اللغة الكنعانية
خرج الكنعانيون من الجزيرة العربية مع العموريين* في أواخر الألفية الثالثة ق.م.. ولكن المؤرخين كانوا يخلطون عادة بين العموريين والكنعانيين، وظلوا على ذلك وقتاً طويلاً، ثم اتضح حتى الاختلاف بينما هوفي التسمية فحسب ومرده بالأصل إلى مسببات جغرافية. فالذين استقروا غرب بلاد الرافدين مباشرة عهدوا باسم العموريين بدءاً من مطلع الألفية الثانية لأن “عمورو” تعني العرب لدى سكان الرافدين. وأطلق على من استقر منهم على ساحل بلاد الشام وفي جنوبها (فلسطين) اسم الكنعانيين. والنظرية الحديثة تشتق اسمهم من “كناخي” أي تجار الأرجوان. وقد عهدهم اليونان على ساحل بلاد الشام باسم الفينيقين* وله المعنى نفسه أيضاً. ولكنهم ما عهدوا أنفسهم إلا باسم الكنعانيين حتى العهد الكلاسيكي كما يستنتج من المسكوكات. على حتى اسم “بلاد كنعان” أو” أرض كنعان” غلب على جنوب بلاد الشام (فلسطين). وقد عهدت الغة التي كان يملكها الكنعانيون في داخل بلاد الشام وعلى ساحلها وفي قسمها الجنوبي باسم اللغة الكنعانية. وهي متفرعة من لغة أم مهدها الجزيرة العربية تلونت محلياً بعوامل جغرافية واقتصادية وتاريخية. وبقيت إجمالاً واحدة في مختلف مناطقها.
واللغة الكنعانية تصف عادة مع الفرع الشمالي الغربي من لغات الجزيرة العربية التي تسمى عادة اللغات السامية. والفرع الشمالي الغربي يضم الكنعانية القديمة ومنها الأوغاريتية (وتضم العمورية أحياناً إلى الكنعانية القديمة) والعبرية والكنعانية الحديثة (أوالفينيقية) والبونيقية (لغة قرطاج ومنطقتها في شمال أفريقيا قديماً). وهناك من يرفض التقسيم الجغرافي في اللغات أواللهحات المعروفة بالسامية ويرى حتى مثل هذا التقسيم كان للتسهيل فحسب. والأفضل تقسيم تلك اللغات كما يلي: الأكادية القديمة، ومنها لغة إبلا (تل مرديخ)، والأكادية، والعمورية، والكنعانية، والآرامية، والعربية، والعربية الجنوبية، والحبشية، ولكنها منها فروع أولهجات.
واللغة الكنعانية أكثر حروفاً من غيرها من لغات الجزيرة العربية، وفيها حروف للتضخيم وأخرى للترقيق، وهي في ذلك قريبة جداً من العربية. وفيها أيضاً حروف الحلق (الهمزة، والهاء، والحاء، والعين) وحروف الاطباق (الصاد، والضاد، والطاء، والظاء). والمصدر فيها ثلاثي. والحدثات فيها سوى المذكر والمؤنث، كما حتى فيها علاقة عكسية بين العدد والمعدود، وتنذر فيها أخيراً الحدثات المركبة.
ومن المميزات الخاصة للكنعانية أيضا تحويل الألف الممدودة إلى ألف مضمومة (فاعل = فوعل، راش = روش) وليس فيها فرق بين جمع المذكر وجمع المؤنث في الغائب (خطوا تعني خطوا وخطن). وصيغة المؤنث الغائب تنتهي بالهاء بدلاً من تاء التأنيث الساكنة. وبين حدثات نص كنعاني واحد لا يتجاوز عشرة سطور قصيرة مكتشف في جبيل ويعود لمطلع الألف الثاني قبل الميلاد قرابة عشرين لفظ موحدا مع اللغة العربية. حتى في تطورها الحاضر، مع تعديل طفيف باللفظ أحياناً (نحدس، سن، حفر، مفتاح، بيت، خط، اسم، مذبح، نحلة، ابن، أخ، هبة، أهمله، وهب، سادس، يوم، تموز).
وقد أثرت اللغة الكنعانية القديمة بصورة مبكرة في اللغة المصرية فدخل كثير من مفرداتها فيها في عصر المملكة المصرية القديمة والوسطى.
ولأوغاريت (رأس الشمرة أوالشمرا) فضل في اتساع الفهم باللغة الكنعانية. فقبل اكتشافها لم تكن الكنعانية القديمة معروفة، لأنها هجرت أبرز آثارها في أوغاريت في القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد. وهي محررة بالأبجدية الأوغاريتية على مئات من رقم (لوحات) الطين الشتوي أوالمجفف بالشمس.
وهجائية الكنعانية الأوغاريتية محافظة كالعربية تميز بين الخاء والحاء والظاء والطاء. وهذا الأمر غير موجود في الأكادية أوالكنعانية أوالعبرية.
وقد تطورت الكنعانية الأوغايتية إلى “الفينيقية” على الساحل. وخصائصهما المشهجرة واضحة في لهجة جبيل. ومن آثار “الفينيقية” ما حرر بالأبجدية الخطية على تلوث حيرام ملك جبيل من القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
أما في جنوب بلاد الشام فإن الكنعانية أعطت عدداً من اللهجات منها العربية التي تحدثها بنوإسرائيل بعد قدومهم إلى فلسطين كما هوواضح من التوراة (أشعيا 19:18). وقد لحق الكنعانية على ألسنتهم كثير من التحريف في أصواتها ومفرداتها وبعض قواعدها، فأصبحت مزيجاً من النحوالآرامي والنحوالكنعاني. ويمكن القول مع ذلك حتى العبرية هي تطور لاحق لكنعانية فلسطين التي هي أقرب إلى الكنعانية الأم لغة سكان فلسطين وقبل تسرب الإسرائيليين إليها ثم تطورت معهم إلى الشكل المعروف. ومن مؤيدات ذلك أسماء الأعلام وأسماء المدن القديمة في فلسطين.
الأدب الكنعاني
وقد ولج جزء كبير من آداب اللغة الكنعانية في تراث اليهود، ولا سيما في كتاباتهم المقدسة كأقوال الحكمة والأمثال اليهود. والمزامير ونشيد الأنشاد، وفي بعض الأساطير مما اتى في سفر التكوين ونشيد الأنشاد. وقد أوضحت اكتشافات أوغاريت هذا الأمر، بتقديمها كثيراً من الموروثات الأدبية الكنعانية وسهلت مقدرتها بالموجود في التوراة*.
وهناك علاوة على اللهجات الكنعانية الأوغاريتية والفينيقية والبونيقية التي عهدت في بلاد الشام وشمال افريقيا لهجمات تطورت مع العبرية في جنوب بلاد الشام، ومنها اللهجة المؤابية التي تعهد من خلال أثرها الكتابي الهام المعروف بنص الملك المؤابي موشع، أوميشع. ويعود هذا النص إلى منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، ومعه نصان مشوهان آخران من الفترة نفسها. وفي هذا النص يتحدث الملك المذكور عن حروبه وجهوده في إعمار مدن مؤاب بعد فوزه على الإسرائيليين. ومن الطريف حتى الأحداث المذكورة فيه لم تذكرها التوراة.
وعلاوة على اللهجة المؤابية هناك اللهجة العمومية واللهجة الأدومية اللتان تظهر آثارهما في بعض الاختتام والمنقوشات، وعلى بعض أواني الفخار من القرن السابع قبل الميلاد. على حتى أكثر آثار الألف الأولى قبل الميلاد الكنعانية في فلسطين حررت على مواد قابلة للتلف كالبردي والرق فضاع منها الكثير.
المراجع
- إسرائيل ولفنسون: تاريخ اللغات السامية، القاهرة 1929.
- فيليب حتي: تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، بيروت 1958.
- عز الدين غربية: فلسطين وتاريخها وحضارتها، بغداد 1981.
- J.: The Legacy of Canaan, Leiden 1957.
المصادر
- الموسوعة الفلسطينية
وصلات خارجية
- اللغات الكنعانية.
- نطقب:بي دي إف حدثات من اللغة الفينيقية.
- اللغات السامية الغربية.
- تاريخ اللغة العبرية، منذ نشأتها الأولى حتى الوقت الحاضر.
مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع Canaanite languages. |
خطأ لوا في وحدة:Authority_control على السطر 346: attempt to index field 'wikibase' (a nil value).