الأدب الأفريقي

عودة للموسوعة

الأدب الأفريقي

الأدب الإفريقي African literature يشتمل الأدب الإفريقي على التراث الشفهي والآداب المكتوبة بلغات بعض الشعوب الإفريقية كالسواحلية والحوصة والبانتووالنيلووغيرها من الشعوب التي تعيش في بعض أجزاء القارة السوداء، ولاسيما إلى الجنوب من الصحراء الكبرى. ومع أنه لا يمكن الانادىء بوجود وحدة ثقافية أصيلة بين الشعوب الكثيرة التي تعيش في هذه القارة، إلا أنه لا يمكن أيضاً إنكار الملامح الحضارية المشهجرة التي تعم شعوبها، وقد بدأت هذه الملامح تظهر بعد الحرب العالمية الثانية خاصة، إذ أخذت تبرز حالة من الوعي السياسي الذي يشير على الانتماء الحضاري للأفارقة، وذلك من خلال بعض الحركات أوالتنظيمات الإفريقية مثل حركة عموم إفريقية. ولعل من الضروري التنبيه على أهمية معالجة المظاهر الحضارية في القارة الإفريقية بعيداً عن الحضارة العربية في شمالي القارة حيث تسود الثقافة العربية الإسلامية، وهي حضارة ذات ملامح خاصة ومنفصلة عن الحضارة الإفريقية في مناطق أخرى.

الآداب الشفوية

كانت المشافهة وسيلة الاتصال الرئيسة في الحضارة الإفريقية القديمة، وكانت الأخبار والأساطير والأشعار تنتقل من قبيلة إلى أخرى، ومن جيل إلى جيل عن طريق الرواية الشفوية، وكان الراوية شخصاً متميزاً بمكانة مرموقة في قبيلته، لامتلاكه قدرة بلاغية خاصة، وتمتعه بقوة الذاكرة، وتبادل الأمثال والأشعار والحكايات بين روادها.

ويمكن القول إذا مجمل ماوصل إلينا من هذه الآداب الشفوية يدور حول الخرافات والأساطير التي تشوبها المبالغة، ويختلط فيها الواقع بالخيال المجنح، إضافة إلى بعض الأشعار المروية بلغة البوهل وفوتا ـ جالون ومالينكه Malinke والسوندياتية وأشعار مملكة رواندا المقدسة وأشعار اليوروبا والتراكاراس، كما أسهمت الفنون الاحتفالية (المسرحية) بدور مميز في هذه الآداب، وتضمنت نقداً اجتماعياً. وقد تراجعت هذه الآداب مع بداية التوسع المدني، ومارافقه من تحولات أدت إلى ظهور الآداب المكتوبة.

انتشر التراث الشفوي الإفريقي في العالم الجديد مع تجارة العبيد، ويضم هذا التراث أنماطاً شعرية وقصصية غنية ومتنوعة لمعظم القبائل الإفريقية. وتعد الأساطير وقصص الخلق من أغناها وأكثرها تنوعاً وخيالاً، فشعب الكونغومثلاً يعتقد بأن القوة الحقيقية في العالم هي الموت الموجود قبل الإله، أما شعب زامبية فيعتقد حتى الإله يتراجع يائساً أمام قوة الإنسان ويؤمن شعب إيبوIbo في دلتا النيجر حتى الآلهة الخالقة تسمح للإنسان باختيار مصيره قبل حتى يولد، ولدى شعب بانغوفي تنزانية رؤية خيالية خاصة عن الخلق، إذ يعتقدون حتى العالم مخلوق خرج من بطون النمل، ويمضى الرعاة من شعب مالي إلى حتى أصل الخليقة هونقطة الحليب المقدسة. وأكثر قصص الخلق عند شعوب إفريقية تلك التي تتحدث عن خلق العالم في سبعة أيام، كما يعتقد شعب دوغون الذي يعيش في المنطقة التي تعهد اليوم باسم جمهورية مالي. وتتفق معظم الأساطير الإفريقية على حتى الإله قد وافق في البداية على منح الإنسان حياة أبدية، إلا حتى رسالته قد حرفت بسبب التدليس والغباء، وثمة مئات من الأساطير حول هذه الرسالة المحرفة في إفريقية. أما الشعر الإفريقي فتطغى عليه عبارات التمجيد والتبريك التي تضم الآلهة والإنسان والحيوان والنبات والبقاع أيضاً، وأهم أناشيد التمجيد في إفريقية تلك التي تتناول زعماء القبائل وقادة الحروب. كأناشيد المديح التي تمجد زعيم الزولوالعظيم شاكا Shaka.

وتميز قبائل اليوروبا أسماء التبريك (أوريكي) Oriki من أشعار الحكمة وأغاني الصيادين والرقى والتعاويذ، وربما كان شعر إيجوأكثر الأشعار الإفريقية إغراقاً في الصنعة، ولذلك فلا يستطيع نظمه سوى بعض الكهنة، وقد يحتاج إلقاء قصيدة ليلة بكاملها، ويترافق إلقاؤها مع قصص تاريخية وأسطورية يستعين بها الكاهن أوالعراف على الحكم في قضية ما (أشعار أودو). وعلى العموم فكل جانب من جوانب الحياة في إفريقية يترافق مع الأناشيد والشعر: الرعي والحرب والكوارث والأفراح وغيرها.

وتنتشر القصص الشعبية في إفريقية إلى جانب الشعر والأساطير، وأشهرها وأكثرها انتشاراً قصص الحيوانات الماكرة، ومثالها عند شعوب البانتوفي شرقي إفريقية وأوسطها وغربيها وفي غربي السودان هوالأرنب البري، وفي غربي إفريقية العنكبوت. وتتميز هذه الحيوانات عندهم عادة بالحيلة والدهاء تهزم بهما أعداء أكبر منها وأقوى على الرغم من كثرة أخطائها التي تمتع المستمعين وتضحكهم، فحين سرقت السلحفاة سلة الحكمة من الآلهة وحاولت الهرب بها، اعترضتها شجرة لم تستطع تخطيها، لأنها على غفلة من أمرها علقت السلة في عنقها بدلاً من حتى تحملها على ظهرها، وحين عجزت عن انتزاعها من رقبتها تناثرت الحكمة في العالم منذ ذلك الحين. أما العنكبوت فيبدوفي هذه القصص شخصية أسطورية، وخصماً عنيداً لإله السماء، يسرق قصصه ويخدعه، وهوبذلك يشبه إيشوإله يوروبا المخادع الذي يعترض الآلهة الآخرين ويعرقل أعمالهم ويعطل نواياهم. ويتفرع من قصص المكر هذه قصص الهروب التي يبحث فيها البطل عن مخرج من مهمة محالة وضعته الظروف فيها.

ويعتمد فن الحديث عند الأفارقة على الأمثال اعتماداً واسعاً، فيقول شعب إيبو«إن الأمثال إدام الكلام، فهي زيت النخيل الذي تؤكل به الحدثات»، ولا يخلوجدل أوحديث عندهم من مثل يشير على فهم المتحدث وخبرته، وغالباً مايكتفى بقول نصف المثل، ويهجر النصف الآخر للسامع يكمله، وتعبر هذه الأمثال عن حكمة هذه الشعوب وتجاربها وأخلاقها وسعة خيالها، وقد استطاع أحد أفراد بعثة سويسرية تبشيرية وهوج. كريستالر جمع أكثر من 3600 مثل بلغة التوي في غانة ونشرها في بال (بازل) سنة 1879م. وللألغاز في إفريقية حضور دائم في الأسمار خاصة، وهي تأخذ عادة صيغة العرض والإفادة لا صيغة السؤال كقولهم «يهرب الناس منها عندما تكون حاملاً، ويعودون إليها بعد حتى تضع» والجواب هو: المدفع، وغالباً ما يصاغ اللغز بأسلوب مجازي يفصح عن قوة مخيلة صاحبه.

وقد أخذ معظم هذه الفنون الشعبية الموروثة يخبومنذ منتصف القرن العشرين، ولاسيما ما يتعلق منها بالطقوس الدينية، وأخذت صيغ التبريك والمديح في الشعر تتحول إلى رجال السياسة، وقد تأخذ صورة الرقى والتعاويذ في هاتى الخصوم، بيد حتى النزعة القومية لدى الأفارقة ونزوعهم إلى التحرر من الاستعمار الغربي أديا إلى ازدياد اهتمامهم بتراثهم الحضاري، فلم يعد العمل على جمعه ودراسته محصوراً في دوائر التبشير وفهماء الأجناس واللغات الأجانب، وأضحت المجموعات التي دونها كتّاب أفارقة منذ ثلاثينات القرن العشرين أفضل مجموعات التراث الشعبي الإفريقي. وظهرت آثار هذا التراث في أعمال معظم الكتاب الأفارقة مثل آموس توتولا من شعب اليوروبا الذي كان في مطلع حياته حكواتياً.


الأدب الإفريقي المكتوب باللغات الإفريقية

يمكن حصر اللغات المحلية الإفريقية، على كثرتها، في عشر مجموعات أساسية تضم جميع مجموعة منها عدداً كبيراً من اللغات أواللهجات، وتعدّ المجموعة الكونغولية الكردفانية (نسبة إلى كردفان بالسودان) في مقدمة هذه المجموعات. وتنتشر مابين نهر السنغال وكينية، والمجموعة الماندية The Mande Group في مالي وأعالي خليج غينية. ومجموعة البمبرا (البمبارا): في النيجر، والسواحلية: في كينية وتنزانية وأوغندة وأجزاء من الكونغو، والحوصة في غربي إفريقية، والجعزية والأمهرية Amharic والتيغرية والتغرانية: في إثيوبية، والأمازيغية (البربرية) في المغرب العربي، إضافة إلى العربية التي تعد أوسع اللغات انتشاراً في إفريقية.

ومعظم اللغات الإفريقية غير مكتوبة، ولم يحاول المستعمر الأوربي تطويرها أوتوحيدها، بل شجع استعمال اللهجات المحلية ليزيد القبائل فرقة، وحارب اللغة العربية خاصة، وسعى إلى فرض لغته وثقافته في المناطق المستعمرة، فسادت فيها الإنكليزية أوالفرنسية أوالإسبانية أوالبرتغالية بحسب لغة المستعمر، فزاد ذلك في اضمحلال اللغات المحلية واندثارها. على حتى الدعوة إلى إحياء تلك اللغات واستعمالها قد ازدادت قوة بعد الاستقلال فعادت إلى الحياة بعض اللغات القديمة، وظهرت لغات جديدة كالأفريكانية التي انتشرت في جنوبي إفريقية بين السكان المحليين، وهي خليط من بعض لغات البانتووالزولوZulu والإنكليزية والهولندية، بيد حتى معظم هذه اللغات يخط بحروف لاتينية.

اللغات الإثيوبية

تعد الجعزية أقدم لغة إفريقية مكتوبة، وتعود أصولها إلى العربية الحميرية والظفارية في اليمن، وتخط من اليسار إلى اليمين بحروف خاصة، وهي لغة الكنيسة الإثيوبية، وتزاحمها الأمهرية القريبة منها، وهي اللغة الرسمية في إثيوبية، والتيگرية والتيگرانية المتفرعتان منها. وتعزى أقدم المأثورات المدونة باللغة الجعزية إلى القرن الثالث الميلادي، وترجم الكتاب المقدس إليها في القرن الخامس. أما الأمهرية فثمة قصائد مروية بها وأغان تعود إلى القرن الرابع عشر، بيد حتى أقدم النصوص المدونة بها تعود إلى القرن التاسع عشر.

السواحلية

وتعد من لغات البانتو، وهي لغة أهل السواحل والجزر الشرقية بين كينية وتنزانية في الجنوب، وللعربية أثر ظاهر فيها. إذ تخط بحروفها، وتضم مفردات كثيرة منها، وتعود أقدم المدونات بها إلى أواخر القرن السابع عشر، وتشتمل هذه المدونات على بعض النصوص الدينية الإسلامية أوالقصائد القصصية المستوحاة من التراث العربي أوالفارسي. ويحتل الشعر المحل الأول في التراث السواحلي، ومعظمه من الشعر الملحمي الذي يتألف من رباعيات، يضم جميع سطر منها ثمانية مقاطع، وأشهر الملاحم السواحلية: «المحمديّة» (6280 رباعية) وهي أطول ملحمة مكتوبة بلغة إفريقية، وتحكي سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وملحمة رأس الغول (4384 رباعية) وتتحدث عن حملة بعث بها الخليفة علي بن أبي طالب إلى اليمن، وملحمة التمبوكان أوالهريكالي (1145 رباعية) وهي أقدم ملحمة سواحلية مدونة، ويعود تاريخ تدوينها إلى سنة (1141هـ/ 1728م) وتروي سيرة حملة ترى حتى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قام بها على هرقل امبراطور بيزنطة سنة 630م، والملحمة الحسينية (1209 رباعية) في سيرة الحسين بن علي ومقتله، وغيرها من الملاحم الكثيرة الأخرى في موضوعات شتى معظمها ديني إسلامي وتاريخي، أحصي منها أكثر من سبعين ملحمة حتى عام 1972، وظهرت في مطلع القرن العشرين ملحمة وطنية تصف حروب سكان السواحل مع ألمانية، وهنالك مجموعة من القصص تدور حول البطل القومي ليونغووتضم تراثاً غنياً بالأناشيد والأشعار التي لها أهميتها في الثقافة السواحلية، وما يتصل بها من دراسات.

أما الشعر الفهماني أوغير الديني فتعود بواكيره المكتوبة إلى أوائل القرن التاسع عشر، ويعد الشاعر مُياكا بن حجي الغساني (1776- 1890) من أوائل الشعراء السواحليين وأشهرهم، وقد طبع ديوانه سنة 1940م، ومن الشعراء البارزين في القرن العشرين الشيخ عمري عبيد وماتياس متيامبالا. أما الكتابات النثرية بالسواحلية فتستمد موضوعاتها من التراث والأساطير، وتخط بأسلوب شرقي شائق سار عليه بعض الكتاب المعاصرين كدفيد ريغا وعمر شريف، ويعد جيمس فيوتيلا أول من خط السيرة الفنية الحديثة بالسواحلية حين ألف روايته التاريخية «الحرية للعبيد» (1934). ومن كتاب السيرة السواحلية محمد صالح عبد الله الزنجباري مؤلف المجموعة القصصية «كوروا ودوتو» (1960)، ومحمد سعيد عبد الله من زنجبار مؤلف أول الروايات البوليسية بالسواحلية ومن أعماله: «مزيمووواتووكاله» (1960).

والسواحلية هي اللغة الوحيدة من لغات البانتوالتي دوّن بها تاريخ الأفارقة الناطقين بها قبل الاستعمار الغربي للقارة، وثمة حوليات مطبوعة عن مدن لامووممباسة وبات، وفقدت الحولية السواحلية عن مدينة كلوة كما حتى هنالك بعض المدونات التاريخية المطبوعة عن مدينة واكيلندي (1962). أما أعظم كتّاب السواحلية في القرن العشرين فهوشعبان روبرت Shaaban Robert من تانگانيقا الذي جمع بين عناصر الثقافة الإسلامية والغربية.


البانتو

لم تعهد لغات البانتوالكتابة ـ باستثناء السواحلية ـ إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إذ ازداد في إبان هذه المدة نشاط البعثات التبشيرية، فترجم «الكتاب المقدس» و«رحلة الحج» إلى بعض تلك اللغات، وتمّ إصدار بعض الصحف باللغات المحلية مكتوبة بحروف لاتينية، وقد عهد الأفارقة الآداب الأوربية، فخطوا الرواية المحلية، وكان توماس موكوپوThomas Mokopu من ليسوتوفي طليعة روادها، وأشهر أعماله الروائية (Shaka) 1925 «شاكا» وهي سيرة تاريخية من «سوتو»، يليه في الشهرة والأهمية أ.س. جوردان Jordan من الحوصة مؤلف سيرة «غضب الأجداد» (The Wrath of the Ancestors (1940 و: ج.ل. دوبة من الزولومؤلف «خادم الملك شاكا» وهي أول سيرة تطبع بلغة الزولو(1951)، وجرت محاولات جادة لكتابة الشعر على النسق الغربي بلغات البانتو، واستعمال الوزن والقافية والمقاطع الشعرية، بيد أنها لم تكن ملائمة لطبيعة تلك اللغات التي يعدّ الجانب الإيقاعي من أبرز سماتها وخصائصها، ومن أبرز الشعراء في هذه اللغات: ب.و. ڤيلاكازي Vilakazi شاعر الزولوالكبير، وس.ل. مغاي Maghayi شاعر الحوصّة وصنوه كوبانوموشاشوKopano Mushashu.

اليوروبا

تعيش القبائل اليوروبية في نيجيرية، ويحيا بعضها في بنين، وتراثها غني بالأساطير والقصص الشعبية والأغاني، أما أدبها المكتوب فبدأ بالظهور منذ عام 1844م بترجمة مقاطع من الكتاب المقدس، فخط بعض اليوروبيين عدداً من القصص، وكان الزعيم اليوروبي الشعبي فاگونوا من رواد السيرة بهذه اللغة، فأصدر بها «غابة الإله» سنة 1947، وتولد من هذه المجموعة منذ 1970 آلاف القصص التي تحكي مغامرات أسطورية شعبية عن السحر والتقمص والوحوش، وقد تأثر بها توتولا في رواياته التي يخطها بالإنكليزية، على حتى كتّاباً آخرين فضّلوا الخروج على هذا التقليد، فخط دلانوأول سلسلة من القصص الواقعية بعنوان: «إنه عالم الرجل الأبيض» (1955). أما المسرح فكان للأدب اليوروبي فيه مجال واسع، فأسس المحرر هوبرت أوغوند في الأربعينات أول فرقة مسرحية قدمت مسرحيات هزلية ناقدة أشهرها «العقلية الأوربية» (1964)، ثم قام أگوگولا بحملة إصلاح مسرحي واسعة ضمت النصوص والإخراج والموسيقى المرافقة، وتعد مسرحيات «حب المال» (1950) و«شاربوخمر التمر» المقتبسة من سيرة لتوتولا من أشهر أعماله، أما المسرحيات الأدبية فأشهرها «ثلاث مسرحيات يوروبية» لاورولاديبو(1964) أفاد فيها من التراث اليوروبي في الشعر والرواية، وتحكي تاريخ مملكة يوروبا، وربما كانت اليوروبية اللغة الإفريقية الوحيدة، باستثناء اللغة العربية، التي تصدر بها مجلة أدبية هي «أولوكوم» التي صدرت عام 1971 عن جامعة إبادان، وتصدر مرتين في السنة.

الآداب الإفريقية المكتوبة باللغات الأجنبية

الأدب المكتوب بالفرنسية

انتشرت الفرنسية بين المثقفين الأفارقة الذين نشؤوا في المناطق الخاضعة للنفوذ الفرنسي، أوالذين تلقوا تعليمهم في فرنسة، ونجم منهم بعض الكتاب الذين حازوا شهرة كبيرة، وكانت الكتابات التي نشرها بعض مستكشفي القارة ومستعمريها والمبشرين مقدمة لمجموعة من المؤلفات التي تصف القارة وسكانها، وفي طليعتها: «رحلة تومبكتوودُجينة» (1830) لرونيه كاييه René Caillé، ثم بدأت تظهر بعض كتابات الأفارقة أنفسهم من أمثال عثمان سوسيه من السنغال، وبول هازومي Paul Hazoumé من داهومي، ورونيه ماران من غينية الذي كان في طليعة الكتاب الأفارقة الذين جابهوا الاستعمار وكشفوا عن مخاطره وأعماله، وعدّ مؤلَّفه «باتولا» الفائز بجائزة گونكور الأدبية (1921) بداية حقيقية للأدب الإفريقي المكتوب بالفرنسية.

أسهمت الدراسات الخاصة بفهم السلالات وتكون الأمم (الإثنولوجية) في ازدياد تمسك الأفارقة بماضيهم، واعتزازهم بأنفسهم، وتقديرهم لتراثهم وتنطقيدهم في داخل القارة وخارجها فنشر د. جان برس مارس كتاب «هكذا تحدث العم» في هاييتي (1928) وكان لعمله هذا أثر كبير في تعميق تلك المشاعر لدى الزنوج وازداد هذا الأثر عمقاً مع نشر بيان المثقفين الأفارقة «الدفاع الشرعي عن النفس» (1932) وصدور صحيفة «الطالب الزنجي» في باريس (1934) التي تولى تحريرها ليوبولد سيدار سنگور Senghor من السنغال وليون گونتران داماس من گويانا وإيميه سيزير Césaire من المارتنيك، فنشطت حركة الأدباء الأفارقة وازدهر نتاجها، فأصدر داماس «الأصباغ» (1937)، وخط سيزير «دفتر العودة إلى الوطن» (1939)، ونشر سنگور «أغاني الظلام» (1945). وكانت محاولات التخلص من سيطرة المستعمر الأبيض في مقدمة العوامل المنشطة للنتاج الأدبي الغزير في هذه المدة، وقد أصدر هؤلاء الثلاثة مجلة «الوجود الإفريقي» (1947) التي تعد أول مجلة أدبية إفريقية تصدر بالفرنسية، وكان لها أثر ظاهر في إذكاء فكرة الزنوجة التي نادى بها كثير من الأدباء الأفارقة.

ضم الجيل الثاني من الأدباء مجموعة من الكتاب الذين بدأت مؤلفاتهم تظهر في الخمسينات مثل مونگوبيتي Mongo Beti وفرديناند اويونوFerdinand Oyono وسمبين عثمان Sembene Ousmane وجبريل تامسير وجان مالونفة ونازي بوني الذين دعوا إلى تأكيد الهوية الأدبية الإفريقية من دون تعصب للزنوجة، ويعد الشاعر الكونغولي تشيكايا أوتامسي Tchicaya Utamsi أبرز ممثلي هذا الاتجاه، كما يعد مونغوبيتي أبرزهم في ميدان السيرة، ويتجلى ذلك في روايته «مسيح بومبا الفقير» (1956) وكذلك فرديناند أيونوفي قصصه «حياة صبي» (1956) و«صبي البيت» (1966) و«الوسام» (1967) التي ترمي إلى تسفيه فكرة فَرْنَسَة إفريقية الغربية.

أما الأدباء الأفارقة الشباب الذين ظهرت أعمالهم في فترة مابعد الاستقلال فقد أثاروا المشكلات الناجمة من التفاوت الكبير بين البيئتين الغربية والإفريقية، كما هوالشأن في رواية «المغامرة الغامضة» للشيخ حميدوكانه (Hamidou Kane (1961 ويتجه بعض الكتاب إلى تصوير الأوضاع المضطربة في بلادهم بعد استقلالها مثل أحمد كروما في روايته «شموس الاستقلال» وكمارا لاي Camara Laye في روايته «دراموس» (1966) التي يهاجم فيها تسلط الحزب الحاكم في غينية.

أما المسرح فقد كانت بداياته متواضعة تجلت في مسرحيات صغيرة تروى حكايات شعبية، وتجسد التنطقيد الإفريقية الأصيلة، وتوجه ـ في كثير من الأحيان ـ نقداً لاذعاً لأنظمة الحكم الوطنية مثل مسرحية «مأساة الملك كريستوف» لسيزير (1964) و«الرئيس» لمكسيم دبيكا (1970) و«السكرتير الخاص» لجان بليا (1973).


الآداب المكتوبة بالإنكليزية

تعدّ الكتابات التي نشرت في إنكلترة، والتي خطها أفارقة بيعوا هناك أوولدوا عبيداً ثم اعتقوا، من أوائل ما خطه الأفارقة بالإنكليزية ومن ذلك رواية «الإفريقي» (1789) التي تحكي حياة ألودا أكيانوأوگوستاف فاشا ومغامراته، وهي أول سجل خطه إفريقي عن وطنه الأصلي. وفي القرن التاسع عشر، ومع انتشار المدارس التبشيرية، نشر بعض الأفارقة أعمالهم بالإنكليزية في موطنهم الأصلي ومنهم صموئيل أدجاي كروثر وأفريكانوهورتون وإدوارد بليدن.

وفي مطلع القرن العشرين خط وزير العقائد الغاني الثائر كارل كريستيان رايندروف Carl Christian Reindorf «تاريخ ساحل المضى وأشانتي» (1911) وأفاد فيها من التراث الإفريقي الشفوي. كما خط في السنة نفسها جوزيف كاسلي هايفورد Joseph E.Casely- Hayford «إثيوبية غير المقيدة»، وهي مزيج من السيرة والسيرة الذاتية، وبشر فيها بظهور حركة الزنوجة.

وكان من نتائج الحركة الأدبية التي نشطت في باريس منذ الثلاثينات حتى صدرت في نيجيرية مجلة «بلاك أورفيوس» Black Orpheus التي عنيت بنشر أعمال الكتاب الأفارقة المكتوبة بالفرنسية مترجمة إلى الإنكليزية، وفي مطلع الستينات برزت في نيجيرية حركة معارضة لأسلوب سنگور المغالي في المثالية، وأصبحت الأحوال مواتية للتخلي عن نهج الكتاب الأفارقة الذين يخطون بالفرنسية، وكان ووله سوينكا Wole Soyinka في طليعة النادىة إلى هذا الاتجاه، فازداد نتاج الأدباء الأفارقة بالإنكليزية، ونشرت عدة روايات ودواوين شعرية تتناول المشكلات الناجمة من اضطراب الأوضاع السياسية بعد الاستقلال، وتنتقد الأوضاع السائدة في المستعمرات الإنكليزية القديمة، وتنبه على خطر المبشرين الأوربيين، ومن أبرز كتاب هذه الفترة: الروائي النيجيري چينوا آچبه Chinua Achebe، وتعد رواية «الأمور تسقط منفصلة» (1958) من أفضل أعماله، وألكس لاگوما من جنوب إفريقية، وتعكس أعماله القصصية روح النضال ضد التفرقة العنصرية، والشاعر الأوغندي أوكوت بيتيك الذي خصص معظم قصائده الطويلة لانتقاد الواقع السياسي في بلاده بعد الاستقلال، والشاعر الغاني كايبر منسا الذي حاز جائزة المارغريت الأدبية (1970)، وغيرهم كثير من الكتاب والأدباء الذين يخطون بالإنكليزية. ويضاف إلى هؤلاء مجموعة أخرى كبيرة من الأدباء الأفارقة الزنوج الذين وطنوا أمريكة أواستوطنوها ويعد أدبهم في عداد الأدب الأمريكي لدى معظم الدارسين.

الأدب الإفريقي المكتوب بالبرتغالية

مازال معظم النتاج الأدبي المكتوب بالبرتغالية بعيداً عن التناول، فلم يشتهر منه سوى أعمال قليلة، وكان الكتاب الأفارقة في البرتغال قد أسسوا عام 1948 تجمعاً أدبياً وبدا هؤلاء الكتاب متأثرين بأسلوب سنغور في مؤلفات ماريوده أندراد Mário de Andrade الذي يعِّرف الشعر الإفريقي المكتوب بالبرتغالية في كتابه «مختارات من الشعر الزنجي بالبرتغالية» (1958) وأنطونيوجاسينتووأوگوستينونتوAgustino Neto وكذلك القصائد التي نظمها شعراء موزامبيق والرأس الأخضر وساوتومه. كما برز في ميدان السيرة جميع من خوسيه كرافيرينا Jose Craveirinaha ولورنزومركيز ماپوتوLourenco Marques Maputo ولويس برناردوهونوانا Luis Bernando Honwana.

وعلى العموم فإن مجمل النتاج الأدبي الإفريقي يُظهر حتى جل الكتاب الأفارقة المعاصرين واقعون تحت تأثير تيارين قويين، يتمثل أولهما في محاولة تعميق الارتباط بجذورهم، والثاني في خلق لغة خاصة تتصف بالشمولية والعالمية في آن واحد كما يتبدى في أعمال جان بليا وفيليكس كوشورووفرانسي بيبي ورونيه فيلومبي، وقد أشار المحرر الكونغولي دونگالا إلى هذه الخصائص فذكر حتى الأدب الإفريقي في إبان الاستعمار اتصف بالشمولية في مستوى القارة، ثم بدأت تتضح بعد الاستقلال الصفات النوعية المميزة لكل بلد أومجموعة عرقية، بيد حتى القاسم المشهجر بين مختلف أدباء القارة إنما يتجلى في انشغال الأدباء الأفارقة بالتصدي للمشكلات الكثيرة التي تقابل هذه الدول الفتية، وتطبع آدابها بطابعها.

المصادر

الموسوعة العربية

أنظر أيضاً

  • قائمة الكتاب الأفارقة
  • السينما الأفريقية
  • الأدب النيجيري


وصلات خارجية

  • New African Literature resource
  • The Africa_(Bookshelf) at Project Gutenberg
  • African Languages and Literature at the University of Wisconsin-Madison
  • African Literature Association
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:39:10
التصنيفات: ثقافة أفريقية, أدب أفريقي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

التجار يدعون الوزير مزّور لإخراج الغرف المهنية من عباءة السياسة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:20:18
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 85%

رسميا.. الرجاء يتعاقد مع نجم جديد خلال الانتقالات الصيفية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:20:09
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 85%

وزير الصحة يلتقي بسفير جمهوريّة كوريا الجنوبيّة بتونس

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:21:10
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

لهذا السبب حل أشرف حكيمي بالدار البيضاء

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:20:15
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 70%

فريدة الشوباشى لـ"الشاهد": مصر بعد 30 يونيو كانت تولد من جديد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:21:06
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

الملك يعزي أفراد أسرة الراحل محمد الحبابي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:20:06
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 71%

مفاجأة فى ذكرى وفاتها.. صاحب عقار سعاد حسنى يُخلى شقتها ويستولى عليها

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:21:08
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

فريدة الشوباشى لـ "الشاهد": 30 يونيو أضافت لى كل حاجة حلوة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:21:03
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

تطوّر كميات الغاز المُصدّرة من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:21:08
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

الشناوي يكشف سر تفوق جمهور الوداد على جمهور الرجاء

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-22 00:20:22
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 76%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية