نشأ الاستشراق في أوائل القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية يغلب عليه الطابع الديني، ولكن مع عدم إغفال الأطماع السياسية، فكيفقد يكون لبريطانيا إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس ولاقد يكون لأمريكا اهتمامات إمبريالية، واشهجر الهدفان وتأسست الجمعية الشرقية عام 1840م وأوفدت باحثيها إلى العالم العربي الإسلامي، وحرصت بعض الجامعات الأمريكية حتى تنال نصيبها من المخطوطات الإسلامية فاشترت جامعة برنستون Princeton كمية من المخطوطات حتى أصبحت تضم ثاني أكبر مجموعة مخطوطات إسلامية.

ونشطت البعثات التنصيرية في بلاد الشام فأسست المدارس والمعاهد الفهمية، وفي أواخر القرن التاسع عشر وفي عام 1889م (1307هـ) وصلت إلى البصرة طلائع البعثة العربية (سميت كذلك تمويها) وكانت برئاسة المنصّر المشهور صموئيل زويمر، واستمرت هذه البعثة حتى عام 1393م-1973م

وشهد الاستشراق الأمريكي نهضة شاملة بعد منتصف القرن العشرين حينما أخلت بريطانيا مواقعها للنفوذ الأمريكي كما ذكر ذلك مايلز كوبلاند في كتابه (لعبة الأمم)، ووجد الأمريكيون أنهم بحاجة إلى عدد كبير من المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط، فأصدرت الحكومة الأمريكية مرسوما عام 1952م خصص بموجبة مبالغ كبيرة لتشجيع الجامعات على افتتاح أقسام الدراسات العربية الإسلامية، واستقدم لذلك خبراء في هذا المجال من الجامعات الأوروبية، وحضر من بريطانيا جميع من جوستاف فون جرونباوم وهاملتون جب وبرنارد لويس وغيرهم، فأسس هاملتون جب مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد وجرونباوم أسس مركزاً في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس.

وقد طوّرت الدراسات العربية الإسلامية في الولايات المتحدة لتأخذ مفهوماً جديداً وشكلاً جديداً فقد انتهى إلى حد كبير عهد المستشرق الذي يزعم لنفسه فهم جميع ما يخص العالم العربي الإسلامي في جميع المجالات، فأخذت الدراسات تصبح أكثر دقة وتخصصا في منطقة معينة وفي فرع من فروع الفهم، وقد فتح هذا التجديد المجال أمام المجالات المتنوعة لتسهم في تطور الدراسات العربية الإسلامية بحيث تكون بعض الرسائل الفهمية للماجستير والدكتوراه تحت إشراف أكثر من قسم فهمي.

وكما ذكر عن الاستشراقين الهولندي والألماني بوجود أصوات معتدلة فإنه ظهر في الولايات المتحدة عدد من الباحثين ينادون بوقف التشويه المتعمد لصورة الإسلام والمسلمين في الإعلام الأمريكي أوفي الكتابات الأكاديمية ومن هؤلاء مثلا اسبوزيتو، كما يلاحظ حتى بعض من يتعاطف مع العالم الإسلامي استوعب خطل الإسراف الأمريكي في تأييد المصالح اليهودية وتقديمها حتى على مصالح الولايات المتحدة، ومع تقديرنا لكل من يتحدث عن الإسلام بإيجابية فينبغي حتى نظل على حذر، كما إنه يتوجب على المسلمين حتى يحرصوا على حتىقد يكون لهم وجود في خارطة الإعلام الغربي.

أهم المستشرقين الأمريكيين

1- كورنليوس ڤان ديك Cornilius Van Dyke

درس العربية في لبنان، أسهم في إنشاء مدرسة كانت نواة الجامعة الأمريكية في بيروت، شارك في تكملة ترجمة التوراة إلى اللغة العربية، وله كتابات في المجال الفهمي.

2- دنكان بلاك ماكدونالد Duncan Black MacDonald ء (1863-1943)

أصله إنجليزي بدأ الدراسة في گلاسگو(اسكتلندا) وانتقل إلى برلين للدراسة مع المستشرق زاخاو، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1893م لتعليم اللغات الساميّة، أسس في الولايات المتحدة مدرسة كندي للبعثات عام1911 وشارك مع زويمر في السنة نفسها في تأسيس مجلة العالم الإسلامي، تنوع إنتاجه بين الدراسات الشرعية والدراسات اللغوية.

3- جورج سارتون George Sartonء (1884-1956).

بلجيكي الأصل متخصص في العلوم الطبيعية والرياضية تفهم العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت 1931-1932، ألقى محاضرات حول فضل العرب على الفكر الإنساني، أشرف مع ماكدونالد على مجلة إيزيس 1913-1946 وأبرز إنتاجه (المدخل إلى تاريخ الفهم).

4- جوستاڤ ڤون گرونباوم Gustav Von Grunbaumء (1909-1972)

ولد في فيينا في 1/9/1909م، تفهم في جامعة فيينا وفي جامعة برلين، هاجر إلى الولايات المتحدة والتحق بجامعة نيويورك عام 1938م، ثم جامعة شيكاغوثم استقر به المقام في جامعة كاليفورنيا حيث أسهم في تأسيس مركز دراسات الشرق الأوسط الذي أطلق عليه اسمه فيما بعد، من أبرز خطه الإسلام في العصر الوسيط، كما اهتم بدراسة الأدب العربي وله إنتاج غزير في هذا المجال.

5- جورج رنتز George Rentz

درس في واشنطن وفي جامعة الفلبين وجامعة كاليفورنيا تخصص في اللغة العربية وآدابها، عمل في السفارة الأمريكية في القاهرة، أسس قسم البحوث والترجمة في شركة أرامكو، شـارك في مشروع التاريخ الشفوي لمنطقة الخليج العربي، عمل أميناً لمجموعة الشرق الأوسط في جامعة ستانفورد، من أبرز اهتماماته حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث كانت موضوع رسالته للدكتوراه، وله كتابات كثيرة عن الجزيرة العربية من النواحي التاريخية والجغرافية، توفي منذ عدة سنوات.

6- ويلفرد كانتويل سميث .Wilfred Cantwell Smith

ولد في كندا عام 1916، تفهم اللغات الشرقية في جامعة تورنتو، حصل على الماجستير والدكتوراه في مجال دراسات الشرق الأدنى من جامعة پرنستون، متخصص في دراسة الإسلام وأوضاع العالم الإسلامي المعاصرة وأشهر خطه في هذا المجال (الإسلام في العصر الحديث) عمل أستاذاً في جامعة هارفرد وفي معهد الدراسات الإسلامية بجامعة مكگيل بكندا، قام بتدريس الدين الإسلامي بكلية نورمان المسيحية بمدينة لاهور بباكستان 1941م-1945، دعي للعمل أستاذاً زائراً في الكثير من الجامعات، صدر له حديثا (1998م) عدة خط منها (نماذج الإيمان حول العالم) وكتاب (الإيمان نظرة تاريخية) وكتاب (الإيمان والاعتقاد والفرق بينهما)[1]

7- باربرا ريجينا فراير ستواسر Barbara Regina Fryer Stowasser ء [2]

ولدت في ألمانيا حيث تلقت تعليمها الأولي ثم حصلت على الشهادة الجامعية من جامعة أنقرة في دراسة اللغة الهجرية العثمانية والحديثة واللغة الفارسية والعربية والتصوف، حصلت على الماجستير من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلس في تاريخ الشرق الأوسط وحضارته، حصلت على الدكتوراه من جامعة مونستر Munster بألمانيا في الدراسات الإسلامية.

تولت الكثير من المناصب منها أستاذة مساعدة بقسم اللغة العربية في جامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة. ثم عينت مديرة لمركز الدراسات العربية المعاصرة بالجامعة نفسها في الفترة من 1993 حتى الآن، لها الكثير من المؤلفات منها (النساء في القرآن وفي الحديث وفي التفسير) و(التطور الديني والسياسي، بعض الأفكار حول ابن خلدون وميكيافيللي) وعدد كبير من البحوث حول الدراسات الإسلامية وبخاصة فيما يتعلق بالمرأة في الإسلام قديما وحديثاً.

عضومؤسس في المجلس الأمريكي لجمعيات الدراسات الإسلامية، وعضوفي الجمعية الاستشراقية الأمريكية وعضوالرابطة الأمريكية لمفهمي اللغة العربية.

8- ريتشارد بولييت Richard Bullietء [3]

درس في جامعة هارفرد حيث حصل على البكالوريوس في التاريخ 1962م والماجستير 1964م في دراسات الشرق الأوسط والدكتوراه 1967 في التاريخ ودراسات الشرق الأوسط، عمل في الكثير من الجامعات منها هارفارد وجامعة كاليفورنيا، بركلي في كاليفورنيا وجامعة كلومبيا حيث ترأس معهد الشرق الأوسط في الفترة من 1984 إلى 1990 والفترة من 1993م حتى الآن، تولى مناصب فهمية في عدد من المؤسسات منها رابطة دراسات الشرق الأوسط سكرتير تطبيقي 1977م-1981م، عضومجلس إدارة جمعية الدراسات الإيرانية، وعضومجلس أمناء المعهد الأمريكي للدراسات الإيرانية، قدّم خدمات استشارية للعديد من الجهات الفهمية والسياسية منها وكالة إعلام الولايات المتحدة التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة الخارجية الأمريكية ومجلة التايم وغيرها.

له الكثير من المؤلفات منها دراسة في تاريخ الإسلام الاجتماعي في القرون الوسطى، والتحول إلى الإسلام في القرون الوسطى، وكتاب الإسلام نظرة من الخارج. له مشاركات إعلامية في الصحافة والإذاعة والتلفاز.

الحواشي

[1] - انظر كتاب الأستاذ محمد قطب المستشرقون والإسلام. (القاهرة :دار وهبة ، 1999م) ص 226 – ص 256

[2] -الترجمة بقلم البروفيسورة ستواسر نفسها قدمتها للباحث.

[3] -ترجمة ذاتية بقلم بوليت نفسه قدمها للباحث.