جريدة لسان الحال
لسان الحال، هي جريدة سياسية تجارية فهمية أدبية أسسها خليل سركيس في لبنان عام 1878.
التأسيس والأهداف
كانت جريدة لسان الحال ـ وهي جريدة سياسية تجارية فهمية أدبية، أول صوت طالب بالإصلاح بعد تعليق الدستور العثماني، فقد نشر صاحبها عام 1878 عدة منطقات طالب فيها بتحقيق الإصلاح الدستوري. وهي جريدة سياسية اقتصادية فهمية ظهرت في 18 أكتوبر 1877 فكانت بداية نصف أسبوعية ثم صارت تصدر ثلاث وأربع مرات جميع أسبوع حتى سنة 1895 عندما صدرت يومية الى نشوب الحرب العالمية الأولى.
وإضافة إلى عمله في الصحافة، قام بتنقيح وطباعة ديوان «عنترة العبسي» وكتاب «ألف ليلة وليلة» و«مقدمة ابن خلدون»، و«مقامات الحريري»، وتأليف كتاب «سلاسل القراءة» في ستة أجزاء لطلاب المدارس، وكتاب «أستاذ الطباخين وتذكرة الخواتين» وكتاب «العادات» ورواية «سعيد وسعدة» وكتاب «نزهة الخواطر» وكتاب «تاريخ القدس الشريف» و«معجم اللسان».
كل ما في الأمر حتى "لسان الحال" كانت وليدة الأوساط المحافظة، ولذا كانت ناطقة باسم بعض العناصر المسيحية السورية التي كانت تدعوالى رقي العرب عن طريق اجراء عمية تجميل للامبراطورية العثمانية تتلخص في تعميم الاصلاحات والدعوات الزائفة حول الدستور. وكانت "حديقة الأخبار" جريدة شبه رسمية ، ولذا كانت بعيدة جميع البعد عن المزايدات الدستورية، أما جريدة "التقدم" لصاحبها أديب اسحاق فكانت معطلة. بينما كان حموه 1877 المفهم بطرس البستاني واقفا بجزم وعزم لا يلين في جبهة المناوئين للحركة الدستورية، وهذا يعني منطقيا حتى فراغا ما قد وقع في الحياة السياسية والاجتماعية في بيروت في مجال الدعوة للدستور والاصلاح العثمانيين، ولذا سارع خليل سركيس لملء هذا الفراغ مع صديقه نوفل نوفل الطرابلسي، الذي ترجم "دستور الدولة العثمانية" و"قوانين المجلس البلدية" وغيرها من الخط الأخرى الى اللغة العربية.
كان خليل سركيس قد اتخذ من الحكمة القائلة: "لا اطلب اثرا بعد عين"، (يضرب لمن هجر شيئا يراه ثم تبع أثره بعد فوته) شعارا له في الحياة. وهل يا ترى هذا الشعار ما الا اشارة الى حتى ابستاني تراجع عن رسالته في طلب حتى الممكن؟!
أما الذين تولوا تحرير "لسان الحال" فهم حسب تواريخهم، جرجس زوين، الشيخ يوسف الأسير، أمين افرام البستاني، يوسف قيقانو، سليم سركيس، نجيب المشعلاني، الدكتور رزق الحداد، المفهم رشيد عطية، سليم عباس الشلفون، المفهم عبد الله البستاني، سعيد فاضل عقل، وغيرهم من رجالات النهضة البرجوازيين الذين تمسكوا بممضى الجامعة الاسلامية. ومن الشهادات الواقعية الموثقة حتى "لسان الحال" كانت في سنة 1878 غارقة – بكل ما في هذه الحدثة من معنى – بالموضوعات التي أطلقت للقلم عنان الحرية، وجاهرت بالدعوة الى تعميم الاصلاحات في سورية عامة ولبنان خاصة، تحت ظل الراية العثمانية. تلك المواد التي كانت سببا في تعطيل الحكومة لها ابتداء من غرة نيسان (أبريل) 1878 . وفي فترة تعطيل "لسان الحال" أصدر خليل سركيس "المشكاة" وهي مجلة شهرية سياسية فهمية صناعية تجارية فكاهية، احتجبت على أثر صدور العدد الرابع منها، عندما أعيد نشر "لسان الحالة" التي بالغة في محاسبة الحكومة واشتهرت باعتدال المشرب مراعاة لأحوال المراقبة السلطانية، فلم يعد سركيس يسعى الى الممكن في حيز الامكان.
ولكن البساتنة، ومن كان ضمن اطار تأثيرهم من المؤيدين للاصلاحات، كانوا حقا أكثر تقدمية من أتباع الخوارنة الملتفين حول "حديقة الأخبار"، ولكنهم – رغم هذا – لم يمضىوا أبعد من الدعوة المعتدلة جدا فيما يخص الاصلاح الاجتماعي – السياسية. فلمقد يكونوا يتقبلون بأي شكل من الأشكال المفاهيم السياسية الراديكالية، مثل "الثورة" أوحتى "الانقلاب" و"التحول".. الخ. فهم لم يقروا لا بضرورة الاصلاحات الاجتماعية – السياسية التدريجية ولا بالراديكالية الثورة. صفوة القول: ان أفكارهم التنويرية لم تتسم قط بالراديكالية، الأمر الذي لم يكن يلاقي استحسانا لدى بعض المنورين الشباب الذين تحلقوا حول البستانيين في أواسط السبعينيات. ولاسيما حتى المفهم الرائد – كما رأينا – انسجم تدريجيا مع السلطان الأ؛مر عبد الحميد على أرضية العداء للدستور والحكم الدستوري.
ان التذمر من التبشير البستاني الداعي الى بقاء الأوضاع السائدة والأنظمة الرجعية القائمة دون احداث أي تحول جذري، تحول بالضرورة الى أرضية صالحة ساهمت في رجحان كفة الجناح الراديكالي في الحركة النهضوية القومية الثقافية. هذا النجاح الذي لم يجحد المآثر الأدبية والفهمية والاجتماعية العظيمة للعلامة بطرس البستاني ، ساد داخله نوع من الاتفاق الصامت على ان الشيخ الذي بلغ الستين من عمره فم يعد قادرا – بحكم أفكاره المحافظة وأكاديميته البحتة على تبوؤ مركز الريادة في النهضة الأدبية الفهمية والسياسية – القومية التي طرحتها متطلبات الواقع السوري على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتي فرضت مهام قومية رفيعة المستوى على رجالات النهضة والتنوير العربي الحقيقي.
كان ظهور جريدة "التقدم" مفهما بارزا في ميدان تصاعد الفكر العربي القومي، وايذانا بحل المهام القومية المطروح عصرئذ، ولاسيما بعد أ، تحولت عمليا الى لسان حال "جمعية زهرة الآداب" ، فأصبحت منبرا لأحرار العرب حين تسلم ادارتها الرائد الكبير أديب اسحق.
المصادر
- ^ نجاريان, يغيا (2005). النهضة القومية-الثقافية العربية. دمشق، سوريا: أكاديمية العلوم الأرمنية - الدار الوطنية الجديدة.