بوابة:مجلة العلوم/حاسوب
مفجر البيانات اللاسلكي
كان خيط الضوء الشديد المتماوج ذي اللون الأزرق الفاتح يتراقص عبر الحيز الصغير بين طرفي قضيبين معدنيين، مُصدرا صوتا أشبه بصوت الفرقعة التي تصاحب قلي البيض. مكان هذا المشهد قاعة تعليمية خافتة الإضاءة في جامعة كارِلسروهه بألمانيا، حيث يعرض أستاذ وقور عمره واحد وثلاثون عاما لطلبته ظواهر كهرمغنطيسية مستعينا بجهاز إرسال ذي فرجة شرارية spark-gap transmitter. أما الزمان فهوعام 1887، والأستاذ الوقور<H. هرتز> يعمل على توليد موجات راديوية. وبعد ذلك بسبع سنوات وقع حتى قرأ شاب إيطالي يدعى<G. ماركوني> [كان يمضي إجازته في جبال الألب] منطقة لهرتز حملته على العودة فجأة إلى بيته وفي ذهنه تصور لجهاز تلغراف لاسلكي. وما لبثت أجهزة إرسال ماركوني الخاصة ذات الفرجة الشرارية حتى ظهرت في مختبره مرسلة دفقات نبضية من نظام مورس دون استعمال أي أسلاك. وبتعزيز طاقة الإرسال وإنشاء هوائيات أكبر، تمكن هذا «الرائد الراديوي» فيما بعد من استعمال جهاز لبث إشارات لاسلكية مكودة (مرمزة) عبر المحيط الأطلسي وذلك عام 1901. بعد مضي قرن على ذلك التاريخ، ها هم الباحثون يرسلون مجددا نبضات كهرمغنطيسية قصيرة في أراتى مختبراتهم الفهمية، إلا حتى التقانة تبدلت، فحلت الدارات المتكاملة والديودات النفقية tunnel diodes البالغة الصغر محل الملفات (الوشائع) والمكثفات الضخمة التي استخدمها جميع من هرتز وماركوني. كذلك طُوِّرت حاليا دفقات الشرر العشوائية الشاردة التي كانت تبثها أجهزة الإرسال الأولى، فغدت سلاسل متعاقبة بالغة الدقة في التوقيت لنبضات متميزة الشكل، لا يتعدى أمد الواحدة منها بضع مئات من أجزاء التريليون من الثانية.