عبد الرحمن المجدوب
سيدي عبد الرحمان المجذوب (توفي في 1568، دفين مكناس جوار ضريح السلطان المولى إسماعيل) هوشاعر وصوفي مغربي. الكثير من قصائده وأمثاله الشعبية متداولة في جميع أنحاء بلاد المغرب العربي. هجر من الأزجال ذخيرة (خصوصا مايعهد بالرباعيات) لا زالت تحتفظ بها الذاكرة الشعبية إلى عصرنا هذا وتتغنى ببعضها الطوائف العيساوية وغيرها من المتصوفة.
هوالشيخ أبومحمد عبد الرحمان بن عياد بن يعقوب بن سلامة بن خشان الصنهاجي الأصل ثم الفرجي الدكالي عهد بالمجذوب.
ينحدر الشيخ سيدي عبد الرحمان المجذوب من أسرة كبيرة معروفة بالخير والصلاح كانت تقطن برباط عين الفطر بساحل بلدة أزمور وتعهد هذه المنطقة أيضا ب" تيط ". رحل هوووالده إلى نواحي مكناسة الزيتون ثم سكن هومكناسة وكان دائم التنقل بين المداشر والقرى ناشرا الفهم والفهم إلى حتى حل به سقم عضال وهوبداره ببوزيري ببلاد مصمودة فأمر مريديه بالعودة به إلى مكناسة فتوفى وهم به في الطريق بمجشر فرقاشة من بلاد عوف وسط ليلة الجمعة موافقا لليلة عيد الأضحى فوصلوا به إلى مكناسة ودفنوه خارج باب عيسي منها وذلك ضحوة يوم الأحد الثاني عشر من ذي الحجة عام ستة وسبعين وتسعمائة (12/12/976 هـ ) وهجر من الأزجال ذخيرة (خصوصا مايعهد "بالرباعيات") لا زالت تحتفظ بها الذاكرة الشعبية إلى عصرنا هذا وتتغنى ببعضها الطوائف العيساوية وغيرها من المتصوفة .
وكان في أيام حياته وقف بمكناسة على قبر سيدي عمران بن موسى المجاور له هناك فأخذ وتدا ودقه حيث قبره الآن ونطق هنا نعمر على سيدي عمران فلما حفروا له وجدوا الوتد بحاله عن غير قصد منهم ولا فهم بالوتد وكان ذلك منه إشارة إلى أنه أحد الأربعة أوتاد.
المرجع: ممتع الأسماع في ذكر الجزولي والتباع لمحمد المهدي الفاسي ط ، حجرية متواجدة بخزانة الجامع الكبير بمدينة مكناس . حرر الموضوع : محمد بنعلي ـ مكناس
وللإشارة فقد كان عبد الرحمان المجدوب من السادة العارفين أهل الخير والدين,وقد كانت له اليد الطولا في ذلك وكان له أشياع وأتباع ممن علا شأنهم بعده أمتال الشيخ العلامة الكبير الحافظ الذاكر أبي المحاسن يوسف الفاسي الفهري الذي أحاط بإرث شيخه الروحي وتصدى للدلالة على الله وذلك في زاويته بفاس وبعد وفاة الشيخ سيدي يوسف ورث الشيخ سيدي عبد الرحمان الفاسي حال أخيه وحال شيخه المجدوب وسيدي عبد الرحمان الفاسي هوأخ الشيخ يوسف وبعده ورث الشيخ الصوفي العالم الكبير أبي عبد الله سيدي محمد بن عبد الله معن الأندلسي عن الشيخ سيدي عبد الرحمان وتصدى لدلالة الخلق على الله في زاويته التي بأقصى حومة المخفية من عدوة الأندلسيين بفاس والتي تعهد بزاوية العبدلاويون نسبة إليه وإلى عقبه وبعد وفاة الشيخ محمد بن عبد الله معن الأندلسي ورثه الشيخ سيدي قاسم الخصاصي وبعده أبي العباس سيدي أحمد بن عبد الله معن الأندلسي وبعده ابنه محمد العربي بن أحمد بن عبد الله معن الأندلسي وبعده سيدي علي الجمل العمراني الحسني وبعده الشيخ القطب سيدي محمد العربي الدرقاوي الحسني مؤسس الطريقة الدرقاوية عبر العالم ولله عاقبة الأمور ولاحول ولا قوة إلا بالله.
وأصل المجدوب من تيط، وهي قرية توجد بقرب أزمور التي هي في شمال مرسى الجديدة على ساحل المحيط الأطلسي، ثم انتقل إلى مكناس إحدى كبريات مدن المغرب الأقصى، وهي واقعة على مسافة 60 كيلومترا من مدينة فاس، وفيها القصور الفاخرة والبنايات العظيمة من عصر السلطان مولاي إسماعيل العلوي المعاصر للملك الفرنساوي لويس الرابع عشر في القرن السابع عشر الميلادي، وتحيط بها البساتين الزاهرة والأشجار الكثيرة الملتفة، وأجمات الزيتون؛ ولهذا سموها بمكناسية الزيتون. وقد تجاوز أنه قرأ في أول الأمر بمدينة فاس، وحضر على بعض الشيوخ المشاهير حينذاك كسيدي علي الصنهاجي، وسيدي أبي رعين، وسيدي عمر الخطابي الزرهوني.
عاش المجدوب مدة في غرب المغرب، ولما أحس بقرب الأجل طلب حتى يُمضى به إلى مكناس، فتوفي في الطريق بجبل عوف، أوبين ورغة وأدسبو، ودفنوه بخارج مدينة مكناس بجوار باب عيسى وضريح مولاي إسماعيل، وذلك سنة 976 هـ، وما زال قبره موجودا إلى الآن، وبقيت أقواله سائرة على ألسن الناس في جميع أقطار أفريقيا الشمالية، ويبدأ القصاصون عند سردها بقولهم: "نطق سيدي عبد الرحمن المجدوب".
الأقوال
ولهذه الأقوال نفع وإفادة؛ فهي ناتجة عن تجارب دنيوية كثيرة ومعاملات مع الخلق، كما أنها جزء مهم وثروة من جملة التراث الأدبي العامي الأفريقي، وكان يردد هذه الأمثال في أواسط القرن العاشر الهجري؛ لأنه أراد ألا يحرمنا مما جرب وتفهم ومن حوادث زمانه، زيادة على التغيرات التي طرأت عليها أثناء القرون التي مرت عليها، ويقولون إنه كان يتحدث بأقوال لا يفهمها عنه الناس، رغم أنها كانت لغة الأدب العامي، لغة التحدث والتخاطب، كان يلقي هذه الأمثال في المناسبات للتربية والتعليم والنصيحة والموعظة الحسنة.
قد خط عنه الشيخ أبوالمحاسن، والشيخ المهدي الفاسي المتوفى سنة 1109 كتابا اسمه "ابتهاج القلوب" (وهونسخة مخطوطة)، كما رويت أقواله بروايات كثيرة مختلفة فيها بعض من التغيير المحسوس في المعنى، وهناك مؤلفات المستشرق الفرنساوي إنري ذوكاستر، والمرحوم الشيخ محمد بن شنب وغيرهم، كما وردت في قصص تحكى عنه بمضمونها في الخط التي تعنى بالمأثور من الكلام.
وقد تطورت هذه الأقوال الآن في سردها، وأدخل عليها بعض المغنيين الشعبيين ألحانا فصارت تغنى في حفلات وأعراس ومهرجانات، مثلما يحدث في ساحة جامع الفنا بمراكش، ويقومون بأدائها على شكل معان في الغناء والطرب، وكذلك يقوم البعض الآخر بالحكي عنه للناس والاستفادة من تجاربهم بهذا الكلام الموزون.
مــن أقــواله
يقول عبد الرحمن المجذوب في إحدى رباعياته عن الزمان:
ويقول أيضا عن الدنيا:
- يا صَاحب كُن صَبّاراُصبر على ما جرَى لَك
- اُرقد علَى الشُوك عريان حَتّى يَطلع نهَارك
- لا تْخَمّمْ لا تْدَبَّرلا تَرْفَدْ الهَمْ دِيمَة
- الفلك ما مسَمَّر ولا الدنيا مقيمة
- لا تخمم في ضيق الحال شف عند الله ماوسعها
- الشدة تهزم الأرذال أما الرجال لاتبترها
- سافر تعهد الناس وكبير القوم طيعه
- كبير الكرش والراس بنص فلس بيعه
- لا تسرج حتى تلجم واعقد عقدة سليمة
- لا تتحدث ختى تخمم لا تعود لك فضيحة
الصمت المضى المسجر والكلام يفسد المسالة
الا شفت لا تخبر وإذا سالوك قل لا لا
يا ذا الزمان يا الغدار يا كاسرني من ذراعي
طيحت من كان سلطان وركبت من كان راعي
الشر ما يظلم حد غير من جبده لراسه
في الشتاء يقول البرد وفي الصيف يغلبه نعاسه
يا الى تعيط قدام الباب عيط وكن فاهم
ما يفسد بين الاحباب غير النساء والدراهم
لا يعجبك نوار دفلة في الواد عامل ظلايل لا يعجبك زين طفلة حتى تشوف الفعايل
- حيط الرمل لا تعليه يعلى يرجع لساسه
ابن الغير لا تربيه يكبر يرجع لناسه
الي يركب يركب أشهب طرز المضى في لجامه
الي يدور الحق يدير هراوة في حزامه
- من خالط الاجواد جاد بجودهم ومن خالط الارذال زاد عناه
- من جاور برمة تطلى بحمومها ومن جاور صابون جاب نقاه
- المحررة تنادي ومعها الخير ولوكان من بعد تجيها
- والخاطي عليك من يدك يطير رزقك من قبل ما فيها
ما كان كالحرث تجارة ما كان كالام حبيب
ما كان كالشر خسارة ما كان كالدين طلييب
- الزيت يخرج من الزيتونة والفاهم يفهم لغات الطير
- الي ما تخرج حدثته ميزونة يجحرها في ضميره خير
- فهمتني طلعة الشمس الوفاء
- فهمتني حبة الرمل الصفاء
- فهمتني بذرة القمح الاصيل الكبرياء
انظر أيضاً
- ابن سودون، شاعر فكاهي مصري مملوكي عاش في القرن 15.
- فرح ود تكتوك، شاعر عامي سوداني، مشابه في الأسلوب والمواضيع.