الشكلية في الأدب
الشكلية Formalism، نزعة ترمي إلى تغليب الشكل والقيم الجمالية على مضمون العمل الأدبي، وما فيه من فكرة أوخيال أوشعور.
كانت الشكلية في بداياتها قد حصرت اهتمامها في الشكل فقط، لكنها مالبثت حتى تطورت إلى دراسة بنية هذا الشكل وتميزت بنفورها من جميع ما ميتافيزيقي ومغرق في الغموض، واعتمدت منهجية تجريبية تعتمد على دراسة الظواهر والملاحظات التجريبية، مبتعدة عن الانطباعية، وركّزت على الشكل وعلى نسيج النص اللفظي، مما أدّى إلى دراسة الأصوات وتكراراتها ورخامتها وانسيابيتها وإيقاعها. ميّزت الشكلية بين اللغة الشعرية واللغة العملية في استخدام الحدثات، كما استقرأت المستويات المتنوعة للنص وأساليبه في تفاعلها المبدع، وسعت إلى استكشاف الأدوات الأدبية والتقنية والبلاغية المستعملة.
جذور
في النظرية الأدبية
تمثل الأعوام 1920و1926 فترة نضج الشكلية، فقد تحولت من الانصراف الكامل إلى الشكل والرخامة اللفظية إلى دلالة النص، ومن النص الشعري إلى النص القصصي. وتميزت هذه الفترة بكتاب جيرمونسكي: «غايات الشعرية» وكتاب شكلوفسكي Viktor Shklovsky» «في نظرية النثر» وكتاب بوريس ايخنباوم: «دراسة الهجريب وعلاقته بالإيقاع»، وكتاب ڤلاديمير پروپ Vladimir Propp «مورفولوجيا الحكاية».
المعارضة للنظرية الشكلية
فهم التدريس
هجرز الشكلية على استكشاف الخصوصية الأدبية للنصوص. يقول رومان ياكُبسون Roman Jakobson: «ليس الأدب في عمومه هوما يمثل موضوع فهم الأدب، بل موضوعه هوالأدبية، أي ما يجعل من أثرٍ ما أثراً أدبيا». ويضيف إيخنباوم: «يجب على الناقد الأدبي ألا يهتم إلا بالبحث في السمات المميزة للأدبية». وكان شُغْل الشكلانيين الشاغل حتى يحددوا بروح فهمية نماذج تصورية وفرضيات تفسر الكيفية التي تُنتج بها الوسائل الأدبية تأثيرات جمالية، والكيفية التي يتميز بها الأدبي من غير الأدبي.
رأى الشكلانيون حتى الأدب استخدام خاص للغة، وميزوا العملية التي تستخدم اللغة استخداماً عملياً يرتبط بعملية التوصيل في اللغة الأدبية، التي ليس لها وظيفة عملية، بل وظيفة جمالية، تجعلنا نرى العالم بطريقة مختلفة، ونطقوا إذا ما يميز الأدب من اللغة العملية هوأنه عملية بناء لغوي يقوم بها الأديب، ودرسوا الشعر بوصفه الاستخدام الأدبي الأمثل للغة، فالشعر لغة منتظمة في جميع نسيجها الصوتي؛ والإيقاع أبرز عوامله.
يرى الشكلانيون حتى مهمة الفن هي حتى يعيد الوعي بالأمور التي أصبحت مألوفة للوعي اليومي المعتاد. ويقول شكلوفسكي: «إن غرض الفن نقل الإحساس بالأمور كما تُدْرَك وليس كما تُعهد...». وتقوم الشكلية على نادىمات ثلاث: فهمية وجمالية وأدبية.
تقوم النادىمة الفهمية على المنهج الفهمي الوصفي الذي لا يُعنى بنشأة النص، بل بتحليله وتشريحه والهجريز على خصوصيته. ولهذا ركزوا على المورفولوجيا morphology (فهم التشكل والصيغ)، وكان همهم الإحاطة الوصفية والتعبير نقدياً عن الظاهرة الأدبية. وأكد الشكليون حتى غاية الكلام نفسه والخطاب المتشكل منه هوجذب الانتباه إلى نسيجه ومكوناته.
أما النادىمة الجمالية فتقوم على حتى غاية الأدب ووظيفته جمالية لا نفعية، فهي لا تخدم غرضاً تعليمياً أوأخلاقياً أواجتماعياً، وإنما اللغة هي الإدهاش وبكارة الرؤية. وتطغى عند الشكليين الدراسة المكثفة للأدوات والاستراتيجيات والتقنيات الأدبية والسردية على موضوع النص، لأن الغرض الأساس هوإثارة الإدراك الحسي للحدثة. وتعامل الشكليون مع الحدثة على أساس سيميائي وتبنوا التقابل الثلاثي بين الدال /المدلول/ المرجع، لكنهم اهتموا بثنائية الدال/المدلول وانصرفوا عن المرجع (الشيء، أوالموضوع المحال عليه هذا الشيء).
أما النادىمة الأدبية فكانت تعني مفهوم الشكليين للوحدة العضوية في اللغة الشعرية وعلاقة الإيقاع بالهجريب. وقد اتفق ياكُبسون وبوريس توماشفسكي Boris Tomashevsky على حتى الوحدة الإيقاعية ليست التفعيلة كما في العروض التقليدي، بل هي المبتر المؤلَف من وحدات مبترية هجريبية. ونطق الشكليون بضرورة تعدي الصوتيات البحتة في الدراسات العروضية إلى دراسة وظيفة الصوتيات في تمييز المعنى. وقد استرجعت الصورة الشعرية قيمتها في التحليل الشكلي، وقام ياكُبسون بدراسة أنماط الصورة الشعرية فهجرت البداية الشعرية أثرها على نقد النثر والرواية. ودرس الشكليون بنية الرواية وميزوا عنصرين فيها: الحكاية والمبنى الحكائي؛ فالحكاية هي مجموعة الأحداث (أي مادة الرواية) أما المبنى الحكائي فهوكيفية تقديم هذه الأحداث. وقد أدى انتنطق الشكليين من الشعر إلى النثر إلى تعميق التحليل من الشكل الخارجي إلى البنية الداخلية.
تعد الشكلية مدخلاً وأساساً لابد منه لفهم المدارس النقدية الحديثة، كالبنيوية والتفكيكية ومدارس النقد الجديد التي نشأت في إنگلترا ثم امتدت إلى أمريكا منذ ثلاثينات القرن العشرين.
أبحاث
الشكلية الروسية
ظهرت الشكلية في روسيا بين عامي 1916 و1920، وكان ظهورها إيذاناً بظهور فهم اللسانيات وفهم السيميائية والنظرية السردية. ويعود الفضل في ظهورها إلى تجمعين فهميين أولهما: كان: «جمعية دراسة اللغة الشعرية» OPOYAZ التي كان مقرها في سان بطرسبورگ، وكان جل اهتمامها منصباً على الدراسات اللغوية، ومن أعلامها ڤكتور شكلوفسكي V.Shklovsky وبوريس ايخنباوم B.Eikhenbaum.
أما التجمع الثاني فكان «حلقة موسكوالأدبية» وكان من أبرز أعلامها رومان ياكُبسون R.Jakobson. وقد حُسبت مجموعة من أعلام الأدب والنقد على الشكلية مثل ڤكتور جيرمونسكي V.Jirmunsky ويوري تنيانوف Yury Tynyanov.
حلقة پراگ اللغوية والبنيوية
تمثل الأعوام 1926-1930 فترة انتنطق الشكلية إلى براگ حيث تحولت إلى بنيوية تشيكية، رَبَط أعلامها الأدب باعتباره منظومة system ذات خصوصية بمنظومات أخرى في المجتمع، وتعمقت الدراسات التحليلية للنصوص الأدبية. وامتدت آثار الشكلية إلى الغرب بعامة، فظهرت هناك عدة دراسات نقدية شكلية - بنيوية.
انظر أيضا
- آيڤر أرمسترونگ رتشاردز
- نقد جديد
- الأسلوبية
- شكلية جديدة/Neoformalism
المصادر
- ^ رضوان القضماني. "الشكلية في الأدب". الموسوعة العربية.
للإستزادة
- Lemon, Lee T., and Marion J. Reis. Russian Formalist Criticism: Four Essays. Lincoln: U of Nebraska P, 1965.
- Shklovsky, Viktor. Theory of Prose. Trans. Benjamin Sher. Elmwood Park: Dalkey Archive, 1990.
- Trotsky, Leon. Literature and Revolution. New York: Russell and Russell, 1957.
- Wellek, René, and Austin Warren. Theory of Literature. 3rd. rev. ed. San Diego: Harcourt Brace Jovanovich, 1977.
- Erlich, Victor. Russian Formalism: History—Doctrine. 3rd ed. New Haven: Yale UP, 1981.
- فكتور إيرليخ، الشكلانية الروسية، ترجمة : محمد الولي (المركز الثقافي، الدار البيضاء 2000).
- نظرية المنهج الشكلي، نصوص الشكلانيين الروس، ترجمة: إبراهيم الخطيب (مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت 1982).
- ROMAN JACOBSON& K.POMORSKA, Dialogues (Paris1980).
- TOMASHEVSKY, Teoriya literatury (Leningrad 1925).
- V.JIRMUNSKY, Zadatshi poetiki, voprosy teorii literatury (Leningrad 1928).
- V.SHKLOVSKY, Iskusstvo kak priem, poetika (1919).
- V.SHKLOVSKY, Oteorii prozy (Moskau 1929).