المُمَزَّق العَبْدي
المُمَزَّق العَبْدي شَأْس بن نَهَار بن أسود بن جُزَيل بن حُيَيّ بن عوف… من بني نُكْرَة بن لُكَيْز ابن أَفْصَى بن عبد القيس؛ فهونُكْريٌّ عبدي.
اتفقت أكثر المظان على حتى اسمه شَأْس، وإن قيل: هويزيد بن نهار؛ أما من مضى إلى أنه يزيد بن خَذَّاق فقد أخطأ؛ لأن ابن خَذَّاق شاعر من بني شَنّ، فهوشنّيٌّ عبدي.
واتفقت المصادر على تلقيبه بالمُمَزَّق (وفتح الزاي أولى من كسرها) لبيت نطقه في قصيدة له، وهو:
فإن كنتُ مَأْكولاً فكُنْ خَيْرَ آكلٍ | وإلاّ فأَدْركني ولمَّا أُمَزَّقِ |
وهوالبيت الذي تمثّل به أمير المؤمنين عثمان بن عفان حين بعث برسالته إلى علي بن أبي طالب ، يوم حوصر قبل مقتله سنة 35هـ /656م.
وإذا كان القدماء قد اتفقوا على حتى القصيدة قيلت بين يدي أحد ملوك الحِيَرْة متوسلاً له فيها ألا يغزوقومه مادحاً إياه، معتذراً عن سوء تصرفهم، وإذا كان هذا الملك قد قبل مدحه واعتذاره فرجع عن غزوهم فإنهم اختلفوا في اسم هذا الملك. فأكثر المصادر على أنه النعمان ابن المنذر، وهوالذي نطق للمُمَزّق، لمّا أنشده القصيدة: «لا آكلك؛ ولا أُوكلك غيري»، على حين مضى الآمدي وآخرون إلى أنه عمروبن هند؛ وكان عمروقد أسره مع بعض قومه. ولا ندري أنطق قصيدته خلال أسره أم بعد ذلك،يا ترى؟ ولكن سياق القصيدة يوضح أنه لم يكن سجيناً ولا أسيراً؛ فهماً حتى هناك قصيدة أخرى أجمعت المظان على إنشادها في النعمان ابن المنذر، وسياقها يشبه سياق القافية المكسورة التي أشرنا إلى بيت منها، ولكنها على روي القاف المضمُوم.
وهذا كله يشير إلى حتى الممزق العبدي شاعر جاهلي قديم؛ وهوابن أخت الشاعر المشهور المُثَقِّب العبدي (عائذ بن مِحْصَن ابن ثعلبة) (ت587م).
وكان المُمَزَّق العبدي على الشرك كأغلب قومه عبد القيس الذين عبدوا صنماً ينطق لـه: (ذواللبا) ومنهم من عبد صنم (المُحَرَّق)، ومنهم من كان على النصرانية.
والممزق ثاني شعراء البحرين عند ابن سلاَّم بعد خاله المُثَقِّب؛ وإذا قيل: العَبْدي فهوالمقصود، ويمتاز شعره بالحكمة والإثارة وجمالية المجاز الموحي كقوله:
تبيت الهموم الطارقات يَعُدْنني | كما تعتري الأَهوالُ رأسَ المُطَلَّقِ |
ونطق أيضاً:
لا تراني راتعاً في مجلس | في لحوم الناس كالسَّبع الضَّرِمْ |
وما وصل إلينا من شعره ـ من خلال المظان ـ فهوفي المدح، ولا سيما مدح النعمان بن المنذر، ومزج بينه وبين الاعتذار؛ وله بتر جميلة في الحكمة عرضت لبعض عادات جاهلية في رد المنية، كقوله:
ولوكنت في بيت تُسَدُّ خَصاصُه | حواليَّ من أبناء بَكْرةَ مَجْلسُ |
ولوكان عندي حازيان وكاهن | وعَلَّق أنجاساً عليَّ المُنَجِّسُ |
إذاً لأتتني حيثُ كنتُ منيتي | يخبُّ بها هادٍ إليَّ مُعَفْرِس |
وقد اختلط شعر يزيد بن خَذَّاق بشعره، ونُسب شعر أحدهما إلى الآخر.
المصادر
- ^ المُمَزَّق العَبْدي (شأس بن نهار), الموسوعة العربية