علي الدميني
علي غرم الله الدميني الغامدي، ( 1948م-الى الآن ) من مواليد احدى قرى الباحة بالسعودية، شاعر حداثي شهير، وأديب وناشط اصلاحي معروف. تعتبر تجربة الدميني في الشعر الحداثي من أبرز التجارب في فترة الثمانينات الثرية، لجرئتها ووقوعها مبكرة في تلك الحقبة. يعهد الدميني بجودة شعره وعمق مضامينه الوجودية والتطلعية، لديه ديوانين شهيرين: (رياح المواقع)، و(بياض الأزمنة)، وتعتبر قصيدته (الخبت) من أشهر القصائد على المستوى العربي. أشرف الدميني على ملحق (المربد) الثقافي الشهير في الثمانينات في صحيفة اليوم، ومن ثم أسس مجلة (النص الجديد) الشهيرة وهي مجلة ثقافية طليعية من الدمام صدرت في مطلع الثمانينات واحتوت على تجارب ونصوص حداثية، أغلقت على ضوء اعتنطقه. للدميني انتاجات عديدة في الصحافة والمناشط الثقافية في الموضوع والنثر والقصيدة، وله في حقل الرواية، رواية (الغيمة الرصاصية) توثق لمسيرته النضالية.
مسيرته الاصلاحية والنضالية
كان الدميني أحد النشطاء البارزين في الأحزاب السرية العمالية والحقوقية التي نشأت في مطلع الثمانينات بالسعودية وخصوصاً في المنطقة الشرقية ('النظام الأساسي للحكم في السعودية يحظر نصاً تكوين أي أحزاب أوجماعات أونقابات من أي شكل ويحظر على اي سعودي الإنضمام إليها داخل السعودية اوخارجها'). وقد سجن على اثر انضمامه إلى الحزب الشيوعي السعودي، هووقيادات الحزب السري، وتعرضوا للسجن والتعذيب. الا حتى الدميني أعتبر أيقونة لمشروع الاصلاح المدني في السعودية، خلفية اعتنطقه مع قيادات الاصلاح المدني في السعودية في 2004م، هووعبدالله الحامد ومتروك الفالح. اللذين كانوا إلى جانب محمد سعيد طيّب من القيادات التي بلورت بيانات وعرائض الاصلاح المقدمة إلى العاهل السعودي، والتي كان سقفها عريضتي الرؤية وعريضة الدستور أولا الشهيرة والتي كان من أبرز مطالبها التحول إلى ملكية دستورية وفصل السلطات الثلاثة واصلاح القضاء، واعتقل على اثرها مع 11 من قيادات الاصلاح، وانتهى الأمر بالحكم عليه بالسجن لتسع سنوات، قبل حتى يتدخل الملك عبدالله بعفوملكي خلال أقل من أسبوع بعد توليه الحكم، وبعد مرور أقل من سنتين على اعتنطقهم.
- صدر له مؤخرا كتاب (نعم في الزنزانة لحن) عن سلسلة براعم، في باريس وبيروت ودمشق، وهوالكتاب الذي يوثق لمشروع الاصلاح وسيرة البيانات ومسيرته من خلف القضبان.
من أجواء قصيدة الخبت
أنشدت للرعيان ثوب قصيدةٍ في البرّ
عاقرني الفؤاد على النوى
وتباعدت نوق المدينةِ عن شياهيْ
آخيت تشرابي الأمور بنخلة ٍ
وغرست في الصحراء زهومناخي
" لا تقرب الأشجار " ألقاها الكثيب عليّ
أرّقني صباحي
لكن قلبي يجمع الأغصان ، يشرب طعمها
ويؤلف الأوراق في تنّور راحي
" لا تقرب الأشجار " غافلني الفؤاد فمسّها ، وهبطت
من عالي شيوخ قبيلتي أرعى جراحي
هذا بياض الخبت ، أهمزُ مهرتي للبحر
ارسنها إلى قلبي ، فتجتاز المسافة
حجرٌ على رمل المسيرة ، هودجٌ ، حِملٌ ،
وأغصانٌُ من الرمان ، هل تقفز ،يا ترى؟
نادىني عُرفُ ثوب البحر، أفرغت الفؤاد من المخاوف وانهمرت
إلى مسيل الخبت ،
يا ابنَ العبد ألقِ إليّ أدوية البعير فإنني
سأنسقُ الأورامَ .
أستلُ الجراح من التفرد والزهادة.
وأضمّ هودج خولة القاسي، أزيّن وحشة المسار
بعقد ِ أوقلادهْ .
هذي بلادي لم أكن أغتابها في الليل،
بل أهذي بسقط تَحرّكِ الرعيان في عرصاتها البيضاء،
أفردها لهمس الريح
ألبسُها شتاءً ،
ألتقي والماء في مرعى الطروش ِ
وأبتني قصراً من الصفصاف ،
قد أهذي
فأن لكل عاشقةٍ شهادهْ .
أفردت يا ابن العبدِ " ريحة " الجربِ الجديد
من البعير
فلا يُلمك أخوك
ما فّرطت في شَرف القطيع ِ ،
ولم تبع تيساً بناقة .
سلبوك ماء " الحسي " والخدرَ المريح،
وما سلبت الإبل مرعاها
ولا الصحراء ألقت في حشاياك البلادهْ .
مولايَ يا بن العبد
يا طرفة المفردِ
هل كنت تبغي الوِدّ
أم كنت لا تّقصدِ
قلبي على قلبك
وحقولنا تُحصد
من زهرةٍ في الشيح أقرأ فتحة الأبواب .. أرصد ما لكفك من مثالب
وأغذُ في الدهناءِ سير المهرةِ البيضاء
ارقبُ ذكريات طفولةِ الأجداد ،
رائحة الحليب ولذعة الأقِطِ البهيّ ،
وصوتَ طُرفة تائهاً في الريحْ
مستمسكاً بالشيح
والخاتم الأبيضْ .
في الشارع الخلفي
كان المدى خلفي
والوجه في الحائط
( يا الله على المسار بكره نصوب الخبت والبحر ذا حائط )
غَرسَتْ على صدري
بقميصها الصدري
وشماً لريح البحر
وغدائر الليمون
حبيبتي أمّون
( وجهك من الكادي ذا في الصدُر يطرون يا قلب وقّف بي ما اقدر على المندار والله ما لي شَفّ في كادي الديره ما دام هذي الكف ما لمست أمون ) .
في الشارع الخلفي قابلت البعير يشم " عهدجةً " تيبّس طلعها
ويدور في الطرقات ملتهما بقايا الناس ، والأطفال ،
يا جمل العشيرة
هل غربة نفقت ،يا ترى؟
هل طَلعةٌ نبتت ،يا ترى؟
أم جئت تبحث في تراث الناس عن جدثٍ
وتحفر في الطريق ملاذةً للروح
أين مرابض العربان ،يا ترى؟
أين مباهج الصحراء والفتيان، والرمل الذي أفردت
يا وجع العشيرة ،يا ترى؟
غطّى على غاشية،اء العين
إفرَادُ المحب ، ولوعة الوسنان
إلقاء العشيق بباطن الأفراد ،
أمّون التي أهوى ،
وألحان البحار البيّض
طرفة هل أتى جَرَبٌ فغطّى الناس ،يا ترى؟
أم رحمتك صحراء البلاد بدفئها في البرد ،يا ترى؟
إن الدهر غاشية، ووجهُ الشارع الخلفيّ لا يشفيك من دَرنِ التفرّدِ والبداوةْ
هذا نهارٌ أنت ترمقه وهذي حارة في الأرض ،
ليست رقعت في البر
هل تقدم ،يا ترى؟
أقدم فذا وطني،
وذي الصحراء أجمع طيرها في القلب
التحف السماء وأشرب الأيام
اعصر منحنى الأوجاع
تفردني
فأعشقها
وتلمسني
فأقربها وتنحسر العداوة
لخولة أطلالٌ ، أجوس زواياها ، ببرقة ثهمد
إذا افرد تني الأرض جاوزت للغد
أبوح بطعم الحب أقتات موعدي
أعاتب أحبابي ، بلادي بفيئها
وأهلي وان جاروا عليّ فهم يدي .
من شعر الدميني الوطني
(ولي وطنٌ) قاسَمتهُ فتنة الهوى
ونافحتُ عن بطحائه من يقاتلُه ْ
إذا ما سقاني الغيث رطباً من الحيا
تنفس صبح الخيل وانهلّ وابلُهْ
وإن مسّني قهرٌ تلمستُ بابه
فتورق في قلبي بروقاً قبائلُهْ
هذه بذرة منطقة عن حياة شخصية بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها. |