أحمد بن محمد الهروي
أبوعبيد أحمد بن محمد بن أبي عبيد عبد الرحمن (ت. 401هـ/1011م) المؤدب الهروي الفاشاني نسبة إلى فاشان، وهي من قرى هراة بفتح الهاء والراء مدينة مشهورة من مدن خراسان وقيل في نسبه إنه أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، أحد الفهماء الأكابر، كان مؤدباً في هراة، صحب أهل الأدب واللغة، وانتفع بهم واشتغل عليهم وبهم تخرَّج، ومن أشهر من صحبه من أهل الأدب واللغة أبومنصور محمد بن أحمد الأزهري المتوفى عام 370هـ، صاحب معجم «تهذيب اللغة» ذي الأثر الكبير في مضمار الدراسات اللغوية، ويُعدُّ الهروي من ألمع تلاميذ الأزهري وأشهرهم وأبرزهم وأكثرهم صحبة له، أطلق عليه ابن الأثير لقب «صاحب الإمام أبي منصور الأزهري اللغوي» لطول ملازمته له، قرأ كتاب «تهذيب اللغة» على الأزهري ورواه عنه، وعليه عوَّل في تصنيف كتابه «كتاب الغريبين غريبي القرآن والحديث».
وممن قرأ عليه أبوسليمان الخطابي حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم البُستي الشافعي، وهوممن صنفوا في شرح غريب الحديث، وروى الهروي الحديث عن أحمد بن محمد بن ياسين، وأبي إسحاق أحمد بن محمد ابن يونس البزاز.
ومما يذكر عن أخلاقه أنه كان يبتذل الثياب ويتناول الطعام في خلوة، ويخالط أهل الأدب في مجالس اللذة والطرب.
لم يصنف أبوعبيد إلا كتابين هما كتاب «ولاة هراة»، وكتاب «الغريبين غريبي القرآن والحديث»، والثاني منهما هوالمشهور والمطبوع، صنفه من كتاب «تهذيب اللغة» للأزهري، وأكثر من النقل عنه، وهومن أبرز ما صنف في غريبي القرآن والحديث، رتبه على منهاج لم يسبق إليه في التأليف في غريبي القرآن والحديث، إذ التزم فيه الترتيب على حروف الهاتى، وقسمه إلى خط، وخص جميع حرف من حروف المعجم بكتاب، نحوكتاب الهمزة، وكتاب الباء، وكتاب التاء، وكتاب الثاء، إلى غير ذلك إلى حتى استوعب الحروف كلّّها، وقسم جميع كتاب إلى أبواب منسوقة على حروف المعجم أيضاً، فكتاب الهمزة قسمه إلى باب الهمزة مع الباء، فباب الهمزة مع التاء، فباب الهمزة مع الثاء إلى حتى يأتي على حروف المعجم كلها، وكذلك كتاب الباء قسمه إلى أبواب فبدأ بباب الباء مع الهمزة فباب الباء مع الباء فباب الباء مع التاء إلى غير ذلك، وبذا يُعدُّ كتاب الغريبين أول مصنف في الغريب التزم فيه صاحبه بطريقة الحرف الأول فالثاني فالثالث من الحدثة.
كان يبدأ بغريب القرآن فيفسره، ثم يلتفت إلى غريب الحديث فيشرحه، ثم ينظر في آثار الصحابة والتابعين فيبسط فيها القول، واعتد في تفسيره بالشعر وأكثر من الاستشهاد به، واعتمد على النقل من جِلَّة من الفهماء كأبي عبيدة معمر بن المثنى وأبي عبيد القاسم بن سلام، وابن قتيبة، وأكثر من النقل عن نفطويه عالم اللغة المشهور.
روى عنه هذا الكتاب أحمد بن محمد بن أحمد الماليني الشافعي، ومحمد بن علي أبوسهل الهروي النحوي اللغوي، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد أبوعثمان الصابوني، وأبوعمر عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي.
كان لكتاب الغريبين حظ وافر من القبول عند الناس والانتشار بينهم، واشتغل به أهل الفهم فمنهم من صنف خطاً في نقده، ومنهم من اختصره، ومنهم من صنف في الزيادة عليه والتنبيه على ما فات صاحبه.
وقد حصل اللغويون والمفسرون وأهل الأدب من هذا الكتاب فوائد جمَّة ونقلوا عنه، وأفاد منه أيضاً أصحاب المعاجم اللغوية من مثل ابن سِيْدَه في كتابه «المحكم» والزبيدي في معجمه العامر «تاج العروس».
المصادر
- إبراهيم عبد الله. "الهروي (أحمد بن محمد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- أبوعبيد الهروي، كتاب الغريبين غريبي القرآن والحديث، حقق الجزء الأول منه: محمود الطناحي (د.ت).
- ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس (دار صادر، بيروت، د.ت).
- القفطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق: محمد أبوالفضل إبراهيم (الهيئة المصرية العامة للكتاب، د.ت).