الممضى المالكي في أفريقيا

تعريف

الممضى المالكي هوالمسلك الإسلامي الذي رافق انتشار الإسلام في الغرب الإفريقي بعد إتمام فتح المغرب، ولذلك جعلت عنوان مداخلتي على النحوالتالي : "الممضى المالكي في أنادىل إفريقيا امتداد تاريخي للمدرسة المالكية المغربية".

• بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : فإنني أتوجه بخالص شكري إلى اللجنة المنظمة لهذه الندوة التي أتاحت لي فرصة المشاركة في هذه الندوة الفهمية التي تحمل عنوان : المدرسة المالكية الفاسية أصالة وامتداد. فالممضى المالكي هوالمسلك الإسلامي الذي رافق انتشار الإسلام في الغرب الإفريقي بعد إتمام فتح المغرب، ولذلك جعلت عنوان مداخلتي على النحوالتالي : "الممضى المالكي في أنادىل إفريقيا امتداد تاريخي للمدرسة المالكية المغربية". والأدغال جمع الدغل بفتح الغين، وله معان كثيرة في لسان العرب، ومنها : الشجر الكثير الملتف الذي يتوارق فيه، ومنها : الموضع يخاف فيه الاغتيال، ومنها : السقف المرتفع، ومنها : الوادي، ويطلق أيضا على الوطِئ أي المنخفض من الأرض ، ويجمع على أدغال ودِغال. وأقصد بادغال إفريقيا أماكنها النائية البعيدة في عمق الغابات المتكاثفة ذات الأشجار المتناكحة المتداخلة، حيث يقطن بعض المسلمين. ويتكون هذا الموضوع من ثلاثة فروع :

• الفرع الأول : انتشار الممضى المالكي في الغرب الإفريقي انطلاقا من المغرب.
• الفرع الثاني : الممضى المالكي مصدر فقهي تعليمي في السودان الغربي.
• الفرع الثالث : الفقه المالكي مسلك تعبدي لدى مسلمي غرب إفريقيا.

الخاتمة.*

*الفرع الأول : انتشار الممضى المالكي في الغرب الإفريقي انطلاقا من المغرب الممضى المالكي هوالفقه المالكي وجزء من موسوعة الفقه الإسلامي، وقسم من العلوم الإسلامية، ومن المعلوم حتى تلك العلوم وصلت إلى السودان الغربي أعني منطقة الغرب الإفريقي من الشمال الإفريقي عبر ممرات الصحراء الكبرى، وحين فتح المسلمون سواحل منطقة الشمال الإفريقي وجنوب الصحراء الوسطى في القرن السابع الميلادي، وأقاموا بها الحكم الإسلامي، ونشروا الإسلام الذي غطى المنطقة برمتها، بل وجاوزها، وفي جنوب الصحراء الغربية كانت قبائل البربر أبناء المنطقة الذين اعتنقوا دين الإسلام، لاسيما قبيلة صنهاجة التي كانت تزاول تجارة المضى مع قبائل السودان الغربي عبر الصحراء الكبرى، وقد اتخذت جهود نشر الإسلام بين سكانها الطابع الفردي من خلال التجار المسلمين في حلهم وترحالهم، وعن طريق ممارساتها للعقيدة الإسلامية، وحصل معظم شعوب حزام مناطق سهل الغرب الإفريقي وسواحلها على المعارف الإسلامية الأساسية . وكان اعتناق فرد واحد من أبناء قبائل الفولاتي أوالسوننكي أوالماندنغوالدين الإسلامي بمثابة تعزيز جديد لمسيرة الدعوة الإسلامية بكسب داعية يسعى طواعية وبكل همة لاكتساب إنسان آخر إلى جانبه يعتنق الإسلام من أبناء قبيلته أومن قبيلة أخرى مجاورة، وكانت جماهير غفيرة تنجرف وراء ملوكها أوزعمائها مسارعة معهم في الإقبال على الإسلام، وكانت تلك هي المستوى الأولى نحوإنشاء الدولة الإسلامية في السودان، وبحلول القرن التاسع الميلادي فقد أصبح بعض المسلمين من قبائل التكرور الفولانية، ومن أبناء إمبراطورية غانة القديمة مهيئين للاضطلاع بحركات الإصلاح الديني الإسلامي، وشهدت مملكتا مالي وغانة قيام تجمعات إسلامية صاحبتها ظهور المساجد المبنية بالأحجار للإشراف الإداري، ويتولى تعيين أئمتها الملك شخصيا . أبرز الدول الإسلامية التي قامت على أرض الغرب الإفريقي هي :

1- مملكة غانا : وقد امتد نفوذ هذه الدولة إلى شمال النيجر الأعلى وشماله الغربي، حدودها الشرقية نهر النيجر، والغربية نهر السينغال، والشمالية الصحراء المغربي. وقد سماها الفزاري الذي زارها عام 200 هجرية أرض المضى، وقد زارها المسعودي عام 312 هـ ثم الزهري والبكري الذي شهد أواخر أيامهم عام 476 هـ، عندما قام المرابطون من المغرب بتوحيدها تحت زعامتهم.

2- مملكة مالي : قامت عام 640 هـ، أي قبل انهيار الخلافة العباسية بقليل، وقد اتسعت حدودها اتساعا كبيرا نحوالشرق، حتى النيجر الأوسط، كما اتسعت نحوالغرب فضمت أراضي السينغال الحالية عدا الأجزاء الممتدة في الصحراء. وأشهر ملوكها كانكان موسى الذي سافر لحج بيت الحرام ومعه قافلة من أتباعه مارا بالقاهرة عام 724 هـ، واستقبلها السلطان الناصر ابن نطقوون، وقد زار هذه المملكة الرحالة ابن بطوطة، ووصف الرخاء والأمانة والصناعة وجميع مظاهر الحياة في ذلك المجتمع.

3- مملكة سنغاي : وقد فاضت على نهر النيجر الأوسط، وكانت عاصمتها مدينة غالر، وهي في مالي الحالية، ومن زعمائها ضياء بن قـس في 409 هـ تقريبا. وقد اهتم شعبها بالأدب والعلوم والتدوين الرقمي بعد حتى اعتنقوا الإسلام، وتفهموا اللغة العربية.

4- مملكة كانم : قامت في أقصى الشرق حول بحيرة تشاد وامتد سلطانها إلى أراضي غانة ومالي في الغرب. 5- دولة المرابطين : ومن أبرز الدول التي قامت بإفريقية دولة المرابطين، التي امتدت حدودها من تونس شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى حدود السودان – الغربي – جنوبا على عهد قائدها يوسف بن تاشفين . وعلاقات المرابطين بالبلاد السودانية، وبالخصوص مملكة غانة من أكثر موضعات الحركة المرابطية تعقيدا، ذلك لأن الدوافع الاقتصادية والقبلية والدينية تتصادم حينا وتتلاقى أحيانا، لأن العناصر المكونة لكلا الطرفين غير متجانسة، فهناك مساحات لقاءات واختلافات بين عناصر المرابطين الأساسية مثل لمتونة وجدالة ومسوفة وهذه وعناصر الفقهاء في المغرب الأقصى، والقيروان، ومثل هذا نجده بين العناصر السودانية، لاسيما التكرور وغانة . ومما يشير على مثانة العلاقة بين حركة المرابطين في صحرائهم وفقهاء المالكية في المغرب الأقصى حتى المال الذي جمعه عبد الله بن ياسين الجزولي من الزكاة والعشور كان يرسل إلى قضاتهم والطلبة حتى اشتهر أمره في سائر بلاد الصحراء والمغرب، ووضع بهذه السياسة لبنة تحالف الفقهاء مع المرابطين أيام دولتهم، وخاصة وأن تدخل المرابطين في المغرب الأقصى كان نتيجة لنداء فقهائه . وأخيرا، إذا كانت التجارة هي المسرب الرئيس لدخول الإسلام إلى البلاد السودانية بصفة عامة والمناطق المصاقبة أي المجاورة لديار صنهاجة الصحراء بصفة خاصة، فإن المسلمين الأوائل من أهل السودان لابد أنهم كانوا على ممضى أولئك التجار البرابرة الذين كان أغلبهم على الممضى المالكي، فهكذا انتشر الممضى المالكي في الغرب الإفريقي انطلاقا من المغرب الأقصى، ويضاف إلى ذلك وجود علاقة طيبة بين بعض سلاطين المغرب وبعض ملوك السودان، وفي تاريخ ابن خلدون : أوفد السلطان أبوالحسن ملك المغرب هدايا إلى ملك السودان منسا سليمان بن منسا موسى. وفي مكافأة ذلك جمع منسا سليمان غرائب بلاده مثل حيوان الزرافة وغيرها من الهدايا، فوصلوا بها إلى مدينة فاس شهر صفر من سنة اثنين وستين وسبعمائة، وكان يوم وفادتهم يوما مشهورا . ويقول ابن بطوطة : "قدم الحاج موسى الونجراني رسولا عن منسى سليمان إلى مولانا أبي الحسن رضي الله عنه" . جميع ذلك يشير على ما كان بين سلاطين المغرب وملوك السودان من علاقة سياسية ودينية.

• الفرع الثاني : الممضى المالكي مصدر فقهي تعليمي في السودان الغربي لما أسلم كثير من أبناء الغرب الإفريقي المعروف في التاريخ القديم بالسودان الغربي على أيدي التجار المغاربة المالكيين، فكان من الطبيعي حتى ترتكز تعاليمهم الفقهية على الممضى المالكي، وهنا غالباقد يكون بعد حفظ القرآن، ويقول

ابن بطوطة فيما شاهده في رحلته إلى مملكة مالي : "فمن أفعال السودان الحسنة … ومن عاداتهم : عنايتهم بحفظ القرآن العظيم، وهم يجعلون لأولادهم القيود إذا ظهر في حقهم التقصير في حفظه، فلا يُفك عنهم حتى يحفظوه، ولقد دخلت على القاضي يوم العيد، واولاده مقيدون، فنطقت له : ألا تسرحهم ،يا ترى؟ فنطق : لا أعمل حتى يحفظوا القرآن. وممرنا يوما بشاب منهم حسن الصورة، عليه ثياب فاخرة، وفي رجله قيد ثقيل، فقلت لمن كان معي : ما عمل هذا ،يا ترى؟ أقتل ،يا ترى؟ ففهم عني الشاب وضحك، وقيل لي : إنما قيد حتى يحفظ القرآن" . ومن المهم جدا لفت النظر إلى حتى المصادر السودانية تميز بين الفهماء والفقهاء من جهة وبين القراء، ومن الراجح حتى القراء هم أولئك الذين يفهمون الصبيان، بينما الفهماء هم أولئك المتمكنون من علوم الدين، ويتميزون بفهم اللغة العربية والإلمام بالثقافة الإسلامية، بينما نجد أولئك القراء لا يعهدون من العربية إلا قليلا، ومجال عملهم وثقافتهم القرآن وحفظه وتحفيظه، ولا يفهمون من علومه وعلوم الشرع شيئا أكثر مما يؤدون به أركان الإسلام . ومن شعرائهم كما اتى في كتاب الوافي بالوفيات الشاعر الكانمي الأسود، واسمه : إبراهيم بن يعقوب أبوإسحاق الكانمي الأسود النحوي الشاعر، وكانم بليدة بنواحي غانة إقليم السودان، وقدم إلى مراكش ومدح أكابر الدولة وكانت العجمة في لسانه غير أنه جيد النظم، وكان يحفظ كتاب الجمل في النحو، ولم يعهد من أرضه شاعر سواه. توفي رحمه الله تعالى في حدود سنة ست مائة تقريبا" . وقلت في بداية مداخلتي : إنني أقصد بأدغال إفريقيا أماكنها النائية البعيدة، فلم يكن من السهل نقل بعض الخط القيمة إلى المسلمين في تلك البقاع لكثرة مجلداتها. وعلى سبيل المثال يقول الإمام المضىي : لأبي عمر - يعني ابن عبد البر – كتاب الكافي في ممضى مالك خمسة عشر مجلدا" ، وحمل تلك المجلدات الكثيرة لكتاب واحد يصعب على كثير من الفهماء الذين كانوا يعيشون في طلب الفهم في شظف وفاقة، ولذلك نجد في تراثهم الفقهي مؤلفات مالكية مختصرة، مثل كتاب الأخضري (VI) في منطقة Tiène. بالرغم من ذلك فقد وجدت بعض الخط المالكية في خزانات بعض الفهماء مع كونهم يقطنون في تلك الأماكن النائية. وما يجب ذكره هومصدر تلك المؤلفات المالكية، ولاشك أنه هومن التراث الإسلامي الذي تجمع في مدينة تنبكتوالتي تقع بجمهورية مالي الآن، وتأسست تلك المدينة في القرن الحادي عشر الميلادي على أيدي قبائل الطوارق الصحراوية، وقد اشتهرت تنبوكتوفي القرن الخامس عشر بالأنشطة الثقافية الإسلامية المتميزة، واتصف ملك مالي منسا موسى بالتدين وتقوى الله، وشجع شعبه على طلب الفهم وإبداء الاحترام لفهماء الدين وطلبة الفهم، واخذ يرسل كثيرا من طلاب الفهم إلى مدينة فاس المغربية لتحصيل العلوم العربية والإسلامية . من هذه العبارة الأخيرة التي اقتبستها من كلام ملف كتاب جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الإفريقي الدكتور عثمان برايماباري يؤخذ منها حتى المدرسة المالكية التنبكتية تعتبر امتدادا للمدرسة المالكية الفاسية، وما يؤكد هذا الامتداد التاريخي بين مدينة فاس ومدينة تنبوكتوبل بين المدرستين المالكيتين الفاسية والتنبكتية، هوحتى أحد الفهماء ومسماه عبد الرحمن التميمي قد اتى إلى تنبكتومن الحجاز بصحبة منسا موسى سلطان مالي عندما عاد من الحج في سنة 724 هـ/1324 م، فسكن فيها، وأدركها حافلا بالفقهاء السودانيين، ولما رأى أنهم فاقوا عليه في الفقه رحل إلى قاس، وتفقه هنالك، ثم عاد إلى تنبكتو، فتوطن فيها، وعلق أستاذ لتاريخ الإسلامي عز الدين موسى على هذه السيرة قائلا : "وغني عن القول حتى المراد بالفقه هنا هوالفقه على ممضى مالك، لأنهم لم يعهدوا ممضىا غيره" . ومن الفهماء الذين تلقوا الفهم من المدرستين أواستفاد من فهمائها الفقيه الحافظ مخلوف بن علي بن صالح البلبالي الذي رحل إلى المغرب لطلب الفهم رغم كبر سنه، فأدرك ابن غازي المكناسي ثم الفاسي وغيره فأخذ عنه . وأخيرا أختـم هذا الفرع بما نطقه الأستاذ عز الدين عمر موسى تعليقا على ما قيل في أحمد بابا : "أحمد بابا الذي نطقوا عنه : في الغرب اشتهر أمره وانتشر ذكره وسلم له فهماء الأمصار في الفتوى"، وتعليق الأستاذ عز الدين هو : "ويكفي الإشارة إلى تأليفه لنيل الابتهاج، ليدل على حتى فهماء السودان – الغربي – من المالكية ليسوا بقليلي العدد، ولا بقصيري الباع في الفهم مقارنة بفهماء المالكية في المغرب" . وأنا أقول إذا صح هذا التعليق فمهما تكن درجة فهماء السودان في المالكية فإن الممضى المالكي في الغرب الإفريقي سيبقى امتدادا تاريخيا للمدرسة المالكية المغربية، فهذه الأخيرة هي الأصل، والآخر فرع، والله أفهم. الفرع الثالث : الفقه المالكي مسلك تعبدي لدى مسلمي غرب إفريقيا وما يجب تنبيه الإخوة والأخوات إليه هوحتى ممضى أهل السودان الشرقي هوالممضى الشافعي، وفي ذلك يقول ابن بطوطة : "وسافرت من مدينة عدن (في اليمن) في البحر أربعة أيام ووصلت إلى مدينة زيلع، وهي مدينة البرابرة وهم طائفة من السودان شافعية الممضى، وبلادهم صحراء .. أولها زيلع وآخرها مقدشو" ، وهي عاصمة الصومال الآن. أما السودان الغربي قديما فهوالآن الغرب الإفريقي، وممضىهم هوالمالكي، ولذلك يقول أبوسعيد السمعاني في النسبة إلى المالكية : "إما إلى أبي عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي إمام دار الهجرة، وجماعته كثيرة لا يحصون ينسبون إلى ممضىه، ينطق لكل واحد منهم المالكي، وجميع أهل المغرب، إذا جاوزت مصر إلى مغرب الشمس كلهم مالكية إلا ما شاء الله، وإما إلى بني مالك" . والشاهد هوقوله : "جميع أهل الغرب … إلى مغرب الشمس كلهم مالكية إلا ما شاء لله". وقد يقصد بذلك أنهم يتعبدون وفق ممضى الإمام مالك، وأن تعاليمهم الفقهية تعتمد على فقه الإمام مالك، وهذه السيرة التي حكاها ابن بطوطة تبين ذلك حيث يقول : "لما دخلنا هذه المدينة – وهي من مدن هجريا – رآنا أهلها ونحن نصلي مسبلي أيدينا، وهم حنفية، لا يعهدون ممضى مالك، ولا كيفية صلاته، والمختار من ممضىه هوإسبال اليدين، وكان بعضهم يرى الروافض بالحجاز والعراق يصلون مسبلي أيديهم، فاتهمونا بممضىهم، وسألونا عن ذلك فأبلغناهم أننا على ممضى مالك، فلم يقتنعوا بذلك، واستقرت التهمة في نفوسهم حتى بعث إلينا نائب السلطان بأرنب، وأوصى بعض خدامه حتى يلازمنا حتى يرى ما نعمل به فذبحناه وطبخناه وأكلناه، وانصرف الخديم إليه وأفهمه بذلك، فحينئذ زالتا عنا التهمة، وبعثوا لنا بالضيافة، والروافض لا يأكلون أربنا" . ومن المعلوم حتى الممضى المالكي هوالذي اشتهر بمسألة الإسبال ويعنون بها إرسال اليدين بعد التكبيرة الإحرام في الصلاة، وما وجهت التهمة إلى ابن بطوطة المالكي وهوفي مدينة أهلها أحناف، إلى غير ذلك في كثير من القرى النائية في أدغال إفريقيا، لا يعهد أهلها شيئا عن الممضى الحنفي ولا عن الممضى الشافعي ولا عن الحنبلي، فمن قبض يده أي وضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة يتهم بأنه خالف الممضى المالكي، وأنه من الفرقة الوهابية ، وهذا أقل ما يقوله بعض أهل قرية، وقد يتهمك بعض فهمائهم بالنفاق، لأن المنافقين هم الذين يقبضون أيديهم، ويفسرون القبض في قوله تعالى : المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إذا المنافقين هم الفاسقون ، بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، والأدهى والأمر إلى هذه الساعة مازالت بعض تلك القرى النائية في ساحل العاج وغينيا وغيرهما يمنع أهلها من حتى يؤمهم إمام يقبض يداه، ولا يرسلها كما هومشهور في الممضى المالكي، ومنهم من يمنعك من الدخول في مسجد القرية مادامت تقبض يدك في الصلة، وفي الستينات من القرن العشرين الماضي سقط التقاتل بسلاح الأبيض بين الذين ورثوا الإرسال عن الذين أدخلوهم في الإسلام من المغاربة، وبين الطلبة الذين تفقهوا على الممضى الحنبلي في المشرق وتابعهم بعض أفراد القرى، وكذلك سقط نزاع بينهم في مسألة ركعتي المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة، فيجلسون المصلي بقوة، ومثل ذلك النافلة قبل صلاة المغرب في المسجد، ويجدون جميع ذلك مخالفة للفقه المالكي.*

الخاتمة

وأخيراً يمكن القول بعد انتشار الممضى المالكي في الغرب الإفريقي انطلاقا من المغرب، واعتماد أهل السودان الغربي على الخط المالكية في تعاليمهم الفقهية الدينية، وبالخصوص أخذ بعض فهمائنا الفهم من المدرسة المالكية الفاسية، ثم اتخاذ المسلمين في غرب إفريقيا الفقه المالكي مسلكا يتعبدون به وفق أقوال فهمائه ويقلدون كبار الأئمة الفقهاء في الممضى المالكي، جميع ذلك يشير على حتى الممضى المالكي في أدغال إفريقيا امتداد تاريخي للممضى المالكي في المغرب.

المصادر