أبوطالب محمد مؤيد الدين الأسدي البغدادي بن أحمد العلقمي، واختصاراً ابن العلقمي (593هـ- 656 هـ/ 1197 -ستة يونيو1258 م) وزير الخليفة العباسي المستعصم، رتب مع هولاكوبمعاونة نصير الدين الطوسي اغتال الخليفة واحتلال بغداد، على أمل ان يسلمه هولاكوامارة المدينة. نطق خير الدين الزركلي في كتاب الأعلام: "ابن العَلٌقَمي (593هـ- 656 هـ/ 1197 - 1258 م) محمد بن أحمد (أبومحمد بن محمد بن أحمد) بن علي، أبوطالب، مؤيد الدين الأسدي البغدادي، المعروف بابن العلقمي: وزير المستعصم العباسي. وصاحب الجريمة النكراء، في ممالأة "هولاكو" على غزوبغداد، في رواية الجوزجاني وأكثر المؤرخين.

ولد محمد بن الفهمقمي في بلدة اسمها النيل في العراق. واشتغل في صباه بالأدب. وارتقى اٍلى رتبة الوزارة (سنة 642) فوليها أربعة عشر عاماً. ووثق به "المستعصم" فألقى اٍليه زمام أموره. وكان حازماً خبيراً بسياسة الملك، محرراً فصيح الاٍنشاء. اشتملت خزانته على عشرة آلاف مجلد، وصنف له الصّغاني "العُباب" وصنف له ابن أبي الحديد "شرح نهج البلاغة "ونفى عنه بعض المؤرخين خبر المخامرة على المستعصم حين أغار هولاكوعلى بغداد (سنة 656) واتفق أكثرهم على أنه مالأه، وولى له هولاكوالوزارة مدةً قصيرة، ومات ودُفن بمكان قريب من مشهد الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بالكاظمية ببغداد.

وهناك روايات، بأن مؤيد الدين أُهين على أيدي التتار، بعد دخولهم، وقد شوهد يركب حماراً فنظرت له إمرأة ونطقت له (أهكذا كان بنوالعباس يعاملونك ؟) فلم يلبث حتى خرج بعدها من داره ليومين والسبب أنه توفي مهموماً مغموماً.

وخلَفه في الوزارة (عند هولاكو) ابنه عز الدين محمد بن محمد بن أحمد أوشرف الدين أبوالقاسم علي، إلا أنه، حسب كتاب الوصاف، علياً لم يتولى المنصب وتولاه بدلاً منه شخصاً اسمه ابن عمران من بعقوبة.

أقوال المؤرخين في ابن العلقمي

• جلال الدين السيوطي:

إن ابن العلقمي محرر التتر وأطمعهم في ملك بغداد.

• أبوشامة شهاب الدين بن عبد الرحمن بن إسماعيل:

إن التتار استولوا على بغداد بمكيدة دبرت مع وزير الخليفة.

• قطب الدين اليونيني البعلبكي:

ومحرر الوزير ابن العلقمي التتر وأطمعهم في البلاد، وأوفد إليهم غلامه وسهل عليهم ملك العراق، وطلب منهم حتىقد يكون نائبهم في البلاد، فوعدوه بذلك، وأخذوا في التجهيز لقصد العراق، ومحرروا بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل في حتى يسير إليهم ما يطلبونه من آلات الحرب، فسير إليهم ذلك، ولما تحقق قصدهم فهم أنهم إذا ملكوا العراق لا يبقون عليه، فمحرر الخليفة سراً في التحذير منهم، وأنه يعد لحربهم، فكان الوزير لا يوصل رسله إلى الخليفة ومن وصل إليه الخليفة، منهم بغير فهم الوزير اطلع الخليفة وزيره على أمره..

ويتابع البعلبكي في وصف جيوش التتار الزاحفة على بغداد وبعد حتى تمكنوا هزيمة الحامية الهزيلة في صد الغزو، فيقول: فحينئذ أشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة بمصانعة ملك التتر ومصالحته وسأله حتى يخرج إليه في تقرير زواج ابنته من ابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى سلطان الروم في سلطنة الروم لا يؤثر إلا حتى تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السلجوقية، وينصرف بعساكره عنك فتجيبه إلى هذا فإنه فيه حقن دماء المسلمين، ويمكن بعد ذلك حتى يعمل ما ترغب فحسن له الخروج إليه فخرج في جمع من أكابر أصحابه، فأنزل في خيمة ثم ولج الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا عقد النكاح فيما أظهره فخرجوا فقتلوا وكذلك صار يخرج طائفة بعد طائفة.

• شمس الدين المضىي:

وأما بغداد فضعف دست الخلافة وبتروا أخبار الجند الذين استنجدهم المستنصر ، وانبتر ركب العراق، جميع ذلك من عمل الوزير ابن العلقمي الرافضي جهد في حتى يزيل دولة بني العباس ويقيم علوياً وأخذ يمحرر التتار ويراسلونه والخليفة غافل لا يطلع على الأمور ولا له حرص على المصلين.

• ابن شاكر الخطي:

وأخذ يمحرر التتار إلى حتى جرأ هولاكووجره على أخذ بغداد.

• عبد الوهاب ابن تقي الدين السبكي:

وكان شيعيا رافضياً في قلبه غل للإسلام وأهله، وحبب إلى الخليفة جمع المال والتقليل من العساكر فصار الجند يطلبون من يستخدمهم في حمل القاذورات ومنهم من يكاري على فرسه ليصلوا إلى ما يتقوتون به.

ثم يصف لنا السبكي مؤامرة ابن العلقمي في اغتال الخليقة والفهماء والفقهاء واستباحة بغداد وإراقة الخمور في بيوت الله تعالى فيقول: وقصد هولاكوبغداد من جهة البر الشرقي، ثم إنه ضرب سواراً على عسكرة وأحاط ببغداد فأشار الوزير على الخليفة بمصانعتهم ونطق: أخرج أنا إليهم في تقرير الصلح، فخرج وتوثق لنفسه من التتار ورجع إلى المعتصم ونطق: إذا السلطان يا مولانا أمير المؤمنين قد رغب في حتى يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى صاحب الروم في سلطنته ولا يؤثر إلا حتى تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السلجوقية، ونصرف عنك بجيوشه، فمولانا أمير المؤمنين يعمل هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين وبعد ذلك يمكننا حتى نعمل ما نريد والرأي حتى تخرج إليه، فخرج أمير المؤمنين بنفسه في طوائف من الأعيان إلى باب الطاغية هولاكوولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فأنزل الخليفة في خيمة ثم ولج الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا العقد فخرجوا من بغداد فضربت أعناقهم وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة فتضرب أعناقهم، ثم طلب حاشية الخليفة فضرب أعناق الجميع ثم طلب أولاده فضرب أعناقهم، وأما الخليفة فقيل: إنه طلبه ليلاً وسأله عن أشياء ثم أمر به ليقتل. فقيل لـهولاكو : إن هذا إذا أريق دمه تظلم الدنيا ويكون سبب خراب ديارك، فإنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفة الله في أرضه، فقام الشيطان المبين الحكم نصير الدين الطوسي ونطق: يقتل ولا يراق دمه وكان النصير من أشد الناس على المسلمين، فقيل: إن الخليفة غم في بساط وقيل: رفسوه حتى مات.

ولما اتىوا ليقتلوه صاح صيحة عظيمة، وقتلوا أمراءه عن آخرهم، ثم مدوا الجسر وبذلوا السيف ببغداد واستمر القتل ببغداد بضعاً وثلاثين يوماً، ولم ينجوإلا من اختفى، وقيل: إذا هولاكوأمر بعد ذلك بعدّ القتلى فكانوا ألف ألف وثمانمائة ألف والنصف من ذلك تسعمائة ألف غير من لم يعد ومن غرق، ثم نودي بعد ذلك بالأمان فخرج من كان مختبئاً، وقد توفي الكثير منهم تحت الأرض بأنواع من البلايا والذين خرجوا ذاقوا أنواع الهوان والذل ثم حفرت الدور وأخذت الدفائن والأموال التي لا تعد ولا تحصى، وكانوا يدخلون الدار فيجدون الخبيئة فيها وصاحب الدار يحلف حتى له السنين الكثيرة فيها ما فهم حتى بها خبيئة، ثم طلبت النصارى حتى يقع الجهر بشرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وأن يعمل معهم المسلمون ذلك في شهر رمضان، فألزم المسلمون بالفطر في رمضان وأكل الخنزير وشرب الخمر، ودخل هولاكوإلى دار الخليفة راكباً لعنه الله، واستمر على فرسه إلى حتى اتى سدة الخليفة وهي التي تتضاءل عندها الأسود ويتناوله سعد السعود كالمستهزئ بها وانتهك الحرم من بيت وغيره، ومنح دار الخليفة لشخص من النصارى، وأريقت الخمور في المساجد والجوامع، ومنع المسلمون من الإعلان بالأذان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

هذه بغداد لم تكن دار كفر قط وجرى عليها هذا الذي لم يقع قط من منذ قامت الدنيا مثله، وقتل الخليفة وإن كان سقط في الدنيا أعظم منه إلا أنه أضيف له هوان الدين والبلاء الذي لم يختص بل عم سائر المسلمين.

• حسن الديار بكري:

ابن العلقمي كان قد خط إلى هولاكوملك التتار في الدست أنك تحضر إلى بغداد وأنا أسلمها لك. وكان قد داخل قلب اللعين الكفر، فخط هولاكو : إذا عساكر بغداد كثيرة فإن كنت صادقاً فيما قلته، وداخلاً في طاعتنا، فرّق عساكر بغداد، ونحن نحضر، فلما وصل كتابه إلى الوزير، ودخل إلى المستعصم ونطق: إنك تعطي دستوراً لخمسة عشر ألف من عسكرك وتوفر معلومهم. فأجاب المستعصم لذلك، فخرج الوزير لوقته ومحا اسم من ذكر في الديوان ثم نفاهم من بغداد ومنعهم من الإقامة بها، ثم بعد شهر عمل مثل عملته الأولى ومحا اسم عشرين ألفاً من الديوان، ثم خط إلى هولاكوبما عمل وكان قصد الوزير بمجيء هولاكوأشياء منها:

أنه كان رافضياً خبيثاً وأراد حتى ينقل الخلافة من بني العباس إلى العلويين فلم يتم له ذلك من عظم شوكة بني العباس وعساكرهم، ففكر حتى هولاكوقد يقتل المستعصم وأتباعه ثم يعود لحال سبيله وقد زالت شوكة بني العباس وقد بقي هوعلى ما كان عليه من العظمة والعساكر وتدبير المملكة فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة من غير ممانع لضعف العساكر ولقوته ثم يضع السيف في أهل السنة فهذا كان قصده لعنه الله.

ولما بلغ هولاكوما عمل الوزير ببغداد ركب وقصدها إلى حتى هبط عليها وصار المستعصم يستدعي العساكر ويتجهز لحرب هولاكو، وقد اجتمع أهل بغداد وتحالفوا على قتال هولاكووخرجوا إلى ظاهر بغداد ومضى عليهم بعساكره فقاتلوا قتالاً شديداً، وصبر جميع من الطائفتين صبراً عظيماً، وكثرت الجراحات والقتلى في الفريقين إلى حتى نصر الله تعالى عساكر بغداد وانكسر هولاكوأقبح كسرة وساق المسلمون خلقهم وأسروا منهم جماعة وعادوا بالأسرة ورءوس القتلى إلى ظاهر بغداد ونزلوا بخيمهم مطمئنين بهروب العدو، فأوفد الوزير ابن العلقمي في تلك الليلة جماعة من أصحابه فبتروا شط دجلة فخرج على عساكر بغداد وهم نائمون فغرقت مواشيهم وخيامهم وأموالهم وصار السعيد منهم من لقي فرساً يركبها، وكان الوزير قد أوفد إلى هولاكويعهده بما عمل ويأمره بالرجوع إلى بغداد فرجعت عساكره إلى بغداد وبذلوا فيها السيف.

الهامش