أحيحة بن الجلاح
أبوعمروأحيحة بن الجلاح بن الحريش الأوسي وكنيته أبوعمرو(توفي 130 ق.هـ/ 497م)، هوشاعر جاهلي من دهاة العرب وشجعانهم. وعاش في زمن تُبّع الأصغر أبي كَرِب حسّان ملك اليمن. وكان غنياً يحسن تدبير المال ويبيع بيع الربا بالمدينة حتى كاد يحيط بأموال أهلها، وكان يفخر بذلك بقوله:
إِنّي أكُبُّ على الزوراء أعمرها | إِنّ الكريم على الإِخوان ذوالمال |
وكان إِلى هذا شحيحاً. وقد روى المبرّد في كتابه الكامل أموراً تظهر بخله وتمسكه الشديد بأمواله. وقد اتّصف بأنه صائب الرأي حتى زعم قومه, لكثرة صوابه، حتى مع أحيحة تابعاً من الجن.
حياته
كان لأحيحة مزارع وأملاك، وكان له تسع وتسعون بئراً يأخذ منها الماء، وكان له أُطُمان (أي حصنان) المستظلّ والضحيان، وقد تحصّن في الضحيان عندما قاتل أبا كرب تبّع بن حسان. وكان تبّع قد أقبل من اليمن يريد المشرق فمرّ بالمدينة وهجر فيها ابناً له ومضى إِلى الشام فالعراق، وفي المشقّر اتىه خبر مقتل ابنه غيلة، فكرَّ راجعاً وهومجمع على تخريب المدينة وبتر نخلها وإِفناء أهلها. ثم أمر حتى يأتيه أشراف المدينة وكان أحيحة بينهم، وظنّ الأشراف حتى تبّع قادم كي يملكهم على أهل يثرب، إِلا حتى أحيحة فطن إِلى ما كان يبيته تبّع من الغدر، فاستأذن بالذهاب إِلى خبائه، وهناك أمر قينته حتى تغني، حتى إِذا نام الحرس الذين وضعهم تبّع عليه، نطق لها: أنا ذاهبٌ إِلى أهلي فشدّي عليك الخباء، فإِذا اتى رسول الملك فقولي له: هونائم، فإن أبَوا إِلاّ حتى يوقظوني فقولي: قد عاد إِلى أهله، وأوفدني إلى الملك برسالة، فإِن مضىوا بك إِليه فقولي له: يقول لك أحيحة: اغدر بقينة أودَعْ.
فلما انطلق إِلى قومه تبعته كتيبة من خيل تبّع تطلب قتله فوجدوه قد تحصّن بأطمه الضَحيان، فحاصروه ثلاثة أيام يقاتلهم بالنهار ويرميهم بالنبل والحجارة، ويرمي إِليهم بالليل بالتمر، فلمّا لم يقدروا عليه أمرهم تبّع حتى يحرقوا نخله.
تزوج أحيحة من سَلمى بنت عمروبن زيد من بني عدي بن النجّار، وكانت امرأة شريفة لا تتزوج أحداً إِلاّ وأمرها بيدها.
وفي إِحدى المناوشات القبلية اغتال أحيحة رجلاً من بني النجّار، وكان أخاً لعاصم بن عمرو، فأراد هذا حتى يقتل أحيحة ليأخذ بثأر أخيه, فلم يستطع حتى ينال منه, حينئذٍ عزم أحيحة على الإِغارة على بني النجار ليؤدب عاصماً ويتخلص منه, فلمّا فهمت سلمى بذلك احتالت في مغادرة بيتها بالتدلي من الحصن وانطلقت إِلى قومها فأنذرتهم وحذّرتهم، فاستعدّوا، فلما أقبل أحيحة لم يكن بينهم قتال شديد ورأى القوم على حذر, فلما عاد افتقد امرأته فلم يجدها, فنطق: هذا عمل سلمى، خدعتني حتى بلغت ما أرادت. وسمّاها لذلك قومها المتدلّية وقد نطق أحيحة في ذلك شعراً.
ما سلمى فقد تزوجت بعده هاشم بن عبد مناف حين قدم المدينة فولدت منه عبد المطلب، فأولادها من أحيحة هم إِخوة عبد المطلب جدّ الرسول محمد لأبيه.
شعره
اشتهر أحيحة بشعره، فقد اختار منه أبوزيد القرشي في جمهرة أشعار العرب قصيدة جعلها من الممضىات ومطلعها:
صحَوت عن الصِبا والدهرُ غولُ | ونفس المــــرءِ آونـــةً قَتــــول |
كما انتخب منه البحتري في حماسته، وأورد الأصمعي قصيدة له في مختاراته، وتناقلت شيئاً منه خط الأدب. غير أنّ شعره لم يجمع في ديوان حتى اليوم، وتصف قصائده التي وصلت إِلينا جوانب حياته الخاصة ونظرته إِلى الحياة والناس والمال، كما تصف تخلّيه عن مجالس لهوه في سبيل جمع المال وهجره من أجل ذلك الشهوات التي تتطلب حتى يبذل لها.
وشعره سهل مستساغ وإِن كان لا ينفرد فيه بميزة فنية خاصة، إِلاّ في أبيات قليلة، وهولا يخلومن عبرة أوحكمة، وهوفي شعره سيئ الظن بالحياة التي تغتال أبناءها.
المصادر
- ^ ج.ت. "أُحيحة بن الجُلاح". الموسوعة العربية. Retrieved 2011-06-18.
المراجع
- الأعلام للزركلي.
- أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني, جزء15( ط: دار الخط المصرية).