مخطات العصور الوسطى
قائمة مخطات العصور الوسطى
منذ اللحظة التي اخترعت فيها الكتابة، بدأ الانسان يودع معلوماته المتنوعة في محفظة خاصة، هي الكتاب.
وهذا الكتاب تطور على مر السنين منذ بداية الحضارات القديمة وإلى الآن، ففي بلاد ما بين النهرين اكتشفت في وقت سابق مجموعة مؤلفة من ثلاثة آلاف بترة كتابية من الألواح الطينية التي يبلغ عمرها نحوخمسة آلاف عام.
وأثناء عمليات التنقيب في المدن المصرية القديمة، مثل طيبة وتل العمارنة ، اكتشفت مجموعة من أوراق البردي يعود عمرها للأعوام ما بين 1200و1300 قبل الميلاد.
وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد اسس الملك الاشوري سنحاريب وكذلك آشوربانيپال أولى المخطات في العالم، والتي ضمت آلاف الألواح الطينية المكتوبة.
المخطات اليونانية
ابان الامبراطورية اليونانية وانطلاق حضارتها المعروفة، بدأت فترة كتابة النص الكتابي الاستنساخي، حيث اخذت تظهر تباعا المخطات الخاصة والعامة، بحيث أصبحت هذه المخطات فيما بعد عملية طبيعية ودارجة.
وأضحت المخطات العامة ورشات لكتابة واستنساخ الخط، حيث اخذ باعة الخط ترويجها إلى المشترين اينما كانوا. ان استنساخ الخط كان يتم في الغالب من قبل الدولة، التي كانت تحرص بشكل كبير على ابداء العناية الفائقة، بنوعية الكتاب، الذي يمضى إلى المشتري، بحيث يحافظ على جودته من جميع الجوانب، بحيثقد يكون «الكتاب المستنسخ» نسخة طبق الأصل من الكتاب الأول.
وفي القرن الرابع قبل الميلاد، عهدت في اليونان أولى المخطات العامة، أما المخطات الخاصة، فقد كانت قائمة قبل هذا الوقت بكثير. وفي عام 300 قبل الميلاد، كانت قد تأسست أولى المخطات خارج حدود الامبراطورية اليونانية المحيطة باثينا وغيرها من المدن اليونانية الأصلية، حيث اسس الحاكم اليوناني بطلميوس الأول مخطة الاسكندرية العامة فيمصر.
لقد أدركت حكومة بطلميوس آنذاك أهمية نشر الفهم والثقافة في اوصال الامبراطورية، ولذلك كانت المخطات اليونانية تضم ليس فقط الخط المكتوبة باللغة اللاتينية، وانما أيضا خطا مكتوبة باللغات الأخرى مثل الفارسية والعبرية، بل وحتى الخط المكتوبة باللغات البوذية.
مخطات العالم القديم
كانت عمليات استنساخ الخط تجري أيضا على ظهر السفن والبواخر التي تتوقف في ميناء الاسكندرية، بحيث يصبح الكتاب الأصل بعد الاستنساخ من حصة المخطة، اما الكتاب المستنسخ فيبقى في الباخرة، حيث يمضى إلى الأماكن الأخرى. وبالنسبة إلى حجم محتويات مخطة الاسكندرية آنذاك من الخط والمخطوطات، فقد بلغت أكثر من 750 ألف كتاب ورقي. وأثناء حصار الجنود الرومان للمخطة عام 47 قبل الميلاد، اندلعت النيران فيها، والتهمت اعدادا كبيرة من خطها.
من الرومان الى النهضة
منذ حكومة القيصر اغسطوس صار إنشاء المخطات أمرا اعتياديا، وبدأت عملية تأسيس المخطات في البداية تتم اما داخل الكنائس والأديرة واما بجانبها، بحيث تكون ملاصقة لها. وكانت هذه المخطات تفتح ابوابها في أثناء ساعات العمل الاعتيادية، وكانت عادة تجميع الخط والتبرع بها تتم على يد الطبقة الارستقراطية أوعلى ايدي اصحاب المخطات الخاصة. وقد تحولت المخطات فيما بعد إلى نواد للقاء المهتمين بالثقافة والفكر، حيث كانوا يخوضون نقاشات واسعة وخاصة حول المؤلفات الجديدة.
ولكن عندما سقطت الامبراطورية الرومانية الغربية، دمرت جميع مخطاتها بصورة منتظمة من قبل القبائل البربرية الغازية، وبقيت فقط المخطات الرومانية الشرقية. لعبت الكنائس والأديرة دورا كبيرا في الحفاظ على الخط والثقافة والتعليم في أوروبا الغربية، فقد احتوت مخطاتها على أعمال قد طواها النسيان، تعود إلى فترة الفلاسفة اليونانيين التي تضم اعمالا في الفلسفة والحكمة والطب والفلك والحساب والدراما وغيرها. لقد قامت الكنائس بحركة تبادل واقتراض الخط فيما بينها، واستنساخ بعضها.
وبقرار من الامبراطور الروماني كارل الكبير، الذي اتخذ من براغ مقرا لامبراطوريته، تم تأسيس ورشة استنساخ للخط في جميع مدرسة من مدارس البلاد، أما في عالمنا العربي، فقد بدأت حركة استنهاض واسعة لتأسيس المخطات وترجمة الخط اليونانية التي كانت محفوظة في بغداد، وذلك على يد الخليفة العباسي هارون الرشيد ومن ثم ابنه المأمون. لكن الرغبة الجديدة في اشاعة الكتاب وتأسيس المخطات ازدهرت ابان النهضة الثقافية، فالعائلة الفلورنسية الشهيرة «فيديسي» كانت تملك مخطة واسعة ومهمة.
وخلال النصف الأول من القرن الخامس عشر، تأسست أيضا مخطة الفاتيكان التي تحتوي اليوم على حوالي 150 ألف كتاب، فضلا عن العناوين المهمة والخطيرة التي تخفيها وراء كواليس لا يصل إليها أحد.
المخطات العامة
ان اختراع الطباعة في القرن الخامس عشر قد خطا إلى حد بعيد نحوالكتاب السريع. فمنذ ذلك الحين ازداد عدد الخط والمخطات العامة تدريجيا واخذت هذه المؤسسات تستحوذ على اهتمام وعناية أغلبية الناس تقريبا. وظهر نموذج ما يدعى بـ«المخطات الكاملة»، ففي عام 1425، فتحت أول مخطة عامة أبوابها في لندن، وأخرى عام 1580 في ادنبرة. وفي القرن الثامن عشر الحقت ادارةالمخطة البريطانية كجزء تابع لمخطة المتحف البريطاني. أما في باريس، فقد كانت هنالك مخطتان، الأولى المخطة الملكية الأصلية لكارل الرابع التي تأسست عام 1367، وفيما بعد تحول اسمها إلى «المخطة الوطنية»، والثانية مخطة «موزارين» التي تأسست عام 1643.
مؤسس مشهور
بعيدا عن وقائع التاريخ، اختفت تلك الطرازات من المخطات «الكنائسية» أوالمخطات الخاصة التي كانت بحوزة النبلاء. فقد تحولت المخطات إلى مواقع جديدة ساحرة الجمال، ومزينة باجمل التحف الفنية، فقاعاتها أصبحت بمنزلة اجزاء من متاحف تجمع بين الرسوم والمسارح والعمارة ذات الفن الرفيع، التي شيدها أبرز معماريي أوروبا آنذاك. ففي ألمانيا كان المعماري الباروكي جون فيشر مون ايرلاخ ولوكاس فون هيلدر برانت قد عملوا في خدمة «الهابسبورغيين»، ومن جملة أعمالهم تلك المرافق الرائعة التي ضمت مخطات راقية للغاية. وفي اسبانيا، شيد مخطة الكنيسة الوحيدة المعماري جوان باوتيستاتي تولينو. أما الطراز المعماري الساحر فهويخص معظم المخطات العامة القديمة والمنتشرة في بعض المدن الأوروبية، ومن بين هذه المخطات، الطراز المعماري الرائع لمخطة جامعة «ترنيتي» في دوبلن الايرلندية، التي تتميز جدرانها باللون الأخضر، لان هذا اللون يبعث على الهدوء والراحة ويؤمن اجواء القراءة.
بعض أرقى المخطات الأوروبية
مخطة دير آدمور
الموجودة في منطقة الألب النمساوية، ومساحتها تضاهي مساحة أكبر كاتدرائية في النمسا، حيث يبلغ ارتفاعها 13 مترا وطولها 79 مترا وعرضها 14 مترا. وهي بترة أثرية رائعة الجمال، ولون اضاءتها الداخلي هواللون البرتنطقي الفاتح المائل إلى البياض، أما سقوفها التي تتدلى على اقواس مسنودة باعمدة دائرية، فتضم عدة صور لاشهر رسامي العصور الوسطى، ومن بين مفاصل الجدران، ترتفع خزائن الخط المصنوعة من الخشب الفاخر والمزركش بمنحوتات مدهشة.
مخطة دوك هومبريس
وقد تأسست عام 1488 في مدينة أوكسفورد البريطانية، وقد كانت موضوعا لمسلسل Harry Potter الشهير. وتبدوحتى الآن، وكأنها تحتفظ بملامحها القديمة، لكنها من الممكن تتميز بشيء قد لا نجده في المخطات الأخرى الا وهوبطانتها الداخلية التي تعتمد على الخشب الملون بالالوان الداكنة والنحوت أوالزخرفات الفنية الرائعة.
مخطة كنيسة (ميتن) في ألمانيا
مخطة {ميتن metten بترة فنية رائعة الجمال، فجدرانها مزينة بصور وتماثيل من أعمال اشهر فناني عصر النهضة. أما خزائن الخط، فهي مصنوعة من الخشب الثمين، وبطريقة فنية ساحرة
مخطة الملك فيليب الثاني
هذه المخطة توجد في كنيسة El Escorial، وهي تحفة من التحف الفنية النادرة، فسقفها المبني على شكل اقواس غوطية، تضم فيما بينها عدة مفاصل أوفسحات. وفي جميع فسحة ثمة صورة مرسومة من قبل اشهر الفنانين آنذاك. وفي قاعة المخطة اصطفت خزائن الخط على شكل صفين متقابلين يمتدان على طول القاعة.
مخطة سالامنك
توجد مخطة سلمنقة Salamanque في اسبانيا وتضم قاعة سرية تحتوي على الكثير من المخطوطات التي لم تعرض على زائري المخطة، انها مخطوطات قديمة، من بينها مخطوطات عربية نادرة من فترة دولة الطوائف العربية في اسبانيا.
مخطة جون فيشر فون ايرلاخ
هذه المخطة بنيت في القرن الثامن عشر على الطراز الباروكي، وهي واحدة من التحف الباهرة التي تشبه طراز قصور الاباطرة القدماء، من حيث ضخامة عمارتها وتصميمها الفني الرفيع.
المصادر والمراجع
جريدة القبس