الرئيس أبوالعلاء فهد بن إبراهيم ( - ) وزير الحاكم بأمر الله الفاطمي.

الحاكم بأمر الله والوزير القبطي

وكان لبرجوان مساعدا محررا قبطيا إسمه فهد بن إبراهيم عهده الحاكم من كثره تردده على القصر يحمل الرسائل إلى الخليفه والأوامر منه , ومن الظاهر انه كان ذوشأن كبير غنيا ومن أعيان القبط وكبرائهم إذ نطق عنه المقريزي (7) " لأنه في غطاس سنة 288هجرية ضربت المضارب والأسره في عده مواضع على شاطئ النيل , ونصبت أسره للرئيس فهد بن إبراهيم النصراني محرر الأستاذ برجوان , وأوقدت له الشموع والمشاعل وحضر المغنون والملهون , وجلس مع أهله الى حتى كان وقت الغطاس فغطس وإنصرف ".

وكان الحاكم محتاجا لرجل يحل محل برجوان الذى قتله ليدير الحكومه ففكر في فهد القبطى , الذى رأى رأس برجوان تدحرج على الأرض أمامه فإمتلأ فزعا وإصفر وجهه من هول المفاجأه , وبخبث ودهاء شديدين أنعم عليه العطايا والهبات وهدئ من روعه , وخلع عليه لقب " الرئيس أبوالعلاء "

ولما كان فهد لايطمع في شئ من دنياه فعمل جاهدا ليرضى الله وأولياء الأمر في عمله فترقى في المناصب العليا حتى وصل إلى حتىقد يكون كاتم سر الخليفه وفى ذات يوم ولج إلى الخليفه وكان الخليفه قد قرر إسناد منصب الوزاره إليه ويقص علينا ابن القلانسي (8) الحديث الذى دار في قصر الخليفه وإنتهى بإعتلاء القبطى فهد أعلى سلطه في مصر فنطق : " جلس الحاكم وقت العشاء الأخير وإستدعى الحسين بن جوهر وأبى العلاء بن فهد بن إبراهيم الوزير , وتقدم إليه بإحضار سائر كتاب الدواوين والأعمال , فعمل , وحضروا وأوصلهم إليه. فنطق لهم الحاكم : " إذا هذا فهدا , كان بالأمس محرر برجوان عبدى , وهواليوم وزيرى فإسمعوا له وأطيعوا , ووفوه شروطه في التقدم عليكم , وتوفروا على مراعاه الأعمال وحراسه الأموال. " وقبل فهد الأرض وقبلوها , ونطقوا : " السمع والطاعه لمولانا." ثم إلتفت إلى فهد ونطق " أنا حامد لك وراض عنك وهؤلاء الكتاب خدمى , فإعهد حقوقهم وأجمل معاملتهم وإحفظ حرمتهم وزد في واجب من يستحق الزياده بكفايته وأمانته (9)." وكان الرجل القبطى فهد عظيما في تقواه محبا لآخرته أكثر من دنياه مساعدا للفقير مساندا لليتامى والأرامل فكان يعترض طريقه جميع من له حاجه فكان يجيبه إلى سؤاله ويفرح قلبه بمساعدته , وكان مجيبا لكل طارق لبيته , وكان من عادته انه عندما كان يجتاز راكبا ركوبته في طريقه الى عمله وقيل انه نسى فيلقاه من يطلب منه صدقه فكان يمد يده اليمنى إلى كمه حيث كان يضع نقودا لهم وما وضع مالا في كمه وظن ان ليس فيه شيئا ولكن عندما وضعها عثر ما يدفعه للسائل 0ويقول ابوالمكارم في مخطوطه (10): " حتى الشيخ الرئيس أبي العلاء فهد بن إبراهيم في الخلافة الحاكمية أنشأ كنيسة الشهيد مرقوريوس في دير الخندق وكان فهد ينظر في أمر المملكة شريكاً لقائد القواد الحسين بن جوهر وتحت الأسكنا القبلى الشيخ فهد ومن يخصة "

وبدأ الشر يحيك الدسائس والمؤامرات فأوفد جنوده الحاسدون عندما بدأت شهرته في عمل الخير للمسلمين والمسيحين على السواء, وخشى الحاسدون إزدياد نفوذ النصارى في البلاد , فلا ولايه لذمى على مسلم , فأوعزوا على الوشايه به عند مولاه ليضعفوا ثقته به , فكانت التهمه القديمه التى إستعملها ابوعمار هى خطتهم , فإتهمه إثنين من الحاقدين عليه هما أبوطاهر وإبن العداس بإختلاس الأموال , ولم يحسن الحاكم إستقبالهم كما انه لم يستمع إلى وشايتهما إلا أنهم إستمرا على خطتهما الدنيئه وحرضا آخرين على تقديم شكاوى مماثله وكان الحاكم يفهم مغزى هذه الشكاوى المقدمه إليه , فإستغلها للضغط على عامله الأمين القبطى فهد ومساومته بطريقه خبيثه فأوفد إليه فمثل بين يديه ونطق له : " أنت تفهم أننى قد إصطفيتك وقدمتك على جميع من في دولتى فإسمع منى وكن معى في دينى فأحملك أكثر مما أنت فيه وتكون لى مثل أخ." فإذا كان فهد سارقا فلماذا إذا ساومه ،يا ترى؟ وأراد الحاكم حتى يستغل الشكاوى ويحوله عن ديانته فرفض القبطى فهد وزاره الملك الأرضى وفضل عار المسيح أعظم من كنوز مصر فكان كموسى النبى الذى هجر قصر فرعون , فأمر الخليفه ببتر رقبه فهد القبطى , وحرق جسده.

وأمر بإيقاد النار تحت جسده ثلاثه ايام بلياليها فإحترق جسده ما عدا يده اليمنى التى كان يمدها ممسكه بالنقود معطيه صدقه ومما يذكره الرواه حتى فهد أراد مره حتى يعطى صدقه لسائلا وكان يضع يده في كمه ليخرج النقود كعاده أهل ذلك الزمان وكان قد نسى في هذااليوم حتى يضع النقود ولكنه عثر مالاً فأعطاه للفقير0 فإعتبر حتى السيد المسيح هوالمعطى لكل البركات ولمعهده اين دفن الرئيس أبوالعلا فهد يقول أبوالمكارم في مخطوطه (11) : " أنه كانت هناك حاره من حوارى القاهرة يطلق عليها إسم حارة برجوان الخادم الأسود (12) وكان برجوان هذا استاذاً للحاكم بأمر الله وكان ينظر في امور المملكة ومحررة الرئيس أبوالعلا فهد ابن إبراهيم النصرانى في الخلافة الحاكمية أمر الحاكم بقتل برجوان والرئيس أبوالعلا وأحرقه بالنار وقبره وذويه تحت كنيسة أبومرقورة بدير الخندق في طوفس (13) " وقد أخذ الأروام هذه الكنيسة للصلاة فيها بعد حتى أمر أمير الجيوش بدر الدين الجمالى الأقباط بإعطائها لهم وبها جسد هذا الشهيد .

المقريزى يذكر اغتال الوزير فهد

أبوطاهر يوغر صدر الخليفة الحاكم ضد الوزير القبطى فهد

ذكر المقريزي في المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 102 من 167 ) : " إلى حتى كان جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة حسن لأبي طاهر محمود النحوي المحرر وكان منبترًا إليه حتى يلقى الحاكم بأمر الله ويبلغه ما تشكوه الناس من تظافر النصارى وغلبتهم على المملكة وتوازرهم وأنّ فهد بن إبراهيم هوالذي يقوْي نفوسهم ويفوّض أمر الأموال والدواوين إليهم وأنه آفة على المسلمين وعدّة للنصارى فوقف أبوالطاهر للحاكم ليلًا في وقت طوافه في الليل وبلّغه ذلك‏.‏ ثم نطق‏:‏ يا مولانا إذا كنت تؤثر جمع الأموال وإعزاز الإسلام فأرني رأس فهد بن إبراهيم في طشت وإلاّ لم يتم من هذا شيء‏.‏ فنطق له الحاكم‏:‏ ويحك ومن يقوم بهذا الأمر الذي تذكره ويضمنه‏.‏ فنطق‏:‏ عبدك عليّ بن عمر بن العدّاس‏.‏ فنطق‏:‏ ويحك أويعمل هذا نطق‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين‏.‏ نطق‏:‏ قل له يلقاني ههنا في غد‏.‏ ومضى الحاكم فاتى أبوطاهر إلى ابن العدّاس وأفهمه بما جرى‏.‏ فنطق‏:‏ ويحك فتلتني وقتلت نفسك‏.‏

فنطق‏:‏ معاذ الله افنصبر لهذا الكلب الكافر على ما يعمل بالإسلام والمسلمين ويتحكم فيهم من اللعب بالأموال والله إذا لم تسع في قتله ليسعين في قتلك فلما كان في الليلة القابلة وقف عليّ بن عمر العدّاس للحاكم ووافقه على ما يحتاج إليه فوعدوه بانجاز ما اتفقا عليه وأمر بالكتمان وانصرف الحاكم‏.‏

فلما أصبح ركب العداس إلى جار قائد القوّاد حسن بن جوهر القائد فلقي عنده فهد بن إبراهيم فنطق له فهد‏:‏ يا هذا كم تؤذيني وتقدح فيّ عند سلطاني‏.‏ فنطق العداس‏:‏ والله ما يقدح ولا يؤذيني عند سلطاني ويسعى عليّ غيرك‏.‏ فنطق فهد‏:‏ سلط الله على من يؤذي صاحبه فينا ويسعى به سيف هذا الإمام الحاكم بأمر الله‏.‏

فنطق العدّاس‏:‏ آمين وعجِّل ذلك ولا تمهله‏.‏

فقتل فهد في ثامن جمادى الآخرة وضربت عنقه وكان له منذ نظر في الرياسة خمس سنين وتسعة أشهر واثني عشر يومًا وقتل العداس بعده بتسعة وعشرين يومً واستجيب نادىء جميع منهما في الآخرة ومضىا جميعًا ولا يظلم ربك أحدًا‏.‏ وذلك حتى الحاكم خلع على العداس في رابع عشره وجعله مكان فهد وخلع على ابنه محمد بن عليّ فهناه الناس واستمرّ إلى خامس عشري رجب منها فضربت رقبة أبي طاهر محمود بن النحوي وكان ينظر في أعمال الشام لكثرة ما حمل عليه من التجبر والعسف ثم اغتال العدّاس في سادس شعبان سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة وأحرق بالنار‏.‏

ذكره في السنكسار

السنكسار القبطى الذى يقرأ على الشعب القبطى يذكر استشهاد الرئيس أبوالعلا فهد بن أبراهيم وزملائه على يد الخليفة المسلم الحاكم بأمر الله الفاطمى في يوم 20 برمودة

واتى في تاريخ البطاركة أنه لما أراد الحاكم بأمر الله حتى يجعل كبار الكتاب الأقباط يتخلون عن دينهم كان الرئيس فهد من بين الرؤساء العشرة الذين اختارهم لهذا الغرض فأحضره بين يديه ونطق له : " أنت تفهم أني اصطفيتك وقدمتك علي جميع من في دولتي فاسمع مني وكن معي في ديني فأحملك أكثر مما أنت فيه وتكون لي مثل أخ " فلم يجبه إلى قوله فأمر حتى يضرب عنقه وأحرق جسده بالنار وظلت النار مشتعلة ثلاثة أيام ولم يحترق وبقيت يده اليمني التي كان يمدها للصدقة في جميع وقت سليمة كأن النار لم تكن منها البتة .

واتى في كتاب الخطط التوفيقية حتى الرئيس أبوالعلاء فهد بن إبراهيم كان ينظر في أمر المملكة مع قائد القواد الحسين بن جوهر وكان الحاكم بأمر الله يرغبه في هجر ممضىه بوعود عظيمة فلم يقبل فبتر رقبته وأمر بحرق جسمه ولكن الله حماه من الاحتراق ودفن في الركن القبلي من كنيسة القديس مرقوريوس إلى شيدها في دير الخندق .

وذكر المقريزي في خططه : وقتل فهد بن إبراهيم بعد حتى أستمر في الرئاسة خمس سنين وتسعة أشهر واثنا عشر يوماً.

وقد انتقم الله شر انتقام من الأشرار الذين سعوا بالرئيس أبي العلاء فهد لدي الخليفة وغيروا قلبه عليه فقد كان علي بن عمر بن العداس هوالذي حرك قلب الحاكم بأمر الله عليه فلم يمض علي وفاة الرئيس فهد 29 يوما حتى اغتال علي ثم اغتال شريكه طاهر محمود بن النحوي.

وتحتفل الكنيسة أيضا بباقي الرؤساء العشرة الذين لما طالبهم الحاكم بهجر دينهم لم يعملوا ذلك ولم يطيعوه فأمر بتعذيبهم فضربوا بالسياط ولما تزايد عليهم الضرب أسلم منهم أربعة توفي أحدهم في ليلته بعينها وأما الثلاثة الآخرون فانهم بعد انقضاء زمان الاضطهاد عادوا إلى دينهم المسيحي وأما الباقون فقد ماتوا وهم يعذبون ونالوا إكليل الشهادة استحقوا الحياة الدائمة.

شخصيه الحاكم بأمر الله الغريبة

ذكر المقريزى في المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 102 من 167 ): "

من الواضح حتى الحاكم كان يعى ما يعمله بدليل أنه لم يحسن إستقبال الواشين في حق فهد محرره في بدايه الأمر , فقد كان يفهم تماما المغزى من هذه الوشايه وأفهم حاشيته أنه أصدر أمره تحت ضغط شديد , ولكن هل يمكن القول حتى الحاكم قد صدق عملا أنه حاكما بأمر الله ،يا ترى؟ 00 هل أوحى له إسمه الذى أطلق عليه بأنقد يكون إسما على مسمى ؟00هل كان يختبر رعيته في إطاعه أوامره طاعه مطلقه ،يا ترى؟ هل إستهوته هذه الفكره وسيطرت عليه – لما هبط بتصرفاته إلى دروب التطرف والتناقض والهوس ؟0هل أصيب بجنون العظمه والخيلاء ،يا ترى؟

ولعل التاريخ الإسلامى لم يعهد شخصية يحيط بها الخفاء كتلك الشخصية العجيبة التى تثير من حولها الدهشة والروع في جميع تصرفاتها الخاصة والعامة والتى لازمها الخفاء لا في الحياة الدنيا وحدها ولكن في الحياة الآخرة أيضاً حيث تغادر العالم في ظروف كالأساطير , وتبقى هذه الظروف لغزاً على التاريخ حتى يومنا هذا 0(14) ونطق محرر آخر عنه (15): " لقد نشأ مطلق الأمر في آراءه وتصوراته وتفهم علوم الشيعة فغلا فيها , كما تفهم الفلسفة والنجوم فكان له بها ولع شديد , وكان على طرفى الغلوفي جميع أعماله – فإذا عاقب أفرط وسفك الدماء وقتل الأعوان والأقارب والفهماء , وإذا ثاب أوأحب بذل ما لم يبذله ملك , وكانت أعماله متناقضة , يعمل اليوم ما ينقضه غداً "

إن إصداره لتعليمات ومراسيم متضاربه أمرا يثير الدهشه والأسى والضحك في وقت واحد , كما أنه لا يمكن التكهن بما يمكن حتى يعمله أويأمر به عند عرض عليه أى قضيه أومشكله , فمثلا في حاله قتله لفهد أراد حتى يغطى فشله في جذب فهد الى دينه أوفد الحاكم في طلب أولاد الشهيد فهد وخلع عليهم الخلع وأمر بألا يمسهم أحد بسؤ وألا ينهب منزلهم , أما جاك تاجر فله رأى آخر (16): " قد أراد الحاكم بذلك حتى يتحدى أبا طاهر وإبن العداس اللذين أوعزا بهذه الجريمه واللذين توصلا إلى أعلى المناصب لتطبيق خطتهما." إلا أنه لا يمكن غسل يدى الحاكم من هذه الجرائم التي لا يستطيع أحدا حتى يجد لها تفسيرا إلا أنها حاذت على هوى نفسه لهذا قدم على تطبيقها بدون أى شعور بالندم وكان من تقليد الفاطميين الإستعانه بالنصارى إلا حتى الحاكم بأمر الله أبطل هذه العاده بعد حتى إضطهد الذميين كما هومكتوب في جميع خط المؤرخين بلا إستثناء ولكنه لم يكن في إستطاعته حتى يستغنى أبداً عن جميع الموظفين النصارى

المصادر