محمد فريد وجدي
محمد فريد وجدي (1878 - 1954) محرر إسلامي مصري الجنسية من أصول شركسية ولد في مدينة الإسكندرية بمصر سنة 1878 م ( 1295 هـ ) وتوفى بالقاهرة سنة 1954 م ( 1373 هـ ). عمل على تحرير مجلة الأزهر لبضع وعشر سنوات ، له الكثير من المؤلفات ذات طابع ديني ووثائقي ومن أبرز خطه كتاب كنز العلوم واللغة وكتاب دائرة معارف القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي) ويقع في عشرة مجلدات, له كتاب مهم بعنوان صفوة العهدان في تفسير القرآن أعيد طبعه عدة مرات، وله كتاب رائع في السيرة اسمه ( السيرة المحمدية تحت ضوء الفهم والفلسفة )، وله كتاب في شرح مباديء الإسلام ورد الشبهات عنه اسمه ( الإسلام دين عام خالد ).
لم يقتصر نشاطه على الدين فحسب ولكن كان له نشاط سياسي واضح حيث عارض الزعيم الوطني مصطفى تام في الذهاب إلى فرنسا بعد حادثة دنشواي 1906 م وكان يرى حتى السفر كان يجب ألا يقتصر على فرنسا فحسب ولكن للعديد من الدول الأوروبية . ومن أنبغ تلامذته د / محمد رجب البيومي عميد كلية اللغة العربية الأسبق - جامعة الأزهر وهوالذي جمع له مجموعة خط من خطه حيث حتى جزء كبير من خطه كان يخط على هيئة منطقات .
ومن مؤلفاته المهمة أيضا: (الإسلام في عصر الفهم) وهوكتاب جيد بين فيه التوافق بين الفهم والدين، ومنها أيضا رده الفهمي المتين على (الشعر الجاهلي) لطه حسين. وأرخت الموسوعة العربية العالمية ميلاده ووفاته هكذا [1875 - 1948] نطق عنه العقاد في كتابه (رجال عهدتهم): "هوفريد عصره غير مدافع ...".
ويذكر د/ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر سابقا مدى انتفاعه بمجالس فريد وجدى الذى كان يؤمها وزائريه في منزله بعد صلاة المغرب من جميع يوم...حتى أفاد منها د/ عبد الحليم في تعهد الاتجاهات المتنوعة كما فتح له أبواب الموضوعات التي تشغل أنصار الفكرة الإسلامية ليلقى عليها مزيدا من الضوء والمناقشة ثم لتكون مادة للبحث الفهمى حين تنقل من الندوات إلى المجلات والخط.
ويرى د/ رجب البيومى حتى من المسار المبهج حتى نجد (3) من فهماء المسلمين العرب تترجم أكثر مؤلفاتهم إلى معظم لغات بنى الإسلام وهم: فريد وجدى & طنطاوى جوهرى & رشيد رضا
يورد د/ رجب البيومى هذه الحكاية بنفسه فيقول:
( صاحبت الأستاذ وجدى وجالسته فرأيت في أخلاقه الرفيعة نبيا ملهما ، وما ظنك بإنسان يقوم لخادمه إذا ولج عليه مهما تعددت مرات دخوله!! فإذا سألته في ذلك أحاب متسائلا عن الفرق بينه وبين الزائرين من الضيوف.
2/ ذات مرة وعلى إثر مناقشة بين فريد وجدى وبين رشيد رضا اتهم رشيد رضا الأستاذ وجدى بأنه جاهل ولما لم يناقشه الأستاذ وجدى إلا كما يناقش الصديق الصديق..وسئل في ذلك نطق:
(إن كلينا يحارب في جبهة واحدة...هي الجبهة الإسلامية ، وإذا كنا نحاول الرفق مع خصوم الإسلام لنستدرجهم إلى سماع ما نقول، فان الرفق بأصحاب الاتجاه الواحد أدعى وألزم) والحق إنها وجهة نظر عاقلة قلما رأيت الناس يسلكونها.
3/ راسل عامل بريد نصرانى الأستاذ وجدى ( وقد كان رئيسا لتحرير مجلة الأزهر الشريف) بعشر رسالات طوال تزيد الرسالة الواحدة عن ست صفحات طوال..فرد عليه الأستاذ وجدى على بريد العامل النصرانى الخاص.......وقد طلب بعضهم حتى يجمع الأستاذ فريد تلك الردود والموضوعات معا في كتاب مستقل فكان رده:
( لقد أوفد إلى هذا الرجل ردا مليئا بالأفكار الخاطئة وذلك بعد حتى خطت منطقا عن الإسلام والمسيحية في مجلة الأزهر وخفت حتى أنشره معقبا بدحضه فيحدث النشر بلبلة لدى إخواننا المسحيين ، لا أرتضيها ، ثم خشيت حتى أهمله فيظن حديثه سليما ...فرأيت حتى أفند آراءه في كتاب مستقل بعثت به إليه ولكنه أسهب وانتقل من موضوع إلى موضوع فدفعنى ضميرى إلى الرد عليه وكرر التعقيب فكررت الرد آملا حتى ينتهى النقاش عند حد حتى إذا نفذ صبرى أعتذرت بعد عشر رسائل ثم نطق بتواضع وأدب:
( إذا الفكر أمانة وصاحب القلم ليس مخيرا دائما فيما يخط ولكنه يُفاجَأ أحيانا بما لا سبيل إلى السكوت عنه فيحمل يراعه – قلمه- كما يحمل المجاهد في حومة القتال سلاحه، والله عليم بذات الصدور)
4/ ويحكى حتى الأستاذ وجدى رد على قاسم أمين بكتاب ( المرأة المسلمة) الذى كان المورد الأول لمن يريد رأى الإسلام في هذه القضية..وواصل منطقاته حتى صادفت منطقة له أحد الوعاظ فاغتاظ من الأستاذ وجدى ووصف وجدى فريد بما ليس فيه وتهور وبالغ في حدثاته فرد فريد وجدى على محتوى كلام الواعظ ولم يتحدث عما وُجّه إليه من إساءة فازاد الواعظ في تطاوله جدا جدا حتى اغتاظ بعض تلاميذ الأستاذ وجدى ونطق له د / رجب البيومى( إذا الرد على أمثال هذا المتشنج يزيد من غروره ...فنطق الأستاذ وجدى حدثة تسجل بأحرف من نور لمن يعقلون نطق:
( ليست القضية قضيتى ولا قضيته، ولكنها قضية القارىء البصير ، وهذا القارىء سيتلوالرأى ونقيضه ثم يجنح إلى ما يستصوب ، فالرد واجب، ومحاولة تجاهله تأييد للخطأ ، وهزيمة للصواب)
5/ تلقى الإمام محمد مصطفى المراغى شيخ الأزهر سابقا سؤالا عن الشرك وعقوبته الأخروية وأورد السائل تعسفات فلسفية لا تتصل إلى اليقين بشىء فأحال الإمام المراغى السؤال إلى اثنين الأستاذ/ يوسف الدجوى & والأستاذ وجدى فريد..فأجاب الدجوى بمنحى نقلى وأجاب فريد وجدى بمنحى فلسفى عقلانى،
وظهر الموضوعان متجاورين بمجلة الأزهر، وقد شاء بعض المتحمسين لمنطق الأستاذ وجدى المبالغة في مدحه والنيل من منطق الأستاذ الدجوى فقاطع الأستاذ وجدى المتحدث بأدب بالغ ونطق:
انه استفاد من منطق الشيخ الدجوى ما أضاف الجديد إلى رأيه وانه نشره قبل منطقه اهتماما به واحتفاء بما أفاض به الرجل الحجة من خواطر تمس وجدان المسلم وتحمل من مستواه...ورجا الناقد حتى يعود إلى منطق الدجوى ثانية فتململ الرجل واثر الصمت ثم الانسحاب ...وبعد قليل انتقد بعض الحاضرين وانتقص من شأن هذا الرجل الناقد بعد خروجه وانسحابه فنطق الأستاذ وجدى:
( من يدرى ؟؟لعله كان يعتقد صحة ما يقول ..وقد هديته إلى ما غاب عنه ومن فضله حتى قرأ ووازن....فهوخير ممن لم يقرأ ولم يفكر ...وأحب حتى تكون مجالس الفهم موضوعية لا ذاتية ...فهذا أولى بكرامتنا)
من مؤلفاته
1/ المدنية والإسلام ( ألفه وهوابن عشرين عاما وقد ألف بالفرنسية ثم ترجم للعربية وغيرها).
2/ دائرة معارف القرن العشرين ( ألفه في عشر سنين) .
3/من معالم الإسلام( مجموعة منطقات خطت بمجلة الأزهر ثم جمعت ككتاب) .
4/ على أطلال الممضى المادى ( ثلاثة أجزاء) .
5/ الوجديات( كتاب في أصول الحوار ) .
6/المرأة المسلمة( ألف بغرض الرد على أفكار قاسم أمين التي خالفت في بعضها رأى الإسلام) .
7/مهمة الإسلام في العالم( يحتوى على 24 مبحث) .
8/ السيرة النبوية تحت ضوء الفهم والفلسفة ( يحتوى على 40 فصلا ) .
9/ ليس من هنا نبدأ.
10/ في معهجر الفلسفيين.
11/ المستقبل للإسلام.
12/ أوقات الفراغ.
13/ وله كتاب موجز في تفسير القران ترجم للغات عديدة.
14/ أخرى.
- هذا وقد رأس تحرير مجلة الأزهر الشريف وخط فيها منطقات عديدة من الممكن لوجمعت لشكلت نواة جيدة لعدة خط مفيدة في مجالات مختلفة.
عن أفكاره من آرائه
1/ دور مجلة الأزهر ودور المصلحين
( إذا لمجلة الأزهر مقصدين عظيمين:
- خدمة الإسلام على النحوالذى يتفق وثقافة العصر الحاضر وتقبله عقلية أهله.
- خدمة قضية الدين بوجه عام ضد الفلسفة المادية التي استبدت بالعقلية الأوربية ثلاثة قرون متوالية فأفسدت المذاهب الفلسفية ...واستندت إلى الناحية المادية من الفهم فجعلت لنفسها سلطانا على الأذهان ..وأسقطت من سلطان العقل ...الاستهداء بالحس فأضاعت على الناس مزية الاستهداء بالوجدان .
2/ التنبؤ بزوال الشيوعية
( هذا التورط الشنيع الذى تتكلفه الشيوعية وتحتفظ به في سيل عارم من دماء البشر في سبيل اجتثاث الدين من قلوبهم لا يعقل حتى يدوم.....مجلة الأزهر المجلد (11) صفحة 101 سنة 1359هجرية).
الخطوط العريضة لفكر العلامة محمد فريد وجدى
يهجرز فكر فريد وجدى في:
1/عرض الإسلام لأبنائه كما هبط من معينه الصافى.
2/ تصفية الإسلام من شُبه الأعداء والحاقدين وعرضها بصورة جيدة يقبلها العقل الحر اليقظ.
3/ حين تقرأ خطه تحس حتى هذا الرجل يدور في فلك هذا السؤال
( كيف من الممكن أن نفهم الإسلام شريعة صالحة للإصلاح والحكم؟؟؟؟) .
4/ صبغ النادىة للإسلام بالصبغة الفهمية والفلسفية.
5/ محاربة الإلحاد وإبرازه على أنه آفة في العقل.
الخطوط العريضة لشخصية العلامة محمد فريد وجدى
من خلال كتاباته( فضلا عن رأى معاصريه وتحليل فكره) يمكن تحديد بعض النقاط العريضة التي تتشكل عليها هذه الشخصية كما يلى:
1/ واثق بنفسه
2/ رزين متزن حليم..يقدر مشاعر الآخرين .
3/ جندى مجهول.
4/ عظيم القدر.
5/ منظم..فهمى..عقلانى...( فلسفى الطرح) .
6/ نشط .
7/طموح.
8/ عملى...إصلاحي...
9/ موضوعي.
10/ فريد...ولكلٍ نصيب من اسمه.
دروس نتفهمها من دراسة هذه الشخصية
1/ إذا النفوس العظيمة التي تصحبها فطرة نقية وعقل يقظ تتشابه في الإنتاج والإبداع ( فريد وجدى – رشيد رضا—حسن البنا - محمد أبوزهرة-– – محمد الغزالى -وغيرهم).
2/ إذا العقول الكبيرة التي تتشبث بثوابت الأمة تُلهم أفكارا كبيرة بها تصلح الأمة: يعيشون بها ولها ...من هذه الأفكار( الإلحاد آفة- الدين أساس الإصلاح – الدين فطرة....)
3/إن النادىة الصادقين يتناسون الأذى في أشخاصهم ويركزون على أهدافهم ولعمرى لوحتى أحدهم التفت لمن يهدمهم ما بنوا إنجازا يذكر، ولعمرى إذا ذلك لموطن تختبر فيه عظمة النفوس ويقظة العقول.
4/لقد رأينا فهماء يطويهم الصمت ويسحب عليهم ذيل النسيان ولكن...غدا يذكرهم المخلصون من أبناء أمتهم وفى الآخرة عوض جميل ..إن شاء الله تعالى.
كانت هذه سيرة رجل طواه بعض النسيان لكنه سيبقى في ضمير الأمة حيا حدثا فكر النسيان حتى يسحب ذيله عليه......ولقد رأيت في أمة محمد صلى الله عليه وسلم رجالا - نحسبهم على خير- يعيدون إحياء تلك النجوم التي نفخر بهم حين نقول: هؤلاء من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.
