الحرب الأهلية الجزائرية

عودة للموسوعة

الحرب الأهلية الجزائرية

الحرب الأهلية الجزائرية

كلف الصراع خسائر بشرية تتعدى 100,000 وجرحاً لا يندمل في نسيج الوطن
التاريخ 1991–2002
المسقط
الجزائر
النتيجة فوز الجيش الجزائري, استمرار التمرد by the GSPC،
حلول الولايات المتحدة محل فرنسا في الكثير من دوائر النفوذ.
الخصوم
الجيش الجزائري
فرنسا
الحركة الإسلامية المسلحة (MIA)
الجبهة الإسلامية للإنقاذ (FIS)
غيرهم...
الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA)
القادة والزعماء
خالد نزار
محمد العماري
محمد مدين
MIA: عبد القادر شبوطي
FIS: مدني مزراق
عنتر الزوابري et al.
القوات
140,000 (1994)
124,000 (in 2001)
2,000 (1992)
40,000 (1994)
10,000 (1996)
300–1,000 (2005)
Unknown

الحرب الأهلية الجزائرية هي أحد الأسماء التي أطلقت على الصراع المسلح بين الحكومة الجزائرية وفصائل متعددة وصفت بأنها تتبنى أفكار الإسلام السياسي منها الجماعة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للإنقاذ والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح وفصائل أخرى . بدأ الصراع في ديسمبر عام 1991 عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لعام 1992 في الجزائر والتي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا مؤكدا مما حدى بالجيش الجزائري التدخل لالغاء الانتخابات العامة في البلاد مخافة فوز الاسلاميين فيها. بالرغم من ان حدة العنف قد خفت منذ عام 2002 ولكن وإستنادا إلى وزارة الداخلية الجزائرية لايزال هناك قرابة 1000 من ما يصفهم الحكومة "المتمردين المسلحين" نشطين في الجزائر وفي سبتمبر 2005 أيدت أغلبية كبيرة من الجزائريين العفوالجزئي الذي أصدره الحكومة الجزائرية عن مئات من المسلحين الاسلاميين ضمن ما عهد "بميثاق السلم والمصالحة الوطنية" بهدف إنهاء أكثر من عقد من النزاع. وبموجب الميثاق، الذي اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سيتم العفوعن عدد كبير من الأشخاص من الجانبين اللذين تورطا في أعمال اغتال لأكثر من 100,000 إنسان على الأقل لكن المعارضين للميثاق، يعتبرون حتى المصالحة غير ممكنة دون تحقيق العدالة ويطالبون بأن تفتح الدولة تحقيقا بشأن آلاف الأشخاص الذين اختفوا طيلة الأعوام الماضية ولم يعهد مصيرهم حتى الآن.

البدايات

بعد تسلم شاذلي بن حديث السلطة في الجزائر عام 1979 بدأت محاولاته لتطبيق خطته الخمسية االتي كانت تهدف إلى إنشاء قواعد للإقتصاد الحر في الجزائر والنهوض بالمستوى الإقتصادي المتعثر للجزائر ولكن سنوات حكمه شهدت نشاطا من البربر في مجال معارضتهم لما أسموه سياسة التعريب التي تنتهجها الحكومة وخاصة في مجال التعليم فبعد منع خطبة حماسية للناشط البربري مولود معمري في جامعة حسناوة في تيزي وزوفيعشرة مارس 1980 بدأت حملة منظمة من الطلاب والأطباء والناشطون البربر للبدأ بإضراب عام مما حدى بالرئيس الجزائري آنذاك بن حديث بان يجري تعديلات على سياسة الحكومة ومنها على سبيل المثال منح حقوق ثقافية وإعلامية وجامعية للبربر هذه التعديلات أعتبرت من قبل مما يوصفون اليوم باتباع منهج الإسلام السياسي بأنها تنازلات تهدد الهوية القومية للجزائر. ومن جهة أخرى كان لعدم قدرة الرؤساء السابقين للجزائر النهوض بالأقتصاد الجزائري وفشل الأفكار الشيوعية والقومية العربية في إيجاد حل جذري لمشاكل البلاد الداخلية ، جميع هذه العوامل أدت إلى بروز تيار قامت بتفسير التخلف والتردي في المستوى الأقتصادي والأجتماعي إلى أبتعاد المسلمين عن التطبيق السليم لنصوص الشريعة الأسلامية وتؤثر حكوماتهم بالسياسة الغربية [1].

بدأ نشاط التيار الإسلامي السياسي بالإزدياد تدريجيا من خلال بعض العمليات التي كانت تستهدف محلات بيع المشروبات الروحية وممارسة الضغط على السيدات بإرتداء ملابس يتفق مع رؤية التيار في مفهومها للهندام المقبول وفي عام 1982 طالب ذلك التيار علنا بتشكيل حكومة إسلامية ومع إزدياد أعمال العنف وخاصة في الجامعات الدراسية تدخلت الحكومة وقامت بحملة إعتنطقات واسعة حيث تم إعتنطق أكثر من 400 ناشط من التيار المتبني لفكرة الإسلام السياسي وكان من بينهم أسماء كبيرة مثل عبد اللطيف سلطاني ولكن الحكومة بدأت تدرك ضخامة وخطورة حجم هذا التيار فقامت وكمحاولة منها لتهدئة الجوالمشحون بإفتتاح واحدة من أكبر الجامعات الإسلامية في العالم في ولاية قسنطينة في عام 1984 وفي نفس السنة تم إجراء تعديلات على القوانين المدنية الجزائرية وخاصة في ما يخص قانون الأسرة حيث اصبحت تتماشى مع الشريعة الاسلامية [2] [[3].

لكن الإقتصاد الجزائري إستمر بالتدهور في منتصف الثمانينيات وإزدادت نسبة البطالة وضهرت بوادر شحة لبعض المواد الغذائية الرئيسية ومما ضاعف من حجم الأزمة كان إنخفاض أسعار النفط في عام 1986 من 30 دولارا للبرميل إلىعشرة دولارات وكان الخيار الوحيد أمام شاذلي بن حديث للخروج من الأزمة هوتشجيع القطاع الخاص بعد فشل الإسلوب الإشتراكي في حل الأزمة وقوبلت هذه التغييرات بموجة من عدم الرضا وأخذ البعض في الشارع الجزائري يحس بان الحكومة تظهر لامبالاة بمشاكل المواطن البسيط [4]

عباسي مدني

تصاعد الغضب في قطاعات واسعة من الشارع الجزائري وفي أكتوبر 1988 بدأت سلسلة من إضرابات طلابية وعمالية والتي أخذت طابعا عنيفا بصورة تدريجية وإنتشرت أعمال تخريب الممتلكات الحكومية إلى مدينة عنّابة وبليدة ومدن أخرى فقامت الحكومة بإعلان حالة الطوارئ وقامت بإستعمال القوة وتمكنت من إعادة الهدوء فيعشرة أكتوبر بعد احداث عنيفة أدت إلى اغتال حوالي 500 إنسان وإعتنطق حوالي 3500 إنسان وسميت هذه الأحداث من قبل البعض "بأكتوبر الأسود" [5]. كانت للطريقة العنيفة التي إستعملتها الحكومة في أحداث "أكتوبر الأسود" نتائج غير متسقطة حيث قامت مجاميع تنتهج الإسلام السياسي بإحكام سيطرتها على بعض المناطق وطالبت منظمات عديدة في الجزائر بإجراء تعديلات وإصلاحات فقام شاذلي بن حديث بإجراءات شجعت على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير فقام عباسي مدني وعلي بلحاج بتأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في مارس 1989 بعد التعديل الدستوري وإدخال التعددية الحزبية [6]. وكان عباس مدني الأستاذ الجامعي والمحارب السابق في حرب التحرير الجزائرية يمثل تيارا دينيا معتدلا وكان لدوره السابق في حرب التحرير أثرا رمزيا في ربط الحركة الجديدة بتاريخ النضال القديم للجزائر وفي الجهة الأخرى وصف الكثيرون علي بلحاج الذي كان أصغر عمرا بإن افكاره متطرفة حيث نطق في احد خطبه "إن المصدر الوحيد للحكم هوالقرآن وإذا كان إختيار الشعب منافيا للشريعة الإسلامية, فهذا كفر وإلحاد حتى إذا كان هذا الإختيار قد تم ضمن إنتخابات شعبية [7].

بدأت الجبهة تلعب دورا بارزا في السياسة الجزائرية وتغلبت بسهولة على الحزب الحاكم, جبهة التحرير الوطني الذي كان الحزب المنافس الرئيسي في إنتخابات عام 1990 مما حدى بجبهة التحرير الوطني إلى إجراء تعديلات في قوانين الإنتخابات وكانت هذه التعديلات في صالح الحزب الحاكم فأدى هذا بالتالي إلى دعوة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى إضراب عام وقام شاذلي بن حديث بإعلان الأحكام العهدية فيخمسة يونيو1991 وتم إعتنطق عباسي مدني وعلي بلحاج .

في ديسمبر 1991 أصيب الحزب الحاكم بالذهول حيث انه برغم التعديلات الإنتخابية وإعتنطق قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ الا ان الجبهة حصدت على اغلبية 188 مقعد من أصل 430 مقعدا ومحاولة من الحزب الحاكم في الحيلولة دون تطبيق نتائج الإنتخابات قام اعضاء في الحكومة الجزائرية وهم الجنرال خالد نزار (وزير الدفاع) وعلي كافي ومحمد بوضياف وعلي هارون والتيجاني هدام بتشكيل المجلس الأعلى للبلاد والتي كانت تعبير عن مجلس رئاسي لحكم الجزائر وتم إجبار شاذلي بن حديث على الإستنطقة وإلغاء نتائج الإنتخابات وكان رئيس المجلس هومحمد بوضياف إلى ان توفى في 29 يونيو1992 ليحل محله علي كافي إلى ان تم إستبدال كافي باليمين زروال في 31 يناير 1994 وإستمر حتى 27 ابريل 1999 [8].


أطراف الصراع

██ الأغلبية للجبهة الإسلامية للإنقاذ██ 50% الجبهة الإسلامية للإنقاذ██ الأغلبية لغير المنتمين للجبهة الإسلامية للإنقاذ██ غير مححدة██ لا تتوفر معلومات الصورة أعلاه توضح توزيع المقاعد في نتائج إنتخابات سنة 1991، والتى حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأغلبية في معظم المناطق المأهولة بالسكان .
لف الغموض عنتر الزوابري وجماعته الجماعة الإسلامية المسلحة ولم يعهد الكثير عن دوافعهم

كان الفوز الساحق للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الأنتخابات أمرا غير مقبول لدى كبار رجال قيادات الجيش في الجزائر حيث قام الجيش في 11 يناير 1992 بإلغاء نتائج الإنتخابات وأجبر شاذلي بن حديث على الإستنطقة وجلبوا المحارب القديم في حرب تحرير الجزائر ، محمد بوضياف والذي كان منفيا في المغرب ليكون رئيس المجلس الأعلى للبلاد وتم إعتنطق 5000 من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ حسب المصادر الحكومية بينما يؤكد الجبهة إنه تم إعتنطق 30,000 من جماعتهم ونقلوا إلى سجون في الصحراء الكبرى وقامت منظمة العفوالدولية بالإشارة إلى الكثير من الإنتهاكات في حقوق الإنسان خلال تلك الفترة وفي أربعة مارس 1992 قامت الحكومة بإلغاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي مرخص [9]. إعتبر أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ اللذين لم تطلهم يد الأعتنطق تصرفات الجيش بمثابة إعلان حرب على الجبهة وقرروا البدأ بحرب عصابات بكل وسيلة متوفرة لهم وإنظم إلى الجبهة فصائل أخرى كانت تنتهج مبدأ الإسلام السياسي وكان أفراد الجيش وقوات الشرطة الهدف الرئيسي للمسلحين الذين إتخذوا من المناطق الجبلية في شمال الجزائر معاقل رئيسية لهم ولكن المناطق الغنية بالنفط بقيت تحت السيطرة الكاملة للحكومة وكانت بعيدة عن مناطق الصراع الرئيسية.

أدت هذه الأوضاع المتأزمة إلى تدهور أكثر في الإقتصاد الجزائري وزاد الوضع تأزما بعد إغتيال محمد بوضياف الذي كان أمل الجيش في إعادة الهدوء للبلاد لكونه رمزا من رموز تحرير الجزائر والذي تم إغتياله في 29 يونيو1992 أثناء إلقاء خطاب في مراسيم إفتتاح مركز ثقافي في عنّابة على يد أحد اعضاء فريق حمايته والذي وصف بكونه "متعاطفا مع الإسلاميين" [10] وبعد عملية الإغتيال تلك حكم على عباسي مدني وعلي بلحاج بالسجن لمدة 12 عاما .

في 26 أغسطس 1992 أخذ الصراع منعطفا خطيرا وهوإستهداف الرموز المدنية للحكومة حيت تم إستهداف مطار الجزائر وراح ضحية الإنفجارتسعة قتلى واصيب 128 آخرين بجروح وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على الفور بشجب الحادث وإعلان عدم مسؤوليتها عن الإنفجار [11], وأصبح واضحا وبصورة تدريجية إذا الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست لها الحدثة العليا في توجيه أساليب الصراع المسلح مع الحكومة وبدأت أسماء مثل مجموعة التكفير والهجرة والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح تبرز إلى السطح وهذه المجاميع كانت تعتبر متطرفة في تطبيقها لمبدأ الإسلام السياسي مقارنة بإسلوب الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي وصفت بأنها أكثر إعتدالا. فجماعة التكفير والهجرة على سبيل المثال كانت مصرية المنشأ حيث إنبثقت في أواخر الستينيات وإنتشرت في الكثير من الدول وبرز إسم الجماعة بصورة ملفتة للنظر في عام 1977 حيث أصبح المهندس الزراعي المصري شكري مصطفى زعيما للجماعة وشكري مصطفى كان عضوا سابقا في حركة الإخوان المسلمين ولكنه إنتهج إسلوبا أكثر تشددا بعد إعدام سيد قطب [12], وكان محمد بويري الذي قام بإغتيال المخرج الهولندي ثيوفان گوخ في 2 نوفمبر 2004 عضوا في جماعة التكفير والهجرة [13]. كانت هناك بوادر واضحة على إنعدام المركزية والتنسيق المنظم بين هذه المجاميع المتنوعة وكان هناك بوادر خلافات بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت الطرف الرئيسي في نشوء الأزمة والفصائل الإسلامية التي إنظمت اليها.

في لقاء لقناة العربية الفضائية مع "الأمير الوطني" للجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق في 18 أكتوبر 2004 نطق مرزاق "الجماعة الإسلامية في الحقيقة جمعت شتاتاً غير متجانس, فهناك من كان في الهجرة والتكفير، وهناك من كان في الإخوان, وهناك من كان في التيار السلفي الذي لا يؤمن بالتكفير, وهناك من اتى من الخارج من أفغانستان, وطبعاً وجلب معه المتناقضات الموجودة في أفغانستان" و"لم تكن الجماعة الإسلامية تملك من النظام والتنظيم ما يسمح لها حتى تضبط هؤلاء الأفراد" [14]. في ضل عدم وجود تنظيم وقيادة مركزية موحدة بدأت موجة من أعمال العنف التي إستهدفت مدنيين كالمفهمين والمدرسين والموظفين والإعلاميين والمفكرين والأجانب بحجة إنهم متعاونون مع السلطة وكانت الجماعة الإسلامية المسلحة برئاسة عنتر الزوابري وراء الكثير من هذه العمليات [15] ، [16] [17].

المفاوضات

إستمرت أعمال العنف طيلة عام 1994 ولكن الإقتصاد الجزائري بدأ بالتحسن نوعا ما بعد قدرة الحكومة على تمديد فترة دفع بعض الديون وحصولها على مساعدات مالية عالمية بقيمة 40 مليار دولار [18], ولم تكن في الأفق بوادر توقف قريب لأعمال العنف وفي هذه الأثناء وفي 31 يناير 1994 تم إختيار اليمين زروال رئيسا للدولة لتسيير شؤون البلاد في الفترة الإننطقية الذي كان أول أمازيغي يتقلد مسؤولية رئاسة الجمهورية منذ الاستقلال وكان زروال يفضل مبدأ الحوار والتفاوض اكثر مقارنة بالرئيس الذي سبقه علي كافي فبدأ زروال محادثات مع قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المسجونيين وأطلق سراح الكثير منهم وأدى إسلوب زروال إلى حدوث إنقسام بين مواقف الجهات المحاربة لفكر الإسلام السياسي فكانت جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الإشتراكية تفضل التفاوض لحل الأزمة بينما كان الأتحاد العام للعمال الجزائريين [19] والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية [20] ومنظمة الشباب الأحرار الجزائرية كانت تفضل تصفية كاملة لظاهرة الإسلام السياسي المسلح وبدأت منظمة الشباب الأحرار بالعمل بإستهداف من إعتبرتهم "متعاطفين مع الإسلاميين" [21].

في هذه الأثناء برزت الجماعة الإسلامية المسلحة كفصيل نشيط في حرب العصابات وفي 26 أغسطس 1994 اعلنت الجماعة تطبيقها لقوانين الخلافة الاسلامية وإختارت لقب أمير المؤمنين لزعيمها وإستمرت في إستهداف المدنيين وكان الشاب حسني, المطرب الجزائري من بين من تم إستهدافهم حيث أغتيل في 29 سبتمبر 1994 [22]. في هذه الفترة ومحاولة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ لإعادة زمام السيطرة على مجريات الصراع مع الحكومة شكلت الجبهة حركة جديدة ضمت مجاميع كانوا مشهجرين بقناعة إذا الأساليب المتطرفة التي تنتهجها الجماعة الإسلامية المسلحة يفترض أن يؤدي إلى زيادة الأوضاع سوءا وتدريجيا أحكمت الجبهة زمام سيطرتها على مايقارب 50% من العمليات في شرق وغرب الجزائر ولكن منطقة وسط الجزائر بقيت مسرحا لعمليات الجماعة الإسلامية المسلحة.

في نهاية عام 1994 أعرب اليمين زروال فشل المفاوضات مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، وعبر عن نيته في إجراء إنتخابات جديدة في مطلع عام 1995 وطرح فكرة إقامة ميليشيات للدفاع عن القرى والأماكن المستهدفة حيث إذا تحركات الجيش لم تكن كافية لإحتواء الأزمة [23]. وفي هذه الأثناء تمكن بعض قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ من مغادرة الجزائر إلى روما وبدؤا بمفاوضات مع أحزاب المعارضة الجزائرية الأخرى وإستطاعت ان توحد أراءخمسة أحزاب اخرى في 14 يناير 1995 ونتج عن هذا الأتفاق جدول اعمال طالبت بإحترام حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية ورفض التحكم المطلق للجيش في إدارة شؤون الجزائر وإطلاق سراح قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ والمطالبة بوقف اعمال العنف من قبل جميع الأطراف ولكن الحكومة لم تسقط على هذا الأتفاق وإعتبرتها تدخلا خارجيا في شؤون الجزائر [24] .


المذابح

نطقب:Algerian massacres of 1997

المذابح التي راح ضحية جميع منها أكثر من 50 شخصاً في عامي 1997 و1998
المذابح في القرى الجزائرية شكلت منعطفا خطيرا في الصراع

إستمرت الجماعة الإسلامية المسلحة بفعالياتهم المثيرة للجدل وخاصة في جنوب الجزائر وعهد منطقة نشاطهم بإسم مثلث الموت وكانت أطراف هذا المثلث تعبير عن ولاية الجزائر وبليدة والأربعاء وسقط في هذا المثلث مذابح عديدة وكانت من أبشع الحملات الدموية التي قامت بها الجماعة هي اغتال 400 مدني جزائري في بلدة تبعد 150 ميلا جنوب غرب الجزائر في 31 ديسمبر 1997 [25] ولم يكن إستهداف الجماعة مقتصرا على اهداف مدنية حكومية اوشخصيات مدنية فقط بل إنها بدأت بإستهداف الجبهة الإسلامية للإنقاذ ايضا وتم في 11 يوليوإغتيال عبد الباقي صحراوي في باريس وكان صحراوي احد قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ [26].

في 16 نوفمبر 1995 فاز اليمين زروال بالإنتخابات بأغلبية 60% وأشار المراقبون العرب والدوليون إذا الإنتخابات كانت نزيهة [27] ، وكان التوجه العام للمقترعين هوإيجاد مخرج من دائرة العنف بغض النظر عن الجهة السياسية الفائزة في الإنتخابات وبدأ زروال يدفع إلى كتابة دستور حديث للبلاد يمنح الحكومة والرئيس بالتحديد صلاحيات واسعة وتم تمرير هذا الدستور بعد إستفتاء شعبي عام. بدأت الميليشيات الموالية للحكومة بالإزدياد والإنتشار وكانت هذه الميليشيات تعبير عن مدنيين تم تدريبهم وتزويدهم بالأسلحة من قبل الجيش . فيخمسة يونيو1997 فاز الحزب الجديد الذي شكله زروال باغلبية 156 مقعدا من اصل 380 مقعد في البرلمان الجزائري وبدأت الحكومة بإبداء مرونة اكثر مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ فتم نقل مؤسس الجبهة عباس مدني من السجن إلى الإقامة الجبرية في منزله ولكن عام 1997 شهد منعطفا خطيرا في الصراع حيث بدأت سلسلة من العمليات التي إستهدفت المدنيين وكان الذبح الطريقة الشائعة في هذه المذابح وفيما يلي قائمة بهذه المذابح [28] [29]:

  • مذبحة ثاليت في ثلاثة ابريل 1997 في المدية وقتل فيها 52 إنسان من مجموع 53 إنسان من ساكني القرية .
  • مذبحة حوش خميستي في 21 ابريل 1997 وقتل فيها 93 قروي في ثلاثة ساعات.
  • مذبحة دائرة لابقوير في 16 يونيو1997 وقتل فيها 50 مدنيا.
  • مذبحة سي زيروق في 27 يوليو1997 وقتل فيها حوالي 50 مدنيا.
  • مذبحة قويد الحاد ومزائرية في ثلاثة اغسطس 1997 وقتل فيها مايقارب 76 مدنيا.
  • مذبحة سوهاني في 20 اغسطس 1997 وقتل فيها 64 مدنيا.
  • مذبحة بني علي في 26 اغسطس 1997 وقتل فيها مايقارب 100 مدنيا.
  • مذبحة ريس في 29 اغسطس 1997 وقتل فيها 400 شخص.
  • مذبحة بني مسوس فيخمسة سبتمبر 1997 وقتل فيها 87 مدنيا.
  • مذبحة جويلب الكبير في 19 سبتمبر 1997 وقتل فيها 53 مدنيا.
  • مذبحة بن طلحة في 22 سبتمبر 1997 وقتل فيها 200 قرويا.
  • مذبحة سيد العنتري في 23 ديسمبر 1997 وقتل فيها 117 مدنيا.
  • مذبحة ولاية غليزان في 30 ديسمبر 1997 وقتل فيها 272 مدنيا.
  • مذبحة سيدي حميد في 11 يناير 1998 وقتل فيها 103 مدنيا.
  • مذبحة قويد بواجة في 26 مارس 1998 وقتل فيها 52 مدنيا.
  • مذبحة تاجينا فيثمانية ديسمبر 1998 وقتل فيها 81 مدنيا.

وكانت هذه المذابح التي إستهدفت سكان هذه القرى لاتميز بين ذكر اوانثى اوبين طفل رضيع اوشيخ طاعن في السن وكانت طرق القتل في غاية الوحشية وكانت اصابع الأتهام موجهة إلى الجماعة الإسلامية المسلحة التي إعترفت بنفسها عن مسؤوليتها عن مذبحتي ريس وبن طلحة [30], وكان التكفير هوالمبرر الذي إستعمله الجماعة فكل جزائري لا يقاتل الحكومة كان في نظرهم كافرا [31]

وكان المبرر الآخر هوإنظمام بعض ساكني تلك القرى إلى الميليشيات الموالية للحكومة. من جهة اخرى كانت هناك تقارير من منظمة العفوالدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان مفاده ان تلك المذابح سقطت على مبعدة مئات الأمتار من مقرات الجيش الجزائري والذي حسب التقارير لم تعمل شيئا لأيقاف المذابح وكانت هناك إشاعات إذا الجيش نفسه قام بعد من هذه المذابح وإنتشرت هذه الدعيات بعد هروب افراد من الجيش ولجوئهم إلى دول اوروبية حيث صرح هؤلاء ان الجيش كان له يد في بعض المذابح [32] [33]. وبدأت موجة من تبادل الأتهامات عن المسؤول عن هذه المذابح حيث بدأت الكثير من نظريات المؤامرة بالإنتشار وكانت من أبرزها ان الحكومة إستطاعت التغلغل في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وان لها دورا في هذه المذابح وإلقاء مسؤوليتها على الجماعة [34].

ميثاق السلم والمصالحة الوطنية

عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجزائر منذ عام 1999.

أدت هذه المذابح إلى حدوث إنشقاق في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وإنفصل البعض منها بسبب عدم قناعتهم بجدوى تلك الأساليب وفي 14 سبتمبر 1998 تشكلت المجموعة السلفية للتبشير والجهاد بزعامة حسن حطاب [35] ، وفي 11 سبتمبر 1999 فاجأ اليمين زروال العالم بتقديم إستنطقته ونظمت إنتخابات جديدة في الجزائر وتم إختيار عبد العزيز بوتفليقة رئيسا في 15 ابريل 1999 وحصل إستنادا إلى السلطات الجزائرية على 74% من الأصوات إلى إذا بعض المنافسين إنسحبوا من الإنتخابات بدعوى عدم نزاهة الإنتخابات. إستمر بوتفليقة في الحوار مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وفيخمسة يونيو1999 حصل على موافقة مبدأية من الجبهة بنزع أسلحتها وأصدر بوتفليقة العفوعن الكثير من المعتقليين وعرض ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لإستفتاء عام وفيه عفوعن المسلحين الذين لم يقترفوا اعمال اغتال اوإغتصاب إذا ماقرروا العودة ونزع سلاحهم وتمت الموافقة الشعبية على الميثاق في 16 سبتمبر 1999 وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بنزع سلاحها بالكامل في 11 يناير 2000 وفي فبراير 2002 اغتال عنتر الزوابري زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة في احدى المعارك مما ادى إلى تقليل ملحوظ في نشاط الجماعة [36]. وتم إطلاق سراح مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني وعلي بلحاج وكان هذا مؤشرا على ثقة الحكومة بنفسها وبالعمل كان حدس الحكومة صائبا ففي إنتخابات عام 2004 حصل بوتفليقة على 85% من الأصوات .


الأصداء الخارجية للحرب

"الحرب القذرة في الجزائر" تأليف حبيب سويدية. انقر على الصورة لمطالعة الكتاب بأكمله.

المصادر

[37]

[38]

[39]

[40]

[41]

[42]

[43]

[44]

المرادية

[45]

[46]

[47]

العربية.نت

بي بي سي

إسلام اونلاين

الجزيرة

[48]

[49]

[50]

[51]

[52]

[53]

[54]

[55]

[56]

[57]

[58]

[59]

[60]

[61]

[62]

[63]

[64]

[65]

الهامش

  1. ^ Martinez 1998:162.
  2. ^ Martinez 1998:215.

تاريخ النشر: 2020-06-05 18:05:12
التصنيفات: صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Pages using deprecated image syntax, الحرب الأهلية الجزائرية, مذابح جزائرية في التسعينات, حروب أهلية في العصر الحديث, حروب عصابات, تاريخ الجزائر, حروب بلدان وشعوب أفريقيا, حروب أهلية على أساس ديني

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بابا الفاتيكان في رسالة شكر ومودة لقيادة وشعب البحرين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:31
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 98%

"ليست سورية".. صحافية تركية تشكك في جنسية منفذة تفجير اسطنبول

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:57
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 94%

"الفاو": إمدادات الحبوب الروسية ستساعد في وقف انتشار المجاعة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:38
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 89%

تضرر مدرسة وسط مدينة دونيتسك جراء قصف أوكراني

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:29
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 98%

ارتفاع ضحايا انفجار السليمانية بالعراق إلى 10 قتلى و13 مصاباً

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:17:40
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 85%

إسرائيل: اعتقال فلسطيني يحمل سكينا في الضفة الغربية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:35
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 90%

20 قتيلاً في سقوط شاحنة بحفرة مليئة بالمياه في باكستان

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:55
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 100%

طهران: الوكالة الدولية للطاقة الذرية على علم بأنشطة إيران النووية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:17:27
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 94%

ماكرون لقادة آسيا والمحيط الهادي: حرب أوكرانيا هي مشكلتكم أيضا!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:58
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 99%

جنوح سفينة شحن في تركيا كانت في طريقها من السودان إلى اسطنبول

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:29
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 85%

مظاهرات في تايلاند بالتزامن مع افتتاح منتدى "أبيك" (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:30
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 95%

انتعاش طفيف في مبيعات التجزئة ببريطانيا وسط توقعات متشائمة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:17:47
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 95%

أستراليا تتمسك بالغواصات الأميركية رغم الانتقادات الفرنسية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:56
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 98%

ارتفاع أسعار النفط بعد أيام من التراجع

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:34
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 93%

من أجل "السلمون".. أميركا توافق على أكبر عملية إزالة للسدود بتاريخها

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:17:23
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 92%

سيئول: سرعة صاروخ الجارة الشمالية فاقت سرعة الصوت بـ22 مرة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 09:16:35
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية