أسرار المخ

عودة للموسوعة

أسرار المخ

أسرار المخ

د.إيهاب عبد الرحيم محمد

أدى ظهور تقنيات مسح المخ في تسعينات القرن العشرين إلى الاعتقاد بحدوث تطورات هائلة في العلوم العصبية؛ فهل تحققت هذه التسقطات،يا ترى؟ وما الذي تم اكتشافه،يا ترى؟ لنر معا!

اثن قبضتيك وضمهما معا في شكل دائرة… هذا هوحجم مخك تقريبا- وهويمثل أكثر بضعة سنتيمترات مكعبة تعقيدا في الكون المعروف كله ، كما يمثل اكتشاف أسراره أكبر ألغاز الفهم التي لم يتم حلها بعد؛ كيف من الممكن أن يعمل المخ،يا ترى؟ وما الذي يجعله واعيا،يا ترى؟ أطلق على تسعينات القرن العشرين "عقد المخ" Decade of the brain بسبب التطورات الهائلة التي تم تحقيقها في مجال العلوم العصبية . لكن هذا السيل من المعلومات بدأ لتوه يعطينا وميضا من الفهم؛ فقد كان الباحثون يعتقدون أنهم يعهدون ماهية المخ – وهي كونه نوع من الكمبيوترات العملاقة، لكن المخ أثبت حتى لديه منطقه العضوي الخاص، تابع القراءة لتتعهد إلى التفاصيل!

الثورة المجهولة

تقوم آلاف الدراسات الخاصة بتصوير المخ ، بتزويد فهماء الأعصاب بثروة من البيانات عن كيفية عمل المخ، لكنها ليست البيانات التي كانوا يتسقطون الحصول عليها!

بدا فهم الأعصاب neuroscience مرغوبا كأسهم شركات الإنترنت في عقد التسعينات من القرن العشرين، فقد أقبل آلاف الباحثون ومليارات الدولارات من المنح على هذا الفهم، ويرجع ذلك غالبا إلى الوعد الاستثنائي الذي قدمته الآلات التجريبية مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي Magnetic resonance imaging ; MRI؛ ففجأة ،بدا المخ الواعي، والذي كان محبوسا داخل الجمجمة لأحقاب طويلة، متاحا للبحث الفهمي. لم يكن مجد تحقيق الاكتشافات الفهمية وحده هوالدافع وراء هذا السعي، فهناك الكثير من المكاسب يمكن تحقيقها في فهم الأعصاب؛ فسقم مثل سقم ألزهايمر هوسقم تنكسي degenerative يصيب نحوثلث من يصلون منا إلى سن الثمانين، ويكلف نحو100 مليار دولار سنويا في الولايات المتحدة وحدها. أضف إلى ذلك تكاليف علاج الكثير من اضطرابات المخ الأخرى ، من الاكتئاب إلى اضطراب فرط النشاط، ثم تخيل المكاسب الطائلة التي يمكن جنيها من الأدوية المعززة لمعامل لذكاءIntelligence quotient : IQ،أوحتى الهندسة الجينية للذكاء، وسيتضح لك بجلاء لما ازدحم الاجتماع السنوي لجمعية العلوم العصبية بأكثر من 23,000 من الفهماء الشبان الطموحين. إذا العلوم العصبية مجال خصب للأبحاث وسيزداد الاهتمام به في المستقبل المنظور. لكن ما الذي تم تحقيقه خلال العقد الماضي الذي شهد نشاطا محموما في هذا المجال،يا ترى؟ وهل كشف المخ عن أسراره بسرعة،يا ترى؟ الإجابة هي : نعم ولا! عملم الأعصاب يستفيد من مجموعة كبيرة من تقنيات البحث الثورية، بداية من السحاحات المجهرية micro-pipettes ، والتي يمكنها حقن بضع جزيئات فقط من دواء ما إلى أحد الموصلات العصبية، إلى تقنيات شطر الجينات. لكن برغم هذا السيل الجارف من الأبحاث المنشورة، يشعر أغلب فهماء الأعصاب بأن أنوفهم ملتصقة بلوحة فنية، فيمكنهم رؤية ضربات الفرشاة السطحية، لكنهم لا يستطيعون الرجوع للوراء قليلا لرؤية اللوحة بكاملها. لكن هناك رسالة قوية واحدة على الأقل تبدولنا، وهي حتى المخ يمثل لغزا يمكن سبر أغواره. وكثيرا ما يجري الحديث عن المخ على أنه ضرب من الكمبيوترات ، لكن الكمبيوتر يعد آلة بسيطة للغاية عند مقارنتها بالمخ البشري؛ فالمخ كيان عضوي organic أكثر من كونه ميكانيكيا؛ إذ يمكنه حتى يتفهم، ويتسقط، ويتطور، ويتكيف؛ وهوواع؛ ويتصرف ككل قوي متكامل وليس كمجموعة من الأجزاء. وإذا كان بوسعنا حتى نستفيد أي شيء من جميع التقدم الحادث في فهم الأعصاب مؤخرا، فسيكون هوحتى مجاز اعتبار "المخ ككمبيوتر" لا يمثل سوى أبهت مقدمة لتلك الحيوية المعقدة لتلك الكتلة من النسيج الحي التي تقبع بين أذنينا. ولننظر الآن إلى جزء من هذا التعقيد العضوي؛ فالمخ يتكون من عصبونات neurons- وهي خلايا المخ التي تنتظم في دوائر كهرو-كيميائية. يتلقى جميع عصبون إشارات عصبية، وعندما يصل إلى الحد الحرج الخاص به (وهوما يسمى بالعتبة threshold)، يطلق نمطه الخاص من الإشارات العصبية المسماة بالشوكات spikes. تقوم شبكات من العصبونات بالاحتفاظ بالذكريات عن طريق تقوية أوإضعاف اتصالاتها الكثيرة ببعضها البعض. وتؤدي تجربة جديدة، مثل رؤية لوحة الموناليزا لأول مرة، إلى استثارة مجموعة معينة من الخلايا، وتبدأ هذه العصبونات على الفور في تقوية ارتباطاتها ، بحيث يمكنها لاحقا حتى تتعهد على نفس المنظر بسهولة؛ حيث يؤدي تنبيه طرف واحد من الشبكة إلى إعادة الصورة الذهنية بكاملها إلى الحياة. وهذا هوأساس الشبكات العصبية neural network؛ وهي هجريب مرن يقوم بعملية تمثيل وتذكر المعلومات. وتعتمد على المنطق العضوي organic logic، لأن هذه الدارة circuitry تتطور مع الاستخدام. ويحتوي مخ الإنسان البالغ الذي يصل وزنه إلى 1.4 كجم، على نحو100 مليار عصبون، ولكل من هذه العصبونات عدد من المشابك العصبية synapses مع العصبونات المجاورة، يتراوح بين بضعة آلاف وبين نحونصف مليون. وتأتي هذه الاتصالات بعدد كبير من "النكهات" الكيميائية المتنوعة ، ولكل عصبون نظامه الداخلي المعقد للتعبير الجيني والإنتاج الإنزيمي الذي يقوم بصورة مستمرة بضبط سلوكه. وحتى الخلية المخية الواحدة يمكن تشبيهها بمدينة مزدحمة – أي شبكة مصغرة بحد ذاتها- وليس مجرد موصل junction في تلك الكتلة المتشابكة من السبل العصبية في المخ. إن فكرة كون المخ في الأساس تعبير عن شبكة ترابطية من العصبونات ، ظلت موجودة منذ حتى تمكن الفهماء لأول مرة من التحديق في شرائح المادة الرمادية (في المخ) تحت المجهر، لكن عقد التسعينات من القرن العشرين كشف عن شيء حديث تماما؛ فباستخدام أقطاب كهربية بدقة الشعرة لتسجيل نشاط العصبونات المنفردة في مخ قرد،اكتشف الباحثون حتى نتاج الخلية يتغير حسب حالة الانتباه التيقد يكون عليها الحيوان؛ فإذا كان مهتما بأحد المنبهات، مثل جسم ما في مكان معين (غالبا لأن ذلك يشير لكونه سيحصل على مكافأة) ، تقوم العصبونات التي تقوم بتمثيل شكله بالوميض بصورة أكثر حدة. وعلى العكس من ذلك، فإذا كان هذا الجسم لا يمثل هدفا مهما ، تخفت حدة نشاط العصبونات المعنية.


مناطق المخ

قد تقول حتى هذا أمر لا يمثل صعوبة كبيرة، لكن الحقيقة هي أنه كان كذلك؛ إذ حتى ذلك ينفي أي اعتقاد بكون المخ مجرد آلة بسيطة للمدخول –النتاج input-output تدخل المعلومات الحسية الخام من إحدى نهايتيها ، وتقفز من الناحية الأخرى صورة "للعرض" الواعي. أظهرت تلك الدراسات حتى نشاط جميع عصبون تحكمه عملية للتلقيم الراجع feedback ، فالطبيعة الشبكية للمخ تعني حتى حالته العامة- أي رغبته في الانتباه- قد ترتد لتتحكم في نتاج بلايين الخلايا. وهنا يبرز تساؤل: هل يصنع نشاط العصبونات حالتنا الذهنية ،يا ترى؟ أم تحرِّض الحالة الذهنية نشاط العصبونات،يا ترى؟ والإجابة هي أنه في حين الكمبيوتر لديه فصل صارم بين المدخول والنتاج، فللمخ منطق عضوي أوكلي holistic مختلف تماما ،قد يكون فيه نشاط الكل والأجزاء المكونة له متشابك للغاية؛ فالصغير والكبير يتطوران معا. ولذلك فقد كان فهماء الأعصاب مجبرون على اعتماد نظرة أكثر ديناميكية للمخ، وأدى ذلك أيضا لفهم افضل لحقيقة أخرى حول المخ؛ وهواعتقاد أنه يتكون من مجموعة من وحدات معالجة البيانات. منذ زمن طويل،أشارت السكتتات المخية strokes، والأورام، والجروح الناجمة عن الطلقات النارية، وغيرها من صور التلف الموضعي في المخ، إلى حتى المخ يحكمه منطق تقسيم العمل؛ أي حتى به مناطق متخصصة للرؤية، والمشاعر، والكلام، والتحكم الحركي، والإحساس بالمسقط، إلى غير ذلك. وكان هذا هوسبب الاهتمام الضخم بأجهزة مسح المخ brain scanners. بدا الأمر وكأن الباحثين سيتمكنون، أخيرا، من عمل خرائط للعديد من المراكز الوظيفية في المخ بتفصيل ممتع. كان الشغل الشاغل لفهم البيولوجيا هوالسعي وراء فك شفرة الجينوم البشري، وكان من الممكن حتىقد يكون لدى فهم الأعصاب لقاء يتمثل في مشروع يقوم لمرة واحدة وأخيرة برسم خرائط لجميع أجزاء ووظائف المخ. لكن هذه الآمال الكبرى ذوت بمجرد حتى بدأت عمليات مسح المخ تقريبا. من المؤكد حتى المخ أظهر مراكز للنشاط؛ فعندما نتحدث، تضيء المناطق اللغوية المتسقطة في نصف الكرة المخية الأيسر، لكن الأمر نفسه يتكرر مع جميع أنواع المناطق الأخرى في المخ؛ وهناك المئات منها. كانت هناك "بقع ساخنة" محددة، لكن تلك تمثل بدورها علامات واضحة على جهد شمولي؛ فلم يحدث حتى "قام" أي من أجزاء المخ بعمل أية وظيفة بصورة منفردة. والأسوأ من ذلك ، قد يضيء أحد المراكز المتعلقة باللغة خلال القيام بأي نوع من النشاط الحركي التتابعي. ويبدوحتى كلا من أجزاء المخ قد طور مجموعة من الإمكانات الكامنة ، ثم يتم اختياره للأداء بصورة أكثر دقة حسب متطلبات المهمة الموكلة إليه. أدى مجاز "المخ ككمبيوتر" بالباحثين لأن يتسقطوا تحديدا صارما للوظائف المخية؛ لكن ما وجدوه في الواقع هوحتى مناطق المخ هي وحدات عامة تتحول إلى متخصصة حسب الاحتياجات الشمولية للمخ. ومثل العامل غير المتخصص- والذي يعمل كسباك في لحظة، وككهربائي في اللحظة التالية- يمكن لأي منطقة في المخ حتى تظهر عددا من الأوجه المتنوعة بعدد المهام التجريبية التي توكل إليها. وهنا ندرك إلى أين وصل فهم الأعصاب اليوم؛ فالبساطة القديمة تفسح الطريق لتعقيدات جديدة ؛ فقد ظهر حتى للمخ منطقا عضويا خاص به تماما، والحقيقة هي حتى فهماء الأعصاب لا يزالون يكافحون لتطوير لغة يمكنها اقتناص جوهر ما يرونه في مختبراتهم يوميا. هناك ثورة جارية في فهمنا للمخ، لكنها تبدوحتى الآن ثورة معقودة اللسان وغير قادرة على الكلام!

المناطق العشرة الساخنة لنشاط المخ

لا يمكن تقسيم المخ بصورة محددة تماما إلى مناطق ذات وظائف مختلفة، لكن هناك "مناطق ساخنة" لنشاط المخ ؛ إليك بعض الأمثلة…

القشرة الجدارية الخلفية Posterior parietal cortex: نتيجة لمسقطها الاستراتيجي بين مناطق معالجة الحركة في السبل البصرية ، وبين مناطق تخطيط الجسم في القشرة الحسية-الحركية للمخ، تصنع القشرة الجدارية الخلفية إحساسا عاما بالفراغ المحيط بنا؛ فعندما نفكر بالالتفات للإمساك بشيء ما، فالقشرة الجدارية الخلفية هي التي تصنع الشعور الحدسي بمسقط هذا الشيء.

منطقة بروكا Broca’s area: وهي مسؤولة عن البناء النحوي للجمل ؛ لذلك يؤدي تلفها لحالة يدرك المصاب فيها ما يريده، لكنه لا ينطق سوي ببضع حدثات متفرقة . ولمنطقة بروكا منطقة توأمية تدعى منطقة فيرنيكه Wernicke’s area ، وهي منطقة متعلقة بمعاني الحدثات توجد للخلف منها في الفص الصدغي للمخ . ويؤدي تلف منطقة فيرنيكه إلى عكس ما يحدث في تلف منطقة بروكا؛ حيث يتحدث المريض بطلاقة وثقة- غير حتى الكلامقد يكون في معظمه ثرثرة مكررة وغير مفهومة.

القشرة الحزامية الأمامية Anterior cingulate cortex: وهي منطقة محورية بالنسبة للرغبة في العمل ؛ إذ أنها تمثل ما يشبه تقاطع الطرق بين سبل التخطيط والسبل الانفعالية في المناطق العليا من المخ. وتنشط هذه المنطقة حدثا توجب علينا الانتباه العميق لأداء مهمة صعبة، ويؤدي تلفها إلى حالة تعهد بخرس تعذر الحركة akinetic mutism ، وفيهاقد يكون المصاب واعيا لكنه يفتقد الرغبة في حتى يقول أوحتى يعمل أي شيء.

اللوزة المخية Amugdala: وهي عضوبحجم حبة البازلاء يوجد داخل جميع من نصفي كرة المخ، وتمثل مركز معالجة مشاعر مثل الخوف والغضب. ويمكن حتى يؤدي تنبيه هذه المنطقة عبر إلكترودات (مساري) كهربية إلى شعور طاغ بالرعب. وتقوم اللوزة المخية أيضا بتنظيم عدد من الاستجابات الغريزية الأخرى مثل تناول الطعام والجنس. ويلقى باللوم على زيادة نشاط هذا العضوفي الإصابة بالقلق والعُصاب.

جذع المخ Brainstem: وهوأول تثخن في النخاع الشوكي عند دخوله إلى الجمجمة ، وهومركز دعم الحياة في المخ. ويتحكم في وظائف مثل التنفس، ومعدل ضربات القلب. وباعتباره طريق دخول المدخولات الحسية الداخلة إلى المخ، يلعب جذع المخ أيضا دورا مهما في الانتباه والاهتداء للمكان. ويشكل جذع المخ 2% من حجم المخ، ويؤدي تلفه سريعا إلى فقدان الوعي ومن ثم الوفاة.

القشرة البطنية الأنسية Ventromedial cortex: وهي منطقة معنية بالتخطيط لاتخاذ القرارات المعقدة ذات الأهمية العاطفية. والأشخاص المصابون بتلف هذه المنطقة لا يستطيعون التخمين في لعب الورق، كما لا يهتزون لرؤية مناظر مرعبة مثل حوادث السيارات . لا تتأثر معارفهم العامة أومعدلات ذكائهم، لكن جميع الاختيارات تتساوى بالنسبة لهم، مما يمثل صعوبة في اتخاذ أي قرار مهم بالنسبة لهم.

التلفيف المغزلي Fusiform gyrus: كثيرا ما يطلق على هذه المنطقة من القشرة المخية اسم "منطقة التعهد على الوجوه"، حيث حتى تلفها قد يؤدي إلى تدهور هائل في القدرة على التعهد على وجوه الأصدقاء، والمشاهير، وحتى صورة المرء نفسه. لكن دراسات التصوير المخي الحديثة أظهرت أنها تنشط خلال أية عملية معقدة للتعهد عندما يطلب من الشخص التعهد على شيء محدد من بين مجموعة من الأمور المتشابهة.

القشرة البصرية الأولية Primary visual cortex: وهي منطقة "الخرائط" الرئيسية للرؤية؛ فيتم تسجيل المعلومات الواردة من العين بواسطة عدد كبير من العصبونات التي تشفر تلك المعلومات حسب طولها الموجي ، وحوافها البصرية، وغيرها من الخصائص المميزة. ويجب حتى يتم رسم الخرائط البصرية التمهيدية من قبل نحو20 منطقة بصرية متخصصة أخرى ، من أجل الحصول على الألوان المحددة والأشكال التي يمكن التعهد عليها ، مما يسمح للمخ في النهاية حتى "يرى" شيئا ما. وفي حين يبلغ حجم أغلب مناطق المخ حجم عملة معدنية صغيرة، يبلغ حجم القشرة البصرية نحوحجم بطاقة الائتمان.

المخيخ Cerebellum: ويعهد باسم المخ الصغير، ويتعلق بالجزء الخلفي من جذع المخ ، ويبلغ نحو10% من حجم المخ ، كما يحتوي على أكثر بكثير من نصف العصبونات التي يحتوي عليها المخ، وتحتوي هذه العصبونات على تشابكات عصبية تزيد بنسبة 20% عن المعدل العادي للعصبونات المخية. ولكن برغم وفرة الاتصالات به، فإن المخيخ لا يشعر وهوغير واع بعمله ؛ فهومجرد عضومتخصص في التوقيت الدقيق للحركات، وتسهيل تطبيق الخطط التي تمت صياغتها في المخ الأعلى.

الحصين Hippocampus: تتجمع جميع السبل الحسية في الحصين ، وتظهر عصبوناته استجابة "لقطية" snapshot response تتيح لها تذكر الأنماط المحددة التي تتم في بقية أجزاء المخ. ويؤدي تلف الحصين لجعل المصاب غير قادر على تذكر أي شيء وقع قبل بضع ثوان فقط.


البحث عن الوعي

إن دراسة الوعي، والتي كان أغلب فهماء الأعصاب يتجنبونها حتى وقت قريب جدا، تشهد نشاطا محموما لدرجة أنها انقسمت إلى ثلاثة معسكرات…

لمدة طويلة للغاية، اتخذ الفهماء مواقف بسيطة للغاية من الوعي؛ فإما حتى يقولوا حتى الفهم لا يمكنه حتى يأمل في تفسيره (كان عالم العقل شخصانيا subjective بدرجة تفوق الوصف، وبالتالي فهوغير مفتوح للدراسة الموضوعية objective)، أوحتى يؤكدوا أنه لا يوجد شيء يمكن تفسيره بهذا الخصوص. كان العقل يعتبر ، ببساطة، مجموع ما أنجزه المخ؛ وبالتالي فبمجرد الحصول على تقرير تام عن جميع العمليات التي يقوم بها المخ، فلن يبقى شيء آخر لينطق . لكن خلال عقد التسعينات من القرن العشرين، وبسبب الوعد الذي قدمته تقنيات البحث الجديدة لتصوير المخ، تغيرت هذه الاتجاهات بصورة مفاجئة. وأصبحت الدراسات المتعلقة بالوعي consciousness تمثل فرعا فهميا معترفا به، له مجلات ، ومؤتمرات، ومقررات دراسية مخصصة له. أما اليوم، فيمكن تقسيم الدراسات المتعلقة بالوعي إلى دراسات جادة وأخرى واهية؛ أما الدراسات الجادة فهي التي تتقدم ببطء، فقد بدأت بافتراض معقول هوحتى الوعي ما إلا عملية مخية ؛ أي نتاج للنشاط العصبوني المنسق. لكن الفهماء أدركوا أنه ليس جميع الأنشطة العصبونية واعية بالضرورة، فكثير مما نعمله يظهر واعيا ، أوأنه يحدث على مستوى العادة اللاشعورية. لذلك قام أولئك الفهماء بالبحث فيما أسموه المترابطات العصبية للوعي Neural correlates of consciousness: NCC، محاولين فهم ما المختلف بخصوص المخ عندما يتحرك شيء من أطراف الإدراك إلى المركز الساطع للوعي. ولنأخذ، على سبيل المثال، خداعا بصريا معكوسا مثل مكعب نيكر Necker cube أوالمثلث المحال؛ ففي لحظة تري المكعب بارزا نحوك ، وفي اللحظة التالية تغير منظورك البصري فتراه متجها إلى الجانب الآخر. وباستخدام إلكترودات كهربية للتسجيل من داخل أمخاخ الحيوانات، تمكن الباحثون من تتبع الكيفية التي تغير بها العصبونات من استجابتها مع سيطرة مناظر مثل هذه على مجال الوعي لديها. وتمثل هذه طريقة قوية للتعهد على آليات عمل المخ. ومن بين الاكتشافات الأولى في هذا المجال، كان اكتشاف حتى العصبونات تنزع للتزامن في إطلاق إشاراتها العصبية في نفس الوقت، عندما تشكل جزءا من السلوك الواعي. وبالإضافة إلى ذلك، تنشط مناطق معينة من المخ عندما يهتم المرء بأمر ما، حيث يتوجب اشتراك الفصين الجبهيين frontal lobes من المخ في العمل، ويبدوحتى القشرة الحزامية الأمامية ، وتوجد في مقدمة المخ، تلعب دورا حيويا في هذه العملية. وعلى أية حال، فمن المؤكد أنه ليست هناك آلية واحدة بسيطة مكتنفة في جعل النشاط العصبي أمرا واعيا، لكنها تبدومسألة درجات ؛ فيصبح الشيء واعيا بقوة عندما يتم تعزيز جميع أوجه معالجته- لذا فهناك الكثير من عمليات الإطلاق العصبي المتناسق ، والكثير من العمل تقوم به المنطقة قبل الجبهية في المخ. ولا زال الفهماء الذين يسعون وراء المترابطات العصبية للوعي يأملون في حتى يتمكنوا في النهاية من العثور على آلية أكثر تحديدا لفهم عملية الوعي. لكن الشعور يتزايد بأن الوعي (كما ظل الكثير من الفهماء يعتقدون منذ زمن طويل) ما إلا محصلة عمل المخ، أي أعلى نقطة في كم من النشاط العصبي.

ميكانيكا الكم:

إلى جانب الفهماء الوقورين الذين يسعون وراء المترابطات العصبية للوعي، والذين كثيرا ما يحضرون نفس المؤتمرات الفهمية، نجد مجموعة مختلفة تماما من الباحثين في مجال الوعي؛ فأولئك الفهماء يشعرون بأن الوعي شيء مميز ، وفريد ، للغاية ، بحيث لا يمكن حتىقد يكون مجرد حاصل للكثير من العمليات المخية. فلابد من وجود ثمة وسيلة سحرية فريدة لتفسير كيف من الممكن أن يمكن لكتلة من المادة الخاملة حتى تضيء بما نعهده بالوعي. يقترح البعض تفسيرا شموليا يقول بأن لكل مادة جانبا شخصانيا ،أوعقل بدائي proto-mind ، وأن أمخاخنا تقوم بهجريز كمية كافية من هذه المادة تتيح لها الظهور؛ بينما يعتقد آخرون حتى العقل قد يحدث حقلا كهرو-مغناطيسيا منعكسا تولده العصبونات النشطة. لكن أكثر النظريات شيوعا لهذا المعسكر هي حتى غموض الوعي يجب حتىقد يكون مرتبطا بصورة مباشرة بأسرار ميكانيكا الكم Quantum mechanics. قام أصحاب نظريات ميكانيكا الكم بتأليف قصص محبوكة للغاية حول كيف من الممكن أن حتى الهجريب الداخلي للعصبونات يمكنه حتى يسخِّر التأثيرات الكمومية لإنتاج حالات من الترابط المنطقي التي تضم كافة أجزاء المخ. وهنا يمكن حتىقد يكون الوعي نتيجة لدخول عدد هائل من الخلايا في حالة من التراكب الكمومي quantum superposition. وتتمثل المشكلة الكبرى بالنسبة لأصحاب تلك النظريات في حتى حالات الترابط المنطقي العيانية macroscopic لا يعقل حتى تحدث في المخ الحار والرطب. وعلى أية حال، فبدعم من بعض الفهماء البارزين، مثل عالم الرياضيات بجامعة أكسفورد- آرثر بينروز، أصبحت تلك المقاربة الكمومية معروفة بالقدر الذي يمكن معه اعتبارها بديلا رسميا للنظريات الرصينة المتعلقة بالمترابطات العصبية للوعي. لكن أسلوبا جديدا بدأ يظهر مؤخرا، فبدلا من السعي لتفسير للوعي من حيث وجود ثمة آلية معينة – سواء كانت تلك نظرية عادية متعلقة بفهم الأعصاب، أوغير عادية متعلقة بالفيزياء- تحاول هذه المقاربة التعامل مع الوعي كمثال لنمط أكثر عمومية من العمليات البيولوجية. وعلى سبيل المثال، فإن نظرية التكوّن الذاتي autopoiesis، أوالشبكات التي تتعهد على ذاتها، والتي وضعها عالمان بالأعصاب من تشيلي هما هومبرتوماتورانا وفرانسيسكوباريلا، تفترض حتى الوعي ما إلا حالة مكثفة بصورة خاصة من العملية البيولوجية الأكثر عمومية للإدراك cognition. فالحياة نفسها تعبير عن عمل إدراكي، أي فهم العالم والاستجابة له. وتمثل الجينات فهما لنوع الجسم الذي يمكنه التكيف مع العالم المحيط به. كما حتى للجهاز المناعي طرقا خاصة للتفريق بين ما ذاتي مما هوغريب، وبالتالي يمكن حتىقد يكون الوعي مجرد تحسين إضافي للمبدأ البيولوجي الأساسي. ويتمثل أمل أولئك الباحثين الذين ينتهجون مقاربة "الأنظمة" هذه ، في حتى يتمكنوا في النهاية من تطوير نموذج رياضي عام للإدراك- مثل ذلك الذي تم وضعه بالنسبة لعملية التطور، وبعدها سيكون من السهل الربط بين جميع المتباينات المتنوعة ، لكن ذلك أمر لا يزال في مهده ، وفيما يتعلق بالفهماء، فإن معضلة الوعي هي أبعد ما تكون عن حتى تكون قريبة الحل.

الآمال الكبرى

ما هي أكثر الحقائق المتعلقة بالمخ غرابة،يا ترى؟ … من الممكن كانت تلك هي كونه لا يتصل سوى قليلا جدا بالعالم الخارجي! فلا يزيد عدد الألياف العصبية التي تجلب الإشارات الحسية إلى المخ عن بضع ملايين، وهناك بضع ملايين أخرى تحمل الأوامر العصبية خارجا من المخ؛ وبالتالي فإن واحدة فقط من بين عدة آلاف خلية مخية هي التي لها اتصالات مباشرة مع العالم الخارجي، بينما تتصل البقية الباقية ببعضها البعض فقط! وتفسير ذلك هوحتى المخ يعمل من خلال ابتكار صورته المعروضة الخاصة به لما هو"موجود بالخارج" ؛ وهونموذج واع مشرب بالنوايا والتسقطات. وبعد ذلك لا يحتاج المخ سوى إلى شعاع رفيع نسبيا من المعلومات المحدّثة لاستمرار هذا النموذج. وتتم معالجة هذا التيار الرقيق من المعلومات الحسية في دورة للوعي كما هومبين في الشكل (التعليق أسفل):

نموالمخ: رحلة طولها 20 سنة!

• حديث الولادة newborn: عند الولادة، يزن المخ 400 جرام، ويكون المخ الأدنى – المسؤول عن السلوك الغريزي- تام الاكتمال، لكن عصبونات القشرة المخية، أي نصفي كرة المخ المليئتين بالتجاعيد والتلافيف ، واللتان تمثلان المخ الأعلى، لديهما القليل فقط من الاتصالات الفاعلة.

• الرضيع baby: خلال السنة الأولى من العمر، تتفرع من القشرة المخية ملايين من الاتصالات المشبكية في جميع ثانية ، مع تفهم الرضيع من تجاربه وخبراته. ويتضاعف وزن المخ مع تطوير القشرة المخية للخلايا الداعمة الإضافية ، واللازمة لتغذية وحماية العصبونات التي أصبحت مشغولة الآن.

• الدارج toddler: مع تنامي فهم الدارج بالعالم المحيط به، ينخفض عدد الاتصالات المشبكية بين العصبونات. وينخفض عددها إلى النصف لجعل السبل العصبية أكثر فعالية. لكن الوزن الإجمالي للمخ يستمر في الازدياد ليصل إلى 1100 جرام.

• الطفل child: يحتوي مخ الطفل في سن المدرسة على جميع اتصالاته فاعلة، ويتم الآن تعزيزها بواسطة تكون غلاف حولها من مادة الميالين- وهي عملية تعهد بالميلنة myelinization؛ إذ تنمومادة عازلة دهنية حول الألياف العصبية لضمان وجود اتصال جيد بين جميع مناطق المخ.

• المراهق teenager: وصل وزن مخ المراهق إلى حجمه النهائي في البالغين، وهو1300-1400 جرام، لكن المراكز القشرية الأعلى ، وخصوصا الفصين الجبهيين frontal lobes، والمسؤولين عن التخطيط والفكر الاجتماعي، يتعرضان لفورة أخيرة من تطور المشابك العصبية.

• البالغ adult: عند بلوغ سن العشرين، تكتمل جميع الاتصالات العصبية في المخ. وقد كان فهماء الأعصاب في الماضي يعتقدون بأن مخ الإنسان يبدأ في التدهور منذ ذلك العمر، لكن الاكتشافات الحديثة أظهرت حتى المخ يمكنه بعد ذلك العمر حتى ينمي عصبونات جديدة في بعض الأحيان؛ وبالتالي فإن التدهور العقلي لاقد يكون حتميا مع التقدم في العمر إلا عند وجود سقم عملي في المخ.


شرح مصطلحات المخ

المحور العصبي Axon جهاز الخرج في العصبون- ويحمل الإشارة العصبية بعيدا عن جسم الخلية نحوالخلايا الأخرى ، حيث يتفرع ليشكل بضع مئات من الاتصالات المشبكية ميالين Myelin بروتين دهني أبيض اللون، يقوم – عن طريق عزل المحاور العصبية- بتسريع انتنطق الإشارة العصبية تغصن (شجيرة عصبية) Dendrite جهاز المدخول في العصبون؛ وفي حين يوجد عادة محور عصبي واحد خارجا من جسم الخلية، هناك الكثير من التغصنات تحمل الإشارات العصبية من العصبونات المجاورة إلى جسم الخلية مشبك عصبي Synapse الموصل بين عصبونين، والتي يتم عبرها النقل العصبي، حيث تمرر الإشارات العصبية من خلية عصبية إلى التي تليها ناقلات عصبية Neurotransmitters مراسيل كيميائية مثل الدوبامين والسيروتونين تحمل الأشارات بين العصبونات الشوكة (الحسكة) Spike الإشارة العصبية التي تمر بطول المحور، ويحدد عدد وتوقيت نمط الشوكات ، نوع المعلومات المنقولة. ويمكن للعصبونات إطلاق عدة آلاف شوكة في الثانية المستقبلات بعد المشبكية postsynaptic receptors بنى بروتينية على الغشاء بعد المشبكي (أي الغشاء الذي يغطي الخلية المستقبلة) ، والتي تقتنص الناقلات العصبية التي يتم إطلاقها، مما يحدث إشارة عصبية تندفع بعد ذلك إلى الخلية المستقبلة المستقبلات قبل المشبكية Presynaptic receptors بنى بروتينية على الغشاء قبل المشبكي (أي غشاء الخلية المرسلة)، والتي تقوم بوظيفة الارتباط بالناقلات العصبية لإيقاف إطلاق المزيد منها


خرافات حول المخ البشري

• الخرافة رقم 1: "نحن نستخدم عُشر أمخاخنا فقط": ظهرت هذه الخرافة في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما قام جراحوالمخ والأعصاب بوضع إلكترودات كهربية على المخ الحي أثناء العمليات الجراحية على المخ ، ووجدوا أجزاء كبيرة منه "صامتة" – ولم يقرر السقمى الشعور بأي إحساس معين كنتيجة لهذا التنبيه. لكن الطرق الحديثة لتصوير المخ أظهرت حتى جميع أجزاء المخ تتوقد بالنشاط طوال الوقت.

• الخرافة رقم 2: "نصف المخ الأيسر متخصص في التفكير المنطقي، بينما يتخصص النصف الأيمن في التفكير الإبداعي": هناك قدر ضئيل من الحقيقة في هذه الخرافة ، إذ حتى هناك تجانب lateralization واضح في الكيفية التي يعمل بها المخ؛ فنصف الكرة المخي الأيسر بارع في الهجريز على التفاصيل والمتواليات، بينما يتخذ النصف الأيمن رؤية أعرض، وأكثر ارتباطا بسياق الموضوع. لكن عند التفكير العملي، دائما يتم تشارك نصفي المخ في العبء.

• الخرافة رقم 3: "جميع أمخاخنا لها نفس الجغرافية": في حقيقة الأمر حتى لكل مخ طابعا متفردا مثل الوجوه أوبصمات الأصابع. وتمثل هذه معضلة حقيقة لجراحي المخ والأعصاب، إذ المراكز حتى المخية المتعلقة باللغة وغيرها من المراكز الحيوية،قد تتباين كثيرا في المسقط والحجم. وعلى سبيل المثال، فقد تكون القشرة البصرية الرئيسية في مخ إنسان ما أكبر بثلاث مرات من مثيلتها في إنسان آخر.

• خرافة رقم 4: "استخدمها أوافقدها": إذا اكتشاف كون الرضع تنمولديهم اتصالات عصبية أكثر بكثير مما يحتاجون إليه بالعمل خلال السنوات الأولى من العمر، قد أدى إلى ظهور خرافة الدفيئة Hothousing – وهي فكرة حتى التنبيه الشديد سيحافظ على الاتصالات "الإضافية" لكن إزالة الاتصالات الفائضة يعد خطوة ضرورية لصنع سبل مخية فعالة.

هل كنت تفهم؟

- يحتوي المخ على 80% ماء، و10% دهون، و8% بروتين، بينما يتكون الباقي من الكربوهيدرات، والأملاح، والمعادن الأخرى. - تقوم الأعصاب الكبيرة في الجسم بتوصيل الإشارات العصبية بسرعة تقترب من 400 حدث/ ساعة، لكن أغلب النقل العصبي في المخ يتم بسرعة بطيئة لا تزيد على 20 حدث/ ساعة. - عند فرد جميع ثناياها وتلافيفها، يمكن للقشرة المخية البشرية حتى تصنع ملاءة من المادة الرمادية تبلغ مساحتها أربعة أضعاف مساحة الصفحة العادية قياس A4. - يطلق المخ البشري كمية من الطاقة تكفي لإضاءة لمبة خافتة . - برغم كونه لا يمثل أكثر من 2% من وزن الجسم، إلا أنه يستهلك نحو20% من إمدادات الأكسجين والجلوكوز للجسم. - يحتاج المخ لبعض الوقت لإدارك العالم المحيط به؛ فالعداءون المشاركون في تجاوز لا يمكنهم الاستجابة لطلقة البدء قبل مضي نحوثَمن الثانية، ويستغرق الأمر ما لا يقل عن نصف ثانية للاستجابة لأي شيء غير متسقط. - عندما تكون نائما، لا يتوقف مخك عن التفكير؛ فالأشخاص الذين يتم إيقاظهم في منتصف الليل يذكرون تأملات مشوشة ومبهمة؛ لكن الذاكرة تكون معطلة بحيث لا يتم تذكر أي شيء منها في العادة. - يقول واحد من بين جميع 20 إنسان (أغلبهم من النساء) حتى لديهم تخيلات ذهنية مفعمة بالحيوية – أي حتى أحلام اليقظة الخيالية لديهم تبدوواقعية تململ كالحقيقة. - في واقع الأمر، تعتبر العين جزءا من المخ؛ فبينما تنموأعصاب أعضاء الإحساس الأخرى لتلتقي بالمخ ، تتكون شبكية العين من بروز خارجي من نسيج المخ. - يمتلك البشر أكبر الأمخاخ مقارنة بوزن أجسامهم؛ لكن عندما نتحدث عن الوزن، يبلغ وزن مخ الفيل أربعة أضعاف مثيله في الإنسان ، بينما يبلغ مخ الحوت الأزرق خمسة أضعاف وزن المخ البشري.

ما هواللاوعي؟

هناك وجهتا نظر بخصوص العقل اللاواعي؛ فقد ساعد سيجموند فرويد Freud على اشتهار فكرة حتى اللاوعي ما إلا ضرب من النفس السرية- أي جزء مكبوت من أكثر الغرائز البهيمية الأساسية. وقد أطلق على هذه القوة المظلمة، وغير المنطقية والتي لا يمكن التعبير عنها ، اسم "الهذا" Id؛ أما الأنا ego فهوالجزء المدرك والعقلاني للعقل، والذي يحاول كبت مشاعر العنف والجنس التي تجيش في أعماق اللاوعي، لكن قوة الهذا قد تجد لها متنفسا في الخيال أوفي صورة مخفية كإشارات واعية غريبة. أما اليوم، فأغلب الأطباء النفسيين وفهماء الأعصاب ينظرون إلى نظرية فرويد بأنها محض هراء تأريخي مسل، فهم يرون اللاوعي- ببساطة- كمزيج من عواطفنا وعاداتنا – أي أنشطة المخ التي لا نتحكم بها بعقلنا الواعي؛ فهناك الكثير من الرغبات الغريزية الموجودة فطريا في المخ، ثم تقوم التجربة بصنع مجموعة من العادات والمهارات ، أي أفعال مثل القيادة، والمضغ، والحديث، والتي تصبح "مثبتة" في المخ بعمل الممارسة ، بحيث نمارسها بصورة "لاواعية" ، دون الحاجة للانتباه الواعي الدقيق.


تطور المخ الحديث

متى تطور المخ البشري الحديث،يا ترى؟ إذا حكمنا بمظهر رسوم الكهوف القديمة، أوالتماثيل الدينية، أوالعقود التي توضع حول العنق- وهي أدلة على وجود عقل رمزي واع بذاته- فلن يزيد هذا العمر عن 50000 سنة. ويمتلك الإنسان العاقل Homo sapiens فصين قبل-جبهيين كبيرين نسبيا – وهي مسقط التخطيط والتفكير المعقد- مقارنة بالإنسان القردي المنتصب Homo erectus. وربما كان السبب الأكثر احتمالا لهذا التغير المفاجئ هوتطور تلك المناطق المخية الضرورية للكلام الذي تحكمه القواعد النحوية. وكانت اللغة تمثل ، كوسيط رمزي، ليس مجرد أداة للتواصل الاجتماعي، بل وللتفكير أيضا. وباستخدام الكلام الداخلي الموجه للذات كقاعدة لتفكيرنا، يمكننا حتى نصطحب عقولنا إلى أماكن لا يمكن لأي حيوان حتى يصل إليها. ماذا عن المستقبل،يا ترى؟ يقول البعض حتى تطورنا العقلي توقف الآن حيث حتى المخ البشري لم يعد خاضعا لضغوط الانتقاء الطبيعي natural selection. بينما يطالب البعض الآخر بنسيان الطبيعة، إذ أننا نمتلك التكنولوجيا- أجهزة الكمبيوتر التي يمكن غرسها في المخ أوحتى الهندسة الوراثية- ومن يدري إلى أين يمكن حتى يقودنا هذا؟


هل نحن وحيدون؟

يظهر كثير من الحيوانات أدلة على وجود بعض الوعي، هاك بعض الأمثلة:

• الشمبانزي: مع امتلاكه لمخ مماثل تقريبا للمخ البشري من حيث البنية التشريحية الأساسية، يمتلك الشمبانزي وعيا عاطفيا وذكيا غنيا ، وهولا يفتقر سوى لمهارات الحديث والملكات "العقلانية".

• التمساح: إن مخ التمساح صغير ، ولا يزيد حجمه عن جزء من 150 من وزن مخ الإنسان- ويتكون في معظمه من جذع مخ brainstem بدائي وغريزي، ومع ذلك فلديه نسبة من الذاكرة والذكاء، وبالتأكيد أنه يمتلك وميضا من الوعي في عينيه!

• البزَّاق slug : (حيوان رخوي) يمتلك البزاق شبكة من الأعصاب عوضا عن المخ، ويمكنه حتى يتفهم تجاهل منبهات مثل النخس prodding المتكرر. ولكن بعكس الحيوانات الأرقى، فهولا يصنع ذلك النموذج الحسي المستمر الذي يستبطن الوعي.

تقنيات ثورية لتصوير المخ

• التصوير المبتري المحوسب CT scan: يعتبر التصوير المبتري المحوسب تطويرا لآلة أشعة X التقليدية؛ فيزداد وضوح الصورة بتصوير العضوبأشعة X من عدة زوايا ، ثم تكوين صورة مدمجة بواسطة الكمبيوتر. ولا تظهر صورة الأشعة المبترية المحوسبة سوى التشريح العياني gross anatomy للمخ، فلا يمكنها إظهار تفاصيل الأنسجة الرخوة أوتسجيل النشاط المخي.

• التصوير المبتري بإصدار البوزيترونات PET scan: يشتمل التصوير المبتري بإصدار البوزيترونات على حقن قائف tracer مشع في الدم، ويستخدم معدل استهلاك خلايا المخ للقائف في خلق خريطة لمناطق المخ المستخدمة في الأنشطة العقلية المتنوعة. ولا يعتبر هذا من التقنيات الشائعة بسبب تكلفته العالية وكذلك لخطورة استخدام مواد إشعاعية.

• التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي f-MRI scan: تستخدم هذه التقنية حلقة من المغناطيسات القوية "لصف" ذرات المخ. وبعدها تقوم دفعات الموجات اللاسلكية بقياس كمية العناصر الموجودة مثل الهيدروجين والأكسجين. وعن طريق التصوير عدة مرات في الثانية الواحدة، يمكن تخطيط الاستهلاك المتغير للأكسجين من قبل المخ أثناء النشاط العقلي.

• تصوير مغناطيسية المخ MEG scan: وتستخدم هذه الطريقة محسات sensors فائقة الحساسية يتم تبريدها بالهليوم السائل، من أجل التقاط المجالات المغناطيسية الضعيفة التي تولدها الشبكات العصبية النشطة. وتعطي هذه الطريقة افضل صور ثانية بثانية للأنماط العصبية المتغيرة للمخ، لكنها لا تمنحنا سوى إشارات غير محددة على مسقط ذلك النشاط العصبي.

تاريخ النشر: 2020-06-04 05:27:25
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بدء الموجة السابعة لكورونا في كوريا الجنوبية

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:24:31
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

"32 عامًا إضافية من الحياة".. منحة متبرع مجهول لأب ألماني مريض

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:24:38
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

انطلاق اجتماع لجان السلامة المرورية لإمارات المناطق في الدمام

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:24:33
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

اعتقال عشريني يُروّج فيديوهات إباحية للأطفال بالبيضاء

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:15:29
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 37%

جلالة الملك يهنئ ملك الكامبودج بمناسبة العيد الوطني لبلاده

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:15:20
مستوى الصحة: 26% الأهمية: 15%

تراجع الأسعار في بريطانيا.. هل ندخل في أزمة رهن عقاري جديدة؟

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:24:37
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

«لوجانسك» تبدأ اعتماد القوانين كجزء من روسيا خلال نوفمبر

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:24:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

أسعار المواد الاساسية باسواق جهة مراكش يومه الأربعاء 9 نونبر

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:15:28
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 42%

طرح حلول للنقل بالحوسبة السحابية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:23:32
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

اجتماع اللجنة الاستشارية المغربية-الأمريكية للدفاع

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:15:27
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 48%

ساديو ماني يغيب عن كأس العالم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:15:25
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 35%

رابح صقر يشعل أجواء الدرعية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:23:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب المنطقة الحدودية بين بيرو والإكوادور

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 09:24:35
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية