لفسة
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللفسة هم أولى السلالات الإسلامية المستقلة في المغرب 788-974 م ، وكان مقر حكمهم مدينة وليلى: 788-807 م ، ثم فاس: منذ 807 م.
التاريخ
مؤسس السلالة إدريس بن عبد الله الكامل (788-793 م) من أحفاد الرسول محمد (ص)، نجا بنفسه من مذبحة فخ، التي أقامها العباسيون للعلويين سنة 786 م. فر إلى وليلي (بالمغرب). تمت مباعيته قائداً وأميراً وإماماً من طرف قبائل الأمازيغ في المنطقة. وسع حدود مملكته حتى بلغ تلمسان (789 م). ثم بدأ في بناء فاس. قام الخليفة العباسي هارون الرشيد بتدبير اغتياله سنة 793 م. لإدريس الأول (مولاي إدريس في المغرب) مكانة كبيرة بين المغربيين. ويعتبر قبره في وليلي (مولاي إدريس اليوم) مزارا مشهوراً.
ابنه إدريس الثاني (793-828 م) والذي تولى الإمامة منذ 804 م، قام بجلب الكثير من الحرفيين من الأندلس وتونس، بنى فاس وجعلها عاصمة الدولة، كما دعم وطائد الدولة. قام ابنه محمد (828-836 م) عام 836 م بتقسيم المملكة بين إخوته الثمانية (أوأكثر). كانت لهذه الحركة تأثير سلبي على وحدة البلاد. بدأ بعدها فترة الحروب الداخلية بين الإخوة. منذ 932 م سقط اللفسة تحت سلطة الأمويين حكام الأندلس والذين قاموا لمرات عدة بشن حملات في المغرب لإبعاد اللفسة عن السلطة.
بعد معارك ومفاوضات شاقة تمكنت جيوش الأمويين من القبض على آخر اللفسة (الحسن الحجام) والذي استطاع لبعض الوقت من حتى يستولى على منطقة الريف وشمال المغرب، تقبض عليه سنة 974 م، ثم اقتياده أسيرا إلى قرطبة. توفي هناك سنة 985 م.
تفرعت عن الادارسة سلالات عديدة حكمت بلدان إسلامية عدة. أولها كان بنوحمود العلويون الذين حكموا الجزيرة ومالقة (الأندلس). كما تولوا لبعض الوقت أمور الخلافة في قرطبة. فرع آخر من اللفسة حكم جزءا من منطقة عسير في السعودية بين سنوات 1830-1943 م. الأمير عبد القادر الجزائري والذي حكم في الجزائر سنوات 1834-1847 م ينحدر من هذه الأسرة أيضا. آخر فروعهم كان السنوسيين حكام ليبيا والجبل الأخضر 1950-1969 م.
لم تنبتر ثورات آل البيت منذ حتى استشهد الحسين بن علي في معركة كربلاء، في العاشر من المحرم سنة 61هـ، وكانت نتيجة هذه المعركة مأساة أدمَتْ قلوب المسلمين حزنًا على الحسين، ريحانة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وبعد أكثر من نصف قرن من مقتل الحسين أعرب حفيده زيد بن علي بن الحسين الثورة على الخليفة الأموي سنة 121هـ، وتكررت المأساة نفسها؛ فلم يكن معه من القوة والرجال ما يضمن له النجاح والظفر، لكنه انخدع ببيعة أهل الكوفة، حتى إذا جدّ الجدَّ وظهرت معادن الرجال انفضوا عنه وهجروه يلقى مصيره المحتوم أمام يوسف بن عمر الثقفي والي الكوفة الذي نجح في القضاء على تلك الثورة، وقتل مفجرها زيد بن علي.
ولم تنبتر ثورات العلويين بعد تولي أبناء عمومتهم العباسيين الخلافة، وإعلانهم أنهم أحق بها منهم، وقابل العباسيون ثورات أبناء العمومة بكل شدة وقسوة، ونجح أبوجعفر المنصور في القضاء على ثورة "محمد النفس الزكية"، الذي كان معروفًا بالتقوى والفضل وفي مقدمة سادات بني هاشم خلقًا وفهمًا وورعًا، وانتهت ثورته باستشهاده سنة (145هـ = 762م)، ولم تكن ثورة أخيه إبراهيم أفضل حالاً من ثورته، فلقي مصرعه في السنة نفسها، واطمأن أبوجعفر المنصور على سلطانه، واستتب له الأمر.
معركة فخ بالقرب من مكة
وبعد فشل هاتين الثورتين قامت حركات لبعض العلويين في اليمن وخراسان، لكنها لم تلقَ نجاحًا، وأصابها مثل ما أصاب ما قبلها من ثورات، وعاش من بقي من آل البيت العلوي في هدوء، وربما استخفوا حتى يتمكنوا من إعداد العدة للخروج وهم مكتملوالقوة والعدد، وظلت الأمور على هذا النحومن التربص والانتظار حتى وقع نزاع صغير بين والي المدينة المنورة وبعض رجال من آل البيت أساء التعامل معهم، وأهانهم وأغلظ القول لهم، فحرك ذلك مكامن الثورة في نفوسهم، وأشعل الحمية في قلوبهم، فثار العلويون في المدينة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن، وانتقلت الثورة إلى مكة بعد حتى أعرب الحسين البيعة لنفسه، وأقبل الناس عليه يبايعونه.
ولما انتهى خبر هذه الثورة إلى الخليفة العباسي موسى الهادي، أوفد جيشًا على وجه السرعة للقضاء على الثورة، قبل حتى يمتد لهيبها إلى مناطق أخرى؛ فيعجز عن إيقافها، فتحرك الجيش العباسي إلى مكة، والتقى بالثائرين في (8 من ذي الحجة 169هـ = 11 من يونيو786م) في معركة عند مكان يسمى "فخ" يبعد عن مكة بثلاثة أميال، وانتهت المعركة بهزيمة جيش الحسين، ومقتله هووجماعة من أصحابه.
نجاة إدريس بن عبد الله
وكان ممن نجا من قادة الثائرين في هذه المعركة "إدريس بن عبد الله بن الحسن"، واتجه إلى مصر ومعه خادمه راشد، وكان شجاعًا عاقلاً وفيًا لسيده، وظل أمرهما مجهولاً حتى بلغا مصر مستخفيْن في موكب الحجيج، ولم يكن اختفاؤهما أمرًا سهلاً؛ فعيون الخلافة العباسية تتبعهما وتقتفي أثرهما، ولم تكن لتهدأ وتطمئن قبل حتى تعثر على إدريس بن عبد الله حيًا أوميتًا، لكنهما نجحا في التحرك والتخفي؛ لا لمهارتهما في ذلك، ولكن لحب الناس آل البيت، وتقديم يد العون والمساعدة لهما.
ومن مصر خرج إدريس وخادمه "راشد" إلى بلاد المغرب، وينطق: إذا هذا الخادم كان بربريَّ الأصل، وساعدهما على الخروج من مصر عامل البريد بها؛ فقد كان متشيعًا لآل البيت، فلما فهم بوجودهما في مصر قدم إليهما في الموضع الذي يستخفيان به، وحملهما على البريد المتجه إلى المغرب. وتمضى روايات تاريخية إلى حتى الذي أعان إدريس على الفرار من مصر هو"علي بن سليمان الهاشمي" والي مصر، وأيًا ما كان الأمر فإن إدريس لقي دعمًا ومساعدة لتمكينه من الخروج من مصر، سواءً كان ذلك بعون من والي مصر أومن عامل البريد.
رحلة شاقة
وبعد حتى وصل إدريس بن عبد الله إلى برقة تخفى في زي خشن، يظهر فيه بمظهر غلام يخدم سيده "راشد"، ثم سلكا طريقًا بعيدًا عن طريق إفريقية إمعانًا في التخفِّي، وخوفًا من حتى يلتقي بهما أحد من عيون الدولة العباسية التي اشتدت في طلبهما، حتى وصلا إلى تلمسان سنة (170هـ = 786م)، وأقاما بها عدة أيام طلبًا للراحة، ثم استأنفا سيرهما نحوالغرب، فعبرا "وادي ملوية"، ودخلا بلاد السوس الأدنى، حيث أقاما بعض الوقت في "طنجة" التي كانت يومئذ أعظم مدن المغرب الأقصى، ثم واصلا سيرهما إلى مدينة "وليلى"، وهي بالقرب من مدينة مكناس المغربية، واستقرا بها بعد رحلة شاقة استغرقت حوالي عامين.
في وليلى
وبعد حتى استقر إدريس في وليلى (قصر فرعون حاليًا) اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة "أوربة" البربرية، صاحبة النفوذ والسيطرة في "وليلى"، فلما اطمأن إليه إدريس عهده بنسبه، وأفهمه بسبب فراره من موطنه؛ نجاة بنفسه من بطش العباسيين، وقد رحب إسحاق بضيفه الكبير، وأنزله معه داره، وتولى خدمته والقيام بشأنه شهورًا عديدة، حتى إذا حل شهر رمضان من السنة نفسها جمع إسحاق بن محمد إخوته وزعماء قبيلة أوربة، وعهدهم بنسب إدريس وبفضله وقرابته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكرمه وأخلاقه وفهمه؛ فرحبوا جميعًا به، وأعربوا عن تقديرهم له، وبايعوه بالخلافة في (14 من رمضان 172هـ = 15 فبراير 788م)، وبعد ذلك خلع "إسحاق بن عبد الحميد" طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم.
وتبع ذلك دعوة لإدريس بين القبائل المحيطة، فدخلت في دعوته قبائل: زناتة، وزواغة، وزائرية، ولماية، وسراته، وغياشة، ومكناسة، وغمارة، وباعيته على السمع والطاعة، واعترفت بسلطانه، وقصده الناس من جميع مكان.
استقرت الأمور لإدريس بن عبد الله، ورسخت أقدامه بانضمام جميع هذه القبائل إلى دعوته، ودانت له معظم قبائل البربر، وبدأ يطمح في مدّ نفوذه وسلطانه إلى القبائل التي تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على المجوسية أواليهودية أوالمسيحية، فأعد جيشًا كبيرًا زحف به نحومدينة "شالة" قبالة مدينة الرباط، ففتحها، ثم تحول في جميع بلاد "تامسنا" فأخضعها، وأتبع ذلك بإخضاع إقليم "تاولا"، وفتح حصونه وقلاعه، وأدخل كثير من أهل هذه البلاد الإسلام، ثم عاد إلى "وليلى" للراحة والاستجمام في (آخر ذي الحجة 172هـ = مايو789م)، ثم عاود حملته الظافرة عازمًا على دعوة من بقي من قبائل البربر إلى الإسلام، ونجح في إخضاع قبائل: قندلاوة ومديونة وبهلولة وغيرها من القبائل البربرية التي كانت متحصنة بالجبال والحصون المنيعة، ثم عاد إلى وليلى في (15 جمادى الآخرة 173هـ =عشرة أكتوبر 789م).
فتح تلمسان.. وبناء مسجدها
أقام إدريس بن عبد الله شهرًا في وليلي، ثم عاود الفتح، واتجه ناحية الشرق هذه المرة، عازمًا على توسيع ملكه في المغرب الأوسط على حساب الدولة العباسية، فخرج في منتصف رجب 173هـ = نوفمبر 789م متجهًا نحوتلمسان، وفي أثناء زحفه استولى على مدينة "سبتة"، ولم يكد يصل إلى "تلمسان" حتى خرج إليه صاحبها "محمد بن خرز"، وأعرب خضوعه له دون قتال، وبايع إدريس بن عبد الله، وتبعته قبائل: مغراوة وبني يفرده.
ولما ولج الإمام إدريس تلمسان أقام بها مسجدًا للمدينة جامعًا، وصنع منبرًا جميلاً كان يحمل نقشًا يحدد تاريخ إنشائه، ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما أمر به إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وذلك في شهر صفر 174هـ، وهذا يعني حتى إدريس أقام في تلمسان حتى هذا التاريخ، ثم كرَّ راجعًا إلى عاصمة ملكه.
نهاية الإمام إدريس
ولم تكد تصل هذه الفتوحات إلى عاصمة الخلافة العباسية حتى فزع الخليفة هارون الرشيد، وشعر بالقلق والذعر من النجاح الذي يحققه إدريس بن عبد الله، الذي نجح فيما فشل فيه غيره من أبناء البيت العلوي؛ فلأول مرة ينجحون في إقامة دولة لهم بعد إخفاقات عديدة ومآس دامية، ثم اشتد خوف الخليفة العباسي حين اتىته الأخبار بعزم إدريس بن عبد الله على غزوأفريقية (تونس)، ففكر في إرسال جيش لمحاربة هذا العلوي المظفر، وبينما الرشيد على هذه الحال من القلق والاضطراب تدخلت الأقدار، وأراحته مما كان يفكر فيه، فتوفي إدريس بن عبد الله في (سنة 177هـ = 793م) على أرجح الروايات، بعد حتى نجح في تحدي الصعوبات، وأقام دولة عُرفت باسمه "دولة اللفسة" بعيدًا عن وطنه بين قبائل متطاحنة تعتز بعنصريتها، وتتخذ من قوتها وسيلة لفرض سيطرتها على من حولها، وهذه تُحسب له، وتجعله واحدًا من كبار رجال التاريخ. ويضاف إليه حتى المغرب مدين له في نشر الإسلام في أماكن لم يكن قد وصل إليها من قبل.
قائمة الأمراء
الحاكم | الحياة | الحكم | |
---|---|---|---|
1 | إدريس بن عبد الله | ....-793 | 788-793 |
2 | إدريس الثاني | 793-828 | 807-828 |
3 | محمد بن إدريس | ....-836 | 828-836 |
4 | علي بن محمد | ....-849 | 836-848 |
5 | يحيى الأول | ....-848 | 848-864 |
6 | يحيى الثاني | ....-874 | 864-874 |
7 | علي بن عمر بن إدريس | ....-.... | 874-883 |
8 | يحيى بن القاسم بن إدريس | ....-904 | 883-904 |
9 | يحيى بن إدريس بن عمر | ....-934 | 904-917 |
في منطقة الريف | |||
9 | الحسن الحجام بن محمد بن القاسم | ....-.... | 905-922 |
10 | القاسم كنون بن إبراهيم | ....-.... | 937-925 |
11 | أبوالعيش أحمد بن كنون | ....-.... | 948-959 |
12 | الحسن بن كنون | ....-.... | 959-985 |
المصادر والروابط الخارجية
- اللفسة من مسقط حكام دوت نت
- ابن جرير الطبري: تاريخ الرسل والملوك – تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم – دار المعارف – القاهرة – 1977م.
- إسماعيل العربي: دولة اللفسة – دار المغرب الإسلامي – بيروت – 1403هـ = 1983م.
- سعد زغلول عبد الحميد: تاريخ المغرب العربي – منشأة المعارف – الإسكندرية – 1995م.
- حسين مؤنس: تاريخ المغرب وحضارته – العصر الحديث للنشر والتوزيع – بيروت – 1412هـ = 1992م.
السيد عبد العزيز سالم: المغرب الكبير (العصر الإسلامي) – الدار القومية للطباعة والنشر – القاهرة – 1966م.
إسلام أون لاين: معركة فخ.. ميلاد اللفسة تصريح
- Ibn Abi Zar, Rawd al-Qirtas contains a chronicle of the dynasty.
- إسلام: Kunst und Architektur
انظر أيضا
- محمد الإدريسي, سليل الأسرة الإدريسية
- تاريخ الجزائر
- تاريخ المغرب
- تاريخ اسبانيا