غالي شكري

غالي شكري.

غالي شكري غالي (و. 12 مارس 1935 - ت.عشرة مايو1998)، هومحرر وباحث وناقد ومؤرخ، مصري بارز،اشتهر بأبحاثه وخطه النقدية الكثيرة. حصل على الدكتوراه من السوربون بفرنسا، برسالة عن " النهضة والسقوط الفكري المصري الحديث " تحت اشراف المستشرق الفرنسي الشهير جاك بيرك. أسس مجلة القاهرة، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في 1996.

حياته

وُلد في عائلة قبطية بمدينة منوف، في 12 مارس 1935. كانت أسرته قد هاجرت من صعيد مصر إلى الإسكندرية، ثم منوف، محافظة المنوفية، واستقرت هناك. في منوف التحق غالي بمدرسة إنگليزية تابعة لإرسالية وكان من ملحقاتها مستشفى وكنيسة أنگليكانية. ولج غالي المدرسة مجاناً حيث كان والده يعمل حارساً للمستشفى. لانتمائه إلى للكنيسة القبطية المصرية حذره والده من دخول الكنيسة الأنگليكانية التابعة للمدرسة، لكنه كان يمضى إليها بدون فهم والده، وعن طريق تلك الكنيسة تعهد على السينما وحضر محاضرات عن الحروب والدين، حيث كانت الحرب العالمية الثانية دائرة في ذلك الوقت. من أصدقاءؤه في تلك الفترة فنان الكاريكاتير جورج البهجوري حيث كان والده مدرساً بالمدرسة. بعد انتهائه من المدرسة كان يمضى لبيت الشيخ حافظ مدرس اللغة العربية وكان يقرؤه القرآن وبهذه الطريقة حفظ غالي القرآن وتمكن من تجويده ولا يزال في السابعة من عمره، ولما كبر ودخل مدرسة المساعي المشكورة كان يلقي خطب المولد النبوي والمناسبات الدينية الإسلامية الأخرى لقدرته على الإلقاء وتمكنه من اللغة العربية. بهذه الطريقة خرج شكري بثقافتين قبطية وإسلامية. في مدرسة المساعي المشكورة، تعهد على زميل له يسمى مكرم محمد أحمد، الذي أصبح صحفياً شهيراً فيما بعد. في تلك الأيام كان غالي يمضى للمخطة بعد انتهاء المدرسة ويستعير خط ومجلات خارجية ويحاول ترجمتها، فنطق له مكرم لما لا تخط بدلاً من الترجمة، فبدأ يؤلف قصص كان يعرضها على مكرم الذي أبلغه حتى ما يخطه ليس سوى تمرين على الكتابة، لكن كتابة القصص شيء آخر، وأبلغه حتى ليس الإنگليز فقط من يستطيعون الكتابة وأن مصر فيها كتاب قادرين على كتاب الروايات منهم نجيب محفوظ، وكانت هذه أول مرة يسمع فيها غالي عن نجيب محفوظ، مع حتى المفكر سلامة موسى الذ يخط عنه غالي أول خطه، كان هومن تبنى نجيب محفوظ أدبياً وشجعه ونشر له أول خطه في بداية حياته الأدبية. لاحقاً خط غالي أبرز خطه عن محفوظ، بعنوان "بعد المنتمي: دراسة في أدب نجيب محفوظ".

في القاهرة

انتقل غالي إلى القاهرة للدارسة، وهناك تعهد على صبري موسى وفتحي سرور وأحمد بهجت. وأعطاه مكرم محمد أحمد كتاب مبادئ اللينينية لستالين الذي تأثر به كثيراً وغير وجهته الفكرية. ولأن غالي كان يسكن وقتها في دير تابع للكنيسة في مصر القديمة، تسببت تلك التطورات في طرده فعاد إلى منوف والتحق بمدرسة الزراعة وفي الصيف كان يزور مكرم محمد أحمد الذي كان يفهم الفلسفة في جامعة القاهرة، وكان يعطيه خط ليقرأها في الأجازة.

عاد غالي للقاهرة مرة أخرى وعمل مدرساً ونشر في مجلة "سيرة" قصص قام بترجمتها، وشر في مجلة "الرسالة الجديدة" تعليق على قصيدة "بكاء للأبد" للشاعر محمد عبد المعطي حجازي. بعدها بدأ في تأليف أول خطه، وكان بعنوان " سلامة موسى وأزمة الضمير العربي‏"، وبعده خط " أزمة الجنس في السيرة العربية"، وكان كتاباً يتميز بالجرأة ومن الموضوعات الجديدة على العقلية المصرية.

اعتنطق وتشهير

كان غالي من أعضاء الحركة اليسارية، وفي عام 1960، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، تم اعتنطقه في سجن القناطر وهجر هذا الاعتنطق علي أثراً نفسياً سيئاً.

فى فترة حكم الرئيس أنور السادات صدر قرار بطرد حوالى 120 محرر وأستاذ جامعي، كان منهم أحمد بهاء الدين ولويس عوض وغيرهم، فهجر غالي مصر وسافر إلى بيروت، وعاش هناك ثلاث سنوات ونصف، إلى حتى بدأت الحرب الأهلية اللبنانية فهجرا وسافر إلى باريس وعاش هناك 12 سنة تفهم فيها وحضر رسالة الدكتوارة تحت إشراف المستشرق الكبير جاك بيرك، وكان عنوانها "النهضة والسقوط في الفكر المصري الحديث"، وكانت عن النهضة المصرية في القرن 19 حتى سقوطها. بعدها سافر غالي إلى تونس، وعمل في جامعة هناك إلى حتى عاد إلى مصر وظل يخط منطقة أسبوعية في جريدة الأهرام.

مثل جميع كتاب مصر من نادىة التحضر والمدنية والتطور والنهضة، تعرض غالي لحملات عدوانية. عندما سقطت محاولة اغتيال نجيب محفوظ، خط له غالي أنه تفهم منه ومن تجربة محاولة اغتياله شجاعة العقل والتعقل، وشجاعة الإصرار لدرجة الاستبسال، وأنه صامد ومتمسك بالعقلانية وسيظل حاملاً الفهم ذوالثلاث نجوم: "الحرية، الفهم، والعدالة". بطبيعة الحال كانت تلك النجوم الثلاثة سبباً محاولة اغتيال محفوظ والهجوم على غالي وسلامة موسى وطه حسين وتوفيق الحكيم وكل كتاب مصر الذين نادوا بتلك المبادئ الثلاثة في تلك الفترة.

طوال السنوات التي تعرض فيها غالي لحملات وشائعات وخطت ضده منطقات نقدية شرسة، والتي ازدادت خدتها مع نشر أول خطه في الستينيات "سلامة موسى وأزمة الضمير".

أواخر أيامه ووفاته

ترأس غالي شكري مجلة القاهرة، وكانت من المجلات الثقافية التي ظهرت في مصر في منتصف القرن العشرين. لكن سنة 1996 أصيب غالي بجلطة في المخ ألزمته الفراش وبدأت المنافسة بين ثلاث مثقفين على رئاسة تحرير المجلة. عُين الناقد عبد الرحمن أبوعوف نائب لرئيس تحرير المجلة، وأوفد أبوعوف إلى رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب في ذلك الوقت د. سمير سرحان يحذره من حتى عدد مجلة القاهرة الموجود تحت الطبع يفترض أن يسبب معضلة كبيرة حيث يحتوي على موضوعات شائكة عن الدين، وتطور الموضوع وقدم مهدي مصطفى مدير التحرير العملى استنطقته، وصدر العدد الجديد من القاهرة وأبوعوف نائب لغالي شكرى في رئاسة التحرير وأحمد طه مدير للتحرير، ووصلت الخلافات لعداوات انتهت بمشاجرة بالأيدي وتدخلت الشرطة وأُغلق مخط غالي شكري رئيس التحرير.

انتقل غالي لفرنسا، ودخل المستشفى الأمريكي في باريس، وظل مريضاً فيه، ويعاني من هلاوس من وقت لآخر، ويتخيل أنه مازال في المعتقل ويسأل "امتى ها يبتدوا التحقيق معايا،يا ترى؟ وليه سايبني من غير استجواب؟، وهوما يشير على أثر فترة الاعتنطق. وقد توفي غالي شكري عن عمر 63 عاماً، تاركاً مؤلفات هامة. ‏