ذاك الذي يقول لا
هذا الموضوع مبني على منطقة لابراهيم العريس. |
ذاك الذي يقول لا مسرحية للمحرر المسرحي الألماني برتولد بريخت في العام 1930.
أحداث المسرحية
من أطرف وأغرب اعمال برتولد بريخت، وأكثرها إثارة للسجال، مسرحية له ذات رأسين ونهايتين وعنوانين: «ذاك الذي يقول نعم» و«ذاك الذي يقول لا». واذا كان بعض دارسي اعمال بريخت يقولون ان هذا المحرر المسرحي الالماني الكبير، قد خط العملين معاً، كتنويعتين على موقف واحد يحاول المحرر ان يرسم لنا حلّين له، لكل منهما ايديولوجيته ومبرراته، على غرار ما عمل غوته في «ستيلا» كما في «تاسو»، فإن البحث الاكثر دقة يفيدنا بأن بريخت خط العمل الاول... ثم، امام الصخب الذي أثارته ايديولوجية ذلك العمل، خط الثاني على شكل اقتراح لنهاية اخرى تحمل مضموناً فكرياً مختلفاً تماماً. والحال ان التناقض الجذري في الفكرانية التي تقف في جوهر جميع جزء من هذه «الثنائية» يبرر هذا التفسير الاخير. خصوصاً اذا ادركنا ان النقد، من بعد تقديم «ذاك الذي يقول نعم» انقسم حيال بريخت، فوقف «الرجعيون» و«اليمينيون» معه، فيما وقف ضده غلاة «التقدميين» من الذين كانوا اعتادوا مناصرته من دون قيد اوشرط. لماذا،يا ترى؟ لأن الفريقين معاً وجدا في ذلك العمل بعداً ميتافيزيقياً دينياً، أرضى الاول - على اعتبار ان المحرر الكبير يقف هذه المرة في صف افكارهم -، وأزعج الآخرين - الذين رأوا ان بريخت قد غدر بنفسه وبهم على السواء . يومها بين الفريقين، كان هناك فريق ثالث، بدا اكثر واقعية وإنصافاً. والغريب في الامر ان هذا الفريق كان يضم طلاب مدرسة «كارل - ماركس» في برلين، من الذين طرحوا على العمل كلّه سؤالاً جوهرياً، تمعّن فيه بريخت وقرر بالتالي ان يخط شكلاً آخر للمسرحية نفسها، يبعدها من الحل الميتافيزيقي، ويقربها من الواقع، والفكرانية الانسانية البحتة.
في الاساس، كانت «ذاك الذي يقول نعم» مسرحية تعليمية قصيرة استوحى برتولد بريخت شكلها في العام 1930، من مسرحيات «النو» اليابانية التي كان بدأ يطّلع عليها، وينشدّ الى الكتابة على منوالها. إلى غير ذلك اختار لذلك العمل الذي قدّم على شكل «اوبريت مدرسية» للمرة الاولى في حزيران (يونيو) 1930، على ايقاع موسيقى خطها كورت فايل.
إلى غير ذلك، بعد ذلك العمل، انفتحت امام بريخت آفاق جديدة: فخط مسرحية اخرى هي «ذاك الذي يقول لا». وأصرّ على تقديم العملين دائماً معاً، في فتح لكل آفاق الحلول ولكل الامكانات. وفي هذا الجزء الثاني من العمل تدور الاحداث اولاً، تماماً كما دارت في «ذاك الذي يقول نعم». ثم حين يقع الفتى صريع السقم ويبدوعليه انه لم يعد في امكانه إكمال الطريق... واذ يأتي رفاقه ليسألوه ما الحل، طالبين منه ضمنياً الموافقة على تنطقيد التضحية بالنفس العريقة بعدما كان قد تعهّد اول الطريق بأن «يعمل جميع ما سيتبدى ضرورياً»، يقول هنا انه غير موافق: «لقد كان جوابي سيئاً، لكن سؤالكم أسوأ. ان من يقوم بالمستوى الاولى ليس مجبراً، وبالضرورة، على ان يقوم بالمستوى الثانية. كذلك يمكن المرء ان يعهد ان المستوى الاولى مخطئة. اما التنطقيد العريقة فلست ارى فيها اي حس سليم. ما انا في حاجة اليه انما هوتنطقيد عريقة جديدة، سنعمل منذ الآن على توطيدها: تنطقيد تقوم في التفكير من جديد، امام جميع موقف جديد». إلى غير ذلك لا يعود امام الفتيان إلا ان يحملوا رفيقهم المريض، الرافض للتضحية بنفسه على مذبح الارادة الميتافيزيقية، عائدين به الى الديار. غير ان هذا كله لم يمنع بريخت من ان يخفف من مضمون البعد الايديولوجي للعمل: اذ في الجزء الاول القديم كانت غاية الرحلة الاتيان بالترياق، اما في هذا الجزء الجديد فالغاية استكشافية بحتة... ما مكّن الناقد جون ويليت من ان يقول معقباً: «اذاً، لئن كان بريخت قد استنكف هنا عن ان يقدم لنا حلاً بطولياً، فإنه على الاقل قدم لنا حلاً انسانياً فيه نهاية سعيدة بعض الشيء».
المؤلف
ولد برتولت برخت فيعشرة فبراير 1898 في مدينة أوجسبورج. تفهم الطب في ميونخ, وهناك تعهد على لودڤيگ فويشتنفانگر, وعمل في مسرح كارل فالنتين. وفي عام 1922 حصل برخت على جائزة كلايست عن أول أعماله المسرحية. وفي عام 1924 مضى إلى برلين, حيث مخرجا مسرحيا. وهناك اخرج الكثير من مسرحياته. وتزوج عام 1929 من الممثلة هلينا ڤايگل.
المصادر
- دار الحياة
نطقب:1930s-play-stub