الحوض المورود
'''الحوض المورود''' هونهر الكوثر
منح الله رسوله صلى الله عليه وسلم نهرا بالجنة يدعى الكوثر، وهو نعمة عظيمة ، ومنة كريمة ، وموعود أخروي ، جعله الله عز وجل كرامة لنبيه ، وبشارة له ولأمته من بعده ، ثم رتب على ذلك الوعد العظيم ، الأمر بالصلاة والعبادة ، والوعد بالنصر والتأييد { فصل لربك وانحر إذا شانئك هوالأبتر وينطق حتى الكوثر هي السيدة فاطمة الزهراء وأنه أحد ألقابها
والكوثر أيضاً هوالنهر الذي وعده الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وأصل حدثة الكوثر يشير على الكثرة والزيادة ، ففيه إشارة إلى كمال الخيرات التي ينعم الله بها على نبيه صلى الله وسلم في الدنيا والآخرة .
ولنهر الكوثر - الذي في الجنة - ميزابان ، يصبان في حوض ، وهوالحوض الذيقد يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في أرض المحشر يوم القيامة ، فنهر الكوثر في الجنة ، والحوض في أرض المحشر ، وماء نهر الكوثر يصب في ذلك الحوض ، ولهذا يطلق على جميع من النهر والحوض ( كوثر ) ، باعتبار حتى ماءهما واحد ، وإن كان الأصل هوالنهر الذي في الجنة .
وقد ورد في الأحاديث جملة من صفات نهر الكوثر ، تجعل المؤمن في شوق إلى ورود ذلك النهر ، والارتواء منه ، والاضطلاع من معينه ، فنهر الكوثر يجري من غير شق بقدرة الله ، وحافاتاه قباب الدر المجوف ، وترابه المسك ، وحصباؤه اللؤلؤ ، فما ظنك بجمال ذلك النهر وجلاله ، وما ظنك بالنعيم الذي حبى الله به نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من أمته .
ولا تقل صفات ماء نهر الكوثر جمالا وجلالا عن النهر نفسه ، فقد ثبت في أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم حتى ماء نهر الكوثر أشد بياضا من اللبن ، وأحلى مذاقا من العسل ، وأطيب ريحا من المسك ، حتى إذا عمر بن الخطاب لما انصت إلى تلك الأوصاف ، نطق للنبي صلى الله عليه وسلم : إنها لناعمة يا رسول الله ، فنطق النبي صلى الله عليه وسلم ( آكلوها أنعم منها ) ، في إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى حتى تلك الصفات العظمية ، وتلك النعم الجليلة ، ما هي إلا جزء يسير مما يمن الله به على أهل دار كرامته ، ومستقر رحمته .
واتى الوصف النبوي لماء نهر الكوثر أيضا ، بأن من استهلك منه لم يظمأ بعدها أبدا ، ولم يسود وجهه أبدا ، فكيف لك حتى تتخيل جنة الخلد ، إذا كان نهرها وماؤها كذلك !!
أما الحوض الذيقد يكون في أرض المحشر ، فطوله مسيرة شهر ، وعرضه كذلك ، ولهذا اتى في الحديث حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق ( حوضي مسيرة شهر ، وزواياه سواء ) ، أي حتى أطرافه متساوية ، واتى في وصف الحوض أيضا حتى آنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها .
أما ماء الحوض فهومستمد من نهر الكوثر كما تجاوز ، فصفات الماء واحدة ، كرامة من الله لنبيه والمؤمنين من أمته ، حيث يتمتعون بشيء من نعيم الجنة قبل دخولها ، وهم في أرض المحشر ، وعرصات القيامة ، في مقام عصيب ، وحر شديد ، وكرب عظيم .
والميزابان اللذان يصلان بين نهر الكوثر في الجنة ، وبين حوض النبي صلى الله عليه وسلم في أرض المحشر ، لا يقلان شأنا عن النهر والحوض ، فالميزابان أحدهما من فضة والآخر من مضى ، فالماء من أطيب ماقد يكون ، ومقره من أرق ماقد يكون ، ومساره ومسيله من أغلى ماقد يكون .
وقد اتىت الأحاديث النبوية تبين حتى لكل نبي من الأنبياء حوضا في أرض المحشر وعرصات القيامة ، فقد ثبت عن سمرة ابن جندب حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - نطق :( إذا لكل نبي حوضا ترده أمته ، وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة ، وإني لأرجوحتى أكون أكثرهم واردة ) ، فرحمة الله في ذلك الموقف قد ضمت المؤمنين من جميع الأمم ، فلكل نبي حوض ، يرده المؤمنون من أمته ، إلا حتى حوض نبينا صلى الله عليه وسلم يتميز بثلاثة أمور :
الأول : حتى ماءه مستمد من نهر الكوثر ، فماؤه أطيب المياه ، وهذا لا يثبت لحوض غيره من الأنبياء ، عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .
الثاني : حتى حوضه صلى الله عليه وسلم أكبر الأحواض .
الثالث : حتى حوضه صلى الله عليه وسلم أكثر الأحواض واردة ، أي يرد عليه من المؤمنين من أمته ، أكثر ممن يرد على سائر أحواض الأنبياء من المؤمنين من أمتهم .
ويحظى بشرف السبق في ورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم من أمته فقراء المهاجرين ، فعن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نطق : ( أول الناس ورودا على الحوض فقراء المهاجرين ، الشعث رؤوسا ، الدنس ثيابا ، الذين لا ينكحون المنعَّمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد ) ، والسدد هي القصور الخاصة بالمترفين ، فكما أنهم كانوا أفقر الناس في الدنيا ، وأقلهم منصبا ، وأدناهم شأنا ، مع ما كانوا عليه من قوة اليقين ، وصدق الإيمان ، وعظيم البذل والتضحية في سبيل الله ، فقد نالوا كرامتهم في أرض المحشر ، بورودهم أول الناس على حوض النبي صلى الله عليه وسلم .
ولقد استوعب النبي صلى الله عليه وسلم عظيم منة الله عليه في نزول سورة الكوثر ، وعظيم نعمته في تكريمه بنهر الكوثر ، فعن أنس بن مالك نطق : ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ، ثم حمل رأسه متبسما ، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله ،يا ترى؟ نطق : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ { بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إذا شانئك هوالأبتر ، ثم نطق أتدرون ما الكوثر ،يا ترى؟ فقلنا : الله ورسوله أفهم ، نطق : فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل في الجنة ، عليه حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم – يعني يبعد عنه بعض الناس - ، فأقول رب إنه من أمتي ، فيقول : ما تدري ما أحدثت بعدك ) رواه مسلم . فهنيئا للمتبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، الواردين حوضه ، فهم الفائزون يوم يخسر الخاسرون ، وهم المقربون يوم يبعد المبدلون والمحدثون
المصدر
- سورة_الكوثرويكيبيديا