محمد بن رائق

عودة للموسوعة

محمد بن رائق

محمد بن رائق الموصلي
أمير الأمراء في الخلافة العباسية
في المنصب
21 سبتمبر 941 – 13 فبراير 942
العاهل المتقي
سبقه Kurankij
خلفه أبوعبد الله البريدي (كـوزير)
أمير الأمراء في الخلافة العباسية
في المنصب
10 نوفمبر 936 –تسعة سبتمبر 938
العاهل الراضي
سبقه لا أحد
خلفه بجكم
تفاصيل شخصية
توفي 13 فبراير 942

أبوبكر محمد بن رائق الموصلي هوالمسؤول الأعلى مقاما في الخلافة العباسية، والذي استغل ضعف الخلافة ليصبح أول أمير أمراء الخلافة العباسية في عام 936. خلع من قبل قادة القوات الهجرية عام 938 لكنه استعاد منصبه في عام 941 وحافظ عليه الا ان اغتيل في 13 فبراير 942 (330 هـ).

حياته

كان والد ابن رائق من أصل خزري وعمل كضابط عسكري في عهد الخليفة المعتمد (892-902) . وفي عهد الخليفة المقتدر (908-932) عمل كرئيس للشرطة وحاجب . بعد خلع وقتل المقتدر وتبوؤ القادر للخلافة (932-934)، هاجر ابن رائق من بغداد على الرغم من ذلك فقد سمي حاكما للبصرة ، ورجع ليحابي الخليفة ويحصل على حكم واسط عندما تبوؤ الراضي الخلافة (934-940) . الانقلابات العسكرية المتتالية والصراع العنيف للسيطرة على الخلافة في ذلك الوقت عمل على اضعاف الحكومة المركزية. السيطرة الفعالة من المغرب إلى خراسان فقدت لفترة طويلة ، لكن السلالات المحلية المستقلة ذاتيا ظهرت في المحافظات القريبة من العراق وسوريا ومصر والتي حكمها الأخشيديين والحمدانيين الذين سيطروا على الجزيرة _ هي السهل بين نهري دجلة والفرات في اعالي بلاد الرافدين_ ، بينما كانت معظم إيران يحكمها الديلميين ، ومن بين هذه السلالات اصبح البويهيين هم المسيطرين . حتى في العراق نفسه كانت سلطة الخلافة تقابل تحديات داخلية ، ففي البصرة اسست عائلة البريديين حكمها الخاص ، وحتى عائدات الضرائب رفضوا ارسالها إلى بغداد ، واسسوا اتصالات جديدة مع البويهيين في بلاد فارس .

في اجواء التفكك التي كانت سائدة آنذاك رفض ابن رائق ارسال خراج ولايته إلى بغداد . حاول ابن مقلة وزير الخليفة استعادة السيطرة المركزية لكن بعثته ضد الحمدانيين عام 935 فشلت في تحقيق اي نتائج دائمة ، وحملته ضد ابن الرائق في الربيع التالي فشلت حتى في النزول وهونفسه _ابن مقلة _ تم اعتنطقه . اصبح الراضي مجبر على طلب الدعم من ابن رائق على الرغم من انه رفض هكذا عرض في عام 935. إلى غير ذلك في عام 936 عاد ابن رائق إلى بغداد وتولى السيطرة على حكومة الخلافة بلقب أمير الأمراء. مهام وظيفته تنطوي على السيطرة الكاملة على الجيش بالإضافة إلى الاشراف على الادارة المدنية . وحرم الخليفة من ابداء اي رأي في شؤون الدولة واصبح دوره رمزي بحت.

كانت النادىئم الرئيسية لنظام ابن رائق متمثلة بالقوات الهجرية بقيادة بجكم وتوزون تحت امرة ماردافيج . للمحافظة على مسقطه ، قام ابن رائق بذبح حراس الخليفة القدماء للقضاء على اخر جزء من القوات الموالية للعباسيين . سرعان ما ضعفت سلطة ابن رائق عندما سقط مع البرديين في الأهواز ، وهم اول من قدم له الدعم للوصول إلى السلطة . عندما حاول منعهم من اقليمهم فتح البريديين اتصالات مع البويهيين . السخط الذي كان بين القوات الهجرية قاد إلى سقوطه ، القوات الهجرية التي كانت تحت امرة بجكم انتفضت ضده وبعد قتال قصير اصبح بجكم أمير الأمراء الجديد في سبتمبر عام 938 ، بينما ارسل ابن رائق ليحكم ديار مضر . الصراع بين ابن رائق وبجكم كان طويل الامد وكانت له نتائج كارثية . في محاولته لعرقلة تقدم بجكم نحوبغداد ، امر ابن رائق بسد قناة النهروان للإغراق الريف . هذا لم يفد ابن رائق بل على العكس فقد اضعف ذلك الزراعة المحلية في الريف بشكل كبير ، بما ان القناة كانت تلعب دورا رئيسيا في نظام الري القديم لأرض السواد . خط هيوان كينيدي : " ان خرق قناة النهروان كان المثال الاكثر دراماتيكية لظاهرة واسعة النطاق في ذلك الوقت ، وكانت رمز لنهاية القوة العباسية ، كما كان انهيار سد مأرب رمز لنهاية ازدهار جنوب الجزيرة العربية قبل الإسلام " . بقي بحكم اميرا للأمراء حتى وفاته عام 941 ، عند ذلك استغل ابن رائق الفرصة لاستعادة منصبه . ابعد ابن رائق كورانكيج وريث بجكم وبذلك استعاد لقبه ومنصبه كأمير الأمراء في سبتمبر عام 941 . لم يتمتع بفوزه لفترة طويلة ففي ابريل عام 942 أغتيل ابن رائق بأوامر من أمير الحمدانيين نصير الدولة الذي خلفه كأمير الأمراء.


الشاعر المتنبي وابن رائق

هل مدح الشعراءُ القائد العسكري إبن رائق ،يا ترى؟ ليس لديّ جواب عن هذا السؤال سوى حتى الشاعر أبا الطيّب المتنبي قد ذكر إسمَ هذا الرجل عَرَضاً في واحدةٍ من قصائده الثماني والعشرين ( طويلة وقصيرة ) التي نظمها لأمير طَبَرية أبي الحُسين بَدْر بن عمّار بن إسماعيل الأَسَدي الطبرستاني. نطق المتنبي (1) قصيدة (( ومنْ يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ )) التي مدح فيها بدراً بن عمّار على الأرجح في آواخر عام 329 أوقُبيل مقتل إبن رائق عام 330 الهجري. في ربيع الأول عام 329 بويع المتقي لله خليفةً على المسلمين و(( غلبَ على أمره أبوالوفاء توزون الهجري )) (2). لذا فقد ذكر الشاعر أبوالطيّب المتنبي في هذه القصيدة إسم الخليفة الجديد المتقي لله ولكن بعد ذكره لأمير قادته إبن رائق. غير المتقي لم يذكرْ المتنبي في شعره أيا من خلفاء بني العباس الستة الذين عاصرهم وهم حسب سياق تسلسل خلافتهم الزمني / المقتدر والقاهر والراضي والمتقي والمستكفي والمُطيع. نطق المتنبي في القصيدة موضوعة البحث وفي معرض مديحه لبدر بن عمّار الأسدي :

حسامٌ لابنِ رائقٍ المُرجّى حسامُ المُتقّي أيامَ صالا

وكما يشير هذا البيت، وضع الشاعرُ إبن رائق فوق إبن عمّار، فهذا حسامٌ لذاك. لكنه وكما هومتسقط وضع إبن رائق في منزلة أدنى من منزلة الخليفة المتقي لله : إنه حسام المتقي. مطلع هذه القصيدة أجمل ما فيها :

بقائي شاءَ ليس همُ إرتحالا وحُسنَ الصبرِ زمّوا لا الجِمالا

لعل من المناسب حتى أذكرَ أنَّ المتنبي قد تطرق إلى ذكر إبن رائق في قصيدتين أُخريين ليس شعرا ولكن ذكرا عابرا في مقدمة هاتين القصيدتين. ففي مقدمة قصيدة (( وحيدُ بني آدم )) نطق المتنبي : (( يمدح أبا الحسين بدر بن عمار بن إسماعيل الأسدي الطبرستاني وهويومئذٍ يتولى حرب طبرية من قبل أبي بكرٍ محمد بن رائق سنة 328 هجرية 939 ميلادية )). يحسن بي حتى ألفت النظر أنه في عام 328 كان ما زال الراضي خليفةً في بغداد وليس المتقي الذي بويع (( لعشرٍ خلون من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة )). أردتُ حتى أقولَ حتى إبن رائق قد خدم كلاّ من الراضي والمتقي قائدا أعلى لجيوش بغداد. وكان بدر بن عمّار تحت إمرته. وفي مقدمة قصيدة قصيرة من أربعة أبيات خط المتنبي : (( وردَ كتاب من إبن رائق على بدر بإضافة الساحل إلى عمله فنطق أبوالطّيب )) :

تُهنّا بصُورٍ أمْ نُهنَئها بكا وقلَّ الذي صُورٌ وأنتَ له لكا

كان إبن عمار أميرا على طبرية فأضاف إبنُ رائقٍ إليه إمرة الساحل. وهنا ذكر المتنبي إسم مدينة صُور الساحلية التي تقع اليوم جنوب لبنان. يتبادر إلى الذهن سؤال وجيه : لِمّ لمْ يمدح المتنبي قائدا عسكريا معروفا وكان فوق رجال حرب زمانه سلطانا وقدرةً ،يا ترى؟ ألأنَّ المتنبي ما كان يومها ميّالاً للحروب وما كان أصلا يود التقرب من قادة الحرب ،يا ترى؟ أم لأن إبن رائق الموصلي ما كان ذا مالٍ جمٍّ وسعة يدٍ وكَرَم ،يا ترى؟ أم لأن إبن رائق هذا ما كان يعهد المتنبي ولم تنعقد بينهما أيةُ آواصر للمودّة والصداقة ؟ من غير الود والصداقة الحميمة والعطاء السخي أوالمناسب، فضلا عن شهامة وشجاعة الممدوح، ما كان الشاعر ليمدح أحداً.

المسعودي وإبن رائق

لم يذكر المسعودي في كتابه مروج المضى ومعادن الجوهر إبن رائق إلاّ في زمن الخليفة الراضي ( 322 - 329 هجرية ) والخليفة المتقي لله ( 329 - 333 هجرية ). كما أنه لم يتوسع في تفصيل ذكر أخبار هذا الرجل مكتفيا بالقول إنَّ تفصيلات كثيرة حوله قد وردتْ في كتابيه ( الكتاب الأوسط ) وكتاب ( أخبار الزمان ) اللذين لم يصلا إلينا مع شديد الأسف. بالحساب البسيط يتضحُ لنا أنَّ إبنَ رائق ظهر على مسرح السياسة والحروب شخصيةً مؤثّرة وقائداً معروفاً في فترة لا تتجاوز الثمانية أعوام. أي الفترة الواقعة ما بين عام 322 الهجري حتى مقتله ( إبن رائق ) في زمن الخليفة المتقي عام 330 الهجري.

لم يستطعْ بجكم وتوزون التُركيان ولا كورتَكين الديلمي من القضاء على هذا القائد العسكري العراقي لكن، للأسف الشديد، قتله غِيلةً أميرُ الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله الحمداني، شقيق علي بن عبد الله سيف الدولة الحمداني.


حروب ابن رائق

في زمن الخليفة الراضي بالله العباسي ( 322 - 329 للهجرة )

( مرداويج، أي مُعلِّق الرجال )

يُسهب المسعودي (3) في سرد وقائع الحروب والفتن التي سقطت في زمن خلافة الخليفة المقتدر العباسي ( 295 - 320 ) حتى صعود نجم رجل ينطق له مرداويج.

كان مرداويج هذا صاحب جيش ومن أصحاب رجل من الجبل يدعى أسفار ابن شيرويه. وسيرة أسفار إبن شيرويه هذا تستحق الذكر. فلقد إختاره عام 317 الهجري صاحب خراسان للخليفة المقتدر المدعونصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد قائداً لقتال جيوش الحسن بن القاسم الحسني الملقب بالداعي الحسني. كان هذا الداعي الحسني على رأس جيش من الجبل والديلم مُنشقاً على المقتدر خليفة بغداد. كانت الحرب أولا على بلاد طبرستان ثم إنتقلت إلى الري. لقد إنتصر أسفار إبن شيرويه في نهاية الأمر وإنهزم الداعي الحسني بين يديه. وإستولى أسفار على بلاد طبرستان والري وجرجان وقزوين وزنجان وأبهر وقُم وهمذان والكرخ ( هكذا وردت ) ونادى لصاحب خراسان نصر بن أحمد بن إسماعيل وهوأميرها للخليفة المقتدر. ما الذي وقع بعد ذلك ،يا ترى؟ يقول المسعودي (3) :

(( ... وعَظُمت جيوشهُ وكَثُرت عدّته فتجبر وطغى وكان لا يدين بملّة الإسلام وعصى صاحب خراسان وخالف عليه وأراد حتى يعقدَ التاجَ على رأسه وينصب بالري سريراً من مضى للمُلْك... فسيّرَ المقتدرُ هارون بن غريب في الحال إلى قزوين فكانت له معه حروب فإنكشف هارون وقُتِل من أصحابه خلقٌ كثير ... )). وتدور الدوائر على أسفار إبن شيرويه فيقتله صاحبه السابق مرداويج. ثم تدور عجلة التأريخ فيعلوشأن مرداويج (( وتكثر جيوشه ويشتد أمره ويُفرّقُ قواده في بلاد قم وكرخ إبن أبي دُلَف والبرج وهمذان وأبهر وزنجان )) ويشق بدوره عصا الطاعة على خليفة بغداد ( السلطان ). وكان في همذان جيش للسلطان ( الخليفة ) يقوده أبوعبد الله محمد بن خَلَف الدينوري. وعاون أهلُ همذان أصحاب السلطان فقُتِل من رجال مرداويج خلق كثير من الديلم والجبل. ثم ينتقم من أهل همذان شر إنتقام جرّاء قتلهم لإبن أخته الذي كان بدوره يقود جيشاً. وينتقل إلى مدينة الدينور فيستبيحها ويقتل حتى المستورين والصوفية والزهّاد ويبيح الأموال والدماء والفروج.


مرداويج وإبن رائق

ومن أصبهان يتجه مرداويج إلى محمد بن رائق وهوبالرقة من بلاد ديار مُضر. حين قصده مرداويج، كان إبن رائق على ما يظهر متأهبا لمحاربة الإخشيد محمد إبن طَغَج تطبيقا لآوامر خليفة بغداد. فلقد كانت الحرب لا تكاد تضع أوزارها حتى تستعر ثانيةً بين بغداد وإخشيد مصر. وكانت ساحاتها بعض مدن ومناطق بلاد الشام.

يقول المسعودي (4) إذا أحد قادة إبن رائق المدعورافع القرمطي إحتال على مرداويج وتمكن من الإستفراد به وعزله عن عسكره ثم ألقاهُ في ماء نهر الفرات مُقيَّداً (كيف لم يمت ،يا ترى؟ ). ويعيد مرداويج سيرةَ سيده الذي ذبحه أسفار إبن شيرويه (( فطغى وتكبّرَ وعَظُمت جيوشه وأمواله وعساكره وضرب سريراً من المضى رُصِّع بالجواهر وعُمِلت له بدلة وتاج من المضى وجمع في ذلك أنواع الجواهر)). ثم يلقى ذات مصير سيده الذي خان، فيقتله سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة هجرية ( 323 ) في زمن الراضي رجلٌ هجريُّ الأصل من خاصة رجاله يُسمى بجكم يساعده هجريٌّ آخر يُسمّى توزون. وسيلعبُ هذان الرجلان فيما بعد أدواراً خطيرة في تأريخ دولة بني العباس في بغداد من تنصيب وخلع وقتل بعض الخلفاء.

بجكم وإبن رائق الموصلي

يقول المسعودي (5) :

(( ... وسار بجكم الهجري فيمن معه من الأتراك وقد جمعوا أنفسهم إلى أنْ يخلصوا من الديلم. وسار إلى بلاد الدينور فجبى منها الخراج وأخذ كثيراً من الأموال. وسارَ إلى النهروان على أقل من يومين من مدينة السلام فراسل الراضي وكان الغالب على أمره الساجية وعدّةٌ من الغلمان الحجرية فأبوا أنْ يهجروه يصل الحضرة خوفاً أنْ يغلبَ على الدولة. فمضى بجكم لما مُنِعَ من الحضرة إلى واسط إلى محمد بن رائق وكان مُقيما بها فأدناه وحيّاهُ ...، وقويَ أمرُ بجكم وإصطنع الرجال وضعف أمرُ إبن رائق ... )). يظهرُ حتى العام 323 الهجري كان عاماً حاسماً بالنسبة لمحمد بن رائق. ففيه يصمد أمام رجلين قويين خطرين هما مرداويج الديلمي وبجكم الهجري. يذكر المسعودي (5) أنَّ إبن رائق إختفى بعد حتى ضَعُفَ أمرهُ أمام بجكم الهجري. وإذ قد خلا الجولهذا ينجح في الوصول إلى حضرة الخليفة الراضي بالله ثم يرافقه في خروجه إلى ديار بني حمدان وديار ربيعة من بلاد الموصل لقتال الحسن بن عبد الله ناصر الدولة الحمداني أمير الموصل.

ما سبب وجود محمد بن رائق في واسط ؟،يا ترى؟ ألقتال البريديين الذين ثاروا في البصرة وإمتدتْ ثورتهم حتى واسط ومن ثم إشتدَّ أمرهم مع بداية خلافة المتقي ؟؟؟

يبدوحتى إختفاء إبن رائق عبر بجكم الهجري كان أمرَ خطةٍ مدروسة جيداً، وهوالذي يُجيد وضع خطط الحرب كرّاً وفرّاً، وهوالقائد الشجاع والمتمرس وذوالعقلية العسكرية ( الستراتيجية ) بلغة زماننا. فما حتى عهد بخروج الخليفة وبجكم من بغداد متجهين صوب الموصل حتى باغتَ أهلها بدخوله دخول القائد المُظّفر (( ومعاونة الغوغاء له )) فيسير إلى دار السلطان ( الخليفة الراضي ) ويقتلُ شخصا إسمه إبن بدر السيرافي. ثم يخرج من الحضرة ويتجه إلى ديار مضر يقود جيشاً من الجبل ومن أنصاره القرامطة تحت قيادة عُمارة القرمطي ورافع القرمطي الذي تجاوز له وأن إستدرج في فخ محكم الديلمي مرداويج ثم ألقاه مُقيّداً في نهر الفرات حين قصد هذا الرِقّة لقتال إبن رائق كما رأينا سابقاً.

لماذا يٌسيّرُ إبن رائق مثل هذا الجيش إلى ديار مُضر وينزل الرقة ثم يتجه نحوجند قنسرين والعواصم في حين كان الخليفة الراضي وبجكم الهجري في بلاد الموصل القريبة منها ،يا ترى؟ وقائع التأريخ تقول إنَّ إبن رائق قد سعى إلى إخراج طريفاً السُكّري من جند قنسرين والعواصم ليتولى هوأمرالثغر الشامي. ليس واضحاً من الذي قام بقتل طريف السُكّري سنة 328 هجرية. هل قتله إبن رائق في حملته هذه، أم قتله غيره في مناسبة أخرى،يا ترى؟ هل كان طريفٌ هذا والياً للإخشيديين على بلاد الشام ،يا ترى؟

معارك إبن رائق كما يُثبّتها المسعودي مع الإخشيديين تُرجّح هذا الإحتمال. يقول المسعودي عن ابن رائق (5):

... ومحاربته الإخشيد محمد بن طغج بالعريش من بلاد مصر وإنكشافه ورجوعه إلى دمشق وما كان من قتله لأخي الإخشيد محمد إبن طغج باللجون من بلاد الأُردّن, ما كان قبل سقطة العريش بينه وبين عبد الله بن طغج وما كان معه من القوّاد ...

وكانت ملحمة كبيرة بالعريش ، فرد إلى دمشق ، وأقام بها أزيد من سنة ثم بلغه مصرع بجكم ، فسار إلى بغداد، فخلع عليه المتقي خلعة الملك بعد أمور يطول شرحها ثم سار بالمتقي إلى الموصل فمد له ناصر الدولة أميرها سماطاً، فقتله بعد السماط، وكان متأدبا شاعرا بطلا شجاعا ، شديد الوطأة.

في زمن الخليفة العباسي المتقي لله ( 329 - 333 للهجرة )

قُتِلَ بجكم الهجري في رجب من عام 329 ...ربّما خلال إضطرابات الأكراد في واسط أومن قِبَل كورتكين الديلمي الذي إستولى على جيشه. وعلى أثر مقتل بجكم الهجري ينحدر إبن رائق من بلاد الشام ويحاربُ كورتكين في عكبرا، ثم يُخاتله ويدخل الحضرة وتقع بينهما معركة بالحضرة ينهزم كورتكين فيها فيستولي إبن رائق على الأمر. ثم إنَّ البريديين يدخلون الحضرة فيُضطَرُ الخليفةُ المتقي إلى الخروج مع إبن رائق منها.

طه حسين وإبن رائق

ذكر طه حسين إبنَ رائق الموصلي في كتابه (( من تأريخ الأدب العربي / مع المتنبي / العصر العباسي الثاني / الجزء الثالث )) (10) سبع مراتٍ إذا لم يَخُني الحساب. ذَكرهُ ذِكرا عابراً في سياق بحثه وتقصيه لحياة وأسفار وأشعار أبي الطيّب المتنبي في فترة تقلّبه ما بين مدن بلاد الشام المتنوعة مادحاً هذا أوذاك من الرجال. لم يتعرضْ طه حسين لأية تفصيلات تخص حياة أبي بَكْرٍ محمد بن رائق المَوْصِلي. لذلك تظل أمورٌ كثيرة غامضة أحاطت بسيرة حياة هذا الرجل الذي ظلمه فقتله بنوحمدان وأهمله التأريخ فلم يفسح له المؤرخون المكان والذِكرالذي يستحق. اتى ذكرُ محمدٍ بن رائق في كتاب طه حسين على الصفحات 65، 111، 115، 130، 138، 141، وأخيراً على الصفحة 173. عملى سبيل المثال نطق طه حسين على الصفحة 111 وقد بلغ المتنبي الخامسةَ والعشرين من العمر، أي في عام 328 الهجري ما يلي : (( ... في هذا الوقت إضطرب الأمرُ بين العباسيين والإخشيديين. وأقبل إبنُ رائق على قسمٍ عظيمٍ من سوريا الجنوبية. وجعل إبنُ رائق على حربه في طَبَريّة بدر بن عمّار الأسدي )). وعلى الصفحة 115 اتى ذِكْرُ إبن رائق على الصورة التالية : ((... فقد يُخيّلُ إليَّ، بل أكادُ أُرجّحُ أنَّ المتنبي إتخذ هذا الرجل - يقصد هارون بن عبد العزيز الأَوراجي المحرر الذي كان يمضى ممضى التصوّف - وسيلةً إلى بدر بن عمّار. من يدري ! لعله كان يريدُ أنْ يتخذَ بدر بن عمّار وسيلةً إلى مولاه إبن رائق )).

على الصفحة 141 نطق طه حسين : ((... فهذا إبن رائق في أواسط سنة تسع وعشرين وثلاثمائة قد هجرَ الشام وعاد إلى بغداد، هجرها ومعه بدر بن عمّار. ... على أنَّ سنة ثلاثين وثلاثمائة لا تكاد تتقدم حتى يُقتل إبن رائق، يقتله ناصر الدولة أخوسيف الدولة الحمداني. هناك ينهض الإخشيد لإسترجاع الشام...)). هذه هي أبرز المواضع التي ذكر فيها طه حسين القائدَ العسكري إبن رائق. وهي في أحسن أحوالها معلومات شحيحة متواضعة لا تُغني ولا تكفي مؤونة الباحث. والرجل معذور، لإنه كان معنياً بالدرجة الأولى بالأدب وخاصة بالمتنبي رجلا وشاعراً، أوشاعراً ثم رجلا. فإلى أين يتجه الباحث في محاولاته لتقصّي تأريخ حياة القائد العسكري العراقي إبن رائق ؟ أجل، إلى أين ؟،يا ترى؟ ومن الذي تخصص من الباحثين والمؤرخين في تأريخ الحقبة الزمنية القصيرة الممتدة ما بين عام 322 وعام 330 الهجريين ( زمن خلافة الراضي وأوائل سنيِّ المُتّقي ) ،يا ترى؟


الهوامش

1- ديوان المتنبي ( الصفحات 139 - 142 ) . دار بيروت للطباعة والنشر. 1980 2- المسعودي "معادن المضى والجوهر " الجزء الرابع ( الصفحة 247 ). دار الأندلس. بيروت. الطبعة الرابعة 1981. 3- المصدر الثاني / الصفحة 280. 4- المصدر الثاني / الصفحة 287. 5- المصدر الثاني / الصفحات 288 - 289. 6- المُنجِد في الأعلام واللغة / الطبعة الثانية والعشرون. دار المشرق، بيروت 1975. 7- المصدر الثاني / الصفحة 231. 8- المصدر الثاني / الصفحة 229. 9- المصدر الثاني / الصفحة 217. 10- طه حسين ( تأريخ الأدب العربي ) / العصر العباسي الثاني. الجزء الثالث. دار الفهم للملايين. بيروت، الطبعة الثالثة 1980.

الهامش

  1. ^ Donohue (2003), p. 9

المصادر

Kennedy, Hugh (2004), The Prophet and the Age of the Caliphates: The Islamic Near East from the 6th to the 11th Century (Second Edition), Edinburgh: Pearson Education Ltd., ISBN 0-582-40525-4 Sourdel, Dominique (1986). "Ibn Rāʾiḳ". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. p. 902. ISBN 90-04-08118-6.

  • Donohue, John J. (2003). . Leiden and Boston: BRILL. ISBN .
  • Kennedy, Hugh N. (2004). (Second ed.). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. ISBN .
  • Sourdel, Dominique (1986). "Ibn Rāʾiḳ". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. p. 902. ISBN .
  • الحوار المتمدن


سبقه
Kurankij
أمير الأمراء في الخلافة العباسية
21 سبتمبر 941 – 13 فبراير 942
تبعه
أبوعبد الله البريدي
بصفته وزير
لقب حديث أمير الأمراء في الخلافة العباسية
10 نوفمبر 936 –تسعة سبتمبر 938
تبعه
بجكم
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:41:51
التصنيفات: مغتالون, Year of birth missing, 10th-century rulers in Asia, وفيات 942, أشخاص من الموصل, مواليد القرن التاسع, العراق في الخلافة العباسية, العراق في العصر العباسي, عراقيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أبواب مفتوحة حول الرياضة العسكرية بقسنطينة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:24:50
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

رسميًا.. مدرب باريس سان جيرمان يُعلن رحيل ميسي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:25:26
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

تخصيص موقع لخام الملح كمجمع تعديني بمركز القصب

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:25:35
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

صندوق الاستثمارات العامة يوقع اتفاقية لتملك حصة 30% في أسواق التميمي

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:24:03
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 45%

"صندوق الاستثمارات العامة" يستحوذ على 30 % من أسواق التميمي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:25:28
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات من الوطن ابتداء من اليوم الخميس

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:24:35
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

وزير الخارجية يلتقي نظيره الهندي - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:23:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

تأثير رونالدو يقود النصر لجولة خارجية على غرار الأندية العالمية

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:25:33
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

على خطى "رانيا" و"ديانا".. رجوة آل سيف تخطف قلوب الملايين

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:25:31
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

إشادات واسعة بياسين بونو بعد تألقه في نهائي "يوروبا ليغ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:26:04
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

إشادات واسعة بياسين بونو بعد تألقه في نهائي "يوروبا ليغ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:26:09
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية