مصطفى المراغي
محمد مصطفى المراغي ( - ) شيخ الأزهر رقم .
مولده وحياته
فيتسعة مارس 1881م ولد الشيخ محمد مصطفى المراغي في بلدة المراغة بمحافظة سوهاج، التحق بالأزهر الشريف بعد حتى أتم حفظ القرآن الكريم بكتاب قريته، وتلقى الفهم على يد كبار الفهماء والمشايخ، واتصل بالإمام محمد عبده، وانتفع بدروسه في التاريخ والاجتماع والسياسة، وتوثقت صلته به، وسار على نهجه في الإصلاح والتجديد فيما بعد. تخرج الإمام المراغي من الأزهر بعد حصوله على الشهادة العالمية عام 1322هـ/ 1904م، وكان ترتيبه الأول على زملائه، وكان عمره آنذاك ثلاثة وعشرين عامًا، وهي سن مبكرة بالنسبة لفهماء الأزهر في ذلك الوقت. وفي سنة التخرج اختاره أستاذه الشيخ محمد عبده ليعمل قاضيّا في مدينة دنقلة بالسودان، واستمر الشيخ المراغي في وظيفته تلك لمدة ثلاث سنوات فقط حتى عام 1907، حيث قدم استنطقته من عمله بسبب خلافه المستمر مع الحاكم العسكري الإنكليزي للسودان، وعاد لمصر يتدرج في مناصب القضاء حتى تولي رئاسة المحكمة الشرعية العليا عام 1923م. وفي عام 1928 تم تعيينه شيخًا للأزهر وهوفي السابعة والأربعين من عمره وهوأصغر شيخ للأزهر ، وكان معنيّا بإصلاح الأزهر، ولكنه لما عثر حتى هناك عقبات كثيرة تحول ببينه وبين ذلك استنطق من منصبه في أكتوبر 1929م؛ لأنه يعتبر الوظيفة تكليفا وليست تشريفا فهي سابقة لم نرها تتكرر إلا نادرا حتى يستقيل شيخ الأزهر من منصبه لأجل مبادئه. وفي أبريل 1935 أعيد تعيين الشيخ المراغي شيخا للأزهر مرة أخري بعد المظاهرات الكبيرة التي قام بها طلاب الأزهر وفهماؤه للمطالبة بعودة الإمام المراغي للأزهر لتحقيق ما نادى به من إصلاح. وظل الشيخ المراغي في منصبه شيخا للأزهر لمدة عشر سنوات إلى حتى توفي في 22 أغسطس 1945.
كان الشيخ المراغي معنيّا بقضية الإصلاح والتجديد، مترسماً في ذلك خطى أستاذه محمد عبده، وقد اهتم الشيخ المراغي بإصلاح جميع من الأزهر والقضاء.
(1) إصلاح القضاء: كان إصلاح القضاء هوالاهتمام الشاغل للإمام المراغي لتحقيق العدل والإصلاح بين الناس، وكان الشيخ يتبع أسلوبا جديدًا مع المتقاضين، حيث كان يحاول حتى يوفق بينهما دون اللجوء للتقاضي، وكان يرى حتى القاضي يستمد أحكامه وقدراته من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة لا من القوانين الوضعية ، ولا سلطان لأحد عليه سوى الله حتى يستطيع حتى يؤدي رسالته في العدالة بين الناس دون الخوف من أحد، حتى ولوكان الحاكم أوالسلطان. وكان الإمام المراغي يرى حتى إصلاح القانون هوإصلاح لنصف القضاء؛ لذلك شكل لجنة برئاسته تكون مهمتها إعداد قانونقد يكون هوالركيزة الأساسية للأحوال الشخصية في مصر. وقد وجه الإمام المراغي أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد القانون بعدم التقيد بممضى معين، حيث كان القضاة لايحيدون عن ممضى الإمام أبي حنيفة ، الذي كان معمولاً به في ذلك الوقت ، إلى غيره من المذاهب، ولكن الإمام المراغي كان يرى بضرورة الأخذ بغيره من المذاهب إذا كان فيها ما يتفق مع المصلحة العامة للمجتمع، وكان مما نطقه لأعضاء اللجنة: "ضعوا من المواد ما يظهر لكم أنه يوافق الزمان والمكان، فالشريعة الإسلامية فيها من السماحة والتوسعة ما يجعلنا نجد في تفريعاتها وأحكامها في القضايا المدنية والجنائية جميع ما يفيدنا وينفعنا في جميع وقت".
(2) إصلاح الأزهر: كانت نصرة الإسلام وتطوير وإصلاح الأزهر على رأس أولويات الشيخ المراغي؛ لذلك شكل فور توليه مشيخة الأزهر لجانًا لإعادة النظر في قوانين الأزهر، ومناهج الدراسة فيه. كما قدم قانونا لإصلاح وضع الأزهر للملك فؤاد الأول الذي كان مشرفا على شئون الأزهر آنذاك، إلا حتى بعض حاشية الملك فؤاد أوعزوا له بأن الشيخ المراغي يريد استقلال الأزهر عن القصر، فرفض الملك فؤاد القانون، وأعاده إلى الشيخ المراغي. فما كان من الشيخ المراغي إلا حتى وضع القانون الخاص بإصلاح الأزهر في ظرف، واستنطقته من مشيخة الأزهر في ظرف آخر، وطلب من الملك فؤاد حرية الاختيار، فقبل الملك فؤاد الاستنطقة، ولكن الإضرابات عن الدراسة التي قام بها فهماء وطلاب الأزهر، والتي استمرت أكثر من 14 شهرًا أجبرت الملك فؤاد على إعادة المراغي شيخًا للأزهر مرة أخرى.
ـ وقام الشيخ المراغي بإنشاء ثلاث كليات تكون مدة الدراسة فيها أربع سنوات تتخصص إحداها في علوم العربية، وهي كلية اللغة العربية، والثانية في علوم الشريعة وهي كلية الشريعة والقانون، والثالثة في علوم أصول الدين وهي كلية أصول الدين. ـ وقد نادى الإمام المراغي إلى ضرورة العمل على تحرير مناهج الأزهر من التقليد والتلقين في التدريس، والأخذ بالأساليب الحديثة، والتوسع في الاجتهاد.
ـ ونادى الطلاب إلى دراسة اللغات الأجنبية ليكونوا أكثر قدرة على نشر الإسلام والثقافة الإسلامية لغير المسلمين. ـ وقد شكل الإمام المراغي لجنة للفتوى داخل الجامع الأزهر تتكون من كبار الفهماء تكون مهمتها الرد على الأسئلة الدينية التي تتلقاها من الأفراد والهيئات، كما شكل أكبر هيئة دينية في العالم الإسلامي، وهي جماعة كبار الفهماء، والتي تتكون من ثلاثين عضوًا، واشترط الإمام المراغي في عضويتها حتىقد يكون العضومن الفهماء الذين لهم إسهام في الثقافة الدينية، وأن يقدم رسالة فهمية تتسم بالجرأة والابتكار.
ـ وقد نادى الإمام المراغي للتقريب بين المذاهب الإسلامية والتقريب بين طوائف المسلمين، وبذل في سبيل ذلك بعض المحاولات منها: إجراء محادثات مع أغاخان!!! بهدف تكوين هيئة للبحث الديني تكون مهمتها توثيق الروابط بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، وإقامة نوع من التعاون بين الهيئات التعليمية في البلدان الإسلامية، والتوفيق بين المسلمين مهما اختلفت مذاهبهم وفرقهم.