صورة العدو

عودة للموسوعة

صورة العدو


استخدم جوزيف گوبلز فكرة كبش الفداء فقد روّجت النادىية السياسية للرايخ ثالث ضد اليهود لضعف الاقتصاد الألماني واثارتهم للقلاقل السياسية

صورة العدو هى تمثيل للعدوويمكن تعريفها بأنها صورة مشهجرة بين أعضاء جماعة معينة تجاه العدوتتسم بنزع الطابع الإنسانى عن هذا الآخر، ونوع من التنميط القائم على الاختزال والتضخيم والتحيز والتعميم ، وعادة ما تشتق من مزيج من أفعال وتصرفات هذا العدووإدراكات المتلقى، وهوما يضفى خليطاً من الدقة في بعض الجوانب والتحيز في جوانب أخرى على مثل هذه الصور. صورة العدولا تقوم فقط على وجود مشاعر الكراهية بل تتعداها إلى شعور بالتهديد أواحتمال التعرض لاعتداء أوعنف وتقوم صورة العدوعلى وجود جماعة ذات هوية تهددها جماعة أخرى خارجة عنها فصورة العدومختلفة عن العداء أوالعنف بين أفراد الجماعة ويوجد عادة نزعة لتحقيق الانسجام بين صفات العدوالجسدية وصفاته النفسية بحيث لا يمكن فصلهما عن بعضها. وبالتاليقد يكون ما طبيعي وما هوأخلاقي عنصرين متآلفين لا يقبلان الانفصال. وبالتاليقد يكون بمقدور الفرد محاربة عدوه بطريقة أوضح عن العدوالعقيدي فقط المماثل طبيعياً لا سيما العدوالعقيدي من داخل الجماعة.

يمكن إعتبار صناعة صورة العدوجزءا من فهم النفس السياسي نظرا للدور الذي يلعبه صياغة هذه الصورة من قبل أجهزة الاعلام والاستخبارات في تماسك الجماعات ضد التحدي الخارجي ودورها في تفكك الدعم لهذا العدووتاريخيا كانت لصناعة صورة العدودور بارز وخاصة في الحروب وكانت الصورة التي صاغها قوات دول الحلفاء للنازية دور بارز في تماسك الجبهة الداخلية اثناء الحرب العالمية الثانية‏ ذلك الجبهة التي سرعان ما إنقسمت بعد الحرب وبدأت صياغات جديدة لتصوير العدوالشيوعي لقاء العدوالرأسمالي. وفي الشرق الأوسط وفي خضم الحرب الباردة وصلت صناعة صورة العدوإلى مرتبة الحرفية فصورة إسرائيل كانت تعبير عن خنجر اوإسفين في قلب الوطن العربي وصورة العرب كانت تعبير عن تهديد إسلامي يلقي مساندة من الاتحاد السوفيتي,‏ ويهدف الي إبادة اسرائيل والشعب اليهودي . بعد احداث 11 سبتمبر 2001 تم تصوير القائمين بالمهمة كعدواسلامي العقيدة‏,‏ شرقي الملامح يجمع بين التعصب والتخلف والدموية‏ وتم تصوير جورج دبليوبوش والحرب على الإرهاب كحملة صليبية يستهدف القضاء علي الاسلام والمسلمين‏ [1].

نموذج صورة العدو

أحد الأمثلة على تصوير الآخر بحيث يبدون جميعاً متشابهين كوجوه مقنعة أوعديمة التعبير أويصعب التفرقة بينها

يمثل العدونموذجاً خاصاً "للآخر" فكل عدوهو"آخر" لكن ليس جميع "آخر" هوعدوويرتبط بذات السياق مصطلح "صورة أوصور العدو" الأكثر تعلقاً بدراسات الحرب والصراع أوالنادىية الدولية. ويشير مصطلح " صورة العدو" إلى الصور المشهجرة والنمطية والغير إنسانية عادة للجماعات الخارجية. حتى مفهوم "العدو" يمثل خطوة أبعد في تعريف الهوية فصورة العدو" توفر ملامح الخصم أوالعدوالعسكري من منظور أشخاص أوالنادىية العسكرية. " والآخر" يساعد في تعريف الهوية بتحديد ما يتم استبعاده كآخر" وفي اللقاء فإن " العدو" يوضح جوهر الصراع بين الجماعة/ الفرد والآخرين الأعداء، أي يتجاوز تحديد من هوالعدو وماهيته وطبيعته إلى تحديد سبب كونه عدواً. حيث تحقق صورة الآخر الحاجة البشرية إلى الكشف عن الهوية عبر الاحتكاك بالآخر وهى حاجة قديمة ومتشعبة التعبير، لكن ما يجمعها هوسلبيتها وتطرفها إزاء سلوك الجماعات الخارجية. [2].

يذكر إدوارد سعيد حتى أزمة الهوية وهى إحدى أكثر العلاقات تجسيداً للآخر في العصر الراهن لا تظهر إلا في المجتمعات التى تدخل في ديناميكية الحداثة. وتعنى الأزمة هنا مجرد بدء الجهد المؤلف أوالمفرح في تحديد الذات، وهى لم تبدأ إلا بالحداثة أوباكتشاف الغرب [3]. وترى الأستاذة في فهم الاجتماع السياسي دلال البرزى حتى هذه الوظيفة للآخر تظهر لدى طرفى العلاقة رغم عدم التكافؤ أى لدى الغالب والمغلوب لكن الفرق يكمن في كون الغالب هوالمبادر والقادر على طرحها، جاعلاً من هذه الوظيفة لدى المغلوب "أزمة" تدوم بدوام غلبته. مصطلح " الآخر" قد يوظف فقط لتعريف الهوية وبنائها، بينما مصطلح "العدو" يستخدم لتوجيه اللوم إلى الأحداث السيئة في الحياة. فالعدوينشا فقط لدى الاعتقاد بوجود اختلافات جوهرية "بيننا" و"بينهم" مع ربط هذه الاختلافات بتمييز مواز بين الخير (نحن) والشر (هم)، وهوما يؤدي عادة إلى نزع الطابع الإنساني عن الآخر العدو، وبالتالي سيادة النمط العدائي العنيف في التعامل مع الآخر في هذه الحالة [4].

يرى فيلهوهارلي حتى فكرة العدوتنبع نفسياً من قيام الجماعة بتحديد شرها بنسبته إلى "أنتم" أو"الآخرين" ومن ثم يصبح أنتم "الآخر" هم العدو[5] ومن ثم الناحية الاجتماعية فإن العدونتاج مشهجر يتشكل اجتماعياً منا جميعاً معاً، فالعدوعادة ليس ظاهرة فردية ينجزها إنسان واحد بمفرده. ثقافياً، تتشكل الذات والآخر في إطار التنطقيد المتداولة عبر المواريث من جيل إلى آخر، وهي بطبيعتها لا تعبر عن حقيقة مطلقة أوموضوعية ويري جيمس أهوإمكانية تلمس مصدر العدوفي الأفكار الدينية ويميز في هذا الإطار بين فئتين :

  • الحلولية – الكوزمولوجية المتمثلة بدرجات متفاوتة في البوذية والهندوسية والكونفوشية ومسيحية العصور الوسطى حيث توجد صورة "العدوالجدير" الذي هوشريك مساوفي الحرب.
  • الأفكار الدينية المتعالية- التاريخية: ترتبط باليهودية والإسلام والبروتستانتية حيث تسود فيها صورة العدوالشرير "الذي ينبغي تدميره كجزء من واجب أسمى". فالعدوالشرير عدوالإله والحرب ضده حرب مقدسة بين الخير المطلق والشر المطلق تستهدف الإبادة الكلية لفاعل الشر (العدو) [6].


وظائف صورة العدو

  • كمصدر لإضفاء الشرعية على السياسة أوالسلوك تجاهه: فصورة الآخر تعبر غالباً عن موازين قوى وعلاقات تراتبية وأحياناً نزاعية. ومن ثم غالباً ما تعبر صورة المهيمن والأقوى والأعلى تجاه الآخر عن الشعور بالتفوق عليه وعلى الإزدراء والتحقير بل والكراهية إزاءه. فالآخرقد يكون متوحشاً ومن البرابرة بدائياً وكافراً ومتخلفاً. وتغذى مكونات هذه الصورة وترعاها القوى الاجتماعية المتنوعة والطبقات وجماعات المصالح التى تجد فيها تبريراً لمصالحها المادية، وللسياسة التى تتوخاها مع هذا الآخر واستغلاله أوالهيمنة عليه أوحتى تدميره. فصورة الآخر تفيد في تنظيم الخصومة وإضفاء الشرعية عليها. ويظهر ذلك حتى على مستوى أكثر الهجريبات الاجتماعية طبيعته وبساطة أى القبيلة حيثقد يكون الآخر فيها مكوناً من مكوناتها البنيوية على رغم شدة حركيته. فيقول المثل البدوى: أنا ضد أخى، أنا وأخى ضد ابن عمى، أنا وأخى وابن عمى على الغريب. فهذا الغريب متحرك بدوره تبعاً للهدف الكامن خلف تحديده [7].
  • لقاءة أزمات المجتمع: هجرز الكثير من الدراسات على الحاجة إلى العدوفي المجتمعات المأزومة بوصفه يمتلك حلول الأزمة وهى مقولة قابلة للجدال حيث حتى العدوقد يحدث مصدراً لتأجيل تصعيد الأزمات أوحتى تسويتها لكن يصعب تصور حتى يساهم العدوفي حل الأزمة خاصة إذا كان مختلفاً لصرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمات. لا يمنع هذا التحفظ من التعرض لقضية توظيف العدوللقاءة أزمات المجتمع حيث عادة يتم تأجيل البحث عن حل داخلي للأزمة وتلجأ بعض القوى السياسية – وغالباً ما تكون السلطة السياسية نفسها – إلى إعطاء المجموعة عدواً خارجياً أومختلفاً عن المجموعة [8].
أحد الأمثلة على استخدام فكرة الحرب المقدسة وعدوالإله في صياغة صورة العدو
  • لقاءة أزمة الهوية: فوفقاً لتعبير بعض الباحثين "ما من جماعة قومية ضاعت منها القيم وركبها الشك وتهافتت عندها المثل المطلقة الملهمة للحياة، وركبها الشك وتهافتت عندها المثل المطلقة الملهمة للحياة، إلا وتسترجع ما ضاع منها بفضل إدانة قيم الآخر". أى تساعد صورة الآخر، العدوتحديداً، على تغذية التشابه بين العناصر المكونة للجماعة القومية.
  • لقاءة الأزمات الاقتصادية وأزمات التهميش: حيث يساعد الآخر العدوفي إيجاد كبش فداء لتفسير تردى الأحوال الاقتصادية ، سواء كان هذا الآخر دولة أخرى (مثل صورة العرب كعدواقتصادى لدى الرأي العام الغربى بعد الحظر النفطى في 1973) أوكان الآخر داخل حدود نفس الدولة (مثل صورة المهاجرين العرب كمصدر لمشاكل البطالة في الدول الغربية) [9].
  • تحييد الصراع الطبقى بتمكين المضطهد من التماثل مع سيده دون حتى يتحمل هذا الأخير تكاليف باهظة. وفى حالة كون الآخر العدويعيش في نفس المجتمع فإنه يوفر فرصة للبروليتاري في العثور على "بروليتاري رث" أدنى منه مرتبة فيرتقى الأول في سلم المراتب الاجتماعية دون حتى يكلفه ذلك شيئاً كبيراً [10].
  • لقاءة الأزمات السياسية والعقيدية الأيديولوجية: يخلق العدوتوحداً للجبهة السياسية الداخلية في لقاءة خطر العدوالذى يهدد الوجود. وعادة ما يتم إضفاء سمات عقيدية عدائية على الآخر في هذه الحالة حيث تنطلق تصرفات هذا الآخر من عقيدة تتسم بقدر كبير من الثبات والاستقرار وليس من مجرد أبعاد مصلحية ومثال ذلك الخلط بين العربى ومفهوم الجهاد مع تفسير الأخير على نحوسهل اختزالى يحصره في معناه الحربى والمعادى للحرب على التعامل مع الغيمان كمسألة ضمير شخصي في لقاءة الإسلام الذى يظهر أمام الرأي العام كدين صارم ومصدر لمخاطر هائلة تهدد العالم الغربى القائم على العقلانية والاعتدال والتسامح [11].

ربط العدوبالتهديد الدائم وهوما يؤدي إلى تضخيم صورة العدولأنه لا وجود لعدوإلا وكان قوياً. ويفسر ذلك جزئياً تصدر مايسمى "الإرهاب العربي" قائمة المخاوف اللقاءة للمجتمعات المتحضرة، وكذلك التصعيد من خطر بلدان كالعراق، سوريا، ليبيا وغيره على الأمن العالمي. وكذلك تحول قضية الهجرة العربية إلى الخطر الرئيسي المهدد للسلم المدني والتوازنات الاقتصادية والاجتماعية والهوية في بعض البلدان الأوربية. ولا ينفي ذلك وجود تفاعل متبادل بين تمثل الذات للآخر وواقع هذا الآخر . فصورة الأخر منها كانت فعالية السلبية إلا حتى لها في الواقع بعض الأسس المحسوسة. إذا عملية نزع الطابع الإنسانى عن العدوDehumanization هي وسيلة لإضفاء الشرعية على استخدام العنف ضد الآخر، وتقليل الشعور بالذنب المصاحب لمثل هذا العنف [12].

مستويات عملية نزع الطابع الإنسانى

يمكن التمييز بين عدة مستويات لنزع الطابع الإنسانى مع مراعاة إمكانية التداخل فيما بينها :

  • مستوى العدوكإنسان كامل: في هذا المستوى تمثل صورة العدوالآخر بوصفه ذى طابع إنسانى تام (ليس بمعنى المثالية لكن بمعنى غياب عملية نزع الطابع الإنسانى) وهذا المستوى نادر التحقق وعادة ما ارتبط بأشكال معينة من الحروب والصراعات وصور العدومثل الحروب البطولية والحروب البدائية الشعائرية (العدوالكفء أوالجدير، والعدوالرمزى على الترتيب). ويلاحظ حتى هذا المستوى يتضمن تصوير العدوككل أوأعضائه بوصفهم ذوى طابع إنسانى [13].
أحد الأمثلة على إظهار صورة ازدواج المعايير في الانتباه والاهتمام والتقييم
  • العدوعديم الوجه: يستمر في هذا المستوى الاعتراف بالطابع الإنسانى للعدومع فقدان أعضاء الجماعة الأخرى وأفرادها لسماتهم المميزة بحيث يبدون جميعاً متشابهين كوجوه مقنعة أوعديمة التعبير أويصعب التفرقة بينها ويشار في هذا السياق إلى غطاء الرأس العربى ككون في صورة العرب في الولايات المتحدة والإعلام الغربى، أوصورة محتجزى الرهائن المرتدين أقنعة في العراق [14].
  • العدوالشيطانى: في هذا المستوى يفقد العدوأحد أوجه "إنسانيته" ويتحول إلى مجرد تمثيل للموت والدمار والشر وقد عكست صور بن لادن وصدام حسين في وسائل الإعلام الأمريكية هذا البعد، كما تكرر توصيف بوش لأسامة بن لادن بوصفه "الشرير" وكذلك توظيف مصطلح محور الشر. وفى اللقاء فإن صورة أمريكا بوصفها الشيطان الأعظم في إيران تمثل امتداداً لذات المستوى من نزع الطابع الإنسانى [15].
  • العدوكحيوان في هذا المستوى ينتقل مستوى صورة العدومن وجود جميع أوبعض السمات الإنسانية إلى تصوير للعدوفي صورة حيوان (ثعبان، فأر، تمساح، دب ، قردة وخنازير، أخطبوط). ويلاحظ حتى الحرب على الإرهاب قد ارتبط بتصوير العدوكحيوان والجنود الأمريكيين كصيادين حيث تكررت الإشارة مثلاً إلى استمرار عملية صيد وتعقب بن لادن ، كما تكرر ذكر مبدأ "صيد الإرهابيين وقتلهم أينما وجدوا" في خطابات جورج بوش أثناء الحملة الانتخابية [16].
  • إضفاء الطابع النسوى: يقصد بذلك إضفاء سمات أوخصائص أنثوية معينة على العدووعلى نحويتنافى مع الطابع الإنسانى، أومحاولة ربط العدوبصورة غياب أوضعف سمات ذكورية معينة. وتعكس صور عمليات التعذيب في سجن أبوغريب وتكديس المعتقلين في أوضاع معينة محاولة لنزع الطابع الإنسانى وإضفاء مثل هذا الطابع غير "الذكورى". كما ظهرت محاولة إضفاء الطابع الأنثوى في إجبار المعتقلين على ارتداء ملابس نسوية. ويمكن التمييز في هذا المستوى بين نزع الطابع الذكورى أومحاولة ذلك مثل النموذج المذكور وغيره، وبين إضفاء صورة نسوية سلبية معينة (وهوما قد يتجاوز الأعداء إلى الآخر مثل تصوير هجريا في صورة راسيرة تطالب بالأموال في بعض الصحف الأمريكية إبان فترة التفاوض الهجرى الأمريكى على شروط التنسيق بين الطرفين ابان غزوالعراق 2003، وهى الصورة التى زادت من التوجهات السلبية لدى الرأى العام الهجرى وبعض النواب تجاه قضية التنسيق). من جهة أخرى فإن ثمة مستوى أوبعد آخر مرتبط بإضفاء طابع نسوى سلبى وهوما يعهده البعض بـ "الجنسية" القائم على الهجريز لدى تحديد معالم صورة الآخر على المرأة أوما ترمز إليه العلاقة معها "فالخطاب الاستشراقى يغزوالشرق بذكورية ترمز بشدة إلى العلاقة العادية القائمة بين رجل وامرأة فالشرق صامت واخر خائر رخوساكن سلبى ساحر جميع ما بوسعه تلقى المبادرة الآتية من الغرب" مع جانب آخر في وصف الشرق بالهجريز على الشهوانية المفرطة في هذا الشرق إضافة إلى اهتمام الغرب اللافت بوضع المرأة المسلمة الشرقية والهجريز على خطر التيارات الإسلامية بوصفها تهدد وضع المرأة القاطنة في بلدان الشرق" وفى اللقاء تحمل بنات الغرب لدى الشرق صورة مماثلة حول فسادهن وانحرافهن "باسم الحرية" والبعد عن الوقار الخاص بالفطرة البشرية بما يجعلهن عرضة لشتى أنواع الضياع والبغى والجرائم والاستباحة [17].
  • تجريم العدو: أى تصوير العدوكمجرم مطلوب للعدالة مثل ما ظهر في أعقاب غزوالعراق 2003 من نشر صور قيادات نظام البعث وغيرهم على أوراق اللعب بوصفهم "مطلوبين". كما انتشرت صور أخرى تمثل بوش ورامسفيلد وصدام حسين وبن لادن كمطلوبين يهددون النظام العالمى. من جهة أخرى فإن ثمة صورة نمطية للأمريكيين مستمدة من أفلام رعاة البقر بوصفهم "المأمور الطيب" الذى يبحث عن الإرهابيين كى "يصطادهم" ويقتلهم [18].
  • العدوكمشتهى المثيل: مثلية في إطار سيادة نمط عالمى قائم على النظرة السلبية لمثل هذه الممارسات غير المتسقة مع الطبيعة والفطرة البشريتين، والدين والعادات والتنطقيد، واعتبارات حفظ النوع – فإن تصوير العدوفي مثل هذه الصور ينطوى على نوع من نزع الطابع الإنسانى وقد ظهر هذا البعد في صور المعتقلين في أبوغريب وفى تأكيد جميع من الشرق – الغرب في فترات زمنية مختلفة على انتشار مثل هذه الممارسات لدى الطرف الآخر.
  • العدوكجماد فاقد الروح والحياة في هذا المستوى لا يقتصر تشوية صورة العد على نزع السمات الإنسانية بل تصويره كشئ عديم الحياة وهوما ظهر مثلاً في حرب الخليج الثانية حيث تم تصوير العدوكرمز وأشكال على شاشات الحاسب الآلى. كذلك ينتشر استخدام الرموز أوالأكواد لوصف العدوأوأسلحته والهجريز على هذه الأكواد بوصفها الهدف المرد تدميره أوالتعامل معه، وهوما يجعل التعامل ينتقل من مستوى التعامل مع عدووضحايا بشريين إلى مستوى التعامل مع أشياء [19].
  • توظيف المعانى المزدوجة في هذا المستوى يتم تمثيل الحياة البشرية للعدوفي صورة مجردة أومختزلة عبر استخدام مصطلحات تنطوى على تدمير وقتل للخصم دون توضيح ذلك أوالتقليل من شأن ذلك أوتصويره كنتيجة طبيعية. من هذه المصطلحات مصطلح "الدمار المصاحب أوالملازم Collateral damage" لوصف إصابات وخسائر المدنيين، ومصطلح "Megadeath" لوصف وفاة مليون شخص، أومسميات "عاصفة الصحراء" أو"تعزيز الحرية" وغيرها من المصطلحات والمسميات التى لا تثير ارتباطاً مباشراً بالحياة البشرية [20].


أنواع صور العدو

تتعدد أنواع العدو بحسب الصفات والسمات التي يتمتع بها هذا العدوأوالتي يتم إضفاؤها عليه عبر عمليات الإدراك، وبحسب طبيعة التهديد الذي يمثله هذا العدو، ويميز البعض في هذا الإطار بين العدوالرمزي ، والعدوالشريف أوالجدير ، والعدوالحاجز أوالمانع ، وعدوالإله والعدوالمهاجم أوالمعتدي ، والعدوالمستبد /الخائن، والعدوالخفي من الداخل أوذلك على النحوالتالي :

  • العدوالرمزي : أكثر إرتباطاً بالحروب البدائية الشعائرية حيث الحرب وجهاً لوجه كتقليد دوري في إقليم محايد بين القبائل المتحاربة وتنتهي الحرب مع سقوط أول ضحية عادة، وهوما يكشف غيبا هدف العنف أوالقتل عن الحرب بقدر التعبير عن المشاعر العدائية والمدمرة وإيجاد نوع من المنفذ أوالمخرج لها، وكفلت هذه الحروف الحفاظ على النظام بين القبائل عبر السماح بقدر" وظيفي" من العنف المحدد في مؤشراته المتعلقة بطبيعة الإصابات المسموحة، وحجم الضحايا وفي هذا النوع من الحرب العدورمزي ولا تتم المساواة بين العدووالشر أوالتعامل معه كمصدر للتهديد، بل على العكس ينظر إلى العدوكشريك مساوفي الأهمية وفي إطار شريعة للحفاظ على الحياة وتأكيدها.
  • العدوالحاجز أوالمانع : الذي شكل جزءاً " من الإقافة الاستعمارية حيث ينظر الطرف الخاضع للسيطرة إلى العدوالمهيمن بوصفه مصدرا للحرمان من ممارسة الحقوق والاحتياجات المادية والنفسية، ومن الجهة الأخرى ينظر الطرف المهيمن إلى العدوبوصفه " "آخر " لا ينبغي تدميره لكن استغلاله واستعباده لاشباع الاحتياجات الفردية والجماعية للطرف المسيطر- وتتعدد مستويات التحليل التي يمكن تلمس هذا النمط فيها سواء في إطار العلاقات بين الطبقات في المجتمع، أوفي إطار علاقات الاحتلال، أوفي سياق الهيمنة الثقافية وأشكال الاستعمار الجديد. فالاستعمال الجدي القائم على تحقيق الهيمنة الاقتصادية وتكريسها عبر نشر قيم وأنماط ثقافية معينة هووسيلة للتعامل مع العدوعبر " إخضاعه " وليس " تدميره" وفق هذا التحليل [21].
تغير صورة غورباتشوف نتيجة ظهور فشل الخيارات العنيفة في التعامل مع العدو
  • العدوالكفء أوالجدير : ينظر إلى العدوفي هذه الحالة ككيان منظم تنظيماً جيداً، ومتماسك إلى درجة كبيرة ، وعلى درجة من الاحترافية والطابع الإرادي الواعي المحرك للرغبة في القتال. ويمثل القتال في هذه الحالة ما يشبه الشعائر لاختبار القدرات البشرية، ومحكاً لظهور سمات النبل والشجاعة والتحمل وغيرها من القيم الإيجابية ومن ثم يمكن التعامل مع العدوفي إطار من الإحترام المتبادل، وصولاً إلى الوقوع في تناقض " حب العدو" . ومن الواضح حتى مثل هذا النوع من العدولا يساعد على تدعيم الهوية الذاتية بقدر ما يؤيد من هوية الآخر.
  • عدوالإله (الحرب المقدسة) : على العكس من الأنواع السابقة حيث العدوالرمزي، أوالذي يتم إخضاعه، أوإحترامه) فإن هذا النمط من الحروب ( الحرب المقدسة) عادة ما يرتبط بإضفاء سمة تمثيل الشر أوالشيطان على العدوفي لقاءة معسكر الخير أوالإيمان اوأنصار الإله ومنفذي مشيئته. وبالتالي يصبح الهدف ليس مجرد إخضاع العدولكن تدميره(مع إمكانية التحفظ على ذلك إنطلاقاً من بعض نماذج هذه الحروب المقدسة) كوسيلة لتحقيق مشيئة الله، والأمان للمؤمنين، ولزيادة الإيمان ومستوياته [22].
  • العدومصدر التهديد (الحرب الدفاعية) ينظر في هذه الحالة إلى العدوكمصدر تهديد سواء للحدود أوالعب أوالأفكار والأيدلويجات أوالإقتصاد أوالمستقبل عامة. ويلاحظ قدرة جميع طرف على تبنى هذا النمط من الحروب بمعنى تبرير حربه إنطلاقاً من كونها حرباً دفاعية ضد تهديد قائم أومحتمل، مادي أومعنوى، وهوما يظهر واضحاً حتى على مستوى مسميات المؤسسات العسكرية في الدولة ووصفها بأنها مؤسسات أووزارات دفاع. وتشهجر الحرب الدفاعية في بعض السمات مع الحرب المقدسة حيث ينظر الطرف "المدافع" إلى قضيته بوصفها قضية عادلة، ومن ثم يصعب إلقاء اللوعلى القيادات لاضطرارهم إلى خوض هذه الحرب"، مع ربط ذلك بوجود دعم أوتأييد إلهي في لقاءة العدوالمجسد الشر.
  • العدوالقمعي (حروب التحرر أوالثورات) يمثل هذه العدوالوجه الآخر للعدوالحاجز أوالمانع. فالجماعة الخاضعة المقهورة تشن الحرب بهدف الإطاحة بالمحتل أونظام شمولي أوتسلطي قائم أوحاكم ظالم أونخبة مسيطرة مستغلة وتتعزز هوية الطرف الخاضع المقاوم في هذه الحالة مع عنف استجابات الطرف المسيطر مع ملاحظة حتى هذه العلاقة ليست مباشرة لكن تتوقف على مجموعة من المتغيرات الوسيطة [23].
  • العدوالداخلي الخفي يطرح في إطار الكتابات الغربية "الإرهابي" ضمن التصنيف بوصفه عدواً يصعب تحديده لاعتماده على المفاجأة استراتيجيات غير تقليدية ورغم التحيزات في تعريف هذه الفئة إلا أنه يمكن استعارة عنوانها للإشارة إلى فئة أخرى من الأعداء غير الظاهرين الذين لا يتم في بعض الحالات تصنيفهم "كأخر" ابتداء لعدم وجود مظاهر واضحة للاختلافهم أوعدائهم ويمكن التمييز في إطار هذه الفئة بين أكثر من نموذج للعدو: العدوالذي كان يتشارك في الهوية مع باقي أعضاء الجماعة ثم تحول – في إطار ظروف معينة- إلى عدوذي هوية متمايزة حتى لوكانت غير ظاهرة، والعدوالمختلف إبتداء عن الجماعة في بعض عناصر هويته مع عدم وضوح ذلك لأعضاء الجماعة خارج نطاق " العدو" أوصعوبة الفصل الدقيق لهذا العدوعن الجماعة وارتفاع تكاليفه، والعدوللخفي للتسلل الذي" يظهر مثلنا ويصعب تمييزه كأخر عدو" [24].

آليات عملية العداء

احد الأمثلة على إظهار صورة ازدواج المعايير في الانتباه والاهتمام والتقييم

يقصد بديناميكيات العداء مجموعة من الآليات والعوامل التى تسهم في تشويه عملية الإدراك لدى التعامل مع صور العدو، والتى قد تؤدى إلى تفسير التحركات السلمية أوالإيجابية لهذا العدوكتحركات عدائية، أوتصوير حالة الهجوم كدفاع أوالعكس. وتزيد هذه العوامل من احتمالات تصعيد العداء ومن أهمها:

  • ازدواج المعايير في الانتباه / الاهتمام والتقييم : أحد أبرز عوامل تشويه إدراكات صورة العدووتعهد بعملية يستخدم فيها الأفراد (أوالجماعات) معايير أومقاييس معينة للحكم على تصرفات العدوأوتقييم العدومع اختلاف هذه المعايير عن تلك المستخدمة لقياس تصرفات ودوافع الفرد نفسه (أوالجماعة ذاتها). ويسهم ذلك في نجاح جميع طرف (فى علاقة العداء) في تصوير نفسه في موقف الدفاع في لقاءة الخصم المعتدى، ومن ثم تعزيز صورة الذات كممثلة للخير، والمبالغة في ربط العدوبالشر، وبالتالى زيادة احتمالات تصعيد الصراع [25].
  • صورة المرآة Mirror Image هومصطلح يعبر عن تشابه صورة العدولدى جميع طرف بحيث تبدوكما لوكانت صورة في المرآة فخلال الحرب الباردة مثلا نظر جميع من الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة إلى الآخر بوصفه الطرف المعتدى صاحب الحكومة القائمة على استغلال الشعوب وخداعها غالبية السكان "خيرين" بطبعهم ولا يتعاطفون مع خداع الحكومة ضرورة عدم الثقة في حكومة الطرف الآخر مع الاعتقاد بوجود أهداف وخطط سرية غير معلنة من أى تصرف استناد سياسة الطرف الآخر على نوع المجازفة واللاعقلانية بعكس الطابع الإنسانى الرشيد لسياسة الذات [26].
  • خداع القمة السوداء Blacktop illusion إحدى الحالات الخاصة لصورة المرآة حيث يركز جميع طرف على صورة قيادة الطرف الآخر بوصفها "شريرة" وقمعية، بينما الأفراد/ الأعضاء الآخرين في الجماعة الأخرى خاضعين لسيطرة واستغلال قياداتهم. ويمكن حتى يوظف هذا البعد في تبرير الاعتداء على الآخر حيث حتى هذا السلوك هودفاع عن مصالح الأغلبية الصامته وبالنيابة عنهم من جهة أخرى فإن هذه الصورة قد تكشف عن توجهات إيجابية تجاه الآخر بما قد يسمح في ظروف معينة بتبرير الخروج من حالة العداء [27].
  • الانتباه الانتقائى Selective Attention أى الانتقاء في عملية التفكير في العدوبالهجريز فقط على الأبعاد والتصرفات والتعليقات السلبية المرتبطة بهذا العدو، واستنادىء للصور السلبية له مع إغفال أية صور أوتصرفات إيجابية. وتظهر التجارب ميل الأفراد إلى استنادىء الصفات والحقائق والحكايات السلبية عن الأشخاص الذين يعتبرون كأعداء وذلك مقارنة بالحلفاء أوالأصدقاء، مع اتجاه لتضخيم هذه السمات [28].
  • التحيز في تقييم المصداقية يقصد بهذا المبدأ ميل الفرد إلى تقييم مصدر المعلومة والمعلومات ذاتها الأكثر اتفاقاً مع رأيهم بوصفها أكثر مصداقية من مصادر المعلومات التى تقدم رؤية مغايرة. ويفسر هذا التحيز في تقييم مصادر المعلومات أحد مسببات مقاومة صور العدوللتغيير وتؤدى هذه السمة إلى تجاهل المعلومات والمصادر غير المتفقة مع توجهات الفرد نحوالعدوفمثلاً تكتسب التقارير التى تضفى سمات سلبية على العدومصداقية أكبر.
تصوير العدوبوصفه على درجة عالية من الاحتفاظ بأهداف سرية غير واضحة، وفى الآن ذاته وصفه مفتقدا القدرة على التنظيم
  • تعايش صور متعارضة ومتناقضة للعدوكأن يتم تصوير العدوبوصفه على درجة عالية من التنظيم والذكاء والقدرة على تدبير المؤامرات والاحتفاظ بأهداف سرية غير واضحة، وفى اللقاء – وفى الآن ذاته – يصور العدوبوصفه جاملاً يفتقد القدرة على التنظيم أوالتطبيق ويسهل خداعه أوالفوز عليه وقد ظهر تعايش مثل هذه الصور المتناقضة للعدوفي صور جميع من الاتحاد السوفيتى السابق، والنظام العراقى "السابق" وفى وسائل الإعلام الأمريكية. وتسمح إمكانية تقديم وإدراك صور العدوعلى هذا النحوالمتناقض بتمكين الأفراد والجماعات من تبرير توجهاتهم وسلوكياتهم تجاه العدو. ومن الطبيعى حتى الصور المتناقضة لا تقدم عادة في نفس الوقت أوعلى الأقل ليس عبر نفس العمل أوالرسالة عملى سبيل المثال تم تصوير صدام حسين في الولايات المتحدة منذ التسعينات بالهجريز على كونه أكبر تهديد للعالم الحر وفى نفس الوقت تقريباً طرحت صور أخرى لصدام بوصفه طاغية لا يعتمد على التقنيات الحديثة (التكنولوجيا) ويتسم بمحدودية الأفق والقدرة على التخطيط، بل ومحدودية القوة. ويلاحظ حتى هذه الصور المتناقضة عادة تهدف إلى تعبئة الأفراد من خلال الخوف والكراهية لتبرير العرب على العدووقتل أفراده [29].
  • الطابع الحركى لصور العدو يقصد بذلك أنه على الرغم من صعوبة تحول صورة العدوفي ضوء عدة عوامل تجاوز ذكرها، فإن ذلك لا ينفى إمكانية تحول عدوحالى إلى حليف مستقبلى وما يرتبط بذلك من تغير في صورة هذا العدوإلى صورة مختلفة ويرجع ذلك إلى النزعة التضخيمية في النادىية العسكرية للتأكيد على الاختلاف بين العدووبيننا (نحن)، والتأكيد على ارتباط العدوبتاريخ طويل من الشرور وقائمة من العيوب في السمات على نحويصور العدوكما لوكان رمزاً للشر على الدوام، وبوصفه كان خصماً على الدوام كذلك مثل هذه النزعة التضخيمية تميل إلى التراجع في ظروف معينة بما قد يؤدى تدريجياً إلى تغير صورة العدو، والأمثلة على ذلك متعددة (من قبيل تغير صورة اليابانيين في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية عن صورتهم أثناء الحرب).
  • ارتباط الصور بالفهم والجهل فالتحيزات والتشوهات السالف ذكرها ترتبط على نحووثيق بالجهل بالمعلومات والحقائق الأساسية عن العالم عام وعن العدوبوجه خاص. وتؤدى هذه التحيزات عادة إلى عدم إدراك طبيعة ثقافة العدووقيمه الأساسية وأولوياته. ويلاحظ حتى العلاقة بين التحيزات وقلة المعلومات أوالجهل هى علاقة دائرية : فالجهل يؤدى إلى التحيز، والتحيزات تعزز هذا الجهل فالجهل قد ينتج عن الاهتمام والتذكر الانتقائيين [30].


عوامل تغيير صورة العدو

تغير صورة غورباتشوف نتيجة ظهور فشل الخيارات العنيفة في التعامل مع العدو

رغم صعوبة تغيير صورة العدوإلا حتى ذلك يمكن حتى يحدث توافر عوامل ومحركات تدفع إلى ذلك. وهذا التغير قد ينظر إليه كعملية إيجابية تعكس إتجاهاً نحوتسوية النزاعات، ويطق على التغيير في هذه الحالة عملية "التفهم السياسي". ويقصد بالتفهم السياسي" Political Learning في هذا السياق " التغير في صور العدوعلى نحويؤيد احتمالات النجاح في إدارة الصراعات وتسويتها وحلها" [31]. وتشبه عملية التفهم هذه نمط التجربة والخطأ trial & error التي يؤدي الفشل فيها إلى إتخاذ خطوات جيدة إلى غير ذلك. وترتبط عملية " التفهم السياسي" بتوافر مجموعة من العوامل المعززة لتغيير صورة العدومن قبيل:

  • حدوث تغيرات هيكلية في تطورات الصراع نفسه ووقائعه أوفي السياق الدولي أوالإقليمي لهذا الصراع.
  • تغير في طبيعة التحالفات السياسية، أوتولى أجيال قيادية جديدة السلطة بما يؤدي لتغيير صورة العدو.
  • هجريز قيادة المجموعة على إحداث إصلاحات داخلية والنظر إلى الصراعات الخارجية كمعوق لمثل هذا الاصلاح : أي حتى القيادة هجرز على الجماعة ذاتها أكثر مما هجرز على الصراع مع الجماعات الأخرى [32].
  • ظهور فشل الخيارات العنيفة في التعامل مع العدووالحاجة إلى تبنى خيارات تفاوضية أوتكيفية " في التعامل مع الخصم وقد يحدث هذا الفشل في صورة هزيمة أوعدم قدرة على الاستمرار في خيار لقاءة الخصم لارتفاع تكلفة هذا الخيار أوغير ذلك من العوامل التي تدفع إلى البحث عن بدائل أخرى للتعامل مع العدووترتبط عملية البحث عن بدائل بالتعهد على معلومات جديدة عن الخصوم أوالأعداء وبالتالي احتمال تغير صور العدوتدريجياً.

وتشير بعض الدراسات إلى نموذجي السادات وغورباتشوف وتغير صورة العدولدى جميع منهما حيث يرجع ذلك إلى العاملين الأخيرين (في القائمة الرباعية السابقة) كما يشار إلى حتى حدوث تغيرات طفيفة لدى جميع منهما في صورة العدودفعت إلى اتخاذ خطوات محدودة تتفق مع هذا التغير في الصورة، ثم استقبال التغذية الإسترجاعية واتخاذ خطوات اكبر إلى غير ذلك [33].

استراتيجيات تغيير صورة العدو

هذه الاستراتيجية (كما يتضح من طبيعتها) قد يتم تبنيها من قبل قيادات الجماعة أوبعض أعضائها، وقد تتبناها الجماعة الأخرى (العدو) أوقيادة الجماعة الأخرى. كما قد تقوم هذه الاستراتيحيات على خطوات متبادلة بين الجماعة والعدوويمكن في هذا السياق تناول الاستراتيجيات التالية لتغيير صورة العدو:

  • اتخاذ إجراءات لا يمكن التراجع عنها : هي استراتيجية عمدية لتغيير صورة العدووتحتاج إلى اتخاذ احد طرفي الصراع إبتداء مثل هذه المستوى ببتر تعهدات لا يمكن التراجع عنها وذلك مثل زيارة الرئيس السادات للقدس. وتثير هذه الاستراتيجية الكثير من الصعوبات مثل : صعوبة " صياغة" الإجراء اوالتعهد الملائم ذي التكلفة العالية والذي لا يمكن التراجع عنه كما لا يمكن تجاهله من قبل الطرف الآخر، كذلك يحتاج اتخاذ مثل هذه الإجراءات أوالتعهدات عادة درجة كبيرة من التحرر من القيود السياسية الداخلية [34].
  • التصالح التدريجي : بحاجة هذه الاستراتيجية إلى بدء أحد الأطراف بإظهار "نوايا" للتصالح أوالاسترخاء، وانتظار استجابة إيجابية من الطرف الآخر، ثم اتخاذ خطوات تصالحية عملية إلى غير ذلك وتهدف هذه العملية إلى تحسين متبادل فصورة الآخر لدى جميع طرف على نحومتدرج كما يمكن اعتبار سياسة بطء الاستجابات الانتقامية والتصالحية على السواء إحدى صور هذه السياسية.
  • الفيض المضاد : تقوم هذه الاستراتيجية على تغيير صورة العدووالصورة النمطية عبر تعريض الجماعة إلى كم كبير من المعلومات المخالفة لهذه الصورة النمطية في مدى زمنى قصير نسبياً [35].
  • تراكم الاستثناءات : Exceptions Accumulation: تقتضي هذه الاستراتيجيات توافر مدى زمني طويل نسبياً حيث يؤدي نشر معلومات مناقضة لصورة العدوأومعلومات متضاربة عنه على نحويوحي بوجود استثناءات لدى الآخر لا تتبع الصورة النمطية للعدوويؤدي تراكم هذه الاستثناءات على المدى الطويل إلى حدوث تغير في صورة العدو.
  • التسميم السياسي : تختلف هذه الاستراتيجية عن الاستراتيجيات السابقة في أنها أوسع نطاقاً في أهدافها، كما أنها ذات طابع عدائي واضح في مقاصدها وأهدافها بالنسبة للجماعة المستهدفة وقد استخدم هذا المفهوم خبراء الحرب النفسية الفرنسيون ووظفه الاستاذ الدكتور حامد ربيع في دراسته عن الحرب النفسية في المنطقة العربية، وتحليل نجاحات النادىية الصهيونية ومنطقها. وبخلاف الاستراتيجيات السابقة التي هجرز على تغيير صورة العدوكهدف أساسي، فإن هذه الاستراتيجية تتعامل مع صورة العدوكجزء من مكونات الهوية ذاتها ومن ثمقد يكون التلاعب بهذه الصورة عبر تغيير الهوية نفسها من خلال عمليتين متوازيتين هما :
    • غرس أوغرس قيم معينة سليمة في ذاتها، ثم دفعها تدريجياً في السلم التصاعدي لنظام القيم الفردي أوالجماعي، بحيث ترتفع إلى أعلاه، ومن ثم تفرض على القيم العليا أوالمطلقة النزول على مراتب اقل أهمية.
    • تسريب افكار وقيم معينة عبر منطق الدع اية والتوجيه السياسي بحيث تؤدي إلى تصور معين للمواقف يختلف عن حقيقته العملية، مما يترتب عليه عند اكتشاف هذه الحقيقة نوع من الصدمة تؤيد إلى شلل نفسي، وبالتالي عدم القدرة على اللقاءة لما توجده من تمزيق في الشخصية.

وتتم ممارسة هذه العملية في إطار التسميم السياسي عبر آليتين متكاملتين هما : أداة التضليل القائمة على التوظيف المخالف للواقع والسئ للقيم السياسية والدينية ، أداة للترويض : التي تجعل تلك القيم "والمواقف الجديدة" ليست مستغربة إنما هي مطلوبة ومتسقة مع الإطار أوالنظم القائمة بصرف النظر عن طبيعتها الواقعية. إلى غير ذلك يعد التسميم السياسي إحدى العمليات أوالمقدمات المنطقية التي يع اد من خلالها تشكيل الإطار الذي ينطلق منه الرأي العام في مجتمع معين، بحيث يتم تشكيل ذلك الراي العام تجاه القضايا التي تقابله وتجاه الأعداء والخصوم بشكل يتناسب مع القيم الجديدة التي تم غرسها وتسريبها إلى الوعي أوالعقل الجماعيين أوذاكرة النخبة المثقفة أوالقائدة فيه [36].

المصادر

[37]

[38]

[39]

[40]

[41]

[42]

[43]

[44]

[45]

[46]

[47]

[48]

[49]

[50]

[51]

[52]

[53]

[54]

[55]

[56]

[57]

[58]

[59]

[60]

[61]

[62]

[63]

[64]

[65]

[66]

[67]

[68]

[69]

[70]

[71]

[72]

تاريخ النشر: 2020-06-04 16:08:45
التصنيفات: مقالة مختارة, علم الاجتماع, علوم عسكرية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

انتخاب فوزي لقجع رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:19:13
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

أميركا مستعدة لدعم أي حلول دبلوماسية محتملة لحل الصراع في أوكرانيا

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:19:26
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

الطب الشرعي: الطالب محمد عادل قاتل نيرة أشرف لا يتعاطى المخدرات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:20:47
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 51%

الرئيس السيسي يستقبل الأمير تميم بن حمد بمطار القاهرة

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:20:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

السيسي يوجه تحذيراً خلال "قمة بريكس"

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:19:27
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

عملية اقتحام مهاجرين لمليلية..ارتفاع عدد الوفيات

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:18:44
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 71%

رشوة بمبلغ 15 مليون.. اعتقال رئيس غرفة الجنايات ونائب مبديع ببني ملال

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:18:46
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 75%

ارتفاع إيرادات السياحة المتأثرة بتداعيات كورونا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:18:50
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 71%

نيويورك توسع نطاق الفئات المشمولة بلقاح جدري القردة مع تزايد الإصابات

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:19:27
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

ميناء ومنطقة صناعية..250 مليون دولار لتطوير مشروع ضخم بالناظور

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:18:48
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 79%

قبل ساعات من محاكمته .. النص الكامل لاعترافات قاتل الطالبة نيرة أشرف

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:20:47
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

عملية اقتحام مهاجرين لمليلية..سانشيز يتفاعل مع تدخل المغرب!

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:18:58
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 83%

«التضامن» المجتمع المدني شريك في قمة المناخ بالتطوع 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:18:44
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

متحدث الرئاسة يتفاعل مع سؤال عن «الأمن القومى» على صفحته

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-25 00:20:47
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية