تاريخ اليهود في روسيا

عودة للموسوعة

تاريخ اليهود في روسيا

يهود روس
היהודים הרוסיים / יהדות רוסיה
Русские Евреи




Sholom Aleichem • Isaac Levitan • Leon Bakst
گولدا مئير • مارك شاگال • Osip Mandelstam
Sergei Eisenstein • Boris Pasternak • Lev Landau
إسحاق عظيموڤ • Ayn Rand • Joseph Brodsky
Garry Kasparov • Sergey Brin • Mila Kunis
المناطق ذات التجمعات المعتبرة
 الولايات المتحدة 2,000,000
 إسرائيل 825,000–1,150,000
 روسيا 275,000
 ألمانيا 100,000
 كندا 50,000
 أستراليا 20,000
Languages
الروسية، العبرية, اليديشية.
Religion
يهودية، مسيحية
Related ethnic groups
روس، يهود، يهود أشكناز، يهود أشكناز، يهود مزراحيون
Vilna Gaon
Shneur Zalman of Liadi, founder of Chabad Lubavitch

استضافت الأراضي الشاسعة للإمبراطورية الروسية في وقت ما أعداد كبيرة من السكان اليهود في الشتات. في تلك الأراضي ازدهرت وتطورت التنطقيد الثقافية واللاهوتية اليهودية الحديثة، while also facing periods of antisemitic discriminatory policies and persecutions. في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، أتيح للكثيرين من اليهود السوڤيت فرصة سياسات الهجرة المتحررة، حيث غادر في تلك الفترة أكثر من نصف اليهود المقيمين، معظمهم إلى إسرائيل، الولايات المتحدة، وألمانيا. بالرغم من ذلك فلايزال يقيم في روسيا وبلدان الاتحاد السوڤيتي السابق أكبر عدد من التجمعات اليهودية في اوروپا.

التاريخ المبكر

الإمبراطورية الروسية

Map of the Pale of Settlement، توضح نسبة السكان اليهود
أنتون روبنشتاين
إيڤان الرهيب، أول حاكم روسي يقرر طرد اليهود من روسيا.

يعود وجود الجماعات اليهودية في روسيا إلى القرن التاسع الميلادي حين توسعت مملكة الخزر اليهودية في وادي الفولجا ومناطق أخرى من روسيا. وقد اشهجر يهود الخزر، حسبما ورد في الموروثات الشعبية الروسية، في المناظرة الدينية التي عقدت بين ممثلي الديانات التوحيدية الثلاث عام 986 أمام أمير كييف وقد اعتنق بعدها المسيحية وأصبحت الأرثوذكسية هي الدين الرسمي لروسيا. وبعد حتى استقر اليهود في المدينة باعتبارها مركزاً تجارياً يربط بين منطقة البحر الأسود وآسيا وغرب أوربا وأصبح لهم جيتوخاص بهم، قوبلوا بعداوة شديدة من بلد اعتنق المسيحية لتوه ويضم طبقة تجار بدائية للغاية.

وبعـد غزوالتتار لروسيا في القرن الثالث عشر وتدهور إمارة كييڤ، زاد النشاط التجاري لأعضاء الجماعة لأن الإمبراطورية التترية جمعت الجماعات اليهودية كافة داخل إطار سياسي واحد سهَّل عملية انتنطقهم. كما يظهر حتى التتار كانوا يعتبرون اليهود من ذوي القربى باعتبار حتى الجميع من أصل هجري.

وفي القرن الخامس عشر، ظهرت فرقة متهودة بين الروس في مدينة نوڤگورود. ورغم أنه تم القضاء عليها، فإنها عمقت مخاوف المؤسسة الدينية الأرثوذكسية من اليهود. واستمرت الحركة التجارية لأعضاء الجماعة اليهودية، مع هذا، من وإلى روسيا.

إيداروبنشتاين وُلدت في سانت پطرسبورگ.

وكان إيڤان الرهيب (1533 ـ 1584) أول حاكم روسي يقرر طرد أعضاء الجماعة اليهودية من روسيا، ويعود هذا إلى رغبته في استبعاد أية عناصر تجارية أجنبية. وبعد الفترة التي تُعهد باسم «زمن المتاعب» في التاريخ الروسي (1598 ـ 1613) والتي شهدت اعتلاء أمير بولندي العرش الروسي، ونشوب حرب أهلية، زاد عمق الرفض الروسي لليهود حيث إذا مغتصبي العرش من البولنديين أحضروا معهم كثيراً من صنائعهم اليهود. لكل هذا، مُنع أعضاء الجماعات اليهودية من دخول روسـيا إلا لأسـباب خاصة مثل حضـور سـوق تجاري أوغيره من الأسباب. وظل هذا الحظر أحد ثوابت السياسة الروسية حتى تقسيم بولندا في أواخر القرن الثامن عشر.

ولعل خوف روسيا القيصرية من أعضاء الجماعات اليهودية هوخوف العناصر الزراعية التقليدية من عنصر غريب له علاقات دولية واسعة في دولة جديدة لم تكن سلطتها قد تدعمت بعد (ولم تتدعم لمدة طويلة نظراً لترامي أطراف البلاد ونظراً لأنه عنصر تجاري له مصالحه المالية الخاصة التي لا تتفق بالضرورة مع مصالح الدولة). كما حتى هناك قوى اجتماعية داخل روسيا لم يكن في صالحها البتة السماح لليهود بالاستقرار، من أهمها التجار الروس الذين كانوا يرزحون تحت عبء الضرائب والذين كان عليهم حتى يدخلوا منافسة غير متكافئة مع بعض أعضاء طبقة النبلاء الذين اشتغلوا بالتجارة والذين كانوا يتمتعون بمزايا عديدة وبمساندة البيروقراطية الحكومية. بل كان هؤلاء التجار يجدون أنفسهم (أحياناً) في منافسة مع الفلاحين الذين كانوا يشتغلون بالتجارة والصناعات المنزلية، جميع هذا داخل سوق محدودة مكبلة بالقوانين الإقطاعية الاستبدادية التي لا حصر لها. وإذا أضفنا إلى هذا كله حتى الحجم المالي للتجار الروس كان صغيراً في معظم الأحوال، لأدركنا سبب وقوف التجار الروس ضد دخول العنصر اليهودي التجاري النشيط الذي لا تكبله القيم المسيحية أوالقوانين الطبقية والذي يتحكم في رأسمال سائل لا بأس به. ووجد هذا الموقف صدى في نفس حكومة كانت تكتسب شيئاً من شرعيتها باعتناقها الأرثوذكسية. ورغم حتى الفكر المركنتالي عثر طريقه إلى روسيا في فترة لاحقة، إلا حتى التجار استمروا في معارضة نشاط اليهود التجاري وفي المطالبة بالحد منه حتى اندلاع الثورة البلشفية.

ومن الثوابت الأخرى التي كانت عنصراً قوياً ومحدداً في السياسة الروسية القيصرية حتى اليهود كانوا يشكلون عنصراً متحركاً غير مستقر على رقعة أرض مقصورة عليهم، كما هوالحال مع الشعوب والأقوام والأقليات والطوائف الأخرى داخل الإمبراطورية، الأمر الذي خلق لهم وضعاً خاصاً ومشاكل معينة.

وقد ضمت روسيا مقاطعة روسيا البيضاء في أول تقسيم لبولندا عام 1772، وضمت في التقسيم الثاني منطقة منسك في الشمال وفولينيا (في مقاطعة كييف) ومنطقة بودوليا في الجنوب، أي أنها ضمت بذلك أوكرانيا كلها. ثم ضمت في التقسيم الثالث ليتوانيا. وقد ضمت جميع هذه المقاطعات (وضمن ذلك كورلاند وبيالستوك التي حصلت عليهما روسيا فيما بعد) إلى روسيا نفسها، بينما أصبحت بولندا المركزية (التي كانت تضم نحوثلاثة أرباع دوقية وارسوالنابليونية) تكوِّن ما يُسمَّى «بولندا المؤتمر» أو«بولندا الروسية» (وكان اسمها الرسمي «مملكة بولندا» حتى عام 1830 كما كان لها دستورها الخاص). وكانت هذه المقاطعات تضم أغلبية يهود شرق أوربا (يهود اليديشية) الذين انطلقوا من هذه المناطق بعد ضمها، واستوطنوا المناطق الجنوبية من روسيا وساحل البحر الأسود ومقاطعة بيساربيا، وهي مناطق كانت تابعة للدولة العثمانية، وقامت روسيا بضمها باسم «روسيا الجديدة» (كانت توجد جماعات يهودية أخرى فيها ولكنها كانت جماعات صغيرة للغاية ولم يكن لها مسألة يهودية فقد كانت مندمجة تماماً في محيطها الحضاري). ولذا فرغم وجود جماعات يهودية إلا أننا نتحدث في معظم الوقت عن «الجماعة اليهودية» وحسب، وتعني «يهود اليديشية» لأنهم كانوا الأغلبية الساحقة وكذلك كانوا أصحاب «المسألة اليهودية». كما تسللت مجموعات صغيرة من اليهود إلى وسط روسيا نفسها.

وكان وضع أعضاء الجماعة اليهودية في المناطق البولندية متميِّزاً تماماً من الناحية الثقافية والاجتماعية والوظيفية. إذ كانت أعداد كبيرة منهم تعمل بنظام الأرندا (استئجار عوائد القرى وضمنها الضرائب والمطاحن والغابات والحانات من النبلاء البولنديين الغائبين) كما كان بين اليهـود تجار وأصـحاب حـوانيت وباعـــة جائلون. وكان الباقون حرفيين يعملون للنبيل الإقطاعي والفلاح. وحســب التقديرات، كان الهجريب الوظيفي لليهود على النحوالتالي: 1% فقط كانوا يعملون في الزراعة، و3% في الأعمال الدينية، و30% يعملون في نظام الأرندا، و30% يعملون في التجارة والرهونات، و15% في الحرف المتنوعة.

وكان من أبرز الوظائف التي يضطلع بها اليهود، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من مشكلتهم، تقطير الخمور وبيعها في الحانات التي استأجروها من النبلاء في إطار نظام الأرندا. كما يُلاحَظ حتى التجارة اليهودية كانت تجارة طفيلية، وكان التجار اليهود يشتغلون بتهريب البضائع ويتهربون من الضرائب نظراً لوجودهم في المنطقة الحدودية وبسبب استخدامهم اليديشية وسيلة للتفاهم، الأمر الذي يسَّر لهم عمليات التهريب والتهرب والتلاعب بالأسعار. ومع هذا، ظلت نسبة كبيرة من أعضاء الجماعة تعاني من الفاقة، فكان هناك 21% منهم بدون وظيفة محدَّدة.


من تقسيم پولندا حتى 1855

أدَّى تقسيم پولندا إلى ضم أجزاء كبيرة منها إلى روسيا، وبذلك ضمت روسيا أجزاء كبيرة من الكتلة البشرية اليهودية اليديشية. ولأن النبلاء البولنديين كان محرماً عليهم التجارة (حيث تفرغوا لأعمال السياسة والحرب)، وكان الأقنان ملتصقين بالأرض، كما كانت طبقة التجار ضعيفة للغاية، اضطلع اليهود بوظيفة طبقة التجار والحرفيين وأصبحوا جماعة وظيفية وسيطة. هذا على عكس روسيا إذ لم تكن التجارة هناك مهنة وضيعة، وكانت هناك طبقة من الحرفيين تزداد قوة. كما كانت الحكومة نفسها تقوم بالتجارة ويضطلع بعض النبلاء بالوظيفة نفسها.

وكانت روسيا، من الناحية الاقتصادية، مستعمرة إنجليزية أومنطقة نفوذ للاقتصاد الإنجليزي. وبعد الحصار الذي فرضه نابليون على إنجلترا على نطاق القارة كلها، وقع تَقدم صناعي وتجاري نظراً لاضطرار روسيا إلى الاعتماد على نفسها. وعلى سبيل المثال، كانت روسـيا تملك عـام 1804 نحو199 مصـنع قطـن زاد إلى 423 عام 1814، وزادت واردات القطن من الولايات المتحدة من 204 أطنان عام 1809 إلى 3787 طناً عام 1811.

ومن جميع هذه الحقائق، يمكن القول بأن الاقتصاد الروسي لم يكن في حاجة إلى أعضاء الجماعة اليهودية. ومع هذا، تم ضمهم نتيجة توسُّع الدولة القيصرية. ولم تكن المسألة اليهودية المسألة الوحيدة التي جابهتها الحكومة القيصرية، فقد كان هناك مسألة إسلامية ومسألة تترية ومسألة بولندية ومسألة أوكرانية، إذ كانت الإمبراطورية القيصرية مترامية الأطراف تضم مئات الأقليات والتشكيلات الحضارية المتنوعة التي كانت تحاول حتى تفرض عليها ضرباً من الوحدة حتى تتمكن الحكومة المركزية من التعامل معها. وقسَّمت الحكومة القيصرية هذه الأقليات إلى قسمين أساسيين: الأقليات السلافية (أوكرانيا وبولندا وغيرهما)، والأقليات غير السلافية. وكان يُطلَق على الأقليات غير السلافية مصطلح «الإينورودتسي inorodtsy». وهذه حدثة روسية كانت تشير في بادئ الأمر إلى قبائل السكان الأصليين التي تقطن سيبيريا، ثم اتسع نطاق الحدثة الدلالي فأصبحت تشير إلى جميع الشعوب غير السلافية. وكانت السياسة العامة تهدف إلى ترويسهم. وغني عن البيان حتى إجراءات الترويس، بالنسبة للأقليات غير السلافية، كانت أكثر راديكالية وعنفاً، وخصوصاً إذا كانت تلك الأقليات لا تدين بالمسيحية (ومع هذا ينبغي الإشارة إلى حتى اللون أوالعرْق بدأ يكتسب دلالة محورية مع تصاعد معدلات الفهمنة في الإمبراطورية الروسية وتعمُّق الرؤية العرْقية. وحيث إذا يهود اليديشية كانوا من البيض، ومع تَزايُد معدلات ترويسهم، أُعيد تصنيفهم بحيث أصبحوا «روساً» ووُطنوا على هذا الأساس في روسيا الجديدة وفي الخانات الهجرية التي ضمتها روسيا وذلك باعتبارهم عنصراً روسياً استيطانياً). ومهما كان الأمر، فإن الإمبراطورية القيصرية كانت «سجناً للشعوب».

وقد بدأت الحكومة القيصرية علاقتها بأعضاء الجماعات اليهودية بالاعتراف بالقهال وبصلاحياته الدينية والقضائية، كما تم الاعتراف بالجماعة اليهودية (اليديشية) بوصفها جماعة مستقلة في المدن والقرى. وفي عام 1783، صُنِّف اليهود ضمن سكان المدن وأصبحت لهم حقوق غير اليهود نفسها (مثلاً: انتخاب مجالس المدن والبلديات وحق التمثيل فيها).

واستقر بعض التجار اليهود في موسكووسمولنسك، فدخلوا في منافسة مع التجار المسيحيين بطرق شرعية وغير شرعية. وحينما اشتكى تجار موسكومن هذا الوضع، صدر فرمان عام 1791 يحظر على اليهود الاتجار خارج روسيا البيضاء. ويُعَدُّ هذا الفرمان الأساس القانوني لمنطقة الاستيطان، وقد سُمح لمجالس القهال بأن تستمر في عملها بكل صلاحياتها.

وشهدت هذه الفترة قيام روسيا بضم بعض الإمارات الإسلامية التابعة لهجريا على ساحل البحر الأسود، وسُمِّيت هي ومناطق أخرى باسـم «روسـيا الجديـدة». ولما كان أعضـاء الجماعات اليهودية يُنظَر إليهم، في التشكيل الحضاري الغربي، باعتبارهم عنصراً ريادياً حركياً وجماعة وظيفية استيطانية يمكن استخدامها في مثل هذه العملية، كما عمل شارلمان من قبل وكما عملت القوات المسيحية في إسبانيا والنبـلاء البولنـديون في أوكرانيا والاسـتعمار الغربي في فلسـطين فيما بعد، قامت الحكومة القيصرية بتشجيعهم على الاستيطان في المناطق الجديدة، باللجوء إلى طريقة الطرد والجذب، فضوعفت الضريبة المفروضة على التجار اليهود في الإمبراطورية، بينما أُعفي المستوطنون في روسيا الجديدة من الضرائب كافة. واستثنى هذا المرسوم اليهود القرّائين، وكان هذا أيضاً أحد ثوابت السياسة القيصرية تجاه اليهود. وفي الوقت نفسه، تفاقمت معضلة السُكْر بين الفلاحين، وساعدت المجاعة التي سقطت عام 1797 على تعميق المشكلة. ورغم حتى اليهود كانوا السبب الواضح والمباشر أمام الجميع (إذ حتى أغلبية صانعي الخمر وبائعيها كانوا من اليهود، كما أنهم هم الذين كانوا يديرون معظم الحانات)، إلا أنهم لمقد يكونوا في واقع الأمر السبب الحقيقي لإدمان الفلاحين الروسيين المشروبات الكحولية. وشُكِّلت لجنة لبحث المسألة اليهودية في روسيا برئاسة الشاعر الروسي السناتور جافريل ديرجافين (1743 - 1816) الذي رأى حتى اليهود يستغلون الفلاحين الروس وأن عزلتهم الطبقية والحضارية هي سبب العداء ضدهم. وبناء على ذلك، طالب ديرجافين بضرورة ترويسهم بالقوة وتغيير بنائهم الاقتصادي والوظيفي حتى يتسنى استيعابهم كيهود نافعين في المجتمع الروسي. ووضع بذلك الإطار الأساسي لجميع المحاولات التي بذلتها الحكومة القيصرية لحل المسألة اليهودية.

ألكسندر الأول من روسيا.

وبعد حتى اعتلى ألكسندر الأول العرش (1801 ـ 1825)، شُكِّلت لجنة تدعى مجلس الشئون اليهودية التي أصدرت قراراتها عام 1804، والتي سمىت «قانون اليهود الأساسي» أو«دستور اليهود». واتى ضمن هذه القرارات حتى اليهود يجب نقلهم خارج المناطق الزراعية بين عامي 1807 و1808، كما أوصت القرارات بضرورة إبعادهم عن استئجار الحانات أواستئجار الأراضي الزراعية بهدف الربح (حتى يمكن تحويلهم إلى عنصر اقتصادي منتج). ولتطبيق هذا المخطط، وُضع تحت تصرفهم بعض أراضي القيصر، وأُعفي المزارعون اليهود من الضرائب لمدة تتراوح بين خمسة وعشرة أعوام، كما أنهم لم يُصنَّفوا كأقنان مرتبطين بالأرض، بل احتفظوا بحقوقهم في حرية الحركة والسكنى. ووعدت الحكومة كذلك بتقديم العون للمصانع التي تقوم باستئجار العمال والحرفيين من أعضاء الجماعة اليهودية. وسُمح للعاملين بالصناعة من أعضاء الجماعة اليهودية حتى يستقروا داخل روسيا، وضمن ذلك موسكووسانت بطرسبرج. كما حدَّ القانون الأساسي من سلطة القهال، وأصبح تنظيم الأمور الدينية والعبادات من اختصاص الحاخامات الذين كان يتم اختيارهم دون الرجوع إلى القهال. ولم تتجاوز صلاحيات القهال، في القانون الأساسي، تحديد الضرائب وجمعها وإحصاء عدد السكان اليهود. وتقرر ألا يوجد سوى قهال واحد في جميع مدينة، كما سُمح لكل فرقة دينية بأنقد يكون لها معبدها اليهودي وحاخامها الخاص (الأمر الذي أدَّى إلى تحسين وضع الحسيديين) وفُتحت أبواب المدارس الحكومية الفهمانية أمام أعضاء الجماعة اليهودية. وتقرر أنه ما لم يرسل اليهود أولادهم فإنه سيتم فتح مدارس يهودية فهمانية خاصة على حسـاب أعضـاء الجماعـة اليهودية. وأصبح من شروط شـغل وظيفة حاخام، أوعضوية مجلس إدارة القهال أوالبلدية، فهم الألمانية أوالروسية أوالبولندية. كما تقرر حتى يخط أعضاء الجماعة جميع وثائقهم وأوراقهم التجارية بإحدى اللغات الثلاث دون العبرية أواليديشية. وأكد القانون حق اشتراك اليهود في الانتخابات الخاصة بالحكومات المحلية ومُنع ارتداء الأزياء اليهودية التقليدية وقص الشعر على الطريقة اليهودية وهجر السوالف، وأصبح توجيه تهمة الدم جريمة يعاقب عليها القانون (1818). وكانت استجابة الجماعات اليهودية سلبية إلى أقصى درجة، وصاموا حداداً على صدور هذه القرارات بل اقترحت بعض القهالات تأجيل الإصلاحات إلى فترة تتراوح بين خمسة عشر وعشرين عاماً.

منطقة الاستيطان اليهودية في روسيا

خريطة توضح تخوم الاستيطان وپولندا المؤتمر ونسب السكان اليهود (ح. 1905).

تخوم الاستيطان ترجمة للعبارة الروسية «كرتا أوسدلوستي Cherta Osedlosti» حيث تُترجم حدثة «كرتا» إلى «نطاق» أو«حدود» أوربمـا «حظيرة» وهي الترجمـة الدقيقـة. ولأن هذا النطاق كان يتسع ويضيق، فتضم إليه مناطق وتستبعد أخرى، فإننا نفضل استخدام حدثة «منطقة».

ومنطقة الاستيطان هي منطقة داخل حدود روسيا القيصرية لم يكن يُسمَح لمعظم أعضاء الجماعة اليهودية بالسكنى أوالاستقرار خارج المدن الواقعة فيها. وكانت الحكومة القيصرية تقوم بفرض مثل هذه القيود وهوأمر كان يُعَد جزءاً أساسياً من سياستها العامة ومن موقفها من حرية الأفراد في التنقل، وهي سياسة لم تكن تُطبَّق على أعضاء الجماعة اليهودية وحسب وإنما كانت تُطبَّق على معظم سكان روسيا سواء أكانوا من الأقنان أم كانوا سكان مدن أوتجاراً. فكان على هذه القطاعات، التي تشكل أغلبية السكان، البقاء في مواطن استيطانها لا تغادرها إلا لسبب محدد وبإذن خاص. ويبدوحتى هذه القوانين صدرت بسبب طبيعة روسيا كإمبراطورية مترامية الأطراف تُوجَد بها مناطق شاسعة غير مأهولة بالسكان، الأمر الذي جعل بوسع أي مواطن حتى يهجر محل إقامته ليستوطن إحدى المناطق غير المأهولة بعيداً عن سلطة الحكومة. ولما كانت الحكومة المركزية ضعيفة نظراً لرغبتها في تدعيم أسس الإمبراطورية وضمان شيء من الثبات، ظهرت فكرة ربط المجموعات البشرية بمواطن محددة كما وقع مع الفلاحين حينما تم تحويلهم إلى أقنان، ثم مع أعضاء الجماعة اليهودية حين تم ضم أعداد كبيرة منهم إلى الإمبراطورية بعد تقسيم بولندا.

ولكن، إلى جوار هذه الأسباب العامة المتعلقة بسياسة روسيا القيصرية تجاه رعاياها، هناك مسببات خاصة بيهود روسيا من أهمها الصراع الاجتماعي الناشب بين التجار اليهود الذين كانوا يشتغلون بتقطير الخمور وبيعها وبأعمال الرهونات والالتزام من جهة، والفلاحين السلاف الذين كانوا يتعاطون الخمر بشراهة (ربما بسبب تزايد بؤسهم) وضعف النظام الإقطاعي من جهة أخرى. وكانت البيروقراطية الروسية متخلفة غير مدركة لأبعاد المشكلة الاجتماعية في الريف الروسي أوالبولندي. ولذا، أُلقي باللوم على أعضاء الجماعة اليهودية باعتبارهم مسئولين عن سُكْر الفلاحين وإفقارهم. كما كان تجار روسيا يجأرون بالشكوى دائماً من العناصر اليهودية التجارية التي تلجأ إلي الغش والتهريب لتحقيق الربح. لكل هذا، حُظر على أعضاء الجماعة اليهودية حتى يتحركوا خارج تلك المناطق التي ضُمَّت من بولندا، ولكنهم مُنحوا حق الاستيطان في المناطق التي ضُمَّت من هجريا في أواخر القرن الثامن عشر باعتبارهم عنصراً استيطانياً نافعاً، وهي التي كانت تقع أساساً حول البحر الأسود وسُمِّيت «روسيا الجديدة». وقد ضمَّت منطقة الاستيطان منطقة كبيرة امتدت من ليتوانيا وبحر البلطيق في الشمال إلى البحر الأسود في الجنوب، ومن بولندا وبيساربيا في الغرب إلى روسيا البيضاء وأوكرانيا في الشرق، وتضم خمساً وعشرين مقاطعة تشكل مساحة قدرها مليون كيلومتر مربع، أي ما يساوي مساحة فرنسا تقريباً. وكان أعضاء الجماعة اليهودية يشكلون نحو11.6% من سكان منطقة الاستيطان عام 1897، وبلغ عددهم 4.899.427من مجموع يهود روسيا البالغ عددهم 5.054.300، ويُلاحَظ أنه كان يوجد 161.500 فقط من يهود الجبال وجورجيا، وهم ليسوا من يهود اليديشية، أي حتى منطقة الاستيطان كانت تضم أغلبية يهود روسيا الذين كان معظمهم يتحدث اليديشية.

وكانت منطقة الاستيطان تتكون من ثلاث مناطق تتميَّز الواحدة عن الأخرى تماماً:

1 ـ ليتوانيا وبيلوروسيا أوروسيا البيضاء: وتضم جرودنومنسك وفلنا وفايتبسك (بوكوتسك سابقاً) وكوفنووموجيليف.

2 ـ أوكرانيا: وتضم فولينيا وبودوليا ومقاطعة كييف (ماعدا مدينة كييف) وتشرينجوف وبولتافا.

3 ـ روسيا الجديدة: وتضم خرسون (ماعدا مدينة نيقولاييف) وإيكاتيرينوسلاف وتاوريدا (القرم) وبيساربيا التي تضم أوديسا، أبرز مدن اليهود في روسيا.

واستقرت حدود المنطقة عام 1835. وكانت منطقة الاستيطان تضم رسمياً جميع المناطق التي ضمت من بولندا ما عدا مقاطعات وسط بولندا والتي ظلت رسمياً خارج النطاق وداخله من الناحية العملية.

ضحايا برنامج 1905 في Yekaterinoslav

وكانت منطقة الاستيطان تضم أوكرانيين وبولنديين وروسيين وليتوانيين ومولدافيين وألماناً. وكان لكل جماعة قاعدتها الإقليمية أوأرضها المهجرزة فيها ما عدا أعضاء الجماعة اليهودية والألمان. ومن هنا ظهرت إحدى السمات الخاصة للمسألة اليهودية في روسيا. وقد قررت الحكومة القيصرية (عام 1843)، لاعتبارات أمنية، عدم السماح لأعضاء الجماعة اليهودية بالسكنى على مسافة 50 فرسخاً (نحو33 ميلاً) من الحدود. وحسب القانون الصادر لتنظيم منطقة الاستيطان، لم يُسمَح لليهود بالانتنطق خارجها ولم يُسمح لهم بالدخول إلى وسط روسيا إلا مدة سـتة أسـابيع للقيام بأعمال محدَّدة على حتى يرتدوا الأزيـاء الروسية. وكان متاحاً لتجار الدرجة الأولى حتى يمكثوا ستة أشهر، كما كان مسموحاً لتجار الدرجة الثانية حتى يمكثوا ثلاثة أشهر. ومع حكم ألكسندر الثاني، بدأت الحكومة القيصرية في تخفيف القيود عن بعض العناصر اليهودية النافعة والمندمجة، وذلك بهدف تحويل اليهود إلى قطاع منتج مندمج في المجتمع. فسُمح لتجار الفئة الأولى (عام 1859) بأن يستوطنوا خارج منطقة الاستيطان، وكذلك لخريجي الجامعات عام 1861 وللحرفيين عام 1865، كما سُمح للمشتغلين بالطب عام 1879 وللجنود المُسرَّحين بهذه الميزة. ولم يزد العدد المسموح لهم بها حسب تعداد 1897 على مائتي ألف يهودي.

Torah scrolls presented by the Jewish community of Kishinev to Nicholas II, 1914

وكان من بين الفئات المسموح لها بمغادرة منطقة الاستيطان الفتيات اليهوديات اللائي كن يعملن بالبغاء، فكان بوسع الفتاة حتى تنتقل إلى موسكوأوأية مدينة أخرى لتمارس هذه الوظيفة وتحقق قدراً من الحراك الاجتماعي والجغرافي دون حتىقد يكون في إمكان أسرتها اللحاق بها.


روسيا 1855 - 1881

Joseph Trumpeldor, the most decorated Jewish soldier in the Imperial Russian Army for his bravery in the Russo-Japanese War
Victim of fanaticism. Painting by Nikolay Pimonenko. 1899. The painting does not depict a pogrom, but actually documents an event in Ukraine, that the artist read about: a Jewish woman was attacked by members of her (Jewish) community for falling in love with a Christian convert. The townspeople are raising sticks and objects, and her parents are shown to the right, denouncing her.

تغيَّرت الصورة كثيراً مع اعتلاء ألكسندر الثاني (1855 ـ 1881) العرش إذ تميَّز حكمه بأن حركة التحديث في روسيا خطت خطوات واسعة واتخذت شكلاً ليبرالياً بعد هزيمة روسيا في حرب القرم. عملى سبيل المثال، تم تحديث النظام القضائي عام 1864 ونظام البلديات عام 1870 وكذلك نظام التجنيد، بل بدأ الحديث عن قيام حكومة دستورية. ولعل أبرز القرارات قرار إلغاء نظام الأقنان عام 1861 الذي صدر نزولاً على إرادة النبلاء الإقطاعيين الذين ظهرت بينهم تطلعات نحوالانتنطق إلى صفوف البورجوازية الكبيرة سواء من خلال إقامة المزارع الحديثة ورسملة الزراعة أومن خلال التوجه للعمل في المجالات التجارية والصناعية.

ويشكل هذا القرار أخطر منعطف في تاريخ المجتمع الروسي حيث شهدت هذه الفترة زيادة معدلات التصنيع والتحديث بشكل كبير، فمُدت السكك الحديدية وفُتحت أبواب الحراك الاجتماعي أمام الكثيرين، ولكن بدأت أيضاً معالم أزمة النظام القيصري في الظهور. لقد حرَّرت الدولة الروسية الأقنان ولكنها لم توفر لهم أرضاً، وبدأت القرى تقذف الملايين إلى المدن ليعيشوا تحت ظروف اقتصادية أشد وأقسى مما كانت عليه في عهد الإقطاع. ولم تكن هناك أية مؤسسات وسيطة (الأسرة أوالكنيسة) لتحميها وتوفر لها شيئاً من الطمأنينة النفسية (الحقيقية أوالوهمية). كما حتى هؤلاء الملايين كانوا يتقاضون أجوراً منخفضة لم تكن تفي بحاجاتهم بقدر ما كانت تؤدي إلى التراكم الرأسمالي السريع الذي كان يؤدي بدوره إلى تَصاعُد عملية التحديث وازدياد إفقار الجماهير وانتشـار الحركات الثوريـة وزيادة الأوتوقراطية من جـانب النظام السياسي، وهي الحلقة المفرغة التي أدَّت في نهاية الأمر إلى الثورة البلشفية.

وقد فُتحت أبواب الحراك الاجتماعي والاقتصادي أمام أعضاء الجماعة اليهودية وغيرهم من القطاعات والأقليات في المجتمع. ورُبطت عملية إعتاق اليهود بمدى تحوُّلهم إلى عنصر نافع وعنصر اقتصادي منتج. ولتشجيع أعضاء الجماعة على تَقبُّل التحديث والترويس، قامت الحكومة بتوسيع نطاق حقوق اليهود النافعين، وخصوصاً حق السكنى في روسيا بأكملها، خارج منطقة الاستيطان بالنسبة للتجار الأثرياء الذين يُعتبَرون تجاراً من الدرجة الأولى (عام 1859) ولخريجي الجامعة (عام 1861) والحرفيين (عام 1865) والجنود اليهود المُسرَّحين (عام 1867). ومن الأمور المؤسفة حتى العاهرات كن يُعتبَرن نافعات وهوما شجع كثيراً من الفتيات اليهوديات، داخل منطقة الاستيطان، على امتهان البغاء كوسيلة للحراك الاجتماعي والجغرافي. وصُرح ليهود منطقة الاستيطان بالسكنى في بولندا عام 1868. وفي عام 1879، أصبح لكل من يعمل بمهنة الطب حق السكنى في أي مكان. ووُسع نطاق منطقة الاستيطان نفسها فأُبطل العمل بالقانون الذي يحظر على أعضاء الجماعة اليهودية السكنى في المنطقة الممتدة خمسين فرسخاً داخل الحدود.

وفي عام 1856، أُلغيت القوانين الخاصة بتجنيد أعضاء الجماعة اليهودية والعقوبات الخاصة التي كانت تُوقَّع عليهم، وتمت مساواتهم ببقية الشعب الروسي. وفي عام 1874، اعتُمد نظام التجنيد الإجباري العام لمدة أربع سنوات ولم يَعُد مقصوراً على الفقراء، وانضم آلاف الشباب اليهودي إلى الجيش ومُنحوا حقوقاً ومزايا عديدة، كما خُفِّضت مدة خدمة المجندين الذين أنهوا دراستهم من أربع سنوات إلى سنة واحدة.

وفي حقل التعليم، بعد فشل تجربة أوفاروف، أُغلقت المدارس اليهودية الحكومية عام 1873 ماعدا مائة مدرسة، وفُتحت المدارس الحكومية المعادية أمام أعضاء الجماعة اليهودية واعتبرت هذه الطريقة الأسلوب الأمثل لعملية الترويس. وأخذ عدد اليهود الذين التحقوا بهذه المدارس في التزايد. كما فتحت الجامعات أبوابها لهم، فزاد عدد الطلبة اليهود في الجامعات بين عامي 1853 و1872 من 1.25% من مجموع الطلبة إلى 13.2%.

وظهر فكر حركة التنوير الذي كان من أقطابه ليفنسون ومابوويهودا ليب جوردون. وكانوا في البداية معارضين لليديشية على النمط الألماني، لكن بعضهم تبناها كلغة قومية لا كلغة دينية. وظهر أدب يديشي من أعلامه منديل موخير سفاريم وغيره. وظهرت مطبوعات يهودية بالعبرية واليديشية والروسية. وهجرت الثقافة اليهودية الروسية الفهمانية الجديدة أعمق الأثر في أعضاء الجماعة اليهودية، حتى وصل ذلك الأثر إلى المدارس الدينية نفسها.

ونشأ إحساس عام لدى يهود روسيا بأن الحكومة تأخذ مسألة الدمج بشكل جدي ومعقول، فاشهجروا في الحياة الروسية العامة، وظهر من بينهم عازفون موسيقيون، كما نشأت طبقة من التجار الأثرياء والمثقفين الداعين إلى الدمج والترويس. وقد أسَّسوا جمعية نشر الثقافة الروسية بين يهود روسيا عام 1863. وقام كبار المموِّلين اليهود ببناء الطرق والقلاع والسكك الحديدية وبتزويد الجيش بالتموين والغذاء، وامتلكوا المناجم وصناعات الطعام والنسيج وتصدير الأخشاب، وساهموا في تأسيس شبكة المصارف الجديدة في روسيا. وكانت هذه الطبقة تهجرز في سانت بطرسبرج وموسكووأوديسا ووارسو. وكان من أقطابها أسرتا جونزبرج وبولياكوف اللتان اعتبرتا نفسيهما قيادة الجماعة اليهودية. وارتبطت هذه الطبقة بالمثقفين اليهود الروس من المشتغلين بالمهن الحرة ومحرري الصحف والفهماء والكتاب. وكانت ثقافة هذه الطبقة والشرائح المحيطة بها روسية تماماً. ويُلاحَظ حتى عدداً كبيراً من الشباب اليهودي بدأوا في هذه الفترة يعملون ضباطاً في الجيش الروسي.

وساهمت هذه الجيوب الحديثة في عملية تحديث بقية يهود روسيا، إذ كانوا يرفضـون الحديث باليديشـية كما كانوا يتعاونون مع الحكومة في عملية التحديث، ويساهمون في نشر الثقافة الروسية بين اليهود. ولكنهم، مع هذا، ونظراً لوضعهم الطبقي المتميِّز، كانوا منعزلين عن بقية الجماهير اليهودية التي كانت تدفع وحدها ثمن التحديث بينما كانوا يجنون هم ثمراته.

ومما ساعد على ازدهار أعضاء الجماعة اليهودية داخل منطقة الاستيطان حتى هذه المنطقة لم تشهد أية حروب في الفترة 1812 ـ 1914، كما حتى وجود يهود روسيا داخل إمبراطورية واحدة سهَّل الحركة بين الجماعات المتنوعة وأكد تَماسُك الجماعة اليهودية. وقد تزايد عدد يهود روسيا بسرعة تفوق معدل زيادة السكان، ففي عام 1825 بلغ عددهم 1.600.000 أي 3% من مجموع سكان الإمبراطورية و12% من سكان المناطـق التي تواجـدوا فيها. وفي عام 1850، بلغ عددهم 2.350.000. وبلغ عددهم عام 1880 أربعة ملايين، أي حتى عددهم زاد بنحو150% خلال 50 عاماً تقريباً. ومع هذا تعثَّر التحديث في روسيا وبدلاً من دمج أعضاء الجماعة اليهودية تحوَّلت روسيا القيصرية إلى قوة طاردة لهم في الوقت الذي كانت أعدادهم آخذة في التزايد.

وكانت استجابة يهود روسيا لتعثُّر التحديث هي الهجرة التي كانت حتى عام 1870 هجرة داخلية من ليتوانيا وروسيا البيضاء إلى جنوب روسيا (روسيا الجديدة ). فحتى عام 1847، كان 2.5% من يهود روسيا يعيشون في هذه المنطقة. ومع حلول عام 1897، كانت نسبتهم تصل إلى 13.5%. ولكن نمط الهجرة اختلف بعد عام 1880 إذ اتجهت كليةً إلى خارج شرق أوربا. فهاجر 2.750.000 يهودي هجروا شرق أوربا خلال 1881 ـ 1914 (نحومليونين من روسيا وحدها) بينما كان عدد يهود العالم عشرة ملايين، وهوما يعني حتى ربع يهود العالم كانوا في حالة هجرة. وظهرت حركة حزب البوند الثورية الذي كان يُعَد أكبر تنظيم ثوري اشتراكي في أوربا، كما ظهرت الحركة الصهيونية، وهما تعبيران مختلفان عن تعثُّر التحديث.

ولعل أكبر مرشد على تعثُّر محاولات الدمج والتحديث حتى الهرم الوظيفي لأعضاء الجماعة، رغم تصاعد معدلات التحديث الاقتصادي، كان لا يزال بلا تغيير كبير إذ كان 38% من أعضاء الجماعة يعملون بالتجارة و35% يعملون بالحرف اليهودية والصناعات المرتبطة بها و3% فقط يعملون بالزراعة. ولذلك، كانت عملية اغتيال القيصر (ألكسندر الثاني) عام 1881 على يد مجموعة من الشباب الروسي الثوري، من بينهم فتاة يهودية ملحدة، تعبيراً عن المشاكل البنيوية العميقة التي يقابلها المجتمع الروسي، وخصوصاً معضلة التناقض بين البنية الاقتصادية المتطورة والأشكال السياسية والاجتماعية المتكلسة. فشُكِّلت لجنة لإعادة النظر في المسألة اليهودية أعربت فشل سياسة التسامح، أي فشل عملية التحديث القيصرية، وأصدرت قوانين مايوالتي طُرد اليهود بموجبها من موسكوعام 1891 وحُدِّدت نسبتهم في المدارس الثانوية. وأدَّت هذه القوانين إلى طرح المسألة اليهودية على العالم الغربي بأسره إذ بدا حتى روسيا بدأت تُصدِّر فائضها اليهودي إلى الجميع.

تعثر التحديث روسيا القيصرية

لم يُقدَّر لمحاولات دمج أعضاء الجماعات اليهودية في روسيا النجاح لأسباب عدة، من أهمها ما يلي:

1 ـ خلق الانفجار السكاني بين أعضاء الجماعات اليهودية فائضاً بشرياً ضخماً لم يكن من الممكن توفير الفرص الكافية للعمل والتعليم له. كما حتى الانفجار السكاني كان يخلق تجمعات يهودية مركزة يتعامل من خلالها أعضاء الجماعة مع بعضهم البعض دون حاجة إلى العالم الخارجي، الأمر الذي كان يُبطئ عملية الاندماج ويعوقها.

2 ـ كما يُلاحَظ حتى عملية التحديث نفسها كانت لها جوانب سلبية عديدة. فحظر الاتجار في الخمور على أعضاء الجماعة اليهودية كان يهدف إلى تقليل الاحتكاك بين اليهود والفلاحين، ولكن مع هذا حُرم آلاف اليهود من مصادر الدخل الوحيدة المتاحة لهم، فكان منهم مقطروالخمور وموزعوها وتجارها. كما حتى إنشاء السكك الحديدية التي مولها كبار الرأسماليين اليهود كما تَقدَّم، قضى على مصادر الدخل الأساسية لآلاف اليهود الذين كانوا يعملون في صناعة وتجارة العربات التي تجرها الخيول.

3 ـ ومما عقَّد الأمور حتى عملية إعتاق أعضاء الجماعة اليهودية تزامنت مع إعتاق الأقنان، الأمر الذي جعل رقعة الأرض المتاحة للزراعة ضيقة جداً، وخصوصاً حتى التاجر أوالمرابي اليهودي لم يكن من السهل تحويله إلى مزارع. وأدَّى إعتاق الأقنان أيضاً إلى وجود عمالة رخيصة في السوق، الأمر الذي أدَّى بالتالي إلى طرد اليهود من كثير من وظائفهم التقليدية وإلى انحدارهم إلى مستوى الطبقة العاملة وتحوُّلهم إلى عمال، هذا مع ملاحظة حتى المستوى المعيشي لغالبية أعضاء الجماعة اليهودية، حتى في أكثر أيامهم فاقة وفقراً، كان أعلى بكثير من مستوى القن الروسي أوالقن البولندي.

4 ـ وحدثا ازدادت معدلات التحديث، ازدادت صعوبة التكيف مع الاقتصاد الجديد، الأمر الذي كان يزيد عدد ضحايا التقدم، ففي فترة ما قبل 1880 خفَّف آلام الانتنطق إلى النمط الرأسمالي في الإنتاج حتى هذا النمط احتفظ في مراحله الأولى بأشكال إنتاج بسيطة وهوما أعطى لعدد من أعضاء الجمـاعة اليهـودية حتى يجدوا مجالاً رحباً للعمل (في المدن الصناعية) في التجارة الجديدة وللعمل في الحرف.

غير حتى النموالرأسمالي لم يتوقف عند هذه الفترة، فقد اتسعت رقعة الصناعة لتضم الصناعة الخفيفة أيضاً، فكان ذلك بمنزلة ضربات قاضية دمرت الاقتصاد الإقطاعي ودمرت معه الفروع الرأسمالية الحرفية حيث كان اليهود يهجرزون بنسبة مرتفعة. إلى غير ذلك تشابكت عملية تحويل التاجر اليهودي لفترة ما قبل الرأسمالية إلى عامل حرفي أوتاجر رأسمالي مع عملية أخرى هي القضاء على عمـل اليهــودي الحرفي نفسـه. وحينما كان اليهودي يتحول إلى عامل، فإنه كان يقابل منافسة الفلاحين الروس المُقتلَعين الذين كانوا يقنعون بأجور منخفضة بسبب أسلوب حياتهم البسيط.

ومما زاد الأمور تشابكاً وتعقداً حتى الحرفي اليهودي (كما يبيِّن أبراهام ليون) كان يعمل فيما يمكن تسميته «الحرف اليهودية» التي وُلدت بالشتتل. فالحرفي اليهودي لم يكن يعمل من أجل الفلاحين المنتجين بل كان يعمل من أجل التجار والصيارفة والوسطاء. ولذلك، نجد حتى إنتاج السلع الاستهلاكية هوالشاغل الرئيسي للحرفي اليهودي لكون زبائنه يتألفون من رجال متخصصين في تجارة الأموال والبضائع، أي غير المنتجين أساساً. أما الحرفي غير اليهودي، فإن ارتباطه بالاقتصاد الزراعي جعله لا ينتج سلعاً استهلاكية لأن الفلاح كان يكفي نفسه بنفسه. إلى غير ذلك، إلى جانب الفلاح، كان هناك الحرفي غير اليهودي (الحداد مثلاً)، وإلى جانب رجل المال اليهودي كان هناك الحرفي اليهودي (الترزي مثلاً). وقد ساعد على تطوُّر الحرفي غير اليهودي ارتباطه بالتاجر المسيحي الذي كان يوظف أمواله في حرف متخصصة غير مرتبطة بالنظام الإقطاعي مثل نسج الأصواف، وهي حرف كان الغرض منها الإنتاج للتصدير لا الاستهلاك المباشر، أي أنها حرف تقع خارج نطاق النظام الإقطاعي وتمثل نواة الاقتصاد الجديد، وبالتالي فإنها لم تسقط مع الاقتصاد القديم. وانعكس هذا الوضع على أعضاء الطبقة العاملة من اليهود، فالحرف الأقل قابلية للتطور إلى صناعة كانت محصورة في أيدي الحرفيين اليهود، بينما انحصرت المهن الأكثر قابلية لهذا التطور في أيدي الحرفيين غير اليهود.

5 ـ وقويت شوكة الطبقة الوسطى الروسية، وخصوصاً بعد تَدفُّق رؤوس الأموال الأوربية الغربية على روسيا، بحيث فُتحت آفاق جديدة أمامها وأصبحت قوة اقتصادية لها وزنها يمكنها التفاهم مع البيروقراطية الحكومية (الروسية الأرثوذكسية) التي كانت تحابيها وتعطيها الأولوية والأفضلية. وتسبب جميع هذا في إضعاف المموّلين اليهود وأعاق عملية تحوُّل كثير من أعضاء الجماعة اليهودية إلى أعضاء في الطبقة الوسطى الروسية.

6 ـ أدَّى القضاء على ثورة بولندا عام 1863 إلى حرمان آلاف اليهود ممن كانوا يعملون في نظام الأرندا وكلاء للنبلاء البولندين (شلاختا) من وظائفهم.

7 ـ وفي الحالات القليلة التي كان بعض أعضاء الجماعة يحققون فيها مكانة مرموقة أوحراكاً اجتماعياً، كانوا يصبحون محط الحقد الطبقي في وقت كانت الضائقة الاجتماعية آخذة في التزايد. ومن هنا، كان اتهام اليهود بالسيطرة الاقتصادية واستغلال غير اليهود، ومن هنا أيضاً ارتسمت صورة اليهودي كرأسمالي جشع.

8 ـ ومن قبيل المفارقات حتى عدداً كبيراً من أعضاء الجماعة اليهودية سقط ضحية التقدم وتحولوا إلى أعضاء في الطبقة العاملة الحضرية التي فقدت جذورها الثقافية ونمط حياتها وانتماءها الديني ومصدر حياتها. وقد وصل الفقر إلى درجة حتى ثلث يهود روسيا عاشوا على معونات المنظمات اليهودية الغربية. وكل هذا يعني حتى الجماهير الفقيرة لم تكن مستفيدة تماماً من عمليات التحديث ولم تكن ترى فيه حلاًّ لمشاكلها الحضارية. ولذا، التفت قطاعات كبيرة منهم، وخصوصاً صغار التجار، حول القيادات الحسيدية التي منحتها شيئاً من الطمأنينة في عالم لم تكن تفهمه البتة.

9 ـ ولكن، بالنسبة للعمال اليهود الروس والمثقفين الفهمانيين، أدَّى تردِّي وضعهم إلى انخراطهم بمعدلات كبيرة في صفوف الحركات الثورية، وخصوصاً حتى مستواهم الثقافي كان، كما تَقدَّم، أعلى من مستوى الأقنان. ففي عام 1899، كانت نسبة اليهود في الحركات الثورية تبلغ 24.8% في وقت كانت نسبتهم إلى عدد السكان 4.1%.

10 ـ ويمكن حتى نضيف بعض العناصر الثقافية التي أدَّت إلى فشل عملية التحديث، من بينها أنها كانت تتم رغم أنف اليهود. وقد بدأت هذه العملية بقضها وقضيضها من داخل المجتمع الروسي لا من داخل الجماعة اليهودية التي ظلت رافضة إياها. ولاقت هذه العملية مقاومة شديدة من جانب الجماهير اليهودية المتخلفة التي رفضت إرسال أطفالها إلى المدارس الروسية الفهمانية، وخصوصاً حتى عملية التحديث كانت كما تَقدَّم تضيرها اقتصادياً في كثير من الأحوال وتحولها إلى طبقة عاملة حضرية مفتقدة للمعنى الذي كانت تجده في وجودها التقليدي.

روسيا من 1881 حتى الثورة البلشڤية 1917

اتسمت عملية التحديث في روسيا القيصرية بالتنافر الشديد بين الأشكال السياسية الاستبدادية السائدة في المجتمع ومعدلات التنمية الاقتصادية السريعة التي كانت تتزايد وتدفع بالملايين من القرى إلى السوق، تاركين أنماط حياتهم التقليدية حيث يتحولون من أقنان وفلاحين وحرفيين صغار إلى عمال أجراء، مع ما يتبع ذلك من آلام وضياع ثم إحساس بالفردية ورغبة في المشاركة في السلطة. ولم تقدم الحكومة القيصرية أية صيغ عقائدية تساهم في تقليل آلام الانتنطق أوفي توسيع نطاق المشاركة في تسيير دفة الحكم. بل إنه مع اعتلاء ألكسندر الثالث الحكم (1881 ـ 1894)، ازداد التشدد والأوتوقراطية، وخصوصاً تحت تأثير بُوبيدونستسيف الذي كان يرفض المثل الديموقراطية تماماً. وقد تلقى القيصر نفسه تعليماً دينياً تقليدياً، كما ظهر عديد من المفكرين الرجعيين (مثل كاتكوف وليونتييف) الذين طالبوا بضرورة وضع حدود صارمة على الشعب الروسي وضرورة الحد من حرياته من جديد. فقد نمت روسيا وتطورت ـ في رأيهم ـ مع نموالتفاوت بين الطبقات في المجتمع الروسي، ومع تأسيس نظام الأقنان وتَطوُّر الوظائف التي تُشغَل بالوراثة. وسيطرت تلك الروح الرجعية على جميع مجالات الحياة في روسيا ووصل أثرها إلى حياة الفئات والطبقات والجماعات كافة، فأُعيدت التشريعات التي تحدد التعليم على أساس طبقي، وأصبح من العسير على أبناء الطبقات الفقيرة حتى يلتحقوا بالمدارس. وفي منشور صادر من وزارة التربية معروف باسم «منشور أبناء الطباخين»، اتى حتى من الواجب عدم قبول « أبناء قائدي العربات والخدم والطباخين وأصحاب الحوانيت الصغيرة والغسالات ومن شابههم ». كما زيدت مصاريف الجامعات حتى تقلل فرص الالتحاق بها أمام الفقراء. وأُلغي الفصل بين السلطتين التطبيقية والقضائية، فعُيِّن في العادة بدلاً من القضاة في الريف رؤسـاء قرويون من طبقـة النبـلاء يقومون بإصـدار الأحكام وتطبيقها. وتم تقييد حرية الصحافة تماماً، وطورد أعضاء الجماعات المسيحية التي لا تدين بالأرثوذكسية. وفي كثير من الأحيان، كانوا يُمنعون تماماً من إقامة شعائرهم بل كان يتم خطف أطفالهم منهم. وتجلت السياسة القومية الرجعية أيضاً في القيود الشديدة التي فُرضت على مختلف الجماعات غير الروسية (السلافية وغير السلافية) الموجودة على الحدود، مثل البولنديين، إذ فُرض عليهم برنامج قاس للترويس. وانتهى عصر القيصر ألكسندر الثالث بمجاعة سقطت عام 1891 زادت بؤس الجماهير.

ولم يكن أعضاء الجماعة اليهودية سوى أحد القطاعات البشرية المنكوبة التي سقطت ضحية عملية القمع الرجعية هذه. فقد بدأ عهد ألكسندر الثالث بسلسلة من الهجمات على كثير من مراكز اليهود السكانية استمرت نحوثلاثة أعوام وتأثر بها نحو60 ألف يهودي. وقد سقطت الهجمات بعد حتى قامت بعض الصحف الروسية الرسمية بشحن الجوضدهم باعتبارهم مستغلي الفلاحين. وتشكلت لجنة للتحقيق في الحوادث توصلت إلى حتى نشاط اليهود الاقتصادي هوالسبب في هذه الهجمات (ولكن اللجنة، مع هذا، لاحظت حتى سلوك الشرطة والجيش لم يكن فوق الشبهات). ثم شُكِّلت لجنة أخرى لإعادة النظر في المسألة اليهودية طرحت اقتراحات لا تختلف كثيراً عن اقتراحات وتوصيات اللجان السابقة. وبناء عليه، أصدر وزير الداخلية الكونت إجناتييف قوانين مايوالمؤقتة عام 1882 باعتبارها إجراءات استثنائية تنطبق على منطقة الاستيطان وتهدف إلى حماية المواطنين الروس من اليهود باعتبارهم عنصراً أجنبياً غريباً. ولكن، ظهرت صعوبات كثيرة عند تطبيق هذه القوانين، فشُكِّلت لجنة أخرى عام 1883 لمناقشتها واستمرت اللجنة الجديدة في اجتماعاتها خمسة أعوام وأوصت عام 1888 بضرورة حمل القيود عن اليهود وإعتاقهم. ولكن البيروقراطية تجاهلت تلك التوصيات وقامـت بطرد اليهود من موسـكوعام 1891 وتحـديد عددهـم في المدارس، وهوما أدَّى إلى سفر أعداد متزايدة من الشباب اليهودي إلى الخارج حيث تم تسييسهم وتثويرهم. ولم يتغيَّر الوضع كثيراً في حكم نيقولا الثاني (1894 ـ 1918) آخر قياصرة آل رومانوف. وقد شهدت الفترة تصاعداً في تطور الصناعة الرأسمالية والتصنيع لم يواكبها تحديث في النظام، فشهد عام 1893 تصاعداً في تطور الصناعة الرأسـمالية بقدر لم يسـبق له نظير، وتضاعـف عدد أعضاء الطبقة العاملة. وقد زاد إنتاج الفولاذ والبترول ثلاثة أضعاف، وزاد طول السكك الحديدية من 28 ألفاً إلى 49 ألف فرسخ. ورغم السياسة التي اتبعتها الحكومة التي تهدف إلى تقليل فرص التعليم أمام الفقراء، زاد عدد الطلبة في المدارس وقلت نسبة الأمية. ففي بلد كانت الأمية فيه كاملة تقريباً في بداية القرن، وصل عدد الذين يعهدون القراءة والكتابة عام 1897 إلى 27.8%. وزاد حجم الطبقة العاملة، فكانت الألوف تهجر القرى وتنضم إلى الطبقة العاملة الحضرية.

وكرد عمل لهذه التغيرات، زادت النزعات القومية السلافية الروسية وزاد قمع الأقليات والشعوب التابعة، وخصوصاً غير السلافية، فتم قمع الأوكرانيين والبولنديين والمسلمين في الإمارات الإسلامية، وكذلك تم قمع أعضاء الجماعة اليهودية. ومن أشهر الأحداث التي شهدتها الفترة حادث يوم الأحد الأسود فيتسعة يناير 1905 حين قام مائتا ألف عامل من الرجال والنساء والأطفال يقودهم الأب جابون بالسير إلى قصر الشتاء ليقدموا شكواهم لأبيهم القيصر. وبدلاً من حتى يقابلهم القيصر، انهالت عليهم رصاصات الحرس القيصري فحصدت نحوسبعين منهم وجرحت ما يزيد على الألف.

الجناة عدد المذابح أوالتجاوزات أعداد القتلى القتلى في جميع برنامج
Hryhoriiv's bands 52 3,471 67
Directory 493 16,706 34
الجيش الأبيض 213 5,235 25
Miscellaneous bands 307 4,615 15
الجيش الأحمر 106 725 7
آخرون 33 185 6
الجيش البولندي 32 134 4
الاجمالي 1,236 31,071 25


واستمر الفوران، فشهد أكتوبر 1905 إضراباً عاماً شل الحياة تماماً. واضطر القيصر إلى حتى يمنح الشعب الحريات البرلمانية بعد هزيمة القوات الروسية أمام اليابان، ولكنه ظل يماطل ويُعدِّل القوانين إلى حتى تم تعديلها بشكل جعلها تفقد كثيراً من فعاليتها. وظهرت جماعات إرهابية مثل جماعات المائة السود التي اغتالت زعماء المعارضة وهاجمت تجمعات اليهود.

وبلغ النظام القيصري نهايته مع ظهور راسبوتين (1872 - 1916) وسيطرته على زوجة القيصر ثم على القيصر نفسه بحلول عام 1905. وكان راسبوتين، كما يقول سكرتيره اليهودي آرون سيمانوفيتش، شخصية كاريزمية اتى من صفوف الفلاحين وكان يتلذذ بإذلال أعضاء الطبقة الأرستقراطية، وخصوصاً النساء، ولا يعيِّن منهم إلا من يروقه أومن يدفع له الثمن. وقد اغتيل راسبوتين عام 1916، بعد حتى كان قد هزَّ النخبة الحاكمة القيصرية من جذورها وبعد حتى كان قد تم تصفية عناصر كثيرة منها.

وقد كان يهود روسيا جزءاً من هذه العملية الانقلابية، فسقطت مذبحة كيشينيف عام 1903 (ويُنطق إنها تمت بتحريض من وزير الداخلية فون بليفيه، وهوأمر غير مستبعد تماماً، فقد كانت الحكومة القيصرية تلجأ إلى مثل هذه الأساليب في قمع معارضيها). وكانت مذبحة كيشينيف هذه جزءاً من سلسلة من الهجمات دُبرت ضد أعضاء الجماعة اليهودية وغيرهم، كما وُجِّهت تهمة الدم الشهيرة إلى بيليس عام 1911، ولكن العناصر الليبرالية دافعت عنه وتمت تبرئته تماماً.


الهجرة العشوائية

Political Cartoon, Russian Tsar-Stop your cruel oppression of the Jews! (1904)
Jewish emigration from Russia, 1880–1928
الوجهة الأعداد
أستراليا 5,000
كندا 70,000
اوروپا 240,000
فلسطين 45,000
جنوب أفريقيا 45,000
أمريكا الجنوبية 111,000
الولايات المتحدة 1,749,000
In this Rosh Hashana greeting card from the early 20th century, Russian Jews, packs in hand, gaze at the American relatives beckoning them to the United States. Over two million Jews fled the pogroms of the Russian Empire to the safety of the U.S. from 1881–1924.

الاتحاد السوڤيتي 1917 حتى الحرب العالمية الثانية

Poet Osip Mandelstam after his first arrest
Poet Boris Pasternak, spared by Stalin with the words "Let this cloud dweller be!"
اوبلاس الحكم الذاتي اليهودي على خريطة روسيا


الهولوكوست

1946. The official response to an inquiry by JAC about the military decorations of Jews during the war (1.8% of the total number). Some antisemites attempted to accuse Jews of lack of patriotism and of hiding from military service.


مسودة التقرير (25 ديسمبر 1943) نسخ مراقبة (فبراير 1944)

"The Hitlerist bandits committed mass murder of the Jewish population. They announced that on September 29, 1941, all the Jews were required to arrive to the corner of Melnikov and Dokterev streets and bring their documents, money and valuables. The butchers marched them to Babi Yar, took away their belongings, then shot them."

"The Hitlerist bandits brought thousands of civilians to the corner of Melnikov and Dokterev streets. The butchers marched them to Babi Yar, took away their belongings, then shot them."


أخذت حدود الاتحاد السوڤيتي شكلها النهائي عام 1920. وكان هذا يعني حتى عدداً كبيراً من اليهود الذين كانوا يعيشون داخل مناطق تابعة لدول حصلت على استقلالها (بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا وبيساربيا التي ضُمت إلى رومانيا) أصبحوا تابعين لهذه الدول. ولم يبق سوى 2.680.000 يهودي داخل الاتحاد السوفيتي (لقاء ما يزيد على خمسة ملايين قبل الحرب)، 80% منهم كانوا يعيشون في أوكرانيا وروسيا البيضاء. كانت أوكرانيا تضم 1.574.428 (5.4% من مجموع سكانها)، وكانت روسيا البيضاء تضم 407.428 (8.2% من مجموع سكانها). كما كانت الجمهوريات الآسيوية تضم 109.851 (0.40% من مجموع سكانها). وزاد عدد اليهود إلى ما يزيد على ثلاثة ملايين عشية الحرب العالمية الثانية. وهجرَّز 87% من جملة اليهود في المدن، وهجرَّز 40% منهم في ست مدن على وجه التحديد، وكان أعضاء الجماعة يعملون أساساً بالتجارة.

وكانت أولى المراحل التي اتخذتها الحكومة البلشفية هي إعتاق اليهود وإعطاؤهم حقوقهم السياسية كافة. فأصبحت معاداة اليهود جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام، وحُدِّد الانتماء العرْقي على أساس اختيار المواطن ووفق ما يدلي به جميع فرد باختياره المحض، كما تم الاستناد في تحديد الانتماء القومي إلى اللغة التي يحدد العضوأنها لغته القومية. ولكن الحكومة البلشفية أهملت، مع هذا، الجوانب الخاصة للمسألة اليهودية في روسيا، وقللت من شأن سماتها المحددة من الممكن بسبب رؤيتها الثورية الأممية. فلينين ومن بعده ستالين، تأثرا بتجربة ماركس الألمانية وبطرحه العالمي أوالأممي للمسألة اليهودية الذي يرى حتى ثمة ظاهرة يهودية عالمية واحدة وأن ثمة حلاًّ واحداً هوالثورة الاجتماعية ودمج اليهود. ففي ألمانيا التي كان يعهدها ماركس، لم تكن هناك كتلة بشرية يهودية ضخمة ذات سمات ثقافية محددة تضم الطبقات كافة، وإنما كانت هناك أقلية صغيرة معظم أعضائها من البورجوازية موزعون داخل دولة تسودها أغلبية متجانسة عرْقياً. ولذا، كان الاندماج هوالحل الأمثل بالنسبة إليها، على حتى تَعقُب ذلك أوتتزامن معه ثورة اجتماعية. هذا هوالحل الذي طرحه ماركس وكاوتسكي وباور. وكان الحل الذي تبناه لينين والبلاشفة، مع بعض التعديلات، ليطبقوه على وضع مختلف تماماً. فنادى بأن لا أساس لوجود أمة يهودية مستقلة وأن شعار الثقافة اليهودية « هوشعار الحاخامات والبورجوازية، شعار أعدائنا». وأن القضية هي ببساطة قضية انعزال واندماج وثورة اجتماعية. وطرح ستالين تعريفه الشهير للأمة ونطق « إن اليهود أمة على ورق ». ويُلاحَظ حتى لينين وستالين يستخدمان مصطلح «أمة» بالمعنى العام للحدثة تماماً مثلما عمل ماركس. ولكن حيث إذا التشكيل السياسي الروسي مختلف تماماً عن التشكيل السياسي الألماني، وحيث إذا وضع الجماعات اليهودية داخله كان متميِّزاً، فإن تاريخ السياسة السوفيتية تجاه المسألة اليهودية في روسيا هوتاريخ التناقض بين الرؤية الماركسية الأممية (الألمانية) والواقع الروسي الخاص. ولعل أولى القضايا التي أفلتت من يد البلاشفة حتى لفظ «يهودي»، في الاتحاد السوفيتي، كان يشير إلى عدة مجموعات حضارية ودينية واجتماعية علاقتها بعضها بالبعض واهية، فكانت لفظ «يهودي» يشير إلى:

1 ـ يهود روسيا الذين يتحدثون اليديشية في المقام الأول، أي يهود اليديشية، وهؤلاء كانوا ينقسمون إلى عمال وتجار صغار ورأسماليين كبار وفلاحين. ويُلاحَظ حتى عمر الثقافة اليديشية كان قصيراً جداً، فلم يظهر الأدب اليديشي إلا في أواخر القرن التاسع عشر. ولذا، لم تثبت اليديشية كثيراً أمام تيارات التحديث وبدأت تظهر عليها أعراض الشيخوخة.

2 ـ قطاعات من يهود روسيا تتحدث اليديشية ولكنها تخط مؤلفاتها بالعبرية باعتبارها لغة العبادة في الماضي واللغة القومية في المستقبل، وهؤلاء كانوا أساساً من الصهاينة الذين بدأوا يؤسسون أدباً مكتوباً بالعبرية.

3 ـ اليهود الذين تم فهمنتهم ودمجهم في المجتمع الروسي ولا يتحدثون سوى الروسية.

4 ـ اليهود ذوي الأصل الألماني ويتحدثون الألمانية.

5 ـ اليهود القرّائين الذين لا يؤمنون بالتلمود وكانت أعداد كبيرة منهم تتحدث الهجرية والتترية.

6 ـ يهود جورجيا الذين يتحدثون الجورجية.

7 ـ يهود الجبال الذين يتحدثون لغة التات، ويتبعون تشكيلات اجتماعية قبلية.

8 ـ يهود بخارى ويتحدثون الطاجيكية وهي لهجة فارسية.

9 ـ مجموعات قبلية يهودية صغيرة أخرى ذات تراث ثقافي متميِّز مثل الكرمشاكي.

10 ـ كما كانت لفظ «يهودي» يشير، بطبيعة الحال، إلى جميع يهود العالم، وخصوصاً يهود ألمانيا وفرنسا وإنجلترا.

وكان من الصعب، بطبيعة الحال، إطلاق لفظ «قومية» على جميع هذه الجماعات اليهودية التي تتحدث بعدة لغات وتعيش داخل مناطق مختلفة وليست لها أرض مقصورة عليها (ربما باستثناء يهود الجبال والمجموعات القَبَلية الصغيرة الأخرى). ومن الناحية المنطقية المجردة، فإنهم ليسوا أمة على الإطلاق لأنهم لا يشكلون جميعاً قومية واحدة. ومع هذا، فمن الممكن اعتبارهم جماعات يهودية مختلفة، بعضها دون هوية إثنية خاصة مثل يهود إنجلترا وألمانيا، والبعض الآخر يتمتع بمثل هذه الهوية بدرجات متفاوتة من الاستقلال. وبدلاً من التفكير في إطار القومية العالمية، أوالجماعة الواحدة، كان من الممكن التفكير في إطار الجماعات القومية وغير القومية داخل التشكيل السياسي الروسي، وكان من الممكن طرح سياسات متعددة تختلف باختلاف الأوضاع الثقافية للجماعات اليهودية المتنوعة. وهوما لم يعمله السوفييت في بادئ الأمر، وإن كان الواقع فرض عليهم تعددية الحلول بعد حتى ظلوا يتحركون داخل أطر « فهمية » أحادية بسيطة.

حملات معاداة السامية الستالينية

شهدت الشهور الأولى للثورة اندلاع الحرب الأهلية في عدة مناطق من أهمها منطقة أوكرانيا الحدودية التي كانت تحارب فيها عدة جيوش من بينها الجيش الأوكراني القومي تحت قيادة بتليورا وعصابات الفلاحين التابعين له، والجيش الأحمر الذي كان يضم وحدات أوكرانية وجيوش صغيرة وقوات أخرى. ولجأت القوات السوفيتية إلى استخدام العنف ضد الفلاحين، وخصوصاً حتى سياسة مصادرة الحبوب أدَّت إلى تمرُّد العناصر الفلاحية الأوكرانية التي رأت في أعضاء الجماعة اليهودية عناصر مقترنة بالنظام السوفيتي الجديد وبالسلطة الحاكمة، فهاجمتهم كما هاجمتهم قوات بتليورا. وأدَّى جميع هذا إلى التفاف اليهود حول الثورة (وقد حلت كثير من التنظيمات اليهودية الاشتراكية نفسها وانضمت إلى الثورة، في حين تعاون الزعيم الصهيوني جابوتنسكي مع بتليورا وقواته). وانضم الشباب اليهودي في أوكرانيا وغيرها من المناطق إلى الجيش الأحمر الذي أسسه ليون تروتسكي وكان من قادته البارزين زينوفييف وسفردلوف. وفي عام 1926، كان عدد الضباط اليهود 4.4% من مجموع ضباط الجيش الأحمر. ولعب أعضاء الجماعة اليهودية دوراً مهماً في إعادة بناء الهيكل الإداري للدولة الجديدة بعد حتى هاجرت أعداد كبيرة من المثقفين والموظفين الروس البيض إلى الخارج.

الاتحاد السوڤيتي من الحرب العالمية الثانية حتى الوقت الحاضر

ضمت روسيا في الفترة من 1939 ـ 1940 أراضي تضم أعداداً كبيرةً من اليهود (جاليشيا الشرقية وليتوانيا وبيساربيا وبوكوفينا وغيرها). وقد رحبت الجماهير اليهودية بالضم السوفيتي إذ وجدت فيه حماية لها من الغزوالنازي الوشيك. ولكن، مع عام 1941، قامت القوات النازية بطرد الاتحاد السوفيتي نفسه وضم سائر المناطق التي كان قد ضمها من قبل، فهرب ما يزيد على مليون يهودي منها. وبذلت الحكومة السوفيتية جهداً غير عادي لنقل اليهود، وأعطت الأولوية لهذه العملية. وساهم ذلك بدوره في عملية اقتلاع اليهود من مناطق تجمُّعهم التقليدية. أما بقية أعضاء الجماعة، فسقطوا في يد النازيين حيث تمت إبادتهم باعتبارهم أوست يودين (يهود شرق أوربا)، كما تمت إبادة أعضاء بعض الجماعات والأقليات الأخرى. وشهدت السنوات التي تلت الحرب مباشرة فترة الإرهاب الستاليني الذي يُنطق إنه كان ذا نبرة عنصرية واضحة ومعادية لليهود.

ومع هذا، فإن عملية الدمج والترويس أصبحت حركياتها داخلية تنبع من داخل الجماعة نفسها وليست مفروضة عليها من الخارج من قبل الحكومة. وقد تزايدت بحيث أصبح الدمج اندماجاً. ولا يزال أعضاء الجماعة مركَّزين أساساً في المدن العظمى. ويُلاحَظ حتى عدد اليهود المشتغلين بالزراعة قد تناقص، وحتى أولئك الذين يعملون في الريف معظمهم يقوم بأعمال كتابية. ويلعب أعضاء الجماعة دوراً متميزاً في المؤسسات التجارية السوفيتية. كما يُلاحَظ أيضاً حتى عدد العاملين في التجارة الحرة من أعضاء الجماعات اليهودية، في أواخر الخمسينيات، بلغ نحونصف مليون فرد من مجموع عدد العاملين في التجارة من عموم المواطنين السوفييت البالغ عددهم نحوخمسة ملايين. إلى غير ذلك شكَّل التجار اليهود نسبة 20% من مجموع العاملين بين أعضاء الجماعة ونسبة 19% من مجموع التجار، بينما لم تزد نسبة اليهود إلى عدد السكان على 1%. وقد قامت الحكومة السوفيتية في أوائل الستينيات بحملة ضد النشاطات الاقتصادية غير المشـروعة، وسـنت قـانوناً بمعاقبة مرتكبي الجرائم الاقتصادية بالإعدام، وتم تطبيق العقوبة في عدد من المتهمين بلغ عددهم حوالي 112 تاجراً من تجار السوق السوداء كان نصفهم من اليهود.

وشهدت أواسط الخمسينيات، والسنوات التي تلتها، ارتفاعاً بالغاً في عدد الطلاب من أعضاء الجماعات اليهودية بالمعاهد العليا والجامعات وهوما نتج عنه زيادة عدد المشتغلين (من اليهود) بالمهن الحرة.

وبصفه عامة، يتمتع يهود الاتحاد السوفيتي بأعلى مستوى تعليمي بالمقارنة بسائر القوميات السوفيتية. ففي جمهورية روسيا الاتحادية تلقى 344 يهودياً تعليماً عالياً من بين جميع ألف (لقاء 43 فقط بين الروس). وإذا استبعدنا العجزة حيث تكون نسبة التعليم العالي بينهم منخفضة، وإذا استبعدنا الفترة العمرية 11 ـ 22، حيث لم يكمل أعضاؤها دراستهم بعد، يصبح عدد المتفهمين تعليماً عالياً بين اليهود ستمائة لكل ألف. وتشير إحصاءات تعداد عام 1959 إلى حتى نسبة اليهود الحاصلين علىسبعة سنوات من التعليم أوأكثر هي 613 لكل ألف وهي نسبة فاقت مثيلتها بين القوميات الأخرى. كما نجد حتى نسبة اليهود الحاصلين على تعليم عال كانت نحو179 عام 1959 لكل ألف إنسان فسقطشرة سنوات، زادت إلى 229 عام 1970 بالمقارنة بنحو62 لكل ألف على مستوى إجمالي السكان السوفييت.

وقد شكل أعضاء الجماعات اليهودية عام 1956 ـ 1957 نحو4.2% من طلبة الجامعات والمعاهد العليا، إلا حتى هذه النسبة تقلصت إلى 1.2% عام 1978 حيث شهدت فترة 1965 ـ 1978 انخفاضاً كبيراً في أعداد الطلاب اليهود (بنسبة 46.7%) نتيجة الهجرة إلى الخارج وارتفاع متوسط أعمار السكان اليهود وما ترتب عليه من تقلُّص حجم من هم في السن الجامعي.

ولا يوجد عمال من أعضاء الجماعات اليهودية، سواء في الصناعة أوالأعمال الزراعية، إلا بشكل هامشي يكاد لا يُذكَر، حتى حتى الإحصاءات في العقدين الأخيرين لا تورد أية إحصاءات عن عدد اليهود في المعامل والمصانع الثقيلة أوالزراعية.

وقد كانت هناك نسبة عالية من أعضاء الجماعات اليهودية في القيادة العليا للجيش السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن خلال أعوام 1948 ـ 1953 أُحيل 333 من القيادات العليا من اليهود للتقاعد، ولم يتبق يهودي واحد عام 1953 بين صفوف كبار الضباط. ويبدوحتى بعض المهن مثل الجيش والأجهزة الأمنية والخارجية وغيرها مغلقة تقريباً أمامهم. ويُلاحَظ حتى 75% من العاملين اليهود حاصلون على تعليم عال ويتجهون إلى التمركز في المهن الفهمية والحرة مثل الهندسة والطب والعلوم، ففي عام 1964 شكَّل أعضاء الجماعات اليهودية 14.7% من إجمالي الأطباء في الاتحاد السوفيتي، و8.5% من إجمالي الكُتَّاب والصحفيين، و19% من الموسيقيين، و11% من العاملين في مجالات البحث الفهمي. وتدل هذه النسب على حتى أعضاء الجماعات اليهودية أصبحوا يتمتعون بأوضاع اقتصادية متميزة عن بقية شعوب الاتحاد السوفيتي وبشكل أدَّى إلى منح أبناء الفئة التجارية بشكل خاص فرص دخول الجامعات والمعاهد العليا بدلاً من حتى تضطرهم الحاجة الاقتصادية إلى التوجه نحوالعمل في المعامل والمصانع. كما تدل من جهة ثانية على تمتعهم بالمساواة التامة في الحقوق، وعلى عدم فرض أية قـيود للحـد من ازدياد نسـبتهم في الجـامعات والمعــاهد العـليا.

أما في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، فقد تقلصت هذه النسبة حيث شكَّل أعضاء الجماعات اليهودية 4.5% من مجموع العاملين في مجال البحث الفهمي، و6% من مجموع العاملين في مجال الفن والثقافة والأدب والصحافة، و3.4% في الطب، و6% في القانون، و7.6% من إجمالي الفهماء الحاصلين على درجات فهمية عليا. ويُلاحَظ حتى ما ينخفض هونسبة المهنيين مـن أعضاء الجـماعات اليهودية إلى نسبة المهنيين على المسـتوى القـومي. أما عـدد المهنيين من أعضاء الجماعات اليهودية نفسه فهوآخذ في الارتفاع، فقد زاد عددهم من 260.900 إلى 389.000 في الفترة من 1957 حتى 1977، ولكن نسبتهم إلى مجموع المهنيين الروس في الفترة نفسها تقلصت من 9.3% إلى 3.7%. وانخفضت كذلك نسبة العاملين في مجال البحث الفهمي من 18% عام 1947 إلى 5.3% عام 1977 وإلى 4.5% عام 1982. والواقع حتى مسببات هذا الانخفاض هوازدياد متوسط أعمار اليهود العاملين مقارنة بمتوسط أعمار العاملين من السكان السوفييت، واقتراب الكثيرين منهم من سن التقاعد، وانخفاض أعداد طلبة الجامعة من أعضاء الجماعات اليهودية الذين يشكلون المصدر الأساسي لهذه الاختصاصات. وبالتالي، يلعب اليهود دوراً أقل في مجال العلوم والبحوث وتهجرز غالبيتهم في المراكز ذات المكانة المتوسطة والدنيا في هذا القطاع. ويُلاحَظ حتى ولج اليهودي السوفيتي أعلى من ولج المواطن السوفيتي، وهذا أمر مفهوم إذ حتى عدداً كبيراً من يهود الاتحاد السوفيتي من المهنيين وهم الفئة المتميِّزة في المجتمع السوفيتي.

أما نسبة أعضاء الجماعات اليهودية في الحزب الشيوعي، فقد شكلت في أوائل الستينيات واحدة من أعلى النسب القومية المتنوعة داخل الحزب. إذ قُدرت هذه النسبة بنحو3.5% عام 1961، بينما كانت نسبتهم إلى عدد السكان أقل من ذلك بكثير. كما بلغت نسبتهم عام 1982 نحو1.5% (استناداً إلى تقدير حتى عدد الأعضاء اليهود في الحزب نحو260 ألفاً) وذلك من مجموع أعضاء الحزب البالغ في ذلك الحين نحو14 مليون عضو. ولذلك، فإنهم يُعتبَرون سادس جماعة قومية مُمثَّلة في الحزب (عام 1976).

الاتحاد السوڤيتي ومعاداة السامية

A Soviet birth certificate from 1972 indicating the person's parents' ethnicity as "Hebrew" (Rus. "Еврей"); the practice of indicating ethnicity in documents is discontinued nowdays.


الهجرة إلى إسرائيل

January 10, 1973. A demonstration of Jewish refuseniks in front of the Ministry of Internal Affairs for the right to emigrate to Israel


A demonstration in Russia. The antisemitic slogans cite Henry Ford and Empress Elizabeth.


روسيا اليوم

بيانات ديمغرافية

السنة السكان اليهود (بالمليون) هوامش
1914 أكثر من 5.25 الإمبراطورية الروسية
1926 2.67 أول تعداد لعموم الاتحاد السوڤيتي

نتيجة لتغير الحدود (جزء من پولندا واتحاد بسارابيا مع رومانيا)، الهجرة والاستيعاب.

1939 3.0 نتيجة النموالطبيعي، الهجرة، الاستعياب والقمع
أوائل 1941 5.4 نتيجة ضم أوكرانيا الغربية وبلاروس، جمهوريات البلطيق، وتدفق اللاجئون اليهود من پولندا
1959 2.26 انظر الهولوكوست
1970 2.15  
1979 1.81  
1989 1.45 التعداد السوڤيتي (1989). آخر تعداد في الاتحاد السوڤيتي
نهاية 1993 أقل من 0.4 روسيا الاتحادية فقط.
2002 0.265 روسيا الاتحادية فقط. نتيجة الهجرة والاستيعاب.

السكان اليهود في اوبلاست الحكم الذاتي اليهودي في أقصى شرق روسيا في 2002 هو2,327 (1.22%).


الشتات اليهودي الروسي

إسرائيل

السنة TFR
2000 1.544
1999 1.612
1998 1.632
1997 1.723
1996 1.743
1995 1.731
1994 1.756
1993 1.707
1992 1.604
1991 1.398
1990 1.390

المواطنون الإسرائيليون من الهجرة الروسية الأخيرة، في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، يتخذون مواقف معادية من العرب ومواقف يمينية متطرفة عموماً في السياسة مع أنهم يحافظون جداً على تميزهم عن بقية اليهود الإسرائيليين ويتمسكون بثقافتهم الروسية القديمة ويستخفون بالثقافة الإسرائيلية ولا يعترفون حتى بوجود ثقافة كهذه. ويتساءلون: «أين هي هذه الثقافة،يا ترى؟ وهل تسمون هذا التخلف ثقافة؟!».

المجتمع الروسي في إسرائيل بغالبيته الساحقة يعيش في هذه البوتقة. والدليل على ذلك يظهر في درس فهمي حديث أجراه البروفيسور ماجد الحاج، مدير معهد التعددية الثقافية في جامعة حيفا بالاشتراك مع د. أولگا بجنو، لينشر لأول مرة على صفحاتها. وهوفي الواقع، درس مقارن، يعتبر امتداداً للبحث الذي أجراه عام 1999 مع البروفيسور إيلي لشيم، في المعهد نفسه. والحاج هوأول عربي يهتم ببحث قضايا غير عربية في إسرائيل. ويقول في هذا: «إنه تحدٍّ فهمي أكبر، يجعلك أكثر انفتاحاً على الآخر وأكثر تأثيراً فيه أيضاً». وقد تناول هذه الشريحة من المجتمع الإسرائيلي لقناعته في حينه بأنها ستصبح ذات أثر بالغ في الحياة وفي السياسة الإسرائيلية، وهذا ثبت عملاً خلال السنوات العشرين الماضية، ولقناعته بأن هذا الدور سيتعاظم في المستقبل: «اليهود الروس سيزيدون من قوة تأثيرهم أكثر وأكثر».

ومن يتابع أحداث السياسة في إسرائيل، يرى حتى نفوذ اليهود الروس فيها، يزيد عن حجمهم في الواقع. رئيس الوزراء بنيامين نتانياهويحتفظ لهم بوزارة الخارجية (يخصصها للنائب أڤيگدور ليبرمان، الذي لا يستطيع الآن حتى يعين وزيراً بسبب لائحة الاتهام الموجهة إليه بقضية فساد). رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، روسي هويولي أدلشتاين، ورئيس الوكالة اليهودية روسي، هونتان شرانسكي، ورئيس لجنة الخارجية والأمن روسي، هولبرمان، ونائب وزير الخارجية، زئڤ ألكين، روسي.

نتائج

البحث أجري على عينة نموذجية من 605 أشخاص، ممن هاجروا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وهم في جيل 18 عاماً فصاعداً، ابتداء من عام 1989. وبموازاة ذلك أجري استطلاع مقارن مع مجموعة من 500 مواطن يهودي إسرائيلي ممن ولدوا ويعيشون في إسرائيل في شكل ثابت، مع استثناء اليهود المقبلين من روسيا.

ويتضح من نتائج البحث حتى الروس، وعلى رغم مرور أكثر من عقدين على هجرتهم إلى إسرائيل، ما زالوا يستخدمون اللغة الروسية في تخاطبهم في بيوتهم. فقد نطق 77 في المئة منهم إذا اللغة الروسية هي لغة التخاطب الوحيدة أوالأساسية عندما يلتقون متحدثاً بالروسية. ونطق 22 في المئة إنهم يتحدثون الروسية والعبرية. وفقط 1 في المئة نطقوا إنهم يتخاطبون بالعبرية. كما نطق 54 في المئة من قراء الصحف بينهم إنهم يقرأون فقط بالروسية، ونطق 22 في المئة إنهم يقرأون باللغتين وفقط 17 في المئة نطقوا إنهم لا يقرأون إلا العبرية.

ويعتبر 79 في المئة من اليهود الروس أنفسهم يهوداً، و66 في المئة منهم يعتبرون أنفسهم إسرائيليين (كانت نسبة هؤلاء 44 في المئة في عام 1999). لكن 57 في المـــئة من الذين يعــــتبرون أنفسهم إسرائيليين يؤكدون حتى هذا الانتماء لا يأتي على حســاب انتمائهم لروسيا وأنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم روساً (66 في المئة في استطلاع 1999). وفـــــقط 43 في المئة يعتبرون أنفسهم صهاينة (كانت النسبة في الاستطلاع السابق قبل 20 عماً 21 في المئة).

التصويت في الانتخابات

على رغم الانخفاض في نسبة المصوتين للأحزاب الروسية، فإن 57 في المئة منهم ما زالوا يصوتون لهذه الأحزاب (73 في المئة في الماضي). وكيفية تصويتهم مبنية على التنطقيد الروسية القديمة، إذ إنهم يبحثون عن القائد القوي أكثر من الحزب الديموقراطي. فنطق 86 في المئة منهم إنهم يعيرون الأهمية الأساس لشخصية قوية كاريزماتية. وعندما طرح أمامهم الخيار بأن يصوتوا لشخصية قوية كاريزماتية لكنها لا تحترم مبادئ الديموقراطية، أولقائد ضعيف لكنه يحترم المبادئ الديموقراطية، اختار 47 في المئة القائد الأول و37 في المئة اختاروا القائد الثاني (بين اليهود غير الروس اتىت النتيجة معاكسة، حيث أيد الجملة الثانية 42 في المئة والجملة الأولى 39 في المئة).

الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

يتضح من نتائج الاستطلاع حتى الروس ازدادوا تطرفاً في شكل كبير في مواقفهم من هذا الصراع. فقد نطقخمسة في المئة منهم فقط إنهم مستعدون للتنازل عن هضبة الجولان السورية المحتلة لقاء سلام تام مع سورية (25 في المئة في الاستطلاع الأول قبل 20 عاماً)، وفقط 13 في المئة مستعدون للتنازل عن أراض في الضفة الغربية (37 في المئة قبل 20 عاماً) وفقط 11 في المئة مستعدون لتقاسم القدس مع الفلسطينيين وفقط أربعة في المئة مستعدون لإخلاء مستوطنات في إطار التسوية السلمية (24 في المئة في الماضي). للمقارنة، نشير إلى حتى الاستطلاع الذي طرح الأسئلة نفسها على اليهود غير الروس في إسرائيل، أشار إلى حتى 43 في المئة مستعدون للتنازل في الجولان و58 في المئة مستعدون للتنازل في الضفة الغربية لقاء التسوية و14 في المئة مستعدون لإخلاء المستوطنات. أي حتى الروس يتخذون مواقف أكثر تطرفاً من الشرائح الأخرى اليهودية في المجتمع اليهودي.

الموقف العربي في إسرائيل

هنا أيضاً يظهر التطرف الروسي، إذ إذا 55 في المئة منهم يرون أنه يجب تخفيض عدد العرب في إسرائيل (41 في المئة من بقية المواطنين اليهود يفكرون بهذه الطريقة)، و48 في المئة من الروس فقط يؤيدون المساواة لفلسطينيي 48 (54 في المئة بين صفوف الشرائح الأخرى من اليهود). ونطق 66 في المئة من اليهود الروس (59 في المئة من بقية اليهود)، إذا المواطنين العرب في إسرائيل يشكلون خطراً على الأمن القومي للدولة العبرية. وفقط 34 في المئة من الروس نطقوا إنهم يوافقون على حتىقد يكون المواطنون العرب في إسرائيل شركاء في القرارات السياسية المصيرية التي يبت فيها بمصير المناطق الفلسطينية المحتلة. ونطقسبعة في المئة فقط من اليهود الروس إنهم تعهدوا إلى مواطنين عرب وتوجد معهم علاقات اجتماعية (النسبة تصل إلى 13 في المئة بين الشرائح الأخرى من اليهود). ونطق فقطخمسة في المئة إنهم يزورون عرباً في بيوتهم ونطق 44 في المئة إنهم يشعرون بعدم الراحة برفقة العرب. وفقطسبعة في المئة من الروس نطقوا إنهم مستعدون للسكنى بجوار عائلات مسلمة و24 في المئة لعائلات مسيحية عربية.

الاستعلاء على الإسرائيليين

ويعلق البروفيسور ماجد الحاج على نتائج البحث، فيقول: «إن الروس صاروا أكثر إسرائيلية وصهيونية مع الزمن، ولكنهم لم يصبحوا أقل روسية. إنهم تبلوروا كمجموعة إثنية في المجتمع الإسرائيلي، واتخذوا مواقع راسخة في صفوف اليمين الفهماني».

ويفسر الحاج هذا التطور مؤكداً حتى اليهود الروس قدموا إلى إسرائيل كمهاجرين وليس كمقبلين جدد، مثل بقية اليهود. أدركوا أنهم مقبلون من ثقافة عريقة تمسكوا بها وحافظوا عليها. كانوا يريدون بالأساس الهجرة من دول الاتحاد السوفياتي، بعدما انهارت الشيوعية هناك وينتقلون إلى العالم الواسع. وقد هجروا بداية إلى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. وقد مارست إسرائيل ضغوطاً على واشنطن لوقف هذه الهجرة، حتى يضطروا إلى المجيء لإسرائيل. وبالعمل، منذ عام 1992، لم تعد الولايات المتحدة تستقبلهم. وألغيت المحطات الأوروبية، التي كانوا يصلون إليها ويقررون الانطلاق منها إلى دول أخرى، وحرصت الحركة الصهيونية وحكومة إسرائيل على نقلهم مباشرة إلى إسرائيل.

ووفقاً للإحصاءات الرسمية، بلغ عدد من هاجروا لإسرائيل 800 ألف يهودي روسي (يضاف إليهم حوالى 300 ألف من غير اليهود، بعضهم يعتبرون أنفسهم يهوداً ولكن المؤسسة الدينية اليهودية الأرثوذكسية في إسرائيل لا تعترف بيهوديتهم وبعضهم مسيحيون أوحتى مسلمون)، بينما هاجر إلى الولايات المتحدة 300 ألف، وألمانيا 100 ألف، وكندا 25 ألفاً. وبقي في دول الاتحاد السوفياتي سابقاً 395 ألفاً.

ويقول الحاج إذا اليهود الروس الذين وصلوا إلى اسرائيل أرادوا الانخراط في المجتمع وانخرطوا عملاً في جميع مجالات الحياة، باستثناء الجيش. ولكن ذلك كان من أجل البقاء وليس بدافع الأيديولوجيا، إذ بقي بينهم وبين الثقافة الإسرائيلية اغتراب. بل إنهم لم يحترموا الثقافة الإسرائيلية ولم يعترفوا بها وتعاملوا معها بشيء من الاستخفاف وحتى الاستعلاء. وقد فرضوا أنفسهم في المجتمع الإسرائيلي على هذا النحو، وأقاموا لأنفسهم المسرح الروسي ولديهم 45 صحيفة باللغة الروسية وقناة تلفزيونية وإذاعات وعدد كبير جداً من مواقع الإنترنت وواصلوا الارتباط بروسيا وشــعبها، فحافظوا على زيارتها وهناك حوالى 60 ألف رجل أعمال من اليهود الروس في إسرائيل يعملون في روسيا وبقية دول الاتحاد السوفيتي سابقاً. والقيادة الروسية أدركت أهمية الحفاظ على اليهود الروس كجزء من الشعب الروسي، فاعتبرهم الرئيس ڤلاديمير پوتن مواطنين روس وأسماهم «الشتات الروسي في إسرائيل». وعندما نشأت أزمة صفقة الصواريخ الروسية المتطورة «إس 300» لسورية، نطق إنه لا يسمح بأن تضرب إسرائيل بهذه الصواريخ لأن في إسرائيل مليون ونصف المليون روسي.

من أين هذا التطرف

وأضاف الحاج «عندما أتوا إلى إسرائيل، لمقد يكونوا على عداء كبير مع العرب. لكنهم أرادوا حتىقد يكونوا مقبولين في المجتمع الإسرائيلي فوجدوا حتى العداء للعرب هوموقف إجماعي في إسرائيل. فأصبحوا أكثر تشدداً، حتى يتم قبولهم في المجتمع الإسرائيلي».

البحث السابق للبروفيسور الحاج، قبل 20 سنة، كان قد استخلص فيه حتى اليهود الروس يمكن حتى يجدوا أنفسهم في تحالف مع المواطنين العرب في إسرائيل، لقاء بقية العناصر في المجتمع الإسرائيلي، وهوفسر التناقض في النتائج قائلاً: «في السنوات العشرين الماضية، شهدت البلاد تحولات كبيرة على الصعيد السياسي، خلخلت هذه الإمكانية. فقد شهدت الانكسار الناجم عن مقتل إسحق رابين، رئيس الوزراء، والانعطاف الحاد إلى اليمين والعمليات التفجيرية الكبيرة، التي بدأت بمذبحة الخليل (إذ قام طبيب يهودي مستوطن في الخليل باقتحام الحرم الإبراهيمي خلال صلاة الفجر في رمضان 1994 وأطلق الرصاص من رشاشه على المصلين المسلمين فقتل على الفور 29 منهم، وحدثت صدامات فقتل الجيش الإسرائيلي 20 فلسطينياً آخر) وتفاقم إلى عمليات في تل أبيب والقدس وحيفا ونتانيا وتدهور الوضع الأمني وساد العداء للعرب. ثم اتى الفشل في مفاوضات السلام بين إيهود باراك وياسر عهدات في كامب ديفيد عام 2000 والانتفاضة الثانية التي أعقبت هذا الفشل. جميع هذا جعل موضوع الصراع مع الفلسطينيين على رأس الأجندة الإسرائيلية كقضية شعبين متعاديين. وخلال هذه الفترة، كانت هناك إضافة مميزة لليهود الروس، يمكن اعتبارها نقطة التحول، جعلتهم يشددون العداء للعرب، أكثر من ذي قبل، وذلك عندما قام مسلح فلسطيني بتفجير نفسه على مدخل نادٍ للشباب الروس هونادي الدولفيناريوم في تل أبيب. عندها وجدوا أنفسهم في صف واحد مع بقية اليهود في إسرائيل، يرددون ما ينطق في المجتمع من أنهم ضحية للعداء العربي».

ومع ذلك، فإن البروفيسور الحاج، ما زال يرى في اليهود الروس قوة براغماتية لا تنغلق على شيء. ففي حال نشوء ظروف أخرى تتيح الانفتاح على الطرف الآخر، فسيكونون في صف القوى المتمتعة بالمرونة.

... نحن في ألمانيا أيضاً أكثر ألمانية

الشاب روني بلينسكي (33 سنة)، وهومن اليهود الروس الذين هاجروا من روسيا في عام 1990، ويعد رسالة الدكتوراه في موضوع اليهود الروس في اسرائيل وفي ألمانيا، اعتبر ان نتائج البحث واقعية «فهذا هوواقعنا كيهود روس في إسرائيل. نريد حتى نمارس حقنا كمواطنين، الدولة سعت إلى جلبنا ونستحق الحصول على جميع الحقوق، ولكننا اصطدمنا بواقع غريب عنا في شتى مجالات الحياة. فدخلنا في صراع بين الحفاظ على هويتنا الثقافية والاثنية كي لا نذوب في الثقافة التي لا تعجبنا، وبين الرغبة في حتى نكون جزءاً لا يتجزأ من هذا المجتمع».

سألناه: ما الذي لا يعجبكم في الثقافة الإسرائيلية،يا ترى؟

فأجاب: قد تجد بيننا كثيرين يردون على سؤالك هذا بالقول: وما هي هذه الثقافة،يا ترى؟ أين هي،يا ترى؟ أي أنهم لا يعترفون بوجودها أبداً. ولكن، إذا اعترفوا فإنهم يعتبرونها ثقافة شرقية غير متطورة، بل متخلفة عن الثقافة الغربية، التي يفضلون الانتماء إليها. فهماً حتى اليهود الروس بغالبيتهم كانوا يريدون الهجرة إلى الغرب، أميركا وألمانيا وغيرهما.

ويضيف: «أنت تصل إلى بلاد غريبة عنك، فتريد حتى تبرهن فيها على أنك كاثوليكي أكثر من البابا. وبالمناسبة هذه الصفة تنطبق أيضاً على اليهود الروس الذين هاجروا إلى ألمانيا. فهم أيضاً اختاروا الاقتراب من الأحزاب اليمينية القومية الألمانية، بما في ذلك اليمين المتطرف الذي يذكرنا بطروحاته النازية. فالهدف الأساس هوإقناع الألمان بأن اليهود الروس في ألمانيا مخلصون لألمانيا. فقد كان اليهود الذين وصلوا إلى ألمانيا جزءاً من هجرة ضخمة لغير اليهود أيضاً من روسيا. هاجر من هناك حوالى ثلاثة ملايين روسي، غالبيتهم ألمانيوالأصل كانوا قد هاجروا من ألمانيا إلى روسيا في القرن الثامن عشر. واستقروا فيها. وعند انهيار الاتحاد السوفياتي قرروا العودة. وهم أيضاً حذرون ويحاولون البرهنة على أنهم ألمان. لكن اليهود بينهم يحتاجون إلى هذا البرهان أكثر.

وتابع: هناك عداء للعرب أودعنا نقول موقف سلبي في روسيا تجاه الشرق والشرقيين عموماً. هذا الشعور كان قائماً أيضاً في زمن الاتحاد السوڤيتي، فلم يحبوا القفقازيين ولا الشيشان. وعندما هاجروا إلى إسرائيل وجدوا حتى العداء للعرب يقوي الانتماء لإسرائيل، فانخرطوا فيه.

وختم: «أبحاثي تتناول أيضاً الجيل الصغير، أي أولئك الذين ولدوا في إسرائيل أوقدموا إليها في جيل الطفولة المبكرة. وأنا ألاحظ حتى هذا الجيل سيكون أكثر إسرائيلية وأكثر حرية. سليم أنه لا يتنازل عن ثقافته الروسية وما زال يؤمن بتفوقها وتميزها عن الثقافات الإسرائيلية، إلا أنه يشعر بانتماء أكبر لإسرائيل. وقد يفتح هذا الباب للتحرر من هذه العقدة، خصوصاً إذا تغيرت الأوضاع السياسية واقتربنا من تسويات سياسية للصراع مع الفلسطينيين».

الولايات المتحدة

سرجي برين، من مؤسسي گوگل

انظر أيضاً

  • تاريخ اليهود في أوكرانيا
  • تاريخ اليهود في بلاروش
  • تاريخ يهودي وشتات يهودي
    • خط زمني للتاريخ اليهودي
    • تاريخ اليهود في پولندا
    • تاريخ اليهود في روثنيا الكرپات
    • تاريخ اليهود في بسارابيا
    • يهود ليتوانيون – يهود جليقيون – يهود جورجيون – يهود بخاريون – يهود الجبال
    • تاريخ معاداة السامية
    • Sect of Skhariya the Jew
    • اليهود واليهودية في اوبلاست الحكم الذاتي اليهودي
    • قوقاز يهود
  • تاريخ اقليمي
    • تاريخ الاتحاد السوڤيتي
    • تاريخ روسيا
  • قائمة يهود روسيا، أوكرانيا وبلاروس

المصادر

  • عبد الوهاب المسيري. "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية". موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.
  1. ^ Jewish Encyclopedia of 1901–1906 [1]
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Abramson
  3. ^ Jewish Emigration from Russia: 1880 - 1928 (Beyond the Pale)
  4. ^ Moscow: a cultural history, (Oxford 2006), By Caroline Brooke, page 135
  5. ^ Всесоюзная перепись населения 1926 года.
  6. ^ Всесоюзная перепись населения 1939 года.
  7. ^ Национальный состав населения России в 2002 году
  8. ^ نظير مجلي (2013-09-03). "اليهود الروس في إسرائيل أكثر تطرفاً في السياسة وأكثر التصاقاً بالثقافة الروسية". جريدة الحياة اللبنانية.

وصلات خارجية

  • Federation of Jewish Communities of the CIS
  • Chabad-Lubavitch centers in Russia
  • Jewish Agricultural Colonization in the Ukraine
  • Yossi Klein Halevi, Jacob Birnbaum and the Struggle for Soviet Jewry April 2004
  • Russian Jews Face Continual Challenges As Country Seeks To Be A Global Player by Karina Ioffee, The Huffington Post, July 13, 2009
  • Arieh Ullman,Double lives, double identities, Arieh Ullman on Russian-Israelis who have left their beloved waiting on the banks of a distant river, Eretz Acheret Magazine
تاريخ النشر: 2020-06-04 12:35:37
التصنيفات: صفحات بأخطاء في المراجع, Pages using deprecated image syntax, Pages using infobox ethnic group with unsupported parameters, Articles using infobox ethnic group with image parameters, التاريخ اليهودي السوڤيتي والروسي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تقرير جديد يفسّر سبب عدم رحيل لاعب الوداد صوب "الليغ 1"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:39
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 56%

موعد إجازة عيد الشرطة للقطاع العام والخاص 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:19
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

موعد صرف مرتبات شهر يناير 2023 للعاملين بقطاع البترول

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:20
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

الأونصة بـ708 جنيهات.. أسعار الفضة فى الأسواق اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:36
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

الكرملين: تسليم دبابات غربية لأوكرانيا لن يغير شيئًا على الأرض

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:31
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 59%

 ضبط 1180 قضية في حملات تموينية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:16
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

ريتشارد كلايدرمان يحيى حفل دعم مرضى السرطان بالقاهرة.. اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:22
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

مواطن يمزق جسد زوجته بمطواة بسبب خلافات فى المرج

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:16
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

أوكرانيا تعلن القبض على 7 عملاء روس قرب دنيبرو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:30
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

«مصر العتيقة» تتجسد فى 31 لوحة فنية بريشة الفنان شريف عبدالبديع

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:44
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 59%

كشف غموض حريق سيارة عمدًا فى الخليفة بالقاهرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:15
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

برلماني: كلمة الرئيس بالأكاديمية العسكرية بعثت برسالة أمل للمصريين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

الكيلو بـ 207 جنيهات.. أسعار النحاس اليوم الجمعة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:36
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

تطورات الحالة الصحية لـ إسعاد يونس.. تستكمل رحلتها مع العلاج الطبيعى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

قبل انتحاره.. مسلّح يقتل 5 بإطلاق نار فى جورجيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:30
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

طن اليوريا بـ8200 جنيه.. أسعار الأسمدة الأزوتية في الأسواق اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-20 12:21:35
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية