تاريخ الكاثوليكية في ألمانيا
جزء من سلسلة حول الكنيسة الكاثوليكية | |
التنظيم | |
---|---|
پاپا - الپاپا فرنسيس | |
خلفية | |
التاريخ • المسيحية | |
فهم اللاهوت | |
الثالوث (الأب, الإبن, الروح القدس) | |
الطقوس والعبادات | |
الطقوس الدينية الكاثوليكية | |
طقوس | |
الرومية • الأرمنية • الإسكندرية | |
موضوعات عن الكاثوليكية
المسكونية • Monasticism | |
بوابة كاثوليكية |
تاريخ الكاثوليكية في ألمانيا يجب قراءته بالتوازي مع تاريخ ألمانيا إذا أنها كثيراً ما تُخلط مع الدولة وتتداخل وتتنافس معها وأحياناً تُضطهد منها ولذا وجب حتى تتميز عنها. فالتاريخ الطويل للكاثوليكية في ألمانيا يمكنه أيضاً حتى يفسر الكثير من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، خصوصاً في فترة القرون الوسطى، في عهد الامبراطورية الكاثولية الرومانية أوفي الحروب العالمية، أثناء صراعها مع الأنظمة السلطوية.
تنصير الألمان
تأسيس العالم المسيحي بقيادة شارلمان
الكاثوليكية كالديانة الرسمية للامبراطورية الرومانية المقدسة
ترى كيف من الممكن أن كانت الكنيسة الألمانية في شباب لوثر،يا ترى؟ لقد ظهرت إشارة في استعداد كبار رجال الدين حتى يتقبلوا النقد الموجه للكنيسة ونقادها. وكان هناك بعض الملحدين المشتتين ضاعت أسماءهم في غمرات الزمن، ويذكر أرازموس "هناك بيننا أناس يعتقدون مثل أبقراط حتى الروح تموت مع الجسد"، ووجد بعض المتشككين بين فهماء الإنسانيات، ومتصوفون أنكروا ضرورة الكنيسة أوالقسس كوسطاء بين الله والإنسان، وأكدوا التجربة الدينية الباطنية كبديل للشعائر والقربان المقدس، وكانت هنا وهناك جيوب صغيرة من الولدانيين الذين أنكروا التفرقة بين القسس والعامة، وكان في شرق ألمانيا بعض الهيسيين الذين وصفوا البابا بأنه خصيم للمسيحية، وفي أيجر دمغ أخوان هما جون وليفين بن أوجسبورج صكوك الغفران ووصفوها بأنها أمر يدعوإلى السخرية (1466).
وأعرب يوهان فون فييل، وهوأستاذ من إرفورت، في مواعظة حتى الجبر والاختيار بفضل الله، ورفض الاعتراف بصكوك الغفران والقربان المقدس والصلوات للقديسين وأعرب :"إني لأحتقر البابا والكنيسة والمجالس ولا أعبد إلا المسيح". وأدانته محكمة التفتيش، فتراجع عما نطق، ومات في السجن (1481)، وقد ناقش فيسيل جانسفورت، الذي اشتهر خطأ بإسم جوهان فيسيل، الاعتراف والحل، وصكوك الغفران والمطهر، واتخذ من الكتاب المقدس الحكم الوحيد على العقيدة وجعل الإيمان المصدر الوحيد للخلاص، وإذن فها نحن أولاء أمام لوثر في جملة. وفي عام 1522 نطق لوثر :"لوكنت قرأت مؤلفات فيسيل من قبل لظن أعدائي حتى لوثر قد اقتبس جميع شيء منه،إذ حتى آرائنا تتفق إلى حد كبير".
ومع ذلك فإن الدين في جملته كان يزدهر في ألمانيا، وكانت الغالبية العظمى من الناس محافظين، وكانوا أتقياء بين خطاياهم وكئوسهم، وكادت الأسرة الألمانية حتى تصبح كنيسة في ذاتها، إذ كانت الأم تقوم بمهمة الواعظ والأب يقوم بدور القسيس، وكان أفرادها يكثرون من الصلاة، وكانت خط الأسرة الخاصة بالتعبد لا يخلومنها بيت. أما الذين لا يستطيعون القراءة فكانت توفر لهم خط مصورة Biblia Pauperum تصور قصص المسيح ومريم والقديسين، وكانت صورة العذراء عديدة كصور عيسى، والتسابيح تتلى في كثير من التكرار المشوب بالأمل. وأسس جاكوب شبرنجر عضومحكمة التفتيش جمعية من الرهبان لتكرار تلاوتها، وثمة صلاة ألمانية كانت تخاطب الثالوث الوحيد المشهور :"المجد للعذراء والأب والابن".
وكان بعض رجال الدين متدينين كالناس، ولابد أنه كان هناك بعض القسس المخلصين للعقيدة- ولوحتى أسماءهم قلما كانت تسمع وسط ضجيج الشر- يمكن حتى ينشروا مثل هذا الورع الذائع أويدعموه بين الناس. وكان لقسيس الأبرشية، حظية أوزوجة يعترف بها القانون العام. ولكن يبدوا حتى الألمان الذين لا يخشون الإقدام قد اغتفروا هذا الصنيع باعتباره سلوكاً أفضل من التخالط الجنسي، ثم ألم يتمرد الباباوات أنفسهم في هذا العهد الذي شاعت فيه الشهوات على العزوبة،يا ترى؟ أما بالنسبة لرجال الدين النظاميين، وهم هؤلاء الذين تعرضوا للخضوع لنظام صارم في الدير، فإن كثيراً من طوائفهم شغلوا أنفسهم وقتذاك بالإصلاح الذاتي الجاد. وقد استقر رهبان البندكتين في شيء من رغد العيش بالدير ونعموا بالترف الدنيوي، واستمر فرسان التيوتون في انحلالهم الأخلاقي وقساوتهم العسكرية وأطماعهم الإقليمية، ولكن رهبان الدمينيكان والفرنشسكان والرهبان الأوغسطينين عادوا إلى التزام قواعدهم وقاموا بأعمال كثيرة في مجال البر العملي، وكان الزهاد الأوغسطينيون أشد الرهبان حماسة لهذا الإصلاح الديني، وكانوا في الأصل نساكاً أورهباناً زاهدين ولكنهم تجمعوا فيما بعد طوائف وحافظوا في إخلاص واضح على عهودهم الرهبانية من تقشف وعفة وخضوع، وتفهموا إلى درجة تكفي لشغل كثير من كراسي الأستاذية في الجامعات الألمانية. وكانت تلك هي الطائفة التي اختار لوثر حتى ينتمي إليها عندما قرر حتى يصبح راهباً.
وكانت الشكاوى ضد رجال الدين الألمان موجهة أساساً إلى البطاركة بسبب ثرائهم وانغماسهم في النعيم الدنيوي. فقد كان بعض الأساقفة والرهبان حتى يهيمنوا على اقتصاد مساحات كبيرة وصلت إلى حوزة الكنيسة وإدارتها، وكانوا سادة إقطاعيين متوجين أومكللين، غير أنهم لمقد يكونوا دائماً متسامحين، وكان رجال الدين هؤلاء يتصرفون مثل أناس تعلقت قلوبهم بالدنيا لا كرجال نذروا أنفسهم لعبادة الله، ويزعم الرواة حتى كثيراً منهم كانوا يمضىون في مركباتهم لصحبة حظاياهم إلى مجالس الدايت الإقليمية أوالاتحادية. وقد لخص جوهانس جانس، وهوبطريرك كاثوليكي متفهم ومؤرخ مساوئ الكنيسة الألمانية قبيل عهد الإصلاح الديني، ولعله كان قاسياً جداً في حكمه فنطق:
"إن التناقض بين الهيام بالتقوى والجشع الدنيوي، بين الزهد الورع والتماس النفع الذي يتنافى بين طوائف المجتمع الأخرى. وفضلاً عن هذا فإن الوعظ ورعاية الأرواح كانا يلقيان إهمالاً تاماً من كثيرين من القسس ورجال الدين. واستشرى الشح والخطيئة الفادحة بين رجال الدين من جميع الرتب والطوائف في غمرة تلهفهم على زيادة الموارد الدينية والدخول والضرائب والأجور العائدة إلى حد، وكانت الكنيسة الألمانية أغنى الكنائس في العالم المسيحي، ويقدر البعض حتى ما يقارب من ثلث الأراضي في البلاد كان بين أيدي الكنيسة، وأدى هذا إلى أمر يستحق اللوم بين السلطات الدينية، إذ أخذت تنشد دائماً ممتلكاتها وكانت مباني الكنيسة ومؤسساتها تستوعب أكبر جزء من الأرض في كثير من المدن.
وفي قلب الكهنوتية ذاتها كان هناك أيضاً تناقض ملحوظ في الدخل، فقد كانت الطوائف الدنيا من رجال الدين في الأبرشيات، الذين كانوا يستمدون رواتبهم الاسمية فقط من ضرائب العشور غير الثابتة، يضطرون في كثير من الأحايين -بدافع المسغبة، إذا لم يكن بدافع إغراء الحرص- إلى الاشتغال بتجارة لا تتفق بتاتاً مع مناصبهم، وكانت تعرضهم إلى الاحتقار من رعايا أبرشياتهم، ومن جهة أخرى فإن الطوائف العليا من رجال الدين كانت تنعم بثراء فاحش لا حد له لا حد له، وكان كثير من رجالها لا يعانون شيئاً من وخز الضمير في التظاهر بطريقة ممقوتة تثير غضب الشعب وحسد الطبقات العليا وازدراء جميع العقول الجادة.. وجأرت الأصوات بالشكوى في جميع مكان من الارتزاق المهين بالمقدسات.. ومن المبالغ التي ترسل على دفعات، ومن الضرائب التي تدفع للبابا من الأرباح السنوية، ومن مال الرشوة.
وبدأ إحساس مرير بمقت الإيطاليين يتفشى شيئاً فشيئاً، حتى بين رجال من أمثال كبير الأساقفة برتولد فون هنيبرج، ممن كانوا أبناء مخلصين للكنيسة المقدسة. وخط يقول في اليوم التاسع من سبتمبر عام 1496 :"يجب على الإيطاليين حتى يكافئوا الألمان على خدماتهم وألا يستنزفوا دماء الهيئة الكهنوتية بسلب المضى على دفعات".
وكان من الممكن الألماني حتى تغتفر لأساقفتها تعلقهم بالدنيا، لوأنها أعفيت من انادىءات الباباوات ومطالبهم، وقد استاءت روح القومية الناهضة من مزاعم البابوية أنها لا تعتبر أي إمبراطور حاكماً شرعياً إلا إذا أيده الباب، وأن من حقها خلع الأباطرة والملوك إذا أرادت. واستمر الصراع قائماً بين السلطتين الزمنية والدينية على التعيينات في المناصب وعلى تداخل الاختصاصات بين القضاء المدني والمحاكم الأسقفية، وعلى حصانة رجال الدين من تطبيق جميع التشريعات المدنية تقريباً. وتطلع الأشراف الألمان في غيظ وحسد لممتلكات الكنيسة الغنية، وأسف رجال الأعمال لأن الأديرة التي تطالب بالإعفاء من الضرائب تنافسهم في مجالس الصناعة والتجارة. وكان النزاع في هذه الرحلة قائماً على أمور مادية أكثر مما هوقائم على اختلافات دينية، وهاهومؤرخ كاثوليكي آخر يقول:
"كان إجماع الرأي في ألمانيا حتى المحكمة الرومانية ركزت الضغط في مسألة الضريبة إلى درجة لا تحتمل... وارتفعت الشكوى مرة بعد أخرى من حتى مستحقات المحكمة العليا والضرائب التي تدفع للبابا من أرباح العام... ونفقات الرسامة للكهان قد زيدت بلا مبرر أوتوسع فيها بطريقة غير قانونية، وأن صكوك غفران جديدة كثيرة صدرت دون موافقة أساقفة البلد، وأن ضريبة عشور تلوأخرى قد فرضت من أجل حرب صليبية ثم غيرت إلى غرض آخر. بل إذا رجالاً كرسوا حياتهم للكنيسة والمحكمة البابوية... كثيراً ما أعربوا حتى شكاوى الألمان من روما كانت في معظمها قائمة على أساس سليم من وجهة النظر المالية".
وفي عام 1457 وجه مارتن ميير رئيس الوزراء خطاباً لخص فيه المتاعب التي تعاني منها ألمانيا من جانب المحكمة الرومانية نطق فيها:
إن اختيار البطاركة كثيراً ما يؤجل دون داع ويحتفظ بالمراتب الرفيعة والمناصب للكرادلة وأمناء سر البابا، وهاهوالكاردينال بيكولوميني نفسه قد منح أرضاً براحاً في ثلاث مقاطعات ألمانية بصورة غير عادية لم يسمع بمثلها من قبل. كانت الوعود بالمناصب والإقطاعيات تبذل بلا حساب، وكانت الجزية والضريبة تجمع بالتعسف، ولا يمنح المدينون مهلة للسداد، ومن المعروف حتى الضرائب التي تجبى كانت أكثر من المبالغ المستحقة، وكانت الأسقفيات تمنح لا لأكثر رجال الدين جدارة بل لصاحب أكبر عطاء. وكانت صكوك غفران جديدة تصدر يومياً، وضرائب عشور للحرب تقرض دون استشارة البطاركة الألمان لا لغرض إلا لجمع المال. وكانت القضايا التي ينبغي حتى تعرض في الوطن تحول بسرعة إلى المحكمة الرسولية، وقد عومل الألمان كما كانوا برابرة أغبياء وأغنياء واستنزفت منهم الأموال بألف حيلة ماكرة....وقد ظلت ألمانيا سنوات طويلة تتمرغ في التراب تنتحب على فاقتها ومصيرها المحزن،أما الآن فإن أشرافها استيقظوا من النوم وقرروا حتى يتخلصوا من نير العبودية وأن يستعيدوا حريتهم العريقة.
وعندما أصبح الكاردينال بيكولوميني عام 1458 البابا بيوس الثاني، قابل هذا التحدي، فطلب من ديترفون ايزنبورج مبلغ 20.500 جيلدر قبل حتى يؤيد ترشيحه لمنصب كبير أساقفة ماينز (1459)، فما كان من ديتر إلا حتى رفض دفع المبلغ بحجة أنه تجاوز جميع ما كان يدفع من قبل، فأصدر البابا قراراً بحرمانه من غفران الكنيسة، ولكن ديتر تجاهل هذا الحرمان وأيده في هذا أمراء من الألمان، وعهد ديتر إلى محام من نورمبرج يدعى جريجور هايمبرج بإثارة الرأي العام لمنح المجالس الدينية سلطة أعلى من سلطة البابوات، فمضى هايمبرج إلى فرنسا لحمل دعوى جماعية ضد لبابوية، وخيل البعض فترة ما حتى الأمم الشمالية يفترض أن تتنصل من الولاء لروما، ولكن عملاء البابا انتزعوا من الحركة الواحد بعد الآخر من أنصار ديتر وعين مكانه أدولف الناساوى. واشتبك جيشا الأسقفين في حرب هزم فيها ديتر، ووجه إلى الزعماء الألمان تحذيراً بأنهم ما لم يقفوا معا فإنهم سيسامون الخسف والضيم واحداً بعد الآخر. وكان هذا الإعلان إحدى الوثائق الأولى التي طبعها جوتنبرج.
ولم يهدأ استياء الألمان بهذا النصر الذي أحرزه البابوات، وبعد حتى تحول مبلغ كبير من المال من ألمانيا إلى روما في اليوبيل عام 1500 طالب مجلس الدايت في أوجسبورج بضرورة إعادة هذا القدر من المال إلى ألمانيا. وشكا الإمبراطور ماكسمليان من حتى البابا سحب من ألمانيا دخلا يزيد مائة مرة عما يستطيع هونفسه حتى يجبيه منها. وفي عام 1510، وكان وقتذاك في حالة حرب مع البابا يوليوس الثاني، طلب من عالم الإنسانيات ويمفيلنج إعداد قائمة بشكاوي ألمانيا ضد البابوية، وفكر في فترة من الزمن حتى يقترح فصل الكنيسة الألمانية عن روما، ولكن ويمفيلنج أثناه عن عزمه بحجة أنه لن يجد تأييداً دائما من الأمراء، ومع ذلك فإن جميع التطورات الاقتصادية في هذا العهد مهدت لثورة لوثر. وليس من شك في حتى اختلافا في المصالح المادية مهد أيضاً للإصلاح الديني في ألمانيا، فطالب الأمان بوضع حد لتفق الأموال الألمانية إلى إيطاليا، أي إلى نهضة إيطاليا تمول الشعر والفن بالمضى الوارد من وراء جبال الألب.
وواكب حركة المعاداة لرجال الدين الورع بين الناس. وها هوراع أمين يخط "إن روحاً ثائرة من الكراهية للكنيسة ورجال الدين قد تفشت بين الجماهير في مختلف أراتى ألمانيا... إذا صيحة الموت للقساوسة "التي طالما ترددت في السر همساً أصبحت الآن حدثة السر التي تردد جميع يوم". كان هذا العداء المعروف حاداً إلى درجة حتى محكمة التفتيش التي ارتفع شأنها وقتذاك في إسبانيا كانت لا تكاد تجرؤ على إدانة أي أحد في ألمانيا. وصدرت كتيبات عنيفة اللهجة حافلة بالهجوم على الكنيسة، وكان رفيقاً بالكنيسة الألمانية بقدر ما كان عنيفاً على الكرسي الأسقفي الروماني.
وانضم بعض الرهبان والقساوسة إلى حملة الهجوم، وأثاروا أبرشياتهم ضد الترف الذي يعيش فيه كبار رجال الدين. واتى الحجاج العائدون من يوبيل عام 1500 إلى ألمانيا بقصص فظيعة - ومبالغ فيها كثير من الأحيان- عن البابوات المنحلين والسموم البابوية وصخب الكرادلة وعن وثنية وخسة عامة، وأقسم كثير من الألمان أنهم سيسحقون هذا الطغيان مرة أخرى، كما حطم أسلافهم سلطان روما عام 476. وتذكر آخرون ما لقيه الإمبراطور هنري الرابع على يد البابا جريجوري السابع من إذلال في كانوسا، واعتقدوا حتى الوقت قد حان للانتقام، وفي عام 1521 نطق الياندر، القاصد الرسولي للبابا، محذرا ليوالعاشر من ثورة وشيكة ضد الكنيسة: "إنه منذ خمس سنوات سمع من كثير من الألمان أنهم لا ينتظرون إلا أحد الحمقى، ليفتح فمه ضد روما".
وكانت آلاف العوامل والمؤثرات الكهنوتية والفكرية والعاطفية والاقتصادية والسياسية والخلاقية، تتجمع بعد قرون من التعويق والاضطهاد في دوامة تقذف بأوربا في أعظم فورة شهدتها منذ غزوالبرابرة لروما. ثم إذا إضعاف البابوية بالنفي في أفنيون والانقسام في صفوف البابوية وانهيار النظام في الأديرة وترهب رجال الدين والترف الذي يرفل فيه البطاركة وفساد مجالس القضاء الرومانية ووجوه النشاط المتسم بالإقبال على الدنيا للبابوات وأخلاقيات الكسندر السادس وحروب يوليوس الثاني والمرح المستهتر الذي عهد به ليوالعاشر والتجار في المخلفات المقدسة وبيع صكوك الغفران وفوز الإسلام على العالم المسيحي في الحروب الصليبية إلى جانب الهجرية وازدياد الاتصال بالعقائد غير المسيحية وتدفق الفهم العربي والفلسفة العربية وتدهور مكانة الفلسفة الكلامية في ظهور فلسفة سكوتس اللاعقلانية وشك أوكهام وفشل حركة التوفيق في الإصلاح والكشف عن الحضارة الوثنية القديمة واكتشاف أمريكا واختراع الطباعة وانتشار القراءة والكتابة والتعليم وترجمة الإنجيل وقراءته والإدراك الجديد للتناقض بين فقر الرسل وبساطتهم وبين ثراء الكنيسة الفاحش والثراء المتزايد لألمانيا وإنجلترا واستقلالهما الاقتصادي ونموطبقة وسطى ترفض التسليم بقيود رجال الدين ومزاعمهم والاحتجاج على تدفق الأموال إلى روما وتحويل القانون والحكم إلى الأغراض الدنيوية وفتوة القومية وتقوية الملكيات والتأثير القومي للغات والآداب الشعبية وتفاعل الميراث الفكري الذي خلفه الوالدانيون وويكليف وهس والمطالبة الصوفية بالتخفف من الطقوسية في سبيل ديانة تلتحم بالشخصية والروحية وتتسم بالاتصال المباشر بالإنسان... إذا هذه كلها كانت تتحد في سبيل عارم يفترض أن يحطم عهد والروابط ويمزق أوربا إلى أمم ومذاهب، وسوف يكتسح أمامه أكثر فأكثر نادىئم المعتقدات المأثورة وما تقدمه من عزاء، ولعلها تؤذن ببداية النهاية لسلطان المسيحية على الحياة العقلية للرجل الأوربي.
الاصلاح البروتستانتي
كولتوركامپف لبسمارك ضد الكنيسة الكاثوليكية
الكاثوليكية والرايخ الثالث
الوضع الحالي للكاثوليكية في ألمانيا
المصادر
ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help)
-
^ (إنگليزية) "Kulturkampf". . 1910.
It was the distinguished liberal politician and scientist, Professor Rudolph Virchow, who first called it the Kulturkampf, or struggle for civilization.