معركة دير العاقول
معركة دير العاقول | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
خريطة توضح مسقط المعركة، والطرق التي سلكها الجيش الصفاري (بالأحمر) والجيش العباسي (بالأزرق) | |||||||
| |||||||
الخصوم | |||||||
الصفاريون | العباسيون | ||||||
القادة والزعماء | |||||||
يعقوب بن الليث الصفار أبوالساج دوداد |
الموفق موسى بن بغا مسرور البلخي |
||||||
القوات | |||||||
نحو10,000 | >10,000 |
معركة دير العاقول (8 أبريل 876) نشبت بين القوات الصفارية بقيادة الأمير يعقوب بن الليث والخلافة العباسية، وجرت احداثها في منطقة بلدة دير العاقول التي تبعد عن بغداد حوالي 80 كم جنوب غرب. وانتهت بنصر حاسم للعباسيين واجبار يعقوب على ايقاف توغله داخل العراق.
منطقة دير العاقول كانت البلدة المركزية في منطقة الأراضي الخصبة مما جعلها البلدة الاكثر اهمية على نهر دجلة بين بغداد وواسط.
خلفية
منذ اغتيال الخليفة المتوكل سنة 861 والخلافة العباسية تعيش حالة من الاضطراب ( فوضى سامراء ) . بذلت قوات الجيش الهجرية جهدها ليبقى زمام الامور بأيديهم، وكان يتم إسقاط أي خليفة لا يرضي أولا يستجيب لمطالبها. بين موت المتوكل وتولي المعتمد على الله للخلافة سنة 870 ، لقوا ثلاث خلفاء حتفهم بطريقة عنيفة. وصلت سمعة الخلفاء ومكانتهم في تلك الفترة إلى درجة كبيرة من الضعف بسبب ممارسات الاتراك الغير مسبوقة للسيطرة على الامبراطورية، واستنزاف الخلفاء للثروات بشكل غير مسبوق لزيادة قوتهم.
بسبب تدهور الوضع في العاصمة، استغلت مجموعات مختلفة في اجزاء مختلفة من الامبراطورية فترة الضعف التي تمر بها الخلافة. في طبرستان سيطرت سلالة الزيدي على الحكم عام 864. وفي عام 868 أعرب القائد الهجري أحمد بن طولون سيطرته على مصر واستقلاله عن سامراء عام 869. بدأت ثورة الزنج في خوزستان والجزء الجنوبي من العراق والتي شكلت خطرا حقيقيا على الخلافة في تلك المنطقة.
في بلاد فارس كان الخطر الأهم الذي يهدد الخلافة متمثلا بالصفاري يعقوب بن الليث الصفار. وصل يعقوب إلى السلطة عام 861 في سيستان. التي كانت بيد فرق ايار منذ عام 854 . بدأ يعقوب بالتوسع سريعا وفي عام 873 سيطر على خراسان وعطل حكم الطاهريين _الذين كانوا حكام موالين للخلافة العباسية. وبذلك بسط سيطرته على معظم اجزاء شرق ووسط إيران بالإضافة إلى مناطق من أفغانستان.
في سامراء، بدأت المصالحة بين الاتراك والخلفاء العباسيين في عهد المعتمد على الله (870-892). كان الموفق _اخوالمعتمد على الله_ سبب نجاح هذه المصالحة، فقد كانت لديه علاقات جيدة مع القادة الاتراك مثل موسى بن بغا ، بدأ بكسب القوة والسيطرة تدريجيا إلى ان اصبح الحاكم الرئيسي للإمبراطورية. كان موسى بن بغا مسؤولا عن حكومات عدة انطقيم شرقية ، لكنه فشل في احراز اي تقدم على الثوار ما ادى إلى استنطقته من منصبه بعد ان سيطر الموفق على تلك المناطق.
كانت الحكومة العباسية قلقة بشأن التهديد الذي يمثله الصفارين عليهم، خصوصا بعد ان احتل يعقوب بلاد فارس من محمد بن واصل في 875. تحرك يعقوب من فارس باتجاه خوزستان ، واستولى على رامهورمز في ديسمبر عام 875. وصل هذا التحرك بجيش الصفارين إلى حدود العراق. اضافة إلى جعل يعقوب اقرب إلى ثورة الزنج؛ تخوف العباسيين من ان يصبح الصفارين والزنج فرقة واحدة ضد الخلافة العباسية ، بالرغم من رفض يعقوب لعرض العبيد بأن يصبحوا حلفاءه. كان ذلك يشكل تطورا خطيرا في مسار الاحداث ، وشعر الخليفة انه لا يمتلك مصادر القوة التي تجعله يوقف تقدم يعقوب. جميع مؤيدي يعقوب في بغداد ، الذين كانوا قد سجنوا عام 873 والذين كانوا من انصاره في غزوه لخراسان، أصبحوا طلقاء. أوفد الخليفة المعتمد على الله سفيرا إلى يعقوب يعرض عليه انقد يكون حاكما لخراسان وطبرستان وبلاد فارس وجرجان والري.
شعر يعقوب ان العرض سببه ضعف موقف الخلافة لذلك رفضه وخط إلى الخليفة انه سيتقدم نحوالعاصمة. اعتبر اتراك سامراء ان هذا العرض سيؤدي إلى عزلهم وان يعقوب يمثل تهديدا لمصالحهم. بعد ان رأى الخليفة ان الاتفاق مع الصفاريين اصبح محالا لم يجد حلاً إلا الحرب وأعرب يعقوب عدوا رسميا للخلافة . في السابع من مارس عام 876، غادر الخليفة سامراء تاركا لابنه الموفق بالله مسؤولية الخلافة. وفي الخامس عشر من مارس، وصل إلى بغداد واقام معسكره هناك. سار الجيش من هناك نحوسير بني كوما حيث التحق بهم القائد مسرور البلخي بعد ان تباطأ جيش يعقوب. والتحق بجيش بالخليفة قوات اضافية.
من جهته سافر يعقوب بجيشه عبر خراسان وفي هذه الاثناء انشق قائد من جيش الخليفة والتحق به مع دخوله العراق. استطاع القائد العباسي مسرور البلخي ابطاء تقدمهم بإفاضة الاراضي الخارجية في واسط، لكن جيش الصفارين تمكن من اجتياز المنطقة ودخول واسط في 24 من اذار. بعدها غادر واسط واستعد لدخول بلدة دير العاقول التي تبعد حوالي 50 ميل عن بغداد. يذكر احد المصادر ان يعقوب في الحقيقة لم يكن يتسقط المعركة مع الخليفة وبدل ذلك كان يعتقد ان الخليفة سيرضخ لمطالب الصفارين أيا كانت. ارسل المعتمد على الله الموفق لإيقافه والتقى الجيشين في منطقة دير العاقول على نهر دجلة.
المعركة
بدأت المعركة في الثامن من نيسان. قبل بدء المعركة استعرض يعقوب قواته التي كانت يقدر عددها بما يقارب العشرة الاف. بينما كان للعباسيين التفوق العددي والفائدة من القتال على ارض معروفة بالنسبة لهم. كان مركز الجيش العباسي تحت امرة الموفق. الجناح الأيمن تحت امرة موسى بن بغا والأيسر بقيادة مسرور البلخي . وجهوا نداء اخير للصفارين للعودة بولائهم إلى الخليفة لكنهم رفضوا وبعدها بدأت المعركة.
كان القتال محتدما معظم ذلك اليوم . كان جيش الصفارين ممتنعا بعض الشي عن قتال الخليفة وجيشه. وكانت الخسائر جسيمة من كلا الطرفين ،قتل الكثير من القادة العباسيين والصفارين في المعركة. جرح يعقوب لكنه لم يهجر الميدان. مع اقتراب المساء وصلت التعزيزات لمساندة الموفق. احدث المولى نصير هجوم مضلل بمهاجمة البترات الخلفية للجيش الصفاري من قوارب في نهر دجلة واضرم النار في قافلة الامتعة والمؤونة الخاصة بالجيش الصفاري ، مما منح العباسيين تقدما اضافيا.
في النهاية بدأ الجيش الصفاري بالهروب من المعركة ،بقي يعقوب وحراسه المقربين مستمرين بالقتال لكنهم اصبحوا مجبرين على الانسحاب من الميدان بعد انسحاب جيشهم. اغرق الخليفة الاراضي خلف الصفارين قبل المعركة _كما ذكر انفا_ مما جعل الانسحاب قاسي ، الكثير من الرجال غرقوا في محاولتهم الهرب من الجيش العباسي. بخروج الصفارين السريع استطاع الموفق الاستيلاء على أمتعة يعقوب . جلب يعقوب معه الكثير من السجناء السياسيين ومنهم الطاهري محمد بن طاهر الذي سقط بيد العباسيين وتم تحريره.
النتائج
أوقفت المعركة تقدم يعقوب بشكل تام ، وبذلك انهت احد اخطر التهديدات على الخلافة في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر. لم يقم يعقوب بأي حملات اخرى على العراق. وبعد النصر قام المعتمد بتعيين عدد من افراد الحكومة للحكم في إيران، فقد عين محمد بن واصل على فارس ومحمد بن طاهر على خراسان ،لكنهم لمقد يكونوا قادرين على فرض حكمهم على الصفارين. توفي يعقوب بعد ذلك بثلاث سنوات في عام 879. توصل عمرو_ اخوه ووريثه _ إلى اتفاق سلام مع الخليفة . تمكن العباسيين من اكمال فرض سيطرتهم على عدة انطقيم ، اخمدوا ثورة الزنج عام 883. وعادت مصر وبلاد فارس إلى سيطرة العباسيين.
المصادر
- ويكيبيديا
^ Encyclopædia Iranica Bosworth, C.E. The History of the Saffarids of Sistan and the Maliks of Nimruz (247/861 to 949/1542-3). Costa Mesa, California: Mazda Publishers, 1994. Gordon, Matthew S. The Breaking of a Thousand Swords: A History of the Turkish Military of Samarra (AH 200-275/815-889 CE). Albany, New York: State University of New York Press, 2001. ISBN 0-7914-4795-2