كمين عدوة
كمين عدوة، هوكمين سقطت فيه القوات المصرية بقيادة منزينجر باشا بالقرب من عدوة فيسبعة نوفمبر 1875، أثناء الحملة المصرية على الحبشة.
حملة منزينجر
وفي أثناء حملة أرندروب، أمر اسماعيل منزنجر باشا بأن يقود حملة عسكرية تتجه إلى اثيوبيا من ميناء تاجورة إلى اوسا ثم مملكة شوا وأخيرا إلى قوندر (247). وذلك لاقامة تحالف مع حكام شوا وجندر وأمهرا وجوجام، وهي المناطق التي تعارض يوحنا وبالتالي محاصرته في اقليم تيجري ثم القضاء عليه. وبذلك تعتبر حملة منزنجر مكملة لحملة أرندروب الأولى من الجنوب بينما الثانية تهاجم من الشمال (248). وقد دعم هذه اخطة حتى منزنجر حصل على وعد من منليك بمساعدة المصريين وحملته ضد يوحنا، وعلى ذلك فكان الهدف حتى تتحد حملة منزنجر مع قوات منليك ويهاجما يوحنا من الجنوب عن طريق مقاطعة إفات التي كانت أوسا جزءا من مملكتها الاسلامية، ويضم الجالا المسلمين في الوالووالياجوالذين كانوا يرغبون في الانتقام من مسيحيي الأمهرا والتيجراي (249).
وكان هدف اسماعيل من هذه الحملة – بالاضافة إلى ما تجاوز – حماية حدود وتدعيمها والتوسع التدريجي في هذه المناطق، بضم اوسا إلى مصر وهي التي كانت تقع بين أملاك الأخيرة على الساحل واثيوبيا في الداخل، وتتحكم بحكم مسقطها في الطرق الخارجة من شوا والجالا إلى ساحل البحر الأحمر، وعقد اتفاقية من منليك لحرية ونموالتجارة، بين شوا ومصر، ومنع تجارة الرقيق والتحالف ضد يوحنا (250). وأخيرا فان هذه الحملة كانت استجابة لطلب منليك ورغبته في تدعيم العلاقات مع مصر (251).
وبمجرد حتى وصل منزنجر بحملته إلى ميناء تاجوره، نادى كبار المشايخ في المنطقة إلى الدخول في طاعة الخديوي، كما أوفد إلى ملك شوا يخبره بوصوله إلى ميناء تاجورة وأنه في الطريق إليه (252) وقد عانت حملة منزنجر الكثير من الصعوبات نتيجة عدم تعاون الأهالي معها بسبب نظرتهم إليها على أنها اتىت للقضاء على تجارة الرقيق التي يجنون من ورائها ارباحا طائلة (253). كما حتى بعض الشيوخ كانوا يعادون هذه الحملة، ومن أهمهم الشيخ محمد ولد العيطة شيخ قبيلة عدوة مارا ويقيم في المناطق المرتفعة المجاورة لبحيرة أسالة، والثاني محمد ولد هنفري سلطان أوسا أوشيخ قبلية أساري مارا، أما الأول فكان يبدي ولاهءه للحكومة المصرية ولمنزنجر بينما يبطن غير ذلك. والثاني كان يظهر السوء منذ البداية، غير حتى منزنجر اعقتد بأنه لن يقاوم الحملة كما أنه لن ينضم إليها (254). كذلك هجر منزنجر بعضا من جنوده بسبب عصيانهم بحجة قلة المرتبات (255).
وقد غادر منزنجر طاجوره، مبتدئا رحلته إلى أوسا وذلك في 27 اكتوبر سنة 1875 (256) غير حتى جميع من محمد ولد العيطة ومحمد هنفري، اتحدا معا في القضاء على حملة منزنجر هذه ، وبالعمل نجحا في ذلك، وهي معسكرة بالقرب من بحيرة أوسا في 14 نوفمبر سنة 1875، وعاد منها ما تظل إلى تاجوره، فوصولوا في 21 نوفمبر سنة 1875 (257). إلى غير ذلك فشلت هذه الحملة وقتل قائدها تماما مثلما فشلت حملة أرندروب. وقد قيل حتى يوحنا أوفد بعض قواته للقضاء على حملة منزنجر هذه، وقد خطط الخديوي في التحالف مع الرؤوس المناوئين ليوحنا (258).
والواقع حتى هناك عوامل أخرى قد ساهمت في فشل منزنجر، فبالرغم من ان اسماعيل كان مسئولا بالدرجة الأولى عن فشل حملة أرندروب، فانه هوأيضا مسئول عن فشلة حملة منزنجر ، وان كان ذلك بدرجة أقل، ويشاركه في هذه المسئولية منزنجر نفسه ، ذلك حتى عدد جنود حملة منزنجر يؤيد ويؤكد أنه لم يخطط لها التخطيط السليم الواجب. فقد استجاب اسماعيل لمنزنجر عندما أوهمه بأنه بأعداد قليلة من الجنود يستطيع فتح أثيوبيا، ولم يفكر اسماعيل في حتى يحيل موضوع الحملة إلى هيئة أركان حربه لدراسته دراسة مستفيضة تضع بعدها توصياتها، وفي ضوئها تتخذ المراحل التالية، بل ان اسماعيل لم يهتم بدراسة هذه المنطقة ووضع الخرائط التفصيلية الا بعد نكبة حملة منزنجر (259). كما حتى منزنجر أساء تقدير طبيعة هذه البلاد وأهلها، مع أنه عاش فيها فترة طويلة وتزوج منها وخبرها وخبر أهلها ومقدرتهم الحربية. وبذلك انضم بعمله هذا إلى من ساعد على تخريب مصر باستنفاد ثروتها في حملة فاشلة (261). وقد ساهم منزنجر بدوره في القضاء على حملته، فهوأولا لم يكن عسكريا بل مدنيا كما أنه وثق في ولد العيطة، ولم يضع في اعتباره أنه اتى ليحتل بلاده وهوالأجنبي عنهم وانه قد يخونه لذلك، كذلك أساء منزنجر تقدير موقف زعماء القبائل في هذه المناطق، فقد كان يعتقد أنهم يرحبون به، ولم يعهد على أي أساسقد يكون هذا الترحيب، وهوالذي اتى ليمنع تجارة الرقيق مصدر رزقهم. وكان نتيجة عداء الأهالي، أنه هجر جزءا كبيرا من حملته في ميناء تاجوره، ومضى بعدد قليل من الجنود والمعدات مما سهل القضاء عليه (261). كما حتى الحالة النفسية لمنزنجر كانت سيئة جدا لفقده ابنه قبل قيامه بهذه الرحلة. بالاضافة إلى فهمه بمؤامرات أراكيل بك ضده لدرجة أنه ذكر لأحد الآباء الكاثوليك حتى الحكومة لامصرية قد أوفدته في مهمة ولكنه لن يعود منها ثانية، وتحقق ما كان يتسقطه (262).
على حتى شيئا يجب حتى نشير إليه وهوموقف منليك من حملة منزنجر، فبالرغم من أنه فهم بوصول هذه الحملة ، فإنه لم يسارع بارسال قوة حربية تفتح هذا الطريق من شوا إلى الساحل وتقابل حملة منزنجر القادمة من الساحل إلى شوا وهذا يؤكد حتى منليك لم يكن ينوي التحالف بل انه اتبع سياسة مرنة مع مصر ويوحنا كان هدفها على الاقل الاحتفاظ باستقلاله بمملكة شوا حتى تسنح له الظروف في السيطرة على أثيوبيا. وعلى ذلك فهولم يطور علاقته مع مصر إلى حد التحالف الصريح، كما أنه لم يصل بعداوته مع يوحنا إلى الحرب واللقاءة.
وكان منليك قد اتبع سياسة التقارب مع مصر لهدفين أولهما القضاء على يوحنا وذلك بمحاربة الأولى للثاني فيتم اضعافع والقضاء عليه، مما يسهل على منليك توليه عرش أثيوبيا. والثاني في تجنب العداء مع مصر والاستفادة منها ما أمكن في تمدين بلاده، كما يجنبها من حتى تحتلها مصر بعد حتى اقتربت منها كثيرا باحتلالها لهرر سنة 1875. وهونفسه عبر عن هذه المخاوف في رسالة يعث بها إلى اسماعيل ذكر فيها، ان جيوشه – أي جيوش اسماعيل – احتلت تاجوره وأواشي وحقول الملح وهرر وأن جيشه يقترب من شوا. وفهم بأن جيوش مصر ستتقابل في مملكة منليك (شوا) وأوضح له بأنه على تمام الوفاق معه وانه لم يكن هناك أي تفاهبم بينهما حتى تأتي جيوش مصر لتحتل بلاده. واخبره أنه منع كافة احتياجات شوا من الأسلحة اللازمة لحفظ سيادته على مملكته. وأخيرا أوضح له بأنه يخشى حتى تحتل جيوش مصر مملكة شوا (263).
الواقع حتى كلا من اسماعيل ومنليك كان يريد حتى يستغل الآخر لحسابه. فقد كانت خطة الخديوي تنحصر في وضع يوحنا بين فكي الرحى، وبعد الانتخاء منه يضم أثيوبيا إلى الامبراطورية المصرية, وما يؤكد ذلك ان اسماعيل كان يرغب في احتلال جميع المناطق الحصورة من النيل غربا إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي والتي تحيط بمصب نهر الجوبا حتى البحيرات الاستوائية، من طبيعة الحال بما فيها أثيوبيا كلها وذلك بهدف تمدين وتحضير هذه المناطق، لذلك كان منليك يخاف المصريين وتطويقهم لأثيوبيا (264). مما دفعه بأن يعقد مع يوحنا معاهدة سلام في سنة 1875 (265). وعندما تسلم منليك الأسلحة المصرية المهداة من اسماعيل لشن الحرب على يوحنا. سارع وأوفد إلى الامبراطور الاثيوبية رسالة يقول له فيها: "أنه لا يحاربه بتاتا" (266). إلى غير ذلك نستطيع حتى نقول حتى منليك نجح بدهائه في حتى يورط مصر في الحرب مع يوحنا، في حين أنه لم يشهجر فيها، كما حتى مصر فشلت في توريط منليك في الحرب ضد يوحنا، وبذلكقد يكون المستفيد من هذا الصراع يوحنا ومنليك أما مصر فقد فقدت جنودها وأموالها ثم استقلالها بسبب هذه الحروب.
التفاصيل
فيسبعة نوفمبر 1875 وصلت أنباء للإثيوبيين عن تقدم 2000 من المصريين بقيادة منزينگـر من كسلا عبر أگوردات وميريب بإقليم الدنـاقـل (بإريتريا المعاصـرة). تلك القوة سقطت في كمين بالقرب من "عدوة" أعده رجال القبائل الدنقـلاويون الذين أبادوا القوة المصرية عن بكرة أبيها بما فيها مـِنْزنْجـر.
انظر أيضا
- الحملة المصرية على الحبشة
- عدوة
- معركة عدوة.