محمد عبد الله حسن

عودة للموسوعة

محمد عبد الله حسن

السيد محمد عبد الله حسن
Sayid Maxamed Cabdille Xasan
تمثال السيد محمد عبد الله حسن في مقديشو، الصومال.
وُلـِد 7 أبريل 1856
بوهودلى، الصومال
توفي 21 ديسمبر 1920 (عن عمر 64)
إيمي، أوجادين
المنظمة دولة الدراويش
مبعث الشهرة زعيم دولة الدراويش
الديانة الإسلام

السيد محمد بن عبد الله حسن (7 أبريل 1856 - 21 ديسمبر 1920) قائد الجهاد ضد الاحتلال البريطاني والإيطالي والإثيوبي في الصومال في مطلع القرن العشرين. كان يلقبه البريطانيون ب"الملا المجنون".

وفي 11 يناير 1904 م (20 شوال 1321 هـ) قامت قوات الإحتلال البريطاني بمهاجمة قوات الدراويش التابعة للزعيم الصومالي "السيد محمد بن عبد الله حسان" ، وأسقطت إصابات بالغة بين قواته. وقد استمر الملا في محاربة الإستعمار البريطاني للصومال حتى سنة 1920 عندما لجأت بريطانيا إلى الطيران لقصف مواقع الثوار، ثم اتىت وفاة الملا لتضع حدا لثورته الإسلامية.

حصن طالح الذي بناه محمد عبد الله حسن.

مسرح الأحداث

إصيبت البلاد الصومالية بالاستعمار في أواخر القرن الماضي، وتعرضت الوحدة الصومالية إلي التجزؤ إلي مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية وإيطالية وحبشية، واتخذ الدخلاء الأجانب أسلوباً إجرامياً في كبت الحريات، جميع في منطقة نفوذه تبعاً للسياسة الرامية إلي تحطيم القوى المعنوية والروحية للشعب الصومالي كي تتمكن الدولة المستعمرة من حتى تحقق مطامعها من استنزاف خيرات البلاد بدون لقاء، وتسخير القوى البشرية في الداخل والخارج لمصالح المستعمر. ومنذ الوهلة الأولي لدخول الأجانب في أرض الصومال المقدسة، والشعب الصومالي كاره لهم، مجتهد في طردهم وتخليص البلاد من ظلم هؤلاء الحكام المستبدين، الذين ينهبون خيراتهم ويسحقون جميع عزيز عندهم، ويدوسون جميع مقدس كريم لديهم، ويفصحون عن حياة ماجنة خليعة تتسم بالعربدة واستهلك الخمر في صورة تتنافي مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يعتنقه الشعب الصومالي.

وكان حتما حتى يثور الشعب الصومالي المسلم، الذي حمل راية الجهاد والدعوة الإسلامية منذ فجر الإسلام، وارتفعت راية الإسلام في جميع شرق أفريقيا خلال القرن السادس عشر على يد الداعي الكبير الإمام أحمد جري الأوجاديني الصومالي، فكان على هذا الشعب النبيل العريق في الإسلام، المناضل في سبيل حريته، المحافظ على دينه الحنيف، حتى يبحث عن قائد لثورته، ليعيد الحق إلي نصابه، ويطرد الدخلاء من أرض الوطن. واستجاب الله لهذا الشعب الكريم وبعث لهم بأوجاديني آخر ليقود ثورتهم في العصر الحديث إلي النصر المبين، ويحفظ راية الإسلام خفاقة ويسحق كيد المبشرين، ويضع لأمته أسس الاستقلال والحرية والوحدة ذلك الرائد الأول للقومية الصومالية هوالسيد محمد عبد الله حسن، الذي كان مثلاً للرائد الأفريقي الحر، والقائد في النضال الشعبي، وخير بطل لخير معركة، فحق علينا حتى نسميه مهدي الصومال. أوأول رائد للقومية الصومالية.

وقد ظهر رائد القومية الصومالية في الفترة التي برزت فيها ثورة أحمد عرابي بمصر، وثورة أحمد محمد المهدي بالسودان، وكلاهما ضد السيطرة والتحكم الأجنبي، وإجلاء القوات الأجنبية عن أرض الوطن، بل كلاهما لم يتعرض لمثل ما تعرض له مهدي الصومال في أرض الصومال، إذ كان على مهدي الصومال حتى يحارب ثلاث دول كبرى عريقة في الاستعمار والسيطرة على الشعوب وهى بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، ودولة رابعة ترغب حتى تظهر في هذا الميدان الفاسد وهوميدان الاستعمار وتشهجر في تقسيم الغنيمة لتثبت جدارتها، وهى الدولة الحبشية. فكان صراعاً عنيفاً ضد دول أربع، وصراعا ًعنيفاً في توحيد حدثة الصوماليين وتعبئة الشعور القومي رغم دسائس المستعمرين وما استطاع الدخلاء الأجانب بما يملكونه من جيوش جرارة وأسلحة ومدافع وطائرات حتى ينالوا منه معركة انسحاب أوانهزام وإنما النصر دائماً كان للهلال على الصليب خلال عشرين عاماً أعرب فيها السيد محمد عبد الله حسن الثورة ضد الاستعمار بمختلف ألوانه وأشكاله.

تعاون الدخلاء فيما بينهم وقووا من جبهة اتحادهم في الوقت الذي مال إليهم حفنة من الحكام المرتزقين الذين تابعوا الشيطان، واستكانوا من أجل رواتب سنوية يحصلون عليها من خزينة الدخلاء بل في الحقيقة من خيرات بلاد الصومال، وجذبتهم الوعود المضللة بالحماية والاستقلال والتقدم الحضري فعاونوا المستعمر الذي استعان بالدسائس والمؤامرات والرشاوي لتحطيم الجبهة الصومالية المتحدة وقد تمكنوا من محاصرة البطل في منطقة قد تلوث آبارها بالميكروبات. للقضاء على قوات المجاهد الصومالي الكبير، ولكنهم بأعمالهم غير الإنسانية زادوا في محبة الشعب لقائده، وزادوا من ثقة الشعب في ضرورة تخليص أرض الوطن من الدخلاء الأجانب، فكان للشعب الصومالي الإنتصار وكان للدخلاء الهزيمة والعار أبد الدهر.


سيرته

نشأته

ولد الزعيم القائد محمد عبد الله حسن حوالي عام 1273 هـ (1856م) في قرية فوب فردوت ناحية ننطق ( منطقة حوافر الخيل) من بطون بهجري أحد بطون قبائل الأوجادين قرب ولورال وواردير. وأبوه عبد الله حسن نور من قبيلة بهجري الصومالية، وأمه من قبيلة الدولبهنتا الصومالية، فكان من خير أب وخير أم . من بيئة اشتهرت بالشجاعة والبسالة والإقدام مما أكسب شخصيته أصالة النسب والشجاعة والكرم. بدأ البطل السيد محمد عبد الله حسن حياته مع أخوانه في حفظ القرآن الكريم وتفهم تعاليم الإسلام الحنيف كعادة أهل البدوفي الصومال والبلاد الإسلامية، وقد جود القرآن الكريم، وحفظ الكثير من المتون على يد شيوخ الأوجادين. وبعد وفاة والده الشيخ عبد الله حسن نور انتقل مع والدته إلى الصومالند حيث عاش في كنف أخواله فترة من الزمن، تفهم خلالها على يد أساتذة من العرب والصوماليين فعهد بعض العلوم الرياضية والفلكية، وأجاد اللغة العربية إجادة تامة، ثم ارتحل مرة أخرى إلى الأوجادين أحد المراكز الإسلامية في الصومال ليرتشف أصول الفقه والتشريع والسيرة على يد شيوخها وفهمائها العظام.

واشتغل السيد محمد بالتدريس فترة في الصومالند (الصومال البريطاني سابقاً) فاشتهر بين المفهمين بسعة الاطلاع وغزارة العلوم والمعارف، حتى لقب بالفقيه البارع، لما يمتاز به من عمق التفكير وبراعة التعبير والإقناع. غير أنه تحول مرة أخرى إلى طلب الفهم في مساجد مقدشوه التي كانت ذات شهرة واسعة على المحيط الهندي من كرم الضيافة لطلاب الفهم والدين، علاوة على ما بها من الشيوخ المتخصصين في مختلف أنواع العلوم وفروع التفسير والتشريع، فلما وصل إلى مرتبة الشيوخ فهماً وأدباً وخلقاً، أراد حتى يقوم بزيارة الأراضي المقدسة لتأدية فريضة الحج فاتفق مع نفر من شيوخ مقدشوه على تأدية الفريضة، وكان ذلك حوالي عام 1890 ميلادية أي كان عمره حينئذ أربعة وثلاثين عاماً. وخلال إقامته في أراض الحجاز، تردد على الشيوخ العرب، ينهل من علومهم ومعارفهم، ويتدارس سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، والخلفاء الراشدين، وألم بالعلوم الإسلامية من فقه وتشريع، وخلال تردده بين مكة والمدينة تعهد على الفقيه الشيخ صالح السوداني مؤسس الطريقة الصالحية، وتتلمذ على يديه حتى آخاه في الفهم والإنسانية، وكان الشيخان يتتبعان أخبار ثورة المهدي في السودان، وثورة العرابيين في مصر ضد الظلم والطغيان والمستعمر الغاشم الذي اتى إلى أوطانهم بوباء التبشير والاستعباد. وقام الشيخان بالنادىوة إلى تعضيد الثوار في مصر والسودان وضرورة حماية أخوانهم في الله من يد الكفرة والملحدين.

وخلال السنوات الثلاث أوالأربع التي قضاها في أرض الحجاز، كان السيد محمد يتتبع أخباروطنه العزيز وما تعرض له نتيجة التنافس الأوروبي في تمزيق وطنه العزيز إلى مناطق نفوذ أومستعمرات يعمل فيها الأجنبي وفق مصالحه، وفي مواسم الحج كان السيد محمد يهرع إلى ملاقاة أبناء وطنه من الصوماليين القادمين لتأدية فريضة الحج ويتعهد منهم أحوال وطنه وما عمل المستعمر بأخوته وأولاد عمومته. وما هى إلا فترة وجيزة في عمر الزمن حتى عاد السيد محمد عبد الله حسن إلى أرض الوطن وكان ذلك حوالي عام 1896، ليستكمل العقد الفريد الذي انتظم فيه الحركة الوهابية في الحجاز والحركة السنوسية في ليبيا، والحركة المهدية في السودان، والحركة الصالحية في الصومال.

وقد تحدث الشيخ جامع عمر عيسى راوية التاريخ والأدب في الصومال. في كتاب ((مجاهد الصومال السيد محمد عبد الله حسن)) فنطق ))وفي عام 1896 عاد السيد محمد من الحجاز بعد حتى أكمل دراسته الفهمية في الحرمين، وأقام في عدن عند عودته مدة لا تزيد عن ستة أشهر، وقبيل ذهابه إلى الحجاز نزلت حكومة المستعمرة في ساحل بربرة بدعوى التجارة بدون رضى أهلها، وأخذت تبني الكنائس، وتنشر دين المسيحية، بعد حتى انسحبت السلطات المصرية التي كانت ولاية من ولايات الخلافة الإسلامية)).

(( هبط السيد محمد عبد الله في ميناء بربره وعندما أراد حتى يحمل متاعه إلى البلد نطق مدير الجمرك الإنجليزي لا تأخذ منه شيئاً حتى تؤدي الرسوم الجمركية، فنطق السيد في ثورة وغضب هل دفعت أنت رسوم جمركية عند نزولك هنا،يا ترى؟ ومن أعطاك تأشيرة الدخول لبلادنا،يا ترى؟ فرد الترجمان بما نطقه وأضاف إلى ذلك أنه شيخ مجذوب، ولذلك أطلق الانجليز على السيد محمد اسم الشيخ المجنون(( الملا المجنون)) ومضى السيد في طريقه، واستوطن بربره، واشتغل بتدريس للعلوم الدينية في المساجد والمجالس العامة)).

دعوته

أنشأ السيد محمد عبد الله حسن في بربره مركزاً لنشر تعاليم الطريقة الصالحية، وأخذ ينشر دعوته بين مريديه مشروحاً لهم المعاني السامية لكتاب الله وتعاليم الإسلام، ويبث في أخوانه روح الكفاح والنضال في سبيل نشر الدعوة الإسلامية ومناهضة أعداء الدين والوطن. وخلال إقامته القصيرة في بربره أمكنه حتى يقضي على عناصر الاختلاف والفتن بين صفوف أخوانه، وآخى بين المواطنين حباً في الله فخلق تكتلاً صومالياً جديداً في الجهاد والدعوة لتحرير الوطن. وكان السيد محمد في دعوته يعتمد على شخصيته الفذة، ورجاحة عقله، وسرعة بديهته، والاقناع بالحجة والراهين، والاستشهاد بالقرآن الكريم وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى ما يمتاز به من براعة في قرض الشعر والتأثيرفي نفسية سامعيه حتى جمع عدداً كبيراً من المواطنين من حوله، يؤمنون برسالته ودعواه، وقد أطلق على مريديه اسم الدراويش.

ومن أقواله المأثورة (( أريد حتى أفرش سجادة صلاة على هذا البحر لتؤلف بين المسلمين وتؤاخي بينهم)). وكان ينادي بمحاربة العصبية، وتنظيم المجتمع الصومالي على أسس دينية سليمة، وكان ينتقل بين بربره وكيرت وكوب فاراوود في وادي السنولي موطن أمه، وغيرها من المراكز التي أنشأها وبنى فيها مساجد للعبادة. وانتقلت دعوته على يد تلاميذه إلى جميع ناحية في الصومال، وأتى إليه طلاب الفهم والشيوخ للاستماع إلى تعاليمه ونشرها في مدنهم. وأدرك السيد محمد حتى نجاح دعوته لابد لها من الجهاد والكفاح والصبر للوصول إلى الغاية السامية التي يدعوإليها وهى الصومال الإسلامية المتحدة المتحررة من جميع قيد العاملة في الفلك الإسلامي، فأنشأ قوة حامية ومناضلة من أجل تثبيت الدعوة ومحاربة العابثين بالقيم الإسلامية، فاختار من قبيلة هبرجدابورسي قوة سماها (( حجاتو)) (أي الخداشون) ومن قبيلة ميكاطيل قوة سماها حنوجر (أي الصياد) ومن قبيلة الطولبهنتا قوة سماها القيادة ولكنه لم يستمر طويلاً في هذا التنظيم بسبب العداء والفتن التي ظهرت بين القبائل التي مالت للأجانب الذين رشوهم بالمال والهدايا والمرتبات الشهرية، غير أنه تمكن من جمع ضمهم في محبة الله.

بواعث الجهاد

حدث في عام1897 حتى وصل إلى ساحل بربره جماعة من المبشرين تحت الحماية البريطانية، وأراد المبشرون الإنجليز حتى ينشروا الدعوة المسيحية بين المواطنين، وافتتحوا مركزين للدعوة في بربره وفي مدينة أخرى ساحلية اسمها ديمولي، وتحدث الصوماليون على طول الساحل عن النادىة المسيحيين، فتقدموا إلى السيد محمد يريدون منه استفساراً عما يعملونه أمام المبشرين وحماتهم من البريطانيين، وكان الجواب سليماً على صورة شكوى قدمها السيد محمد إلى الإدارة البريطانية في الصومالند، طالباً إبعاد المبشرين عن الصومال وفق رغبات الشعب المسلم، ولم تتحرك الإدارة في خطوة عملية. إلى حتى كانت حادثة القسيس الإنجليزي الذي كان منزله بجوار أحد المساجد في بربره، ومن عادة المؤذن حتى يصعد إلى أعلى المنبر ويؤذن في مواعيد الصلاة، وفي فجر يوم من الأيام استيقظ القسيس على صوت المؤذن الذي يؤذن لصلاة الفجر، فما كان منه إلا حتى أطلق عياراً نارياً على مؤذن المسجد. وكان العيار الناري الشرارة الأولى لقيام الثورة الصومالية ضد المبشرين في الصومال، وقام الشعب تحت قيادة الشيخ التقي السيد محمد إلى مركزديمولي فهدموه وإلى بربره التي لجأ إليها القسيس وتلاميذه من مركز ديمولي ولكن القوات البريطانية الموجودة في بربره حالت بين الشعب الثائر وبين المبشرين وتلاميذهم بأن بعثت بهم على ظهر سفينة إلى عدن. وأعربت الإدارة البريطانية حتى لا تبشر بعد اليوم في الصومال، ويفتخر الصوماليون اليوم في الإقليم الشمالي بأنه لا مراكز ولا مدارس ولا ملاجئ تبشير في أراضيهم. وأدرك البريطانيون حتى محرك الكفاح الوطني ورائده هوالسيد محمد لذلك وجهوا إليه انذاراً بسرعة الرحيل عن أراضي بربرة، فخرج السيد محمد من بربرة إلى ننطق حيث قام بشراء عشرين بندقية فرنسية وتابع سيره مع نفر من مريديه إلى ناحية أغادينا ونشر دعوته بين سكان غرومي وقد عثر فيها استجابة عند شعب أغادينا وانضم إليه عدد كبير من مريديه.


أول معركة ضد الأحباش

قام السيد محمد بتعبئة مريديه نحوالكفاح والجهاد في سبيل الله، وكانت المعركة الأولى حوالي عام 1899 حينما وصل بعض الجنود غير النظاميين من الأحباش إلى مدينة جججة الصومالية، ليفرضوا اتاوة على سكانها بعد حتى قاموا بنهب المنازل، وما في المساجد من حصر وسجاد، وما في الحقول من محاصيل وحيوان، وتقدم السيد محمد وجنوده إلى مشارف مدينة جججة وقاموا بغزوة سريعة على معسكرات الأحباش، وانتصر عليهم، وتقهقروا مهزومين، وغنم السيد محمد ورجاله الكثير من السلاح والعتاد الطلياني، وعادوا إلى أغادينا، غير حتى السيد محمد لم يستطب الحياة فيها، ومن ثم اتجه إلى مدينة فطوين لإعداد قواته للقيام بحملات واسعة ضد البريطانيين حتى يجلوا عن البلاد.

التعبئة العامة

بدأ السيد محمد بالدعوة إلى توحيد القوى الصومالية ضد المستعمرين، وكان في عمله هذا لابد حتى يصطدم مع بعض زعماء القبائل الصومالية، لأن المجتمع الصومالي في هذا الوقت كان مجتمعاً قبلياً وكان رئيس القبيلة له السلطة العليا فإذا خرجت الزعامة من يد رئيس القبيلة، كان ذلك انقلاباً في حياة المجتمع، لا يرضى عنه رئيس القبيلة، فإذا وافق البعض فإنه من المؤكد حتى البعض الأخر لا يوافق على خروج الزعامة لأن ذلك في اعتقادهم إضعاف لنفوذهم ومن ثم وقع احتكاك بين السيد محمد وبعض القبائل التي رفضت الكفاح وانضمت إلى قوى الاستعمار فكانت حروب بين مبدأين، جميع له أنصاره ومؤيدوه. واضطر السيد محمد حتى يدخل الحرب في الجبهة الداخلية لضمان وحدة المقاومة وعدم التسلل للخونة، فكانت ضربة على الخونة والمتعاونين مع الاستعمار تحت تأثير المال والجاه، وقد انضم إليه الكثير من القبائل الوطنية التي أيدت دعوته وزادته قوة وإصراراً على انتزاع حقوق مواطنيه من يد المستعمرين.

دعوة السلاطين والحكام لتوحيد الصفوف

بعث السيد محمد برسائل متعددة إلى السلاطين والحكام في مختلف أنحاء الصومال، يدعولتوحيد الصفوف والجهاد في سبيل الله. ومن أشهر الرسائل الرسالة الموجهة إلى السلطان عثمان محمود المجرتين. وهذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله. كيف الرعية وحامي ديارهم منفذ أوامر الشرع المنادي به في سبيل الله. جناب المجاهد السلطان عثمان بن محمود سلطان المجرتين أيده الله ووفقه ونصره آمين. أعرض على مسامعكم الكريمة بعد حمل ما أوجبه الله من التحية الخالصة والنادىء المقبول إذا شاء الله، أني أبعث لكم كتابين تباعاً تطبيقاً لقول الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم،(( الدين النصيحة لله ولرسوله ولخاصة المسلمين وعامتهم)) وبينت فيهما ما يفترضه الواجب الديني لمعالجة المطامع المسلطة على بلادهم من دولة إيطاليا الكافرة، الظالمة القاسية، ووضحت لعظمتكم حتى الله تعهد بنصر المؤمنين، وتكفل بألا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً إذا قاموا بتأييد دينهم، والسير على سنن قرآنهم، فإنه نطق ((ما فرطنا في الكتاب من شيء)). ونطق في سورة الأنفال (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوالله وعدوكم)) وعلى هذه السنن نهج السنوسي مع إيطاليا في طرابلس الغرب، فإنه هزمها وقهرها وغنم ما لايحصى من الذخائر والعتاد الحربي، ولم يهجره هملاً، بل صار يقاتلهم به بعد حتى استعد لكل ما يلزم، وعلى هذه القاعدة أيضاً سلك سلطان الريف في المغرب الأقصى فإنه غضب لله وخرج منفرداً يقاتل في سبيل الله، ومازال يسير في وادي الإخلاص بحزم وحكمة وثبات حتى صار يقود اليوم مائتي ألف مقاتل مزودين بالبنادق والمدافع الضخمة والرشاشات السريعة التي غنمها منهم وسار يستعملها ضدهم حتى أرهب دولتي فرنسا وأسبانيا ودك قواتهما العظيمة وكاد يسحقها سحقاً، وكذلك مثل سلطان باشا الأطرش في الديار الشامية مع دولة فرنسا، وعلى هذه الخطة يسير حاكم مسلم حكيم. وكل من ولاه الله حاكماً على طائفة من المسلمين واجب عليه حتى يتزود ويستعد بما يحمل عن أمته الويل، وإذا لم يعملف فإنهقد يكون عاصياً ومسئولاً يوم الفزع الأكبر أمام رب العزة. ولقد تعهدت لمقامكم المهيب أنكم إذا أردتم السبيل الواضح الموصل إلى الفوز السريع فلابد من الاستعداد، وإعداد القوة والرجال لمقاومة خصومكم المثل بالمثل، وذلك ليس من الصعب ولا من المحال بل يتوقف على توجيه إرادتكم القوية نحوذلك بعد مشيئة الله. وأؤكد لكم صدقاً في كتابي هذا المرسل مع أحد خاصتكم عمرجامع مع ماسبق في خطي السابقة، وقد وضحت له تفصيلات ذلك شفهياً بحضور خاصتكم محمود عواله فإذا عزمتم على العمل الموصل إلى سرعة حصول المرغوب فيه يجب حتى تختاروا لكم وكيلاً أميناً رسمياً. والسلام) إمضاء السيد محمد عبد الله حسن

وهذا نموذج آخر لرسالة بعث بها السيد محمد إلى الفهماء والشيوخ يحثهم على الجهاد في سبيل الله بإرشاد أبناء الأمة نحوالكفاح من أجل ذويهم وحرمتهم ووحدتهم. والرسالة إلى الشيخ حسن بن الشيخ آدم. الشيخ عبد الله بن عيداروس الشيخ الحاج يوسف بن عبدي الشيخ المفهم إبراهيم

بعد حمد الله والصلاة على رسوله يقول السيد محمد ومراد هذه الرسالة أمران أحدهما إبلاغ السلام، سلام الله عليكم وعلى من جاء لديكم. والثانية أريد منكم وأطلب إليكم مؤكداً حيث أنكم من الفهماء الأعلام الذين هم الهداة حتى تقوموا لإعلاء حدثة الدين الإسلامي. ولتوحيد صفوف أمتنا الصومالية لمقاومة الأعداء الذين يحتلون بلادنا، وستعبدون أمتنا، ويهينون شرفنا وعزتنا، ويحاولون إذلال ديننا الذي هوأشرف الأديان. وحذروا الأمة من الأمور التي تجلب لهم الهلاك في الدارين، وتسبب لهم الكفر والارتداد، أعاذنا الله من الجميع، وبعد ذلك تكفيرهم لنا مع كوننا مسلمين موحدين مجاهدين في سبيل الله عاملين لإعلاء حدثة الله، ولإنقاذ بلادنا من براثن الأعداء الكافرين ومخالب أعوانهم المنافقين الكذابين. ومع ذلك يكفروننا بلا موجب، فيا فهماء الإسلام حذروهم من ذلك وحذروهم من اتباع الكفرة والكفرمعهم، والتنظيم لهم، ونسيان العزة والتحاكم إليهم، والمعاملة معهم، ودعوة الرعية، ونصب البوارق، وجلب الفضائح إلى بلادهم، فإن ذلك كله مما يجلب الويل والهلاك. ان اتباع الكفرة لاشك أنه من المكفرات، وأما السكن معهم فتحريمه ظاهر بالكتاب والسنة أما الكتاب فيقول تعالى (( إذا الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم نطقوا فيم كنتم نطقوا كنا مستضعفين في الأرض. نطقوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وبئس المصير)). وأما الأحاديث ففيها قول الرسول (( أنا برئ من جميع مسلم يقيم بين أظهر المشركين. نطقوا يا رسول الله ولم،يا ترى؟ نطق لا تراءى الناران. وأما التنظيم لهم فهومما يجلب الكفر، وقد أنكر الفهماء إيمان من عظم الكفرة لأن الله أمر بإهانتهم ونطق في حقهم (( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)).


الاستعداد للحرب

قام السيد محمد بالدعوة إلى الجهاد في المراكز التي أنشأها في مختلف أنحاء البلاد، وتعبئة الشعور العام ضد المستعمر الغاشم وتوحيد صفوف المجاهدين الصوماليين ودعوة الحكام والسلاطين للإشتراك في الدفاع عن أرض الوطن وحمايته من المبشرين ومناشدة الفهماء والشيوخ للقيام برسالتهم في الدعوة للجهاد المقدس ضد الدخلاء الأجانب, وخلال هذه الفترة من التعبئة العامة كان السيد محمد قد وضع مخططاً حربياً لضمان نجاح العمليات الحربية، وكان هذا المخطط الحربي يسير في عدة اتجاهات منها:

1-تنظيم الجيش وتدريبه على أحدث الطرق في القتال الفردي والجماعي. 2-جعل الصفوة الممتازة من أبناء القبائل الموالية له فرسان الطليعة. 3-الاعتماد على التجار العرب في توريد الأسلحة عبر مواني بربره وزيلع إلى معسكرات الجيش الصومالي. 4-الاعتماد على الذخائر والأسلحة التي كانت بمخازن الجيش المصري وتهربت من هرر إلى داخل الصومال. 5-الاعتماد على بعض السلاطين والحكام الذين تعهدوا بتوريد الأسلحة للجيش. 6-بناء مخازن ومستونادىت في مغارات الجبال لا يعهد مناطقها غير المسئولين عنها. 7-بناء الحصون في أماكن استراتيجية كنطاق لتغطية عامة لمخازن الأسلحة. 8-الإكثار من بناء القلاع والحصون داخل الأوجادين كمنطقة تجمع واستقرار للقوات الصومالية. 9-حفر عدد من الآبار على طول جبهات الحدود الإيطالية والحدود البريطانية. 10-توزيع صهاريج المياه على نطاقات واسعة 11-التنبيه على القائمين بالأعمال الزراعية بمضاعفة الانتاج لسد حاجة المقاتلين وتوفير المؤنة اللازمة حتى في أحرج الأوقات. 12-إرسال الوفود إلى البلاد العربية من أجل السلاح والذخائر وطلب المساعدات كالعقاقير الطبية وغيرها.


إعلان الجهاد المقدس

أصدر السيد محمد أول بيان ثوري لإعلان الجهاد المقدس ضد المستعمرين والمبشرين أوضح فيه ما يجب اتباعه نحودينهم الحنيف، والجلد في القتال والاستشهاد في سبيل الله. وهذا نص البيان بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على أمور الدنيا والدين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. أما بعد ،، فافهموا يا أخواني وفقني الله وإياكم لطاعته، حتى الله لم يخلقنا عبثاً، وإنما خلقنا لحكمة يفهمها وهى عبادته وطاعته. فنطق (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) ويثبت لنا هذا نبينا الذي أرشدنا إلى دينه القويم وأوجب علينا اتباعه ونهانا عن مخالفته فنطق (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وأيده بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولم يهجر من أمور الدنيا والأخرة شيئاً إلا بينه. وما سار الإنسان على وفق أوامره ونواهيه إلا بلغ أقصى مناه، ونال ما يتمناه نحمدك اللهم على هدايتك وما كنا لنتهدي لولا حتى هدانا الله.

ان أجل طاعة لله تتمثل في نصرة دينه، والجهاد ضد أعدائه، وقد اتى ( البادريون ) المبشرون إلى بلادنا وليس لهم غرض إلا إفساد عقيدتنا، وانتقاص أبنائنا، ونشر المسيحية في أراضينا، والسكوت على هذا معناه الرضا. والرضا بالكفر كفر وعذاب. والكفر لا يحل إلا على القوم الكافرين. وعليكم حتى تقوموا بواجبكم الديني وأن تدفعوا شر هؤلاء قبل حتى يستفحل الداء ويعز الدواء، حتى زعماء الكفار قد غزوكم في بلادكم يريدون إفسادكم، وإفساد دينكم، وإجباركم على اعتناق مسيحيتهم، معتمدين على حماية حكوماتهم، وعلى ما لديهم من سلاح وعتاد، فحسبكم من سلاحكم إيمانكم بالله، وقوة عزيمتكم فلا ترهبوا جنودهم ولا كثرة سلاحهم فالله أقوى منهم وأكثر. هذا وكونوا صابرين على الشدائد، وموطدين العزم على التقوى طول أيام الجهاد في سبيل الله والعقيدة.

نطق تعالى (( إذا يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، ولاتهنوا في ابتغاء القوم إذا تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون وكان الله حكيماً)). وإياكم والضجر إذا توالت عليكم الهزائم فإن الحرب سجال، وقد تكون الهزيمة اختياراً لكم على صدقكم وقوة عزيمتكم. نطق تعالى (( ولنبلونكم حتى نفهم المجاهدين منكم والصابرين))، وإذا رأيتم من المسلمين من يعينون الكفار بأن دلوهم على الطرق وأماكن المياه أوكانوا لهم عيوناً أوجواسيس فاقتلوهم حيث وجدتموهم فليسوا بمسلمين. نطق صلوات الله عليه : (( من حمل السلاح علينا فليس منا)). أعرب جهادي أنا ومن اتبعني على الحكومة الإنجليزية التي تظل بكنفها المبشرين ( البادرين) مستعيناً بالله متوكلاً عليه، ولا يمنعني من جهادها مانع، ولا أفهم ما الله بعد ذلك صانع. ولكن الأمل منه حتى يحقق المراد، وأني لأرجوأحد الفوزين حتى أموت شهيداً أوأطهر البلاد من درن الكفار، والله ولينا حسبنا ونعم الوكيل.

أشهر المعارك الحربية

قام السيد محمد عبد الله حسن وأتباعه بعدة معارك حربية مع قوات الاستعمار ومن أشهر هذه المعارك، الوقائع التالية:

غزوة بهر طبغ ( حوض الدم)

في أبريل 1901 أصدرت الحكومة البريطانية أمراً إلى الكابتن سواين بالقيام على رأس جيش من قاعدة بربره إلى مدينة أفبكيلي، إذ قيل حتى السيد محمد قد جمع دراويشه في هذه المنطقة لمحاولة التغلغل داخل ثكنات الجيش في بربره، والحصول على أسلحة وصلت حديثاً إلى الميناء. وتحرك الكابتن سواين بجنوده نحوالداخل، وكان السيد محمد على فهم بتحركات الجيش الإنجليزي، فهجر مدينة أفبكيلي، هووجنوده ليلاً حتى إذا ما وصلت القوات الإنجليزية إلي المدينة التي قيل أنها محصنة جداً لم يجدوا بها شيئاً، وقد فاجأهم السيد محمد برجاله في صباح الثالث من مايو، وكانت أول معركة يدخل فيها السيد محمد على رأس جيش منظم، وكان الإنتصار عظيماً للصوماليين والخسائر فادحة للبريطانيين، وتخليداً لهذا الإنتصار سميت هذه المعركة باسم معركة بهر طيغ أوحوض الدم لكثرة الدماء البريطانية التي ملأت بقاع المدينة.

غزوة قرطدن

لم يمض شهر على غزوة بهر طبغ حتى وصلت الأنباء إلي معسكرات المسلمين في ناحية لاس عانوحتى البريطانيين بعثوا بحملة أخرى أكثر عدداً تحت قيادة الكابتن سواين للثأر من السيد محمد ورجاله الذين فاجأوه في صباح الثالث من مايوسنة 1901 وقتلوا عدداً كبيراً من البريطانيين. ولما فهم السيد محمد بأمر الحملة نادي في جنوده قائلاً : ( يريد الكفرة حتى يلحقوا بنا الهزيمة لما ألحقناه بهم من خراب وتدمير. فإلي الجهاد يا رجال الإسلام.) وتقابلت جيوش السيد محمد وجيوش بريطانيا العظمي إلي الشرق من لاس عانوبنحوخمسين ميلاً في مكان يدعي قرطدن، وكان النصر فيها للهلال على الصليب في 16 يوليوعام 1901.

السياسة الجديدة لبريطانيا ضد قوات السيد محمد: في مارس عام 1902 اضطر البرلمان البريطاني بعد حتى قام البرلمانيون بدراسة تقرير ونستون تشرشل وزير المستعمرات عن الحالة في شرق أفريقيا، حتى يقرروا إرسال وفد إلي الصومال لفهم الحقائق من أفواه الشعب والمسئولين، وكلفت الحكومة البريطانية سير ريجنالد ونجت حاكم السودان العام بالسفر إلي الصومال على رأس وفد، وكتابة تقرير عن أحوالها، وتقديم مقترحات عملية لحل الأزمة الصومالية، ولقاءة المسئولين البريطانيين لتخفيف عبء الحكومة، وتهدئة ثورة الشعب الصومالي الثائر على الحكومة. وبعد زيارة ونجت للصومال خط تقريره مقترحاً وضع خطة للقضاء على قوات السيد محمد بالإشتراك مع القوات الفرنسية، وإقناعها بعدم بيع أسلحة أوذخيرة للثوار. ومن مقترحاته فتح باب المفاوضات المباشرة مع السيد محمد وإقرار السلام. وعملت بريطانية بالإقتراح الأول وهوأسلوب العنف والتهديد واعتمدت في حروبها إلي استخدام الطائرات لأول مرة في شرق أفريقيا، للإرهاب والتنكيل بقوات السيد محمد، وتحولت الصحاري الصومالية الصافية إلي مداخن من الأتربة بعمل القنابل الكثيرة التي دمرت الكثير من مساكن الصوماليين الأبرياء.

غزوة بيرطقة

( شمال جالكعيو) 19 أكتوبر 1902 كان السيد محمد ورجاله في منطقة مدق عام 1902 طلباً للراحة والاستعداد لغزوات واسعة المدى، وانتظاراً للأسلحة التي وعد سلاطين الماجرتين حتى يمدوا بها الدراويش الصوماليين مساهمة منهم مع أخوانهم الصوماليين في جهادهم ضد الطليان والإنجليز والأحباش. وعملت المخابرات البريطانية بمواقع القوات الصومالية بقيادة السيد محمد، فأصدرت السلطات البريطانية على ساحل الصومال أمراً بتعبئة جيش جرار لمداهمة الصوماليين في ناحية مدق ( داخل نطاق الصومال الإيطالي ) وذلك بالإتفاق مع إيطاليا بشأن السماح للقوات البريطانية بمطاردة السيد محمد ورجاله حتى داخل أراضي المحمية الإيطالية. والسيد محمد الحريص على مصالح وطنه بعث الرسل إلي نواح مختلفة بعيدة عن أرض معسكرات الصوماليين للتجسس على الأعداء، وقد اتى رسول يخبره حتى جيشاً بريطانيا ً في طريقه إلي مدق، فتأهب السيد ورجاله للدفاع والمقاومة، والتقي الجيشان في بيرطقه وكان النصر للدراويش بجانب ما غنموه من الأسلحة الحديثة الوافرة لدى العدو.

معركة عفاروينه في 17 إبريل 1903

وما حتى وصلت أخبار هزائم البريطانيين في الصومال، والخسائر الفادحة في الأرواح والأموال حتى قررت الحكومة البريطانية حتى تقضي على الثورة الصومالية مرة واحدة قبل حتى يستفحل أمرها، ويزداد نفوذها مما لا يتفق والسياسة البريطانية على ساحل الصومال، في الوقت الذي قد تتأثر فيه المحميات البريطانية الأخرى بالنزوع إلي الحرية والاستقلال. وأتخذت الترتيبات اللازمة نحوهجر قوات إنجليزية من قاعدة بربره إلي منطقة مدق وحتى تبعث إيطاليا بحملة ثانية من ناحية الجنوب. على حتى يتعاون البريطانيون، والإيطاليون في غزومن ناحية الشرق. وخرجت القوات الإنجليزية من الشمال والإيطالية من الجنوب في الوقت الذي وصلت فيه السفن البريطانية إلى هوبيا، وتبعاً لاتفاقية عام 1889 بين سلطان هوبيا وإيطاليا كانت هوبيا تحت الحماية الإيطالية، ومن ثم جاز الإيطاليون للجنود البريطانيين بالعبور خلال أراضي هوبيا رغم احتجاج السلطان يوسف على الذي نفاه الإيطاليون إلى أسمرة. وبعد حتى تجمعت الجيوش في منطقة مدق أرادوا حتى يدمروا حصون الدارويش دفعة واحدة، غير حتى السيد محمد عمل على سحب القوات المعادية إلى أرض عفاروينه حيث تمكن حتى يلحق بهم خسائر أكثر من أي معركة أخرى منذ حتى أعرب الجهاد ضد الإنجليز والإيطاليين والأحباش. وفي اليوم التالي لهذه المعركة تعرض السيد محمد ورجاله إلى قوات إنجليزية قادمة من ناحية هود وأمكن هزيمتها في معركة درتولي، وهلل المسلمون حمداً لله بأنهم في يومين متتاليين استطاعوا حتى يهزموا قوات إنجليزية وإيطالية أحسن سلاحاً منهم وأكثر عدداً، وقد غنم الصوماليون غنائم كثيرة. وفهم السيد محمد حتى منليك بعث بجيش تحت أمرة ضباط بريطانيين لمهاجمة الدراويش في الأوجادين غير أنهم تراجعوا حينما بلغتهم الأخبار عن مدى خسائر القوات الإنجليزية والإيطالية في معركتي عفارونيه ودرتولي.

الاتفاقيات البريطانية الإيطالية للحد من نفوذ السيد محمد

وجدت بريطانيا أنها خلال الفترة ما بين 1900 إلى 1904 لم تستطع حتى تحصل على أية فوزات أمام قوات السيد محمد، واتضح لها من كشوف الوفيات والمفقودين حتى عدد الضباط الإنجليز والجنود الذين تفقدهم بريطانيا في محاربة السيد محمد يزداد من عام إلى عام بل من معركة إلى أخرى، حتى كانت آخر معارك عام 1904 بلغ عدد القتلى أكثر من عشرة أضعاف ما وقع في أول معركة رغم المساعدات التي تقدمها إيطاليا من حين إلى آخر مما أزعج الرأي العام البريطاني للخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد الحربي.

معاهدة 1905

ومن أجل إصلاح الموقف البريطاني في الصومال، دخلت بريطانيا في عدد من الاتفاقيات الدولية على نطاق واسع بهدف إيجاد أصدقاء لها أمام المحنة التي تجابهها في الصومال للقضاء على قوات السيد محمد وأتباعه. ومن أجل ذلك قامت بريطانيا بإبرام معاهدة 1905 بشأن الاعتراف بمحمية الصومال الإيطالي كحقيقة واقعة لقاء حتى تعترف إيطاليا بمحمية الصومال البريطاني ونفوذ البريطانيين في جوبالند وكينيا. وفي الوقت نفسه تتعهد الدولتان بالعمل لما فيه انهاء قوات السيد محمد وأتباعه من الصومال، وتصفية شئون سلطان زنجبار على ساحل الصومال، كما اتى في رسالة المركيز لاندس داون البريطاني إلى السنيور باتا الإيطالي في 13 يناير 1905 وتعتبر هذه الرسالة جزءاً من معاهدة سنة 1905 التي من أبرز نصوصها.

مادة1 : تدفع الحكومة الإيطالية مبلغ 144 ألف ليرة إيطالية أوما يماثلها بالعملة الاسترلينية في بنك انجلترا لحساب حكومة زنجبار في خلال ثلاثة شهور من تبادل الوثائق. على حتى تستمر إيطاليا في دفع قيمة الإيجار المتفق عليه حتى ينتهي ثمن الشراء إلى البنك وبذلك تنتهي كافة حقوق السلطان بمقتضى اتفاقية 1892، 1896 بشأن إدارة المدن والمواني والمقاطعات على ساحل بنادر التي تقوم بإدارتها الشركة الإيطالية، على حتىقد يكون لرعايا السطان ورعايا بريطانيا كافة الامتيازات المتفق عليها سابقاً.

مادة 2: في حالة تخلي الحكومة الإيطالية عن حقوقها الإقليمية سواء بمقتضى معاهدات واتفاقيات أوعهد أوما شبه ذلك في المستعمرات الأخرى لسلطان زنجبار، فإنها تكون من هذا التاريخ تحت يد صاحبة الجلالة البريطانية بحكم حتى زنجبار في يدها منذ عام 1987م.

مادة 3: تتعهد الحكومة الإيطالية في حالة تخليها عن أي جزء من الأراضي المذكورة في أي وقت فإن لبريطانيا حق تملكها بالشفعة. وفي الشهر الثاني من تاريخ إبرام معاهدة 1905 دخلت بريطانيا مع إيطاليا في مفاوضات بشأن التعاون في القضاء على قوات السيد محمد، وفي الوقت نفسه طلبت من فرنسا حتى تغلق موانيها وطرقها ضد تسرب الأسلحة الحربية إلي قوات السيد محمد.

ورغم الإتفاقيات والجهود الأوروبية في شل قوات السيد محمد فإنهم لم يحققوا أي نصر حربي ذي إعتبار. ولذا وجدت بريطانيا حتى الطريق الوحيد لتهدئة ثورة الشعب الصومالي هوالتفاوض المباشر مع السيد محمد، ومنحه جميع ما يرغب في حدود بقاء القوات الأجنبية في الصومال. وقامت مباحثات بريطانيا – إيطالية على حتى تقوم إيطاليا بالتفاوض مع السيد محمد بشأن عقد إتفاق صلح وسلام ثم تقوم بريطانيا من ناحيتها بالتصديق على المعاهدة التي تبرمها إيطاليا مع السيد محمد.


معاهدة الصلح والسلام

كان السيد محمد ورجاله معسكرين بناحية أيل، حينما وصل الكومنداتور إلي اليج على ساحل المحيط الهندي وناشد السيد محمد إجراء مفاوضات بشأن الصلح والسلام، وبعد نقاش طويل سقط الطرفان معاهدة الصلح والسلام في مارس سنة 1905.

  • المادة الأولي:

نصت على الصلح الدائم بين السيد محمد عبد الله وأتباعه، والحكومة الإيطالية والتابعين لها من الصوماليين، وكذا الحال مع بريطانيا والحبشة. وإن جميع نزاع أوإختلاف ينشب بين السيد محمد وأتباعه مع إيطاليا أوبريطانيا أوالحبشة يعرض بطريقة ودية مسالمة عن طريق مبعوثين من الطرفين تحت رئاسة المندوب السامي الإيطالي أوالمندوب الإنجليزي في حالة ما إذا كانت نقطة النزاع مع البريطانيين.

  • المادة الثانية:

نصت على تحديد منطقة إقامة السيد محمد وأتباعه ما بين رأس جاراد ورأس حابي بموافقة سلطان هوبيا وسلطان مجرتنيا الخاضعين للمحمية الإيطالية على حتىقد يكون لإيطاليا حق تعيين مندوب عنها في أي وقت كحاكم على هذه المنطقة، ويساعده السيد محمد عبد الله على حتى يقوم السيد محمد عبد الله كوكيل لأعمال إيطاليا حتى يعين مندوب إيطالي.

  • المادة الثالثة:

نصت على حرية التجارة في المنطقة الخاضعة لنفوذ الشيخ محمد، وحتى يتعهد رسمياً بمنع مرور الأسلحة من البر أوالبحر، أواسترادها، وكذلك تجارة الرقيق وحتى الخالف لهذه القوانين يقع عليه عقاب تحدده الحكومة الإيطالية حسبما تري.

  • المادة الرابعة:

نصت على حتى المنطقة المخصصة للسيد محمد وأتباعه هى منطقة نونطق وهود ولهم حق الرعي في المناطق الجنوبية من محمية الصومالند البريطانية على ألا تتعدي الحركة الرعوية خط الآبار – (هالين – هودين ) – ( هودين – ننطق ) – ( ننطق – ودانوت). وله حق الرعي إلي الجنوب من نطاقهم، ويجب حتى يحصل على موافقة من أصحاب الأراضي في مجرتنيا ومدق، وحتى المنازعات التي تتعلق بالمراعي أوسكان هذه الجهات تحمل إلي السلطات الإيطالية التي تقوم بحلها.

في 28 ذي الحجة 1322هـ .

إمضاء. السيد محمد عبد الله، ج. بستالوزا

إعتماد المعاهدة من بريطانيا

سقطت بريطانيا على الملحق الإضافي للإتفاقية لإمتداد السيد محمد وأتباعه إلي هالين – هودين – بوران – دانوت – كورمس – وصارت الإتفاقية نافذة المفعول إعتباراً من تاريخ توقيع الملحق الإضافي في مارس سنة 1907. ( انظر الخريطة رقم 11)

إلغاء المعاهدة من طرف السيد محمد

قام السيد محمد بدراسة الإتفاقية الإيطالية، وما قام به البريطانيون من تعديلات، واستوعب أنها مؤامرة والهدف منها تحديد نطاق الدراويش حتى يمكن القضاء عليهم في حيز ضيق بين المحمية البريطانية والمحمية الإيطالية وفي المعاهدة إهانة لشخصية السيد محمد، إذ جعلته نائباً للحكومة الإيطالية المستعمرة في صوماليا وذلك في نطاق المنطقة المحدد للسيد محمد والدراويش وهى أيضا تحد من تسليح الشعب المجاهد في سبيل تحرير بلاده من الدخلاء. ورغم إعتراف بريطانيا بالمعاهدة فإن السيد محمد أعرب حتى الإتفاقية ملغاة لأنها لاتتفق وآمال الصوماليين في الحرية والاستقلال الكامل. واضطر السيد محمد حتى ينقض الإتفاقية مستنداً إلي قوله تعالي ( وأما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إذا الله لا يحب الخائنين ) وإستأنف السيد محمد وأتباعه القتال من جديد، ونقل مركز القيادة من أيل إلي تاليح لحصانتها وسهولة الإتصال مع بقية المراكز الدفاعية الصومالية.

فشل المؤامرات البريطانية

بعد إعلان إلغاء معاهدة الصلح والسلام أدركت بريطانيا حتى مؤامرة الإعتراف بالصومال الإيطالي، ومؤامرة معاهدة السلام والصلح، ومؤامرة الإتفاق مع فرنسا على عدم تسليح أوالسماح بمرور أسلحة السيد محمد وأتباعه. إلخ لم يكن اهذه المؤامرات نصيب من التوفيق. وفي عام 1910 بعد عمليات حربية غير فاصلة، بسبب نزوع السيد محمد وأتباعه دائماً إلي عرقلة تقدم الوحدات الثقيلة من الأجهزة الحربية البريطانية في غزواتها سواء على يد الفدائيين أوعن طريق الكمائن، صدرت الأوامر من الحكومة البريطانية بتراجع وحدات الجيش إلي الأراضي الساحلية وهجر المدن والقلاع الداخلية للسيد محمد وأتباعه ريثما ترسل تعليمات أخرى إلي القواد الإنجليز على شاطيء الصومال. ومن كشوف الإنضمام الحربي البريطاني إتضح حتى تراجع البريطانيين على الساحل كان لجمع الضم وفهم الحي من الميت، وتوزيع السلاح وإحضار فرق عسكرية جديدة من الهند وعدن وكينيا تنضم إلي قوة المحمية بصفة استثنائية وتربط وجودها بحياة السيد محمد فإذا ما اغتال عادت هذه الفرق إلي قواعدها في شرق أفريقيا والهند وعدن وكينيا.

تهديد ووعيد

خط الجنرال رتشارد كورنفيلد القائد العام للقوات البريطانية المسلحة في محمية الصومالند رسالة إلي السيد محمد عبد الله حسن. اتى فيها.( من قائد القوات البريطانية في الصومال إلي قائد قوات الدراويش السيد محمد عبد الله حسن. أما بعد. لقد نصحناك وأنذرناك من سوء العاقبة، ولم تقبل نصيحتنا، ولهذا فقد تكون عرضة لهجوم حكومة أكبر منك قوة، وسننسفك نسفاً أنت ومن معك، إذا لم ترجع عن غيك، وتخمد ثورتك الجنونية وافهم حتى دولة صاحبة الجلالة عظيمة جداً، ولا يستطيع مجنون مثلك حتى بنال منها شيئاً، فارجع عما أنت فيه، وعد إلي صوابك قبل حتى تقع عليك المصيبة، وتندم على أعمالك السيئة، والموت ينتظرك متى أصررت على عنادك). وكانت إجابة السيد محمد على رسالة ريتشارد كورنفيلد البريطاني كالتالي. ( من السيد محمد عبد الله حسن قائد قوات الدراويش الإسلامية إلي الجنرال رتشارد كورنفيلد قائد قوات الشيطان. قد أطلعت على رسالتك، وفهمت منها جميع أغراضك الدنيئة وأغراض حكومتك الوضيعة، وافهم حتى قواتكم التي تفاخرون بها لا تساوي لدي شيئاً، وأفهمك أيضاً أنكم إذا كنتم تحاربون بقواتكم الهائلة، فإنني اقاتلكم بنيتي الوطنية، وإيماني القوى، وعزيمتي المتينة التي لا تعهد الملل، مهما تكن الظروف فلن استسلم ولن أكون للشرك عبداً).

معركة دلمادوب

أدركت بريطانيا حتى إسلوب التهديد لا يجدي مع السيد محمد المؤمن برسالته ودعواه في تحرير واستقلال وطنه، وقررت حتى تدخل حرباً كبرى مكشوفة أمام قوات السيد محمد، فأبرقت إلي الجنرال رتشارد كورنفيلد حتى يعد جيشاً قوياً وله مطلق التصرف في استنادىء الضباط والجنود للدخول في المعركة الثأر للشرف البريطاني الذي استهزأ به السيد محمد، وحتى يقضي قضاء تاماً على ما سمعوه بالعصابات الصومالية وقطاع الطرق، وحتى يترأس القوات المسلحة المغيرة والتي تتألف من القوات الهندية الإنجليزية القادمة من الهند بالإضافة إلي القوات الموجودة في المنطقة ( أي قوات المحميات البريطانية في عدن والصومال وزنجبار وكينيا). واعتبر رتشارد حتى المعركة تمثل هيبة بريطانيا، وحدد مكانها في تاليح معقل الدراويش، وبعد حتى تجمعت قواته. زار زئير الأسد في جنوده. قائلاً. إلي الفناء يا عصابات الطرق. ودخلت الفرق الإسلامية الصومالية معركة الحقد والثأر بكل عزيمة وإيمان ودارت رحى الحرب في أكتوبر 1913 واغتال الجنرال رتشارد في بداية المعركة عند دولمادوب وخرج الشرف الصومالي مصوناً قد حمته دماء ذكية طاهرة لتروي شجرة الحرية، وتعلن فوز الحق على الباطل والاستعمار. وتراجعت القوات الإنجليزية مذعورة إلي النطاق الساحلي. وهى تضمد جروحها، وتبكي قائدها الكبير الذي سقط مضرجاً بدمائه تحت سنابك خيول الفرسان الصوماليين الصناديد. وأعربت وزارة المستعمرات البريطانية حداداً على الجنود والضباط وقائدهم الكبير والذين سقطوا في المعركة ضد الصوماليين أوأسروا. وأعرب الصوماليون عن فرحتهم الكبرى فسجدوا لله شكراً على هذه الغنائم من الأسلحة والعتاد الحربي الذي لا يحصيه حاسب. وكانت هذه الذخائر خير معين للقوات الصومالية ضد البريطانيين مرة أخرى وأخرى في فوزات متتالية. ولا فرق بين معركة عدوه سنة 1886 ومعركة دلمادوب الكبرى سنة 1913 ففي الأولي ( 1886 ) هزم الإيطاليون وفي الثانية ( 1913 ) هزم البريطانيون وفي الأولي تحصل الأحباش على الأسلحة بالشراء من الإيطاليين واستخدموها ضدهم، وفي الثانية غنم الصوماليون أسلحة من البريطانيين وحاربوهم بها.

بريطانيا تعرض ملك الصومال على السيد محمد

أدركت بريطانيا حتى سياسة المفاوضات من أجل الصلحوالسلام تحت ظل الاستعمار لم تجد قبولاً عند السيد محمد المؤمن برسالته، وحتى سياسة التهديد والوعيد أسفرت عن اغتال القائد العام للقوات البريطانية في الصومال وعن هزيمة الجنود البريطانيين في معركة دولمادوب وخسائر كبيرة في الأرواح والعناد. فاتخذت بريطانيا سياسة جديدة هى سياسة التعظيم والتكبير والإغراء والهدايا والرشوى فبعثت ببرقية إلي القائد العام للقوات البريطانية في الصومال حتى يحمل الفهم الأبيض رمزاً للسلام، وحتى يدخل في مفاوضة مباشرة مع السيد محمد وأتباعه بحضور نائب ملك الهند وحتى يمنحه الأمان، وجميع ما تشتهي نفسه من أجل استقرار المحمية البريطانية في الصومال. فبعث القائد الجديد برسالة إلي السيد محمد يناشده حتى يلبي نداءه ويجتمع في مكان قريب من لاس عانود في ساعة محدده. فاستجاب السيد محمد لنداء القائد البريطاني الجديد عسي حتى تنتهي المفاوضات باستقلال وطنه. وتقابل الوافدان الإنجليزي والصومالي. وتباحثا في أمر الاستقرار والهدنة. وتقدم نائب ملك الهند بهدية إلي السيد محمد بعد حتى قدم التحية باسم ملكة بريطانيا وحكومتها وشعبها. وخلال الحديث استوعب السيد محمد محور الهدنة والصلح، وهوحتى يلقي الدراويش سلاحهم لقاء حتى تعترف الحكومة البريطانية والدول الصديقة بالسيد محمد كملك على الصومال، وحتى بريطانيا تضمن له اعتراف الدول به كملك على الصومال. ومع الهدية القيمة وبريق المجد والسلطان الكبير فإن السيد محمد لم ينظر إلي هذه الاعتبارات وذاك الإغراء، بل أمر مرافقيه بالقاء الهدايا ونطق حدثته المشهورة الخالدة التي تعتبر دستوراً لأمانة النضال والصدق في القيادة وهى ( أني لم أفكر في حتى أكون ملكاً، ولم يكن ذلك هدفي لا في الحاضر ولا المستقبل، ولكن هدفي الوحيد هوحتى أطهر بلادي من الاستعمار، واعيد إليها حقوقها المغتصبة، واطهرها من الشرك والنفاق ولست أبالي بعد ذلك حتى أحيا أوأموت ). ولوحتى السيد محمد كان يرغب في الملك لما رفضه حين عرض عليه مع الهدايا القيمة ولكنه لا يرغب ألا في الحرية لوطنه، والاستقلال لبلاده. وعاد الوفد الصومالي إلي مناطق التجمع للقوات الإسلامية ليروي على إخوانه ما مضىت إليه السياسة البريطانية من تهديد وضرب بالحديد والنار إلي الوعد بالأماني والأحلام في ظل الاستعمار والعبودية.


استعدادات صومالية لحرب واسعة ضد المستعمرين

قام السيد محمد بتوزيع القوات الصومالية على ثلاث جبهات، جبهة لمحاصرة القوات الإنجليزية على النطاق الساحلي، وجبهة لمحاصرة منطقةبنادر لتحول دون تقدم أي فرق إيطالية إلي مدق أومجرتنيا، وجبهة مرابطة داخل أراضي الأوجادين وكانت بصفة دائمة وإليها يرجع الفضل في عدم وقوع أي إعتداء حبشي نحوالأوجادين منذ حتى ثار السيد محمد وأعرب الثورة الصومالية ضد الدخلاء والمستعمرين في عام 1901. وكان مساموالعالم في مصر والبلاد العربية وفي الهند وهجريا وغيرها يباركون هذا الجهاد العظيم لمسلمي الصومال، وخشى البريطانيون حتى يزداد الصوماليون قوة بتعضيد القوى الإسلامية، فأسرعت بريطانيا إلي عقد إجتماعات في لندن وفي روما وفي أديس أبابا للتشاور في مسألة الصومال، والسيد محمد وأتباعه، لأن القضاء على السيد محمد وأتباعه معناه إمكانية المحافظة على التقسيم الحالي للصومال بين الدول الأوروبية والحبشة، وحتى نجاح ثورة السيد محمد معناها طرد الأوروبيين والأحباش من جميع بقعة يعيش فيها صومالي، وكانت بريطانيا في هذا الوقت تعاني من قوات الدراويش في السودان. وقوات الدراويش في الصومال وأيقنت حتى الأيام ستكون في صالح الشعوب الإفريقية إذا لم يتخذ المتآمرون قراراً سريعاً بشأن ما سموه حرب العصابات الصومالية وقائدها السيد محمد. وتسربت أنباء الإجتماعات التي يعقدها الدخلاء وتكتلهم ضد القوى الصومالية للقضاء عليها وإبقاء الصومال المقسم إلي خمس وحدات سياسية. في الوقت الذي كان يعاني فيه السيد محمد من نقص في الأسلحة والتموين بسبب الرقابة البريطانية والإيطالية على سواحل الصومال ومنافذها البحرية، ولذا كان حتماً على السيد محمد ان يتجه إلي العالم الإسلامي يطلب منه مساعدة مسلمي الصومال في قضيتهم العادلة.

معاهدة حماية مع الدولة العثمانية

أوفد السيد محمد عبد الله حسن الوفود إلي دول العالم الإسلامي لمد الصومال بالسلاح والذخائر والتموين ووفداً خاصاً إلي الدولة العثمانية التي كانت تحكم دول العالم الإسلامي في أفريقيا وآسيا وكان الوفد الصومالي برياسة الشيخ أحمد مشروع بن محمود الصومالي نيابة عن السيد محمد لإجراء معاهدة حماية مع الدولة العثمانية. وهذا نص المعاهدة عن النسخة الأصلية المصورة في كتاب ( الحديد والنار ) لكروسيللي طبعة (1936 ).

بسم الله الرحمن الرحيم حرر فيتسعة محرم الحرام 1335 موافقاً تشرين الأول 1132 المسقط على هذه الحماية السنية بدولة العلية العثمانية أيده الله بفتحه وبنعمته وبعزه الشيخ أحمد مشروع بن محمود الصومالي المندوب المفوض المطلق المأمور بالتوقيع على حجة الحماية السنية بدولة العلية العثمانية من حضرة السيد محمد بن عبد الله حسن نور أمير قبائل الصومال بأفريقيا الصومالية الغربية الشمالية النائب عن القائم مقامه بالنيابة المقبولةالمعتمدة عن الأمير السيد المشار إليه، وعن الفهماء ومشايخ القبائل والتابعين لهم على العموم بقوله: إننا نقر ونعترف لخليفة المسلمين السلطان الأعظم محمد رشاد خان الخامس وللدولة العلية العثمانية أيدها الله بالحماية المطلقة واليد الطولي القوية لأننا من التابعين لها، المتمكن من عرش الجلالة الإسلامية العثمانية وسلاطينها من آل عثمان العظام أيدهم الله مدي الأزمان.

وأننا لا نعترف لغير خليفة المسلمين بتبعية دينية، أوعلاقة سياسية ونرفض رفضاً كلياً ما تزعم به دول الإنجليز والطليان علينا، أوعلى أرضينا من المزاعم الوهمية التي لا ظل لها من الحقيقة، بل نلعن عليهما الحروب المستمرة، وقد زحزحنا جيوشهما في الحروب السابقة المشهورة بيننا وبينهم، وأننا لا نعترف لها بحق، ولا غيرهما عنها، والقائمين مقامها، المستقلين بأرضنا النافذة فيها أحكامنا من دول الاستعمار في أرضنا غير الدولة العلية العثمانية نحن النائبين في حدودنا المعروفة الواقع مركزها غربي شمالي من أفريقيا الصومالية من حدودها الأربعة: شرقاً قبائل المجرتين من الصومال والبحر، وغرباً: حدود الحبشة، وجنوباً: مقدشوه، وشمالا: قبائل وأرسنجلي والبحر. هذه حدود أرضنا المستقلين بها من قدم الزمان المحتوية على جبال ورمال ووديان وسهول ووعر، شعوب وقبائل شتي من الصومال.

وبناء على إعلان خليفة المسلمين الجهاد المقدس في هذه الحرب العمومية على دولة الإنجليز والطليان والمتفقين معهما نعلن أيضا جهادنا الآن عليهما، ونوجب عليها القيام التام بحقوق الدولة العلية العثمانية، وما وجب لها وعلى جميع من قام بمخالفة خلفة المسلمين. ومن الآن فصاعداً نلزم أنفسنا ونوجب عليها القيام التام بحقوق الدولة العلية العثمانية، وما وجب لها ديناً وسياسة من حمل أعلامها، وموالاة من والاها ومعاداة من عاداها على حسب ما توجبه علينا ديانتنا الإسلامية بمقتضي الفتوي الشرعية، وحتى نراعي رضاها، ونتجنب جميع مداخله أومخالفة أومصادقة خارجية لا توجبها على التأمين.

هذا عنا وعن أبنائنا وأتباعاً ما دمنا ودامت الدولة العلية العثمانية في الوجود، ثم إننا نلتمس من رجال دولتنا العلية العثمانية أيدها الله إعلان حمايتنا، ونشرها إلي جميع الدول الأوروبية ليفهموا حقيقة احتمائنا بالدولة العلية العثمانية ليؤيدوا ذلك ويثبتوه قياماً بواجب العدالة والحرية الواجبتين على جميع دولة متمدنة. وقد أخذنا هذا على أنفسنا، وارتضيناه واخترناه بأنفسنا، ومما هدانا الله إلي القيام به لقوله تعالي( وأوفوا بالعهد إذا العهد كان مسئولا ) ارتضاه وقبل العمل بمقضاه.

الشيخ أحمد مشروع بن محمود. ( ختم أحمد مشروع بن محمود )

بناء على حجة الحماية السنية بالدولة العلية العثمانية أيدها الله وأعلاها تعهدنا نحن العثمانية بلحج أمير اللواء على سعيد باشا المفوض من طرف الدولة العلية العثمانية للشيخ أحمد مشروع بن محمود الصومالي المفوض بالنيابة عن الأمير السيد محمد بن عبد الله حسن نور أمير قبائل الصومال المقيم بالمربعة الصومالية الغربية الشمالية والتابعين لأحكامه من الفهماء ومشايخ الصومال على العموم بحماية أنفسهم وأتباعهم وأموالهم وأرضهم سهولها ونجودها وما اشتملت عليه حدودها المذكورة أعلاه من جميع عدوان واعتساف من أي دولة كانت بعد حصول الصلح من هذه الحرب العمومية من الدول، وواجب تعهده على الدولة العثمانية أيدها الله القيام التام بحقوق الحماية حسب ما توجبه عليها قواعد الدول المتمدنة. قائد القوة العثمانية بلحج ( ختم أمير اللواء على سيعد )

غير حتى هذه الإتفاقية لسوء الحظ سقطت في يد البريطانيين على ساحل الصومال الشمالي مع الوفد الذي قام بالمفاوضة بشأنها وعلى أية حال كانت الإمدادات الحربية والموينية تصل إلي يد الثوار الصوماليين عبر مواني الساحل الأفريقي. وكانت دول العالم الإسلامي مع الصوماليين في جهادهم، في مراكزهم أوفي المؤتمرات العالمية، ونادي جميع مسلم خارج الوطن الصومالي بحق مسلمي الصومال في الحرية والإستقلال وقدم التجار العرب المسلمين جميع تسهيلات لاستحضار الأسلحة، كما أعانوا الفرق الإسلامية الصومالية بالمال ومواد التموين، والتحق بعضهم في صفوف الجهاد من أجل حرية الصومال واستقلاله.

الدسائس البريطانية بين صفوف المجاهدين الصوماليين

1 – لجأت الحكومة البريطانية إلي حياكة سلسلة من النادىيات المضللة ضد السيد محمد ورجاله فاتهموه بالشراسة، وعدم الإنسانية، وحب سفك الدماء، والميل إلي المجون، والعربدة، واختطاف النساء إلي أوكاره الخاصة. ووصفوه بالملا المجنون. غير حتى هذه النادىيات المغرضة، والإفتراءات الكاذبةة لم تجد أذنا صاغية عند المجاهدين من القبائل الصومالية وحتى كان تأثر بها بعض الأفراد ممن لم تتح لهم فرصة التعهد ولوعن قرب عن شخصية السيد محمد، ودماثة أخلاقه.

2- وكان من المعتاد عند البريطانيين عقب إبرام أي معاهدة مع أي قبيلة حتى تمنح رئيس القبيلة جزءاً من المال، وبعض الهدايا، والمواد الغذائية في الوقت الذي كان فيه الإيطاليون يعطون مرتبا سنويا للسلاطين والحكام، وتراءي لبريطانيا حتى الإتساع في عملية المرتبات الشهرية على قسطين مع بعض الهدايا للقبائل والجماعات الموالية للمستعمر من شأنه حتى يوجد فوراق مادية وحضارية بين رؤساء القبائل، وفي الوقت نفسه وسيلة لجذب عدد أكبر من المؤيدين عن طريق الرشاوي والمربات لضعاف النفوس وقامت بريطانيا بممارسة هذه الوسيلة وهى منح دريهمات قليلة لكسب عدد أكبر من السكان دول الدخول في معارك خاسرة في الأرواح والأموال، واستطاعت بريطانيا خلال عامين حتى تجد بعض المؤيدين للبريطانيين ضد الأعمال التي يقوم بها السيد محمد ورجاله.

3 – وأخيراً ولاندري كيف من الممكن أن استطاع البريطانيون حتى يتحصلوا على مخطوط من الشيخ محمد صالح صاحب الطريقة الصالحية وفيها توجيه إلي مسلمي الصومال التابعين لعقيدته حتى يهجروا السيد محمد وأتباعه ويذكر المخطوط هذا القرار. لإتخاذه تعاليم تبتعد عن روح الصالحية كشرب الخمر والمجون والعبث بالنساء وحب سفك الدماء. واعتبار السيد محمد والتابعين له خارجين عن عقيدة الصالحية. وفي هذا إفتراء صارخ للحقيقة. وعلى أية حال سواء كانت رسالة شيخ الصالحية مملاة عليه بحد السلاح، أوأنها مدسوسة عليه أوما شابة ذلك فمما لاشك فيه حتى هذه الرسالة كان لها تأثير كبير في نفوس الكثير من الفهماء والمشايخ والبسطاء من الناس، وحتى كانوا لم يعلنوا تصديقهم للرسالةمرة واحدة إما خشية بطش السيد محمد بهم، أولأنهم شكوا في الأمر، أولأنهم فضلوا السكون والإبتعاد عن تأييده إلي حد كبير. وتحول بعض أنصاره ومريديه والحاسدين له على نجاحه المتلاحق في حملاته من زعماء القبائل ورؤساء العشائر والحكام وغيرهم من مساندته إلي جواسيس عليه، ينقلون أخباره وتحركاته إلي المستعمر صاحب الفتن وباعث الإنقسامات بين صفوف المجاهدين المسلمين.

موقف السيد محمد من دسائس البريطانيين

حصن تالح، معقل الثوار الصوماليين

ومن الثابت حتى السيد محمد كان قد استخدم ما حباه الله به من مهارة فنية فائقة، في الإعتماد على التدابير التقليدية في جذب وحدات جيشه من النظام الأسري إلي داخل إطار الوحدة الإسلامية فكان له التوفيق الكبير. وقد قام السيد محمد بدحض أكاذيب المستعمرين وأذنابهم وبعث برسائل متعددة إلي السلاطين والحكام ورؤساء القبائل والعشائر يطلب منهم حتى يستمروا في تأييد دعواه وتجاوز حتى أوردنا نموذج من رسائله للسلطان عثمان محمود ليؤازره العمل لتوحيد صفوف المجاهدين الصومالين بالإضافة إلي القصائد التي يبعث بها أوينشدها في مناسباتها. وللسيد محمد قصائد تعتبر من أورع ما قيل في الشعر الصومالي الكلاسيكي، فقد كان الشعر وسيلة طبيعة للاتصال بإخوانه ومريديه ومؤيديه في نضاله ضد البريطانيين والفرنسيين والأحباش، وغالباً ما كان يعطي تعليماته لأتباعه بطريقة شعرية، وكان لاذعا في صب هجائه على اعدائه، وحلوا شجيافي منح تمنياته الطيبة لأصدقائه ومعضديه عنطريق الشعر أيضا، وله قصائد طوال من الجباي ويمكن حتى نقتطف المقطوعة التالية من جيفتو(يمتاز بالجماعية في الإنشاد ) بعنوان اجابة السيد في اليج. وفيها دحض لإتهامات البريطانيين ووصمهم بالفتن والمؤامرات. فيقول:

أنا أشكووأنتم عن الإغارات عليكم تتحدثون . أنتم الظالمون وعلى بترانهم تستولون. أنتم السارقون لثرواتهم وعلى مساكنهم تنهبون. أنتم الفاسدون لأوطانهم وبالروث تلوثون. دفعتوهم للجوع فأصبحوا للعفن والضواري يأكلون. وإذا التفاهات من فتات مابين أكواخهم يسرقون. فلا أشكوإليكم ولا إلي أنتم تشكون. فأنا أشكووأنتم عن الإغارات عليكم تتحدثون.


نهاية السيرة الخالدة للسيد محمد عبد الله حسن

في أؤائل عام 1919 فهم السيد محمد ورجاله حتى الحكومة البريطانية قررت حتى تعبيء جيشاً برياً مزوداً بالعربات المصفحة والمدافع الرشاشة السريعة الطلقات، وعشرة آلاف جندي من المشاة تساندهم قوى هائلة من الطيران بقصد التوغل في أراضي المحمية لتطهيرها من الدراويش وتفادي الخسائر التي تصاب بها المعسكرات البريطانية من جراء المفرقعات التي يضمها الفدائيون الدراويش في جهات مختلفة من المعسكرات، حتى اختفت فرق عسكرية بريطانية بأكملها.

وكان السيد محمد يعسكر مع الدراويش في مكان قريب من عرجابوحينما وصلته هذه الأنباء على لسان تاجر عربي. فأمر السيد محمد حتى يرتحل الجنود إلي تاليح المركز العام للقيادة الصومالية لمتانة التحصن بها، وبدأ سير القوات الصومالية صوب تاليح غير حتى الأنباء وصلت عن وجود فرق إنجليزية متجهة ناحيتها لذلك إتجه السيد محمد والدراويش ناحية ننطق قاصدين نهر شبيلي للإنضمام إلي القوات الصومالية المرابطة هناك برأسة أخيه خليفة عبد الله حسن، وبذلك جمع السيد محمد الجيوش الصومالية للدخول في معركة كبرى ضد البريطانيين. واتى إلي المعسكر وفد صومالي يطالب بعودة السيد محمد ورجاله إلي ننطق، ووقف القتال للعيش في سلم وهدوء. فنطق السيد محمد بطل الاستقلال.( أعوذ بالله منكم وممن أوفدكم. لن أستسلم ولن أكون للشرك عبداً ). فانصرف الوفد عائداً من حيث أتى.

واستمر السيد محمد في اعداد الجيش واستكمال المعدات الحربية خلال ثمانية شهور أوأزيد بقليل حتى ظهر وباء مميت بين القوات الصومالية المجاهدة، ويذكر أكثر الرواة حتى هذا الوباء قد حمل جراثيمه رجلان من عملاء الاستعمار الإنجليزي، وألقوا به في آبار منطقة هروشكح التي يعسكر فيها الدراويش ونتيجة لذلك، كثرت الوفيات في الوقت الذي عز فيه الدواء والطبيب، ولذلك كانت معارك هروشكح فيعام 1920 من المعارك الخاسرة بالنسبة للصوماليين. واستمرت الحروب البريطانية الصومالية نحوعام تام (1920 /1921) وفيها تسجيلات رائعة لمعارك عظمى انتصر فيها الشرف الصومالي، ورغم المدافع الثقيلة والطائرات الحربية والقنابل المدمرة التي قيل أنها ألقت أكثر من مائة قنبلة على حصن تاليح وكادت تحطمه في الوقت الذي لا يملك فيه الدراويش طائرة واحدة بينما تمتليء سماء تاليح بطائرات مقاتله ضخمة وأمام هذا الضغط الحربي الكبير اضطر السيد محمد حتى يصدر أوامره كما هى عادته بالتفرق السريع والتوغل في البلاد تفادياً من سقط خسائر في الأرواح، بيد أنه استنفد جميع وسائل المقاومة والتضحية، وخرج السيد محمد جريحاً من إحدى المعارك، وتوفي الشهيد متأثراً بجراحه في نهاية عام 1921 تقريباً، ودرس البريطانيون في نهاية المعركة عن جثمان الشهيد السيد محمد، رائد القومية الصومالية، ليعملوا به كما عمل البريطانيون برأس السيد محمد المهدي في السودان ليجعلوا من جمجمته منفضة سجائر لملكة بريطانيا وزائريها، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك فقد نجح ورثته في الكفاح والجهاد من إخوانه الدراويش حتى يظل قبره سراً لا يعهده إلا الخاصة من مريديه. وبعد عام 1921 استعادت الحكومة البريطانية قوتها للسيطرة على الإقليم الشمالي، ولكن بعد حتى هجرت ثورة السيد محمد مرارووحسرة في نفوس الشعب لا يمكن حتى تمحوها السنون والقرون، وقد أصاب المؤرخ البريطاني الرسمي في ذلك الوقت حينما نطق ( أنه سيعيش في قلوب مواطنيه إلي الأبد كرجل وطني وزعيم خالد الذكرى، بلغ الذورة في البطولة.). وبعد أربعين عاماً تقريباً تحررت البلادبقسميها الشمالي والجنوبي وهى اليوم تعمل لاستكمال الرسالة التي وضعها السيد محمد للاستقلال الكامل للوطن الصومالي الكبير وطرد الدخلاء والمبشرين وتدعيم الاستقلال.

مباحث المنافقين

من الرسائل الخالدة للسيد محمد عبد الله حسن للسيد محمد رسائل خالدة في الأدب ومنها الرسالة العظيمة التي سماها مباحث المنافقين وهى توضح جانب من جوانب الكفاح الوطني وحقيقة بواعث الثورة الصومالية بزعامة السيد محمد. وهذا نصها كما ورد في كتاب (أضواء على الصومال ) للأستاذ عبد الصبور مرزوق. بعد حمد الله والصلاة على رسوله.

نحن قوم قاموا بالعزم والإيمان، وعقدوا نيتهم على حتى يدافعوا عن دينهم ووطنهم وشرفهم بآخر قطرة من دمائهم، يجاهدون في سبيل الله تعالي لاعلاء حدثة الإسلام إلي حتى يحققوا أغراضهم أويستأصلوا من فوق الأرض . ونحن قوم نكافح لتطهير جميع أنحاء بلاد الصومال من الأعداء الكافرين المستعمرين لأننا نفهم تماماً أنه لا يمكن حتى نعبد الله في أرض آمنيين مطمئنين، ولا حتى نقيم أحكام كتابه ولا حتى نستثمر خيراتها ولا حتى نستنشق نسيم الحرية بها إلا بعد تحقيق الغرض المذكور.

ونحن قوم حاصرهم الكفار والمنافقون من جميع الجهات، وأحاطوا بهم كإحاطة الهالة بالقمر، والسوار بالمعصم، وبترت عنهم جميع المواصلات والإمدادات الحربية والغذائية. ونحن قوم ملئت صدورهم من الغضب والغيظ لأجل تخاذل المسلمين وتخالفهم مع كثرتهم وتعاون المستعمرين وتوافقهم مع قلتهم في بلادنا.

ونحن قوم باعهم شعبهم بثمن بخس لعدوهم، وقد أنفقت الحكومة الإنجليزية والحبشية والإيطالية والفرنسية في سبيل ذلك مالا كثيراً، وانضمت إليهم بعض القبائل الصومالية التي خضعت لرعوية تلك الدول بإختيارها وطوعها يقودها سلاطينها وزعماؤها ويحرضها فهماؤها على حربنا. ونحن قوم لا يخضعون لأعداء دينهم ووطنهم ولوكثرت جنودهم، وتتابعت هجماتهم، وتنوعت آلاتهم المهلكات، واشتدت وطأتهم علينا، وانضمت إلي صفوفهم أكثرية غير وطنية وأكثرية من المستخدمين الأجانب لأننا نريد حتى نشتري بأموالنا وأنفسنا الجنة من الله تعالي وحتى نظهر تضحيتنا في الجهاد وصدق إيماننا وإسلامنا. ونحن قوم لا نسمح للكفار حتى يحتلوا بلادنا أويحكموها، ولا نتكالب على ذلك مع المستعمرين لا بعوض ولا بتهديد، ولا نهجر قوانين الشريعة وأحكامها ولا نجعلها خاضعة لقوانين الكفر وأحكامها الطاغوتية، بل نعلن حربنا على الزعماء الذين يسمحون لهم بدخول بلادنا واستعمارها ونوجه لومنا إلي الفهماء والقضاة الذين يهينون شريعتنا الإسلامية ويجعلونها تحت أقدام الكفرة الفجرة. تلك أحوالنا التي سألتنا عنها، أما أحوالنا مع أكثرية القبائل الصومالية التي نتحارب معها فأفيدك أيها الشيخ أنه.

لما أزمعت في أوائل القرن الرابع عشر الهجرى بعض الدول حتى تستعمر بلادنا وهى الدولة الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والحبشية.

واتجهت أفكارها إلي ذلك ودخلت الأولي بلادنا من ميناء بربرة بممحررة الأهالي، والثانية: إيطاليا من مقدشوة، والثالثة: فرنسا من جيبوتي بتلك الصفة، والرابعة: الحبشة إليهرر بالقوة حينما فتحها منليك في 1305هـ من يد حاكمها الصومالي الأمير عبد الله.

اتفقت عند ذلك تلك الدول الأربع على ألا تتصادم في استعمار البلاد الجديدة، وتبادلت ممحررات سرية يجهلها جميع المواطنين، وتجعل لكل دولة من الأربع قسطاً في بلادنا بتلك الممحررات السرية، ولكنها لم تخطط حدوداً في بلادنا كما لم تفتح فيها طرقاً. لأنه قبل تحقيق ذلك الحلم أعربا عليهم جهادنا فكان حاجزاً بينها وبين ذلك ولنقد يكون لها إذا شاء الله تعالي تحقيق أمانيها وتخطيط حدود أراضيه في بلادنا ما دمنا على قيد الحياة، ولن تنفعها شيئاً الخطوط المكتوبة في الأوراق. ثم حتى الدول المذكورة بدأت تبذل أموالاً تافهة لزعماء القبائل ورؤساء العشائر لتشتري منهم دينهم ووطنهم وشرفهم وعزهم بتلك الدريهمات.

وكأن الزعماء لا يفهمون مرارة الاسترقاق والاستعمار ولا يدركون ما سيحصل لهم ولشعوبهم من الذل والخزي والهوان بعد ما خلا الجوممن يعارضون تلك الدول.

ولا يلتفتون إلي حتى تلك الدول ترغب استثمار خيراتها لفائدة دولهم، ولا ترغب حتى تجلب خيرات بلادها إلي هؤلاء الجهلاء الأغبياء ولا يفهم هؤلاء الأغبياء حتى المرتبات والمشاهرات مثلها كمثل ما يعطي للطير والحيتان لاصطيادها. ومن جهة أخرى فتح المبشرون مدارس في البلاد ليغيروا من دين الشعب. وقد تقدم الآباء وأولادهم إلي تلك المدارس المضللة لعقول الأطفال والتي تنشئهم نشأة غير دينية أوإسلامية.

ونشأ أيضا في المدن التي تسكنها تلك الدول الأربع عادة استهلك المسكرات وتناول المخدرات وفتحت العاهرات أبوابها دون خجل فلما فهمت ورأيت ذلك ثارت في نفسي شدة الغيرة الإسلامية واشتعلت في قلبي الجذوة الوطنية، والتهبت روحي غضباً، وكادت تخرج من الهيكل الجسماني، فبدأت أخطب في المساجد والمحافل، وألقي بين الأمة خطباً حماسية دينية وأتلوالآيات القرآنية الواردة في الوعد والوعيد، والأمر والنهي لكي أنبه الشعب قبل حتى ينتشر الوباء في جميع البلاد، ويستولي العدوعلى جميع أنحائها، ولا أزال أحذر الشعب وأناديه، ولكن لا حياة لمن أنادي، ولا حكمة لمن أحذره. وقد نطقوا لي لما نبهتهم عن تقديم أوطانهم للمبشرين وعن تجنيد رجالهم للعدووالفاتح.(إنك ترغب حتى تبتر أرزاقنا وتهلكنا بالفقر والجوع). فقلت لهم.( إذا رزقكم على الله تعالي لا على غيره. ألم تسمعوا قول الله تعالي. ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويفهم مستقرها ومستودعها جميع في كتاب مبين ) فنطقوا. ومن أين يأتي الله برزقنا إذا أطعنا كلامك؟. فقلت لهم. ألم تسمعوا قوله تعالي.( وفي السماء رزقكم وما توعدون.) فلما سمعت منهم هذا الإحتجاج لي بأمر الرزق شرعت أزجرهم وأنهاهم عن تقديم الطاعة للكفار بكل سيء وعن الخضوع لأوامرهم ونواهيهم، واستدللت لهم بالآيات القرآنية التي تثني المسلمين عن موالاة الكفار. فنطقوا لي ( هذا أشد وأحب من مسألة الرزق لأنك تفهم حتى القوة في هذا الوقت للكفار، وحتى جميع المسلمين ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، وإذا لم تطع الكفار وتقبل دعوتهم هلكنا بسبب ذلك). فقلت لهم. ألم تسمعوا قوله تعالي. (وأياي فاتقون ) ، وقوله ( لا تخشوا الناس واخشون).

فلما عجزت عن حملهم على قبول ذلك مني قلت لهم: (( إنكم إذا جاهدتم الكفار واشتددتم ستكونون أمة قوية ولا تخافون إذ ذاك من رجال أمثالكم في الأعضاء الجسمية والفكرية والعقلية ) وقرأت عليهم الآيات الواردة في فضل المجاهدين وما أعد لهم في الأخرة فنطقوا.( الجهاد وقته متأخر وسنجاهد في أوان الجهاد عند خروج المهدي المنتظر فعندئذ تكون لنا العصي بنادق ومدافع، وستكون آلات الكفار عصيا.أما إذا جاهدنا الآن وليس معنا آلات حربية فلاقد يكون لنا إلا الهلاك في الدنيا والعذاب في الأخرة، لأن الله تعالي يقول. ( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة).0 فقلت لهم. يأيها الجهلاء جهلكم فهماؤكم عن الحقائق كلها فإن معني الآية الكريمة.( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ) بهجر الجهاد والدفاع عن دينكم ووطنكم وأنفسكم. وليس معناها أسلموا أوطانكم وأنفسكم إلي الكفار فتتحكم فيها ما تشاء وما ترغب وقلت لهم حتى الله تعالي نطق في كتابه العزيز( خط عليكم القتال وهوكره لكم ). ونطق ( فيقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بلآخرة ).ونطق ( ولا تهنوا في إبتغاء القوم حتى تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ).(الآية ) ونطق ( ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال.(الآية).فإذا سمعتم هذه الآية وأمثالها فمن أين يأتي فهماؤكم بتلك الخرافات المزعومة. ولكنهم لم يقتنعوا بشيء من الآيات والأحاديث التي ذكرتها، بل ازدادوا طغياناً وعناداً، وكانت النتيجة حتى وشي لي بعضهم، وسعي بعض فهمائهم الخونة بين الحكومة الإنجليزية وبيني بالإفساد، ونصح لها بإعتنطقي. ونطق لمن لا يبالي بكلامه ستندم الحكومة يوم لا ينفع الندم وفهمت حتى واحداً منهم ينطق له (أوجاس ) حصل علىأجرة شهرية جارية بتلك السيرة.

لقد بدأت الجهاد من مدينة ( بربره ) التي هى مركز الحكومة الإنجليزية واتجهت نحوالقبائل البعيدة عن المدن التي بها تلك الدول المذكورة لكي أجد من بينها رجالا يتأثرون بالمواعظ القرآنية والنصائح الإسلامية، وكنت أومن أنه لا يمكن مجابهة المستعمرين ومدافعتهم بدون قوة ترد هجماتهم وتوقف احتلالهم، وحتى مجرد الوعظ بدون قوة لا يعيد شيئاً. فشرعت حينئذ في استعداد سريع سري من جهة بالخطب والمواعظ المؤثرة، ومن جهة أخرى كنت أدعوا القبائل الصومالية حتى تنتقل من الشك والكسل إلي اليقين والعمل ومن التخلف والتخاذل إلي التعاون والتكامل، ومن الخوف والهلع إلي الجرأة والإقدام، ومن الإستسلام والذلة إلي الستبسال والعزة. فاجتمع لدي عددكبير من القبائل الصومالية، والتفوا حولي، وغرست في نفوسهم محبة دينهم ووطنهم، وبغض عدوهم من الكافرين ومن يساعدهم، وانطبعت معاني الآيات القرآنية في نفوسهم، وفهموا المقصود منها، وتعاهدوا على الجهاد والدفاع عن الدين والوطن والشرف وتحالفوا وأخذوا في الاستعداد بالرماح والسيوف والعصى والبنادق القليلة والخيول.

ولما فهم المستعمرون بما قمنا به من الاستعدادات أرادت الحكومة البريطانية حتى تسكنا بغية حتى تستأصلنا فجأة فلما فهمنا بذلك ابتعدنا جهتها لكي نتم استعدادنا المنشود فأعربت الحرب على قبيلة تساعدهم بالرجال وصادرت الجمال التي حملت بضائعها إلي بربره. فعند ذلك أعربت الجهاد عليها وعلى كافة المستعمرين وعلى جميع القبائل التي تساعدهم في حربنا، ودعوت جهاراً جميع القبائل الصومالية إلي الدفاع عن الوطن والدين، وأوفدت الوفود والرسائل إليجميع أنحاء البلاد.

ولما ابتعدنا عن الحكومة الإنجليزية نتم استعدادنا، ونسلم من مباغتتها ومفاجأتها، هجمت الحبشة علينا من هرر بإتفاق بينها وبين الحكومة الإنجليزية على حتى تهجم جميع منهما علينا من جهة، فنالت الحبشة من بعض القبائل الموالية لنا بعض أموال ودماء فخرجت في أثرها فدارت بينها وبيننا معركة في جججة. وفي نفس يوم تلك المعركة أغارت قبائل صومالية على أموالنا وأهلنا الذين هجرناهم في (دك )، وتلك القبائل أوفدتها الحكومة الإنجليزية علينا وأمدتها بالمال ولكننا انتصرنا في المعركتين معا. ثم بعد قليل من المعركتين اللتين خضناهما بدون استعداد قامت بعض القبائل بمؤامرات علينا دبرها منليك ملك الحبشة مع بعض زعماء القبائل، وكان غرضهم حتى يقتلوا جميع رجالنا في يوم واحد حتى لا يفلت منهم شخص، فاجتمع من تلك القبائل خمسون ألف رجل يقودهم الزعماء الذين دبروا المؤامرة. وكان هدفهم حتى نختلط بهم ونحسبهم أنهم قبائل موالية لنا ومعادية للحبشة ولكن لحسن الحظ أنه فبل حتى نقع في الشرك استعجل بعصهم واغتال منا رجلاً ينطق له الحاج عباس وهوقائم يصلي صلاة العصر، فانكشفت المؤامرة، وافتضحت مكيدتهم ثم قررنا حتى نحذر القبائل كلها كما نحذر الدول المستعمرة، وقررنا أيضا حتى نبتعد عن تلك القبائل التي قامت بتلك المؤامرة الخبيثة لأجل ألا نخوض حروباً مع تلك القبائل الجاهلة. وعندما ابتعدنا عن تلك القبائل المذكورة فهمنا في الوقتنفسه حتى الحكومة البريطانية ومعها قبائل صومالية غزتنا من جهة الشمال، وحتى الحبشة ومعها قبائل صومالية غزتنا من جهتي الجنوب والغرب فاتجهنا نحوالشرق لأننا لم نستكمل استعدادنا عملمنا أيضاً حتى القبائل الصومالية الموالية للحكومة الإيطالية غزتنا من جهة الشرق بايعاز واعانة من الحكومة الإيطالية.

فهمنا أيضاً حتى تلك الغزوات في سلسلة واحدة متصلة حلقلتها قد دبرت لتطويقنا من جميع الجهات تقريباً فقررنا حتى نتجه نحوالقوات الإنجليزية لأنها المثيرة علينا جميع تلك الأمم، فحاربناها وانتصرنا عليها، ولكن لم يزل الحصار مضروباً علينا فيما بين كلادو، ورطير ( الجهات الأربعة ) فاتجهنا مرة أخرىإلي معسكرات الحكومة الإنجليزية لأننا نفهم أننا إذا انتصرنا عليها خاف البقية فانتصرنا على الجميع. ولأجل ذلك اتجهنا إلي دفاع العدووأذنابه وقررنا حتى نواصل الكفاح المرير الأليم وكلفا لهم الضربة بضربتين، والطمة بلطمات، وقاتلناهم بعزم وشجاعة وسياسة وحكمة. وبعد ما ذاقوا العذاب والسخرية منا سموني مع سيدهم الكافر الإنجليزي ( الشيخ المجنون ) ولا استبعد ذلك من الحكومة الإنجليزية لسببين أولاً. أنها تقلد في ذلك الأمم السابقة التي كانت تتهم المصلحين من الأنبياء وغيرهم بهذه التهمة. وثانياً. أنها تستبعد محاربة رجل واحد ومناوراته وليس مع شعبه من الآلات ولا المعدات الحربية ولا أموال وغيرها وهوينفرد بهذه الفكرة الحماسية في وحدة واستقلال الصومال. ونطقوا للدراويش وهم رجالي أننا فهمنا من رأس معينة حتى الحكومة الإنجليزية تتسلح بآلة تحرق الأرض، وتحرق جميع بلاد الصومال، وستغزوالدراويش هذا الدور بتلك الأسلحة.

فلما فهمت هذه الأرجوفة سكنت فزع الأمة وقلت لهم. حتى تلك الآلة إذا فرضنا وجودها فهى لن تحرقنا وحدنا. بل ستحرق معنا جميع الكفار الذين في أرضنا ومن يساعدونهم، وهذا كسب لنا وخسارة عليهم لأننا نموت شهداء في وقت واحد، والشهادة هى غرضنا الرئيسي، والكفار سيغادرون الدنيا وهى غرضهم الأول وسيدخلون النار المؤبدة عليهم. وأما إذا ظننتم أنها تحرق الأماكن الخاصة بنا ولا تحرق غيرها فهذا أمر لا يمكن تصوره لأننا نقدر حتى نهرب من الأماكن المحترقة إلي أماكن غير محترقة. وقد نطق تعالي.في شأن أمثالهم.( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم سقم والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم، ثم لا يحاورونك فيها إلا قليلاً، معلونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً.).

فإذا فهمت ذلك فقد فهمت مسببات الحروب التي سقطت بيننا وبين القبائل الصومالية كذلك اتضحت لك الأدلة الشرعية التي اعتمدنا عليها في قتالهم ومحاربتهم، واستبحنا بها دماءهم وأموالهم، ولولا ما قمنا به من محاربتهم ودفعهم عن أنفسنا واخواننا من مؤامراتهم الداخلية، واستعجالنا لتحطيم شوكة المدبرين للإنقلاب علينا، وكشف الجواسيس المستترة في جيوشنا، لولم نعمل ذلك لما عاشت نهضتنا أكثر من شهر واحد، ولأسرتنا القبائل بسلاسل المستعمرين، وليتم تشتيتنا في أوائل نهضتنا وقيامنا بالجهاد والدفاع على مشانق الكفار. إني قد حاولت مرارا، وأردت كثيراً حتى أقوم القبائل بالجهاد والدفاع عن دينها ووطنها مستقلة ومنفصلة عن الدراويش من رجالي وتعهدت لكل قبيلة تقبل ذلك بالسلاح والمال. وكان غرضي من ذلك ألا يدخل في خواطرهم أننا نريد السيطرة عليهم فلم نر أي قبيلة تجيب وتقبل، اللهم إلا قبيلة (بيمال) ولكن القبائل الصومالية التي في بلادهم الجيوش الإيطالية فقد تبدد ضمها، وكسرت قوتها وشوكتها، وقضي على نهضتها في مدة وجيزة. والخلاصة أننا لا نرجوالانصاف في اطرائنا والتحدث عن حروبنا مع قوم أراقوا دماءنا، ونهبوا أموالنا، وححاربونا سنين كثيرة، وسبونا بأشعارهم وألسنتهم، وعملوا بنا جميع ذلك لأجل مساعدة عدونا الكافر المستعمر، ولأجل استجلاب رضائه وأمواله واستبعاد غضبه وسخطه.

وأنصح جميع منصف يريد ان يعهد حق الفهم أحوالنا وأهدافنا ومسببات حروبنا والمعارك التي انتصرنا فيها وانتصرت علينا، وعن الأمور التي عرضناهاعلى الشعب من أراد ذلك فأنصحه حتى يأخذها بين أشعاري الصومالية التي نظمتها لكي تكون تاريخاً غنياً للشعب الصومالي من بعدي، تخبرهم عن غرضي الوحيد. وحتى يأخذوها من خواص اخواني (الدراويش) الذين ناضلوا معي. ولكني أحذر جميع منصف حتى يأخذها من الرجال الذين كنا نحاربهم في الميدان أوباللسان سواء من المستعمرين أومن القبائل التي كانت معهم ولا من الذين أخذوها منهم. وأختم جوابي بالسلام على من اتبع الهدي، وجاهد الكفار والمنافقين، وجميع من يساندهم أويعاونهم، واللعنة والغضب على الكافرين وعلى الذين يبيعون دينهم ووطنهم وشرفهم. هذا. والسلام.


انظر أيضاً

  • أحمد بن ابراهيم الغازي - Somali Imam and General of the Sultanate of Adal
  • محمد علي شيره - Sultan of Warsengeli
  • John Gough - Awarded a Victoria Cross for his actions as a column commander during the Third Somaliland Expedition against Hassan.
  • Alexander Stanhope Cobbe - Awarded a Victoria Cross for his actions at Erego 1902.

هامش

المصادر

  • Abdisalam Issa-Salwe, The Failure of The Daraawiish State, The Clash Between Somali Clanship and State System, paper presented at the 5th International Congress of Somali Studies, December 1993 [1]
  • Abdi Sheik Abdi, Divine Madness: Mohammed Abdulle Hassan (1856-1920), Zed Books Ltd., London, 1993
  • Jaamac Cumar Ciise, Taariikhdii Daraawiishta iyo Sayid Maxamed Cabdulle Xasan, (1895-1921), Wasaaradda Hiddaha iyo Tacliinta Sare, edited by Akadeemiyaha Dhaqanka, Mogadishu, 1976.
  • Jardine, Douglas J., The Mad Mullah of Somaliland, London: Jenkins, 1923. Reprint. New York: Negro Universities Press, 1969 (one of the main sources of this article)
  • Said S. Samatar, Oral Poetry and Somali Nationalism: The Case of Sayyid Mahammad Abdille Hasan, Cambridge: Cambridge University Press, 1982 (analyzes Mahammad Abdille's poetry and assesses his nationalist and literary contributions to the Somali heritage)
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:55:38
التصنيفات: Articles with hCards, سياسيون صوماليون, تاريخ الصومال, وفيات 1920, مواليد 1856

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بوحمرون وجدري القردة.. أوبئة مميتة تهدد حياة المغاربة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:45
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 74%

الصويرة.. حظر جمع وتسويق المحار بمنطقة أم الطيور - شويكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:27:33
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

رويترز: زلزال بقوة 5.16 يهز المنطقة بين الأردن وسوريا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:28
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

القضاء الكندي يمهل الطلاب 3 أيام لفض اعتصام داعم لفلسطين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:23
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

تعديل حكومي "موسع" في انتظار تأشير الملك

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:27:53
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

الحقيقة الكاملة لمشاركة الأساتذة في الإحصاء العام لسنة 2024

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:49
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 80%

إنذار صحي جديد ضد "القمرون" المغربي بأوروبا!

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:28:17
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

مطلوب أكثر من 485000 عامل لكندا في فقط 2024

المصدر: الوظيفة مروك - المغرب التصنيف: وظائف وأعمال
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:26:11
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 96%

الصويرة.. حظر جمع وتسويق المحار بمنطقة أم الطيور - شويكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:27:25
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

الاتحاد الأوروبي يدين عنف المستوطنين في الضفة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:18
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

أوكرانيا: استمرار الهجمات الروسية في دونباس

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:12
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

جيرونا يعلن تعاقده مع الموهبة المغربية محمد الحموني

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:27:49
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

جيرونا يعلن تعاقده مع الموهبة المغربية محمد الحموني

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:27:45
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

وزير الخارجية يؤكد تضامن مصر مع لبنان ودعمها لوحدته وسلامة أ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:07
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

تعديل حكومي "موسع" في انتظار تأشير الملك

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:27:55
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 52%

"يطالبهم بالمغادرة".. جيش الاحتلال يلقي منشورات على سكان منا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-08-16 15:24:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 69%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية