نهر عفرين

نهر عفرين جنوب الباسوطة. لون المياه الأسود ناتج عن إلقاء ماء الجفت في النهر خلال موسم عصر الزيتون

نهر عفرين

نهر عفرين طوله 149كم ينبع من أقدام جبال جيموفي الأنطقيم السورية الشمالية ويسير في محافظة حلب بطول 75كم ضمن منطقة عفرين، والباقي يمر في لواء اسكندرون المتنازع عليه 30 كم ينبع من جبل صواف داغ ويرفده نبع قطمة وباسوطة. ومسماه النهر الاسود

الاسم

وجد الاسم الحالي لعفرين، في أربعة مراجع تاريخية، هي :

-كتاب تاريخ حلب – العضيمي، صفحة أحداث سنة 478هـ.
-صبح الأعشى للقلقشندي، ص57.
-الدر المنتخب لابن الشحنه، ص167.
- معجم البلدان،القسم الثاني ص180. وبهقد يكون أقدم ذكر لاسم عفرين في المصادر التاريخية الإسلامية يعود إلى عام 1086م.

أما سترابون المؤرخ اليوناني الشهير في القرن الأول قبل الميلاد، فقد ذكر اسم نهر عفرين على شكل ((آبريه)) (Aprie).

وفي سنة 401 ق.م.، حينما اجتاز المؤرخ والقائد اليوناني كزينفون سهل العمق إلى الفرات، دون في كتابه أناباسيس، الصفحة 55 اسم نهر كالوس أوخالوس ، وحسب تسلسل ذكره للأنهار التي اجتازها فيما بين سهل العمق والفرات، ومواصفات النهر، وذكره لتقديس سكان المنطقة للأسماك الموجودة فيه، بعض المؤرخين المعاصرين من أمثال ((رولان تفنان))، ويعقوب منصور أفرام، الذين يرجحان حتى نهر كالوس هونهر عفرين، ولكن أيا من تلك المصادر القديمة لم يتطرق إلى معنى اسم (عفرين) وأصله،

1– يلفظ كبار السن من سكان القرى الجبلية في كردداغ اسم عفرين بهذا الشكل: عَفْرانْ، ولدى سؤالهم عن معنى حدثة /عفران/، أفادوا بأنها تشير إلى بقايا النبات والأوحال والزبد التي تطفوعلى سطح النهر أثناء فيضانه. أما حدثة عفران واشتقاقاتها فهي دارجة كثيراً في اللغة الكردية، مثل عفارة البيدر: وهوالقسم المتبقى من الحب المختلط بالشوائب والأتربة. وتعني أيضا بقايا الثمر أوالحصيد المختلط بالأتربة والأعشاب.

عدا عن ذلك، فإن (رْوينْ) Riwîn في الكردية، هواللون الترابي المائل إلى الأحمر، فينطق(بيزينا روين) (العنزة ذات اللون الأحمر الترابي، أوذات الأذن الأحمر الترابي)، وينطق أيضا(افا روين) (الماء ذات اللون الأحمر الترابي)، وبدمج الحدثتين (الاسم والصفة، وهذا جائز في اللغة الكردية)، يتشكل اسم جديد، وهو (آفا رْوين)، وبحذف حرف (a)، وهذا جائز في اللغة الكردية في هذه الحالة، نحصل على اسم حديث هوAvriwîn ثم آفرين وعفرين (لعدم وجود حرف الـ (ع) في اللغة الكردية) بمعنى الماء العكر المختلط بالتراب ذا اللون الأحمر الترابي. وفي القاموس الوسيط في اللغة العربية اتى في حقل عَفِرَ وعَفّرَ: يعني خالطه بما يخالف لونه، واعتَفَرَ الشيء أي خالطه بالتراب، ويلاحظ حتى هناك اقتراباً في معنى حدثة عفران وعفارة في كلا اللغتين الكردية والعربية. كما اتى في لسان العرب: عِفِرّين = مأسدة، وقيل هوالأسد. وقيل لكل قوي: ليث عِفِرّين. أما خيرالدين. الأسدي فيقول حتى حدثة عفرين يعني التراب، وينقل عن الأب شلحت: بأنها تعني الغبار، [ج5، ص413].

2 – آفرين : وهي حدثة كردية تعني الخلق والعطاء. ونهر عفرين بمياهه المتدفقة وسط السهول، كان ولا يزال، مبعثاً للحياة والعطاء، وتنتشر على أطرافه مئات القرى العامرة، مثلما تجسم على ضفافه أطلال عشرات المدن والقرى والحصون البائدة، فلا عجب حتى أطلق عليه الكرد صفة مانح الحياة والخصب، مثلما يسمون المرأة بـ (آفره ت)، أي المبدعة المانحة للحياة.

3- التسمية الآشورية وتسمية سترابون للنهر: في كتابه السادس عشر، الفصل الثاني، المبتر الثامن ذكر المؤرخ اليونانيسترابون اسم نهر عفرين ب(اوينوباراس)، واتى في نص آشوري يعود إلى سنة 876 ق.م، " حتى نهر (آبري) (عفرين) يروي سهل (باتان) (جومه)"، وقد أجمع المؤرخون على حتى هذه الحدثة ما هي إلا القديمة، وهي من أصل ليسني إحدى أقدم اللغات الهند أوربية في الأناضول، حيث تأثرت بها اللهجات اليونانية، وشكل الحدثة الليسي هو:. وAp تعني الماء في اللغات الآرية القديمة ومنها الكردية. والأكراد حسب لهجاتهم يبدلون الحرف (P) بـ (V) في الكرمانجية، فيصبح (آف)AV، وفي الكرمانجية الجنوبية يبدلونها بـ W ويصبح (آو) Aw. أما في شبه القارة الهندية، فقد بقيت حدثة الماء على حالها، ولم تتبدل، وظلت تلفظ Ab أوAp، فحدثة (بنجاب)، وهواسم إقليم واسع في شبه القارة الهندية، تتألف من مبترين:Pênc خمسة، وAp = ماء، أي خمسة مياه. ولعدم وجود حرف (P) في اللغة العربية تستبدل أحيانا بـ (ف) مثلما تستبدل الألف بحرف (ع) فيصبح المبتر كله (عف) بدلا من (Ap، آب، آف). أما المبترre- فهوفي الكردية يعني طريق أوسبيل ومجرى للماء، والمبتر Le قريب من حدثة Lehî (سيل) الكردية. إلى غير ذلك يمكن حتى يخط الاسم على شكل (عفري) أو(عفرين)، ويعني (طريق الماء) أو(مجرى الماء) أو(مسيل الماء). ونحن نرجح هذا الرأي الأخير.

4- وهناك رأي آخر يقول: إذا الرعاة وأصحاب المواشي قديما، كانوا يقولون بأن (ماء نهر عفرين ،مدهن، أومُدْسِم، أي فيه دسم)، لأنه حينما كانت المواشي تشرب من ماء النهر كان سمن الحليب يزداد، وبالكردية ينطق افا رون، ومن غير المستبعد حتىقد يكون الاسمان اف الماء، والسمن، قد أدغمتا مع الزمن، وشكلا اسما جديدا هوافرون، وهي حدثة أقرب من حيث اللفظ من الاسم الحالي للنهر، ومن رواية المسنين. أما سبب اختلاف اسم النهر ما بين (كالوس) في عام 401 ق.م.، ابريه في القرن الأول ق.م، فنعتقد حتى ذلك عائد إلى تبدل الأسماء الجغرافية باختلاف اللغات والشعوب. فالأكراد مثلاً يشيرون إلى نهر دجلة بـ (الماء الكبير) ، ومسماه القديم يلفظ على شكل (تيگريس). والأتراك كانوا يسمون نهر قويق بـ (جدول حلب) .

5-جنديرس: يلفظ حاليا على شكل (جنديرس). وتتباين الآراء والأقوال حول معنى اسم جنديرس، فمنهم من يقول أنه اسم مركب من حدثتين الأولى: جند، وهوتقسيم عسكري و(إيرس) قائد روماني. أي جند القائد الروماني إيرس (المعجم الجغرافي السوري). وآخرون يعتقدون حتى جنديرس هواسم الراهب، وقد بنى (استريوس) تلميذ (جوليان سابا) معبدا في جنديرس تكريما للراهب (جنداروس) في الربع الأول من القرن الرابع للميلاد، وهوأقدم معبد في إنطاكية، أما سكان جنديرس فيقولون حتى للاسم رواية مفادها: حتى أحد حكامها قديماً كلف سكانها بنقل التراب إلى التل الموجود بجوار البلدة، وحدد لكل عائلة مقداراً منه، فاستمر ذلك العمل الشاق مدة طويلة أرهقت الناس، وبعثت الخراب في القرية حتى سميت بقرية ((جان ديرس)) و((جان)) في الكردية تعني الجسد أوالروح أما ((ديرس)) فمعناها الموت والخراب. وبذلك تكون التسمية كردية وذات رواية تاريخية. ولا يزال ينطق في جنديرس بأن العائلة الفلانية مديونة بكذا حمل من التراب.

والباحث مامد جمو(أن المؤرخ اليوناني سترابون ذكر اسم جنديرس في المبتر الثامن والفصل الثاني من كتابه السادس عشر بالحدثة التالية: سينداروس، وقد أجمع المؤرخون أنها حدثة (كان دا الوا)) القديمة، وهي من أصل ليسي Lycien، إحدى اللغات الهند – أوربية في الأناضول، وشكلها الليسي هوLa (a) Knt، ونراها تحت شكل هانتاراس المذكور من قبل الملك الحثي هاثوشيلي الأول، وبشكل ((كوندالوس)) و((Koundalis)) عند الكارييين وهم شعب أناضولي من أصل هندوأوربي، وبذلكقد يكون الاسم سابق للميلاد بقرون عديدة.