نوڤاتيان
نوڤاتيان أونوفاسيانوس Novatianus بابا روماني مزعوم وانشقاقي من القرن الثالث الميلادي. ولد في روما بإيطاليا، ومات شهيداً في آسيا الصغرى في زمن اضطهادات ڤالريانوس Valerianus. لم يُعهد عن حياته سوى ما رواه سقراط Socrates مؤرخ القسطنطينية (ت 445م)، وما ذكره كورنليوس Cornelius في رسالته إلى فابيوس الأنطاكي Fabius of Antioch: حتى نوڤاسيانوس تلقى المعمودية (بالسكب) وهوعلى فراش السقم ولم يكمل طقوسها بعد شفائه (التثبيت). رسمه البابا فابيانوس St.Fabian كاهناً، فارتقى إلى أعلى المناصب في روما بفضل ثقافته وفصاحته وتقشفه ودفاعه عن التعليم الكنسي، حتى طمح حتى يخلف القديس فابيانوس بعد استشهاده على السدّة الرسولية، لكن خلافاً للتسقط العام جرى انتخاب كورنليوس وريثاً للكرسي الباباوي سنة 251، وبعد أيام أعرب نوفاسيانوس عدم شرعية هذا الانتخاب، وعيّن نفسه حبراً أعظم على روما، ولم تكن رسامته للبابوية شرعية، فأحدث التنافس بين الباباوين انقساماً في الكنيسة الرومانية، أدى إلى انشقاق ديني جعل كورنيليوس يعقد مجمعاً في روما (نهاية سنة 251)، حضره 60 أسقفاً (معظمهم من إيطاليا أَوالجُزُر المجاورة)، أدان فيه نوفاسيانوس واتهمه بالزندقة وقرر طرده، ثم تم إبلاغ ذلك لجميع الكنائس الرئيسية الأخرى.
كان نوفاسيانوس أول نصراني روماني يخط باللغة اللاتينية حصراً، ولم يصل من إنتاجه الغزير - الذي ذكره جيروم St. Jerome - سوى مؤلفه الرئيس «في الثالوث» De trinitate وآخر «في طعام اليهود» De cibis judaicis؛ وهوتعبير عن رسالة خطت في أثناء زمن الاضطهاد، كان قد سبقها رسالتان حول الختان circumcision والسّبت Sabbath (فُقدتا). أما كتابه في «الثالوث» فكان تحفة بالغة في التعبير والأدب، تناولت فصوله الثمانية الأولى وجود الله وصفاته، وسموجوهره، وعظمة قدرته، ثم تبعها نقاش مطول حول سر الثالوث المقدس وطبيعة السيد عيسى المسيح أثبت فيه نوفاسيانوس - بالاستناد إلى العهد القديم والعهد الجديد - ألوهية الابن.
ولم يتضمن شرحه - كما بدا لمعارضيه - وجود إلهين، بل أقرّ بوجود إله واحد، خالق أزلي، انبثق منه جوهر الحدثة: الابن، وهوليس بإله ثانٍ، لأنه منذ الأزل في الأب، كما برهن ممضىه في التجسد incarnation على حتى للسيد المسيحu طبيعتين: إلهية وناسوتية.
استفاد نوفاسيانوس كثيراً من أعمال ترتوليان Tertullian وجوستين Justin، فكان صارماً حيال المرتدين أثناء الاضطهاد، ورفض تبرئة الوثنيين، بدعوى حتى عبادة الأصنام ذنب لا يغفره إلا الله، ولا يحق للكنيسة البت فيه، أوقبول المرتدين في طقوسها بعد التوبة والكفارة، ولاسيما سر المناولة (العشاء الرباني).
أثرت دعوة نوفاسيانوس في الكنيسة الكاثوليكية، وسرعان ما انتشرت في روما نفسها، وفي القسطنطينية وأنطاكية والإسكندرية. وقد دعي أتباعه بالنوفاسيانيين المتشددين، لكنهم سموا أنفسهم بـ«الأطهار» puritans توكيداً منهم على تصورهم المتشدد للطهارة الكهنوتية. وكان يدير شؤونهم في جميع مكان أساقفة يتبعون مباشرة لخليفة نوفاسيانوس في روما. وقد وسعوا ممضىه ليضم جميع «الذنوب المميتة» (عبادة أصنام، قتل، وزنا). وحرّم معظمهم الزواج ثانية، ولم ينل بعضهم سر تثبيت المعمودية. وبقيت حركتهم تقاوم زهاء أربعة قرون في الشرقِ، في آسيا الصغرى ومصر (أثناسيوس Athnasius) واليونان. كما حاربهم معظم لاهوتيي روما اللاتين، أمثال القديس گريگوري النازينزي Gregorius of Nazianzus والقديس أمبروز St. Ambrose وكذلك القديس أوغسطين St. Augustinus.
وفي القسطنطينية نظر لهم قسطنطين الكبير Constantinus I في بادئ الأمر على أنهم منشقون وليسوا زنادقة، ونال أساقفتهم احتراماً بالغاً، فحضر أسقفهم مجمع نيقية Nicaea سنة 325، وصادق على قانون الإيمان النيقاوي، ولكن لاحقاً أمر قسطنطين بإغلاق كنائسهم ومقابرهم، ثم ضمهم هونوريوس Honorius سنة 412 في قانون ضد الزنادقة، فأغلق القديس إنوسنت الأول Innocent I بعض كنائسهم في روما، وطردهم القديس سليستين St. Celestinus أيضاً من روما، وكذلك عمل القديس كيرلس St. Cyril of Alexandria في الإسكندرية، كما أغلقت كنائسهم في أفسِوس Ephesus، وأخيراً أصدر امبراطور الشرق ثيودوسيوس الأول Theodosius I قانوناً صارماً ضدهم.
المصادر
- سوسن بيطار. "نوڤاسيانوس". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- نهاد خياطة، الفرق والمذاهب المسيحية منذ البدايات حتى ظهور الإسلام، ترجمة موسى ديب الخوري (دار أبجدية، دمشق 1999م).
- ميشيل يتيم وأغناطيوس الديك، تاريخ الكنيسة الشرقية وأهم أحداث الكنيسة الغربية (المخطة البوليسية، بيروت 1991م).
وصلات خارجية
- Catholic Encyclopedia: Novatian and Novatianists
- in Latin
- Multilanguage Opera Omnia
نطقب:Pope-stub