أبوداود
أبوداود |
---|
أبوداود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني المشهور بأبي داود (202-275 هـ) إمام أهل الحديث في زمانه وهوصاحب كتابه المشهور بسنن أبي داود.
ولد أبوداود سنة 202 هـ في إقليم صغير مجاور لمكران أرض البلوش الازد يُدعي (سجستان) وهواقليم في إيران يسمى حاليا سيستان بلوچستان. وتنقل بين الكثير من مدن الإسلام، ونقل وخط عن العراقيين والخراسانيين، والشوام، والمصريين. وجمع كتاب السنن وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه، ولم يقتصر في كتابه على الحديث السليم بل ضم على الحديث الحسن والضعيف والمحتمل وما لم يجمع على هجره، وقد جمع فيه 4800 حديث أنتخبها من 500 ألف حديث، وقد وجه أبوداود همه في هذا الكتاب إلى جمع الأحاديث التي استدل بها الفقهاء ، ودارت بينهم ، وبنى عليها الأحكام فهماء الأمصار ، وتسمى هذه الأحاديث أحاديث الأحكام وقد نطق المؤلف في رسالته لأهل مكة : فهذه الأحاديث أحاديث السنن كلها في الأحكام ، فأما أحاديث كثيرة في الزهد والفضائل ، وغيرها من غير هذا فلم أخرجها. وقد رتب كتابه على الخط ، وقسم جميع كتاب إلى أبواب ، وترجم على جميع حديث بما قد استنبط منه عالم ومضى إليه ذاهب ، وعدد خطه 35 كتابـًا ، ومجموع عدد أبوابه 1871 باباً. والكتاب فيه الأحاديث المرفوعة إلى الرسول والأحاديث الموقوفة على الصحابة، والآثار المنسوبة إلى فهماء التابعين .
درجة أحاديثه
أمَّا عن مدى صحة أحاديث سنن أبي داود ، فقد نطق أبوداود في ذلك : ذكرت فيه السليم وما يشابهه ويقاربه ، وما كان فيه وهن شديد بينته ، وما لم أذكر فيه شيئـًا فهوصالح ، وبعضها أصح من بعض.
وقد اختلفت الآراء في قول أبي داود: " وما لم أذكر فيه شيءًا فهوصالح " هل يستفاد منه حتى ما سكت عليه في كتابه هل هوسليم أم حسن ،يا ترى؟ . وقد اختار ابن الصلاح والنووي وغيرهما حتى يحكم عليه بأنه حسن ، ما لم ينص على صحته أحد ممن يميز بين السليم والحسن .
وقد تأمل الفهماء سنن أبي داود فوجدوا حتى الأحاديث التي سكت عنها متنوعة؛ فمنها السليم المخرج في السليمين ، ومنها سليم لم يخرجاه ، ومنها الحسن ، ومنها أحاديث ضعيفة أيضًا لكنها صالحة للاعتبار ، ليست شديدة الضعف ، فتبين بذلك حتى مراد أبي داود من قوله " صالح " المعنى الأعم الذي يضم السليم والحسن ، ويضم ما يعتبر به ويتقوى لكونه يسير الضعف . وهذا النوع يعمل به لدى كثير من الفهماء ، مثل أبي داود وأحمد والنسائي، وإنه عندهم أقوى من رأي الرجال.
نطق الألباني في تمام المنة /27 : اشتهر عن أبي داود أنه نطق في حق كتابه السنن : " ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته ومالم أذكر فيه شيئا" فهوصالح ". فاختلف الفهماء في فهم مراده من قوله :" صالح " فمضى بعضهم إلى أنه أراد أنه حسن يحتج به . ومضى آخرون إلى أنه أراد ما أعم من ذلك فيضم ما يحتج به وما يستشد به وهوالضعيف الذي لم يشتد ضعفه وهذا هوالصواب بقرينة قوله :" وما فيه وهن شديد بينته فإنه يشير بمفهومه على حتى ما كان فيه وهن غير شديد لا يبينه . فدل على أنه ليس جميع ما سكت عليه حسنا" عنده ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها وهي ممن سكت أبوداود عليها حتى إذا النووي يقول في بعضها : وإنما لم يصرح أبوداود بضعفه لأنه ظاهر . ومع هذا جرى النووي على الاحتجاج بما سكت عنه أبوداود في كثير من الأحاديث ولم يعرج فيها على مراجعة أسانيدها فسقط بسبب ذلك في أخطاء كثيرة . وقد رجح هذا الذي فهمناه عن أبي داود الفهماء المحققون أمثال ابن منده والمضىي وابن عبد الهادي وابن كثير وقد نقلت حدثاتهم في مقدمة كتابي " سليم أبي داود " ثم وقفت على كلام الحافظ ابن حجر في هذه المسألة وقد مضى إلى هذا الذي ذكرناه وشرحه واحتج له بما لا تراه لغيره .
وإذا نظرنا في كتابه نجده يعقب على بعض الأحاديث ويبين حالها ، وكلامه هذا يعتبر النواة الصالحة التي تفرع عنها فهم الجرح والتعديل فيما بعد ؛ وأصبح بابـًا واسعـًا في أبواب مصطلح الحديث .
من شروح سنن أبي داود
قام بشرح سنن أبي داود فهماء كثيرون ، من هذه الشروح :
(1) معالم السنن لأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي المتوفى سنة ( 388هـ). حمل من المخطة الوقفية
(2) مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة(911هـ) .
(3) فتح الودود على سنن أبي داود تأليف أبي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السندى المتوفى سنة ( 1138هـ).
(4) عون المعبود في شرح سنن أبي داود لمحمد شمس الحق عظيم آبادى. حمل من المخطة الوقفية
(5) غاية المقصود في حل سنن أبي داود لمحمد شمس الحق عظيم آبادى. حمل من المخطة الوقفية
من مؤلفاته الأخرى
- العدد
- البعث - حمل من المخطة الوقفية
- المراسيل مع الأسانيد حمل من المخطة الوقفية
- المصاحف حمل من المخطة الوقفية
- رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه - حمل من المخطة الوقفية
- سؤالات أبي داود السجستياني للإمام أحمد بن حنبل في الراوة - حمل من المخطة الوقفية
- سؤالات أبي داود السجستياني للإمام أحمد بن حنبل في الفقه
- سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجتياني في الجرح والتعديل
- الزهد حمل من المخطة الوقفية
- النادىء
- الناسخ والمنسوخ.
- كتاب أصحاب الشعبي
- كتاب الرد على أهل القدر
- دلائل النبوة
- مسند مالك
- كتاب تسمية الإخوة الذين روي عنهم الحديث
ورعه
مضى أبوداود إلى بغداد ومنها إلى البصرة ويروى في سبب رحيله إليها: أنه ذات يوم طرق باب أبي داود طارق؛ ففتح له الخادم، فإذا بالأمير أبوأحمد الموفق ولي عهد الخليفة العباسي يستأذن، فأذن له أبوداود، فدخل الأمير وأقبل عليه، فنطق له أبوداود: ما اتى بالأمير في هذا الوقت؟! فنطق: خلال ثلاث، يعني مسببات ثلاثة: أما الأولى: حتى تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطنًا، ليرحل إليك طلبة الفهم من أقطار الأرض، فتعمر بك، بعد حتى خربت وانبتر عنها الناس بعد محنة الزنج. والثانية: حتى تروي لأولادي كتاب (السنن). والثالثة: حتى تفرد لهم مجلسًا لأن أبناء الخلفاء لا يجلسون مع العامة!! فنطق أبوداود: أما الثالثة فلا سبيل إليها لأن الناس شريفهم ووضيعهم في الفهم سواء.فكان أولاد الموفق العباسي يحضرون ويجلسون وبينهم وبين العامة ستر. استقر بالبصرة وبها توفي.
منهجه
وكان أبوداود متمسكًا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حريصًا جميع الحرص على تطبيقها، وبيان أهميتها للناس ليقوموا بأدائها، وكان لأبي داود منهج أشبه بمنهج الصحابة في اتباع السنة النبوية والتسليم بها، وهجر الجدل في الأمور التي تشعل نار الفتنة بين المسلمين. هجر له ابنًا يشبهه في كثير من صفاته هو: الحافظ بوبكر عبد الله بن أبي داود الذي كان تلميذًا نجيبًا لوالده، وشارك أباه في التتلمذ على شيوخه بمصر والشام، وسمع الحديث عن كبار الفهماء ببغداد وخراسان وأصبهان وسجستان وشيراز، فصار عالمًا فقيهًا، وألف كتاب (المصابيح).
نطقوا عنه
روي أنها قُرئت على ابن الأعرابي فأشار إلى النسخة، وهي بين يديه، ونطق: لوحتى رجلا لم يكن عنده من الفهم إلا كتاب الله عز وجل ثم هذا الكتاب -يقصد سنن أبي داود- لم يحتج إلى شيء من الفهم بعد ذلك، ونطق فيه إبراهيم الحربي لما صنف السنن: «ألين لأبى داود الحديث كما ألين لداود الحديد. وكان في الدرجة العليا من النسك والصلاح». وكان يقول: «الشهوة الخفية حب الرياسة». وعده الشيخ أبوإسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل. وتوفي في البصرة سنة 275 هـ.