإلوسيس تعبد دمتر ، وساموس تعبد هيرا ، وإفسوس تعبد أرتميز ، وبوسيدونيا تعبد بوسيدون. وكان وسط المدينة وأعلى مكان فيها ضريح إلهها ، وكان الاشتراك في عبادة إلهها رمز مواطنيها وميزتهم والواجب المفروض عليهم.

الإلهة اليونانية هيرا

وإذا ما خرجت المدينة للحرب حملت معها في مقدمة جيوشها صورة إلهها وشعاره ، ولم تكن تخطوخطوة خطيرة إلا بعد استشارته بسؤاله عما يخبئه الغيب لها. وكان لها عليه في نظير هذا حتى يحارب في صفها ، وكان يظهر لأهلها أحياناً أنه قد يتجلى لهم في مقدمة الجيش أوفوق رماح الجنود. ولم يكن النصر مقصوراً على غلبة مدينة لمدينة بل كان يضم فوق ذلك غلبة إله لإله. وكانت المدينة ، كما كانت الأسرة وكما كانت القبيلة ، تحتفظ على الدوام بنار مقدسة موقدة عند مذبح عام في بهوالمدينة ، ترمز لحياة منشئتها وأبطالها القوية الخالدة ؛ وكان مواطنوها يجتمعون في مواسم معينة ليطعموا جميعاً أما هذه النار. وكما كان أب الأسرة هوأيضاً كاهنها ، كذلك كان حاكم المدينة الأكبر أوأركونها كبير كهنة قي دين الدولة ، وكان الإله يخلع على سلطانه وأعماله كلها ثوباً من القداسة. إلى غير ذلك استحال الإنسان بفضل تجنيد الآلهة على هذا النحومن صياد جوال إلى مواطن مستقر.

وحرر الاستقلال المحلي خيال اليونان الديني من القيود فأخرج للعالم أساطير دينية موفورة ومجموعة كبيرة من الآلهة. فكان جميع شيء وكل قوة في الأرض أوالسماء ، وكل نعمة أونقمة ، وكل صفة- ولوكانت رذيلة- من صفات الإنسان ، تمثل إلهاً في صورة بشرية عادة. وليس ثمة دين يقرب آلهته من الآدميين قرب آلهة اليونان. وكان لكل حرفة ، ولكل مهنة ، ولكل فن ، إله خاص أوراع حارس ؛ بلغة هذه الأيام. وكان عند اليونان فضلاً عن هذا شياطين ، ونساء مجنحة ، وآلهة انتقام ، وجن ، وأرباب بشعة المنظر ، وإلاهات ذوات صوت شجي يسلب العقول ، وحور عين في البحار والغاب لا يقل عددهن عن سكان الأرض من الآدميين. وفي هذه البلاد بنوع خاص لا تظل حاجة للسؤال القديم "هل الدين من وضع الكهنة؟". ذلك حتى من غير المعقول حتى أية مؤامرة يدبرها رجال الدين الأولون تستطيع حتى تخرج هذه الكثرة من الآلهة.

وما من شك في حتى من أكبر النعم التي ينعم بها هؤلاء الأقوام حتىقد يكون لهم جميع أولئك الآلهة ، وكل هالة القصص الفتانة الساحرة ، وكل هذه الأضرحة المقدسة والحفلات المهيبة المرحة. لقد فُطر الإنسان على حتى يعبد آلهة متعددة كما فُطر على الزواج من نساء متعددات ، ولا يقل عمر فطرته الأولى عن فطرته الثانية ، لأنها توائم جميع المواءمة ما في العالم من تيارات متعارضة. وإن مسيحية البحر المتوسط في هذه الأيام لا يعبد فيها الله بقدر ما يعبد فيها الأولياء والقديسون. ذلك حتى الشرك هوالذي يوحي إلى حياة السذج بالأساطير وما فيها من خيال وسلوى ؛ ويهب النفس الذليلة المعونة والراحة واللتين لا تجرؤ على انتظارهما من كائن أعلى رهيب بعيد لا تستطيع الوصول إليهِ. وكان لكل إله من الآلهة أسطورة (Mythos) أي سيرة ، متصلة به تشرح سبب وجوده في حياة المدينة ، أوتفسر الطقوس التي تقام تكريماً له.

تمثال االإله اليوناني بوسيدون

وقد أصبحت هذهِ الأساطير التي نشأت نشأة تلقائية مما في المكان ومما لدى الناس من معارف ، أوكانت من وضع الشعراء الدواوين وزخرفهم ، أصبحت هذهِ الأساطير عقيدة اليونان الأولين ، وفلسفتهم ، وآدابهم ، وتاريخهم ، جميعاً. فمنها استمدوا الموضوعات التي زينوا بها مزهرياتهم ، وهي التي أوحت إلى الفنانين ما لا يحصى من الرسوم ، والتماثيل ، والنقوش. وقد ظل الناس إلى آخر أيام الحضارة الهيلينية يخلقون الأساطير ، بل يخلقون الآلهة أنفسها ، رغم ما أنتجته بحوثهم الفلسفية ، ورغم محاولات عدد قليل منهم دعوة الناس إلى التوحيد. لقد كان في وسع رجال من أمثال هرقليس حتى يعدوا أمثال هذهِ الأساطير مجرد مجازات وتشابيه ، وفي وسع آخرين أمثال أفلاطون حتى يعدلوها ويوفقوا بينها وبين ما تقبله العقول ، وفي مقدور رجال من أمثال زنوفانيز حتى ينددوا بها وينبذوها ؛ غير حتى [بوزنياس] ، حين طاف ببلاد اليونان بعد خمسة قرون من عهد أفلاطون ، عثر الخرافات والأساطير التي كانت تثير الحمية في قلوب الأهلين في عصر هومر لا تزال حية قوية. ذلك حتى عملية تشعير الأساطير ، وتشعير الدين عملية طبيعية ، تحدث في هذهِ الأيام كما كانت تحدث على الدوام في العصور الخالية ؛ وثمة نسبة للوفيات ونسبة للمواليد بين الآلهة. فالألوهية كالطاقة تظل كميتها مهما تغيرت صورتها لا تكاد تنقص أوتزيد خلال الأجيال المتعاقبة .

الخالدون

الإلهة هستيا

الآلهة الصغرى

في وسعنا حتى نلقى شيئاً من الترتيب والوضوح على هذا الحشد الكبير من الآلهة إذا نحن قسمناه تقسيماً مصطنعاً إلى سبع مجموعات: آلهة السماء ، وآلهة الأرض ، وآلهة الخصب ، والآلهة الحيوانية ، وآلهة ما تحت الأرض وآلهة الأسلاف أوالأبطال ، والآلهة الأولمبية. وأما "أسمائها جميعاً فمما يشق على الإنسان ذكرها" كما يقول هزيود.


آلهة السماء

كان إله الغزاة اليونان في بادئ الأمر ، على ما تستطيع حتى تتبينه من الأساطير ، هوإله السماء العظيم المختلف الصور. ويشبه اليونان في هذا الهنود الفديين. ثم تطور هذا الإله شيئاً فشيئاً حتى أصبح هوأورانوس أوالسماء نفسها ، ثم أضحى "مرسل السحاب" ، مسقط المطر ، جامع الرعد ، زيوس. وإذ كانت تلك البلاد تنال فوق كفايتها من ضوء الشمس ، ولكنها ظمآى للمطر ، فإن إله الشمس هليوس لم يكن له فيها شأن كبير ولذلك كان من الآلهة الصغرى. وقد صلى له أجممنون ونادىه لمعونته ، وكان الإسبارطيون يضحون له بالخيل لتجر عربته الملتهبة في قبة السماء ، وكان أهل رودس حين اصطبغت بلادهم بالصبغة اليونانية يعظمون هليوس ، ويعدونه كبير آلهتهم ، ويلقون في البحر جميع عام أربعة جياد وعربة ليستخدمها في تجواله ، وأقاموا الهيكل الضخم الذائع الصيت ، وكاد أنكسجرس يفقد حياته في أثينة بركليز نفسها ، لأنه نطق إذا الشمس ليست إلهاً وإنما هي كرة من النار لا أكثر. ثم زالت عبادة الشمس شيئاً فشيئاً حتى لم يكد يبقى لها أثر في تاريخ اليونان القديم ، وكان القمر أقل من الشمس شأناً ، والكواكب والنجوم أقل منه ومنها.

الإلهة اليونانية ديميتر

آلهة الأرض

كانت الأرض ، لا السماء ، موطن معظم الآلهة اليونانية. فكانت الأرض نفسها في بادئ الأمر هي الإلهة جي Ge أوجيا Gaea الأم الصابرة السمحة الجزيلة العطاء، التي حملت حين عانقها أورانوس- السماء- فنول المطر. وكان يسكن الأرض نحوألف إله آخر أقل من جي شأناً ، في مائها وفي الهواء المحيط بها: منها أرواح الأشجار المقدسة ، وخاصة شجرة البلوط ، ومنها النريدات Nereids ، والنيادات Naiads، والأوقيانوسيات في الأنهار والبحيرات والبحار ، وكانت الآلهة تَتَفَجر من الأرض عيوناً ، أوتجري جداول عظيمة مثل الميندر أوالاسبركيوس ، وكان للريح آلهة مثل بورياس Boreas ، وزفر Zephyr ، ونوتس Notus ، ويوروس Eurus ، وسيدها إيوس ؛ وكان من آلهة الأرض بان العظيم ، ذوالقرنين ، المشقوق القدمين ، الشبق ، المغذي ، البسام ، إله الرعاة والبتران ، والغابات والحياة البرية ، الكامن فيها ، والذي تُسمع صفارته في جميع جدول ووادٍ ، والذي تبعث صيحته الفزع ، في جميع قطيع لا يعنى به ، والذي يقوم على خدمته جنيات الغاب والحراج ، وتلك الجنيات المعروفة بالسليني Sileni وهي مخلوقات نصف جسمها معز ونصفه بشر. وكان في جميع مكان في الطبيعة آلهة ، وكان الهواء غاصاً بالأرواح الطيبة أوالخبيثة لا تكاد "تجد فيه شقاً فارغاً تستطيع حتى تدفع فيه طرف ورقة نبات" كما نطق شاعر غير معروف.

وإذ كانت أحب قوى الطبيعة وأقواها هي قوة التكاثر ، فقد كان طبيعياً حتى يعبد اليونان ، كما كان يعبد غيرهم من القدامى ، رمزي الإخصاب الرئيسيين في الرجل والمرأة إلى جانب عبادتهم خصب التربة. لهذا كان قضيب الرجل وهورمز الإنتاج يظهر في طقوس دمتر ، وديونيسس ، وهرمس ، وحتى في طقوس أرتميس الطاهرة. ويتكرر ظهور هذا الرمز في النحت والتصوير في أبرز عصر من عصورهما تكراراً فاضحاً ، بل إذا عيد ديونيشيا العظيم ، وهوالاحتفال الديني الذي كانت تمثل فيه المسرحيات اليونانية ، كان يفتتح بموكب تحمل فيه رموز قضبان الرجال ترسل الكثير منها المستعمرات الأثينية شاهداً على صلاحها وتقواها. وما من شك في حتى هذه الحفلات كانت تثير الكثير من الفكاهات الجنسية البذيئة ، كما تدلنا على ذلك كتابات أرستفنيز ؛ ولكن كثرتها كانت خالية من هذه البذائة ، ولعلها كانت تثير الشهوة الجنسية في الرجال والنساء وتساعد على كثر النسل.

الإلهة أفروديت

وكانت أحط ناحية من نواحي مراسم الإخصاب تظهر في العهود التي انتشرت فيها الحضارة اليونانية الصبغة والحضارة اليونانية ، والتي كان يُعبد فيها بريابوس Priapus الذي ولد نتيجة لاتصال ديونيسس وأفرديتي ، والذي كان الفنانون يزينون بصورته المزهريات وجدران المباني في بمبي Pobpeii. وكان أظرف من هذه المراسم وأعف في موضوع التناسل نفسه إجلال الإلهات التي ترمز إلى الأمومة. فقد كانت أركاديا ، وأرجوس ، وإلوسيس ، وأثينا ، وإفسوس ، وغيرها من الأماكن تجل أعظم الإجلال إلهات معظمهن لا أزواج لهن ، كنَّ في أغلب الظن أثراً من آثار عصر ينسب الأبناء فيه إلى الأمهات قبل حتى يحل عصر الزواج ؛ ولقد كان الاعتراف بسلطان زيوس الإله الأب على سائر الآلهة رمزاً لفوز مبدأ سيطرة الآباء على الأمهات. ولعل تجاوز النساء على الاشتغال بالزراعة ، وهوالسبق الذي يرجحه الكثيرون ، وقد ساعد على إيجاد أعظم إلهة من هاته الإلهات الأمهات ، وهي دمتر إلهة الحنطة أوالأرض المنغرسة. ومن أجمل الأساطير اليونانية التي تقصها في أحسن تعبير ترنيمة دمتر وهي الترنيمة التي كانت تعزى في وقت من الأوقات إلى هومر نفسه ، نقول إذا من أجمل هذه الأساطير أسطورة تصف كيف من الممكن أن اختطف بلوتوPluto إله العالم السفلي برسفوني أبنة دمتر ونزل بها إلى الجحيم ، وكيف أخذت أمها الحزينة تبحث عنها في جميع مكان حتى عثرت عليها وأقنعت بلوتوحتى يسمح لابنتها بأن تعيش على ظهر الأرض تسعة أشهر في جميع عام- وذلك رمز ظريف لموات التربة السنوي وتجددها.

وإذ كان أهل إلوسيس قد عطفوا على دمتر المتنكرة وهي "جالسة في الطريق في أشد حالات الحزن والكرب" ، فقد فهمتهم هم وأهل أتكا سِرَّ الزراعة ، وأوفدت تربتولموس Triptolemus ابن ملك إلوسيس لينشر هذا الفن بين بني الإنسان. وهذه الأسطورة تتفق في جوهرها وأسطورة إيزيس Isis وأوزيريس Osiris في مصر ، وأسطورة تموز وعشتار في بابل ، وأسطورة عشتروت وأدنيس في سوريا ، وسيبيل وأتيس في فريجيا. وقد بقيت طقوس الأمومة طوال عصر اليونان العظيم ، ثم عادت إلى الحياة من حديث في صورة تقديس مريم أم الإله.

[إريس] إلهة الحرب

وكانت بعض الحيوانات في تاريخ اليونان المبكر تعظَّم وتتخذ أنصاف آلهة- إذا جاز هذا التعبير. وكان السبب في أنها لم ترقَ إلى مرتبة الآلهة الكاملة حتى الدين اليوناني كان في العصر الذي ازدهر فيه فن النحت ديناً آدمياً إلى حد لا يسمح بوجود آلهة حيوانية كثيرة بالصورة التي نجدها في مصر والهند ؛ ولكن أثراً من آثار ما قبل هذا العصر الزاهر يظهر لنا في كثرة الجمع بين الحيوان والإله في بعض التماثيل. ولقد كان الثور حيواناً مقدساً لقوتهِ وقدرته ، وكثيراً ما كان يوصف بأنه رفيق لزيوس وديونيسس ، أوصورة لهما تنكرا فيها ، أورمزاً لهما ، وربما كان إلهاً قبلهما ، ولعل "هيرا ذات العين البقرية" ، كانت هي أيضاً بقرة مقدسة. وكان الخنزير أيضاً مقدساً لكثرة تناسله ، وكان يجمع بينه وبين دمتر الظريفة.

وكان القربان الظاهر الذي يقدم لها هي في أحد أعيادها المعروف عيد الثسموفوريا Thesmophorio خنزيراً ، أولعل القربان كان يقدم إلى الخنزير نفسه. وفي عيد الديازيا Diasia كان هذا القربان يقرب لزيوس في الظاهر ، ولكنه في الحقيقة كان يقرب إلى أفعى تسكن في باطن الأرض تسمى وقتئذ باسمه تكريماً لها. وسواء أكان تقديس الأفعى لأنها في ظنهم لا تموت ، أم لأنها ترمز إلى القدرة على التناسل والإنتاج ، فإنا نراها تنتقل في صورة إلهة من أفعى كريت إلى أثينا القرن الخامس ؛ فقد كانت أفعى مقدسة تقيم في هيكل أثينا على الأكروبوليس ، وكان يقدم إليها في جميع شهر كعكة مقدسة زلفى إليها واستدراراً لعطفها. وكثيراً ما تُرى الأفعى في الفن اليوناني حول تماثيل هرمس ، وأبلو، وأسكلبيوس ؛ وقد صَوَّر فدياس أفعى ضخمة محاطة بإكليل من الزهر في درع "أثيني برثنوس" ، وتغطي الأفاعي الجزء الأكبر من تمثال أثينا الفرنيزية. وكثيراً ما كانت الأفعى تتخذ رمزاً للإله الحارس للهياكل والمنازل أوصورة لهذا الإله ، وربما كانت كثرة وجودها حول المقابر سبباً في اعتقاد الناس أنها روح الموتى.

ويعتقد بعظهم حتى الألعاب الدلفية قد احتفل بها في بادئ الأمر تكريماً لأفعى دلفي الميتة. وكانت أكثر الآلهة رهبة تحت الأرض. ففي المغارات والشقوق وأمثالها من الفتحات السفلى ، كانت تعيش تلك الآلهة الأرضية التي لم يكن اليونان يعبدونها بالنهار عبادة تنطوي على الحب والإجلال ، بل كانوا يعبدونها ليلاً عبادة مصحوبة بأناشيد وطقوس تنم عن التوبة والهلع. وكانت هذه القوى غير البشرية هي المعبودات الحقيقية الأولى لبلاد اليونان ، وكانت أقدم من معبودات الهيلينيين ، بل لعلها أقدم من معبودات الميسينيين الذين نقلوها في أغلب الظن إلى بلاد اليونان نفسها. ولوأننا استطعنا حتى نتتبعها إلى أصلها الأول لكان في وسعنا حتى نصل إلى أنها كانت في بدايتها الأرواح المنتقمة للحيوانات التي طردها الإنسان إلى الغابات أوإلى ما تحت الأرض في أثناء تقدمهم وتكاثرهم.

وكان أعظم هذهِ الآلهة الأرضية هوزيوس الأرضي ؛ وزيوس هنا اسم نكرة لا يعني أكثر من إله. وكان يسمى أحياناً زيوس ميلكيوس Milichios أي زيوس الخَيّر ؛ ولكن الوصف هنا أيضاً وصف خادع يقصد به استرضاء هذا الإله الذي كان مصور بصورة أفعى رهيبة. وكان هاديز Hades ربُّ ما تحت الأرض أخاً لزيوس وعند أخذ اسمه. وأراد اليونان حتى يسكنوا غضبه فسموه بلوتوأي واهب الوفرة ، لأنه كان في مقدوره حتى يبارك أويبيد جذور جميع ما ينبت على سطح الأرض . وكان أشد من بلوتوروعة ورهبة الإلهة هكتي Hecate ، وهي روح خبيثة تخرج من العالم السفلي وتسبب البؤس والشقاء بعينها الحاسدة الشريرة لكل مَن تزوره من الخلائق. وكان القليلوالفهم من اليونان يقربون لها الجراء ليبعدوها عنهم. وكان الموتى قبل عصر اليونان المجيد يعدون أرواحاً قادرة على حتى تعمل للناس الخير والشر ، وتسترضى بالقرابين والصلاة. ولم تكن هذه الأرواح آلهة بالمعنى السليم، ولكن الأسرة اليونانية البدائية كانت تعظم موتاها تعظيماً يفوق تعظيمها أي إله من الآلهة ، شأنها في هذا شأن الأسرة الصينية. وكان اليونان في عصرهم الزاهر يرهبون هذه الأشباح الغامضة أكثر مما يحبونها ، وكانوا يسترضونها بطقوس ومراسم يقصد بها إبعادها واتقاء شرها ، كما كانوا يعملون في عيد أنثستريا Anthesteria. وكانت عبادة الأبطال امتداداً لعبادة الموتى؛ فكان في وسع الآلهة حتى تهب العظيم أوالشريف، أوالرجل الجميل أوالمرأة الجميلة ؛ الحياة الخالدة فتجعله أوتجعلها من بين الآلهة الصغرى.

وكذلك كان سكان أولمبيا يقربون القرابين في جميع عام إلى هبوداميا Hippodameia؛ وكانت كسندرا Cassandra تعبد في لوكترا Leuctra اللكونية Laconian ، وهلن في إسبارطة ، وأوديب في كولونوس Colonus ، وكان يحدث أحياناً حتى ينزل الإله ويتقمص جسم إنسان ، فيستحيل هذا الإنسان إلهاً ، وقد يتصل الإله جنسياً مع امرأة من الآدميين فتلد بطلاً- إلهاً كما عمل زيوس مع أكمينا فولدت هرقل. وكان كثير من المدن والجماعات ، وأبناء الحرف أنفسهم ، يصلون أنسابهم ببطل من أبناء الآلهة ؛ فكان أطباء اليونان مثلاً يصلون نسبهم إلى أسكلبيوس. وكان الإله في أول الأمر من الأسلاف أوالأبطال الموتى ، كما كان المعبد في الأصل قبراً ، ولا تزال الكنيسة حتى الآن في معظم البلاد مكاناً تحفظ فيه آثار الموتى القديسين.

ويمكن القول بوجه عام حتى اليونان لمقد يكونوا يفرقون بين الآدميين والآلهة بقدر ما نفرق نحن بينهم ؛ فقد كان كثير من آلهتهم لا يقلون في آدميتهم عن القديسين عندنا ، اللهم إلا في مولدهم ، وكانوا قريبين إلى عبادهم قرب القديسين إلينا ؛ وكان بعضهم مثل ديونيسس يموتون وإن سموا بالخالدين.

هيرميز مراسل الآلهة اليونانية


الآلهة الأولمبية

كانت هذه الآلهة كلها في المرتبة الثانية من الشهرة بين آلهة اليونان وإن لم تكن حتماً في المرتبة الثانية من التعظيم. ترى لأي سبب لا نسمع في شعر هومر عن هذه الآلهة إلا القليل ، ولأي سبب نسمع عن الآلهة الأولمبية الشيء الكثير،يا ترى؟ أكبر الظن حتى مرد هذا إلى حتى آلهة ألمبس قد اتىت إلى البلاد مع الآخيين والدوريين وزلزلت عروش الآلهة اليسينية والأرضية ، وغلبتها كما غلبت من كانوا يعبدونها. وفي وسعنا حتى نشاهد ما وقع للآلهة الأولى في دودونا Dodona ودلفي حيث حل زيوس في المدينة الأولى محل جيا وحل أبلومحلها في الحالة الثانية. على حتى الآلهة المغلوبة لم تُمح من الوجود محواً تاماً بل بقيت خاضعة للآلهة الجديدة تأتمر بأمرها إذا صح حتى نتحدث عن شؤون الآلهة بمثل هذا الحديث، فانزوت ذليلة تحت الأرض ولكنها ظلت موضع التبجيل من عامة الشعب ؛ بينما كانت الآلهة الأولمبية المنتصرة تتقبل وهي مستوية على عروشها في أعلى الجبل صلوات عبادها الأشراف. وهذا هوالسبب في حتى هومر الذي كان يخط للصفوة المختارة لا يكاد يحدثنا بشيء عن آلهة الأرض. إلى غير ذلك أعن هومر وهزيود والمثالون الفاتحين أصحاب السلطة السياسية العليا على نشر عبادة الآلهة الأولمبية.

وقد وقع في بعض الحالات حتى اتحدت الآلهة الصغرى أوامتزجت بالكبرى ، وأصبحت من حاشيتها أوأتباعها ، كما كانت الدول الصغرى تنضم من حين إلى حين إلى الدول الأكبر منها أوتخضع لحكمها. إلى غير ذلك خضعت جنيات الآجام صغارها وكبارها لديونيس ، وخضعت حور البحار لبوسيدن كما خضعت الأرواح التي تقطن الغابات لأرتميس ، واختفت الطقوس والأساطير الهمجية شيئاً فشيئاً على مر الأيام ؛ وحلت محل الأساطير المضطربة التي كانت تصور الأرض ملآى بالشياطين حكومة للآلهة على شيء من النظام كانت في واقع أمرها مرآة ينعكس عليها ما طرأ على العالم اليوناني من استقرار سياسي آخذ بالنماء.

وكان على رأس هذا النظام الإلهي الجديد رب الأرباب زيوس العظيم ؛ ولم يكن زيوس أول من عثر من الآلهة ، فقد سبقه كما رأينا من قبل أورانوس وكرونوس ، ولكنهما هما والجبابرة Titans قد ثُلت عروشهم كما ثُلت عروش جيش الشيطان Lucifer. وقسم زيوس وإخوته العالم ووزعوه فيما بينهم بطريق القرعة ؛ فكانت السماء من نصيب زيوس ، وكسب بوسيدن البحار ، وكسب هيديز باطن الأرض. وليس في أساطير اليونان ذكر لخلق العالم ؛ فقد وجدت الأرض قبل حتى توجد الآلهة ولم تخلق الآلهة الإنسان من حمأ بل خلقته من تزاوج الذكور منها بالإناث ، أوبتزاوجها بأبنائها غير الخالدين ؛ والله في دين اليونان ليس إلا ولداً ، كما حتى الآلهة الأولمبية ليست قادرة على جميع شيء عارفة بكل شيء ، بل إذا جميع واحد منها يحدد سلطان الآخر ويعارضه أحياناً ، وكلها بما فيها زيوس نفسه يمكن حتى يُخدع ؛ غير أنها على بكرة أبيها تقر له بالسيادة عليها ، وتحشد في بلاطه كما يحتشد الأتباع في ساحة أمير إقطاعي ؛ وهووإن استشارها في بعض الشؤون ، وعمل برأيها في بعضها وإن خالفت رأيه ، كثيراً ما يزجرها ويلزمها حتى تعهد قدر نفسها. وهويبدأ بأنقد يكون إلهاً للسماء والجبال ، ومنزل المطر الذي لا غنى للناس عنه ، وهوفي بعض صوره الأولى إله حرب كيهوه ، يجادل نفسه هل ينهي حصار طروادة أو"يجعل الحرب أكثر مما كانت وحشية وإراقة للدماء" ويأخذ بالرأي الثاني. ثم يصبح بالتدريج حاكم الآلهة والبشر الهادئ القوي الجالس فوق أولمبس ، الملتحي الوقور، رأس النظام الأخلاقي ومصدره في العالم كله ، يعاقب غير البررة من الأبناء ، ويحمي أملاك الأسرة ، ويوثق الأيمان ، يعاقب الخائنين ، ويحفظ الحدود ، والمساكن ، والمتضرعين ، والأضياف ، وهوأخيراً المصدر الأعلى للأحكام الذي نحت فدياس تمثاله لأولمبيا.

وعيبه الوحيد هوما يدفعه إليه نزق الشباب من استسلام سريع للحب ، وإذ لم يكن هوخالق النساء فإنه يعجب بهن ويراهن كائنات عجيبة تجد الآلهة نفسها فيهن موهبة الجمال والحنان ، وهما صفتان تسموان عن جميع تقدير ؛ ويجد نفسه عاجزاً عن مقاومة إغرائهن. ويذكر هزيود ثبتاً طويلاً بمحبوبات الإله ، وبما أنجبن منه من أبناء عظام. وكانت حبيبته الأولى ديوني Dione ، ولكنه يغادرها في أبيروس حين يهاجر إلى أولمبس في تساليا ، وفيها تكون زوجته الأولى هي متيس Metis إلهة الكيل ، والعقل ، والحكمة ؛ ويترامى إليه حتى أبناءها سينزلونه عن عرشه ، فيبتلعها ، ويأخذ منها صفاتها ، ويصبح هونفسه إله الحكمة ؛ وتلد متيس أثينا في جوفه ، وإذن فلابد من بتر رأسه حتى تخرج إلى العالم ، ويحس هوبالوحدة والحادة إلى المؤنس الجميل فيتزوج ثميس Themis وتلد له الساعات الأثنتي عشرة ؛ ثم يتزوج يورينوم وتلد له إلاهات اللطف الثلاث ؛ ثم يتزرج نموسيني Mnemosyne وتلد له ربات الشعر التسع ؛ ثم ليتووينجب منها ولديه أبلووأرتميس ؛ ثم أخته دمتر وينجب منها برسفوني : فإذا ما صرف شبابه في الملاذ على هذا النحوتزوج آخر الأمر أخته هيرا وأجلسها ملكة على أولمبس فتلد له هيبي Hebe ، وأريس Ares ، وهفستوف Hephaestus ، وأيليثيا Eileithyia ، ولكن الشقاق يقع بينه وبينها ، لأنها لا تقل عنه سناً ؛ وهي تلقى أكثر مما يلقى من التكريم في كثير من الدول اليونانية ، وهي رعاية الزواج والأمومة ، وحامية الروابط الزوجية ؛ وهي ظريفة أنيقة ، وقورة ، فاضلة ، لا يعجبها عبثه ومداعباته ؛ وهي إلى هذا كله سليطة إلى أبعد حد. ويهم بأن يضربها ، ولكنه يرى حتى أيسر من ضربها عنده حتى يفرج عن كربه بزيجات جديدة. وكانت نيوبي أولى زوجاته من الآدميين ، وكانت آخرهن ألكمينا وهي من نسل نيوبي في الجيل السادس عشر%=@من واجبنا حتى نضيف إلى هذا ، إنصافاً للموتى ، حتى معظم هذه المغامرات كانت في أغلب الظن من اختراع الشعراء أوالقبائل التي كانت تحرص على حتى تصل أنسابها بأعظم الآلهة كلها.@ ، وهويسير على سنة اليونان في عدم التفرق بين الذكور والإناث ، فيحب جنميد الوسيم ، ويختطفه لكي يجعله ساقيه فوق أولمبس. وكان من الطبيعي حتىقد يكون من بين أبناء هذا الأب المخصب بعض النجباء الممتازين. من ذلك حتى أثينا حين ولدت كاملة النمووالسلاح من رأس زيوس ، أمدت أدب العالم بإحدى استعاراته التي مازالت تتكرر حتى ملها الناس.

وكانت أجدر الآلهات بأن تكون إلهة مدينة أثينا ، تفخر بأنها عذراء وتتخذ من هذا سبباً لمواساة فتياتها العذارى ، وتبعث في نفوس رجالها الحماسة الحربية ، وتمثل لبركليز الحكمة التي هي خليقة بها لأنها ابنة متيس وزيوس. ولما حاول الجبار بلاس Pallas حتى يغازلها قتلته وأضافت اسمه إلى اسمها ليكون ذلك نذيراً لغيره من خطّابها. وقد خصتها مدينة أثينة بأجمل هياكلها وأفخم أعيادها. وكانت عبادة أبلوالوسيم أوسع انتشاراً من عبادة أخته أثينا ، وكان أبلوإله الشمس المتلألئ ، راعي الموسيقى والشعر والفن ، منشئ المدن ، مشرع القوانين ، إله الشفاء ووالد أسكلبيوس ، إله الحرب الرامي بالنبال إلى أبعد مدى ، الذي خلف جيا وفوبي Phoebe. في دلفي ، وكان أقدس من ينزل الوحي في بلاد اليونان ، وكان إله المحاصيل النامية ، وبهذه الصفة كان يتلقى العشور في أيام الحصاد ، وكان في نظير هذا يبعث بدفئه وضوئه المضىيين من ديلوس ودلفي ليخصب التربة ويغنيها.

وكان في جميع مكان يقترن بالنظام والاعتدال والجمال ؛ وبينما كانت عبادة غيره من الآلهة ومراسمها تتضمن كثيراً من عناصر الخوف والخرافات الغريبة ، كانت النغمة السائدة في عبادة أبلووفي أعياده العظيمة في دلفي وديلوس هي التعبير عن ابتهاج الشعب المستنير بإله الصحة والحكمة والعقل والغناء ، وكانت أخته أرتميس ، سعيدة مثله. وكانت أرتميس إلهة الصيد العذراء ، المنهمكة في شؤون الحيوانات ، وفي ملذات الغابات ، انهماكاً لا يهجر لها وقتاً لحب الرجال ، وكانت إلهة الطبيعة البرية ، والمراعي والغابات والتلال ، والغصن المقدس. وكما كان أبلوالمثل الأعلى للشباب اليوناني ، كذلك كانت أرتميس المثل الأعلى للفتيات اليونانيات- كانت قوية الجسم ، رياضية رشيقة عفيفة ، وهذا فقد كانت راعية النساء في الولادة ، وكن يدعونها لتخفف عنهن آلام الوضع. وكانت تحتفظ في إفسوس بطبيعتها الآسيوية ، فكانت إلهة الأمومة والإخصاب ؛ وبهذه الطريقة اختلطت فكرتا العذراء والأم في عبادتها ، وقد وجدت الكنيسة المسيحية في القرن الخامس بعد الميلاد حتى من الحكمة حتى تضيف ما بقي من هذه الطقوس الدينية إلى مريم ، وأن تحول عيد الحصاد الذي كان يقام لأرتميس في منتصف أغسطس إلى عيد انتنطق العذراء إلى السماء.

وبهذه الطريقة وأمثالها يحتفظ الجديد بالقديم ويتبدل جميع شيء عدا الجوهر ذلك حتى التاريخ كالحياة يجب حتى يستمر أويموت ؛ فقد تتبدل الأخلاق والأنظمة ولكنها تتبدل ببطء ؛ وإذا حال حائل قوي بينها وبين نماءها وتطورها نسيت الأمم نفسها وجن جنونها. وكان من بين تلك الآلهة إله أشبه ماقد يكون بالآدميين ، هوالصانع الأولمبي الماهر هفستس الأعرج المعروف عند الرومان باسم فلكان Vulcan. ويبدوحتى هذا الإله المهين المظلوم ، إله السماء الأول كان إلهاً سخيفاً خليقاً بالرثاء ، ولكنه في آخر الأمر يستدر عطفنا أكثر مما تستدره الآلهة الماكرة التي لا ضمير لها ، والتي تسيء معاملته ، ولعله كان في أيامه الأولى ، قبل حتى يصير قريب الشبه بالأناس ، روح النار والكير. وهوفي قصص هومر الديني ابن زيوس وهيرا ، ولكن أساطير غير أساطير هومر تؤكد لنا حتى هيرا حسدت زيوس على مولده لأثينا بلا معونة ، فولدت هي الأخرى هفستس من غير حاجة إلى ذكر. ولما رأته قبيح المنظر ضعيف الجسم ، ألقت به من فوق أولمبس ، ولكنه عهد طريق العودة إلى موطنه ، وشاد للآلهة القصور الكثيرة التي كانوا يسكنون فيها.

وكان يكن لأمه جميع شفقة وإجلال رغم ما لقيه على يديها من سوء المعاملة ، وقد دافع عنها دفاعاً مجيداً في نزاعها مع زيوس ، فما كان من إله أولمبس العظيم إلا حتى أمسك بساقه وقذف بهِ إلى الأرض. واستغرق هفستس في نزوله يوماً كاملاً ، حتى استقر آخر الأمر على جزيرة لمنوس ، وجرح عقبه ، ويؤكد العارفون أنه أصبح من ذلك الحين شديد العرج يتألم حدثا سار )وإن كان هومر يقول إنه كان أعرج قبل هذه الحادثة(. وعاد مرة أخرى إلى أولمبس ، وصنع في حانوته الكثير الضوضاء سنداناً ضخماً وضع فيه عشرين منفاخاً كبيراً ، وعمل دروع أخيل ، وتماثيل تتحرك من نفسها ، وعجائب أخرى كثيرة. وكان اليونان يعبدونه بوصفه إله جميع الصناعات المعدنية ، ثم أصبح عندهم إله جميع الصنائع اليدوية ، وكانوا يعتقدون حتى البراكين هي مداخن حوانيته التي تحت الأرض. وكان من سوء حظه حتى تزوج أفرديتي ووجد حتى من أصعب الأمور حتى تجتمع الفضيلة والجمال في إنسان واحد. ولما عهد هفستس بما كان بينها وبين أريس ، خلق للمحبين شركاً سقط عليهما في أثناء اجتماعهما. إلى غير ذلك أنتم الإله الأعرج لعرجه بأن عرض على زملائه الآلهة إلهي الحب والحرب مكبلين في الأغلال، وكان منظراً أثار ضحك الآلهة. ونطق هرمس لأبلو- كما يحدثنا هومر: "أي هرمس يا بن زيوس... هل يرضيك حقيقة حتى تنام على فراش واحد بجانب الإلهة أفرديتي ، ولوكنت مكبلاً بالأغلال الثنطق؟" فأجابه الرسول يقول: "أيها الإله أبلو؛ ليت هذاقد يكون ، وليتني أكبل بثلاثة أمثال هذه الأغلال التي لا أجد منها خلاصاً ، وأن تشاهدوني أنتم أيها الآلهة- نعم والإلهات كلها أيضا- إذا استطعت حتى أنام إلى جوار أفرديتي المضىية". حسبنا هذا عن هفستس.

أما إريس (المريخ) فلم يكن يمتاز بالذكاء أوالدهاء ؛ وكانت صناعته الحرب ، وحتى سحر أفرديتي ومفاتنها لم تكن تثير فيه النشوة التي يثيرها التقبيل الذي كان شهوة وغريزة فيه. ويسميه هومر "نقمة صبت على البشر" ، ويصف لنا وهومغتبط كيف من الممكن أن ألقته أثينا على الأرض بضربة حجر ، ويقول إنه "وهونائم قد غطى سبعة أفدنة". هذا أريس أما هرمس (ميركري أوعطارد) فأكثر منه طرافة. فقد كان في بادئ أمره حجراً ، وعبادته مستمدة من عبادة الحجارة المقدسة ؛ ولا تزال المراحل التي مر بها ظاهرة واضحة ، فقد صار في الفترة الثانية الحجر الطويل الذي يوضع فوق المقابر ، أوالروح )الديمون( الكامنة في هذا الحجر ؛ ثم صار بعدئذ حجر الحدود أوإلهها ، يحدد الحقول ويحرسها ، وإذا كان عمله فيها فضلاً عن تجديدها وحراستها هوتوفير الخصب لها ، فقد صار قضيب الرجل رمزاً من رموزه. ثم أصبح فيما بعد العمود- ذا الرأس المنحوت ، والجسم غير المنحوت ، وعضوالتذكير البارز- الذي كان يوضع أما بيت جميع أسرة ذات شأن في أثينا.

وسنرى كيف من الممكن أن كان بتر هذه الأعمدة عشية الحملة على سرقوسة السبب المباشر لهلاك ألقبيادس وخراب أثينا. وهوإلى هذا كله إله المسافرين ، وحامي المنادين ، وعصيهم من أحب شعائره إليه. وقد أصبح بوصفه إله المسافرين إله الحظ ، والتجارة ، والدهاء ، والكسب ، ومن ثم أصيح مخترع المكاييل والموازين ، وحارسها ، كما أصبح الملاك الراعي للحانثين والمختلسين واللصوص. وهونفسه بشير ونذير يحمل الرسائل والأوامر بين الآلهة الأولمبية أوبينها وبين البشر ، وهويسير على خفيف مجتمعين بسرعة الريح الغاضبة العاصفة ، وتكسبه هرولته ليناً ورشاقة ، وتهيئه لأن يتخذ الصورة التي يظهر بها في تمثال بكستليز. وهوبوصفه شاباً سريع العدوقوي الجسم ، راعي الرياضيين ونصيرهم ، ونجد صورته التي تظهر فيها رجولته كاملة مكاناً لها في جميع مكان للتدريب العضلي.

وإذ كان هوالمنذر والمبشر فقد كان إله الفصاحة ، وإذ كان الشارح السماوي فقد أصبح رأس عدد كبير من الشرّاح والمفسرين. وتصف إحدى الترانيم "الهومرية" كيف من الممكن أن أعطى أوتاراً على صدفة سلحفاة واخترع بذلك قيثارة. ثم يحين الوقت الذي يسترضي فيه أفرديتي فيستولدها ، كما يخبرنا القصاصون ، خنثى (هرمفرديتي Hermaphrodite) ناعم الجسم يرث منها مفاتنها ويشتق اسمه من اسميهما.

ومن الخصائص التي امتازت بها بلاد اليونان حتى كان لها فضلاً عن إلهه العفة والبكورة والأمومة ، إلهة للجمال والحب ، وما من شك في حتى أفرديتي كانت في مواطنها الأولى بالشرق الأدنى ، وفي قبرص موطنها نصف الشرقي ، كانت في هذه المواطن أول الأمر إلهة أمَّاً ؛ ولقد ظلت طوال عهدها ذات صلة وثيقة بالتوالد والإخصاب في الممالك النباتية والحيوانية والبشرية بأجمعها ، فلما حتى تقدمت الحضارة وازداد الأمن ولم تعد للناس حاجة بكثرة المواليد ، هجرت حاسة الجمال حرة طليقة تجد في النساء قيماً غير قيم التناسل الكثير ، ومن ثم لا تقتصر أفرديتي على حتى تكون المثل الأعلى للجمال بل تصبح إلهة اللذائذ الجنسية بجميع أنواعها. وعبدها اليونان في صور مختلفة: فهي في صورة أفرديتي أورينا- السماوية- ربة الحب العذري أوالمقدس ، وفي صورة أفرديتي بندموس Pandemos- الشعبية- إلهة الحب الدنس بكافة أنواعه ، وفي صورة أفرديتي كليبيجوس Kallipygos فينوس ذات الردفين الجميلين.

وقد أقامت المومسات في أثينا وكورنثة هياكل لها ، واتخذنها راعية لهن ونصيرة. وكانت بعض المدن في بلاد اليونان تحتفل بالأفرديسيا عيدها العظيم في أول شهر إبريل ، وفيه كانت تطلق حرية الاختلاط الجنسي لكل من شاء. وكانت هي إلهة الحب لأهل الجنوب ذوي الشهوات الجنسية والعواطف الثائرة ، وهي المنافسة القديمة لأرتميس إلهة الحب عند أهل الشمال الباردين الصيادين ، وقد جعلتها الأساطير- التي لا تكاد تقل سخريتها عن سخرية التاريخ- زوجة هفستوس المعقد ، ولكنها تروح عن نفسها بالاتصال بأريس ، وهرمس ، وبوسيدن ، وديونيسس وبكثيرين من الآدميين مثل أنكيسيز وأدنيس. وقد أهدى إليها باريس في مباراة بينها وبين هيرا التفاحة المضىية جائزة الجمال ، ولكن لعلها لم تكن جميلة بحق إلا بعد حتى أعاد بركستليز تصويرها ، وخلع عليها ذلك الجمال الذي جعل بلاد اليونان تغفر لها جميع خطاياها. ومن واجبنا حتى نضيف ألى كبار الآلهة الأولمبية من أبناء زيوس الشرعيين منهم وغير الشرعيين أخته هيرا إلهة البيت، وأخاه بوسيدن المشاكس.

وكان هذا الإله يماثل عند اليونان نبتون عند الرومان يرى وهوآمن على نفسه في مملكته المائية أنه ند زيوس وقرينه ؛ وحتى الأمم التي تعيش في داخل القارة بعيدة عن البحر كانت تعبده لأنه لم يكن الحاكم المسيطر على البحر فحسب ، بل كان المسيطر أيضاً على الأنهار والعيون ، وكان هوالذي يهدي المجاري العجيبة التي تسير تحت الأرض إلى طرقها ، والذي يحدث الزلازل بأمواج المد. وكان الملاحون اليونان يقيمون له الصلوات ويشيدون الهياكل على ألسنة الأرض الخطرة الممتدة في البحر ليتقوا بها غضبه. ويشيدون هناك آلهة أقل من هذه شأناً حتى على جبل أولمبس ، لأنه تجسيد المعاني المجردة لم يكن يقف عند حد. فمن هذه هستيا )وهي فستا عند الرومان(إلهة الموقد وناره المقدسة، ومنها إيريس Iris )قوس قزح( ورسول زيوس في بعض الأحيان ، ومنها هيبي Hebe إلهة الشباب ؛ وإيليثيا التي تعين النساء على الوضع ، ومنها ديكي Dike أوالعدالة ، ومنها [تيكي] Tyche الفرصة ؛ وإيروس Eros الحب الذي جعله هزيود خالق العالم والذي سمته سافو"مذيب الأضلاع ، الحلو- المر الوحش الضاري العنيد". وكان هيمنيوس Hymeneus ، نشيد الزواج ؛ وهبنوس Hypnos النوم ؛ وأنيروس Oneiros الأحلام ؛ وجيراس Geras الشيخوخة ؛ وليثي Lethe النسيان ؛ وثناتوس Thanatos الموت وغيرها مما يخطئه الحصر.

وكانت لهم تسع إلهات للفن تلهم الفنانين والشعرا ء: كليوClio للتاريخ ، ويوتربي Euterpe للشعر الغنائي الذي يسقط على المزمار ؛ وثاليا Thalia للمسرحيات الهزلية وشعر الرعاة ، وملبوميني Melpomene للمآسي ؛ وتربنسكوري Terpsichore للرقص المصحوب بالغناء وللغناء نفسه، وإراتوErato للشعر الغزلي والهزلي ؛ وبولمنيا Polymnia للترانيم ؛ وأورانيا Urania للفلك ، وكليوبي Colliope للملاحم الشعرية.

وكانت لهم ثلاث إلهات للرحمة لها اثنا عشر تابعاً هي الساعات. وكان من هذه الآلهة الصغار نمسيس الذي يوزع الخير والشر على الناس ، ويرسل الدمار إلى جميع من يرتكب جريمة الهبريس Hybris- الزهوفي أيام الرخاء. وكان منها الإرينيات Erinnyes إلهات الغضب الرهيبة التي لا تهجر ظلماً إلا انتقمت له. وكان اليونان يطلقون عليها اسم اليومنيدات Eumenides أي مريدات الخير تجملاً منهم لها ودرءاً لشرها. وآخر ما نذكر من آلهتهم المويراي Moirai أي ربات الأقدار والحظوظ اللاتي كن ينظمن شؤون الحياة تنظيماً لا مرد لحكمهن فيه، ويتصرفن على حد قول البعض في حظوظ الآلهة والآدميين على السواء. وعند هذا الحد من التفكير يقف الدين اليوناني ثم ينتقل بعده إلى الفهم الطبيعي وإلى القانون. ولقد أبقينا إلى آخر هذا السجل أكثر الآلهة اليونانية إثارة للتعب ، وأحبها إلى الشعب ، وهوإله يصعب علينا جميع الصعوبة حتى نحدد مكانه بين هاته الآلهة. ذلك هوديونيسس الذي لم يقبل بين آلهة أولمبس إلا في أخريات أيامه. ذلك أنه كان في أول الأمر من آلهة تراقية ، قبل حتى تهبه تلك البلاد اليونان. وكان في موطنه الأصلي إله الشراب المعصور من الشعير ، وكان اسمه سبزيوس Sabazius ، فلما اتى بلاد اليونان أصبح إله الخمر ، ومغذي الكروم وحارسها. وكان في بادئ الأمر إلهاً للخصب ، ثم أصبح إله السُّكْر ، وانتهى أمره بأن صار ابن الله الذي توفي لينجي البشر. واختلطت عدة صور وأقاصيص بعضها ببعض لتكون منها أسطورته ، فكان اليونان يتخيلونه في صورة زجريوس Zagreus أي "الطفل المقرن" ، الذي ولد لزيوس من أخته برسفوني. وكان أحب أبناء زيوس إليه ، ويجلس إلى جواره على عرشهِ في السماء. ولما حسدته هيرا على منزلتهِ وأغرت الجبابرة بقتلهِ ، بدله زيوس بماعز ثم بثور ليخفيه عن الأنظار. ولكن الجبابرة قبضوا عليه وهوفي هذه الصورة الثانية ، وبتروا جسمه إرباً، سلقوها في قدر. وعملت به أثينا عمل ترلوني Traliwnay ، فأنقذت قلبه وحملته إلى زيوس ؛ وأعطاه زيوس ألى سميلي Smele فحملت به وولدت الإله مرة أخرى وسمي بعد مولده ديونيسس. وكان الحزن على موت ديونيسس والاحتفال والسرور ببعثهِ أساس طقوس دينية واسعة الانتشار بين اليونان. فقد كانت النساء اليونانيات يصعدن التلال في فصل الربيع حين تزهر الكروم ليقابلن الإله حين يولد من جديد. وكن يقضين يومين كاملين يحتسين فيهما الخمر بلا حساب وكن يرين كما يرى السكيرون غير المتدينين في هذه الأيام حتى قليلة العقل من لا تفقد عقلها من الشراب ، وكن يسرن في موكب عجاج تقودهن ميندات Maends أونساء ذاهلات العقل مشغوفات بديونيسس ؛ وكن يرهفن آذانهن لسماع قصته التي يعهدنها حق الفهم ، وما لقيه إلههن من عذاب وموت وبعث ؛ وكن في أثناء احتسائهن الخمر ورقصهن يهتجن اهتياجاً يتحللن فيه من جميع القيود.

وكان محور هذا الاحتفال وأهم ما فيه حتى يمسك النساء بماعز أوثور أورجل في بعض الأحيان )يرين حتى الإله قد تقمصه( ويمزقنه إرباً وهوعلى قيد الحياة ، إحياء لذكرى تمزيق ديونيسس ؛ ثم يشربن دمه ، ويأكلن لحمه يتخذنه عشاءً ربانياً مقدساً ، معتقدات حتى الإله سيدخل بهذه الطريقة إلى أجسامهن ويستحوذ على أرواحهن. وكن في هذه الحماسة القدسية يؤمن بأنهن سيصبحن هن والإله شيئاً واحداً ، وأنهن سيظفرن بالامتزاج معه امتزاجاً صوفياً. ولهذا كن يتسمن باسمه فيطلقن على أنفسهن اسم البكوي Bacchoi ويعتقدن أنهن لن يمتن بعدئذ أبداً ، أوكن يسمين الحالة التي هن فيها الإكستسيز ecstases )النشوة( أي خروجهن من أرواحهن ليلاقين ديونيسس ويتحدثن معه. وبهذا كن يشعرن بأنهن قد تحررن من أجسامهن ؛ وحصلن على قوة اختراق حجب الغيب فأصبحن قادرات على التنبؤ ، وصرن في واقع الأمر إلهات. تلك هي الطقوس الانفعالية التي انتقلت من تراقية إلى بلاد اليونان كأنها وباء ديني شبيه بأوبئة العصور الوسطى ، ينتزع إقليماً في أثر إقليم من آلهة أولمبس الباردة الواضحة معبودات الدولة الرسمية ليُحِل محلها ديناً وطقوساً تشبع الاهتياج والتحرر من القيود ، والحنين إلى التحمس والاستحواذ والتصوف والغموض.

وقد حاولت دلفي حتى تبعد عنها هذه الطقوس الدينية ، وحاول ذلك حكام أثينا أيضاً ، ولكن دلفي عجزت عن إبعادها عجز حكام أثينا. وكل ما كان في مقدورها ومقدورهم هوإدخال ديونيسس في زمرة أرباب أولمبس ، وصبغه بالصبغة اليونانية والإنسانية ، والاحتفال بعيده احتفالاً رسمياً ، وتبديل مرح عباده من نشوة الخمر الجنونية بين التلال إلى المواكب الفخمة والأغاني القوية والمسرحية ذات الروعة والجلال التي تمثل في عيد يونيزيا العظيم. وقد ضموا ديونيسس وقتاً ما إلى أبلو، ولكن أبلواستسلم آخر الأمر لوارث ديونيسس وغالبه ألا وهوالمسيح.


Primordial deities

Ancient Greek name English name Description
Αἰθήρ (Aithḗr) Aether The god of the upper atmosphere and light.
Ἀνάγκη (Anánkē) Ananke The goddess of inevitability, compulsion, and necessity.
Χάος (Cháos) Chaos The nothingness from which all else sprang. Described as a void.
Χρόνος (Chrónos) Chronos (Chronus) The god of time. Not to be confused with the Titan Cronus (Kronos), the father of Zeus, Poseidon and Hades.
Ἔρεβος (Érebos) Erebus The god of darkness and shadow.
Ἔρως (Eros) Eros The god of love and attraction.
Ὕπνος (Hypnos) Hypnos The personification of sleep.
Nῆσοι (Nē̂soi) The Nesoi The goddesses of the islands and sea.
Οὐρανός (Ouranós) Uranus The god of the heavens (Father Sky); father of the Titans.
Γαῖα (Gaîa) Gaia (Gaea) Personification of the Earth (Mother Earth); mother of the Titans.
Οὔρεα (Oúrea) The Ourea The gods of mountains.
Φάνης (Phánēs) Phanes The god of procreation in the Orphic tradition.
Πόντος (Póntus) Pontus The god of the sea, father of the fish and other sea creatures.
Τάρταρος (Tártaros) Tartarus The god of the deepest, darkest part of the underworld, the Tartarean pit (which is also referred to as Tartarus itself).
Θάλασσα (Thálassa) Thalassa Personification of the sea and consort of Pontus.
Θάνατος ("Thánatos") Thanatos God of Death. Brother to Hypnos (Sleep) and in some cases Moros (Doom)
Ἡμέρα (Hēméra) Hemera The goddess of day.
Νύξ (Nýx) Nyx The goddess of night.
Νέμεσις (Némesis) Nemesis The goddess of retribution.

Titans

The Titans are depicted in Greek art less commonly than the Olympians.

Greek name English name Description
The Twelve Titans
Κοῖος (Koîos) Coeus Titan of intellect and the axis of heaven around which the constellations revolved.
Κρεῖος (Kreîos) Crius The least individualized of the Twelve Titans, he is the father of Astraeus, Pallas, and Perses.
Κρόνος (Crónos) Cronus The leader of the Titans, who overthrew his father Uranus only to be overthrown in turn by his son, Zeus. Not to be confused with Chronos, the god of time.
Ὑπερίων (Hyperíōn) Hyperion Titan of light. With Theia, he is the father of Helios (the sun), Selene (the moon), and Eos (the dawn).
Ἰαπετός (Iapetós) Iapetus Titan of mortality and father of Prometheus, Epimetheus, Menoetius, and Atlas.
Mνημοσύνη (Mnēmosýnē) Mnemosyne Titaness of memory and remembrance, and mother of the Nine Muses.
Ὠκεανός (Ōceanós) Oceanus Titan of the all-encircling river Oceans around the earth, the fount of all the Earth's fresh-water.
Φοίβη (Phoíbē) Phoebe Titaness of the "bright" intellect and prophecy, and consort of Koios.
Ῥέα (Rhéa) Rhea Titaness of fertility, motherhood and the mountain wilds. She is the sister and consort of Cronus, and mother of Zeus, Hades, Poseidon, Hera, Demeter, and Hestia.
Τηθύς (Tēthýs) Tethys Titaness of fresh-water, and the mother of the rivers, springs, streams, fountains, and clouds.
Θεία (Theía) Theia Titaness of sight and the shining light of the clear blue sky. She is the consort of Hyperion, and mother of Helios, Selene, and Eos.
Θέμις (Thémis) Themis Titaness of divine law and order.
Other Titans
Ἀστερία (Astería) Asteria Titaness of nocturnal oracles and falling stars.
Ἀστραῖος (Astraîos) Astraeus Titan of dusk, stars, and planets, and the art of astrology.
Ἄτλας (Átlas) Atlas Titan forced to carry the heavens upon his shoulders by Zeus. Also Son of Iapetus.
Αὔρα (Aúra) Aura Titaness of the breeze and the fresh, cool air of early morning.
Κλυμένη (Clyménē) Clymene Titaness of renown, fame, and infamy, and wife of Iapetus.
Διώνη (Diṓnē) Dione Titaness of the oracle of Dodona.
Ἥλιος (Hḗlios) Helios Titan of the sun and guardian of oaths.
Σελήνη (Selḗnē) Selene Titaness of the moon.
Ἠώς (Ēṓs) Eos Titaness of the dawn.
Ἐπιμηθεύς (Epimētheús) Epimetheus Titan of afterthought and the father of excuses.
Εὐρυβία (Eurybía) Eurybia Titaness of the mastery of the seas and consort of Krios.
Εὐρυνόμη (Eurynómē) Eurynome Titaness of water-meadows and pasturelands, and mother of the three Charites by Zeus.
Λήλαντος (Lēlantos) Lelantos Titan of air and the hunter's skill of stalking prey. He is the male counterpart of Leto.
Λητώ (Lētṓ) Leto Titaness of motherhood and mother of the twin Olympians, Artemis and Apollo.
Μενοίτιος (Menoítios) Menoetius Titan of violent anger, rash action, and human mortality. Killed by Zeus.
Μῆτις (Mē̂tis) Metis Titaness of good counsel, advice, planning, cunning, craftiness, and wisdom. Mother of Athena.
Ὀφίων (Ophíōn) Ophion An elder Titan, in some versions of the myth he ruled the Earth with his consort Eurynome before Cronus overthrew him. Another account describes him as a snake, born from the "World Egg"
Πάλλας (Pállas) Pallas Titan of warcraft. He was killed by Athena during the Titanomachy.
Πέρσης (Pérsēs) Perses Titan of destruction.
Προμηθεύς (Promētheús) Prometheus Titan of forethought and crafty counsel, and creator of mankind.
Στύξ (Stýx) Styx Titaness of the Underworld river Styx and personification of hatred.

Gigantes and other "giants"

Gigantes

Athena (left) fighting Enceladus (inscribed retrograde) on an Attic red-figure dish, c. 550–500 BC (Louvre CA3662).

أسرار خافية

لقد كان في دين اليونان ثلاثة عناصر وثلاث مراحل رئيسية: عنصر أرضي وفترة أرضية، وعنصر أولمبي وفترة أولمبية، وعنصر صوفي وفترة صوفية. وأكب الظن حتى أول العناصر وأولى المراحل من أصل بلاسجي- ميسيني ، وأن ثانيهما وثانيتهما من أصل أخي- دوري ، وثالثهما وثالثتهما من أصل مصري- أسيوي. وكانوا يعبدون في الفترة الأولى آلهة تحت الأرض وفي الثانية آلهة سماوية وفي الثالثة آلهة بعثت بعد الموت. وكانت العبادة الأولى أكثر انتشاراً بين الفقراء ، والثانية بين الأغنياء ، والثالثة بين الطبقة المتوسطة- الدنيا.

وسادت العبادة الأولى قبل العصر الهومري والثانية في أثنائه والثالثة بعده. ولم يكد يحل عصر الاستنارة في أيام بركليز حتى كان التخفي أقوى العناصر في الدين اليوناني. والتخفي عند اليونان احتفال سري يُكشف فيه عن رموز مقدسة ، وتُقام فيه طقوس رمزية ، لا يتعبد بها إلا المطلهون على أسرارها. وكانت هذه الطقوس في العادة تمثل تعذب إله من الآلهة وموته وبعثه ، أوتحيي ذكرى هذا العذاب والبعث والموت بطريقةشبه مسرحية ، وتسير إلى موضوعات زراعية قديمة وإلى ضروب من السحر ، وتعِدُ أولئك المطلعين حياة أبدية خالدة.

وكانت أماكن كثيرة في بلاد اليونان تمارس هذه الطقوس الخفية ، ولكن ما من مكان كان يضارع إلوسيس من هذه الناحية. وكان ما فيها من الطقوس موروثاً من عهد ما قبل الآخيين ، ويبدوأنها كانت في الأصل احتفالاً في الخريف بالحرث والغرس. فقد كانت ثمة أسطورة تقول إذا دمتر أرادت حتى تكافئ أهل أتكا لعطفهم عليها في تجوالها فأقامت في إلوسيس أعظم هيكل من هياكلها ، ثم هُدم هذا الهيكل وأعيد بناءوه مراراً كثيرة خلال تاريخ اليونان. ودخيل عيد دمتر في أيام أثينا صولون وبيسستراتس وبركليز ، وازداد فيها عظمة وفخامة ، وكان طلاب الأسرار الصغرى التي تقام في فصل الربيع بالقرب من أثينة يتطهرون أولاً بأن يغمروا أنفسهم في ماء إليسس Illisus ، فقد كان الطلاب وغيرهم من الناس تحجون سيراً على الأقدام في وقار وجزل مدى أربعة عشر ميلاً في الطريق المقدس إلى إلوسيس يحملون فوق رؤوسهم صورة الإله الأرضي ياكوس Iacchus حتى إذا ما وصل الموكب إلى إلوسيس في ضوء المشاعل ووضع صورة الإله في الهيكل وسط مراسم التعظيم والإجلال ، قضوا ما بقي من اليوم في الرقص والغناء المقدسين.

تلك هي الأسرار الصغرى ، أما الأسرار الكبرى فكانت تدوم أربعة أيام أخرى ، وتبدأ بإدخال من تطهروا في الأسرار الصغرى بالاستحمام والصوم ، أما الذين مارسوا هذه الطقوس في مثل ذلك الموعد من العام الماضي فكانوا يؤخذون إلى بهوالاندماج في الجماعة السرية ، حيثقد يكون الاحتفال السري. وهناك يفطر المبتدئون الصائمون بأن يتناولوا عشاء ربانياً مقدساً إحياء لذكرى دمتر ، ويشربوا مزيجاً مقدساً من [دقيق] الحنطة والماء ، ويأكلوا كعكاً مقدساً. ولسنا نفهم أي طقوس خفية كانت تحدث في ذلك المكان ، فذلك شر ظل خافياً خلال التاريخ القديم كله ، وكان محرماً على أي إنسان حتى يبوح به وإلا تعرض للقتل.

ولقد نجا إسكلس التقى نفسه من حكم الإعدام بأعجوبة لأنه خط بضعة أسطر ظُن أنها قد تكشف السر. وكل ما نستطيع حتى نقوله حتى الاحتفال كان تعبير عن مسرحية رمزية لها أثر في إحياء مسرحية ديونيسس ، وأكبر الظن حتى موضوعها كان اختطاف بلوتولبرسفوني ، وتجوال دمتر الحزينة وعودة الفتاة العذراء إلى الأرض ، والكشف لأتكا عن أسرار الزراعة. وكانت خلاصة الاحتفال هي زواج خفي بين كاهن يمثل زيوس وكاهنة تمثل دمتر ، وكان هذا الزواج الرمزي يثمر ثمرته بسرعة سحرية عجيبة ، فقد كان يعقبه بعد قليل- على ما ينقله لنا المؤرخون- إعلان صريح بأن "سيدتنا قد وضعت غلاماً مقدساً" ؛ ثم تُعرض على الناس سنبلة من الحب ترمز إلى الثمرة التي تمخضت عنها دمتر- نتاج الحقول ، ثم يُخذ العابدون في ضوء المشاعل الشاحب إلى كهوف مظلمة تحت الأرض تمثل الجحيم ، يُحملون بعدها إلى حجرة عليا تتلألأ فيها الأنوار وتمثل ، على ما يظهر ، مسكن الصالحين ؛ وفيها تعرض عليهم وسط مظاهر التعظيم والتكريم الآثار أوالصور والتماثيل المقدسة التي ظلت إلى تلك الساعة مخفية عنهم ، ويؤكد العارفون حتى هؤلاء المبتدئين كانوا وهم في نشوة هذا الإلهام المقدس يحسون بوحدتهم هم والإله ووحدة الإله والروح ، وأنهم قد انتشلوا من أوهام الفردية ، وأدركوا طمأنينة الاندماج في الألوهية.

وفي عصر بيسستراتس دخلت أسرار ديونيسس في الطقوس الإلوسينية عن طريق عدوى دينية إذا صح هذا التعبير ، وذلك حتى الإله ياكوس قد وحد هووديونيسس ، وقيل أنه هوابن برسفوني ، وطغت خرافة ديونيسس زجريوس على أسطورة دمتر. ولكن الفكرة الرئيسية في هذه الطقوس نفسها ، وجوهر هذه الفكرة هوحتى الموتى يمكن حتى تتجدد حياتهم كما حتى البذرة تولد مرة ثانية ، ولم يكن يقصد بحياتهم هذه حياة الأشباح النكدة في الجحيم ، بل يقصد بها حياة ملؤها السعادة والطمأنينة. ولما زال جميع ما عدا هذه الفكرة من الدين اليوناني ، ظل هذا الأمل يعمر القلوب وامتزج في الإسكندرية بعقيدة الخلود المصرية التي هي أصل العقيدة اليونانية ، فكان هوالسلاح الذي غزت به المسيحية العالم الغربي.

واتىت إلى بلاد اليونان في القرن السابع طقوس دينية صوفية أخرى من مصر وتراقية ، وتساليا ، وكانت هذه الطقوس أجلُ خطراً في تاريخ اليونان من طقوس إلوسيس الخفية نفسها. ونجد في بداية هذه الطقوس في عصر ركاب السفينة أرجوس شخصاً غامضاً ولكنه مع ذلك جذاب فتان ، ذلك هوأرفيوس التراقي الذي يصفه ديودور بأنه لم يكن يدانيه أحد ممن نعهد أسمائهم من الرجال في الثقافة والموسيقى والشعر ، ونرجح كثيراً حتى أرفسوس هذا كان شخصاً حقيقياً ، وإن كان جميع ما نعهده عنه يمت بسبب إلى الأساطير. فهم يصورونه لنا بصورة الرجل الظريف ، الشفيق ، المفكر ، العطوف ، وهوتارة موسيقي ، وتارة كاهن زاهد من كهنة ديونيسس. وكان بارعاً في العزف على القيثارة وفي الغناء عليها براعة افتتن بها سامعوه حتى كادوا حتى يتخذوه إلهاً يعبدونه.

وكانت الوحوش إذا سمعت صوته خرجت عن طبيعتها واستأنست ، بل إذا الأشجار والصخور كانت تغادر مواضعها لتستمع إلى نغمات قيثارته. وتزوج أرفيوس من يريديس الحسناء ، وكاد يُجن حين قضت نحبها. فما كان منه إلا حتى قفز إلى الجحيم وسحر برسفوني بقيثارته ، وسُمح له حتى يُعيد يريديس إلى الحياة على شريطة حتى لا ينظر إليها حتى يصلا إلى سطح الأرض. لكنه لم يطق صبراً على هذا وخشي ألا تكون من ورائهِ ، فنظر إلى الوراء عند آخر حاجز بينه وبين سطح الأرض ، فرآها تُختطف مرة أخرى ويُقذف بها إلى العالم السفلي. وحقدت عليه نساء تراقية لأنه أبى حتى يسلي نفسه معهن فمزقنه إرباً في نشوة من نشواتهن الديونيسية. وكفر زيوس عن ذنبهن بأن جعل قيثارة أرفيوس كوكبة من نجوم السماء. ودفن رأسه وهولا يزال يغني في لسبوس في شق صار فيما بعد مهبط وحي.

ويقولون إذا البلابل في هذا المكان كانت أرق وأحلى صوتاً منها في أي مكان آخر. وقيل في العصور المتأخرة إنه خلف وراءه كثيراً من الأغاني الدينية ؛ وليس ببعيد حتىقد يكون هذا سليماً ، وتقول الرواية اليونانية المتواترة إذا عالماً يُدعى أونومكريتوس Onomacritus نشر هذه الأغاني في عام 520 ، كما نُشرت القصائد الهومرية قبل ذلك بجيل من الزمان ؛ وفي القرن السادس أوقبله كانت هذه الأغاني قد أصبحت ذات طابع مقدس ، وقيل إنها قد أوحيت إلى صاحبها كما أضحت أساساً لطقوس دينية صوفية ذات صلة بطقوس ديونيسس ، ولكنها تعلوعليها كثيراً فيما تنطوي عليه من عقائد دينية وفي طقوسها وأثرها الخلقي. فأما العقائد الدينية فقد كانت في جوهرها توكيداً لعذاب ديونيسس زجريوس الابن المقدس وموته وبعثه ، كما كانت تؤكد أيضاً حتى الناس جميعاً يفترض أن يُبعثون في حياة مستقبلة يُثابون فيها على أعمالهم أويعاقبون عليها.

وإذا كان الاعتقاد السائد حتى الجبابرة الذين قتلوا ديونيسس هم الذين تناسل منهم الآدميون ، فقد كانت البشرية كلها ملوثة بشيء من الخطيئة الأولى ، وكان عقابها على هذه الخطيئة حتى الروح تُسجن في الجسم كأنها في سجن أوقبر ، ولكن في وسع بني الإنسان حتى يعزوا أنفسهم بأن يعهدوا حتى الجيابرة قد أكلوا ديونيسس ، وأن جميع إنسان ينطوي لهذا السبب في روحه على جزء من الألوهية الخالدة ، وكان عباد أرفيوس يتناولون في عشاء رباني جماعي لحم ثور نيئاً ، يمثل في اعتقادهم ديونيسس ، إحياء لذكرى اغتال الإله وأكل لحمه وامتصاصاً للجوهر المقدس من جديد.

ويقول فهم اللاهوت الأرفي إذا الروح تمضى بعد الموت إلى الجحيم حيث يحاسبها آلهة العالم السفلي على أعمالها ، وكانت الترانيم والطقوس الأرفية ترشد المؤمنين إلى ما يجب حتى يتبعوه من هذا الحساب النهائي الكامل ، شأنها في هذا شأن كتاب الموتى عند قدماء المصريين. فإذا حُكم على الميت بأنه مذنب عوقب عقاباً شديداً. فمن قول إذا هذا العقاب أبدي وهوالذي أخذت منه فكرة النار فيما بعد ؛ وهناك فكرة أخرى تقول بالتناسخ أي حتى الروح تولد مرة بعد مرة لتحيا حياة أسعد من حياتها الأولى أوأشقى منها حسب طهارتها الأولى أوعدم طهارتها ، ويتكرر هذا المولد مرة بعد مرة حتى تتطهر الروح من ذنوبها تطهراً تاماً فيُسمح لها بالدخول في جزائر المنعمين.

وهناك قول ثالث يبعث الأمل في قلوب الموتى وخلاصته حتى العقاب الذي يلقاه الميت في الجحيم قد ينتهي إذا كفّر الإنسان عن ذنبه قبل موته أوكفّر عنه أصدقاؤه بعد موتهِ ، وبهذه الطريقة نشأت عقيد التطهير وصكوك الغفران ؛ ويصف أفلاطون وهومغضب غضباً لا يكاد يقل عن غضب لوثر Luther بيع هذه الصكوك في أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد فيقول: "يقرع المتنبئون المتسولون أبواب الأغنياء ويدخلون في روعهم أنهم قد وهبوا القدرة على حتى يكفّروا لهم خطاياهم أوخطايا آبائهم بضروب من التضحية والرُّقَي... ثم يُخرجون من حقائبهم مجموعة ضخمة من الخط بخط موسيوس Musaeus أوأرفيوس... يمارسون منها طقوسهم ، ويقنعون الأفراد ومدناً بأكملها حتى التوبة من الذنوب والتكفير عنها يتمان بتقريب القرابين والقيام بضروب التسلية التي يشغلون بها ساعات الفراغ والتي يتقدمون بها إلى الأحياء وإلى الموتى على السواء ، وهم يسمون العمل الأخير طقوساً خفية ، ويدعون إنها تُنجينا من عذاب النار ، فإذا أغفلناها فلا يفهم أحد ماذا يصيبنا من عذاب".

على حتى الأرفية كان فيها بالرغم من هذا اتجاهات مثالية هي التي أدت إلى الفلسفة الأخلاقية والرهبنة في المسيحية. ذلك حتى ما كان يُعزى إلى آلهة أولمبس من انحلال خلقي واستهتار قد حل محله قانون صارم للسلوك ؛ وثُلَ عرش زيوس الجبار شيئاً فشيئاً وحلت محله شخصية أرفيوس الظريفة بنفس الكيفية التي ثُلَ بها عرش يهوه ليحل محله المسيح فيما بعد. ودخلت في التفكير اليوناني فكرة الخطيئة والضمير والنظرة الثنائية إلى الجسم والروح ، التي تقول إذا الجسم خبيث وإن الروح مقدس ، وصار إخضاع الجسم أبرز أغراض الدين كما صار شرطاً لخلاص الروح. ولم يكن لطائفة الإخوان الأرفيين نظام ديني أوحياة خاصة بمعزل عن حياة الناس ، وكل ما كان يميزهم عن غيرهم ثيابهم البيضاء وامتناعهم عن أكل اللحم ، وتقشفهم إلى درجة لم تكن مما يتفق عادة مع الحياة اليونانية ، وملاك القول أنهم كانوا يمثلون في اليونان إصلاحاً كإصلاح المتطهرين من عدة وجوه. وكان لهذه الطائفة أثر بعيد طويل ؛ ولعل الفيثاغوريين قد أخذوا منها طعامهم ولباسهم ونظريتهم في تقمص الأرواح. ومما هوجدير بالذكر حتى أقدم ما لدينا من الوثائق الأرفية قد وجدت في جنوبي إيطاليا. وكان أفلاطون يعتقد بنظريتها في تعارض الجسم والروح ، وبنزعتها التزمتية ، وبأملها في الخلود ، وفي وسعنا حتى نرجع بعض ما في الرواقية من زهد ومن وحدة الله والكون إلى أصل أرفي ، وقد كان في حوزة رجال الأفلاطونية الجديدة بالإسكندرية مجموعة كبيرة من الكتابات الأرفية اتخذوها أساساً للاهوتهم وطقوسهم وتصوفهم. كذلك أثرت فكرة النار والمطهر والجنة ، وتعارض الجسم والروح ، والابن المقدس الذي اغتال ثم ولد من حديث ، والعشاء الرباني وهوأكل جسم الإله ودمه وقدسيته ، أثرت هذه كلها من قرب أومن بعد في المسيحية التي كانت هي نفسها ديناً ذا طقوس ومراسم خفية ، فيها الكفّارة والأمل والوحدة التصوفية وتحرر الروح ، ولا تزال الأفكار والعبادات التي تشتمل عليها الديانة الأرفية منتشرة بيننا في هذه الأيام.

العبادات

لم تكن الطقوس الدينية اليونانية أقل تنوعاً واختلافاً من الآلهة التي كانت تحتفل بها وتعظمها: فقد كان للآلهة الأرضية تقوس حزينة يُسَكَّن بها غضبها ويُتَّقى شرها ، وكان للآلهة الأولمبية طقوس سارة كلها ترحيب بها وثناء عليها. ولم تكن هذه أوتلك بحاجة إلى كهنة يقومون بها. فقد كان الأب يقوم مكان الكاهن في الأسرة ، وكان الحاكم الأكبر يقوم مقامه في الدولة. بيد حتى الحياة في بلاد اليونان لم تكن حياة دنيوية كما يصفها المؤرخون ، بل كان للدين فيها شأن كبير في جميع مكان ، وكانت جميع حكومة ترعى الطقوس الدينية الرسمية وترى أنها لا بد منها للنظام الاجتماعي والاستقرار السياسي.

على أنه بينما كان الكهنة في مصر وبلاد الشرق الأدنى يسيطرون على الدولة ، كانت الدولة في بلاد اليونان هي التي تسيطر على الكهنة ، وكان لها الزعامة في الشؤون الدينية ، ولم يكن الكهنة سوى موظفين صغار في الهياكل. كذلك كانت أملاك الكهنة ، عقاراً كانت أونقوداً أوعبيداً ، يراجعها ويدير شؤونها موظفون من قبل الدولة. ولم تكن هناك معاهد لتخريج الكهنة بل كان في استطاعة أي إنسان حتى يختار أويعين كاهناً بلا جلبة أومشقة إذا كان يعهد المراسم الدينية التي تتطلبها الآلهة ، وكان هذا المنصب في كثير من الأحيان يتولاه من يؤدي له أكبر الأثمان. ولم تكن هناك طبقة كهان خاصة ، أوهيئه لهم جامعة ، ولم يكن بين كهنة أحد المعابد أوإحدى الدول وزملائهم في معبد آخر أودولة أخرى رابطة ما ؛ ولم يكن للدولة دين رسمي ، يستمسك به جميع أفرادها أوعقائد ثابتة مقررة ؛ ولم يكن قوام الدين هوالإقرار بعقائد معينة ؛ بل كان قوامه الاشتراك في الطقوس الرسمية ، وكان في وسع أي إنسان حتى يؤمن بما يشاء من العقائد على شريطة ألا يكفر بآلهة المدينة أويسبها ، وملاك القول حتى الدين والدولة كانا شيئاً واحداً في بلاد اليونان.

أما مكان العبادة فيمكن حتىقد يكون هوموقد الدار ، أوموقد البلدية القائم في قاعة المدينة العامة ، ويمكن حتىقد يكون شقاً في الأرض يسكنه إله أرضي أوهيكلاً لإله أولمبي. وكان حرم الهيكل مكاناً مقدساً ، لا يُعتدى عليه ، يجتمع فيه العابدون ، ويجد فيه اللاجئون مكاناً أميناً يحتمون فيه ولوكانوا ممن ارتكبوا أشنع الجرائم. ولم يكن الهيكل مكاناً لاجتماع المصلين بل كان بيت الإله ، ينُصب فيه تمثاله ، ويوُقد أمامه ضوء لا ينطفئ أبداً وكثيراً ما كان الناس يعتقدون حتى الإله هوالتمثال نفسه ولذلك كانوا يُعنون بغسله ، وكسوته ، وإحاطته بكثير من ضروب الرعاية ، وكانوا أحياناً يؤنبونه إذا أهمل أمرهم، وكانوا يَقصُّون على من يستمع إليهم كيف من الممكن أن تصبب التمثال عرقاً في بعض الأحايين أوكيف من الممكن أن بكى أوأغمض عينيه. وكان يُحفظ في سجلات الهيكل تاريخ أعياد الآله والحوادث الهامة في حياة المدينة أوالجماعة التي تعبد الإله صاحب الهيكل ، وكان هذا التاريخ أوالتواريخ اليونانية والمنبع الذي استمدت منه أولى أشكال الكتابات التاريخية.

وكان الاحتفال يتألف من موكب ، وأناشيد ، وقربان ؛ وأدعية ، يُضاف إليها في بعض الأحيان وجبة مقدسة ؛ وقد يضم الموكب سحراً ، ومقنعات ، وجماهير من الممثلين يعملون مجتمعين ، ومسرحية تمثيلية. وكان أبرز أجزاء الطقوس في معظم الأحيان تحددها العادات المألوفة ؛ وكانت جميع حركة فيها ، وكل حدثة في الترانيم أوالصلوات ، مدونة في كتاب محفوظ عند الأسرة أوالدولة مقدس لديها ، لا يكاد يتغير فيه لفظ ، أوجزء من لفظ ، أونغمة من النغمات خشية ألا يحب الإله هذه البدعة أوألا يفهمها. فقد تتغير اللهجات الحية ولكن لغة الطقوس تظل على حالها ، وقد لا يستطيع المتعبدون على مر الزمان حتى يفهموا الألفاظ التي ينطقون بها ولكن النشوة التي يبعثها فيهم قدم العهد كانت تُغنيهم عن الفهم. وكثيراً ما كان الاحتفال يبقى بعد حتى ينمحي من ذاكرة المحتفلين جميع شيء عنه ، ولا يبقى فيها حتى سبب هذا الاحتفال أوالباعث عليه. فإذا وقع هذا اخترعت أساطير جديدة تفسر قيامه فتتغير الأسطورة أوالعقيدة وتبقى المراسم والطقوس ، وكانت الموسيقى عنصراً أساسياً لا غنى عنه في الاحتفال كله لأن الدين يشق على النفس من غير الموسيقى ، والموسيقى تنتج الدين كما ينتج الدين الموسيقى.

ومن الهيكل وأناشيد الاحتفالات ؛ نشأ الشعر ، ونشأت القصائد التي ازدانت بها في الأيام الأخيرة عقائد أركلوكس القوية البذيئة ، وعواطف سافوالثائرة ، وأشعار أنكريون الرقيقة ا. وإذا ما وصل العابدون إلى المذبح- وكان موضعه عادة أمام الهيكل- عملوا على اتقاء غضب الله أوكسب معونته بالتضحيات والصلوات. وكان في وسعهم أفراداً حتى يقربوا إليه جميع ما له قيمة لا يكاد يستثنى من ذلك شيء قط: تماثيل ، أونقوشاً ، أوأثاثاً ، أوأسلحة ، أوآنية ، أومناضد ، أوثياباً ، أوفخاراً ؛ فإذا لم يستطع الإله حتى يستخدم هذه القرابين استخدمها الكهنة.

أما الجيوش فقد كان في وسعها حتى تهب الإله جزءاً من غنائمها ، كما عمل جنود أكسنوفون العشرة الآلاف في أثناء ارتدادهم. وكان في مقدور الجماعات حتى تهبه ثمار الحقول أوالكروم أوالأشجار ؛ أوحيواناً يشتهي الإله طعمه وهوالكثير الحدوث ؛ وعند مسيس الحاجة كان يضحى بالآدميين أنفسهم ، فقد ضحى أجمنون مثلاً بإفجينيا كي تهب الريح ؛ وذبح أخيل اثني عشر من شباب طروادة على كومة حريق بهجرلوس. وكان الضحايا الآدمية يُقذف بهم من فوق صخور قبرص ولوكاس استرضاءً لأبلو، وآخرون يهدون إلى ديونيسس في طشيوز وتندوس ؛ وينطق حتى ثمستكليز ضحى ببعض أسرى الفرس يوم سلاميس ؛ وكان الإسبارطيون يحتفلون بعيد أرتميس أورثيا Artemis Orthia بجلد بعض الشبان عند مذبحها جلداً كان يدوم في بعض الأحيان حتى يُقضى على المجلودين.

وظل زيوس في أركاديا يتقبل الضحايا البشرية حتى القرن الثاني بعد الميلاد. وكان إذا انتشر الوباء في مساليا جيء بمواطن فقير وأطعم من بيت المال ، وألبس الثياب الكهنوتية ، وزُين بالأغصان المقدسة ، وألقي من فوق صخرة ومن حوله يدعون حتى يكفر بعقابه هذا عن سيئات مواطنيه. وكان من عادة أهل أثينا إذا داهمهم القحط ، أوالطاعون ، أوغيرهما من الأزمات حتى يقدموا للإله ، إما حقيقي وإما تمثيلاً، ضحية بشرية واحدة أوأكثر من واحدة تطهيراً للمدينة؛ وكان يحدث مثل هذا في جميع عام في عيد الثارجليا Thargelia. وقد خففت هذه التضحيات البشرية على مر الزمن بأن قُصر الضحايا على المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام ؛ وكانوا فوق هذا يخدرون بالخمور ، ثم اُستعيض عنهم آخر الأمر بالحيوانات.

ولما حتى رأى بلبيداس Belopidas القائد البؤوتي في الليلة السابقة لمعركة لوكترا 371 ق. م حلماً افترض على أثره أنه يُطلب إليهِ تضحية بشرية على المذبح تكون ثمناً للنصر ، نصحه بعض مشيريهِ حتى يلبي الطلب ، وعارضه البعض الآخر ونطقوا له: "إن هذا العمل الهمجي المجرد من جميع معاني التُقى والصلاح لا يمكن حتى ترضى بهِ الكائنات العليا أياً كانت ؛ وإن الجبابرة والمردة ليسوا هم حكام الأرض ، بل حاكمها هوأبوالآلهة والخلق عامة ، وإن من السخف حتى يتصور الإنسان أرباباً وقوى عليا يسرها التقتيل والتضحية بالآدميين".

وإذن فقد كانت التضحية بالحيوان خطوة كبرى في تطور الحضارة وكانت الحيوانات التي سبقت غيرها في هذا التطور في بلاد اليونان هي الثيران والضأن والخنازير ؛ فكانت الجيوش المتحاربة تقدم قبل المعركة من الضحايا ما يتناسب مع رغبتها في النصر ؛ وكان مكان انعقاد أية جمعية يُطهر قبل انعقادها بالتضحية بخنزير. غير حتى تقوى الناس لم تكن تقوى على طبيعتهم إذا حز بهم أمر خطير ، ولم يكن يصل من التضحية إلى الإله إلا عظامها وقليل من لحمها ملفوف بالدهن ، أم ما بقي منها فكان يُهجر للكهنة وللعابدين. وكان اليونان يبررون عملهم وهذا بقولهم إذا بروميثيوس Prometheus في عصر الجبابرة قد لف ما يصلح للأكل من جسم الضحية في جلدها ، ولف عظامها بالدهن وطلب إلى زيوس حتى يختار ما يفضله منها ، وإن زيوس اختار الدهن "بكلتا يديه". نعم إذا زيوس قد استشاط غضباً حين رأى أنه قد خُدع ؛ ولكنه كان قد أتم الاختيار وكان عليه حتى يرضى به ويصبر عليه إلى أبد الدهر. ولم تكن الضحية تُقدم كلها لحمها وشحمها إلا للآلهة الأرضية ، وكان الحيوان كله في هذه الحال يُحرق في محرقة عامة حتى يصير رماداً ؛ ذلك حتى آلهة الأرض السفلى كان يُخشى بأسها أكثر مما يُخشى بأس الآلهة الأولمبية.

ولم تكن وجبة عامة تعقب التضحية للإله الأرضي ، لأن هذا قد يغري الإله بالخروج والاشتراك في الوليمة. أما بعد التضحية للآلهة الأولمبية فقد كان العباد يأتون على الضحية كلها ، ولمقد يكونوا يعملون هذا خوفاً من الإله وتكفيراً عن ذنوبهم ، بل كانوا يعملونه لأن من دواعي سرورهم حتى يشهجروا في الطعام مع الإله، ويرجون حتى تكون الصيغ السحرية التي ينطقون بها وقت الطعام قد نفثت في الضحية حياة الإله وقوته ، وأن هاتين الحياة والقوة ستنتقلان بطريقة خفية إلى الآكلين معه. وكذلك كان الخمر يُصب فوق الضحية ، ويُصب بعدئذ في كؤوس العابدين ، فكأنهم بهذا كانوا يشربون مع الآلهة. وكانت فكرة الاشتراك المقدس في الوجبة الدينية هي الرابطة التي تربط هيئات الإخوان التي كان كثير من أصحاب الحرف والهيئات الاجتماعية يؤلفونها في أثينا.

ولقد ظلت التضحية بالحيوانات منتشرة في جميع أنحاء بلاد اليونان حتى قضت عليها المسيحية ، واستُبدلت بها عن حكمة التضحية الروحية والرمزية المعروفة بالقداس. وأصبحت الصلاة أيضاً إلى حد ما بديلاً من التضحية حتى في العصور الوثنية. وكان استبدال تسبيحات الحمد بالقرابين الدموية إصلاحاً يشهد بالحذق لفاعليه ، فبهذه الوسيلة الهينة الرحيمة كان في استطاعة الإنسان وهوالمحوط بالمصادفات والمآسي في جميع خطواته حتى يتآسى ويتقوى باستعانته بما في العالم من قوى خفية.

الخرافات

كان بين قطبي الدين اليوناني العلوي والسفلي ، الأولمبي والأرضي ، بحر يزخر بالسحر والخرافات ، والأباطيل ؛ وكان من وراء العباقرة الذين سنشيد بذكرهم فيما يلي من صحائف هذا الكتاب ، كما كان من ورائهم ، جمهرة الشعب من الفقراء والسذج الذين لم يكن الدين في نظرهم إلا شراكاً من الخوف لا سلماً للآمال ؛ ولم يكن اليوناني العادي يكتفي بتصديق القصص التي تروي المعجزات كصعود منسيوس من بين الموتى ليحارب في مرثون ، أوتحويل الماء إلى خمر على يد ديونيسس ، ذلك حتى أمثال هاتين القصتين تظهر عند جميع الشعوب ، وهي جزء من الشعر المباح الذي ينير به الخيال دياجير الحياة العادية. بل إذا في وسع الإنسان حتى يمضى إلى أبعد من هذا فيتغاضى عن حرص أثينا على حتى تأوي فيها عظام ثسيوس ، وحرص إسبارطة على حتى تسترد من تيجيا Tegeo عظام أرستيز Orestes ، فقد يحدث ما يعزوه الحكام لهذه الآثار من قدرة على عمل المعجزات جزءاً من فن الحكم وأساليبه.

أما الذي كان ينيخ بكلكله على اليوناني الصالح فهوالأرواح المحتشدة من حوله التي يُعتقد أنها متأهبة على الدوام لأن تعهد مخبآتها ، وأن تتدخل في شؤونه وتلحق به الأذى ، وأن في مقدورها حتى تعمل به هذا كله. وكانت هذه الشياطين لا تنفك تعمل لأن تتقمصه ، وكان عليه حتى يحذرها ويتقي أذاها على الدوام ، وأن يقيم الاحتفالات السحرية ليطردها بها. وأوشكت هذه الخرافات حتى تكون فهماً من العلوم الطبيعية ، وكانت إلى حد ما سوابق لنظرية الجراثيم التي نعهدها اليوم. فقد كان معنى الأمراض جميعها عند اليوناني حتى المريض قد حل فيه روح غريب ، وأن من يلمس الشخص المريض يعدى بقذارته أو"يلبسه ذلك الروح الغريب نفسه".

وليست المكروبات والبكتريا إلا صوراً جديدة شائعة لما كان اليونان يسمونه كريس Keres أوالجن الصغيرة. ومن ثم كان الميت "نجساً" لأن الجني قد استحوذ عليه جميع الاستحواذ ؛ وكان اليوناني إذا خرج من بيت فيه ميت رش نفسه بالماء من إناء يوضع لهذا الغرض عند باب البيت ، وذلك لكي يطرد من جسمه الروح الذي غلب الميت على أمره. وقد امتدت هذه الفكرة عند اليونان إلى ميادين كثيرة لم يمتد إليها فهمنا الحديث رغم ما ينتابنا من رهبة البكتريا وجزعنا منها.

وكان الجماع من مسببات النجاسة ، كولادة الطفل أوالقتل (ولوكان غير متعمد) ، وكان الطفل المولود نفسه نجساً. ولم يكن الجنون إلا حلول روح غريب في جسم المصاب بهِ ، وكان ينطق إذا الجنون قد "خرج عن نفسه" ، وكان لا بد في هذه الحالات من القيام باحتفال يطهر فيه الشخص النجس. وكانت المنازل ، والهياكل ، والمدن بأجمعها في بعض الأحيان ؛ تُطهر بالماء أوالدخان كما نطهرها نحن الآن ، وكان وعاء به ماء نظيف يوضع عند مدخل جميع هيكل ، حتى يُطهر به نفسه جميع قادم للتعبد ، أولعل هذا الوعاء كان رمزاً يوحي إلى الناس بضرورة التطهر.

وكان الكاهن نفسه خبيراً بأصول التطهير ، وكان في مقدوره حتى يطرد الأرواح الشريرة من الأجسام بالضرب على إناء من البرونز ، أوبقراءة العزائم ، أوبالسحر أوالصلاة ؛ وحتى قاتل النفس عمداً كان يمكن تطهيره إذا أجريت له الطقوس والمراسم الملائمة. ولم تكن التوبة ضرورة محتومة في مثل هذه الأحوال ، بل جميع ما كان يحتاجه المتطهر هوحتى يتخلص من الشيطان الشرير الذي تقمصه ؛ وذلك لأن الدين لم يكن أمر أخلاق بقدر ما كان فناً لمعالجة أمور الأرواح. غير حتى كثرة المحرمات ومراسم التطهير قد أكسبت اليوناني المتدين مزاجاً عقلياً يشبه شبهاً عجيباً الشعور بالخطيئة عند طائفة المتطهرين المتزمتين )البيورتان( من الإنجليز.

وإن القول بأن اليونان كانوا مجردين من فكرتي الضمير والخطيئة لا يكاد يبقى له أثر عند من يقرأ خط بندارا وإسكلس وقد نشأت من اعتقاد اليونان بأنهم يعيشون في جومن الأرواح مئات من الخرافات لخصها ثيوفراستوس خليفة أرسوفي جزء من كتابه الأخلاق فنطق : يظهر حتى الإيمان بالخرافات ضرب من الجبن وخور العزيمة أمام القوة الإلهية... إذا الرجل المخرف لا يعهد من داره أول النهار إلا بعد حتى يغسل يديه ويرش نفسه بالماء من العيون التسع ، ويضع في فمه بترة من ورقة شجرة في معبد ، فإذا ما اعترضت طريقه قطة لم يواصل السير حتى يمر به إنسان آخر ، أويقذف بثلاثة أحجار في الشارع. وإذا أبصر أفعى في بيته وكانت من النوع الأحمر استنجد بديونيسس ، أما إذا كانت أفعى مقدسة فإنه يقيم لها ضريحاً من فوره في البقعة التي أبصرها فيها ؛ وإذا مر بأحد الحجارة الملساء المقامة في مفترق الطرق صب عليه الزيت من قنينة ولم يواصل السير في طريقه إلا بعد حتى ركع له ويتعبد ، وإذا قرض فأر جعبة طعامه ، توجه إلى الساحر وسأله ماذا يعمل ، فإذا أشار عليه بأن "يرسل الجعبة إلى الإسكافي ليرقعها" ، عمل بهذه النصيحة ، وتخلص من النذير المشئوم بطقوس تمنع عنه الشر المرتقب.

وإذا سقطت عينه على رجل مصاب بالجنون أوبالصرع ، ارتجف وبصق على صدرهِ. وكان اليونان السذج يؤمنون ، ويفهمون أطفالهم حتى يؤمنوا ، بأنواع لا حصر لها من العفاريت. وكانت مدن بأكملها تروع بين الفينة والفينة بما تنذر به أحداث غريبة كمولد حيوانات مشوهة أوأناس مشوهين. وكان الاعتقاد بوجود أيام مشئومة منتشراً إلى درجة تجعل من المؤمنين بهذه العقيدة لا يقدمون في هذه الأيام على زواج ولا يعقدون فيها جمعية. ولا تجتمع فيها محكمة ، ولا يبدءون فيها مشروعاً خطيراً. وكانت عطسة ، أوعثرة قدم ، تكفي في بعض الأحيان لحمل العاطس أوالعاثر على العدول عن سفره أوعمل هام ، وكان خسوف جزئي يكفي لوقف زحف الجيوش أوردها على أعقابها ، وقد يؤدي إلى ختام الحرب بكارثة مدلهمة. يضاف إلى هذا الاعتقاد بأن بعض الناس قد وهبوا قدرة عجيبة على إنزال النقمة ممن يشاءون ، فالأب إذا أغضب قد يصب على من أغضبه ، والسائل إذا أهمل قد يُصب على مَن أهمله ، لعنة لا تقوم لها بعدها قائمة.

وكان بعض الناس مهرة في فنون السحر ، فكان في وسعهم حتى يمزجوا شراباً للعشق أودواء مقوياً للباه ، وكان في وسعهم حتى يضعفوا ببعض العقاقير السرية قدرة الرجل على الجماع أويعقموا المرأة فلا تحمل أبداً. وقد رأى أفلاطون حتى شرائعه لا تكمل إلا إذا تضمنت تشريعاً يعاقب من يؤذي الناس أويقتلهم بسحرهِ. فليست الساحرات إذن من اختراع العصور الوسطى ، فها هي ذي ميديا في روايات يوربديز ، وسميثا Simactha في روايات ثيوكريتس وهما ساحرتان.

وقصارى القول حتى الخرافات من أقوى الظواهر الاجتماعية ، وأنها بقيت في خلال أحقاب المدنية لا تكاد تتغير في قواعدها وأصولها ولا في صورها وأشكالها.

المتنبئون والمتنبآت

لقد خيل إلى أهل ذلك الوقت الذين كانوا يعيشون في عالم مليء بالقوى العليا غير الطبيعية حتى حوادث الحياة رهينة بإرادة الشياطين والآلهة ، ولم يكن أمام اليونان الذين يريدون فهم هذه الإرادة إلا حتى يلجئوا إلى العرافين والمتنبئين يستشيرونهم في أمرهم ، وكان هؤلاء ينبئون بالمستقبل بالنظر في النجوم: وتأويل الأحلام ، وبحث أحشاء الحيوان ، وزجر الطيور ، وكان العرافون المحترفون يؤجرون أنفسهم للأسر والجيوش والدول من ذلك حتى نسياس Nicias استخدم قبل حتى يسير حملته على صقلية طائفة كبيرة من مقربي القرابين وزاجري الطيور وقارئي الغيب.

ولسنا نقول إذا القواد لم يبلغوا كلهم من التقى ما بلغه هذا القائد مالك العبيد ؛ ولكنهم كلهم تقريباً لمقد يكونوا يقلون عنه إيماناً بالخرافات. وكان يظهر في البلاد في أوقات مختلفة رجال ونساء يدعون أنهم ممن يوحى إليهم أوممن كشف الغطاء عن أبصارهم ، وكان في أيونيا بنوع خاص نساء سبييلات )أي إرادة الله( يذعن نبوءات يصدقها ملايين اليونان ، وينطق إذا واحدة من أولئك السييلات Sibyls تدعى هرفيلا Herophila طافت ببلاد اليونان مبتدئة من إريثرا Erythra ثم استقرت في كومي بإيطاليا حيث أصبحت أشهر سيبيلات زمانها ، وعاشت كما تقول الرواية المتواترة ألف عا م، وكان في أثينا ، كما كان في روما ، عدد كبير من المتنبئين والمتنبآت ، وكانت الحكومة تحتفظ في بهوالبلدية الأكبر برجال يحذقون تأويل أقوالهم. وكان في كثير من الهياكل المنتشرة في جميع أنحاء اليونان متنبئون عموميون ، ولكن أشهرهم وأجلهم قدراً في الأيام القديمة متنبئي زيوس في دودونا Dodone كما كان أشهرهم في العصور التاريخية متنبئي أبلوفي دلفي.

وكان اليونان و"البرابرة" يستشيرون هذا المتنبئ ، وحتى رومة نفسها كانت ترسل الرسل ليعهدوا إرادة الإله أويوحوا إليه بهذه الإرادة. وكانوا يظنون حتى النساء أكثر استعداداً لتلقي الوحي من الرجال ، ولذلك كانت ثلاث كاهنات لا تقل سن جميع منهن عن نصف قرن يدربن على تعهد لإرادة أبلووهن في غيبوبة ، وكان غاز عجيب يخرج من فتحة في الأرض تحت الهيكل ويعزوه الناس إلى تحلل الأفعى التي قتلها أبلوفي ذلك المكان.

وكانت الكاهنة التي ستتلقى الوحي تجلس على نضد عالٍ ذي ثلاث قوائم موضوع فوق الشق ، وتستنشق الرائحة الكريهة المقدسة ، وتمضغ أوراقاً من تاج من أوراق الشجر المخدر ، فتغيب عن وعيها ويتقلص جسمها ، ثم ينزل عليها الوحي وهي في هذا الحال ، فتنطق بألفاظ متبترة يترجمها الكهنة للشعب المستمع وكثيراً ما كان الجواب النهائي يحتمل تأويلات مختلفة بل متناقضة ، وبذلك تكون المتنبئة صادقة على الدوام مهما سقط من الحوادث.

ولعل الكهنة هم والمتنبئة كانوا جميعاً ألعوبة في أيدي غيرهم ، وكانوا في بعض الأحيان يقبلون الرشا لينطقوا بما يحب الراشون حتى ينطقوهم بهِ ، وكان صوت المتنبئة يتفق في أكثر الحالات مع صاحب النفوذ الأكبر في بلاد اليونان. أما إذا لم تكن هناك سلطة خارجية ترغم الكهنة على حتى ينطقوا بما ترغب فيهِ ، فإنهم كانوا يلقون على اليونان دروساً قيمة في الاعتدال والحكمة السياسية ؛ فقد أعانوا على استقرار القانون وتثبيت نادىئمه ، وكان لهم أثر كبير في تحرير الرقيق ، وقد اشتروا عدداً كبيراً من الأرقاء لكي يحرروهم من الرق ؛ وإن كنا لا ننكر أنهم تغاضوا عن التضحيات البشرية بعد حتى أخذ ضمير اليونان ينفر منها ، ولم يحملوا صوتهم بالاحتجاج على ما كان يحدث فوق جبل أولمبس من فساد خلفي. ذلك بأنهم لمقد يكونوا متقدمين على التفكير اليوناني ، ولكنهم مع ذلك لم يقفوا في سبيل هذا التفكير ويعطلوه بالتعصب لمبادئ وآراء خاصة.

وكانوا يخلعون على السياسة اليونانية التي تمليها على الحكام والضرورات الملحة ستاراً من رضاء القوى الإلهية ، وخلقوا شيئاً من الضمير الدولي والوحدة الأخلاقية بين مدن اليونان المبعثرة. وبفضل هذا الأثر الموحَّد نشأ أقدم حلف بين الدويلات اليونانية، وكانت جامعة المندوبين اليونان- الجامعة الأمفكتيونية Amphictyonic- أول أمرها حلفاً دينياً مؤلفاً من "المقيمين حول" هيكل دمتر القريب من ممر ترموبيلي. وكانت أبرز الدول التي تتألف منها هذه الجامعة تساليا ، ومجنيزيا ، وفثيوتس ، ودوريس ، وفوسيس ، وبؤوتية ، وعوبية ، وآخية.

وكان مندوبوها يجتمعون مرة جميع ستة أشهر ، في الربيع في دلفي ، وفي الخريف في ترموبيلي ، وقد تعهدوا بألا يخرب بعضهم مدن بعض ، وألا يسمحوا بأن يبتر الماء عن أية واحدة منها ، وألا ينهبوا كنوز أبلوفي دلفي أويسمحوا نهبها ، وأن يقاتلوا أية أمة لا تحترم هذه المواثيق. تلك مبادئ لعصبة أمم حال دون قيامها تغلب الثراء والسلطان بين الدول ، وما طبع عليه الأفراد والجماعات من تنافس وتحاسد ، فقد كونت تساليا جبهة من الدول الخاضعة لسلطانها ، وفرضت على هذه العصبة سيطرتها الدائمة. ونشأت عصبة أخرى غيرها، فكانت أثينا مثلاً عضواً في عصبة كلوريا Calauria وكانت جميع واحدة من هذه العصب المتنافسة تعمل لنشر السلام بين أعضائها. ولكنها أضحت على مر الزمن أداة لتدبير الدسائس وإثارة الحروب على غيرها من العصب.


الأعياد

إن لم يكن في مقدور الدين اليوناني حتى يقضي على الحروب ، فإنه قد أفلح في تخفيف متاعب الحياة الاقتصادية الرتيبة بما كان يقيمه من الأعياد الكثيرة نطق فيها أرستوفانيز: "ألا ما أكثر ما يقدم إلى الآلهة من ضحايا ؛ وما أكثر ما يقام لها من هياكل وتماثيل... ومواكب مقدسة! إنا لنشهد في جميع ساعة من ساعات العام أعياداً دينية وضحايا عليها أكاليل من الزهر تقرب للآلهة". وكانت نفقات هذه الأعياد يقوم بها الأغنياء ، أما الدولة فكانت تقدم الأموال المقدسة Theorika ، ومنها تؤدي للشعب رسوم الدخول لمشاهدة الألعاب أوالمسرحيات التي كانت تمتاز بها هذه الأيام المقدسة.

التقويم الأثيني

وكان التقويم الأثيني تقويماً دينياً في جوهره ، وكانت شهور كثيرة تسمى بأسماء ما يقام فيها من أعياد دينية، ففي الشهر الأول شهر هكتمبيون Hecatombaion (يوليه- أغسطس) يقام عيد الكرونيا (اللقاء لعيد الساتورناليا الروماني)، وفيه يجتمع السادة والعبيد في وليمة بهجة طربة. وكان يقام في هذا الشهر نفسه جميع أربعة أعوام عيد الجامعة الأثينية ، وتعقد فيه مباريات ، وتقوم فيه ألعاب مختلفة الأنواع ، تدوم أربعة أيام، يسير الأهلون جميعاً بعدها في موكب عام وقور ، يحملون إلى كاهنة أثينا الثوب الفخم الموشى الذي كان يوضع فوق تمثال إلهة المدينة ؛ والعالم كله يعهد حتى هذا هوالموضوع الذي اختاره فدياس ليزين به طنف البارثنون.

وفي الشهر الثاني المتاجيتنيون Metageitnion كان يقام المتاجيتنيا وهوعيد صغير يقام تكريماً لأبلو.

وفي الشهر الثالث شهر بؤدرميون Boedromion كان سكان أثينا يخرجون إلى إلوسيس لإقامة الطقوس الكبرى الخفية.

وفي الشهر الرابع شهر البيانبسيون Pyanepsion كان يحتفل بأعياد البيانبسيا والأسكوفوريا Oscophoria والثسموفوريا Thesmophoria وكانت نساء أثينا في هذا الشهر يعظمن دمتر ثسموروس )المشرعة( بإقامة طقوس أرضية عجيبة يعرضن فيها رموزاً لقضيب الرجل ويتبادلن فحش القول ، ويمثلن الذهاب إلى الجحيم والعودة منها، ويبدوحتى هذه الحفلات كانت رمزاً للإخصاب في الأرض وفي الآدميين.

وكان شهر ميمكترون Maimakterion هوالشهر الوحيد الخالي من الأعياد.


وفي شهر بوسيديون Poseideon كانت أثينا تقيم عيد الإتالوا عيد بواكير الفاكهة.

وفي شهر جمليون Gamelion تحتفل بعيد اللينيا Lenaea تكريماً لديونيسس.

وفي شهر أنثسترن Anthesterion كانت تقام ثلاثة احتفالات هامة ، الطقوس الخفية الصغرى أوالتمهيدية ، والديازيا أوالتضحية لزيوس ملكيوس ، والأنثستريا أوعيد الزهور ، وهم أبرز الأعياد الثلاثة. وفي هذا العيد الربيعي الذي يقام تكريماً لديونيسس ويدوم ثلاثة أيام كاملة كانت الخمر تجري كالأنهار ، ولم تكن ترى إلا سكارى على درجات متفاوتة من السكر ؛ وكان الناس يتنافسون أيهم يفوق غيره في كثرة الشراب ، والشوارع تعج بالحياة والمرح.

وكانت زوجة كبير الأركونيين هجرب عربة بجوار تمثال ديونيسس وتتزوج به في الهيكل رمزاً إلى اتحاد الإله بأثينا. وكان يسري في هذه الطقوس المرحة قليل من الرهبة والعمل على استرضاء الموتى وكف أذاهم ؛ وكان الأحياء يتناولون في وقار وهدوء وجبة من الطعام إحياء لذكرى آبائهم ، ويهجرون لهم آنية ملآى بالطعام والشراب ، فإذا انقضى العيد أخذ الناس يطردون أرواح الموتى من الدور بصيغة يتلونها ويقولون فيها: "أخرجي من الباب أيتها الأرواح! لقد انتهى عيد أنثستريا"- وقد اصبحت هذه الألفاظ مثلاً ينطق عندما يراد التخلص من المتسولين الكثيري الإلحاح.

وفي الشهر التاسع شهر إلافيبوليون Elaphebolion يقع عيد ديونيزيا الكبير الذي أوجده بيستراتس في عام 34. وفي ذلك العام جعل ثسبيس المسرحية في أثينة جزءاً من هذا الاحتفال. وكان ذلك في أواخر شهر مايووالربيع مقبل والبحر هادئ صالح للملاحة ، فأقبل التجار والزائرون حتى ازدحمت بهم المدينة وتضاعف عدد من يشاهدون الحفلات والمسرحيات. وأوقفت جميع الأعمال ، وأغلقت دور القضاء ، وأطلق سراح المسجونين ليستطيعوا الاشتراك في الحفلات. وخرج الأثينيون على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم في أزهى الملابس ليشهجروا في الركب الذي اتى بتمثال ديونيسس من إليوثيزا لوضعه في مقره. فركب الأغنياء العربات ، وسار الفقراء راجلين ، ومن ورائهم قافلة طويلة من الحيوانات لتهدي إلى الآلهة واشهجرت في هذا الموكب فرق من المغنين أقبلت من مدن أتكا تتبارى في الغناء والرقص.

وفي الشهر العاشر شهر منيكيون Munychion كانت أثينا تحتفل بعيد المنيكيا ، وكانت تحتفل جميع خمسة سنين بعيد البرورونيا Brauronia تكريماً لأرتميس.

وفي شهر ثراجليون يقع الثراجليا أي عيد حصاد الحب.


وفي الشهر الثاني عشر شهر سكروفريون Skirophorion كان يحتفل بأعياد اسكروفوريا ، وأرتوفوريا Arretophoria ، ودبوليا Dipolia وبوفنيا Bouphonia ولم تكن هذه الأعياد كلها أعياداً سنوية ، ولكنها ، حتى ما لم يكن يحتفل به منها إلا جميع أربع سنين ، كانت تخفف كثيراً من كدح الحياة اليومية.

وكان لغير أثينا أيام مقدسة شبيهة بهذه الأيام ؛ وكان جميع موسم من مواسم الغرس أوالحصاد في الريف يستقبل بمظاهرة البهجة والمرح. وكان أعظم من هذه الأعياد كلها أعياد الجامعة الهيلينية ، والحفلات العامة الجامعة Panegyreis، ومن هذه الأعياد عيد الجامعة الأيونية Panionia في ميكالي Mycale وعيد أبلوديلوس ؛ والعيد البيثي Phthian في دلفي ، وعيد البرزح Isthmiu في كورنثة ، والعيد النميئي Nemean في أرجوس ، والعيد الأولمبي في إليس.

وكانت تقام في هذه الأعياد مباريات رياضية بين الدول المتنوعة ، ولكنها كانت في أساسها أياماً مقدسة. فقد كان من حسن حظ بلاد اليونان حتى كان دينها من العناصر البشرية- وأن كان فيها في آخر أيامها من العناصر الإنسانية الرحيمة- ما يكفي لاقترانه بالفن ، والشعر ، والموسيقى ، والألعاب ، واقترانه آخر الأمر بالأخلاق اقتراناً جعله مصدر السرور والإبداع.


الدين والأخلاق

يبدولأول وهلة حتى الدين اليوناني لم يكن ذا أثر كبير في الأخلاق ، فقد كان في أصله طائفة من قواعد السحر لا من قواعد الأخلاق القويمة ، وبقي إلى حد كبير على هذا النحوإلى آخر أيام اليونان. وكان لصحة المراسم والطقوس في هذا الدين شأن أكبر مما للسلوك القويم ، ولم تكن الآلهة نفسها ، الأولمبية منها والأرضية ، مثلاً طيباً في الأمانة والعفاف ودماثة الأخلاق. وحتى الشعائر الإلوسينية الخفية ، كانت تجعل التطهير بالمراسم والطقوس لا طهارة النفس وكرم الأخلاق هوالعامل الأكبر في النجاة من العذاب وإن كنا لا ننكر أنها كانت تبعث في النفوس آمالاً كباراً.

وفي ذلك يقول ديوجين الساخر: "سيكون اللص بتيكيون Pataikion بعد موته أسعد حالاً من أجسلوس Agesilaus أوأباميننداس لأن بتيكيون قد كرس في إلوسيس". لكن الدين اليوناني ، رغم هذا ، كان عوناً خفياً للشعب وللدولة في أكثر الشؤون الأخلاقية حيوية. من ذلك حتى مراسم التطهير وإن كانت كلها مظاهر خارجية كانت ترمز إلى الأخلاق القويمة. كذلك كانت الآلهة تعين على الفضيلة وإن كانت هذه المعونة عامة غير دقيقة ، وغامضة ، وغير مطردة. ذلك أنها كانت تغضب على الشرير وتنتقم من المتكبر ، وتحمي الغريب ، وتستجيب لمن يتوسل إليها ، وتحمي بجبروتها قدسية الأيمان. فهم يقولون لنا إذا ديكي Dike كانت تعاقب على جميع ظلم ، وإن يومنيدس Eumenides الرهيب كان يقتفي أثر القاتل ، كما يعمل أرستيز ، حتى يجن أويموت. وكان الدين يخلع القدسية والكرامة على أبرز أجداث الحياة الإنسانية وأنظمها- كالمولد ، والزواج ، والأسرة ، والعشيرة ، والدولة ، وينتشلها من فوضى الشهوات العاجلة.

وكانت عبادة الموتى وتكريمهم يربطان الأجيال المتعاقبة برباط من الواجبات المستقرة المتصلة. وبفضلها لا تقتصر الأسرة على حتى تكون زوجاً وزوجة معهما أطفال ، أومجموعة أبوية من الآباء والأطفال والأحفاد ، بل تصبح فضلاً عن هذا اتحاداً مقدساً وتتابعاً مستمراً للدم والنار ، ترجع أصولها إلى الماضي السحيق وتمتد أغصانها إلى المستقبل البعيد ، وتربط الموتى والأحياء ومن لم يخرجوا بعد إلى هذا العالم برباط مقدس أقوى من رباط الدولة مهما قويت.

وكان إنجاب الأطفال واجباً مقدساً موتي يفرضه الدين على ثم لا يكتفي بهذا بل يشجع على النسل بأن يدخل في روع من لا أبناء له أنه قد لا يجد من يواري جسمه التراب أويعني بقبرهِ بعد وفاته. وقد ظل اليونان بكثرة خيارهم وشرارهم على السواء طالما كان للدين أثر في حياتهم ، وكان من نتيجة هذه الكثرة مضافاً إليها الانتخاب الطبيعي الصارم حتى احتفظ اليونان بقوتهم ومميزاتهم. وكان الدين والوطنية تربطهما مئات من الطقوس الرهيبة المؤثرة ، فكإن أكثر الآلهة والإلهات احتراماً في الاحتفالات العامة بطل المدينة المؤله أوبطلتها المؤلهة ؛ وكان جميع قانون وكل اجتماع للجمعية أولدور القضاء ، وكل عمل خطير يقدم الجيش أوالحكومة ، وكل مدرسة وجامعة ، وكل هيئة اقتصادية أوسياسية ، كانت هذه كلها تحيط بها الاحتفالات والتضرعات الدينية.

وبهذه الوسائل كلها كان الدين اليوناني يستخدم لحماية المجتمع والشعب من أنانية الفرد الغريزية. وقوت الفنون والآداب والفلسفة هذا الأثر الديني في بادئ الأمر ، ثم عملت بعدئذ على إضعافه ؛ فقد أخذ بندار، وإسكلس، وسفكليز ينفثون حماستهم الأخلاقية أوفطنتهم في العقائد الأولمبية ؛ وحمل فدياس من مقام الآلهة بما خلعه عليها من جمال وجلال ؛ وجمع فيثاغورس وأفلاطون بين الفلسفة والدين ، وأيدا عقيدة الخلود ليجعلا منها باعثاً قوياً على حسن الخلق. لكن بروتجراس كان يشك في الآلهة ، وسقراط يتجاهلها ولا يأبه بها ، ودمقريطس يجحدها ، ويوربديز يسخر منها ، وانتهى الأمر بأن دكت الفلسفة اليونانية ، عن غير قصد منها، قواعد الدين الذي صاغ الحياة الأخلاقية في بلاد اليونان في النطقب الذي وجدت فيهِ.


See also

  • Classical mythology
  • Family tree of the Greek gods
  • List of deities
  • List of Greek mythological creatures
  • List of Trojan War characters
  • List of Roman deities
== المراجع ==
  1. ^ Beazley Archive 200059, LIMC Gigantes 342.

المصادر

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

وصلات خارجية

  • Greek God Explorer
  • Media related to Mythology of Greece at Wikimedia Commons
تاريخ النشر: 2020-06-07 12:06:57
التصنيفات: Portal templates with all redlinked portals, Pages with citations using unsupported parameters, مقالات ناطقة, آلهة يونانية, Greek goddesses, أساطير يونانية, قوائم الآلهة, قوائم متعلقة بالأساطير, ديانات, صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, Articles containing non-English-language text

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الرئيس الأوكراني يدعو الأجانب للتطوع للقتال في بلاده

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:11
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 73%

الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري بذكرى الإسراء والمعراج

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 59%

السكة الحديد: استبدال عربات بعض القطارات بأخرى درجة ثالثه مكيفة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:00
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

تشكيلة نهضة بركان لمباراة سيمبا

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:29
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

ليلة الاسراء والمعراج تتصدر التريند.. ومغردون: «اللهم اجبر قلوبنا »

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:59
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

يوسفية برشيد يتراجع عن قراره.. ويستقبل الوداد بحضور الجمهور

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:28
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

محافظ القاهرة يشهد احتفال وزارة الأوقاف بليلة الإسراء والمعراج

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:01
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

الحرب الروسية الأوكرانية.. وفاة مواطن جزائري في مدينة خاركيف

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:08
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 78%

بـ750 درهم فقط.. رحلات جوية خاصة للجالية المغربية في أوكرانيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:05
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 85%

أغانى من التراث ومحاضرات متنوعة في «ثقافة المنيا»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:57
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 54%

الشيخ الفيزازي يرد على المشككين في حقيقة "الإسراء والمعراج"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:45
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

«الطرفوط» سلاح فتيات واحة سيوة للتنمية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

حركة الصادرات والواردات والحاويات والبضائع بهيئة ميناء دمياط البحر

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:03
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

قناة الأهلي: انتظروا خبر سعيد بشأن ثنائي الفريق

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:52
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 39%

برلمانيون لشباب قنا: أمامكم فرصة حقيقة للتمكين في عهد السيسي

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:58
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 53%

نقيب الأشراف: نستفيد من «الإسراء والمعراج» العمل على رفعة الوطن

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:17:04
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

رسالة خاصة لمحمود متولي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-27 21:16:51
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 44%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية