سلمان الفارسي رضي الله عنه، يكنى أبا عبد الله، من أصبهان من قرية ينطق لها جي وقيل من رامهرمز، سافر يطلب الدين مع قوم فغدروا به فباعوه لرجل من اليهود ثم إنه كوتب فأعانه النبي في كتابته، أسلم مقدم النبي المدينة، ومنعه الرق من شهود بدر وأحد، وأول غزاة غزاها مع النبي الخندق، وشهد ما بعدها وولاه عمر المدائن.

الباحث عن الحقيقة

عن عبد الله بن العباس نطق: حدثني سلمان الفارسي نطق: كنت رجلا فارسيًّا من أهل أصبهان من أهل قرية منها ينطق لها جي، وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يهجرها تخبوساعة، نطق: وكانت لأبي ضيعة عظيمة نطق: فشغل في بنيان له يومًا فنطق لي يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فامضى فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، نطق: فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الذي نحن عليه فوالله ما هجرتهم حتى غربت الشمس وهجرت ضيعة أبي ولم آتها فقلت لهم أين أصل هذا الدين نطقوا بالشام، نطق: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله فلما جئته نطق أي بني أين كنت،يا ترى؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت،يا ترى؟ نطق: قلت يا أبه مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس نطق أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قلت كلا والله إنه لخير من ديننا، نطق فخافني فجعل في رجلي قيدًا ثم حبسني في بيته، نطق وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام تجارًا من النصارى فأبلغوني بهم، نطق فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، نطق فأبلغوني بقدوم تجار فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، نطق فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم ألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين،يا ترى؟ نطقوا الأسقف في الكنيسة، نطق فجئته فقلت إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت حتى أكون معك أخدمك في كنيستك وأتفهم منك وأصلي معك نطق فادخل، فدخلت معه، نطق فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها شيئًا اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من مضى، نطق وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع، نطق ثم توفي فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إذا هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئًا نطقوا وما فهمك بذلك،يا ترى؟ قلت أنا أدلكم على كنزه، نطقوا فدلنا عليه، نطق فأريتهم موضعه، نطق فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة مضىًا وورقا، نطق فلما رأوها نطقوا والله لا ندفنه أبدًا، نطق فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه وأزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارًا منه، نطق فأحببته حبًّا لم أحبه من قبله فأقمت معه زمانًا ثم حضرته الوفاة قلت له يا فلان، إني كنت معك فأحببتك حبًّا لم أحبه أحداً من قبلك وقد حضرتك الوفاة فإلى من توصي بي،يا ترى؟ وما تأمرني،يا ترى؟ نطق أي بني، والله ما أفهم أحدا اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وهجروا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهوفلان وهوعلى ما كنت عليه فالحق به، نطق فلما توفي وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إذا فلانًا أوصاني عند موته حتى ألحق بك وأبلغني أنك على أمره، نطق فنطق لي أقم عندي، نطق فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث حتى توفي فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إذا فلانًا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني،يا ترى؟ نطق أي بني، والله ما أفهم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهوفلان فالحق به، نطق فلما توفي وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئت فأبلغته بما جرى وما أمرني به صاحبي، نطق فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث حتى هبط به الموت فلما جاء قلت له يا فلان، إذا فلانًا كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني نطق أي بني، والله ما أفهم أحدًا بقي على أمرنا آمرك حتى تأتيه إلا رجلا بعمورية فإنه على مثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على مثل أمرنا، نطق فلما توفي وغيب لحقت بصاحب عمورية وأبلغته خبري فنطق أقم عندي فأقمت عند رجل على هدي أصحابه وأمرهم، نطق وكنت اكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة، نطق ثم هبط به أمر الله عز وجل فلما جاء قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان وأوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني،يا ترى؟ نطق أي بني، والله ما أفهم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك حتى تأتيه ولكنه قد أظلك زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرًا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت حتى تلحق بتلك البلاد فاعمل، نطق ثم توفي وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله حتى أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه نطقوا نعم فأعطيتهم إياها وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني لرجل من يهود فكنت عنده ورأيت النخل ورجوت حتىقد يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق لي في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة فوالله ما إلا حتى رأيتها فعهدتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فنطق، فلانُ قاتلَ اللهُ بني قيلة! والله، إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم زعم أنه نبي، نطق فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت أني ساقط على سيدي، نطق ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ماذا تقول،يا ترى؟ نطق فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ونطق ما لك ولهذا أقبل على عملك، نطق قلت لا شيء إنما أردت حتى أستثبته عما نطق، وقد كان شيء عندي قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم مضىت به إلى رسول الله وهوبقباء فدخلت عليه فقلت له إنه قد بلغني أنك رجل صالح معك أصحاب لك غرباء ذووحاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، نطق فقربته إليه فنطق رسول الله لأصحابه كلوا وأمسك يده هوفلم يأكل، نطق فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا وتحول رسول الله إلى المدينة ثم جئته به فقلت إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، نطق فقلت في نفسي هاتان اثنتان، نطق ثم جئت رسول الله وهوببقيع الغرقد قد تبع جنازة من أصحابه عليه ضمتان وهوجالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله استدبرته عهد أني أستثبت في شيء وصف لي، نطق فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعهدته فانكببت عليه أقبله وأبكي، فنطق رسول الله تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس فأعجب رسول الله حتى يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله بدر وأحد، نطق ثم نطق لي رسول الله محرر يا سلمان فمحررت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية فنطق رسول الله لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمسة عشر والرجل بعشرة والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية فنطق لي رسول الله امضى يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت أكون أنا أضعها بيدي، نطق ففقرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأبلغته فخرج رسول الله معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله بيده فوا الذي نفس سلمان بيده ما توفي منها ودية واحدة فأديت النخل فبقي علي المال، فأتى رسول الله بمثل بيضة الدجاجة من مضى من بعض المعادن فنطق ما عمل الفارسي الممحرر نطق فدُعِيْتُ له، نطق فخذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان، نطق قلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي،يا ترى؟ نطق خذها فإن الله عز وجل سيؤدي بها عنك، نطق فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم وعتقت فشهدت مع رسول الله الخندق ثم لم يفتني معه مشهد. رواه الإمام أحمد.

نبذة من زهده

عن الحسن نطق كان عطاء سلمان الفارسي خمسة آلاف وكان أميرًا على زهاء ثلاثين ألفًا من المسلمين وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها فإذا خرج عطاؤه أمضاه ويأكل من سفيف يديه.

وعن مالك بن أنس حتى سلمان الفارسي كان يستظل بالفيء حيثما دار ولم يكن له بيت فنطق له رجل ألا نبني لك بيتا تستظل به من الحر وتسكن فيه من البرد فنطق له سلمان: نعم فلما أدبر صاح به فسأله سلمان: كيف من الممكن أن تبنيه،يا ترى؟ نطق أبنيه إذا قمت فيه أصاب رأسك، وإن اضطجعت فيه أصاب رجليك، فنطق سلمان: نعم. ونطق عبادة بن سليم كان لسلمان خباء من عباء وهوأمير الناس. وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن سلمان أنه تزوج امرأة من كندة فلما كان ليلة البناء سار معه أصحابه حتى أتى بيت المرأة فلما بلغ البيت نطق ارجعوا أجركم الله ولم يدخلهم، فلما نظر إلى البيت والبيت منجد نطق أمحموم بيتكم أم تحولت الكعبة في كندة، فلم يدخل حتى نزع جميع ستر في البيت غير ستر الباب، فلما ولج رأى متاعًا كثيرًا، فنطق لمن هذا المتاع،يا ترى؟ نطقوا متاعك ومتاع امرأتك، فنطق ما بهذا أوصاني خليلي رسول الله، أوصاني خليلي حتى لاقد يكون متاعي من الدنيا إلا كزاد الراكب، ورأى خدمًا فنطق لمن هذه الخدم،يا ترى؟ نطقوا خدمك وخدم امرأتك، فنطق ما بهذا أوصاني خليلي أوصاني خليلي حتى لا أمسك إلا ما أنكح أوأنكح فإن عملت فبغين كان علي مثل أوزارهن من غير حتى ينقص من أوزارهن شيء، ثم نطق للنسوة اللاتي عند امرأته هل أنتن مخليات بيني وبين امرأتي،يا ترى؟ قلن نعم، فخرجن فمضى إلى الباب فأجافه وأرخى الستر ثم اتى فجلس عند امرأته فمسح بناصيتها ونادى بالبركة فنطق لها: هل أنت مطيعتي في شيء آمرك به،يا ترى؟ نطقت: جلست مجلس من يطيع نطق فإن خليلي أوصاني إذا اجتمعت إلى أهلي حتى أجتمع على طاعة الله، فقام وقامت إلى المسجد فصليا ما بدا لهما ثم خرجا فقضى منها ما يقضي الرجل من امرأته، فلما أصبح غدا عليه أصحابه فنطقوا كيف من الممكن أن وجدت أهلك،يا ترى؟ فأعرض عنهم ثم أعادوا فأعرض عنهم ثم أعادوا فأعرض عنهم ثم نطق: إنما جعل الله عز وجل الستور والخدر والأبواب لتواري ما فيها، حسب جميع امرئٍ منكم حتى يسأل عما ظهر له، فأما ما غاب عنه فلا يسألن عن ذلك، سمعت رسول الله يقول: المتحدث عن ذلك كالحمارين يتسافدان في الطريق.

وعن أبي قلابة حتى رجلا ولج على سلمان وهويعجن فنطق: ما هذا،يا ترى؟ نطق: بعثنا الخادم في عمل فكرهنا حتى نجمع عليه عملين، ثم نطق: فلان يقرئك السلام نطق: متى قدمت، نطق: منذ كذا وكذا فنطق أما إنك لولم تؤدها كانت أمانة لم تؤدها. رواه أحمد.

كسبه وعمله بيده

عن النعمان بن حميد نطق: دخلت مع خالي على سلمان الفارسي بالمدائن وهويعمل الخوص فسمعته يقول: أشتري خوصًا بدرهم فأعمله فأبيعه بثلاثة دراهم فأعيد درهمًا فيه وأنفق درهمًا على عيالي وأتصدق بدرهم، ولوحتى عمر بن الخطاب نهاني عنه ما انتهيت. وعن الحسن نطق: كان سلمان يأكل من سفيف يده.

وفاة سلمان رضي الله عنه

عن حبيب بن الحسن وحميد بن مورق العجلي حتى سلمان لما حضرته الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك نطق عهد عهده إلينا رسول الله نطق ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب نطق فلما توفي نظروا في بيته فلم يجدوا في بيته إلا إكافًا ووطاءً ومتاعًا قُوِّمَ نَحْوًا من عشرين درهما.

عن أبي سفيان عن أشياخه نطق: ودخل سعد بن أبي وقاص على سلمان يعوده فبكى سلمان فنطق له سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله توفي رسول الله وهوعنك راض وترد عليه الحوض،يا ترى؟ نطق فنطق سلمان: أما إني ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن رسول الله عهد الينا فنطق لتكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب وحولي هذه الأساود، وإنما حوله إجانة أوجفة أومطهرة، نطق فنطق له سعد: يا أبا عبد الله، اعهد الينا بعهد فنأخذ به بعدك، فنطق: يا سعد، اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند بذلك إذا قسمت.

وعن الشعبي نطق: أصاب سلمان صرة مسك يوم فتح جلولاء فاستودعها امرأته فلما حضرته الوفاة نطق هاتي المسك فمرسها في ماء ثم نطق انضحيها حولي فإنه يأتيني زائري الآن ليس بإنس ولا جان، فعملت فلم يمكث بعد ذلك إلا قليلا حتى قبض.

نطق أهل الفهم بالسير: كان سلمان من المعمرين وتوفي بالمدائن في خلافة عثمان وقيل توفي سنة ثنتين وثلاثين.

مصادر

• مسقط نداء الايمانالوصلة

• رخصة النقل غير التجارى من مسقط نداء الايمان

نص الوصلة