ابن قتيبة الدينوري
أبومحمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213-رجب 276 هـ) نحوي لغوي، ولد ببغداد وقيل بالكوفة وأقام بالدينور مدة فنسب إليها. صاحب كتاب المعارف وأدب المحرر؛ نطق عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: «كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه وأبي حاتم السجستاني ... وتصانيفه كلها مفيدة».
ولد بالكوفة، ثم انتقل إلى بغداد، حيث استقر فهماء البصرة والكوفة، فأخذ عنهم الحديث والتفسير والفقه واللغة والنحووالكلام والأدب والتاريخ، مثل أبي حاتم السجستاني وإسحاق بن راهويه وأبي الفضل الرياشي وأبي إسحاق الزيادي والقاضي يحيى بن أكثم والجاحظ، ولهذا اعتبر ابن قتيبة إمام مدرسة بغدادية في النَّحووفَّقت بين آراء المدرستين البصرية والكوفية. كما عاصر قوة الدولة العباسية، وصراع الثقافات العربية والفارسية والأجناس العربية وغير العربية، وما أسفر عنه من ظهور الحركة الشعوبية ومعاداة جميع ماهوعربي. كما عاصر صعود الفكر الاعتزالي وسقوطه. فكان لكل ذلك تأثيره في معالم تفكيره، وتجديد موضوعات خطه كما يظهر في مؤلفاته.
تفنيده للمعتزلة
اختير قاضيًا لمدينة دينور، ومن ثم لقب بالدينوري. وفي عهد الخليفة المتوكل العباسي، الذي أزال هيمنة فكر المعتزلة، عاد ابن قتيبة إلى بغداد، وشهر قلمه وسخره لإعلاء السنة وتفنيد حجج خصومها، وبذلك استحق حتى ينطق: إنه في أهل السنة بمنزلة الجاحظ عند المعتزلة.
تلاميذه
وفي بغداد اشتغل بالتدريس، فتتلمذ عليه خلق كثيرون، رووا خطه، ونقلوا إلينا فهمه مثل: النحوي ابن درستويه، وعبد الرحمن السكري، وأحمد بن مروان المالكي، وأبوبكر محمد بن خلف بن المرزبان وغيرهم.
وأهل السنة يحبونه ويثنون عليه، ويعدونه إمامًا من أئمتهم كما عمل الخطيب البغدادي والحافظ المضىي وابن تيمية.
موسوعي
ولتعدد اهتمامات ابن قتيبة وتنوع موضوعات خطه، يُعدُّ عالمًا موسوعيًا، فهوالعالم اللغوي الناقد المتحدث الفقيه النحوي. وتعود شهرته في التاريخ والأدب إلى كتابه الشعر والشعراء، وبوجه خاصّ إلى مقدمة هذا الكتاب، وما أثار فيها من قضايا نقدية.
مؤلفاته
ومن مؤلفاته:
- غريب القرآن الكريم
- غريب الحديث
- عيون الأخبار
- مشكل القرآن
- مشكل الحديث
- كتاب الشعر والشعراء
- طبقات الشعراء
- الأشربة
- إصلاح الغلط
- كتاب التقفية
- كتاب الخيل
- كتاب إعراب القراءات
- كتاب الأنواء
- كتاب المسائل والجوابات
- كتاب الميسر والقداح وغير ذلك.
مصادر
- وفيات الأعيان لابن خلكان.
مقدمة عيون الأخبار
"وسينتهي بك كتابنا هذا إلى باب المزاح والفكاهة وما روي عن الأشراف والأئمة فيهما، فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه أوتستحسنه أوتعجب منه أوتضحك له فاعهد الممضى فيه وما أردنا به. وافهم أنك إذا كنت مستغنيًا عنه بتنسكك فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه، وإن الكتاب لم يعمل لك دون غيرك فيُهيًّأ على ظاهر محبتك، ولوسقط فيه توقي المتزمتين لمضى شطر بهائه وشطر مائه ولأعرض عنه من أحببنا حتى يقبل إليه معك. وإنما مثل هذا الكتاب مثل المائدة تختلف فيها مذاقات الطعوم لاختلاف شهوات الآكلين.
"وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أوفرج أووصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أوالتخاشع على حتى تصعر خدك وتعرض بوجهك، فإن أسماء الأعضاء لا تؤثم وإنما المآثم في شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب ... فتفهم الأمرين وافرق بين الجنسين.
"ولم أترخص لك في إرسال اللسان بالرفث على حتى تجعله هجيراك على جميع حال وديدنك في جميع منطق، بل الترخص مني فيه عند حكاية تحكيها أورواية ترويها تنقصها الكناية ويمضى بحلاوتها التعريض، وأحببت حتى تجري في القليل من هذا على عادة السلف الصالح في إرسال النفس على السجية والرغبة بها عن لبسة الرياء والتصنع. ولا تشعر حتى القوم قارفوا وتنزهت وثلموا أديانهم وتورعت.
"وكذلك اللحن إذا مر بك في حديث من النوادر فلا يمضىن عليك أنا تعمدناه وأردنا منك حتى تتعمده، لأن الإعراب من الممكن سلب بعض الحديث حسنه وشاطر النادرة حلاوتها ... ألا ترى حتى هذه الألفاظ لووفيت بالإعراب والهمز حقوقها لمضىت طلاوتها ولاستبشعها سامعها وكان أحسن أحوالها حتى يكافئ لطف معناها ثقل ألفاظها."
الإمام الحافظ ابن قتيبة الدينوري في مقدمة كتاب "عيون الأخبار"
هذه بذرة منطقة عن حياة شخصية بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها. |