المومياء (رواية)
صفحة العنوان في أول طبعة
| |
المؤلف | تيوفيل گوتييه |
---|---|
العنوان الأصلي | Le Roman de la momie |
البلد | فرنسا |
اللغة | الفرنسية |
الصنف | رواية تاريخية |
نـُشـِر | 1858 |
رواية المومياء Le Roman de la momie هي رواية تاريخية خطها تيوفيل گوتييه بدءاً من مارس 1857 على حلقات في Le Moniteur universel، ثم نشرها كاملة في 1858 عبر الناشر هاشت.
في بعض الأحيان يحدث لنص المحرر الفرنسي تيوفيل گوتييه المسمى «رواية المومياء» حتى يُعامَل بوصفه رواية رعب. بل ان السينما حين حولته الى فيلم، ظهر على شكل فيلم رعب حقيقيّ. ومع هذا من الصعب التسليم بأن هذا البعد هوالأساس في نص كُتب قبل قرن ونصف القرن من الآن، وحرّك مخيلات ملايين القراء وأعاد الاعتبار الى ما راح يسمّى منذ ذلك الحين «الهوس بكل ما مصري قديم في فرنسا وفي غيرها» على حد تعبير المحرر والصحافي الفرنسي المعاصر جان لاكوتور. والحقيقة انه على رغم حتى الاستشراق ظهر قبل أزمان طويلة من صدور «رواية المومياء» بل ظهر قبل قرون من السنين من كلّ تلك الآداب والفنون التي استلهمت مصر الفرعونية القديمة وحكاياتها وآثارها التي راحت تُكتشف تباعاً في مصر خلال القرون الأخيرة، ولا سيما من ذاك الاستشراق الذي أتى ليركز تحديداً على مصر وتاريخها القديم والمعاصر، فإن رواية تيوفيل گوتييه اتت يوم صدورها لتعيد الحياة الى ذاكرة الفرنسيين والأوروبيين «المصرية».
إذاً، حتى ولولم يكن تيوفيل گوتييه مخترع النوع، فإنه كان من اعاده الى الحياة وأسبغ عليه ابعاداً جديدة، ليصبح عملاًَ متعدد الأبعاد. والحال حتى «رواية المومياء» عمل لا ينبغي ان يقرأ كما اعتيدت قراءته: فهوليس بعد كلّ شيء «مجرد» رواية عن القبور الفرعونية وعن الرعب الذي يزامن اكتشافها ولغتها وما شابه. سليم ان القسم الأول من الرواية كان يقترب كثيراً من هذا، ولكن من المؤكد ان القسم الثاني يبتعد تماماً عن ذلك المناخ الجنائزي، ليصبح متراوحاً بين انقد يكون نصاً تاريخياً، وأنقد يكون حكاية غرام حقيقية رومانسية وفاتنة.
في القسم الأول من «رواية المومياء» نجد انفسنا في مصر المعاصرة (اي أواسط القرن التاسع عشر)، ويطالعنا على الفور لورد انكليزي شاب سرعان ما نعهد انه هاولجمع الآثار، يرافقه عالم ألماني. والرواية تقدم لنا (بعد وصف دقيق ومفصّل لقبر فرعوني - استوحاه المحرر من قبر سيتي الأول، أحد أشهر ملوك الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة، التي حكمت مصر خلال القرن الثالث عشر قبل المسيح). هذان العالمان، نجدهما في صدد اكتشاف القبر، وإذ يفتح امامهما، يجدان نفسيهما في حضرة جثمان محفوظ في شكل ممتاز. وإذ يتبين بسرعة ان الجثمان هولفتاة يظهر انها قضت نحبها وحُنّطت وهي بعد في روعة صباها، يعثر الرجلان الى جانبها في القبر المحفوظ، نصاً مكتوباً على ورق البردى. وعلى الفور يقوم العالم الألماني بترجمة النص بسرعة، فإذا به يحتوي حكاية هذه الفتاة وحكاية موتها. هذه الحكاية التي تشكل القسم الثاني من «رواية المومياء» هي التي تجعل اللورد الإنكليزي الشاب يقع في هوى صاحبة الجثمان، فيعيش هاجسها وحياتها كعاشق لامرأة ميتة. ميتة،يا ترى؟ بالأحرى حية، لأن جميع ما في رواية تيوفيل گوتييه هذه، يعمل على اعادة الفتاة الى الحياة.
وتقول لنا الحكاية التي تشغل الجزء الثاني من الرواية حتى الفتاة تدعى تاهوسر، وهي ابنة واحد من كبار الكهنة في مصر في ذلك الزمان. وكان يمكن لتاهوسر هذه ان تعيش حياتها في شكل عادي وتموت وتُنسى لولا انها عاشت قبل موتها غرامًا ملتهباً مع شاب عبري يدعى بويري. لكنها لم تتمكن من الدنومن هذا الشاب، والارتباط به بالتالي، بسبب التنطقيد الفرعونية التي لا تسمح لابنة كاهن فرعوني بمخالطة شاب من غير دينها. غير ان الفتاة إذ يستبد بها الهوى، لا تجد مفراً من حتى تتنكر في زي امرأة فقيرة من عامة الشعب ما يمكّنها من ملاقاة حبيبها. غير ان الفرعون سرعان ما يخطف الفتاة ويسجنها في قصره. وهناك، في القصر تشهد تاهوسر بأم عينها، ذلك الصراع العنيف والمجابهة اللفظية بين الفرعون وموسى العجوز الذي قصد سيد البلاد لكي يسأله ان يأذن للعبرانيين بالرحيل عن مصر. وتتلوهذا المشهد فصول عدة، ولكن سريعة، يصف فيها تيوفيل گوتييه تصوره لبعض الأحداث التاريخية التالية مثل الكوارث التي احاقت بمصر وخروج العبرانيين، وتدمير الجيش الفرعوني ثم موت الفرعون نفسه وحلول تاهوسر في الحكم محله لفترة من الزمن سبقت رحيلها هي الأخرى عن دنيانا، وتحنيطها ودفنها مع النص الذي يروي حكايتها.
في الواقع التاريخي كان هناك في مصر، حقاً، ملكة تدعى تاهوسرت، وكانت زوجة سيتي الثاني ثم ارملته، وهي حكمت مصر عامين بالعمل. ولكن من المؤكد، بالنسبة الى دارسي عمل گوتييه ان هذا الأخير انما استعار الشخصية ليختلق لها احداثاً لا علاقة لها بها. ومن هنا لا بد من الإشارة الى ان الحكاية كلها كانت من اختراع گوتييه. بل إذا هذا الأخير لم يتورع عن رواية أحداث تاريخية غير مؤكدة، جعل منها خياله الخصب خلفية لروايته، فمثلاً - وكما يقول نقاد فرنسيون راجعوا التاريخ لكي يعثروا على وجه شبه بين الرواية والحقيقة التاريخية - يمكن القول إذا الفصل الذي يصور المشادة بين موسى والفرعون لا يؤكدها أي مصدر تاريخي مع حتى ثمة ذكراً لها في بعض صفحات العهد القديم. ولكننا نعهد حتى أموراً كثيرة من تلك المذكورة في العهد القديم لم يثبت التاريخ حدوثها فاعتبرها في أحسن الأحوال أحداثاً «رمزية» تظل في حاجة الى تأويل «غير مادي وغير تاريخي» كي يفهم مغزاها. وفي هذا الإطار نفسه ثمة كثر من الفهماء يقولون ان تاريخ الخروج نفسه غير مؤكد وثمة منهم من ينفيه جملة وتفصيلاً. غير ان هذا كله لا يظهر انه يهم گوتييه. المهم بالنسبة إليه كان خلق مناخ تاريخي يضفي على روايته الأساسية - اي المتخيلة - صدقيتها، وهونجح في ذلك الى حد كبير. وكذلك نجح في ان يرسم نمط العيش في مصر تلك الأزمان بكل دقة، رسماً شديد القرب من الواقع التاريخي الملموس. ومن الواضح ان گوتييه استفاد هنا من عشرات الوثائق والدراسات المستحدثة عن قصور الفراعنة وحملاتهم العسكرية. وكذلك نجده مهتماً في شكل خاص بالتسامح الذي كان العبرانيون يعيشون بفضله بين أحضان المصريين، حيث نجدهم - كما يفترض أن تكون حالهم لاحقاً ايام ازدهار الحضارة الإسلامية - يصلون الى مراكز الدولة العليا ويمارسون حياتهم ودينهم من دون عوائق، حتى وإن كانوا - لأسباب ستظل غامضة الى الأبد - سيقدمون على مبارحة مصر ذات يوم.
وإزاء هذا كله أوليس في امكاننا ان نقول ان تيوفيل گوتييه انما قدم من خلال هذا النص التاريخي مرافعة حول التسامح والتعايش،يا ترى؟ وحتى إذا لم يكن هذا هومراده، فإن روايته تتحدث عن ذلك التسامح بصفته الأسلوب الوحيد الذي يمكّن الناس من التعايش.
انظر أيضاً
- الخروج من مصر
- الهوس بمصر القديمة