اوتناپشتم
اوتناپشتم Utnapishtim أوUta-Napishtim شخصية أسطورية تتحدث عنها ملحمة گلگامش Gilgamesh في اللوحين العاشر والحادي عشر من هذه الملحمة بصفته الإنسان الوحيد الذي منحته الآلهة حياةً أبدية. واسم البطل في الأصل السومري «زيوسودرا» Ziusudra، ويعني وجدت حياتي.
تروي الملحمة حتى إنكيدوEnkidu حلم بأنه مفارق الحياة لا محالة، فراح يودع بحدثات مؤثرة صديق عمره الحميم گلگامش، ويتنبأ له بالمصير نفسه. فيحزن گلگامش لموت صديقه، ويشعر أول مرة في حياته أنه يفترض أن يلاقي حتفه، شأنه في ذلك شأن جميع إنسان على الأرض. يتوجه گلگامش المعذب الذي أقلقته فكرة الموت إلى سلفه أوتانبشتيم باحثاً عنده عن سر الخلود الذي منحته إياه الآلهة. ويستطيع گلگامش وهوفي طريقه إلى أوتانبشتيم حتى يتغلب على جميع الصعاب التي اعترضت طريقه الطويل، ولم يكن بمقدور أي كائن حتى يثنيه عمّا اعتزمه، لا الإنسان العقرب ولا الفردوس الذي تثمر أشجاره أحجاراً كريمة، ولا الإلهة سيدوري Siduri التي تنصحه بأن يكف عن التفكير في الموت لأن الموت مصير جميع إنسان حي بقرار اتخذته الآلهة منذ الأزل، واحتفظت لنفسها فقط بالحياة الأبدية، وأن عليه بدلاً من ذلك حتى يعود إلى مدينته اوروك (الوركاء) ويتمتع بمباهج الحياة لأنها هي التي تمثل الحقيقة المطلقة في الوجود. غير حتى گلگامش لايأبه لنصائحها، ويتابع طريقه على قارب يجتاز به نهر الموت حتى يصل إلى موطن أوتانبشتم الذي لم يذق طعم الموت المر، ويسأله گلگامش عن سر خلوده الأبدي، فيقص عليه سر نجاته من الموت. وعملاً بنصيحة الإله الحكيم «إيا» المحب للبشر، يبني أوتانبشتم فلكاً ليخلص البشرية والكائنات الحية من الطوفان الذي سببته الآلهة للقضاء على البشر.
ويكافأ اوتانبشتم مع زوجته بحياة أبدية لقاء ما بذله من جهد لإنقاذ الجنس البشري. وبعد إلحاح گلگامش يكشف له اوتانبشتم عن حدثة السر للحياة الأبدية، ويدله على الطريق، فيهبط گلگامش إلى قاع المحيط ليقطف نبتة الخلود التي يعني اسمها «العجوز يصبح شاباً». وفي طريق العودة تبتلع حية شريرة النبتة المعجزة.
تذكِّر سيرة أوتانبشتيم السومرية ـ البابلية الأصل بسيرة الطوفان المذكورة في الخط السماوية، وهي تعود في الأصل إلى منبع واحد يتحدث عن كارثة عظيمة تحيق بالعالم وتفنيه على بكرة أبيه، لولا تدخل إله رحيم ينصح بطل الرواية ببناء فلك لإنقاذ الكائنات الحية من الدمار الكامل. والاختلافات في الرواية طفيفة جداً، فبعد الطوفان يطلق أوتانبشتيم حمامة ثم طائر سنونوثم غراباً. في حين يطلق نوح غراباً في المرة الأولى، وحمامة في المرتين التاليتين، ويكافأ بطل الطوفان السومري بأن يصبح إلهاً، أما البطل البابلي فيُمنح حياة أبدية كالآلهة، ويعقد الرب مع نوح في التوراة عقداً أبدياً صالحاً لكل الناس وكل العصور.