التقسيم الثاني من الكومنولث الپولندي-اللتواني في عام 1793، هوثاني تقسيم من التقسيمات الثلاثة (أوالضم الجزئي) الذي أنهى وجود الكومنولث الپولندي-اللتواني قبل 1795. سقط التقسيم الثاني في أعقاب الحرب دفاعا عن الدستور واتحاد تارگوفيكا من عام 1792، وتمت الموافقة من قبل المستفيدين من الأراضي، والامبراطورية الروسية ومملكة پروسيا. وتم التصديق على التقسيم من قبل الپرلمان الپولندي بالإكراه (Sejm) في عام 1793 (انظر Grodno Sejm) في محاولة لم تدم طويلا لمنع ضم تام لا مفر منه لپولندا، وهوالتقسيم الثالث.

خلفية

اعترفت جميع الدول بالدستور الجديد إلا روسيا. ووصفه إدموند بـِرك بأنه "أنبل امتياز نالته أمة في أي زمان" وصرح بأنه ستانسلاس الثاني قد تبوأ مكاناً في التاريخ بين عظماء الملوك ورجال الدولة، ولكن هذه الحماسة من الممكن كانت انعكاساً لابتهاج إنگلترة بهزيمة كاترين.

وأخفت الإمبراطورة حيناً عداءها لپولندا الجديدة، ولكنها لم تغفر طرد جيشها منها على عجل، ولا إحلال النفوذ الپروسي محل الروسي في الشئون الپولندية. فلما أنهت معاهدة ياسي (9 يناير 1792) حربها مع هجريا، وتحررت من الخوف من شريكيها السابقين في الجريمة-پروسيا والنمسا-لتورطهما في الحرب ضد فرنسا الثائرة (أبريل 1792)، تلفتت حولها تبحث عن مدخل حديث إلى پولندا.

وقد هيأه لها الپولنديون المحافظون، إذ وافقوا كاترين جميع الموافقة على حتى دستور بونياتوفسكي قد صدق عليه ديت جمع على عجل بحيث لم يستطع أشراف كثيرون حضوره. وكان فيلكس بوتوكي وغيره من الأقطاب ساخطين أشد السخط على التخلي عن حق النقض المطلق الذي ضمن لهم القوة أمام السلطة المركزية، ولمقد يكونوا راغبين في النزول عن حقهم في انتخاب الملك، وفي الهيمنة عليه تبعاً لذلك. ورفض بوتوكي حلف يمين الولاء للمرسوم الجديد، ثم قاد جماعة من النبلاء إلى سانت پطرسبورگ وطلب إلى الإمبراطورة حتى تساعدهم على إعادة الدستور الأقدم (دستور 1775) الذي تجاوز حتى تعهدت بحمايته. فأجابت بأنها لا ترغب التدخل في پولندا بناء على طلب أفراد قليلين، ولكنها ستنظر في نداء من أقلية پولندية منظمة يعتد بها، وأحيط فريدريش وليام الثاني فهماً بهذه المفاوضات، وكان متورطاً في الحرب ضد فرنسا، كارهاً لخوض حرب ضد روسيا، فأبلغ الحكومة الپولندية (4 مايو1792) بأنها إذا كانت تنوي الدفاع عن دستورها الجديد بقوة السلاح عمليها ألا تتسقط الدعم مع پروسيا. وقف بوتوكي إلى پولندا، وألف 14( مايو1792)، في بلدة باوكرانيا، اتحاد تارجوفيكا، ونادى للانضواء تحت لوائه جميع الذين يريدون إعادة الدستور القديم. ولقب أتباعه أنفسهم بالجمهوريين، وأدانوا تحالف پولندا مع پروسيا، وأثنوا على كاترين، والتمسوا بركتها وطلبوا جيشها.

فأوفدتهما جميعاً، وزحف الاتحاديون على وارسوبعد حتى توفر لهم هذا الدعم. وكانت دعوتهم إلى "الحرية" قد أحدثت بعض التأثير، لأن مدناً عديدة استقبلتهم استقبالاً للمحررين؛ وفي تريسابول (5 سبتمبر) رحب القوم ببوتوكي كأنه عملاً ملك پولندا الجديد. ونادى بونياتوفسكي الديت حتى يعطيه جميع السلطات التي تلزم للدفاع. فعينه دكتاتوراً، ونادى جميع الذكور البالغين من الپولنديين للخدمة العسكرية، ثم ارفض. وعين پونياتوفسكي ابن أخيه، الأمير يوزف پونياتوفسكي ذا التسعة والعشرين عاماً، قائداً أعلى للجيش الذي وجده مفتقراً إلى التدريب ومجهزاً أسوأ تجهيز. وأمر يوزف جميع كتائب الجيش بأن تنضم إليه في لوبار على نهر سلوتش، ولكن القوات الروسية كانت قد طوقت الكثيرين فلم يستطيعوا الحضور، والذين حضروا كانوا أضعف من حتى يقفوا الزحف الروسي. وتقهقر الشاب إلى بولون، مركز إمداداته تقهقراً منظماً أتاحه قتال المؤخرة الباسل بقيادة تاديوس كوتشيوسكو، الذي كان قد حارب من قبل في صفوف المستعمرات في أمريكا، وكان وهوفي السادسة والأربعين عريقاً في أمجاد الوطنية والحرب.

وفي 17 يونيو1792 التقى الپولنديون بجيش روسي كبير عند زيلنتسي، وهزموه في أول معركة حامية انتصرت فيها پولندا منذ أيام سوبيسكي. هنا أيضاً أثبت كوتشيوسكومهارته، باستيلائه على ربوة سيطرت منها مدفعيته على ساحة المعركة؛ أما يوزف، الذي كان إلى الآن موضع الريبة في كفايته من مرءوسيه الذين في مثلي عمره، فقد كسب احترامهم بقيادته احتياطية من الجنود بشخصه ليكره الروس على التقهقر. وأثلج نبأ النصر صدر پونياتوفسكي، ولكن كاد يغلب هذا النبأ نبأ آخر بأن الأمير لودفج فورتمبرج قائد الجيش البروسي الموكل بالقوات الپولندية في لتوانيا، قد هرب من مسقطه تاركاً جنوده في حالة من الفوضى أتاحت للروس في 12 يونيوالاستيلاء على فلنوعاصمة لتوانيا دون مشقة.

لم يبق من مسببات الدفاع عن پولندا الآن غير جيش يوزف. وكانت مؤنه وعتاده من الضآلة أفقابل إلى الصيام أربعاً وعشرين ساعة، ولم تملك المدفعية غير اثني عشر صندوقاً من الذخيرة. فأمر الأمير بالتقهقر إلى دوبنو؛ فلما رمى بالجبن ثبت عند دوبينكا (18 يوليو) واستطاع بجيشه البالغ 12.500 مقاتل حتى يتعادل مع 28.000 مقاتل روسي. ثم تقهقر بنظام حسن إلى كوروف، حيث انتظر وصول التعزيزات والمؤن التي وعده بها الملك.

ولكن ستانسلاس كان قد يئس. ذلك حتى رفض فريدريش وليام الثاني حتى ينفذ شروط الحلف البروسي الپولندي، وخيانة الأمير لودفج، وهروب المئات من الجيش الذي جمعه في براجا-كل أولئك كان فوق ما تطيقه روحه التي لم تكن يوماً ما شديدة البسالة. وعليه فقد أوفد نداءً شخصياً لكاترين يلتمس شروطاً مشرفة، وكان جوابها (23 يوليو) إنذاراً نهائياً يشترط عليه الانضمام إلى اتحاد تاجوفيكا وإعادة دستور 1775. وقد صدمته لهجتها التيلم تعهد هوادة ولا ليناً؛ أفهذه هي المرأة التي استجابت يوماً لغرامه الطائش،يا ترى؟

وكان حنانه هوالمسيطر عليه الآن. فلقد فكر في المقاومة، وفي التسلح والمضي إلى الجبهة ليقود دفاعاً يائساً؛ ولكن زوجته، وأخته، وابنة أخيه، اشتد بكاؤهم لفكرة موته وما يجره عليهم من الوحدة والأسى، حتى وعد الملك بأنه سيسلم. ثم ما جدوى المقاومة بعد هذا كله،يا ترى؟ فبعد حتى بتر الأمل في أي معونة من بروسيا-في وقت تسقط فيه الهجمات على الجبهة الغربية العزلاء-، كيف من الممكن أن تستطيع پولندة الوقوف في وجه روسيا،يا ترى؟ ألم يحاول جاهداً حتى يثني الديت عن الاستخفاف بكاترين والمغامرة بكل شيء اعتماداً على وعود بروسيا،يا ترى؟ ألم يلح في طلب جيش كبير حسن التجهيز، وألم يرفض الديت اعتماد المال لهذا الجيش بعد حتى وافق على الرجال،يا ترى؟ وحتى لوحقق الجيش الپولندي الراهن فوزاً أواثنين على الروس، أفلا تستطيع كاترين، المتخمة بالجنود بعد حتى أبرمت الصلح مع هجريا، حتى ترسل الموجة تلوالموجة من الجنود المدربين المدججين بالسلاح ضد فلوله المبعثرة المختلة النظام،يا ترى؟ عملام التضحية بمزيد من الأرواح، وإسلام نصف پولندا إلى الخراب، إذا كان التسليم هوالنهاية على جميع حال،يا ترى؟

أوفد السفير الروسي الجديد، ياكوف سييفرس، إلى أخته وصفاً ملؤه العطف يصور فيه بونياتوفسكي في هذه الساعة، ساعة الانهيار البدني والروحي نطق:

"لم يزال الملك (في عامه الستين) رجلاً وسيماً أنيقاً، وإن كان وجهه شاحباً، ولكن في وسع المرء حتى يرى حتى ستاراً قائماً قد أسدل على روحه. إنه يحسن الحديث، بل يتحدث بفصاحة، وهومجامل حسن الاستماع دائماً ومع الجميع، ومسكن سيئ، وهومهمل، مزدري مخذول، ومع ذلك فهوألطف الناس جميعاً. وإذا غضضت النظر عن منصبه الرفيع، وتأملته من وجهة النظر الشخصية فقط، قلت إذا فضائله ترجح رذائله. ولا ريب في أنه أسوأ الملوك حظاً بعد لويس السادس عشر. إنه يحب أقرباءه حباً جماً، وهؤلاء الناس هم علة نكباته كلها.

التقسيم

وفي 24 يوليو1792 قرأ پونياتوفسكي الإنذار النهائي الروسي على مستشاريه الخصوصيين، ونصحهم بأن يركنوا إلى سماحة كاترين وشهامتها. واحتج كثيرون منهم على هذه السذاجة. واقترح أحدهم المدعومالا خوفسكي حتى يجمع في ساعة واحدة 100.000 جولدن لأغراض الدفاع، وألح على حتى الجيس الپولندي يستطيع-حتى إذا اقتضى الأمر التخلي عن وارسو-أن يتقهقر إلى كاركاوويجند جيشاً جديداً في الجنوب الآهل بالسكان. وهزم اقتراح بونياتوفسكي بالتسليم في المجلس بأغلبية عشرين صوتاً ضد سبعة. ولكنه أبطل قرارهم بحكم سلطته دكتاتوراً، وأمر ابن أخيه بالكف عن المقاومة. ورد يوزف بأن على الملك بدلاً من هذا التسليم حتى يبادر إلى الجبهة بما يستطيع جمعه من قوات ويقاتل إلى النهاية. فلما أصر ستانسلاس على انضام الجيش إلى الاتحاد أوفد إليه جميع الضباط إلا واحداً استنطقاتهم وعاد يوزف إلى موطنه السابق في فيينا. وفيخمسة أغسطس احتل جيش روسي براجاً. وفي أكتوبر أوفد يوزف راتى إلى عمه يدعوه لاعتزال ملكه قبل حتى تزول البقية الباقية من الشرف. وفي نوفمبر ولج بوتوكي مع طلائع جيش الاتحاديين وارسودخول الظافر، وألقى على پونياتوفسكي درساً في واجبات الملك. ولكن فوز بوتوكي تبين بعد قليل أنه كارثة، لأن الجنود البروسيين دخلوا پولندة في يناير 1793، وواصلوا زحفهم ليحتلوا دانتزگ وتورن، دون حتى يطلق حلفاء بوتوكي الروس رصاصة ليمنعوهم. ووضح حتى روسيا وپروسيا قد اتفقتا على تقسيم پولندا ثانية.

وكانت كاترين وفريدريش وليام قد سقطا هذا الاتفاق في 23 يناير، ولكنهما تكتما أمره حتى 28 فبراير. أما بوتوكي فقد استنفر الپولنديين من جميع الأحزاب ليهبوا دفاعاً عن پولندة؛ فضحكوا منه، وندد به يوزف خائناً لوطنه، وتحداه للمبارزة، ولكن ستانسلاس منعها.

أعقاب

وبمقتضى هذا التقسيم الثاني حصلت روسيا على 89.000 ميل مربع من پولندا الشرقية، يعيش فيها 3.000.000 من السكان، بما في هذا فلنوومنسك؛ أما پروسيا فأخذت 23.000 ميل مربع من پولندا الغربية، يعيش فيها 1.000.000 من السكان بما فيها دانتزگ وتورن؛ وبقي لپولندا 80.000 ميل مربع و4.000.000 نسمة-وهويقرب من نصف ما هجر لها من قبل في 1773. ولم يكن للنمسا نصيب في هذه الغنيمة الثانية، ولكن هدأتها الوعود الروسية بمساعدتها في الحصول على باڤاريا. أما الدول الغربية التي كانت لا تزال منهمكة في صراعها مع فرنسا الثائرة فلم تتخذ أي إجراء ضد هذا الاغتصاب الثاني، الذي عللته لها كاترين بأنه ضرورة اقتضاها تطور الدعوة الثورية في وارسو، التي تهدد بالخطر جميع الملكيات.

المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

للإستزادة

• Tadeusz Cegielski, Łukasz Kądziela, Rozbiory Polski 1772-1793-1795, Warszawa 1990

وصلات خارجية

• The Period of Partitions (1772-1918) - resources
• http://www.thenagain.info/webChron/EastEurope/2PartPoland.html The Web Chronology Project: The Second Partition of Poland

[[