حرية التعبير في الإسلام

عودة للموسوعة

حرية التعبير في الإسلام

حرية التعبير في الإسلام : بعد الضجة الإعلامية والسياسية والإقتصادية التي شهتدها اوروبا والعالم الإسلامي نتيجة نشر رسوم كاركتورية مسيئة للنبي محمد في صحيفة يولاندس بوستن الدانماركية طفى إلى السطح من حديث تساؤلات في العالم الغربي عن حرية الرأي والتعبير وفيما إذا كان العالم الغربي يفترض أن يضطر إلى أجراء تعديلات في مفهومها لحرية الرأي والتعبير لتتماشى مع المعتقدات الدينية لملايين المهاجرين إلى اوروبا من العالم الإسلامي. بدأت الكثير من الأراء الحكومية والشعبية في العالم الغربي باتجاه يطالب بالحفاظ اوحماية حرية التعبير التي يعتبر من أبرز ركائز الديمقراطية وبدأ البعض في العالم الغربي بالقول بان "الحرية معدومة في الإسلام بسبب العقلية المتحجرة للمسلمين الذي يحاولون تطبيق مفاهيم غير صالحة للتطبيق حتى في العصور الوسطى".

هذه ليست المرة الأولى التي يتم وصف الرد العمل الإسلامي بالعنيف وغير المبرر على ما يعتبره العالم الغربي حرية الرأي والتعبير فقد حدثت ردود عمل مماثلة في عام 1988 نتيجة نشر رواية آيات شيطانية للروائي البريطاني من اصل هندي سلمان رشدي والذي صدر في لندن في 26 سبتمبر واعتبره المسلمون إساءة اخرى تضاف إلى تاريخ الإساءة إلى شخصية الرسول محمد . السؤال هنا والذي يجد الأنسان الغربي صعوبة في ادراكه هولما ردود العمل للإساءة للرموز الدينية يعتبر حدثا جللا في العالم الإسلامي بينما رد العمل لدى اصحاب الديانات الأخرى لاتتسم بنفس المستوى من العنف حيث صدر في السابق الكثير من الأعمال الفنية التي هاجمت في الصميم تعاليم الكنيسة المسيحية مثل لوحة "البول على المسيح" وفلمي آخر وسوسة للمسيح وحياة برايان ولكن الإحتجاجات وان اتسمت بعضها بنوع من العنف ولكنها لم تصل على الإطلاق إلى حد إصدار فتاوى للقتل اوحرق سفارات اواغتال فنان كما وقع للمخرج الهولندي ثيوفان غوخ الذي اغتال في 2 نوفمبر 2004 على يد محمد بويري الهولندي من أصل مغربي لإخراجه فلم الخضوع .

التساؤل الذي يدور في ذهن الأغلبية في العالم الغربي هوفيما اذا كان العنف وانعدام حرية الرأي والتعبير مغروس في تعاليم الإسلام ام هي ظاهرة اجتماعية بيئية اوهي ظاهرة معقدة متعددة الأوجه والأسباب ويلعب فيه الدين جزءا صغيرا. يحاول هذا الموضوع العودة إلى جذور ايمان الفكر الغربي بقضية حرية الرأي والتعبير وتحليل ظاهرة العنف الذي يصاحب رد عمل الشارع الإسلامي نتيجة افكار يراها الشارع مسيئة إلى الإسلام وتحديد الأوجه الكثيرة لردود العمل العنيفة تجاه مايعتبر في العالم الإسلامي اساءة إلى الرموز الدينية.

دور الإلحاد في نشوء حرية الرأي والتعبير

من اليمين فرويد ، ماركس ، تخصصه

منذ نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن التاسع عشر ومع التطور الفهمي والتكنلوجي الذي شهده الغرب بدأت بوادر تيارات أعربت أستقلالها من فكرة وجود الخالق الأعظم. هذا العصر كان عصر كارل ماركس وتشارلز داروين وفريدريك تخصصه وسيغموند فرويد الذين بدأوا بتحليل الظواهر الفهمية والنفسية والأقتصادية والإجتماعية بطريقة لم يكن لفكرة الخالق الأعظم اي دور فيها. ساهم في هذه الحركة الموقف الهش للديانة المسيحية في القرون الوسطى وماتلاها نتيجة للحروب والجرائم والأنتهاكات التي تمت في اوروبا بأسم الدين ولم يقف الأمر عند الفهماء فحتى الأدباء اعلنوا وفاة فكرة الدين والخالق ومن ابرز الشعراء في هذه الفترة هووليم بليك (1757 - 1827) William Blake حيث نطق في قصائده ان الدين ابعد الأنسان من انسانيته بفرضه قوانين تعارض طبيعة البشر من ناحية الحرية والسعادة وان الدين جعل الأنسان يفقد حريته واعتماده على نفسه في تغير واقعه.

وبدأت تدريجيا وخاصة على يد الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788 - 1860) بروز فكرة ان "الدين هومن صنيعة البشر ابتكروها لتفسير ماهومجهول لديهم من ظواهر طبيعية اونفسية اواجتماعية وكان الغرض منه تنظيم حياة مجموعة من الناس حسب مايراه مؤسس الدين مناسبا وليس حسب الحاجات الحقيقية للناس الذين عن جهل قرروا بالالتزام بمجموعة من القيم البالية وانه من المحال ان تكون جميع هذه الديانات من مصدر واحد فالاله الشديد البطش الذي انزل 12 مصيبة على المصريين القدماء وقتل جميع مولود اول ليخرج اليهود من ارض مصر هوليس نفس الاله الذي ينصحك بان تعطي خدك الآخر ليتعرض للصفع دون ان تعمل شيئا". وتزامنت هذه الأفكار مع ابحاث تشارلز داروين الذي كان مناقضا تماما لنظرية نشوء الكون في الكتاب المقدس واعلن فريدريك تخصصه من جانبه موت الخالق الأعظم ونطق ان الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة اذ انه من غير المعقول ان يعطيك الخالق مجموعة من الغرائز والتطلعات وفي نفس الوقت يصدر تعاليم بحرمانك منها في الحياة ليعطيك اياها مرة اخرى بعد الموت.

نظريات داروين كانت مخالفة لقرون من الأعتقاد السائد بأصل الأنواع

اعتبر كارل ماركس الدين أفيون الشعوب يجعل الشعب كسولا وغير مؤمنا بقدراته في تغيير الواقع وان الدين تم استغلاله من قبل الطبقة البورجوازية لسحق طبقة البسطاء ، اما سيغموند فرويد فقد نطق ان الدين هووهم كانت البشرية بحاجة اليه في بداياتها وان فكرة وجود الاله هومحاولة من اللاوعي لوصول إلى الكمال في إنسان مثل اعلى بديل لشخصية الأب اذ ان الأنسان في طفولته حسب اعتقاد فرويد ينظر إلى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فتره يدرك انه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي ايجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشيء اسمه الكمال.

كل هذه الأفكار وبصورة تدريجية ومع التغييرات السياسية التي شهدتها فرنسا بعد الثورة الفرنسية وبريطانيا بعد عزل الملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 وتنصيب الملك وليام الثالث من إنكلترا والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش كان الأتجاه السائد في اوروبا هونحوفصل السياسة عن الدين والغاء الكثير من القيود على التعامل والتعبير التي كانت مفروضة من السلطات السابقة التي كانت تاخذ شرعيتها من رجالات الكنيسة. وعندما بدأ الإستعمار الأوروبي للعالم الأسلامي حيث تحولت الجزائر إلى مستعمرة فرنسية عام 1830 وتحولت اليمن في عام 1882 إلى مستعمرة بريطانية وبين بريطانيا وفرنسا تحولت هذه الدول إلى مستعمرات مصر ، تونس ، سودان ، ليبيا ، مغرب ، وهنا بدأ احتكاك حديث لأول مرة بين قوى متطورة من الناحية الفهمية والتكنلوجية ولا تعترف باي دور للدين في السياسة وبين مسلميين ادركوا ان ركب التقدم قد فاتهم ولكنهم في قرارة نفسهم كانوا لايزالون يؤمنون بانهم "خير أمة أخرجت للناس" وان "الدين عند الله الإسلام" فظهر في الطريق خياران لا ثالث لهما اما اللحاق بالتقدم الغربي من خلال التقليد والمحاكاة والعلاقات الجيدة اوالقناعة بان ما آل اليه حال المسلمين من خضوع يكمن سببه في الأبتعاد عن إصول الدين الإسلامي . فاختار البعض طريق التأثر بالغرب والفهمانية واختار البعض الآخر العودة للجذور ومن هنا نشأت بدايات ما يسمى الإسلام السياسي ولايزال هذا الأنقسام موجودا إلى يومنا هذا


الحرية في الإسلام من وجهة نظر المسلمين

يرى فهماء الدين والإجتماع المسلمين ان هناك حريات في الإسلام ويمكن في هذا الصدد الرجوع للمصادر المنزلة القرآن الكريم والسنة النبوية عملى الرغم من عدم ذكر الحرية بلفظها في القرآن الكريم، فإن الباحث بين جنباته، ومن خلال آياته يفترض أن يجد الحظ الوفير الذي أخذته دلالات ومعاني الحرية بأطيافها المتنوعة، وقدر العناية الفائقة التي أولاها القرآن للاحتفاء بها . فقد وردت مشتقات من حدثة الحرية، مثل حدثة (تحرير) في الآية: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). وأيضًا حدثة (محررًا) التي تتحدث عن نذر أم السيدة مريم البتول حملها لله في الآية: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). وحدثة (الحر) في آية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ). وعلى طريقة القرآن في ضرب الأمثال للناس؛ لإيضاح المفاهيم الضرورية بإثارة وتحفيز أدوات الفكر، وإعمال العقل فقد ضرب مثلاً في سورة النحل، يعبر عن الأهمية القصوى لقيمة الحرية في مسيرة الناس، فنطق تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ فلا تساوي بين من يتمتع بالحرية ويعيش بها وبين من سلبت منه الحرية، . وهناك من يزعم حتى عدم ورود حدثة الحرية في القرآن، وأن الذي ورد فحسب مشتقاتها مثل حدثة (تحرير) والتي اتىت في صدد تكليف الإنسان المخطئ بكفارة عن خطئه بتحرير إنسان من عبودية الرق –تحرير رقبة- هومرشد على حتى الإسلام لم يعهد للإنسان حقوقًا، بل فرض عليه واجبات، أوكلفه بتكليفات فقط. بيد حتى الارتفاع بالقيم الإنسانية الأساسية، وعلى رأسها الحرية –وهي التي تعنينا في هذا المقام– من مستوى الحقوق للإنسان، إلى مستوى التكليف أوالالتزام أوالشرط لاكتمال إنسانية الإنسان، يدحض هذا الزعم بل يجعل الحرية من أبرز مقاصد وقيم الإسلام ، يسلب مصداقية أية نادىوى باسم الشرع تروّج لسلب حرية الإنسان –أي إنسان– أوالتغوّل عليها، أوتقييدها، أوالتنازل عنها، أوحتى القعود عن سبيل تحصيلها، باعتبارها مجرد حق يمكن التنازل عنه في لقاء تمجيد الاستقرار والسكون أوتكريس مفهوم الطاعة للسلطة، من أنواع السلطة التي حرر القرآن منها المؤمنين به سلطة الآباء، وسلطة الملأ، وسلطة الفرعون، وأيضا سلطة الهوى بإيثار السلامة والخضوع وهجر السعي لتحصيل الكرامة والمساواة والحرية ولواستدعى الأمر الهجرة في أرض الله الواسعة (كما في الآيات القرآنية).

ويبدوحتى هذا المفهوم –رغم غياب حدثة الحرية من مفردات القرآن– كان غاية في الوضوح في ذهن الرعيل الأول من المسلمين، كما يظهر ذلك في سيرة عمر بن الخطاب مع عمروبن العاص، ويتضح الأمر بجلاء في قول عمر: "متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا". كما نلمح ذات التوجه في سيرة ربعي بن عامر مع رستم ببلاد الفرس، حين سأله رستم عن دوافع مجيء العرب لقتال الفرس،يا ترى؟ فأجابه ربعي: "جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد، إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة" الحرية إذن هي فريضة وواجب والتزام وتكليف قبل حتى تكون حقًّا، والمسئولية عن نشرها وتوفيرها وحمايتها يدخل ضمن هذا التكليف للإنسان المكلّف، وقد مثّل ذلك سياج الحركة والدعوة ومناط التوحيد الحق للصحابة والتابعين.

ففي سلم الأولويات في الإسلام تحتل الحرية مقاماً متقدماً جداً، بل أكثر من ذلك عد الإسلام الحرية بمثابة الحياة في حين عد الرق الذي هوضد الحرية موتاً وهذا ما يستفاد من تفسير قوله تعالى: ( ومن اغتال مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة). فقد ورد في بعض التفاسير (أن القاتل حين اخرج نفساً مؤمنة من جملة الأحياء لزمه حتى يدخل نفسها في جملة الأحرار، لان إطلاقها من قيد الرق كإحيائها من قبل حتى الرقيق ملحق بالأموات). ولكنها مثل اي من الحريات في المجتمعات والديانات الأخرى لها ضوابط وحدود ولايمكن على الإطلاق ايجاد صيغة كونية موحدة لمفهوم الحرية بسبب الإختلاف في الحضارات والثقافات والبيئات المتنوعة في العالم فما يعتبره مجموعة معينة من البشر امرا مقبولا قد يحدث مخالفا لاعراف مجموعة اخرى فالتجول عاريا في غابات افريقيا والأمزون يعتبر عهدا سائدا هناك لأسباب تتعلق بيئتهم وثقافتهم وديانتهم وحرق جثث الموتى يعتبر مقبولا لدى بعض الثقافات ويعتبر تمثيلا بالجثة لدى البعض الآخر والسجود لتمثال يعتبر طقسا دينيا لدى البعض بينما يعتبره البعض الآخر وثنية . وحتى في نطاق البقعة الجغرافية المعينة فقد تختلف العادات والأعراف بتغير الزمن اوالأبتعاد بضعة كيلومترات من مدينة لأخرى ففي بعض الدول الغربية يعتبر تقبيل الذكور لبعظهم عند التحية شذوذا جنسيا بينما يعتبره سكان دولة اوروبية مجاورة مقبولا.

وعليه فان اية محاولة لفرض مفهوم نشأ نتيجة تطور تاريخي في منطقة معينة على منطقة اخرى لم يمروا بنفس الضروف هي محاولة فاشلة ومن الأفضل حسب اعتقاد المسلمين هوفهم عادات وتنطقيد واعراف المسلمين واحترامها بدلا من التعامل معها على انها موروثات قديمة لايمكن تطبيقها في الوقت الحاضر ويرى معظم فهماء المسلمين ان نظرة الغرب تجاه الإسلام لازال متؤثرا بافكار انتشرت في القرون الوسطى اثناء المد الأسلامي في اسبانيا حيث انتشرت سلسلة من الأفكار الخاطئة عن الإسلام وعن رسول الإسلام .

ومن ناحية فهم الإجتماع فان هناك فرقا رئيسيا في هجريبة المجتمع الشرقي مقارنة بالمجتمع الغربي ، فالمجتمع الشرقي هومجتمع جماعيقد يكون تصرف الفرد فيها ذوتوجهات لخدمة العائلة والقبيلة والطائفة والدين والوطن والأمة قبل توجهات فردية على عكس المجتمع الغربي الذي يتصف بالفردية ويكون الأنتماء الأولي للفرد هوتحقيق ذاته بالوسيلة التي يراها مناسبا دون التقيد بآراء اوضوابط المجموعة وهذه حقيقة مهمة اذا تجاهلها الفرد فانه يفترض أن يصطدم بمطب كبير يحول دون الفهم العميق لكيفية تفكير إنسان من الشرق اوالغرب. لذا يمكن تلخيص وجهة نظر المسلمين بالحريات بصورة عامة في النقاط التالية:

ملف:Negro slave.jpg
وثيقة بيع 250 إنسان من أفريقيا إلى الولايات المتحدة عام 1700
  • ان الإسلام اعطى للإنسان حرية الفكر والكلام والعمل ولكن ضمن حدود ان لا يؤذي نفسه اوالآخرين ومثال على ذلك تحريم بعض الأطعمة والأشربة لتسببها في ايذاء النفس ويعتقد معظم فهماء المسلمين ان تحرير الأنسان من العبودية لغير الله وتحريره من شهوات نفسه ونزوات غريزته هي اولى انواع الحريات التي قام بها الإسلام في ايامه الأولى بينما تطلب هذا النوع من الحرية قرونا من النضال في اوروبا للتخلص من استبداد حكام الإقطاع وسلطان رجال الكنيسة فالإسلام يعتبر التحرر من عبودية غير الله اول واهم انواع الحريات كما ينص سورة النساء "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا".

فـوفق التصور الاسلامي فإن حرية الانسان هي ثمرة عبودية وحيدة يرتبط بموجبها الانسان بالله المصدر الأول للكون والحياة. ولما كان الانسان موضوعاً خصباً لأشكال لا تنتهي من (العبوديات) المتنوعة، تعرض وما زال يتعرض لها منذ أقدم العصور البشرية حتى عصرنا وسوف يستمر هذا التعرض ما دامت الحياة قائمة، ولما كانت مقاومة الانسان لكل شكل من أشكال العبودية (في دوائرها الكونية الطبيعية أوالاجتماعية) يفترض أن تفضي إلى عبودية جديدة، فقط ربط الاسلام (والاسلام بهذا اللحاظ يضم سائر ديانات التوحيد) سعي الانسان لامتلاك الحرية بعقيدة التوحيد وبالدعوة إلى عبادة الله والعبودية له بما يعني نفي جميع أشكال العبوديات الأخرى. من هنا تصبح عبادة الله هي الوجه الآخر لحرية الانسان، بل هي الحرية نفسها ولا شيء سواها، لأنها تحرر الانسان من جميع عبودية نسبية، ولا تضع في طريق حرية الانسان حدوداً، بل تجعل من المطلق ـ الله ـ هدفاً لحرية الانسان. وفق هذا التصور لمفهوم الحرية، وهوتصور يدخل في نسيج العقيدة الاسلامية نفسها، ليس بوسع الاسلام حتى يقدم تصوره للمجتمع والمجتمع السياسي بما يتنافى مع عقيدته نفسها، إذ لابد للمجتمع الاسلامي حتى يجسد في آن واحد: عبودية الله وحرية الانسان)

  • في الوقت الذي كان الإسلام يقوم بألغاء العبودية حسب سورة النور "فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا" كان العالم الغربي لوقت قريب يختطفون مئات الألوف من أبناء أفريقيا، ليعملوا لهم دون أجر في مزارعهم.
  • بينما كان الإسلام يشجع على حرية التفكر وإعمال العقل والنظر في الكون حسب سورة العنكبوت "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ " . كانت اوروبا تضطهد من يقول ان الأرض كروية وان الشمس هومركز المجموعة الشمسية.
  • اعتماد مبدأ التشاور وعدم الفردية في اتخاذ القرار استنادا على سورة آل عمران " وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ" وسورة الشورى "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ".
  • ظمان الشريعة الإسلامية للرجل والمرأة ما يسمى بالحرية المدنية فدين الإسلام يعتبر أهلية المرأة كاملة ، وذمتها المالية من شأنها ، ولها حتى تجري التصرفات المالية دون حرج ، وهي حرة في اختيار زوجها.
  • الحرية حق للإنسان ، ولكنها مثل جميع الحقوق ، لها ضوابطها وقيودها ولا حرية في الإسلام لنشر ما يعتبر فسادا اوفتنة في مفهوم الإسلام.
  • قبل الثورة الفرنسية سنة 1789 بقرون كان الإسلام يحمل شعار المساواة بين الناس على اختلاف الأجناس والألوان واللغات استنادا إلى سورة النساء "يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" واستنادا إلى الحديث "لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى".
  • نشأت المدرسة الأوروبية لحقوق الإنسان على أساس سياسي بسبب كون شعوب دول أوروبا على وجه العموم ، كانت تعاني من استبداد السلطة وتحكم رجال الكنيسة فكان الهدف الرئيسي منها هوحصول الفرد على هذه الحريات في لقاءة السلطة وبدت وكانها تمارس ضد السلطة أورغما عنها وهذا يختلف عن المفهوم الإسلامي في الحريات الذي يرى إذا تلك الحقوق ينبغي حتى تكون عامة ، يتمتع بها الفرد في لقاءة الغير ، وليس في لقاءة السلطة وحدها وان الشريعة الإسلامية ترى ان الحقوق والحريات تنبع من فكرة مستقلة عن إرادة البشر وعن الزمان والمكان فهي في نظر الإسلام من نعم الله على عباده، وهي ليست سلاحا في يد السلطة، أومسوغا لخروج الناس على المجتمع أوالحكام.
  • إن هناك دول وكيانات في العالم الأسلامي تعد على أصابع اليد الواحدة وفيها لايمتلك الإناث على سبيل المثال حرية التصويت اوقيادة سيارة اوتسلم مناصب حكومية وانه في الغالبية العظمى من الدول الأسلامية يتمتع فيها المرأة بدور قيادي ولايجوز تعميم طريقة حياة فئة معينة يتبعون منهجا معينا في الإسلام على المسلمين قاطبة فالإسلام مثل أي دين أوتيار فكري آخر فيه آراء وفرق وطوائف واجتهادات وتحليلات مختلفة.


انعدام الحرية في الإسلام من وجهة نظر غير المسلمين

مبدأ الشورى في الإسلام

يرى معظم المسلمين ان الأنفراد في الحكم وانعدام الأنظمة الديمقراطية على الطراز الغربي في العالم الإسلامي ليست له صلة مباشرة بمبادئ العقيدة الإسلامية مثلما يحاول بعض التيارات في الغرب نشره ويورد هؤلاء عدم وجود أنظمة أنتخابية حقيقية إلا في دول تعد على أصابع اليد الواحدة في العالم الإسلامي. يعتبر معظم الأكاديميين المسلمين ان نظام الشورى كانت احد المحاور الرئيسية في العهد النبوي في الإسلام وقام رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم بتطبيق هذا المبدأ في مواقف عديدة منها:

  • في غزوة بدر حيث أشار الحباب بن المنذر بان المكان الذي اختاره رسول الإسلام لتمركز جيشه ليس مسقطا جيدا من ناحية الأستراتيجية الحربية ونطق المنذر " يا رسول الله سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ونسقي الحياض ، فيكون لنا ماء وليس لهم ماء" فجاوبه الرسول محمد "لقد أشرت بالرأي وسار بالجيش إلى المكان المشار به".
  • بعد فوز المسلمين في غزوة بدر تمت المشاورة في شأن أسرى الأسرى حيث أشار عليـه أبوبكر "باسـتبـقائهم واستتابتهم أوفك أسرهم وافـتدائهم بالمال" وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم فأخذ الرسول برأي أبي بكر.
  • قرار الخروج للقتال في غزوة بدر لم يكن قرارا فرديا وانما كان مستندا على رأي الأغلبيـة وهوالخـروج لملاقـاة العـدو بينمـا كـان رأي الرسول الشخصي هوالبقاء في المدينة للدفاع عنها بدلا من الخـروج . [1]
  • بعد وفاة الرسول محمد(صلي الله عليه وسلم) حدثت الكثير من المناقشات حول تحديد الكيفية التي تتبع في اختيار الحاكم حيث لم يكن هناك اي وثيقة اودستور لتحديد نظام الحكم وانما كانت هناك فقط بعض القواعد العامة في علاقة الحاكم بالمحكوم ويرى معظم فهماء المسلمين ان حادثة سقيفة بني ساعدة تشير إلى ان من حق المسلمين تحديد ما يصلح لهم في جميع عصر في إطار القواعد الرئيسة للإسلام . في سقيفة بني ساعدة كانت هناك ثلات آراء رئيسية في اختيار الحاكم : رأي بقاء الحكم في قريش استنادا إلى أبوبكر الذي نطق "إن العرب لن تعهد هذا الأمر إلا لهذا الحي من قـريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا" وكان هذا مخالفا لرأي اهل المدينة الذين استقبلوا الدعوة الإسلامية واتخذ فيها المسلمون من مكة ملاذا ونقطة انطلاق وكان هناك رأي ثالث بأنقد يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير ودار النقاش في سقيفة بني ساعدة وتم اختيار أبي بكر للخلافة ولم يكن في الأمر انفراد في اتخاذ القرار وكانت تلك العملية التي تمت تحت ذلك السقيفة اكثر ديمقراطية في ذلك الوقت مع كثير من انظمة الحكم بالوراثة التي كانت ولاتزال لحد هذا اليوم شائعة في بعض مناطق العالم.

المصادر

تاريخ النشر: 2020-06-04 06:56:08
التصنيفات: صفحات تحوي وصلات ملفات معطوبة, إسلام, مواضيع خلافية متعلقة بالإسلام, حرية التعبير, حريات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

زيادة 1000 درهم.. بووانو يتهم الحكومة بـ”رشوة” الناخبين

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:09:25
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 78%

جدول أعمال المجلس الحكومي الخميس المقبل

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:08:42
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

ما الذي يحصل للوزراء في إسرائيل؟ 3 حوادث في أقل من 4 أيام

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:07:39
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 97%

عملية جراحية لبرقوق بعد تعرضه لاعتداء خطير قد ينهي مستقبله الكروي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:09:13
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 71%

بنتوك يبرز لـ”الأيام 24″ إستراتيجية شركة “OCP SPORT” لتطوير كرة القدم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:09:20
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 79%

رسميا.. عادل رمزي مدربا جديدا للمنتخب الهولندي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:09:29
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 72%

ستولتنبرغ: انضمام أوكرانيا إلى الناتو "طريق لا رجعة فيه"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:07:40
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 93%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية