العلاقات التجارية الدولية

عودة للموسوعة

العلاقات التجارية الدولية

تمـهيـد وتـقسيـم تحتل العلاقات التجارية الدولية أهمية جد بالغة على صعيد كافة دول العالم إلى حتى أضحت المحرك الأساسي والرئيسي لكل مناحي الحياة داخل جميع الدول ، فبموجب تلك العلاقات يتحدد مستوى التنمية الإقتصادية التي لا يخفى أثرها البارز على جميع الأصعدة الاجتماعية والثقافية بل والسياسية .

    ولا نكون مبالغين إذا ما قررنا بأن مستقبل العلاقات بين الدول يخضع تأثيرا وتأثرا بمدى تطور العلاقات  التجارية الدولية التي قد تكون مظهرا من مظاهر التكامل والوحدة بين الدول المنشئة لتلك العلاقات ولعل الأمثلة على ذلك كثيرة يقع في مقدمتها العلاقات الدولية الأوروبية والعلاقات التجارية المقررة وفق معاهدات إتحاد المغرب العربي الخمس ( الجزائر ـ تونس ـ ليبيا ـ موريتانيا ـ المغرب ) ، كما حتى دول الخليج العربي تسعى لتكريس الوحدة الاقتصادية فيما بينها بموجب ما يعهد بمجلس التعاون لدول الخليج العربي ، ومما لا ريب فيه حتى الدول التي لا تتفاعل مع هذا الميكانيزم الجديد في العلاقات الدولية ستظل معزولة سياسيا واقتصاديا عن كافة المجتمع الدولي وتفقد تدريجيا مكانتها المعهودة وهوما يفسر جعل العقوبات الاقتصادية من أبرز وسائل العقاب الدولي لبعض الدول مثلما سقط لدولتي العراق وليبيا الشقيقتين فبالإضافة إلى كون الحضر الإقتصادي نوع من العقاب فهويسعى بشكل غير مباشر إلى إضعاف قدراتهما وعزلهما دوليا من الجانب السياسي وضمان تخلفها إقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا تبعا لذلك

ونحن بصدد تناول العلاقات التجارية الدولية نسجل من البداية بأنه ليس من السهل تناول هذه العلاقات في شكل قانوني موحد نظرا لتباين معطيات العلاقة التجارية الدولية التي وإن كانت صورة متطورة عن العلاقات التجارية الوطنية إلا أنها تظل تتمتع بطبيعة خاصة ومتميزة ، ومرد هذه الصعوبة يكمن في عدة مظاهر أهمها تمتع الدول باستقلالية مطلقة إتجاه بعضها بحيث أضحى لكل دولة الحق الكامل في إنشاء ما يخدم مصالحها الخاصة من علاقات وطنية أودولية بحسب أهدافها السياسية والأيدولوجية والإقتصادية ، وهوما قد يجعل العلاقة التجارية والإقتصادية ثمرة للمبادئ السياسية والإتجاهات الإيدولوجية التي تميزها عن غيرها من الدول ، ومن ناحية ثانية فإنه ونظرا لعدم وجود سلطة تشريعية عالمية تعلوكافة دول العالم فقد ظلت جميع الجهات المتعاقدة في العلاقات التجارية الدولية تتمتع بقدر مطلق من الحرية في تحقيق مآربها الإقتصادية مما فتح الباب على مصراعيه لانتعاش مبدأ سلطان الإرادة التعاقدي كما طفت على السطح المقولة القانونية " العقد شريعة المتعاقدين " ومن ناحية ثالثة فإن مرد الصعوبة قد ينتج عن تباين أسس وأهداف التكتلات الإقتصادية القائمة بين أغلبية دول العالم .


ولكنه ومع ما تقدم فإنه وباستقراء الواقع الإقتصادي العالمي ومن خلال المجهودات المبذولة فإنه يمكن تناول المعطيات الأساسية للعلاقات التجارية الدولية من حيث نشوء العلاقات التجارية الدولية ومجالاتها والقواعد الجوهرية التي ترتكز عليها متتبعين مظاهرها من خلال عمليتي البيع والإستثمار الدولتين ثم كيفية حل التنازع الواقع في العلاقات التجارية الدولية ، من أجل تناول هذه المسائل تباعا فقد قسمنا مجال الدراسة إلى قسمين رئيسيين ، تناولنا في القسم الأول التعريف بالعلاقات التجارية الدولية ، وفي القسم الثاني الأطر العامة للعلاقات التجارية الدولية ، وذلك حسب التسلسل التالي :

القسم الأول : ـ التعريف بالعلاقات التجارية الدولية .

       أولا : ـ ماهمية العلاقات التجارية الدولية ،يا ترى؟ 
       ثانيا : ـ عوامل نشوء وتطور العلاقات التجارية الدولية .
       ثالثا : ـ مجالات العلاقات التجارية الدولية .
      رابعا : ـ مصادر العلاقات التجارية الدولية .

القسم الثاني : ـ الأطر العامة للعلاقات التجارية الدولية .

       أولا : ـ البيوع الدولية وتمويلها .
       ثانيا : ـ عقود الإستثمار الدولية .
       ثالثا : ـ دور النظام التشريعي في تنظيم مجالات العلاقات التجارية الدولية .
      رابعا : ـ الوسائل التقنية لحل منازعات العلاقات التجارية الدولية .










ـ القسم الأول ـ التعريف بالعلاقات التجارية الدولية .

    نتناول في هذا القسم مجموعة من المسائل الأساسية ذات الصلة المباشرة بالعلاقات التجارية الدولية من حيث تحديد المدلول القانوني لمصطلح العلاقات التجارية الدولية مبينين العوامل المنشئة والمساعدة لظهور العلاقات التجارية الدولية ثم التطورات التي شهدتها هذه العلاقات غيرمغفلين تلك المجالات التقليدية والمستحدثة لظاهرة العلاقات التجارية الدولية ، ونختم هذا القسم ببيان المصادر التشريعية للعلاقات التجارية الدولية وذلك حسب الترتيب الآتي :

أولا : ـ ماهية العلاقات التجارية الدولية .

    تصنف العلاقات التجارية يوجه عام إلى قسمين رئيسيين :
  1 ـ العلاقات التجارية الوطنية ويطلق هذا النوع من العلاقة القانونية على تلك المعاملات التجارية التي تتم داخل الدولة الواحدة وذلك إما بين أشخاص طبيعية وطنية أوأشخاص اعتبارية توصف بالوطنية ، ويطبق على هذا النمط من العلاقات التجارية القانون الوطني الذي يدعى القانون التجاري Code de Commerce، ومن البديهي حتى هذا القانون لا يطبق إلا على أشخاص محدودين وعلى علاقات قانونية معينة يعمل القانون على تبيين هؤلاء الأشخاص الذين يوصفون بكونهم تجارا وعلى العلاقات التي تنشأ لدى هذه الفئة وذلك بحسب شكلها أومضمونها كما بين ذات القانون الأعمال التجارية والشركات ذات الغرض التجاري مبينا الآثار القانونية المترتبة على النشاط التجاري بوجه عام ، وهذا كله لا يندرج في موضوع دراستنا لكون حتى هذا النوع من العلاقات لا يرقى إلى مستوى الدولية بل هونشاط تجاري وطني محظ .
  2 ـ العلاقات التجارية الدولية : وهونمط ثان من العلاقات التجارية يعتبر أكثر تطورا وأكثر تشعبا من العلاقات التجارية الوطنية فيوصف بالتطور لأنه يحمل معنى الإنفتاح العالمي على التجارة الدولية وبالتالي يدعوإلى البحث عن أسواق تجارية في دول أخرى غير الدولة التي انطلق منها المشروع التجاري وهذا النمط من العلاقات يقاوم سياسة الإنغلاق الإقتصادي على الذات ويدعوويشجع التكامل بين الدول بالإضافة إلى أنه ينعش الحركة التجارية الدولية ويتجاوز حدود العلاقات الوطنية الضيقة بأن يفتح أمامها آفاقا واسعة للرواج والكثافة مما يؤثر على الدواليب الإقتصادية ويشجع التنمية الوطنية بل ويرقي بالصناعة الوطنية والمنتجات إلى مستوى رفيع لضمان المنافسة التجارية العالمية .


     وإذا كانت العلاقات التجارية الوطنية محكومة كلها وبدون أي إستثناء بقواعد القانون التجاري فإن الأمر ليس كذلك على مستوى العلاقات التجارية الدولية التي توصف بكونها علاقات متحررة ومتشبعة 

ولا يحكمها بالضرورة نمط تقليدي واحد ولا تخضع إلى ذات القواعد القانونية حتى ولوإتحدت مضامين تلك العلاقات أوتشابهت وتطابقت وذلك عائد إلى غياب سلطة تشريعية تسن قواعد العلاقات التجارية الدولية بالرغم من حتى العهد التجاري الدولي قد ساعد إلى حد كبير في صياغة قواعد قانونية وأنماط للعلاقات التجارية الدولية إلا حتى هذه القواعد لا تتمتع بصفة الإلتزامية على عكس القواعد القانونية المنظمة للعلاقات التجارية الوطنية .

ـ وسائل تمييز العلاقتين. من البديهي وجود قواعد قانونية لتمييز العلاقة التجارية الوطنية عن العلاقة التجارية الدولية وذلك من عدة زوايا :

أ ـ مميزات العلاقة التجارية الوطنية :

    إذا أبرز ما يميز العلاقة التجارية الوطنية عن العلاقة التجارية الدولية حتى هذا النوع من العلاقة 

لا يخضع إلا للقانون التجاري في الدولة التي حصل فيها التعامل التجاري بحيث لاقد يكون لذلك القانون أي منافس له على مستوى التطبيق العملي داخل الدولة وبالتالي فهوينفرد بتنظيم العلاقات التجارية دون أي منازعة بحيثقد يكون الإختصاص القانوني معقود له وحده ، ويستتبع هذا حتى القضاء الوطنيقد يكون هوجهة الإختصاص الوحيد لنظر المنازعات التي تنشأ عن هذا النمط من العلاقات التجارية ، فلوتعاقد تاجر جزائري مثلا مع تاجر جزائري آخر في الجزائر على بضاعة موجودة بالجزائر فإن القانون التجاري الجزائري هووحده الذي يحكم هذا النوع من العلاقة القانونية ، ولوسقط تنازع بين الطرفين في تلك العلاقة فإن القضاء الجزائري أيضاقد يكون هوجهة الإختصاص الوحيدة لنظر تلك المنازعة والفصل فيها بموجب أحكام القانون التجاري الوطني . وحتى ينعقد الإختصاص التشريعي للقانون الوطني وينفرد القضاء الوطني بنظر موضوع العلاقة القانونية لابد من التعرض قبل ذلك إلى عناصر هذه العلاقة القانونية التي تعتبر المتحكم الرئيسي في مدى خضوعها للقانون الوطني وولاية القضاء الوطني عليها فيشترط بالدرجة الأولى حتىقد يكون أطراف العلاقة التجارية من حاملي الجنسية الوطنية بكونهم مواطنين حسبما هومحدود بقانون الجنسية بالإضافة إلى نشوء العلاقة القانونية داخل إقليم الدولة ومنتجة لآثارها

في نفس الدولة ، فإذا توافقت جميع هذه العناصر أمكن القول ساعتها حتى العلاقة التجارية هي علاقة تجارية وطنية وبالتالي طبق عليها القانون التجاري الوطني ونظر القضاء الوطني المنازعات التي تنشأ عنها .

ب ـ مميزات العلاقة التجارية الدولية :

    في لقاء النوع الداخلي والوطني للعلاقة التجارية فإن العلاقة التجارية الدولية لا تحكمها نفس الآليات القانونية التي تحكم العلاقة التجارية الوطنية فليس بالضرورة حتى تحكم بالقانون التجاري الوطني ومن باب أولي فإن نظر المنازعات الناشئة عنها لاتقع بشكل آلي ضمن إختصاص القضاء الوطني ومدد ذلك حتى هذا النوع من العلاقات القانونية يحوي عنصرا أجنبيا يبرز من خلال إحدى المستويات الثلاثة الآتية :

ـ على مستوى أطراف العلاقة القانونية :

    فحدثا تباينت جنسية هذه الأطراف حدثا خرجنا من دائرة المنظومة التشريعية الوطنية ، ويتحقق هذا الأمر سواء في علاقة الأشخاص الطبيعيين أوالإعتباريين كما لوتعاقد جزائري مع فرنسي ، أوتعاقدت شركة جزائرية مع شركة فرنسية أوتعاقدت الدولة الجزائرية مع الدولة الفرنسية ، فبظهور هذا العنصر الأجنبي على مستوى طرفي العلاقة القانونية أصبح من الضروري تصنيف العلاقة التجارية في إطار العلاقة الدولية .
    وليس بالضرورة تكافؤ الأطراف الأجنبية من حيث عددها بل يكفي حتىقد يكون أحدها في حالة التعدد لاينتمي إلى نفس المنظومة القانونية كما لوتعاقد عشر جزائريين مع إنسان أجنبي فهذا يخرج العلاقة
من إطار الوطنية إلى إطار الدولية . ويكون الإحتكام في تحديد جنسية الأشخاص إلى قانون الجنسية Code de la Nationalite ، وقد حدد قانون الجنسية الجزائرية الأشخاص الذين يعتبرون جزائريين أصلا في المواد 06 - 07 كما بين الأشخاص المكتسبين للجنسية الجزائرية في المواد 09 -عشرة من ذات القانون.  وفي هذا الصدد فقد يحمل شخصا ما عدة جنسيات بما يعهد قانونا بحالة تعدد الجنسية فيثار السؤال عن كيفية تحديد جنسيته والحقيقة حتى هذه الحالة قد عالجها القانون المدني الجزائري في المادة 22 منه بإعتبار حتى الشخص يعتبر جزائريا إذا كان يحمل الجنسية الجزائرية من بين تلك الجنسيات المتعددة مهما كانت درجة ورتبة الجنسية الجزائرية أي كونها أصلية أومكتسبة وكونها الجنسية الأولى أوالوسطى أوالأخيرة فالعبرةقد يكونه يحمل الجنسية الجزائرية من بين الجنسيات الكثيرة التي يحملها ، أما إذا لم تكن الجنسية الجزائرية من بين تلك الجنسيات فإننا نراعي الجنسية الحقيقية لذلك الشخص من بين الجنسيات الكثيرة التي يحملها وهي عادة ما تتحدد بحسب الإرتباط العملي لذلك الشخص بإحدى الدول التي يحمل جنسيتها .  وفي لقاء حالة تعدد الجنسية فقد يتصادف ـ ولوحتى ذلك نادر ـ التعامل مع إنسان لا يحمل أية جنسية أي منعدم الجنسية يعتبر شخصا أجنبيا ولكنه لا يخرج العلاقة القانونية إلى دائرة العلاقة الدولية نظرا لعدم إنتمائه إلى أي دولة .
     وخلاصة ما تقدم حتى العلاقة التجارية الدولية تتحقق من خلال وجود عنصرا أجنبي على مستوى العلاقة التجارية ، بحيث يظفى ذلك طبيعة متميزة على العلاقة القانونية فينقلها من حيز العلاقة الوطنية إلى حيز العلاقة التجارية الدولية .

ـ على مستوى سبب العلاقة القانونية :

    قد لا يبرز العنصر الأجنبي على مستوى أطراف العلاقة القانونية ولكنه يبرز على مستوى سببها ويتحقق ذلك حدثا نشأ سبب العلاقة القانونية في ظل نظام تشريعي متباين أي حتى العلاقة القانونية نشأت في ظل نظام تشريعي لتفنذ في ضوء تشريع آخر كما لوتعاقد تاجران جزائريان في تونس لتطبيق عقدهما في الجزائر فإن سبب العلاقة القانونية قد نشأ شابه عنصر الأجنبية من هذا الجانب مما يخرجه من إطار العلاقة التجارية الوطنية إلى مصاف العلاقة التجارية الدولية ، فحدثا نشأ السبب في الخارج إلا ونقل العلاقة القانونية من دائرة العلاقة الوطنية الصرفة إلى نطاق الدولية .

ـ على مستوى محل العلاقة القانونية :

    ومحل العلاقة يتحدد بموضوعها أوالغاية منها ومكان تواجد المتعاقد عليه ، فبتواجده داخل أي دولة خارجية فإن ذلك يخرج العلاقة إلى دائرة الدولية كما لوتعاقد جزائريان على سلعة تجارية موجودة خارج حدود الدولة الجزائرية فإن هذا يظفي صفة الدولية على هذه العلاقة القانونية .

ولا يشترط توافر هذه العناصر مجتمعة لاعتبار العلاقة التجارية دولية ولكن يكفي توافر أحدها فقط حتى تصبح العلاقة التجارية دولية في معزل عن ولاية جميع من التشريع والقضاء الوطنيين وبالتالي فهي تخضع لنظام تشريعي وقضائي متميز عن العلاقة التجارية الوطنية .

 من جميع ما تجاوز نخلص إلى حتى العلاقة التجارية الدولية هي صورة متميزة عن العلاقة التجارية الوطنية       ومرد التمييز حتى هذا النوع من العلاقات يتميز بخصائص وميزات لاتتوافر في العلاقة التجارية الوطنية ومن تم فإن النظام القانوني الذي ينظم كلتا العلاقتين ليس واحدا كما حتى المنازعات المثارة بشأنهما لايخضع بالضرورة إلى نفس الميكانيزمات القانونية كله مما يجعل العلاقة التجارية الدولية أكثر تحررا من قيود المنظومة التشريعية الوطنية ويرقى بها إلى مصاف العلاقات الدولية من حيث إنشائها الآثار المترتبة عليها ووسائل حل التنازع فيما تنشأ عنها من منازعات وخلافات بين أطرافها .

ثانيا : عوامل نشوء وتطور العلاقات التجارية الدولية .

    نتناول في هذا المضمار العوامل التي أدت وبشكل مباشر إلى بروز العلاقات التجارية الدولية كعوامل إنشائية وتشجيعية ثم نتناول كيفية تطور العلاقات التجارية الدولية بعدما شقت أفقا واسعا في مجال التبادل التجاري فيما بين شعوب ودول العالم المتنوعة . 

1ـ عوامل نشأة العلاقة التجارية الدولية .

    إذا الأسباب التي أدت إلى بروز العلاقات التجارية الدولية جد عديدة ، ومع ذلك فإنه يمكننا الهجريز على أبرز تلك الأسباب والتي تعتبر ركيزة أساسية في نشوء العلاقة التجارية الدولية وبروزها على أرض الواقع وتتمثل تلك الأسباب فيما يلي :

أ ـ نشوء دول ذات سيادة :

    حينما نعود إلى تاريخ العلاقات التجارية البشرية بوجه عام فإننا نجدها كانت محكومة بمبدأ حرية التبادل التجاري فيما بين أفراد المجتمع الواحد وذلك في شكل تقديم سلع أوخذمات بشكل متعارف عليه وهوما يعهد بنظام المقايضة التجارية ، فبموجبه يتم التبادل بين طرفي العلاقة التجارية بالسلع في لقاء بعضها فيدفع المزارع مثلا مقدارا محددا من الحبوب نظير الحصول على عدد من رؤوس الغنم إلى غير ذلك الأمر في باقي السلع ، بل ولقد شهد هذا النظام قطاع الخذمات أيضا فتقدم الخذمة نظير السلعة المتكافئة معها أوالعكس .
    وقد اتسع نظام المقايضة من أفراد المجتمع إلى العشائر والقبائل والأوطان المجاورة ، وكل ذلك كان محكوما بقواعد عهدية تخضع لسياسة العرض والطلب بشكل أساسي . 

ولكنه ومع نشوء الدول القديمة فقد سادت بينها إتفاقيات للتبادل التجاري وفق نظام أشبه مايكون بعملية التصدير والإستراد المعروفة حاليا ، فقد نظمت تلك العلاقات باتفاقيات ثنائية تستقي أحكامها من الأعراف التجارية السائدة وقتئذ ، وهوما كان معروفا على وجه الخصوص لدى المجتمعات الإغريقية والرومانية القديمة بل وفي جميع المدن الساحلية القديمة حيث ظهرت عدة محاولات لخلق علاقات تجارية مستقرة قصد سد الحاجيات الإقتصادية عن طريق التبادل التجاري مع العالم الخارجي بطريق البر أوعبر الأساطيل التجارية البحرية وهوالأمر المعروف أيضا في التجارة العربية القديمة التي كانت تعتمد على القوافل التجارية البرية سواء بين الأنطقيم العربية المتنوعة وبينها والحضارات المجاورة لها .

    وبالتأكيد فإن العلاقات التجارية القديمة ورغم بساطتها ومحدوديتها إلا أنها لم تتسم بالاستقرار المطلوب نظرا لانعدام وجود نمط تعاقدي مسبققد يكون ملزم لطرفي العلاقة القانونية مما جعل الأمر يقوم ويعتمد على الصدفة في التعامل والذي لايقيده أي التزام قبل وقوعه وبالتالي فهويقوم على التعامل الحر ولكنه بمجرد وقوعه فإنهقد يكون ملزما للمتعاقدين . 
    ولكنه ومع نشوء الدولة بمفهومها المعاصر وما يقع عليها من إلتزامات اتجاه مواطنيها فقد لاحظنا سعي الدول إلى ضمان حاجياتها بشكل مستقر سواء في مجال المواد الغذائية أوفي مجال المواد الأولية وحتى في قطاع الخدمات الأساسية وهوما أدى للأسف إلى لجوء بعض الدول لإستعمار دول أخرى طمعا في خيراتها الإقتصادية كما سقط تاريخيا لكل المستعمرات البريطانية والمستعمرات الفرنسية في شتى أنحاء العالم ولعل النموذج الواضح على ذلك إستعمار فرنسا للجزائر قصد نهب خيراتها واستغلال ثرواتها الطبيعية .
     ومع استقلال الدول عن الهيمنة الإستعمارية لم يعد هناك بد من إيجاد قنوات مشروعة للتكامل والتبادل الإقتصادي بين الدول خاصة في ظل مبادئ إستقلالية الدول وسواسيتها وتمتعها بمراكز قانونية متكافئة بغض النظر عن أهمية جميع منها على صعيد التمثيل الداخلي أوالدولي .

فبظهور الدول الحديثة برزت عدة مبادئ ساهمت بشكل مباشر في تنمية العلاقات التجارية الدولية أهمها :

* ـ مبدأ حرية الدولة في ممارسة نشاطها .

    إذا مقتضى هذا المبدأ يعني تمتع الدولة وكل أجهزتها بمطلق الحرية في اتخاذ القرارت المناسبة لها في شتى مناحي حياتها السياسية والإقتصادية فلها مطلق الحرية في اختيار نظامها السياسي في أي شكل من الأشكال المعروفة كما حتى لها حق استحداث نظامها السياسي كما سقط مثلا في دولة ليبيا التي ابتكرت نظام الجماهيريات بواسطة ميكانيزمات سياسية تضمنتها أحكام الكتاب الأخضر للعقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية إذ بموجبه أنشئت اللجان الشعبية والمؤتمرات الأساسية والمؤتمر الشعبي العام وبموجب هذه الوسائل إبتكرت كيفية تسيير الدولة وليس لأي دولة حتى تعقب على هذه الحرية التي تتمتع بها جميع الدول على قدم المساواه ومهما كان حجمها وكثافة سكانها وتطور صناعتها وأسلحتها .


    كما حتى للدولة الحق الكامل والحرية التامة والمطلقة في تسيطر نظامها الإقتصادي بما يخدم تطلعاتها الإقتصادية حتى ولوكان ذلك النظام مبتكرا أوغير مألوف ويتتبع ذلك حتى للدولة حق تحديد تعاملاتها التجارية مع الأطراف الخارجية وفق ما يناسبها وذلك حماية لإقتصادها الوطني ، بل وأن للدولة الحق الكامل في احتكار تجارتها الخارجية في لقاء الأطراف التجارية الأجنبية كما وقع تاريخيا في جمهورية الإتحاد السوفياتي وقد حدت الجزائر حدوها باحتكار الدولة الجزائرية للتجارة الخارجية . دون معقب من غيرها من الدول ، حول نمطها الإقتصادي وأيديولوجياتها  التي ترى أنها تخدم مصالح شعبها وتنمية إقتصادها .

ومما تجاوز نستنتج بأن للدولة الحرية التامة في معاملاتها التجارية في التصدير والإستيراد ولتوسيع نطاق الإستثمار أوالتضييق منه كما حتى لها حتى تحدد تدفق الأموال الأجنبية إلى إقليمها بما يخدم أهدافها الإقتصادية ، ولها الحق التام في إبرام المعاهدات التجارية أوالإنضمام لمعاهدات إقتصادية قائمة مما يجعلنا في النهاية نقول بأن الدولة تتمتع بمبدأ سلطان إرادتها فيما يتعلق بتعاملاتها التجارية الدولية إستنادا إلى مبدأ حريتها الكاملة في إدارة شؤونها ودواليب إقتصادها تحقيقا لأهدافها في التنمية والإنتعاش الإقتصادي .

* ـ مبدأ عدم تدخل الدول في شؤون بعضها .

    إذا مبدأ عدم تدخل الدول في شؤون الدول هوالنتيجة الطبيعية لمبدأ سيادة الدولة وحريتها في تنظيم شؤونها دون رقابة من أي جهة كانت . وهذا الحق الذي تتمتع به كافة دول العالم يسري في لقاءة جميع أشخاص المجتمع الدولي سواء أكان ذلك منصبا على دول خارجية أومنظمات دولية أوإقليمية حتى ولوكانت الدولة عضوا في تلك المنظمات ، فلا يجوز مثلا لمنظمة الأمم المتحدة أوجامعة الدول العربية أومنظمة الوحدة الأفريقية التدخل في الشئون الخاصة بدولة عضووينطبق هذا الأمر على المجالات السياسية ونظام التسيير والمعاملات التجارية الدولية فليس لدولة أومنظمة حتى تشير على دولة أخرى بفتح أسواقها الداخلية أوغلقها أوالتكثيف من حجم علاقاتها ، مما يعد تدخلا في شئون دولة خارجية وهوأمر محضور ومرفوض على مستوى قواعد القانون الدولي العام .

* ـ مبدأ مساواة الدول .

    إذا مبدأ مساواة الدول إزاء بعضها يعد من أبرز مبادئ القانون الدولي العام ، وتظهر أهمية هذا المبدأ جليا في المركز القانوني للدولة بشكل متساوسواء في ظل العلاقات السياسية الدولية أوالعلاقات التجارية الدولية وهذا ما ستلزم عدم التصغير والتقليل من شأن أي طرف في العلاقة التجارية الدولية مما يسد الطريق أمام ظهور نظام الإمتيازات لصالح طرف دون آخر وهوما يجعل العلاقة القانونية التعاقدية غير متكافئة ، فليس للولايات المتحدة الأمريكية مثلا إذا ما تعاملت مع دولة صغرى حتى تفرض عليها وضعا امتيازيا لا يقابله حق مماثل في العلاقة التعاقدية ولذلك فإن الدول تنطلق في معاملاتها وعقودها من مبدأ المساواة في المراكز القانونية وهوأمر لا يستدعي مناقشته عند بدء التعاقد بل إذا ذلك من المسلمات التي لا بحاجة إلى تأكيد أوتوضيح . 

مع الإشارة إلى حتى هذه المساواة هي مساواة قانونية وليست مساواة عملية أوواقعية إذ المعروف حتى الدول المتنوعة تتباين في مراكزها العملية إستنادا إلى حجمها وكثافتها ومدى تطورها وهجريبتها السياسية ولكنها جميعا تعد متساوية في مراكزها القانونية .

* ـ مبدأ حصانة الدول .

    إذا مبدأ حصانة الدول يقتضي عدم قبول الإنادىءات المقامة أمام الجهات القضائية الداخلية على دول خارجية ومن المعلوم حتى للدولة حق اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لمقاضاة غيرها من الدول ولكنه لا يجوز مقاضاة دول خارجية أمام محاكم دولة أخرى مما يصدق معه القول بأنه لا يمكن مقاضاة الدولة الأجنبية بصفتها مدعى عليها .
    وفي مجال العلاقات التجارية الدولية فإن لهذا المبدأ إنعكاسا مباشرا في المجال القضائي بحيث لا تقام النادىوي القضائية على دولة خارجية أمام محاكم خارجية غير دولية خاصة بالنسبة لتك الدول التي تحتكر التجارة الخارجية مما دعى ومنذ سنة 1926 وبمناسبة إثارة الكثير من المنازعات على دولة الإتحاد السوفياتي عقب إحتكارها التجارة الخارجية مما أدى إلى بروز عدة معايير يتم بموجبها نظرا لمنازعات بشكل إستثنائي من القواعد العامة وذلك في المجالات التي تمارس فيها الدولة نشاطا مماثلا لنشاط الأفراد العاديين فتعامل حينئذن معاملتهم في التقاضي .
    ومن مجموع هذه المبادئ المتقدمة يلاحظ بأن نشوء الدول قد ساهم بشكل فعال في ترسخ قواعد التعامل التجاري الدولي بمراعاة تلك المبادئ السالفة الذكر والتي وإن كانت تبدووكأنها قيودا على مبدأ حرية التجارة الدولية إلا أنها ساهمت بشكل فعال في ترسخ العلاقات التجارية الدولية باحترام المراكز القانونية في العلاقات الإقتصادية الثنائية أوالجماعية التي قد تقوم بين هذه الأشخاص الإعتبارية .

ب ـ نشوء المنظمات الدولية والإقليمية .

    من الأسباب الرئيسية لنشوء وازدهار العلاقات التجارية الدولية بروز المنظمات الدولية والإقليمية مثل منظمة هيئة الأمم المتحدة على الصعيد الدولي ومنظمة جامعة الدول العربية على المستوى الإقليمي العربي . وقد تبدوهذه المنظمات للوهلة الأولى بأنها منظمات سياسية إلا أنه من بين أهدافها تنمية العلاقات التجارية والإقتصادية بوجه عام بين الدول المنظمة لها .
    فمن الملاحظ مثلا بأن هيئة الأمم المتحدة تحوي في هجريبة أجهزتها هيئة العمل الدولية وهيئة الأغذية والزراعة والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي والمؤسسة المالية الدولية وهيئة الطيران المدني وهيئة الإستثمار الدولية والهيئة الدولية للتجارة . كما حتى جامعة الدول العربية قد توصلت إلى إبرام اتفاقية الدفاع المشهجر والتعاون الإقتصادي التي تم بموجبها إقرار إنشاء السوق العربية المشهجرة .

ولعل الفضل في إيجاد التقارب الإقتصادي والإنتعاش التجاري بين شتى الدول يعود إلى تقارب وجهات نظرها في ظل هذه التنظيمات الدولية والإقليمية ، ولذلك فإننا سنتناول بإيجاز نمودجين من ثمرة هذا التقارب الدولي هما : الهيئة الدولية للتجارة من هيئة الأمم المتحدة والسوق العربية المشهجرة من جامعة الدول العربية .

الهيئة الدولية للتجارة Organisation International du Commerce (O.I.C ) .

    تم انشاء هذه الهيئة في إطار مؤتمر الأمم المتحدة بها فإن عاصمة كوبا في 1948/03/24 وكان الغرض من إنشاء هذه الهيئة تنمية العلاقات التجارية الدولية بين الدول الأعضاء وترقية التبادل التجاري وإزالة القيود المصطنعة أمام التجارة الدولية فتناول جميع مامن شأنه حتى يؤدي إلى تشجيع التعامل التجاري الدولي بما في ذلك تنظيم الحصص التجارية وترقية التصدير وإزالة الحواجز الجمركية وتسهيل وسائل النقل التجارة الدولية بكافة الوسائل المتاحة وتشجيع الإستثمار وضمان تدفق الأموال مع وضع ميكانزمات قانونية جميع المنازعات المثارة في شأن التبادل التجاري الدولي .
    ويمثل هذه الهيئة مجلس تطبيقي يتكون من 18 عضوا يتم إنتخابهم من طرف المؤتمر الذي يحوي جميع الأعضاء على قدم المساواة ويعقد إجتماعه مرة جميع سنة ، ومما ساعد هذه الهيئة على القيام بمهامها سبقها بمعاهدة التعريفة الجمركية المبرمة سنة 1947 والتي كان لها الفضل الأكبر في تدفق حركة التجارة بنسبة % 80 بين الدول المنسبة لها .

ـ السوق العربية المشهجرة .

    تعتبر السوق العربية المشهجرة ثمرة مباشرة لاتفاقية الدفاع المشهجر والتعاون الإقتصادي المتفق عليه من الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية بتاريخ 1950/04/13 والتي سعت من خلالها دول الجامعة العربية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتنسيق جهودها في المجال العسكري ومن جهة أخرى تحقيق التعاون الإقتصادي من خلال التهوض باقتصادها المتخلف من خلال استثمار طاقاتها وامكانياتها  الإقتصادية المتنوعة وتسهيل التبادل التجاري فيما بينها تشجيعا للتهوض الإقتصادي الكامل في جميع دولة على حده . وحتى تحقق جامعة الدول العربية هذا الهدف فقد أوكلت هذه المهمة إلى المجلس الإقتصادي الذي يتشكل من وزراء افقتصاد في الدول الأعضاء إلى حتى أضحى هذا المجلس هيئة مستقلة يجوز معه للدول العربية الإنضمام له دون اشتراط إنضمامها إلى اتفاقية الدفاع المشهجر والتعاون الإقتصادي ، بل إنه يجوز للدول العربية الإستفادة من خدمات هذا المجلس دون اشتراط عضويتها في جامعة الدول العربية   
    وقد عززت جامعة الدول العربية التبادل التجاري بينها بعدة اتفاقيات منها اتفاقية 1953/09/07 الخاصة بتنظيم تجارة العبور ـ الترانزيت ـ واتفاقية 1953 بشأن تسديد مدفوعات المعاملات التجارية وانتنطق رؤوس الأموال التي عدلت في 1957/06/03 بحيث أصبحت تدمي بشكل أساسي إلى إقامة وحدة إقتصادية تدريجية بين الدول العربية قصد من خلالها تحقيق عدة أهداف أهمها :
  ـ تحقيق حرية انتنطق الأشخاص بين الدول العربية وحرية تنقل رؤوس الأموال .
  ـ تحقيق الحرية النسبية في تبادل البضائع والمنتجات الوطنية التي تم إنتاجها في الدول العربية .
  ـ التمكين من حق الإقامة ومزاولة النشاط الإقتصادي داخل الدول العربية من طرف أبناء الدول العربية
  ـ حرية نقل البضائع والعبور بها من دولة عربية لأخرى واستعمال وسائل النقل المتاحة برا ، بحرا   
    وجوا.
  ـ تمكين المواطنين العرب من حق التملك والإيصاد والإرث .
    وحتى تتحقق هذه الأهداف بشكل حقيقي فقد تم افتفاق على انشاء سوق عربية مشهجرة بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بموجب اتفاقية 1964/08/13 وذلك لتحقيق أربعة أهداف هي :
  ـ تحقيق الوحدة التدريجية بين الدول العربية من خلال التكامل الإقتصادي .
  ـ توحيد التعهدة الجمركية والتشريعات الجمركية المطبقة في جميع دولة عربية .
  ـ توحيد سياسة الإستيراد والتصدير لخلق قوة إقتصادية وتجارية عربية موحدة .
  ـ توحيد أنظمة النقل والعبور بين جميع دول جامعة الدول العربية .
    ومما لا ريب فيه حتى هذه الأهداف كانت ترمي إلى إيجاد تقارب إقتصادي بين الدول العربيةقد يكون سببا في إزالة الفوارق الإقتصادية تمهيدا للوحدة بينها وهومالم يتحقق إلى غاية هذه الساعة بل حتى السوق العربية المشهجرة نفسها قد أصابها الشلل والإنتكاش ولم تستطع تحقيق الأهداف المرسومة بعمل التباين والإختلاف القائم بين الدول العربية . ومما تجاوز نستنتج دور المنظمات الدولية والإقليمية في تقريب وجهات نظر الدول المتنوعة التي سعت في شكل تكتلات صغرى وكبرى إلى تشجيع التبادل التجاري من خلال العلاقات التجارية فيما بينها خذمة لأهدافها الإقتصادية . ومهما كانت المآخذ التي قد تسجل على هذه المبادرات إلا أنها وبحق قد حققت نوعا من الوعي لدى دول العالم في ضرورة إيجاد ميكانيزمات قانونية لتنظيم العلاقات التجارية الدولية .

2 ـ العوامل المساعدة للعلاقات التجارية الدولية .

    إذا جميع ماسبق بيانه يعتبر ركائز أساسية لنشوء العلاقات التجارية الدولية وإلى جانبها تقوم مجموعة من العوامل المساعدة والمشجعة لانتشار وانتعاش العلاقات التجارية الدولية ، وهي في الحقيقة عوامل كثيرة ومتعددة ولكننا هنا نشير فقط إلى الأهم منها على التوالي :

أ ـ الإنفتاح والتعاون الإقتصادي بين الدول :

    إذا العلاقات التجارية الدولية لا تمكنها حتى تزدهر إلا إذا توافرت نية الدول في فتح حدودها البرية والبحرية والجوية لاستقبال التجارة الدولية . فمن حيث الإنفتاح الإقتصادي الدولي والذي يبرز من خلال إستعداد الدولة لاستقبال التجارة الدولية وفتح أسواقها أمامها وأمام رؤوس المال الأجنبي في شكل إستثمارات إقتصادية وتجارية خارجية وسبق حتى بيننا بأن الدولة تتمتع إيزاء ذلك بكل الحرية والإستقلالية فحدثا تواترت لديها رغبة فتح أسواقها لتجارة غيرها من الدول أمكن تحقيق التبادل التجاري الدولي والعكس ، وهذه الرغبة لا تتحقق بمجرد توافر الإرادة لدى الدول المستقبلة بل لابد من إيجاد ميكانيزمات إقتصادية ووسائل قانونية تحقق هذه الغاية ومن جملة ذلك إزالة العوائق الإقتصادية أمام التبادل التجاري وحماية رأس المال التجاري الدولي بنصوص قانونية لا يرقى إليها الشك لأن المتعاملين الإقتصاديين إنما ينشدون هذه المسائل الميدانية في التكامل التجاري الدولي ولا يأيهون بمجرد التصريحات السياسية لمسؤولي الدولة فهم يدرسون الأسواق المتاحة لهم ويختارون أنسبها لإستثمار رؤوس أموالهم حسبما توفره الدولة من إمكانيات المحافظة على المال الأجنبي ويعتبر الإستقرار الإقتصادي وارتفاع القدرة الشرائية وتوفير الظروف الأمنية من الأسباب التي يبني عليها المتعاملين الإقتصاديون قراراتهم في مجال العلاقات التجارية الدولية والإستثمار الدولي .
    أما من حيث التعاون الإقتصادي وعادة ما يتم لأسباب إستيراتيجية سياسية أوإقتصادية فإن التبادل التجاري تحكمه الغاية التي ترمي إليها الدولة من خلال التعاون الإقتصادي مع دولة أخرى وعادة ما تراعي في ذلك المصالح المشهجرة لطرفي التعاقد وليس شرطا حتى تكون المصلحة موحدة ولكنها قد تتباين فقد ترمي الدولة المستقبلة إلى تحقيق إنتعاش إقتصادي وخلق فرص العمل وتوفير السلعة بأسعار معقولة أوبديون تدفع بشكل مسير دون فائدة . ومهما تباينت أهداف الدول في التعامل التجاري الدولي ، إلا حتى التعاون في حد ذاته يعتبر سببا مهما لنمووازدهار العلاقات التجارية الدولية .

ب ـ تطور وسائل النقل .

    إذا المتتبع للتجارة الدولية يلاحظ بأنها تتطور بإتساع رقعتها تبعا للتطور الذي شهدته وسائل النقل ، فمن المعروف أنه بظهور خطوط السكك الحديدية أمكن نقل كميات هامة من السلع والبضائع من دولة لأخرى ، كما حتى تطوير الأساطيل التجارية البحرية ساهمت إلى حد كبير في انتعاش التجارة سواء فيما بين أكثر من دولة ، ومن جهة أخرى فإن الأساطيل التجارية الجوية أمكنها ضرب الرقم القياسي في نقل البضائع الى أبعد مراكز الإستقبال في الكرة الأرضية في زمن قياسي بحيث أصبح في الإمكان نقل بضاعة سريعة التلف بسرعة فائقة من دولة لأخرى في سويعات قليلة وفي ظروف لائقة للمحافظة عليها من التلف .
  وعليه فإن توفير وسائل النقل قد ساهم بشكل فعال في انتعاش التجارة الدولية بعيدا عن التلف والضياع والمخاطر

ج ـ نشوء الأحلاف الإقتصادية .

    إذا فكرة الأحلاف الإقتصادية مستقاة أساسا من الأحلاف العسكرية وهي قد لاتسمى أحلافا ولكنها تكتلات إقتصادية تسعى إلى تحقيق غايات مشهجرة شكل إنفرادي أوجماعي وقد برزت هذه التكتلات في الوقت الراهن بشكل بارز لدرجة أنه لم يعد هناك مجال للدول المنفردة في لقاءة هذه الأحلاف أوالتكتلات إلا بالإنضمام إليها أوخلق تكتلات إقتصادية موازية لها . ومن المعلوم حتى الإقتصاد العالمي لا تحكمه القيم الأخلاقية بل تطفى عليه الهيمنة المصلحية وأضحت هذه التكتلات الإقتصادية الكبرى تتنازع فيما بينها مناطق النفوذ والمتمثلة في الدول المنفرذة وكأنها أمام إستعمار إقتصادي من نوع حديث مما يحتم على الدول الإنضمام لهذه الأحلاف أوإنشاء أحلاف مماثلة وذلك مثل تنظيم السوق الأوروبية المشهجرة والتكتل الإقتصادي الأمريكي وتكتل دول شرق آسيا ، والتكتلات العربية مثل السوق العربية المشهجرة واتحاد دول الخليج العربي وتكتل دول إتحاد المغرب العربي ( الجزائر ـ تونس ـ ليبيا ـ موريطانيا ـ المغرب ) .فالصراع الإقتصادي قائم بين جميع هذه التكتلات لاحتلال الساحة الإقتصادية العالمية مما يلزم الدول في حتى لا يكفي على وضع الحياد أولا تتخذ موقفا سلبيا إتجاه هذه التكتلات الإقتصادية العالمية .

ثــالثــا : ـ مجـــالات العلاقــــات التجــــاريــــة . إن مجالات الدولية العلاقات التجارية الدولية جد متسعة عثر متشعبة ومن خلال ذلك تبرز حركة التجارة العالمية في شتى صورها بقدر مايلبي حاجة المتعاقدين الدوليين ، ومع ذلك فإن مجالات محددة تظل ركيزة لهذه المجالات يقع في مقدمتها البيوع الدولية مع آلية حركة التصدير والإستراد اللتين ظهرتا لنشاط تجاري مستقل قد تقوم بها جهة مستقلة عن المتعاقدين ترمي إلى تحقيق الربح الجاري وبذلك نشأت ممحرر التصدير والإستراد وتأسست شركات لتطبيق هذه العملية بأسطول بحري أوبري يقوم بتطبيق العقدين المتعاقدين وهذا ماقد يصنف ضمن عقود تقديم الخدمات اللازمة لتحقيق غرض التجارة الدولية .

1ـ العقــــود البيـــــوع الدوليــــــة : هذا النوع من العقود يبرز حدثا عثر في العلاقة القانونية عنصر أجنبي من خلال أطراف العلاقة أومحلها أوسببها وبموجبه تتحدد المراكز القانونية للمتعاقدين ويصنف العقد التجاري الدولي ضمن العقود الملزمة للجانبين بحيث يقع العبء على كلا طرفي العلاقة القانونية في تحقيق ما إتفق عليه في عملية البيع بحيث يسبقه عملية التفاوض على محل البيع وتحديد نوعه وكمية ودراسة ثمنه ثم تحديده بشكل تفاوض بين الطرفين يتوج ذلك باقتران الإجاب والقبول بين طرفي عملية البيع التجاري الدولي ثم تحرر بنوذ التعاقد في عقد رضائي وفق الأشكال النموذجية المعروفة في هذا المجال ، كما حتى للأطراف إبتكار نموذج خاص بهما جميع الشروط القانونية الواجب توافرها في العقود إعمالا لمبدسلطان إرادتهما التعاقدية ، كما أنه يجوز حتى يلجأ إلى قانون محل إبرام العقد لاستقاء الشكل القانوني الذي تصب إرادة المتعاقدين . ومحل عقد البيع الدولي لا يختلف عن محل العقد الداخل بحيث يتضمن تقديم المتفق عليه من البائع إلى المشتري حسب المواصفات المتفق عليها فقد يضم بيع الأدوية أومواد غذائية أوكهرومنزلية أوغيرذلك من المواد المعروضة من أجل البيع ويتم الهجريز فيها بستمرار على المواصفات الطبيعية أوالتقنية المتفق عليها ضمن بنود التعاقد فإن لم يتم بتحديد هذه المواصفات بدقة سقط الإعتداء بالنوع والكمية أوالعدد المتفق عليه كشراء مثلا قمحا أوقهوة أوموزا فإن لم تحدد المواصفات الدقيقة لهذه المنتجات اكتفى بنوعها المقبول عادة في التعاقد دون إشتراط مواصفات لم ينص عليها صراحة في بنود العقد ، ولذلك فإنه يجب الهجريز على هذه المواصفات الدقيقة والتقنية ضمن هذا النوع من العقود وإلا فإنهيعقد بالمواصفات العامة والعادية وفقا للعهد التجاري السائد .

ـ عقـــــود الإستـــراد والتصديــر: لا يمكن حتى تتحقق التجارة الدولية دون تصدير أوإستراد فتحقيق التص حدثا خرج موضوع التعاقد من نظام قانوني ليذخل في نظام قانوني آخر وعادة ماقد يكون معيار ذلك هوخرق حدود الدولة التي دخلت إليها تلك البضاعة ولهذا فإن عملية تحرير السلطة تحكمها ضوابط قانونية كما حتى إستقبال تلك السلطة في الطرف الآخر تحكمها ضوابط أخرى . وهذه العملية لا تحكمها ولا تنظمها تنظمها نصوص التعاقد بين المصدر والمستورد ولكن تحكمها القوانين السارية والقواعد التنظيمية بمعنى حتى عملية التصدير والإستراد تحكمها قوانين الدولة المصدرة بشأن التصدير وقوانين الدولة المستوردة بشأن الإستراد فقد تفرض هذه القوانين منعا أوحضرا أوقيودا على عملية التصدير والإستراد حماية لبعض المقاصد الإقتصادية فمثلا أنه لا يسمح في الجزائر بإستراد مواد تنتجها مصانع وطنية كما لا يجوز تصدير بعض المنتجات الحيوية مثل الأنعام ( الماشية ) إلى الخارج حماية للإقتصاد الوطني في هاتين الحالتين وعليه فإن المتعاقدين في مجال العلاقة التجارية الدولية يستوجب عليهم مراعاة هذه القواعد التنظيمية ودراستها قبل تحير عقد التجارة الدولية وهذا ما يعتبر من البديهيات التي لا تندرج ضمن مفهوم العقد التجاري الدولي. وعادة ما تنص مفهوم عملية التصدير والإستراد إلى انتنطق سلعة أوبضاعة من دولة لأخرى بشكل إنسيابي بمعنى حتى القانون لا يمانع في حركة التصدير والإستراد وآنذاك فإنه تظهر عملية التصدير والإستراد في أحد مظهرين : أ ـ حتى المصدر هويضمن تقديم السلعة إلى حدود دولته عند نقطة التصدير ويقع على المستورد نقل السلعة منها إلى محل الإستراد بحيث يضمن كلا منهما السلعة في حدود مسؤليته فيضمنها المصدر إلى نقطة التصدير التي يتم فيها التسليم ويقع الضمان يعد ذلك على المستورد فيما يطرأ على السلعة من عيوب . ب ـ وقد يلجأ الأطراف المتعاقدة إلى طرف ثالث توكل له عملية التصدير والإستراد تحت مسؤوليتها القانوني فيما ينجم عن نقل البضاعة من المصدر إلى المستورد ، وهذا النمط كثير ورائج بحيث توكل العملية إلى جهة متخصصة في نقل ذلك النوع من البضاعة وخاصة تلك التي بحاجة إلى مواصفات خاصة وظروف ملائمة لنقلها من جهة إلى جهة كنقل الخضروات والفواكه والحيوانات واللحوم والمواد الكيماوية وغيرها ومن تم فإنه يبرز على مستوى عملية والتصدير والإستراد وسطاء تجاريين يعتبرون منفذين للعقد التجاري الدولي ويقع عليهم الضمان القانوني في ما يكلف من البضاعة المسلمة لهم قصد نقلها من مكان لآخر .

رابعــــا : المصــادر القــانــونيـة للعلاقــة التجـاريـة الدوليـة : إنّ المصدر التي تستقي منها القواعد المنضمة للعلاقة التجارية الدولية عديدة نوردها حسب أهميتها في التسلسل التالي :

ـ المعـــاهــدة أوالإتفــــاقيـــة 

إنّ المعاهدة تعتبر أسمى صورة لتحقيق التبادل التجاري الدولي وهي قد تكون ثنائية تتم بين دولتين فقط وقد تكون جماعية أي بين عدة دول مثل إتفاقية دول الإتحاد المغلرب العربي كما حتى للهيئات العامة أوالخاصة وأيضاقد يكون للأفراد العاديين إبرام إتفاقية بينهم يتم على أساسها تحقيق عقود التجارة الدولية .

فالمعاهدة وهي أعلى صورة لتحقيق إرادة دولتين في التعاون الإقتصادي أوالتجاري بينهما تعتبر نموذج أكثر بروزا على مستوى إيجاد قواعد قانونية منضمة للعلاقة التجارية الدولية ويقع بموجبها حل التنازع الواقع بين المتعاقدين بتطبيق بنودها وتحقيق أغراضها ولهذا فقد نص الدستور الجزائري في المادة 132 منه على أنّ " المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسموعلى القانون ". وقد أكد القانون على ذلك المادة 21 من القانون المدني الجزائري بتفضيل أحكام المعاهدة على أحكام القانون وعلى إعتبار أنّ المعاهدة تكتسي هذا الطابع من الأهمية فإنه يقع علينا التوقف عند بعض ملاحمها فيما يمس موضوع دراستنا.

أ ـ أشكـــــال المعـــــاهـــدة : إنّ المعاهدة قد تأخذ إحدى الأشكال التالية : ـ معاهدة ثنائية وهي التي تقع بين دولتين فقط ولا يسمح بدولة ثالثة بالإنضمام إليها أوالتدخل في موضوع المعاهدة الحاصل بين الدولتين المتعاهدتين كما لوإتفقت الجزائلر مع تونس وفرنسا في شأن تنظيم بعض مسائل العلاقة التجارية المشهجرة بينهما . ـ معاهدة متعددة الأطراف وهذا النموذجقد يكون بين أكثر من دولتين ومهما كان عدد الدول المنظمة لها وفي هذا النمط يمكن حتى نميز صورتين من المعاهدات المتعددة الأطراف : ـ فهناك المعاهدة المفتوحة والمعاهدة المغلقة ، فالمعاهدة المغلقة هي التي تتم بين عدة دول ولا يسمح لغيرها بإلانظام إليها وذلك مثل معاهدات إتحاد المغرب العربي وإتفاقيات السوق الأوروبية المشهجرة ، فلا يسمح من لاتتوافر فيه الصفة النظمام إلى تلك المعاهدات باعتبارها معاهدات مغلوقة وهذا لا يمنع التعامل مع تلك التكتلات الإقتصادية فيما يسمى بالشراكة الإقتصادية .

ب ـ الغـــرض من إبـــرام المعـــاهــدة إن الغرض الأساس من إبرام المعاهدة هوصياغة قواعد قانونية تلتزم بها الدول المتعاهدة نظرا لغياب سلطة تشريعية تعلوالدول فتلجأ الدول سن تلك القواعد القانونية بإرادتها المستقلة ويقع عليها إحترام وتجسيد تلك القواعد على أرض الواقع وقد يحدث الغرض من ذلك إنهاء بعض المنازعات الواقعة في أي مجال من المجالات الإقتصادية وغير الإقتصادية وكأن المعاهدة هي عقد بين الدول ولكن هذا العقد يكرس قواعد قانونية تكون ملزمة لكلتا الدولتين المتعاقدتين . ج ـ تعــــارض المعـــــاهـدة مع القــانـــون : قد يتصور حتى تعارض أحكام المعاهدة مع نصوص القانون يبرز هذا التعارض وفق الأشكال التالية : ـ تعارض المعاهدة مع قانون سابق لها ففي حالة تعارض المعاهدة مع قانون سابق لها فإن يعتبر بان المعاهدة قد جمدت حكم القانون وبالتالي فتطبيق بنودالمعاهدة فلا يلتفت الى نصوص القانون . ـ تعارض المعاهدة مع قانون لاحق عنها. وتتحقق هذه الصورة إذا وجدت معاهدة نافذة ثم صدرت قوانين تناقضها من حيث الأحكام التشريعية الواردة بها وفي هذه الصورة عادة مايتم النظر ماإذا كان التعارض بينهما تعارضا صريحا أوحتى التعارض لا يعدوحتىقد يكون تعارضا ضمنيا ففي حالة التعارض الضمني فإنه يطبق القانون كقاعدة وتعتبر المعاهدة كاستثناء من أحكام القانون أما إذا كان التعارض صريحا بينهما فإن أحكام القانون هي التي يجب مراعاتها وتتتحمل الدولة مسؤولية تعطيل أحكام المعاهدة بنصوص قانونية صريحة بالرغم من حتى المعاهدة تعتبر أسمى من القانون من حيث المركز التشريعي ، الا أنه من المسلمات حتى للدولة حتى تعطل المعاهدة بنصوص قانونية صريحة ويقع عليها إتجاه الطرف الآخر..

د - العلاقـــة بين عقود التجارة الدولية والمعاهدات إن العلاقة بين المعاهدات والعلاقات التجارية جد وثيق لأن تلك المعاهدات تعتبر مصدر مباشر ا لقواعد العلاقات التجارية الدولية فمثلا لوتم الإتفاقبين الدول الإتحاد المغرب العربي على حرية تنقل البضائع والسلع ورؤوس الأموال وهوالأمر المتفق عليه عملا بين هده الدول فإن العقود التي تنجز في هذا الصدد كلها تستند الى أحكام معاهدة إتحاد المغرب العربي وتتم في إطار يقود المعاهدة المبرة بين هذه الدول فهي من جهة تلعب دولر المحفز من ناحية أخرى تكون إطارا قانونيا لتلك العلاقات التجارية التي تقوم بين هذه الدول أومؤسساتها أوأفرادها الطبيعيين . هذا بالنسبة للمعاهدات الدولية التي قد تقع بين دول مختلفة أماالإتفاقيات التي قد تحصل بين هيئات أوأفراد ينتمون إلىدول مختلفة فإن هذه الإتفاقيات تكون بمثابة عقودملزمة للجانبين ويصدق عليها مقولة العقد شريعة المتعاقدين إلا حتى هذه الإتفاقيات يستوجب أنتراعي القواعد الآمرة في القانون وأن لا تخالف النظام العام والآداب العامة وإلا فإنه لايعتد بالإتفاق الواقع بين طرفين لا يحترمان فكرة النظام العام أوالآداب العامة من حيث سبب العلاقة القانونية أومحل العقد التجاري الدولي فيعتبر الإتفاق الذي يتم في بيع الخذرات أووسائل لا أخلاقية إتفاق لا يتناقض مع القانون وبالتالي لايعتد به ويعتبر كأنه لم يكن بل وقد يحتمل المتعاقدان نتيجة خرقهما لفكرة النظام العام والآداب العامة .

ـ التشريـــع كمصــدر لقواعـد العقــد التجــاري الدولـي إن المعاهدة وإن كانت مهمة إلا أنها لا تتصف بالديمومة بمعنى حتى وجودها ليس مضمونا في كافةالأحوال بعكس القانون الذي يوصف بالديمومة ولذلك يبرز التشريع كمصدر أساسي ورسمي لتنظيم العقد التجاري الدولي. ومايهمنا في سياق هذه الدراسة بشأن العقد التجاري الدولي هي مجموعة من المسائل المحددة والتي قد يقع بشأنها الخالف بين طرفي العقد التجاري الدولي وهي :


أ- تطبيق مبدأ سلطان الإرادة على العقد إن القانون لا يقف حائرا ضد مبدأ الإرادة التعاقدي بل إذا القانون يشجع بكل نصوصه إجتهاد الأفراد في إيجاد قواعد تنظم العلاقة بينهم سواء بإبتكارقواعد جديدة منظمة للعلاقة التجارية أوبإتباع أي نموذج قانوني موجود في أي تشريع آخر غير تشريع الطرفين المتعاقدين ،فليس هناك ما يمنع حتى ينتقي يستقى الأطراف نموذجا قانونيا منظما للعلاقة التجارية في أي تشريع آخر غير تشريعما المشهجر وهوما أكده مثلا القانون الجزائري في المادة 18 من القانون المدني .

    ب ـ الخضوع لأحكام الواجب التطبيق .

إذا لم يتفق المتعاقدان على قانون يحكم العلاقة التجارية بينهما فإن ساعتئذن يلجأ إلى قواعد القانون لتنظيم تلك العلاقة وساعتئذن فإنه يفرق بين أمرين أساسيين : ـ شكــل العقــد : وهوالصورة الخارجية التي يتخدها العقد التجاري الدولي وقد نص القانون الكمدني الجزائري على ذلك في المادة 19 بالقول :" تخضع العقود مابين الأحياء في شكلها إلى قانون البلد الذي تمت فيه ويجوز حتى تخضع إلى القانون الوطني المشهجر للمتعاقدين " . من هذا يتضح بأنّ القانون يضع قاعدة عمة وهي حتى شكل العقد يحدث محكوما بقانونالدولة التي سقط فيها تحرير العقد وقد أجاز القانون حتىقد يكون العقد محكوما بالقانون المشهجر للمتعاقدين إذا كان يجمعهما قانون مشهجر وإلاّ خضعت العلاقة القانونية من حيث شكلها لقانون محل إبرامها. ـ موضوع العقد : وموضوع العقد ما ينصب عليه العقد من مراكز قانونية متبادلة بين طرفي العقد فقد أشارت المادة 18 من القانون المدني الجزائري إلى إخضاع موضوع العقد لقانون المكان الذي سقط فيه إبرام العقد بقولها من يسري على الإلتزامات التعاقدية قانون المكان الذي ينبرم فيه العقد مالم يتفق المتعاقدان على تطبيق قانون آخر « . وبذلك فقد أوجد القانون معيارين يحكمان العقد على سبيل المفاضلة فإن إختار الطرفان إهمال سلطان إرادتهما كان لهما ذلك بحكم القانون وإذا لم يقع بينهما إتفاق فإنه يلجأ إلى تطبيق القاعدة العامة والمتمثلة في إخضاع العقد إلى مكان نشوئه وهذه قاعدة كلاسيكية في القانون ثمّ التأكيد عليها في القانون الجزائري على غرار باقي التشريعات المتنوعة . 3 ـ العهد التجاري الدولي : من المصادر المعترف بها في تنظيم قواعد العلاقات التجارية الدولية تلك الأعراف التجارية الدولية ، ويعتبر عهد تجاريا دوليا جميع قاعدة عهدية تم الإتفاق عليها من قبل مجموعة من الدول إلى درجة أنها أصبحت تتمتع بالإستراتيجية ، ففي حالة عدم إتفاق أطراف العقد التجاري الدولي على بعض المراكز القانونية فإنّه يرجع فيها إلى تلك القواعد الصرفية التجارية الدولية كما لوتم الإتفاق مثلا بين البائع والمشتري على تسليم بضاعة معينة. ولم يتفق المتعاقدان على وقت حساب ميزانها هل هووقت الشحن أووقت وصول السلعة لأنّ المعروف أنّ الخضروات قد ينقص ميزانها بالتبخر من يوم الشحن إلى يوم التسليم فإنه يلجأ هنا إلى القواعد العهدية التجارية في شأن تلك المسألة وبالتالي فإنّ جميع ما لم يتفق عليه المتعاقدان فإنه يرجع نية إما إلى حكم القانون وفي حالة غيابه إلى قواعد العهد التجاري الدولي .

القسم الثاني : الأطر العامة للعلاقات التجارية الدولية تناول في هذا القسم مجموعة من المسائل التي تعتبر المراعاة لعقود التجارة الدولية من حيث المسائل التالية: 1 ـ محل العلاقة التجارية الدولية . 2 ـ دور النظام التشريعي في مجال العلاقة التجارية الدولية . 3 ـ الوسائل التقنية جميع منازعات العلاقات التجارية الدولية . وننبه إلى أننا سنتناول هذه العناصر بإيجاز وهجريز نظرا لضيق الوقت وملراعاة لوصول الدروس في وقت ملائم.

أولا : محل العلاقة التجارية الدولية : إنّ محل العلاقة التجارية الدولية مرتكزا أساسا حول البيوع الدولية ، كما أنّ الإستثمار الدولي يلعب دورا إطاريا في هذا السياق وعليه سنتناول هتين المسألتين حسب الترتيب التالي :

1 ـ البيوع الدولية : إنّ البيوع الدولية هي الإنعكاس المباشر تحركه التجارة الدولية التي تقوم على عملية التصدير والإستيراد ونتناول في مسألة البيوع الدولية مايلي :

أ ـ تعريف عقد البيع الدولي : إنّ عقد البيع الدولي لا يختلف عن عقد البيع في القانون الداخلي أوالوطني فهومن جهة يشكل عقدا كسائر العقود ومن ناحية أخرى فإنّ محله يتضمن بيعا لمنتوج معين قد يحدث طبيعيا أوصناعيا ويقابله من حيث المصطلح عقد الشراء إلاّ حتى الإستعمال الدارج هوهوإستعمال مصطلح عقد البيع الذي لا يقوم إلاّ بقيام عملية الشراء. ويوصف العقد بأنه دولي إذا سقط في شأن أحكامه تنازعا بين القوانين الدولية من حيث أهلية المتعاقدين وشروط التعاقد وموضوع العقدوالقواعد التي تحكم شكل العقد وموضوعه فإذا لم يظهر هذا التنازع بين القوانين الدولية في شأن العقد التجاري فلا يمكن بأي حال من الأحوال حتى يصنف في إطارالعقود الدولية بل يعتبر عقدا تجاريا وطنيا محضا. وكما تجاوز وحتى أشرنا لها حتى سبب ظهور التنازع بين القوانين في العلاقة التجارية الدولية هووجود عنصر أجنبي في هذه العلاقة سواء على مستوى أطراف العلاقة القانونية أوعلى مستوى بسبب العلاقة أوفي مستوى محل العلاقة القانونية ولا يشترط توافر العنصر الأجنبي في جميع هذه النواحي مجتمعة بل يكفي حتى يبرز العنصر الأجنبي في جانب واحد من هذه الجوانب . وعليه فإنّ البيع الدولي هوالبيع الذي لا تحكمه قواعد قانونية واحدة على سبيل الدوام بل تناعت بشأنه قواعد متعددة واستقر الأمر على تطبيق أحد هذه القوانين المتنازعة عليه وهوما يميز البيع التجاري الدولي عن البيع التجاري الوطني .

ب ـ الإلتزامات المالية في عقد البيع الدولي إنّ الإلتزامات المالية المترترتبة على عقد البيع الدولي تترتب بمجرد إنبرام العقد بحيث تصبح حقا مكتسبا لمن تقررت الإلتزامات لصالحه وتصبح إلتزاما مدنيا على من باحث في حقه وقد أشارت المادةعشرة من قانون الإجراءات المدنية الجزائري إلى حتى ه الجزائري عليه حتى يكلف أي أجنبي للحضور أمام المحاكم الجزائرية بشأن إلتزامات مالية قد أبرمها مع جزائري سواءا كان الإلتزام قد سقط في الجزائر أوسقط في الخارج. ومما لا ريب فيه أنّ المتعاقدين في عقد البيع الدولي قد يلجؤون إلى جهات ضامنة للوفاء بالإلتزام مثل البنوك الإستثمارية أوالعادية كما يلجؤون إلى شركات التأمين لتغطية مخاطر التعاقد وفي تلك الحالة فإنّ العلاقة القائمة بين هذه الجهات الأخيرة لا تحكمها نفس القواعد القانونية التي تحكم عقد البيع الدولي بل تهجرب وفقا لقواعد القانون بالنسبة لعلاقة تلك الجهات بالمستفيذ من خدماتها فيكون بالنسبة إليها في وضع تنظيمي يخضع فيه إلى القواعد العامة دون تفازع في القوانين.

جـ ـ تطبيق عقد البيع الدولي : إنّ تطبيق عقد البيع الدولي يقع أساسا على عاتق البائع بحيث يلتزم بتطبيق العقد المتفق عليه مع البائع بحيث يلتزم بتطبيق العقد المتفق عليه مع البائع فإنّ امتنع عن التطبيق أوتماطل فيه فإنه يجوز للمشتلري حتى يفسخ التعاقد لإخلال البائع ببنود العقد كما حتى له حتى يلزم البائع بالقيام بالتطبيق بطريق التعويض وهذا الإستقرار عليه الوضع القانوني بشأن تطبيق الإلتزامات التعاقدية ويعتبر عامل الوقت عامل الوقت عاملا أساسيا في عقود التجارة الدولية يقع على البائع الإلتزام بها لأنه لا فائدة من تسليم المبيع بعد فوات أوانه لأنّ ذلك قد يلحق خسائر معتبرة بالمشتري فمثلا في موسم الحج لوأنه مستوردا في المملكة العربية السعودية قد اتفق مع مورد معين لتوريد سلعة في موسم الحج فإن التأخر عن هذا الموسم يعتبر إخلال خطيرا ببنود العقد وهوما ينطق بشأن توريد البذور وبعض المنتجات في أوقات محددة ، فإنّ أي إخلال يعادل زمن التطبيق فإنه يرتب المسؤولية المدنية على الجانب المقصر. ويلجأ الطرف المتضرر إمّا إلى التحكيم أوإلى القضاء بشأن جبر ضرره الحاصل من جراء الإمتناع عن التطبيق أوالتأخر في تطبيقه وتختص محاكم الجهة التي يقع بها التطبيق في نظر تلك المنازعات المشارة بشأن الإحتلال بالتطبيق.

2 ـ الإستثمارات التجارية الدولية : إنّ مجالات الإستثمار عديدة فيمكن حتى تكون في المجال الصناعي أوالزراعي أوالسياحي كما يمكن حتىقد يكون الإستثمار منصبا على المسائل التجارية . ويعتبر الإستثمار تجاريا إذا انصبت على نشاط تجاري كإتخاذ صورة الوسيط بين البائع والمشتري أودور المصدر أودور الناقل أودور المرّوج وقد يبرز في العقد الأخير النشاط الإستثماري التجاري واضطلعت به مؤسسات متخصصة في شتى مجالاته تلجأ إلى بسط شبكة متكاملة في أكبر عدد ممكن من الأسواق التجارية العالمية ، وأضحى لهذه المؤسسات سمعة تجارية تدعوإلى الثقة في التكامل معها وتلعب دورا تشجيعيا في مجال التبادل التجاري الدوري وحركة تنتقل رؤوس الأموال والسلع والخدمات تحت إشراف مؤسسات متخصصة لهذه العملية . وقد سعت الجزائر إلى ترقية الإستثمار الوطني والدولي بموجب قوانين الإستثمار التي أوردت الكثير من التشريعات للمستثمرين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية من النشاط لإرادتها بأنّ الإستثمار يلعب دورا حيويا في تحريك دواليب الإقتصاد الوطني وخلق مناصب شغل عديدة للعاملين والتقنتيين والإطارات المتخصصة ، وهذا ما يشكل مصدقا من أهداف التنمية والإنفتاح الإقتصادي والتجاري على العالم .من اعداد صحراوي.ب. قسم الحقوق بسكرة منقول عن قموح عبد المجيد

تاريخ النشر: 2020-06-04 04:09:40
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مؤسس "ويكيليكس" خارج أسوار السجن بعد صفقة مع القضاء الأميركي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-06-25 15:23:17
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 75%

بعد الاعتراف بذنبه.. مؤسس ويكيليكس حر - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-06-25 15:24:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

مؤسس ويكيليكس حر طليق بعد الإعتراف بذنبه وإبرامه اتفاقًا مع

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-06-25 15:23:15
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

“الأحرار” يستضيف وفدا فلسطينيا يقوم بزيارة للمملكة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-06-25 15:24:14
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

«فتح»: لا نية لدى «حماس» للمصالحة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-06-25 15:24:40
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

الصيف و أمراض الجهاز الهضمي – فاس نيوز – موقع الجهة الاخباري 24 ساعة

المصدر: فاس نيوز - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-06-25 15:24:28
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية