عزت النص

عودة للموسوعة

عزت النص

عزت النص () قائد انقلاب انفصالي سوري. قام بانقلاب على الكزبري بعد 50 يوم من الانقلاب الانفصالي. واستمر في الحكم من 20 نوفمبر 1961 إلى 14 ديسمبر 1961.

استوزره مأمون الكزبري في حكومة الانفصال الأولى وزيرا للتربية كتكنوقراطي ذوأهواء يمينية، على شاكلة عوض بركات وعدنان القوتلي وعبد الرحمن حورية ومصطفى البارودي وأضرابهم.


قرر عبد الكريم النحلاوي، قائد انقلاب الانفصال، اعتنطق حيدر الكزبري وفيصل سري الحسيني - شريكيه في الانقلاب - عندما تأكد أنهما وأقرباءهما: مأمون وخلوصي الكزبري وأكرم سري الحسيني قبضوا أموالاً سعودية عبر أيدٍ أردنية لقاء أدوارهم في تدبير الانفصال. خلع النحلاوي مأمون الكزبري من رئاسة الحكومة واستبدله بعزت النص ليرأس وزارة انتنطقية أشرفت - مع العسكر - على اجراء الانتخابات النيابية في ديسمبر 61، بعدها خرج النص من السياسة ... بلا رجعة.


مجلة "الفهم السورية، غلاف عدد آذار 1947.

كانت له اهتمامات أدبية فخط منطقة بعنوان "أسس الثقافة المشهجرة" في مجلة الفهم السورية في عدد آذار 1947..


المبحث السابع: محاولة استعادة الوحدة

أطيحت وزارة الكزبري، ولَمّا يمضِ شهران. وما عجل بزوالها إلا افتضاح أسرار الانقلاب، ولا سيما ارتشاء بعض مدبّريه وعدد من الوزراء بأموال من الخارج؛ فضلاً عن تفاقم الخلافات بين رئيس الحكومة وأعضائها؛ وكثرة الاعتنطقات والمحاكمات السرية. ناهيك باحتدام تنازعهم في القوانين الاشتراكية؛ فالسياسيون يريدون إلغاءها، والعسكريون يطالبون بتحكيم الشعب فيها.

خلفت وزارة الكزبري أخرى، ترأسها، عزت النص. حاولت الإصلاح، فأعربت إجراء انتخابات نيابية، في الأول من ديسمبر 1961. ولكن الشعب استجاب لمقاطعتها، فعمدت الحكومة إلى تزويرها.

وفي 13ديسمبر، أعرب إعفاء ثلاثة وسبعين ضابطاً من الخدمة في الجيش السوري. وفي 14 ديسمبر، أعرب انتخاب السيد ناظم القدسي رئيساً للجمهورية، وهومن الساسة السوريين القدامى. وأُلِّفت وزارة جديدة، هي الثالثة في غضون ثلاثة أشهر؛ وترأسها معروف الدواليبي. بيد أنها لم تكن أوفر حظاً من سابقتَيها، إذ بادر ضباط القيادة في الجيش السوري إلى لقاءة رئيس الجمهورية، وقدموا إليه عدة مطالب ، أهمها إنطقة الحكومة، وحمل الحصانة عن النواب المتهمين بالرشوة والتعامل مع الدول: العربية والأجنبية، واختزال مدة المجلس النيابي الجديد، وإجراء انتخابات جديدة.


أولاً: الوحدة تراود قادة الجيش

ذكر اللواء عبدالكريم زهر الدين، القائد العام للجيش السوري، في مذكراته، حتى القيادة طالما أبدت أسفها لفقدان الوحدة مع مصر؛ بل تفتش عن وسيلة، تمكنها من العودة إليها؛ إنما ولكن بشروط تحُول دون انحرافات التجربة السابقة، وتحقق استمراريتها وتوسّعها.ولذلك، وبعد الدراسات المتتالية، والاجتماعات مع بعض الوحدويين، تقرر اتخاذ المستوى الأولى، وإرسال وفد من الضباط، للقاءة الرئيس عبدالناصر، والتداول في المواضيع العامة، والمتعلقة بالأخطاء، التي ارتكبت زمن الوحدة. وطُلب من الوفد معالجة الأمور التالية:

1. وقف المهاترات الإذاعية، فوراً.

2. الاعتراف بالوضع الحاضر في سورية، من أجل الانتنطق إلى معالجة عودة الوحدة، على أُسُس جديدة.

3. عقد اتفاق عسكري مشهجر، بين مصر وسورية، لتطبيق الخطط العسكرية الموضوعة أثناء الوحدة.

4. حسم الأمور الإدارية المعلقة بين مصر وسورية (أسلحة وسواها).

وقد تكون الوفد من ضباط، أسهموا في انقلاب 28 سبتمبر؛ وذلك للدلالة على سلامة النية وصدق الطوية. وأُطلع على ذلك الدكتور ناظم القدسي، رئيس الجمهورية، فوافق؛ مشترطاً حتى يجتمع بالموفَدين، قبل السفر، لتلقينهم ما سيطرحونه على الرئيس عبدالناصر. إلا حتى الوفد سافر، فجأة، بإيعاز من عبدالكريم النحلاوي، من دون فهم القائد العام أورئيس الجمهورية. وتكوَّن من العميد زهير عقيل، والعقيد محمد منصور، والرائد فايز الرفاعي. أمّا الوسيط، الذي دبر لقاءهم مع الرئيس عبدالناصر، فهوالفريق جمال فيصل، القائد السابق للجيش السوري، والذي بقي في القاهرة، بعد الانفصال.

كان ملخص أطروحة الوفد:

  1. ما وقع لم يكن في حسبان الضباط السوريين. وإنهم يشعرون بأن الأمة العربية، تتهمهم بالانفصال والرجعية.
  2. سورية في خطر، ومستهدفة. "والذين دبروا الانقلاب في لبنان، كانوا يقصدون دمشق؛ تمهيداً لإحياء مشروع الهلال الخصيب، بإيعاز من الاستعمار"
  3. إسرائيل تنتهز فرصة الانفصال، وتسارع في تحويل نهر الأردن.
  4. الحل الوحيد هوعودة الوحدة بصورة جديدة.

وكان رد الرئيس عبدالناصر، حتى التجربة زادت إيمانه بالوحدة، ولم تضعفه؛ إلا وأنه في حاجة إلى دراسة ما وقع وتفهّم معانيه. ولا بدّ من شكل حديث للتجربة؛ إذ لا يمكن نشوء وحدة بين مصر وسورية، تكون القاهرة فيها اشتراكية، ودمشق رأسمالية! وجاهر بمعارضته الكلية لتدخّل الجيش في شؤون الدولة.

ثانياً: انقلاب 28 مارس 1962

اشتعل الحماس، بعد الزيارة، في قيادة الجيش السوري. وبدأ عقد الاجتماعات المطولة، لبحث موضوع التقارب مع القاهرة، وإعادة الوحدة، ولوأدى ذلك إلى انقلاب جديد. وتزعم اللواء عبدالكريم زهر الدين هذا التوجه، فعقد اجتماعاً في منزله، ضم اللواء نامق كمال، والمقدم عبدالكريم النحلاوى، والمقدم مهيب الهندي، والمقدم هشام عبدربه، والرائد فايز الرفاعي، وكلّهم مخططي الانفصال والمشاركين في انقلابه. كما ضم الأستاذ نهاد قاسم والدكتور فريد زين الدين، وهما من السياسيين الوحدويين. وتدارس المجتمعون عودة الوحدة. وانحصر اجتهادهم في فكرتَين:

الأولى: طرحها العسكريون، يؤيدهم الدكتور فريد زين الدين. وقضت بإزاحة المجلس النيابي، وإنطقة الحكومة الحالية وتأليف وزارة جديدة، يرأسها الدكتور ناظم القدسي، (إن رغب في ذلك)؛ وإلا فيرأسها وحدوي معتدل. ثم تؤلف وفداً من أعضائها، يزور القاهرة، وتعود الوحدة بشكل جديد. والثانية: اقترحها نهاد قاسم. وقضت بأن يرأس هونفسه وفداً وحدوياً، من عسكريين ومدنيين؛ يتوجه إلى القاهرة، قبل تأليف أي حكومة جديدة في سورية؛ لمفاوضة الرئيس عبدالناصر، والوقوف على رأيه في شؤون الوحدة. وقد أيد المجتمعون الخيار الأول،. واستعرضوا المرشحين للانضمام إلى الوزارة الجديدة عند قيام الانقلاب؛ فانتقوا بعثيين، وقوميين عرب، ووحدويين اشتراكيين. كما كلف الدكتور فريد زين الدين صياغة الرؤية السورية لشكل الوحدة الجديدة مع القاهرة.

وتعددت الاجتماعات في هذا الخصوص، وكانت تعقد في شعبة الاستخبارات العسكرية؛ لإنجاز الدراسة المطلوبة. وعقد اجتماعان في مدرسة المدرعات. جاء الأول ضباط الانقلاب وكثير من قادة القطاعات، الذين انقسموا قسمَين: أحدهما، نادي بإعادة الوحدة فوراً؛ والآخر، رفض الفكرة من أساسها. أمّا الاجتماع الثاني، فرَأَسه اللواء عبدالكريم زهر الدين، حضره الكثير من القيادات المسؤولة في الجيش؛ وانتهى إلى توصية بالتروي في شأن الوحدة، لحؤول دون انتكاسها ثانية.

ثالثاً: مؤتمر شتورة والإساءة لمصر

عمد انقلابيو28 مارس 1962 إلى لفت شعب سورية وجيشها عن نظامهم، وإلهاء الرأي العام بقضايا خارجية مؤثرة. وأتتهم الرياح، في يوليه 1962، حينا خطب الرئيس جمال عبدالناصر، فتلقفوا قوله:

" إنك، أيها الشعب العظيم، تزيدنا إيماناً بالقومية العربية والوحدة العربية. وإن النكسة، التي حدثت في العام الماضي، لم تؤثر، أيها الإخوة، بأيّ حال من الأحوال... في مشاعرنا. إننا، اليوم، أيها الإخوة المواطنون، ونحن نحتفل بعيدنا العاشر للثورة، نتجه إلى إخواننا في الإقليم الشمالي... في سورية؛ ونقول لهم: أيها الإخوة، نحن معكم، على طول الخط... أيها الأخوة، إننا لم نكفر بكم أبداً؛ ولكنا، كلّ يوم، نزداد إيماناً بكم، ونزداد تقديراً لكم، ونزداد شعوراً بأخوتكم، ونزداد شعوراً بوحدتنا معكم".

استشفت الحكومة السورية خطر ذلك الموقف،؛ إذ أوحى بأن الرئيس عبدالناصر، لا يزال يَعُدّ سورية تابعة لسلطته؛ فهويسميها بالإقليم الشمالي. إنه، إذاً، يحرض شعبها وجيشها على الانقلاب أوالاقتتال وخلق البلبلة والفوضى وسفك الدماء؛ ما يمثل اعتداءاً صريحاً على سيادتها. وسارعت الحكومة السورية, في السابع والعشرين من الشهر عينه، إلى تنبيه الأمين العام للجامعة العربية على الموقف المصري؛ لا، بل طلبت حتى يجتمع مجلس الجامعة العربية في أيّ بلد عربي، عدا مصر، لبحث شكواها.

وحدد الأمين العام للجامعة يوم 22 أغسطس موعداً لعقد مجلسها، في شتوره، اللبنانية، لبحث الشكوى السورية. وسرعان ما غدا مؤتمر شتوره سوقاً للتشهير بمصر. وسدر المؤتمرون في غايتهم فأغووا المقدم زغلول عبدالرحمن الملحق المصري العسكري في بيروت، ليحضر المؤتمر، يشهد، زوراً، بعمليات التخريب المصري في سورية وغيرها من البلاد العربية.


رابعاً: خاتَم الانقلابات

تواترت الانقلابات في سورية، ووافق أحدثها في يوم وقوعه، في 28 سبتمبر 1962، انقلاب الانفصال؛ بل كان امتداداً له؛ حتى إنه سلسل بلاغه الأول ببلاغ الانفصاليين الأخير، فجعل رقمه ستاً وعشرين. واتى فيه: "إن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، تحقيقاً لرغبات الشعب، وحفاظاً على مكاسبه وأمنه واستقراره، وحريته التي حققها له جيش الثورة فـي 28 سبتمبر، تعلن بأن الجيش، استمراراً لهـذه الثورة، قد استلم زمام الأمور في البلاد، اعتباراً من صباح هذا اليوم. وهي إذ تطلب من المواطنين الخلود إلى الهدوء والسكينة، والانصراف إلى أعمالهم، تحذر بأن كلّ محاولة للإخلال بالأمن وإثارة الشغب، ستقمع بمنتهى الشدة والحزم".<o:p></o:p>

ثم تلته بلاغات، تعلن حل المجلسَين: التأسيسي والنيابي، واستنطقة رئيس الجمهورية، واستنطقة الوزارة السورية؛ وتولي خالد العظم رئاسة الحكومة، واستمرار الدكتور ناظم القدسي رئيساً للجمهورية، واللواء عبدالكريم زهر الدين قائداً للجيش. <o:p></o:p>

أثار الانقلاب ريبة السوريين، شعباً وجيشاً؛ إذ أطاح الضباط الوحدويين، فتنكر لرغبة سورية في الوحدة. وهوما دفع قواها: البعثية والقومية والناصرية إلى التعاون على تطبيق انقلابثمانية مارس 1963، الذي آذن بسطوع حزب البعث، ليس في سورية فقط؛ إنما في العراق كذلك، حيث لم يتردد، قبل شهر واحد، عبدالسلام عارف، وهوالقومي العربي، في مخالفة البعثيين على إطاحة عبدالكريم قاسم، المندفع نحوالشيوعية.

وأعرب البيان الأول للانقلاب في السابعة والنصف صباحاً. واتى فيه: " منذ فجر التاريخ العربي، وسورية تلعب دوراً إيجابياً مناضلاً في حمل راية العروبة والوحدة. وكانت سورية العربية وشعبها، لا يعترفون بحدود قطرهم. وإنما يعيشون دائماً وأبداً في حدود الوطن العربي الكبير... ثم أتت وحدة مصر وسورية، في الجمهورية العربية المتحدة، نموذجاً لآمال شعبنا وتحقيق وحدته الكبرى... ولكن الرجعية العميلة والاستعمار والانتهازية، أبت إلا حتى تكشف عن نفسها، مستغلة الأخطاء في تلك الحقبة؛ فمضىت بالتآمر على تلك الجمهورية إلى أقصى ما تستطيع، فكانت نكبة الانفصال... إذا حركة الجيش غايتها إعادة الجيش إلى منحاه العربي السليم. إذا الجيش والشعب، يؤمنان إيمانا،ً لا يتزعزع، بالوحدة العربية على أُسُس سليمة... وسورية العربية، تمد يدها إلى بغداد والقاهرة وصنعاء والجزائر، وإلى كلّ الأحرار، في كلّ مكان".

استهل الانقلابيون نشاطهم باعتنطق اللواء عبدالكريم زهر الدين، قائد الجيش السوري، طوال فترة الانفصال؛ وعزل رئيس الوزراء، خالد العظم، الذي لجأ مع أسرته إلى السفارة الهجرية في دمشق؛ وخلع رئيس الجمهورية، ناظم القدسي. وأعادوا إلى الخدمة عشرات الضباط، ممن كانوا قد سرحوا، في أعقاب الانفصال، ومعظمهم من البعثيين والوحدويين. ثم أعربوا عن أسماء قادة الانقلاب، وهم: العقيد لؤي الأتاسى، الذي مُنح رتبة فريق، وعُيِّن قائداً عاماً للجيش وللمجلس الوطني لقيادة الثورة؛ والعميد راشد قطيني، الذي رُقِّي إلى رتبة لواء، وعُيِّن نائباً للقائد العام؛ والعقيد محمد زياد الحريري، الذي رُقِّي إلى رتبة لواء، وعُيِّن رئيساً لهيئة أركان الجيش والقوات المسلحة.

وحرصت القيادة السورية الجديدة، بعد نجاح الانقلاب مباشرة ، على إرسال البرقية التالية إلى الرئيس عبدالناصر: "الرئيس جمال عبدالناصر.. القاهرة – لقد تأثرنا من الانفصال، وغسلنا العار".

خامساً: مسببات نجاح الانقلاب

توافرت للانقلاب مسببات نجاح شتّى، أهمها:

1. المد الوحدوي، وتأثير الانفصال في الشعب السوري والشعوب العربية، التي اطمأنت بالوحدة. 2. رغبة الشعب والجيش في الاشتراكية العادلة، التي قضى عليها الانفصال. 3. تكالب الانفاصليين على المنافع الذاتية، وافتقارهم إلى أُسُس الشرعية. 4. الانفصال مؤامرة خارجية، نفذها سوريون، بلغ عددهم أربعة وسبعين مدنياً وعسكرياً، توزعتهم ست فئات:

أ. ضباط تلقوا أموالاً من الخارج؛ من طريق غير مباشر، من أجل تدبير مؤامرة الانفصال، مثل: العقيد فيصل الحسيني، والعقيد حيدر الكزبري وأخيه خلوصي الكزبري.

ب. الضباط منفذوالمؤامرة، وبينهم عبد الكريم النحلاوي، وموفق عصاصة، وعبد الغني دهمان.

ج. رؤساء جمهورية الانفصال وحكوماته، ومن بينهم ناظم القدسي، خالد العظم، مأمون الكزبري، معروف الدواليبي.

د. صحفيون وكتاب، عادَوا الوحدة، وآمروا عليها الرجعية؛ وارتشوا، لترسيخ الانفصال.

هـ. كبار الرأسماليين، الذين حاولوا السيطرة على الدولة ونهب مواردها.

و. كلّ المشاركين في مؤتمر شتورة، المشنِّعين على الجمهورية العربية المتحدة.

5. تأثير الجناح العسـكري لحـزب البعث في التخطيط للانقلاب وتنظيمه؛ ما أسهم في: أ. عودة الكثير من رجال الحزب، ممن استبعدهم نظام الانفصال، وفي طليعتهم: صلاح جديد، ومحمد عمران، وحافظ الأسد؛ وجميعهم ذوورتبة مقدم.

ب. سيطر البعث على المجلس الوطني لقيادة الثورة في سورية، إذ عيِّن صلاح البيطار، أحد مؤسسي الحزب، رئيساً للوزراء.

6. مساهمة البعث في نجاح الانقلاب في العراق، زادت نشاط جناحه السوري؛ فأمسى أكثر إيجابية، وأكثر تنظيماً، لتولي المسؤولية.


سادساً: التوجه إلى الوحدة

بادر السوريون والعراقيون، إثر نجاح انقلابَيهما، إلى طلب الوحدة. وسارع على عرضها على الرئيس عبدالناصر، في 11 مارس، طالب شبيب، وزير الخارجية العراقي، بعد مباحثات، أجراها في دمشق. وكان ملخص ما نطقه: "إن الإخوان: العراقيين والسوريين، الذين اجتمعوا في دمشق، يقترحون وحدة ثلاثية، تضم مصر وسورية والعراق. وإن هذه الوحدة، في رأيهم، هي الأمل الحقيقي والمرتجى للأمة العربية؛ فضلاً عن أنه أمل، أصبح، الآن، ممكناً، بعمل ما جرى في بغداد، وما لحقه في دمشق".

وصل، في 14 مارس، وفْدان: عراقي وسوري، إلى القاهرة، حيث بدأت الاجتماعات مع الرئيس جمال عبدالناصر؛ واستمرت، متبترة، نحوشهر. وكان أبرز ما تناولته:

  1. انقلاب سورية وطني وحدوي تقدمي اشتراكي.
  2. نشوء الوحدة الثلاثية، يجب حتى يراعي الواقع؛ لتكون قاعدة لباقي الدول المتحررة.
  3. ترحيب مصر بالوحدة، وتصميمها على بحثها بحثاً وافياً وصريحاً، يحول دون جريمة انفصال ثانية؛ وإلحاحها في استيضاح كُنْهها: أهي وحدة مع حزب البعث أم مع سورية والعراق.
  4. اقتراح الوفد العراقي، حتى تعلن الدول الثلاث، من الفور، أنها في سبيلها إلى وحدة؛ وقد بدأت بتدارسها، سيان طالت الدراسة أوقصرت. فاعترض السوريون، منوِّهين برغبة الشعب السوري في وحدة فورية، وترديده: " لا درس، ولا تدريس، إلا بعد عودة الرئيس، ناصر ، ناصر ، ناصر".
  5. توافر العوامل لوحدة جديدة، إثر الانقلابات في اليمن والعراق وسورية، وتحرر الجزائر؛ وهوما لم يتأتَّ للتجربة الأمّ، عام 1958.
  6. عزم الجيش السوري، في ظل الوحدة، على الابتعاد عن الحكم.
  7. استنتاج المصريين، حتى المزمع عليه هو"وحدة بعث" عراقية - سورية مع الجمهورية العربية المتحدة.

وُقع اتفاق الوحدة الثلاثية، في 17 أبريل 1963؛ إلا حتى مصر نقضته، في 13 مايو1963، ورهنت انضمامها إليه بحكم، يمثل مختلف طبقات الشعب، في العراق وسورية. وسرعان ما صح حدسها، إذ اصطرع قادة الانقلاب في سورية. فنُفِيَ زياد الحريري إلى أوروبا. وأزيح لؤي الأتاسي... وشرعت الحكومة البعثية تطهِّر الجيش ومرافق السلطة والإدارة من المؤيدين للسياسة الناصرية. وعُنفت بانقلاب ضباط ناصريين، قادهم جاسم علوان، في 18 يوليه1963؛ وشاركهم فيه ضباط من دمشق، وآخرون متقاعدون.


سابعاً: المواقف من إعلانها

زعزع إعلان الوحدة دول منطقتها. وتفاوتت المواقف منها، على المستويَين: الرسمي والشعبي، وفقاً لتفاوت النظُم السياسية للدول الخارجية وعلاقاتها الإستراتيجية بدول الوحدة الثلاث.

1. الأردن

طرب شعب الأردن للوحدة. ودفعته سورة الابتهاج بها إلى مصادمة أجهزته الأمنية، حيث سقط الكثير من القتلى والجرحى. واستنطقت وزارة وصفي التل. وعهد إلى سمير الرفاعي بتأليف وزارة جديدة، عليها حتى تقابل موقفاً مشحوناً بالتوتر.

2. إسرائيل

خير معبِّر عن لقلق إسرائيل خطاب، أوفده، ديفيد بن جوريون، في 26 أبريل إلى الرئيس الأمريكي جون كيندي، يحطيه فهماً بخطر الموقف؛ ويبدي استعداده لزيارة واشنطن، سراً، ومباحثتها فيه. ولفت الخطاب إلى:

أ. إنشاء اتحاد عسكري بين الدول العربية الثلاث (مصر – سورية – العراق)، يتضمن وعداً بالعمل على تحرير فلسطين. وهذا التحالف العسكري في حد ذاته، سيؤثر، سلباً، في أمن إسرائيل استقرارها.

ب. اعتقاد إسرائيل حتى في استطاعتها هزيمة الدول الثلاث، إذا وقع اختبار للقوة؛ وإن كانت لا ترغب في ذلك.

ج. الحل الفعال الوحيد، لدرء خطر مخططات الجمهورية العربية المتحدة، يكمن في إعلان أمريكي – سوفيتي مشهجر، يضمن السلام الإقليمي، والأمن لدول الشرق الأوسط. ويترتب عليه بتر كلّ أنواع المساعدات: الاقتصادية والعسكرية، لأيّ طرف، يرفض الاعتراف بجيرانه.

3. الولايات المتحدة الأمريكية:

أثار النفوذ الصهيوني عاصفة في الكونجرس، للمطالبة بتزويد إسرائيل بما بحاجة إليه من الأسلحة؛ وحرمان الجمهورية العربية المتحدة المساعدات. غير حتى الرئيس كيندي، اتخذ موقفاً معتدلاً ومسؤولاً، فأوفد مبعوثاً مقرباً إليه، للاجتماع بالرئيس عبدالناصر، وتعرُّف حقيقة الموقف، وحث الأطراف على تهدئته.

4. الاتحاد السوفيتي

تحفظ الاتحاد السوفيتي من الوحدة؛ إذ لا مكان للشيوعيين فيها، فهُم مقموعون. العراق يحرم عليهم أيّ نشاط؛ بل أعدم وسجن الكثيرين منهم. وفي سورية، كانوا أكثر الفئات اضطهاداً واعتنطقاً، فهربوا منها.

واستمرت المطالبة بالوحدة تعلووتخبو، إلى حتى اضمحلت؛ لتدخل سورية في عصر جديد، يسيطر عليه حزب البعث القومي الاشتراكي، ولاسيما جناحه العلوي.

في شهر ديسمبر 1961، حدثت محاولة انقلابية في لبنان، فقد أحست بعض القوى حتى حكومة " الرئيس فؤاد شهاب" تصرفت بطريقة ودية تجاه القاهرة بعد أحداث الانفصال وسهلت ترحيل المصريين (عسكريين ومدنيين)، كما حتى عناصر كثيرة في الحركة الوطنية اللبنانية، اعتبرت نفسها عيوناً وآذاناً للقاهرة، على ما يجري في دمشق، وتحالف " كميل شمعون" الذي عاد من لندن قبل محاولة الانقلاب بثمان وأربعين ساعة، مع الحزب القومي السوري الذي يرأسه " عبدالله سعادة" وجرت محاولة الإستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة. وقد اضطر الرئيس شهاب إلى استخدام الطيران اللبناني في ضرب المؤامرة، ودارت معارك بالدبابات، وجرى اعتنطق ألفين وخمسمائة من أعضاء الحزب القومي السوري وأنصارهم.

جُند المقدم زغلول عبد الرحمن عن طريق أسرة أبوالفتح التي كانت تمتلك جريدة المصري قبل الثورة، وقد تورط المقدم زغلول نتيجة لقرابته لهذه الأسرة، التي وعدته بالثراء والأمان عقب الإدلاء بشهادته، توجه بعدها للعيش في دمشق، ثم اتجه إلى أوروبا حيث شعر أنه تورط أكثر من اللازم، وأنه استغل استغلالاً سيئاً في مسألة وطنية وبواسطة أجهزة استخبارات معادية لوطنه مصر، لذلك قرر العودة إلى مصر، والإدلاء بشهادته كاملة عما حدث، وأدان الكثير من الجهات خلال هذه الشهادة، وحوكم عسكرياً.

كان تعيين لؤي الأتاسي يثير بعض التساؤلات، حيث أنه لا ينتمي إلى أحد الأحزاب، وقد كان في السجن وقت حدوث الانقلاب، وبالتالي فهولم يشهجر في تدبيره أوتطبيقه، لذلك فقد كان تفسير الرئيس عبدالناصر لذلك، هوحتى هناك مساومات بين أطراف متعددة جعلتهم يلجأون إلى وضع طرف لم يشهجر في العملية على رأس السلطة، ويعني ذلك أيضاً حتى هناك مساومات في السلطة وصفقات بين أطراف قد تختلف أدوارهم.

تاريخ النشر: 2020-06-04 09:26:19
التصنيفات: قادة انقلابات سوريون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مونديال قطر 2022: إيران تخطف فوزا مثيرا على ويلز في آخر الدقائق

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:40
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 89%

وزير المالية الروسي: الغرب ينتهك قواد اقتصاد السوق

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:54
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 98%

إيران تفوز على ويلز بهدفين في الوقت بدل الضائع (2-0)

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:23
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

وكالة: ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال إندونيسيا إلى 310 قتلى

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:54
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 88%

طلبات إعانة البطالة الأمريكية عند أعلى مستوى في 3 أشهر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:59
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 86%

دي بروين: "في المنتخب المغربي أعرف تقريبًا اللاعبين الـ11 الأساسيين"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

بوتين يلتقي بأمهات الجنود المشاركين في العملية العسكرية الخاصة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:59
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 95%

استطلاع يكشف نسبة الروس "الواثقين" ببوتين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:53
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 98%

من هن أمهات الأبطال اللاتي التقاهن بوتين اليوم؟

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:51
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 94%

ماريا زاخاروفا ترد على زوجة زيلينسكي بشأن قدرة الشعب على التحمل

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:50
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 88%

مونديال 2022: حماس المجبري يمنح "نسور قرطاج" طاقة إضافية

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:42
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 87%

إيران ترفض قرار الأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي حول قمع الاحتجاجات

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:45
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 85%

ستولتنبيرغ: أوكرانيا ستشهد "شتاء قاسيا" وسنستمر بدعمها عسكريا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:57
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 92%

بوتين يؤكد أنه "يشاطر ألم" أمهات جنود روس قتلوا في أوكرانيا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:42
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 91%

مصر.. وقف الإعلان عن أسعار الذهب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:56
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 95%

الوقود الأزرق يواصل الارتفاع في أوروبا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:58
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 96%

تقدم القوات الروسية على طول خط التماس في محور جمهورية دونيتسك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-25 15:16:56
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية