سليمان عرار
سليمان عرار (1934-سبعة نوفمبر 1998)، نائب أردني مخضرم تسلم رئاسة مجلس النواب عام 1989 ثم خسره لصالح الدكتور عربيات ، تسلم مناصب وزارية، كان امين عام حزب المستقبل، محرر وأديب، أسس المؤتمر العام للاحزاب العربية وكان امينه العام ، توفي عام 1998.
ذكر سليمان عرار العقايله بالضرورة بوصفه أول رئيس لمجلس نواب في بداية التحول إلى الديمقراطية عام 1989 ، فقد تعدّدت اهتمامات عرار حتى ضمت، إلى جانب السياسة، الصحافة والأدب والمحاماة. لكن المعركة الانتخابية التي خاضها في تلك الانتخابات الفاصلة كانت لافتة.
فقد خاضها في أجواء اتسمت ب » التنافس الشديد بين الإخوان المسلمين والقوميين، إضافة إلى التيار الوطني ممثلا بتوفيق كريشان وعبد الكريم الكباريتي »، كما يقول أكرم كريشان أحد المقربين من عرار. وعلى أرضية النظام الانتخابي السابق المعروف بنظام القائمة المفتوحة، حلّ سليمان عرار ثانياً بنيله 5590 صوتاً، تاليا ليوسف العظم الذي احتل المركز الأول بنيله 5841 صوتا، فيما شغل المقاعد الثلاثة المتبقية جميع من: زياد الشويخ (4896 صوتا) ، وهشام الشراري(4538 صوتا)، وعبد الكريم الكباريتي (4482 صوتاً). وكانت محافظة معان آنذاك تضم مناطق العقبة والشوبك ووادي موسى. هذا التنافس المصحوب بتشجيع الرفاق القوميين، ومؤازرة وتكاتف بعض الليبراليين والقوميين واليساريين والاشتراكيين والتقدميين وبعض الإسلاميين المستقلين، شجع عرار على خوض غمار رئاسة مجلس الأمة ضد يوسف مبيضين المحسوب على التيار الإسلامي ، والفوز بالمنصب ليكون أول رئيس لمجلس النواب في بداية التحول إلى الديمقراطية عام 1989 . نال عرار 44 صوتاً، في حين نال مبيضين 32 صوتاً. وقد استمر في رئاسة المجلس عاماً واحدا، خلفه بعد ذلك عبد اللطيف عربيات.
ولد عرار في معان عام 1934 وينحدر من قبيلة العقايلة من مدينة معان وهي من القبائل العريقه والقديمة التي عاشت في مدينة معان جنوب الأردن وأمضى معظم حياته في العمل العام متنقلا بين بلدته الأصلية والعاصمة. تفهم الحقوق في جامعة الإسكندرية بمصر، ونال شهادة البكالوريوس فيها في ذروة بروز الناصرية العام 1961 . ثم نال شهادة الدبلوم في القانون المدني في جامعة الرباط في المغرب. خلال مسيرته في العمل الرسمي تسلم عرار حقائب وزارية عديدة، إلا حتى اسمه ارتبط بوزارة الداخلية، إذ تسلم هذه الحقيبة مرتين في حكومتين شكلهما مضر بدران العام 1976 . ثم عهد إليه الراحل عبد الحميد شرف بمنصب وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء حين شكل حكومته عام 1979 ، واحتفظ بالمنصب نفسه إضافة إلى حقيبة الزراعة في حكومة الرئيس قاسم الريماوي عام 1980 ، قبل حتى يعود إلى وزارة الداخلية في حكومة أحمد عبيدات عام 1984 ، وخلال توليه المنصب، أشرف عرار على الانتخابات التكميلية لمجلس النواب آنذاك.
اختير سليمان عرار عضوا في المجلس الوطني الاستشاري في دوراته الثلاث (1978 - 1982)مع سعاده مقبل المومني مقبل مومني وسعادة عبد الرؤوف الروابدة وسعادة سعد هايل السرور ليصبح رئيسا له في دورته الأخيرة العام 1982 . وكان قبل ذلك قد عمل في الصحافة وشارك مع محمود الكايد وآخرين في تأسيس صحيفة الرأي التي ما لبث حتى أصبح رئيسا لتحريرها في العام 1973 ، بعد نزار الرافعي الذي كان أول رئيس تحرير لها لدى تأسيسها العام 1971 ، ثم ملحم التل العام 1972 . وقد كانت تلك المستوى مقدمة لتبوئه منصب نقيب الصحفيين في 16 / 1/ 1976 ، ولكن المفارقة التي كانت ملازمة لحياة عرار أخذته في نقلة ليست غريبة على مسيرته، من نقابة الصحفيين إلى وزارة الداخلية ليبدأ رحلة لن تطول كثيرا مع المناصب الرسمية. في كتابه «العودة إلى الأرض »، يختزل الراحل سليمان عرار، مشاعره لحظة الاقتراب من الموت، إذ يسرد تفاصيل مرعبة عن «رحلة الموت » على متن طائرة عراقية تحطمت فوق الأراضي السعودية العام 1986 ، بعد حتى كانت مسرحا لمعركة جوية بين حرسها وقراصنة جواختطفوها خلال رحلة عادية من بغداد إلى عمان. سليمان وشقيقه خالد كانا من بين قلة نجت من تلك المجزرة الجوية.
عرار الذي بدأ حياته محاميا في قصر العدل قبل حتى يحترف الصحافة، تحول في أواخر حياته إلى صناعة الأحزاب متكئا على رصيده الشعبي وشخصيته الجذابة، فبعد صدور قانون الأحزاب السياسية العام 1992 ، أسس “حزب المستقبل”، وتولى رئاسة تحرير أسبوعية “المستقبل”، لسان حال ذلك الحزب الوسطي. وفي العام 1996 أشرف على عقد مؤتمر “الأحزاب العربية” في عمان، مبتدئا مسيرة سياسية في صفوف المعارضة، حيث أنه قاطع الانتخابات اعتبارا من العام 1993 ، متضامنا في ذلك مع عدد من أحزاب المعارضة، فلم يعد إلى النيابة مرة أخرى. يذكر محمد مشرف الفقهاء، وهوشيوعي قديم، إنه عندما صدر قانون الأحزاب الأردني العام 1992 ، أعرب عرار عن تشكيل حزب “المستقبل”، ولاستقطاب أعضاء جدد قدم إلى محافظة مادبا للمشاركة في ندوة، وللدعوة للحزب في الآن نفسه، “يومذاك”، يوضح الفقهاء، “كانت مشاركتي تتلخص بأن رويت سيرة ناغمت بها بين الأسياد في الجاهلية والأسياد في الإسلام، وهي حتى خورياً مسيحياً كان قد مارس ألواناً من القمع على رعيته، فمضىوا يشتكونه إلى البابا مروراً بالمطران والبطريرك، لكن دون جدوى، فاتفقوا على التحول إلى الديانة الإسلامية، ومثل أي مسلم صالح مضى هؤلاء إلى صلاة يوم الجمعة، وهناك كانت المفاجأة، فقد اكتشفوا حتى الخوري نفسه هوالذي يؤم المصلين بعد حتى تحول إلى الإسلام، إلى غير ذلك، فإن من كان أحد سادة الأحكام العهدية، لم يلبث حتى أصبح أحد سادة التحول الديمقراطي”.
على الصعيد الشخصي، خاض عرار معركة مريرة مع القدر العام 1993 ، حين توفي ابنه محمد بطريقة عبثية وهوبعد في الثامنة عشرة من عمره، ولم يمض وقت طويل حتى عاد الموت الذي راوغه سليمان عرار في أواسط الثمانينيات ليضع حدا لحياة قصيرة نسبيا، ولكنها صاخبة بكل تأكيد. توفي سليمان عرار في 7/ 11 / 1998.
