أبوشيري (البشير) بن سالم الحارثي (15 ديسمبر 1889) تاجر تنزاني غني ومن ملاك الأراضي الزراعية، ومن أصول عربية واورومووهوالذي قاد الثورة المسماة ثورة أبوشيري ضد شركة شرق أفريقيا الألمانية -حاليا تنزانيا-. وله الفضل بتوحيد التجار العرب والقبائل الأفريقية ضد المستعمر الألماني. وقد أعدم يوم 15 ديسمبر 1889.

نشأته

ولد الشيخ «بشير الحارثي» في سلطنة زنجبار العربية، وبالتدقيق في جزيرة «بمبا» والتي تسمى الجزيرة الخضراء في قرية «ويته» في ناحية «فينغة» وهنا لابد من الإشارة إلى حتى كثيرا من الباحثين الغربيين والعرب التبس عليهم مكان موطنه، إذ إذا معظم المراجع تشير إلى أنه من سكان منطقة قريبة من فنجاني في البر الأفريقي إذ كانت المعلومات شحيحة حول الشيخ بشير ووالده فإنها أكثر شحا عن والدته، فلا تسعفنا المصادر والمراجع المتوافرة في فهم الكثير عنها، عدا عن أنها أفريقية من أهل الساحل الشرقي لأفريقيا كما لا يتوافر إلا النزر اليسير من المعلومات عن وضع أسرته الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

الثورة

بدأ التمرد يوم 20 سبتمبر 1888 عندما هاجم الثوار يقودهم أبوشيري مراكز التجارة الألمانية المنتشرة في أنحاء مستعمرة شرق أفريقيا الألماني. ولم تتمكن الشركة من السيطرة على التمرد مما حدا بها مناشدة الحكومة في برلين للحصول على المساعدة. فأوفد المستشار الألماني بسمارك الملازم هرمان ڤيسمان البالغ من العمر 34 عاما كمفوض إلى المستعمرة. فتمكن فيسمان من تأسيس أول قوة للدفاع (بالألمانية: Schutztruppe) في المنطقة، تكونت من خليط من الجنود الألمان والسودانيين وتسونگا. وبمساعدة البحرية التي قصفت البلدات الساحلية مما جاز للألمان بإعادة احتلالها. كما أقامت البحرية حصارا لمنع وصول شحنات الأسلحة والإمدادات إلى الثوار.

وكان بإمكان قوات أبوشيري حتى تستولي على معظم البلدات الواقعة على طول ساحل تنگانيقا، بل وبإمكانها أخذ المستكشفين هانز ماير وأوسكار باومان رهائن لديها. إلا حتى ذلك لم يحدث، فقد انهار تحالفه مع القبائل المحلية في نهاية سنة 1888 بل واضطر إلى استئجار مرتزقة عرب للدفاع عن معقله في قرية جهازي القريبة من باجامويو. وفيثمانية مايو1889 هاجمت القوات الألمانية بقيادة فيسمان القرية مما أدى إلى مقتل 106 من سكانها العرب، إلا ان أبوشيري قد أفلت من الهجوم، وتمكن من إقناع أعضاء قبيلتي ياوومبونگا على مواصلة التمرد. ثم كان قادرا على قيادة هجوم حديث على دار السلام وباجامويو. ومع ذلك فقد كانت القوة النارية للألمان متفوقة وقادرة على صد تلك الهجمات، فهجر رجال القبائل الأفريقية أبوشيري لوحده.

حاول أبوشيري الفرار إلى شركة شرق أفريقيا البريطانية الامبراطورية في ممباسا، ولكن رجال القبائل المحليين غدروا به وسلموه للألمان. في 15 ديسمبر 1889 حكمت عليه محكمة عسكرية بالإعدام، وقد أعدم شنقا في بانگاني.

• قام الدكتور بنيان سعود هجري أستاذ الدراسات التاريخية في جامعة الكويت بتقديم دراسة معنونه ب "ثورة بشير الحارثي في شرق أفريقيا 1888 - 1889 ". وقد اتى فيها :

الوضع السياسي في زنجبار إبان حدوث الثورة

تولى السيد «خليفة بن سعيد» «1888 ـ 1890» السلطة بعد وفاة شقيقه السيد «برغش» بموافقة بريطانية وألمانية وكان ثمن توليته الحكم توقيع عدد من الاتفاقيات، منها اتفاقية سقطت في 28 أبريل 1888م تعطي «شركة شرق أفريقيا الألمانية» حق إدارة المنطقة الممتدة من «أومبا» إلى «رفوما» تحت فهم سلطان زنجبار وسلطته. وبرر السيد خليفة للعرب الغاضبين في الساحل أنه بعمله هذا حمى استقلال زنجبار، ولم يكن لديه من خيار غير الإذعان للتهديد الغربي.وترتب على ذلك رد عمل قوي من السكان المحليين والقوى الوطنية الفاعلة في المنطقة وتعد ثورة الشيخ بشير بن سالم الحارثي بين الثورات الوطنية التي ناصبت النفوذ الألماني العداء بهدف إبعاد القوى الغربية التي أخذت تتكالب للسيطرة على المنطقة.شخصية عربيةوقبل الخوض في الحديث عن الثورة، يقدم لنا الباحث نبذة تعريفية بتلك الشخصية التي قامت بدور «مؤثر» و«حيوي» في مقاومة النفوذ الألماني وهوالشيخ بشير بن سالم بن بشير الحارثي، والشيخ بشير الحارثي شخصية عربية، ينتسب إلى قبيلة الحارث التي تعد من القبائل العربية العريقة المنتشرة في الجزيرة العربية وشرق أفريقيا وقامت هذه القبيلة بأدوار مهمة وحيوية في تاريخ عمان وشرق أفريقيا وفي مقاومة النفوذ الأجنبي كما شاركت في الصراع على السلطة في سلطنة زنجبار العربية، واستعان كثير من أبناء السيد سعيد بهذه القبيلة العربية للثورة أوالوثوب على السلطة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر السيد برغش بن سعيد وابنه الأمير «خالد بن برغش».

أسباب الثورة

ثمة مسببات كثيرة لثورة الشيخ بشير الحارثي، وإن كان جلها يصب في مناهضة الوجود الألماني في المنطقة، هذا الوجود الذي بدأ يلقي بتبعاته الاقتصادية والدينية على سكان المنطقة، الذين يزداد سخطهم وغضبهم يوما بعد يوم، ولكنها بلغت ذروتها بعد حتى تولى زمام شركة شرق أفريقيا الألمانية المدير العام الجديد الهر ارنست فوهسن الذي وصل في مايو1888م خلفا لـ «كارل بيترز»، وكانت المهمة الملقاة على كاهل «فوهسن» هي نقل تبعية المنطقة للإدارة الألمانية وتطبيق إجراءات وقوانين جديدة بما يخدم المصالح الألمانية، وقد ترتب على ذلك ردة عمل قوية من سكان المنطقة المحليين، سواء الأفارقة أوالهنود أوالعرب، تمثلت أولا في الامتعاض والرفض، وتطورت لاحقا إلى ثورة عارمة ضد الألمان.

هناك الكثير من الأسباب التي أسهمت في إشعال هذه الثورة العربية السواحلية الأفريقية لعل أبرزها مكانة الشيخ بشير الحارثي بوصفه أحد رجال الدين المعروفين في سلطنة زنجبار العربية، وعلى طول الساحل الشرقي للقارة الأفريقية، ولقب شيخ هنا له دلالة دينية لا دنيوية أي حتى بشير الحارثي شيخ دين لا شيخ قبيلة، عهد عنه تدينه وورعه، وهوالموضوع الذي لم يحظ بالكثير من الاهتمام من جانب الباحثين الغربيين أوالعرب الذين تناولوا الوجود الألماني في شرقي أفريقيا، عدا «المغيري» صاحب كتاب «جهينة الأخبار» فلا عجب حتى يستدعي الوطنيون السواحليون والعرب الشيخ «الحارثي» من سلطنة زنجبار العربية للتصدي للنفوذ الألماني.

حصلت معارك عديدة وعمليات كر وفر بين السكان المحليين، والألمان، وبدأت أعداد الثوار تتزايد، ويحدثون خسائر بين الألمان، وأدى النجاح الذي حققه الشيخ الحارثي إلى تحرك قوة ألمانية في 19 أكتوبر 1889م تحت قيادة القائد الألماني «فون جرافتراوت» استدعيت على عجل من المناطق الشمالية، وتمكن «جرافتراوت» من مهاجمة الشيخ «الحارثي» ومن معه من الثوار في «يومبو» ويقدر عددهم بحدود ألفي ثائر وطني وكان الهجوم الألماني عنيفا حيث تمكن القائد الألماني ـ ومن انضم إليه من محاربي قبيلة «وازرامو» الموجودة على الساحل ـ من تشتيت قوات الشيخ الحارثي ومن معه من الثوار من قبائل الوانجوني والواهيهي والمافيتي. وقامت الأسلحة الحديثة المتوافرة لدى الألمان بدورها في ترجيح كفة الألمان ومن معهم من المرتزقة.

وتوضح الدراسة حتى القائد الألماني جمع معلومات حول حصن الشيخ بشير وأدرك بأنه مصنوع من الحطب، فقرر مهاجمته فهاجموه فجراً بالعدة والعدد والمدافع فضربوا الحصن، وأحرقوا وقتلت أعداد كبيرة من الثوار، وتوالت الفوزات الألمانية، فاضطر الشيخ الحارثي إلى اللجوء إلى جبال أوساجارا، قاصدا ناحية منطقة فنجاني أملا في إعادة تنظيم صفوفه، وتمكن الشيخ بشير بالعمل من الوصول إلى مكان يعهد بـ«مكواجا» ومن هناك انتقل الى «كومبي» إلا حتى القدر كان له بالمرصاد.مشهد الإعدامتم القبض على الشيخ بشير على يد قوة ألمانية بين فنجاني وكومبي هوومن معه من المرافقين العرب، ومنهم محمد وأحمد ابني عزيز ابن عبدالسلام وخلفان بن إبراهيم الضوباني وناصر بن سليم السيابي كما خرج معه عدد من البلوش وكذلك خادما سليمان وفوندي بن خميس.

أعدم الشيخ بشير الحارثي في فنجاني شنقا من دون محاكمة بعد ثلاثة أيام من القبض عليه، ويشار إلى حتى إعدام الشيخ بشير تم بمشهد من عموم الطوائف في بلدة فنجاني، ومن المرجح حتى القبض عليه كان في 12 ديسمبر وأن إعدامه تم في 15 ديسمبر 1889 في فنجاني حيث دفن ولا يعهد على وجه التحديد لما أُبقي على الشيخ ثلاثة أيام بعد القبض عليه ولماذا لم يحاكم حتى صوريا قبل شنقه. وينطق حتى بعض مستشاري الشيخ بشير قد نجح الألمان في تجنيدهم للتجسس عليه ولتتبع حركاته، ويشير المغيري إلى أنه لا يستبعد حتىقد يكونوا هم السبب في القبض عليه وتسليمه للألمان، ويرى المغيري أنه لولا خداع المستشارين وخيانتهم لنجح في الفرار بنفسه والانتنطق عبر البحر إلى سلطنة زنجبار العربية أوأية منطقة أخرى على غرار ما عمله الشيخ مبارك بن راشد المزروعي أحد الذين قادوا ثورة ضد الألمان في شرق أفريقيا.

واختتم المغيري بقوله ولكن الأمر لله من بعد ومن قبل وتمكن الألمان بعد إعدام الشيخ بشير الحارثي من السيطرة على الوضع في منطقة نفوذهم، وتحقق لهم بعض الهدوء ولكن جذوة المقاومة سرعان ما اشتعلت على أيدي قوى وطنية أخرى، أكملت مسيرة المقاومة ضد الهيمنة والنفوذ الألماني في شرق أفريقيا) .

المصادر

• الحروب الاستعمارية لألمانيا الامبراطورية