غلام ثعلب
محمد بن عبد الواحد، أبوعمر اللغوي المطرِّز الزاهد (261-345هـ/ 874-956م)، صحب أبا العباس ثعلباً زماناً فنسب إليه وعهد بـغلام ثعلب، وأكثر من الأخذ عنه، عاش ومات في بغداد، يعدُّ في الفهماء المكثرين من حفظ اللغة، روى عن الأئمة الأثبات وروى عنه جمع غفير، وكان سليم العقل قوي الذاكرة فإذا سئل عن مسألة في اللغة أجاب عنها، فإذا نوقش فيها بعد سنة أجاب الجواب نفسه، أملى أكثر مؤلفاته مما يلقيه بلسانه من دون التعويل على كتاب يرجع إليه، ولغزارة إملاءاته قيل: إنه أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة من اللغة، ولوفرة حفظه وسعة روايته نسبه أدباء وقته إلى الكذب في نقله اللغة، واستنكروا عليه أشياء كثيرة في اللغة ونعت بها بالنحل والكذب، فلما روجعت دواوين الشعراء وخط أهل اللغة وجدت كما نطقها أبوعمر بشواهدها وأدلتها، ولاسيما كتاب «غريب المصنف» لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكان ينقل غريب اللغة وحُوشيّها.
وأما أهل الحديث فكانوا يصدقونه في روايته للحديث ويعدونه في الفهماء الأثبات ويوثقونه، وبلغ ببعض الفهماء حتى نعته بأن نطق: «لم يتحدث في فهم اللغة أحد من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد».
انصرف إلى الاشتغال بالفهم وتحصيله، وبالغ في اكتسابه، ولم يحتل لكسب قوته إلا في صنعة التطريز التي اتخذها وسيلة للعيش والارتزاق.
كان عفيف النفس طيبها، لم تأخذه الجوائز والأعطيات، وكان يحث طلابه على مكارم الأخلاق، ويرغبهم في قضاء حقوق الناس وينفرهم من هجرها والتقصير فيها، ويحضهم على قضاء حوائج المحتاجين.
عهد بميله الشديد إلى معاوية بن أبي سفيان، وبلغ به حبه له حتى جمع فضائله في جزء، واشترط لكل من أراد حتى يقرأ عليه شيئاً حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء.
من أشهر الفهماء الذين أخذ الفهم عنهم ثعلب أحمد بن يحيى وإليه نُسِبَ، ومن أشهر من أخذ عنه ولد القاضي محمد بن يوسف، وروى عنه أبوالحسن محمد بن رزقويه وأبوعلي ابن شاذان، وأكثر ما نقل أبومحمد ابن السيد البطليوسي في كتاب «المثلث» عن أبي عمر الزاهد، وحكى عنه غرائب.
أكثر من التصنيف، وعني بخط اللغة فشرحها واستدرك عليها، ويأتي في مقدمة هذه الخط كتاب «الفصيح» لشيخه ثعلب فقد استدرك عليه بكتاب سماه «فائت الفصيح»، وشرحه أيضاً، في كتاب سماه «شرح الفصيح» لثعلب، كما استدرك أيضاً على كتابي العين وجمهرة اللغة بكتابين هما «فائت العين» و«فائت الجمهرة»، وصنف كتاب «ما أنكرته الأعراب على أبي عبيد فيما رواه أوصنفه» وغير هذه المصنفات كثير.
المصادر
- إبراهيم عبد الله. "غلام ثعلب". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت 1977).
- القفطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم (مطبعة دار الخط المصرية، القاهرة 1981).