الهيگلية Hegelianism هي فلسفة گيورگ ڤيلهلم فريدريش هيگل التي يمكن اختصارها في القول الفصل حتى "العقلانية وحدها هي الواقع"، والتي تعني حتى جميع الواقع يمكن التعبير عنه بتصنيفات عقلانية. وكان هدفه اختصار الواقع إلى وحدة أكثر اصطناعية ضمن نظام من المثالية المتجاوزة transcendental idealism.

الأسلوب

في ألمانيا كان يعيش بين سنتي (1770 - 1831م). حاول جمع الفلسفات القديمة إلى بعضها، حتى يكاد يرى في فلسفته من جميع نظرية تاريخية أثر مبين. ابتدأت محاولته التوفيقية من الفهم والعقل، فالفهم الذي اعتبره (كانت) نهاية الفهم ليس سوى بدايتها، والعقل أوالتعقل هوالفترة الثانية. والفهم يعتمد على ثلاث قواعد عند هيجل: 1- قاعدة الهوية.
2- قاعدة التناقض.
3- قاعدة الثالث المرفوع.

بينما التعقل يتجاوز هذه القواعد الثلاث، ولا يتحدد بموجباتها، إذ ان التعقل بوتقة تسع جميع القواعد السابقة.

وقد استطاع هيجل بعد جهد فلسفي التوصل إلى ما زعم انه الفترة الثانية للفهم وهوالتعقل. ونطق انه يتم بعد تعقل النفس لذاتها ثم تعقل ما يقابلها ثم الجمع بينهما، وكل شيء يدور في هذا المحور أعهده وأعهد ما يقابله ثم أعهد النسبة بينه وبين ما يقابله. عملم الضوء غير ممكنة دون فهم الظلمة، من جهة، وفهم العلاقة الموجودة بين الضوء وبين الظلام من جهة ثانية.

أوبالأحرى فهم الحد بين الشيء وبين ما يقابله، ونوعية النسبة بينهما. فلا بد للفهم من توفيق المتقابلين وجمعهما ليس لفهم وجود التقابل بينهما، كما كان هدف فلسفة أرسطو، بل لفهم كنه جميع واحد منهما، وأن أي شيء هوفي الواقع خليط منه ومن لقاءه ومناقضه، لأن ما يقابله ويناقضه هوحده وإطاره، وبالتالي طريق لفهمه.

والتطبيق المعروف عن هيجل في هذا الشأن، هوفي قضية (الوجود)، التي هي أبرز القضايا وأبسطها، وهي بالتالي بداية المسير في موكب الفلسفة عند هيجل، الذي نطق فيها: (لا يمكن تصور العدم المطلق ولا الوجود المطلق إلا أنهما لدى التوفيق بينهما ينتج منهما وجود نسبي وعدم نسبي وهوالحق).

إذ ان الوجود المطلق كذب، كما حتى العدم المطلق إنادىء كذب. وإنما السليم وجود نسبي وعدم نسبي. أوكما تصور هيجل الجمع بينهما، وهوبالتالي جمع بين متناقضين. ولا يعني هيجل بالجمع ما يرفضه منطق أرسطو(أوبالأحرى السليم من منطق أرسطو). ذلك لأن أرسطورفض الجمع بين الوجود والعدم في بؤرة واحدة من جميع النواحي، وهذا محال عقلا، وقد تجاوز وأن جعله هيجل محالا، ولكن يعني بالجمع هنا، معناه المطلق الكامل للتحقق في مكان ما وزمان ما، تماما كما مثل لذلك الوجود المطلق والعدم المطلق، وفي تحققهما خارجا، وإنما افترض بتحقق الوجود في ظرف والعدم في ظرف آخر.

ويبني هيجل منطقه على فلسفته، والتي في الواقع هي منطقه.

وإذا لم يخلف هيجل منهجا للبحث بالصيغة المعروفة فقد خلف آراء فيها، والتي منها:

1. إن الأمور لا بد حتى تعاد إلى أصولها البسيطة، والتي بالرغم من عدم أهمية معهدتها لأنها بسيطة ومعروفة (وسهلة التناول). بالرغم من ذلك فهي هامة، لأنها أساس جميع فهم.
2. لا بد حتى نضع جميع شيء بازاء مناقضه ولقاءه.
   
3. ثم نلاحظ النسبة بينهما بالجمع بينهما، أوبالأحرى بمحاولة فهم الشيء بنقيضه.

وبالتالي، توجد في منطق هيجل، فكرة موجبة يمكننا الهجريز عليها والاستفادة منها، وهي: إن غور العقل يختلف عن ظاهر الفهم، إذ الفهم هوالمكلف بتبسيط الحقائق، وترتيبها ووضع الحدود النهائية والا بدية لها.

بينما العقل مكلف بكشف الأمور والوصول إلى عمقها البعيد. والعلاقة بين الفهم والعقل كالعلاقة بين السكرتير والرئيس.

فالأول مسؤول عن تنظيم وترتيب المواد التي يجب على الرئيس إعطاء الرأي الحاسم فيها. والفكر إذا جمد على الفهم ابتلي بما ابتلى به منطق أرسطووتابعيه، واذا تجاوزه بلغ ما بلغه الفهم الحديث. والسؤال: ما غور الفهم الذي يتجاوز ظاهر الفهم؟ الجواب: إنه فهم العلاقة الإيجابية بين الأمور، أي فهم مدى تفاعل الأمور مع بعضها. وهذا يمكن عند هيجل بالطباق، وهوعملية التوفيق بين الشيء ولقاءه. فهذه العملية ليست غاية في ذاتها، إنما هي وسيلة لفهم النسبة بين الأمور، ولكن لا يظن أننا نعود إلى منطق أرسطوحينما نركز على ضرورة فهم النسبة بين الأمور والصلة التي تربطها ببعضها لأن أرسطو، كان يريد فصل الاشياء عن بعضها وبالتالي فهم العلاقة السلبية بينها.

بينما نحن نحاول فهم الصلة الإيجابية بينها، وبالتالي فهم مدى التفاعل الموجود بين أجزائها. والمنهج الحديث بعد هيجل اخترع سبلا أخرى لفهم التفاعل منها: فهم الشدة والضعف، والتي تعيد الحقائق إلى مصدر واحد.

يقول الدكتور زكي نجيب محمود بهذا الشأن:

(وقد كان الفهم القديم قائما على أساس الصفات الكيفية لا على أساس المقادير الكمية، ـ مثال ذلك ـ حتى ينطق عن ألعالم انه مكون من العناصر الكيفية الأربعة: التراب والهواء والنار والماء. وهذه تتألف من هجريبات من الأضداد الآتية: رطب ويابس... بارد وحار.. ثقيل وخفيف.

فلم يك يعنيهم بل لم يك يطوف ببالهم حتى هذه الأضداد إنما هي أضداد من ناحية الكيف فقط. أما إذا أردنا حتى نحددها بدرجاتها الكمية فعندئذ لاقد يكون البارد مضادا للحار بل يصبح هذان درجات متفاوتة من ظاهرة واحدة.

والذي يعني به هذا الفهم هودرجة حرارية مقدارها كذا.. فالمهم هوالتفاوت الدرجي). ثم يضيف الدكتور قائلا: (وتفرع عن الاختلاف السابق اختلاف آخر بين الفهم اليوناني والفهم الحديث. فإذا كانت الطبيعة عند اليونان مؤلفة من كيفيات تختلف بعضها عن بعض، فليس الحار هوالبارد، وليس الثقيل هوالخفيف، وليس الرطب هواليابس إلى غير ذلك. إذن، فالطبيعة قوامها أنواع متباينة لا يمتزج بعضها ببعض كأنما أقيمت بينها الحواجز التي لا تدع نوعا منها ينساب في نوع آخر. وصميم الفهم، بناءا على ذلك، حتى نلم بهذه الأنواع عن طريق تعريفاتها التي تحددها تحديدا فاصلا حاسما. وأما الفهم الحديث فأساسه على النقيض من ذلك.. إذ إنه يحطم هذه الحواجز بين الأنواع المزعومة ليجد ما بينها من تجانس مردها جميعا إلى أساس واحد هو: المادة والحركة، أوهوما شئت غير ذلك من أسس تتألف من مدركات كمية وبهذا يرتد العالم إلى تجانس في الكيف واختلاف في الكم وحده). (مقدمة على (المنطق نظرية البحث) ص 19-21).

هذه هي العناصر الإيجابية التي نستطيع استفادتها من فلسفة هيجل، ولكن تطورات هذه العناصر إلى خرافات حينما اتخذت سلاحا سياسيا، هاجم به الماركسيون الفكر الديني والخلقي.

لقد أراد هيجل حتىقد يكون منطقه بداية عصر فهمي زاهر فأصبح لدى الماركسية نهاية هذا العصر.

لقد نطق هيجل ذاته: (إن جميع فلسفة كانت ولا زالت ضرورية ومن ثم فلم تمح فلسفة منها ولكنها كلها محتواة بشكل إيجابي كعناصر. لكننا يجب حتى ننظر إلى المبدأ الخاص لهذه الفلسفات كشيء خاص، ويحقق هذا المبدأ خلال البوصلة الكلية للعالم.

وأشد الفلسفات حداثة إنما هي نتيجة جميع الفلسفات السابقة، ومن ثم فلا توجد فلسفة تم دحضها.

إذ إذا ما تم دحضه ليس مبدأ هذه الفلسفة بل مجرد ان هذا المبدأ يجب اعتباره نهائيا ومطلقا بالطبع). فإنما أراد هيجل من وراء فلسفته إحتواء العناصر الإيجابية الموجودة في جميع فلسفة تم صياغتها بشكل لا يتعارض مع بعضها. هذا كان العامل النفسي من وراء نظرية الجدل، بينما استخدمت هذه النظرية بالضبط فيما يناقض هذا المبدأ، فأصبحت من مسببات العنف الفكري.

المصادر

• السيد محمد تقي المدرسي. "القسم الأول: عن تطور البحث المنطقي". السيد محمد تقي المدرسي.

الهامش

 هذه الموضوعة تضم نصاً من مطبوعة هي الآن مشاع: هربرمان, تشارلز, ed. (1913). الموسوعة الكاثوليكية. Robert Appleton Company. Missing or empty |title= (help)